طريقة التصويت للشاعر السوداني محمد جميل في قناة المستقلة

مرحبا Guest
اخر زيارك لك: 04-25-2024, 00:29 AM الصفحة الرئيسية

منتديات سودانيزاونلاين    مكتبة الفساد    ابحث    اخبار و بيانات    مواضيع توثيقية    منبر الشعبية    اراء حرة و مقالات    مدخل أرشيف اراء حرة و مقالات   
News and Press Releases    اتصل بنا    Articles and Views    English Forum    ناس الزقازيق   
مدخل أرشيف الربع الرابع للعام 2007م
نسخة قابلة للطباعة من الموضوع   ارسل الموضوع لصديق   اقرا المشاركات فى شكل سلسلة « | »
اقرا احدث مداخلة فى هذا الموضوع »
09-30-2007, 12:54 PM

Sidig Rahama Elnour
<aSidig Rahama Elnour
تاريخ التسجيل: 09-01-2004
مجموع المشاركات: 3420

للتواصل معنا

FaceBook
تويتر Twitter
YouTube

20 عاما من العطاء و الصمود
مكتبة سودانيزاونلاين
طريقة التصويت للشاعر السوداني محمد جميل في قناة المستقلة

    محمد جميل من شعراء هذا الموقع المميزين ومن الكُتّاب المجودين وأعتبره قامة سامقة لم يتعرف الوسط الفني والشعري في السودان عليها بعد ، رغم أنه يكتب في كثير من الصحف العالمية والعربية والسودانية وينشر مقالاته وأشعاره على مواقع الأنترنت المختلفة
    يشارك هذا الشاعر في مسابقة (شاعر العرب) التي تنظمها قناة المستقلة ، وكان قد شارك في حلقة الثلاثاء الماضية حيث تظهر نتائج المتسابقين بعد غدٍ الثلاثاء القادمة بإذن الله ...
    فلنقف مع هذا الشاعر الذي يمثل السودان بإرسال رسالة قصيرة عبر الهاتف الجوال الى الأرقام التالية :-
    التوصيت عبر الSMS يكون بكتابة رسالة قصيرة بالرقم 6 (الرقم 6 الخاص بالأخ محمد جميل) تسبقها كلمة رشح أكرر كلمة رشح (راء شين حاء) لتصبح الرسالة كالتالي:- رشح 6 من دون القوسين أو كلمة Vote 6.
    تقوم بإرسال الرسالة القصيرة للرقم المعني في البلد الذي تقيم فيه حسب التالي :-

    السعودية
    6436 لمستخدمي شبكة موبايلي
    و84408 لمستخدمي شبكة سوا والجوال

    مصر :
    91144

    اليمن :
    SABA 1680
    SAPCO 8027

    البحرين :
    PAT 95079
    MTC 77257

    قطر :-
    MTC 98846
    WAT 1659

    سوريا :-
    SYR 1572
    ASIR 1680

    لبنان :-
    LBN 1084

    الأمارات
    ETIS 6673

    عمان

    MOB 90215
    NAW 90666

    أرقام هواتف قناة المستقلة
    00442089615059
    00442088381120
    فاكس
    00442088382997

    رقم موبايل للشارع محمد جميل هو 966559613439 +

    ملحوظة مهمة :-

    لم أعرف كيفية تصويت ناس أمريكا وأوربا فربما يكون التصويت عبر الإتصال على سنترال القناة وسيدلك على الطريقة الصحيحة للتصويت
    تمنياتنا القلبية للشاعر محمد جميل بفوز ونجاح باهر ، وتمنياتنا أن تقف عضوية سودانيزأونلاين مع ممثلها في هذا المحفل الثقافي .. والله ولي التوفيق

    بدأ التصويت يوم الثلاثاء الماضي ويستمر لمدة أسبوع حتى يوم الثلاثاء القادم موعد الحلقة القادمة فقوموا بالواجب مشكورين


    بوستات ذات علاقة بالموضوع :-

    قصائد

    حين يقع الشاعر ضحية لبراءته ! ليس دفاعا ولكن ... بمسابقة شاعر العرب

    عــاجل: الآن جاء دور عضوية وقراء سودانيز أونلاين !

    أدعموا اخوكم عضو البورد الشاعر (محمد جميل احمد) بقناة ... مسابقة( شاعر العرب)

    الشاعر محمد جميل أحمد على قناة المستقلة الفضائية ، في مسابقة (شاعر العرب)
                  

09-30-2007, 01:05 PM

Sidig Rahama Elnour
<aSidig Rahama Elnour
تاريخ التسجيل: 09-01-2004
مجموع المشاركات: 3420

للتواصل معنا

FaceBook
تويتر Twitter
YouTube

20 عاما من العطاء و الصمود
مكتبة سودانيزاونلاين
Re: طريقة التصويت للشاعر السوداني محمد جميل في قناة المستقلة (Re: Sidig Rahama Elnour)

    حين خطر لصاحب هذه السطور أن يشارك في مسابقة (شاعر العرب) بقناة المستقلة ، كان يتمنى المشاركة بأجمل نصوصه الشعرية ، التي نشر الكثير منها في كبريات الصحف العربية كصحيفة (الحياة اللندنية) وغيرها .
    لكني فوجئت بشرط غريب وهو : أن تكون القصائد المتنافسة لم يسبق لها النشر من قبل ، بالرغم من أن العديد من الجوائز العريقة في مسابقات الشعر العربي ـ كجائزة عبد العزيز سعود البابطين للإبداع الشعري ـ تشترط أن يكون النص الشعري منشورا في صحيفة أو مجلة من قبل .
    وفي محاولة للمقاربة بين الصدق مع النفس والبراءة المطلقة التي تفرضها حساسية الشاعر قررت أن أشارك بنصوص لم يسبق لها النشر في الصحافة العربية وهي نصوص تحفظت على نشرها ، وبعضها قديم ، كتبته بالأسلوب التقليدي الكلاسيكي على سبيل تجريب التقنية الشعرية القديمة واختبار المهارة اللغوية والبلاغة القديمة فقط لإثبات التواصل مع التراث ، وليس اتباعا للتقليد أو الولع بمعيارية النص التقليدي كنموذج للإبداع الشعري . وأذكر أنني حين نشرت قصيدتي التقليدية ـ التي شاركت بها في المسابقة ـ في موقع دروب الإلكتروني كتبت مقدمة تفسر سبب الكتابة على ذلك المنوال التقليدي .
    من ناحية ثانية كنت أحسب أن الذائقة الجماهيرية العربية ما تزال تطرب وتستجيب لمثل هذا الشعر التقليدي في عمومها ؛ وبما أن المسابقة مسابقة عامة وللجماهير ؛ فقد قدرت أن طبيعة النصوص التي سألقيها ربما تجد هوى في قلوب المتابعين من عامة الناس . وأن التجارب المتقدمة في تقنيات النص الشعري الحديث ، كـ(شعر التفعيلة)و(قصيدة النثر) ـ التي يكتبها كاتب هذه السطور إلى جانب أسلوب الوزن والقافية العمودي الكلاسيكي ـ ربما لم تجد شرعيتها بعد في ذائقة الجماهير ؛ تلك الجماهير التي اتضح ، بعد مسابقة أمير الشعراء ، أن بعضها ينحاز بالفعل إلى عصبيات لا علاقة لها بالإبداع .
    وكان بالإمكان لصاحب هذه السطور أن يشارك بنصوص منشورة ومتميزة في هذه المسابقة لولا ذلك الشرط الذي صدقه ببراءة .
    ما أود قوله هنا ليس لوما للنقاد الذين أبدوا آرائهم على القصائد التي ألقيتها في المسابقة ووصفوها بأنها تقليدية ، فهذا من حقهم بالطبع ، ولكن أحب أن أشير بأن حكم بعضهم من خلال تلك النصوص فقط على صاحبها بأنه (نظـّام) وغير ذلك من أحكام القيمة على الشاعر ـ لا على بعض شعره ـ يحتاج إلى احترزات منهجية نقدية ؛ إذا لا يلزم من حكم القيمة على نص أو نصين أو ثلاثة نصوص شعرية ، تعدية ذلك الحكم إلى الشاعر . فالحكم على الشاعر بكونه (نظاما) يستدعي بالضرورة استقراء جميع شعره ، ليأخذ الحكم معناه النقدي المنهجي .
    ويتمنى كاتب هذه السطور أن يحرز تقدما في ترشيحات رسائل الـ((sms التي يساهم بها المشاهدين ليصل إلى الدور الثاني ـ سيتأهل شاعران من الشعراء الستة ، أحدهم عبر ترشيح النقاد ، والآخر عبر رسائل الـ(sms) ـ ذلك الدور الذي من شروطه أيضا أن يختار الشاعر من أجمل قصائده ـ سواء أكانت منشورة أم غير منشورة من قبل ـ ليتأهل للدور الذي بعده ؛ فإذا توفق كاتب هذه السطور في الوصول إلى الدور التالي بفضل دعم المشاهدين والقراء ـ عبر رسائل الـ(sms) ـ ستكون أجمل نصوصه وقصائده هي التعبير الأسمى عن مشاركته التي يتمنى أن تكون خير تمثيل لبلده وثقافته وإبداعه .
    ولعل في بعض نصوصي الشعرية التي أعاد نشرها بعض أعضاء البورد في البوست الذي أعلنت فيه خبر مشاركتي في المسابقة ، وبوست الأخت العزيزة (تراجي مصطفى) ما يكون معبرا عن طبيعة الشعر الذي أكتبه .
    هذه شهادة مقتضبة عن تجربتي في (مسابقة شاعر العرب) أحببت بها إضاءة بعض الجوانب المتكاملة لتجربتي الشعرية ؛ بحيث تعطي انطباعا شاملا لمن شاهد مشاركتي في الحلقة واستمع إلى القصائد التي ألقيتها ورأي النقاد فيها من ناحية ، ومعرفة حيثيات وظروف الاشتراك بتلك النصوص في المسابقة ، في إطار رؤية شاملة لكتابتي الشعرية كما هي في طبيعتها المتعددة ، من ناحية ثانية .

    وفي الرابط التالي قصيدة عمودية كلاسيكية شاركت بها في المسابقة بعنوان (لحن الهوى) كنت نشرتها من قبل المشاركة بها في المسابقة بوقت طويل ـ بموقع دروب الإلكتروني ـ ولم أنشرها في الصحف أو المجلات المطبوعة ـ وكتبت لها مقدمة صغيرة عن جدوى الكتابة بأسلوبها الكلاسيكي .
    http://www.doroob.com/?p=3283

    محبتي لجميع الذين أبدوا نواياهم الخيرة وأمنياتهم الطيبة لي بالتوفيق في هذه المسابقة من أعضاء البورد ومن القراء

    محمد جميل أحمد

    المرجع حين يقع الشاعر ضحية لبراءته ! ليس دفاعا ولكن ... بمسابقة شاعر العرب
                  

09-30-2007, 01:07 PM

Raja
<aRaja
تاريخ التسجيل: 05-19-2002
مجموع المشاركات: 16054

للتواصل معنا

FaceBook
تويتر Twitter
YouTube

20 عاما من العطاء و الصمود
مكتبة سودانيزاونلاين
Re: طريقة التصويت للشاعر السوداني محمد جميل في قناة المستقلة (Re: Sidig Rahama Elnour)

    العزيز صديق..

    كل عام وانتم بخير..

    لم اجد كيفية التصويت من الأردن عبر الموبايل..

    يعني البلود الحوالينا كلها موجودة إلاًنا

    وكل الدعم للشاعر محمد جميل..
                  

09-30-2007, 01:22 PM

Sidig Rahama Elnour
<aSidig Rahama Elnour
تاريخ التسجيل: 09-01-2004
مجموع المشاركات: 3420

للتواصل معنا

FaceBook
تويتر Twitter
YouTube

20 عاما من العطاء و الصمود
مكتبة سودانيزاونلاين
Re: طريقة التصويت للشاعر السوداني محمد جميل في قناة المستقلة (Re: Raja)

    الأخت العزيزة رجاء
    كل الشكر والتقدير لك ولدعم الشاعر محمد جميل
    والله يا رجاء أختي قناة المستقلة دي نشرت الأرقام أعلاه في الشريط أسفل الشاشة ونشرت هذه الأرقام عبر (أعلام الدول ) ياخي ديل عذبوني عذاب عشان أعرف الأعلام أول رجعت لجغرافيا المتوسطة عشان أعرف الأعلام ، وتاني شي الأعلام صغيرة جداً وغير واضحة المعالم ويصعب فرزها وأخوك أشتغل بإجتهاد شديد جداً ويعميني في علم الأردن ما شفتو لكن على كل حال حا أرجع ليك لو لقيت رقم الأردن
    وحا أتصل بالقناة عشان أعرف طريقة تصويت أوربا وأمريكا
    تحياتي وتشكراتي
                  

09-30-2007, 08:23 PM

Raja
<aRaja
تاريخ التسجيل: 05-19-2002
مجموع المشاركات: 16054

للتواصل معنا

FaceBook
تويتر Twitter
YouTube

20 عاما من العطاء و الصمود
مكتبة سودانيزاونلاين
Re: طريقة التصويت للشاعر السوداني محمد جميل في قناة المستقلة (Re: Sidig Rahama Elnour)

    صديق يا عزيز..

    طبعا ضحكت من وصفك لحالك قدام الشاشة لغاية ما قرًبت أقع..

    من اليوم دااك وأنا بفتش ومشيت شفتا الموقع بتاعهم. وما أفادني خالص..

    عموما لمًا أيأس خلاااص.. ح اتصل بأصدقائي في أي دولة من الدول الظاهرة أرقامها وأخليهم يصوًتوا مرتين ضمان.. واحدة لي وواحدة ليهم..

    كل الأمنيات بالتوفيق
                  

10-01-2007, 10:09 AM

Sidig Rahama Elnour
<aSidig Rahama Elnour
تاريخ التسجيل: 09-01-2004
مجموع المشاركات: 3420

للتواصل معنا

FaceBook
تويتر Twitter
YouTube

20 عاما من العطاء و الصمود
مكتبة سودانيزاونلاين
Re: طريقة التصويت للشاعر السوداني محمد جميل في قناة المستقلة (Re: Raja)

    العزيزة رجاء
    أتذكرت وأنا اطالع أعلام الدول العربية لبان (سندباد) الزمان التي كانت قصاصاتها الداخلية تحتوي على أعلام الدول العربية .. وتحسرت على عدم حفظي لهذه القصاصات ...
    الموقع بتاع قناة المستقلة لايوضح شئياً عن أرقام المسابقة للدول المختلفة ... والتلفونات للقناة مشغولة (حاولتها أكثر من مرة) .. غايتو يا محمد جميل ختيتنا في ورطة جميلة خلاص .. ربنا يفوزك بس بعدين نتحاسب
    معذرة التعديل أملته إضافة كلمة

    (عدل بواسطة Sidig Rahama Elnour on 10-01-2007, 10:17 AM)

                  

09-30-2007, 01:16 PM

حيدر حسن ميرغني
<aحيدر حسن ميرغني
تاريخ التسجيل: 04-19-2005
مجموع المشاركات: 24982

للتواصل معنا

FaceBook
تويتر Twitter
YouTube

20 عاما من العطاء و الصمود
مكتبة سودانيزاونلاين
Re: طريقة التصويت للشاعر السوداني محمد جميل في قناة المستقلة (Re: Sidig Rahama Elnour)

    شكرا صديق

    لعل أكثر ما يشجعنا على دعمه سيرته المشرفة فى كافة اجناس الكتابة الأدبية

    محمد جميل من مبدعينا الذين يعملون فى صمت

    نتمنى ان تكون هذه التظاهرة محاولة للتعريف به وبكتاباته الرصينة

    سعدت جدا برسالة شاعرنا الكبير محمد المكي ابراهيم لمحمد جميل فى سبيل دعمه له

    ندعو الله أن يوفقه فى هذا المشوار
                  

09-30-2007, 01:38 PM

Sidig Rahama Elnour
<aSidig Rahama Elnour
تاريخ التسجيل: 09-01-2004
مجموع المشاركات: 3420

للتواصل معنا

FaceBook
تويتر Twitter
YouTube

20 عاما من العطاء و الصمود
مكتبة سودانيزاونلاين
Re: طريقة التصويت للشاعر السوداني محمد جميل في قناة المستقلة (Re: حيدر حسن ميرغني)

    الأخ الفاضل حيدر حسن ميرغني
    سلام عليكم
    Quote: لعل أكثر ما يشجعنا على دعمه سيرته المشرفة فى كافة اجناس الكتابة الأدبية

    محمد جميل من مبدعينا الذين يعملون فى صمت

    نتمنى ان تكون هذه التظاهرة محاولة للتعريف به وبكتاباته الرصينة

    نعم لهذا القلم كتابات ومفاكرات رصينة جداً فحريٌ بنا التعريف بها والوقوف بجانبه
    ويمكن المرور على بوست قصائد في البوست أعلاه لمشاهدة نماذج أشعاره ولديه كتابات معرفية عميقة في موقع دروب ... أهديك قصيدته نسيج الأماسي
    Quote: نسيج الأماسي
    محمد جميل أحمد 15 أبريل 2006

    يا ويح أيامي التي خفقتْ على
    صدر المسافات انتظارا

    تهدر هذه الفوضى بليل الوقت
    تنسحب المرايا في فناء الضوء
    ضيعني الصدى في جرف هاويتي
    وعلقني بقايا

    تروي دموع العاشقين مصارع
    الكلمات حين تفارق الأرواح شهوتها
    وتنتحب الخطايا

    وأنا هنا
    جسد يشف الليل … يا علق الصدى
    أين المسافاتُ الخديعة ُ خِـفـّة ُ الأشياء
    تحملني ، وبابُ الريح ِ
    والظلماتُ تنفي زنبقات ِ الضوء عن بصري .
    تكذبني النوارس، مرة اخرى ،
    وتكتبني الحكايا

    وأنا هنا
    أرق ٌ يشف الملح في الكلمات منتحبا ً
    على صدر الملاحم هذه الأيام شهوتنا
    تـّـزين بالكلام مناحة الشعراء
    والمعنى
    أرنَّ مسامع (الكندي) منفجرا ً
    وضيعني شظايا

    أواه أيتها النوارس في خيوط الأمسيات
    لغتي مجاز العابرين مراكب الأيام
    تبقيني صدى ، من بعض روحي ،
    حين يبقى الصمت مملكتي وتنسحب المنايا

    يا ليلي المنزوف تعبرني وتهرب كي
    تجب طفولة الأشياء في صدري
    سرابا أسودا
    كالطيف تخذلني مع الصحراء
    منكشفا على
    لهب المرايا

    (2)

    تـَمرُ على بابي الريحُ مخمورة ً
    والدروب شوتني على نارها
    و فمي وهج ٌ
    كلما ضجّت النار أرسلني للبروقْ
    أنا ديدبان الشروق
    تعـتـقـني صحوة الطين بيني
    وظل الرماد أسى أوحشته
    الأماسي
    أنا أرق الضوء
    حين تفر الظلال
    وتأتي العشيات مثقلة ً
    بالمآسي
    ــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ
    ينبع البحر أيار 2002


    سعدنا برسالة شاعرنا العظيم محمد المكي لدعمه وهكذا يعرف المبدعون أبناء جلدتهم وأبنائهم في الإبداع
                  

09-30-2007, 03:05 PM

Sidig Rahama Elnour
<aSidig Rahama Elnour
تاريخ التسجيل: 09-01-2004
مجموع المشاركات: 3420

للتواصل معنا

FaceBook
تويتر Twitter
YouTube

20 عاما من العطاء و الصمود
مكتبة سودانيزاونلاين
Re: طريقة التصويت للشاعر السوداني محمد جميل في قناة المستقلة (Re: Sidig Rahama Elnour)

    فوق من اجل التصويت والمساندة
                  

09-30-2007, 03:44 PM

حيدر حسن ميرغني
<aحيدر حسن ميرغني
تاريخ التسجيل: 04-19-2005
مجموع المشاركات: 24982

للتواصل معنا

FaceBook
تويتر Twitter
YouTube

20 عاما من العطاء و الصمود
مكتبة سودانيزاونلاين
Re: طريقة التصويت للشاعر السوداني محمد جميل في قناة المستقلة (Re: Sidig Rahama Elnour)

    من أجمل ما كتب الشاعر والناقد محمد جميل

    السـَّـمَـنــْدل يغــنـّي

    28 مارس 2006

    فتحت الحداثة الشعرية في السودان ، خلال الستينات ، آفاقا شكل فيها سؤال الهوية الضاغط من برزح العروبة والإفريقانية ، أو الإفريقانية المحضة ، أطيافا توا شجت مع حركة الحداثة في الشعر العربي . عبر النزوع إلى صياغة جديدة بلغ منها هدير الخطاب الآيدلوجي ؛ ما كان كافيا لتذويب الإبداع بتآكل راهنية الأحداث ، وأفول أقطابها الرافدة . وبصورة جففت كثيرا ً ما يشتغل عليه الشعر الذي يتوسل أنسنة الرؤية من أفق الفن . وتخليص لحظات التوهج من تاريخانية الحدث ، مع الإحتفاظ بإشارات تفتح عليه وجه التأويل .
    وإذا كانت هذه السمة الأسلوبية متحت من محيطها المشحون آنذاك بتحولات رجرجت ما سكن من حالات الثقافة العربية بجديد من الفكر ، والأفق ، والرؤيا ، شملت الشعر قلبا وقالبا . فإن أخطر المعالجات الشعرية كانت تلك التي تتعرض لإشكالات الهوية والخصوصية من خلال أفق إبداعي يفصل ، جماليا ً، تخومَ الفن ، عن حدود الآيدلوجيا . أي بطلاق بائن ، بين ما هو إنساني وكوني مشـّـفر بمرايا لاقطة للتفاصيل المؤنسنة ، وبين ما هو عادي ورتيب يمنع الرؤية من وراء الأفق الشعري.
    ربما كان الشاعر السوداني الراحل د. محمد عبد الحي في ذلك الوقت ، أي ستينيات القرن الماضي ، تمثيلا لأفق آخر ، وصوتا فارق طبول الآيدلوجيا ، بهسيس يرتــّم أناشيد الشعر همسا ً يتكشف فيه الرمز بمنأى عن الزمن المشروط فيزيائيا (ولهذا السبب ، ربما ، خلت القصائد في دواوينه من تواريخها . باستثناء قصيدة ” الفصول الأربعة ” التي كتبها أثناء الدكتوراه في أوكسفورد عام 1973) .
    ليخلق بذلك فضاءا ً شعريا أرجحـت فيه رحلة العناء في البحث عن الرمز المفقود، حالات إبداعية متوهجة ، صحب فيها العذاب دهشة الكتابة الشعرية :

    الشعر فقر
    والفقر إشراق
    والإشراق معرفة لا تـُدرك
    إلا بين النطع والسيف

    (من قصيدة سماء الكلام)

    ومن ذلك الأفق خلق محمد عبد الحي نسيجا ً متـفردا بمنوال صبغت تيماته ألوان أسطورية من منابع غريبة وكاملة الجـِّدة . مكــّن منها تجوال ٌ صهر روحه بمختلف تضاريس السودان وحساسياته الإثنية والحضارية . ودوّن في نفسه أسئلة مصيرية ظلت تتوارد عليه من مطارح شديدة الاختلاف والتمايز ، تعالقت فيها صراحة اللغة بالجذر الأنطلوجي للسودانوية الناشئة في المنزلة بين المنزلتين من التكوين الديمغرافي السوداني : (العرب والزنج) . حتى مَرَد نفسه على عناء كبير في مسار إبداعي شعر بداياته إحساسا ضاغطا وواعدا بأعماق أكثر دهشة وتجريبا ً ومغامرة حقق فيها (معادلة الرماد). تلك التي عجزت عن استيعابها مانوية الخطاب الشعري السوداني بين الأبيض والأسود في زمانه . وبالرغم من أن تجربة (جيمس جويس) في (يولسيس/ عوليس) ألهمته الأفق النوعي الخاص لتجربته في خلق الهوية بحسبانها روحا متعالية صهرت ذاتها في شعبها أو شعبها في ذاتها ، خصوصا في ديوانه المهم (العودة إلى سِنـّار) ” قصيدة طويلة من خمسة أناشيد” . إلا أن تجربة محمد عبد الحي ، التي زاوجت دلالتها على أقنوم ثنائي برز في ذات تاريخية واحدة تمثــّلت في (السلطنة الزرقاء) ” التي هي أول كيان تاريخي قام على حلف صهر العرب والزنج في بوتقة واحدة في القرن الخامس عشر الميلادي بمدينة سنار ، وأنتج ديمغرافيا السودان المعاصرة ” ، كانت هي المصهر الوحيد لشعبه كفضاء رمزي تاريخي . لذلك ظل عبد الحي يتأول الدلالة الرمزية المزدوجة في ثنائيات مترادفة ومعبرة عن ذلك المصهر العرب / الزنج) (النخل / الأبنوس) (الطبل / والربابة ) ( الغابة / الصحراء) ، ومستصحبا تيماتها الجمالية في حدي التجربة ، من أعماق التاريخ العربي إلى أحراش الجغرافيا الاستوائية بجنوب السودان . ومن أقدار أبي العلاء المعري ، إلى طقوس قبيلة (الدينكا) النيلية (التي ينحدر منها المناضل السوداني الراحل د. جون قرنق) . ليكتشف بذلك صيرورة شعرية جديدة ارتكزت على هوية ضاع عنها طويلا ً دون أن ينتبه إليها ، لقربها الشديد واللصيق من روحه وقدره ، وتاريخه . وليعود إليها كما عاد (أبو يزيد البُسطامي) الذي ترك الحق وراءه ببسطام ، وهو يبحث عنه . فلا عجب أن يصدّر عبد الحي ديوانه المهم (العودة إلى سنار) بهذا المقطع من كتاب (الفتوحات المكية) لمحي الدين بن عربي :
    ( قال يا أبا يزيد ما أخرجك عن وطنك؟ قال طلب الحق . قال : الذي تطلبه قد تركته ببسطام. فتنبه أبو يزيد ، ورجع إلى بسطام ، ولزم الخدمة حتى فـُـتـِحَ له) .
    لقد أعاد محمد عبد الحي تجربة أبي يزيد البسطامي بعد متاه صهر في نفسه عذابات هائلة بحثا ً عن قرارة الروح ، ونشيد الإنشاد في قيثارة أرضه العظيمة . لينام بعد ذلك العناء والكشف مطمئنا ً :

    (مثلما ينام في الحصى المبلول طفل الماءْ
    والطير في أعشاشه
    والسمك الصغير في أنهاره
    وفي غصونها الثمار
    والنجوم في مشيمة السماء )

    ” قصيدة العودة إلى سنار”

    والنص عند عبد الحي خلال تلك التجربة يتميز بالرؤيا ، وهي في شعره أفق شديد الدهشة والغموض الذي يستبطن مشهدية تزيح ستارها ببطء عن عالمه الخاص والعميق ، والمصقول بحساسية تستدعي قارئا نوعيا ً ليستكشف جماليات النص وتأويلاته . ذلك أن حدي الرؤيا في شعره أشبه بشفرة تخفي معان مكنونة في منجم عميق يخترق الغوص فيه الأسطورة َ والحلم والرمز . ويستدير فيه الزمان بدوائر من غير بداية ولا نهاية . فالزمن في نصه هو زمن الرؤيا والأسطورة . فحين يتكلم عبد الحي عن بداية الخليقة عبر شهود الشاعر ، باعتباره روحا أسطورية، يتعرى الزمان مشاهدَ تنحسر عن عالم غريق موحش ، تنوس فيه مخلوقات البراءة الأولى ، التي توحي بالسكون ، والابتداء ، والأزلية . بحيث يكون المكان في الرؤيا قناعا لزمانه الغريق. وهذه القدرة على ابتداع الرؤيا الكونية تؤسطر الشعر والشاعر ذاتا طليقة تكتشف الكون وتاريخه من كوة الروح .
    يقول عبد الحي في نصه الطويل بعنوان (الشيخ إسماعيل يشهد بدء الخليقة) مشيرا بذلك للشيخ إبراهيم صاحب الربابة الذي عاش أيام السلطنة الزرقاء في القرن الخامس عشر . ” وكان يفعل فعلا عجيبا ً بالأنغام التي تصدر عن ربابته في الناس والحيوانات بحيث يفيق لها المجنون وتطرب لها الحيوانات والجمادات ” 1 . يقول :

    (وفجأة رأينا الفهد مسترخيا ً في ظلمة الأوراق الخضراء
    الغابة في سفح الجبل
    نساء الشجر تعري نفسها
    السماء تدق طبلها الأزرق
    سيف الضوء في الصخرة القديمة التي نما عليها الطحلب
    وكتبت تحتها الحشرات لغتها السرية وحوارها مع الطقس والأرض)

    إنه الكون معبرا عن بداياته بإشارات لا تغفل رمز الرؤيا. وهذا معنى مشفر في النص تعسر دلالته إلا من خلال العنوان ، وتأويل الرؤيا الحاكمة لنص عبد الحي . بحيث يمكننا أن نؤكد أن شعر عبد الحي أشبه بنص واحد يحيل على دلالات تتداعى من مطارح عديدة في ذلك الشعر . فالشيخ إسماعيل الذي هو عنوان النص السابق ، ذات أسطورية للشاعر السوداني ، تتجدد عبر الأزمنة . لكن ابتدائها نبع من مجاز السلطنة الزرقاء . أي حدود الفضاء الزماني والمكاني للرؤيا .
    وإشارات الرموز في النص توحي البداية فيها بالعدم الوجودي ، إن صح التعبير، أي أن الفهد والغابة هنا رموز زنجية ، يوحي ذكرهما بعوالم قبلية سابقة لبداية عالم (الغابة والصحراء / السلطنة الزرقاء) الذي يحيل على الذات السودانوية الراهنة . يتضح ذلك أكثر عندما يكتمل هذا المعنى الرئيس في قصيدة (العودة إلى سنار) حيث يقول الشاعر فيها :

    ( الليلة يستقبلني أهلي
    من عتمات الجبل الصامت والأحراج
    حراس اللغة المملكة الزرقاءْ
    ذلك يخطر في جلد الفهد ِ
    وهذا يسطع في قمصان الماء)
    ” نشيد البحر من قصيدة العودة إلى سنار”

    وعبد الحي هنا يتأول الطرف العربي للرؤيا من بيت أبي العراء المعري :

    على أمم إني رأيتــــك لابـسا ً
    قميصا ً يحاكي الماء إن لم يساوه

    وليركب من هذا البيت مع إشارته لجلد الفهد (الذي رمز القداسة عند قبيلة الدينكا الجنوبية) حدي الرؤيا لأقنوم / أي مفهوم الغابة والصحراء .
    وعلى هذا التركيب يعيد قراءة الرؤيا في ديوانه (السمندل يغنـّي) . بيد أن التركيب هنا دلالة على الذات التي تدل على فرادة العنصر المكون من الأقـنوم الثنائي . وهذا المعنى الرمزي يحايث طبيعة (السمندل) الأسطورية . فهذا الحيوان الخرافي /المائي/ الهوائي ، مثــّلت حياته المنقولة من التراث العربي ( كتاب حياة الحيوان للدميري) عند عبد الحي روحا مانوية متعالية . تستبطن في ذاتها الأسطورية حالات مركبة تحيل إلى عوالم عبد الحي التي تحتفل بأرخبيل موحش تتناظر فيه حدود الزمان عبر خرائب الأمكنة ، وتهدر فيه فوضى الأشياء بأصداء مالحة ، وفنتازيا للحزن المتنقل والعابر في مرايا الموت بخيال يتمدد على التاريخ والجغرافيا :

    ( أنا السمندل ُ
    يعرفني الغابر ُ والحاضرُ والمستقبلُ
    مُغـنيـّا ً مستهترا ً بين مغاني العالم المُـندثرة ْ
    وزهرة ٌ دامية ٌ في بطن أنثى في الدجى منتظرة ْ
    وكم عبرتُ والدروع ُ الحُمْـرُ حولي
    والخيول ُ المُـعْلمَة ْ
    أسوار ممفيس ، وطروادة ، والأندلس المُـهَدّمة ْ )

    هكذا تتمسرح هذه المطارح عبر الزمان والمكان في تمثلات الروح العابرة بغرائبية لا تخلو من أسطرة .
    وبالرغم من صراحة اللغة (العربية) باعتبارها لغة الكتابة للتعبير عن روح الهوية المزدوجة ،إلا أن عبد الحي استطاع أن يجسد دلالة الأقنوم (ربما كان هذا المفهوم أليق تعبير عن الذات السودانية المزدوجة والواحدة في نفس الوقت) في شفافية تطوع بنية اللغة لمفردات المعني الأفريقي والسوداني الخاص . فاللغة في نصه هوية مستغلقة تفتح معناها على النص من طبيعة العبارة الشعرية .

    (وحمل الهواء
    رائحة الأرض
    ولونا ً غير لون غير لون هذه الهاوية الخضراء
    وحشرجات اللغة المالحة الأصداء )

    هذه اللغة التائهة والمتقطعة عبر أفق يرى المكان من البحر بحثا ً عن القرار في أرض واعدة ، لغة أسيدية بخلاف لغة الينابيع في هذا القطعة من (نشيد المدينة) :

    ( لغتي أنت وينبوعي الذي يؤوي نجومي
    وعِرق الذهب المُبرق في صخرتي الزرقاء )

    هذا التغاير الذي يحمل دلالة اللغة عبر اللغة ويعيد إنتاجها في صيرورة النص بصور تخلق معناها ، هو جزء من كثافة تعبيرية تكشف عن رحابة الأفق الرمزي المتعدد لجهة اللغة وأسمائها (اللغة القديمة / اللغة الأولى/ لغة مالحة الأصداء / لغة على جسد المياه … الخ) فالكشف عن تعدد الأسماء هنا كشف عن دالة تعبيرية تحايث النص بمعان متعددة . فهي لا ترتهن للتكرار . إذ إن تعديد أسماء اللغة عند عبد الحي ينطوي على فضاءات جديدة تختزنها هذه اللغة وتعبر عنها . بحيث تبدو اللغة الواحدة وهي تعبر عن الحساسيات المتعددة في الهوية أشبه بلغة تعبر عن فسيفساء بابلية لجهة المعنى والمضمون .
    وكما يكثف عبد الحي الصمت والسكون والبياض عبر الزمن الأسطوري المطلق ، كذلك يتوسل التجريد والترميز والإشارة ، حتى وهو يتحدث عن الأشخاص . فهو يخرج من التاريخ إلى الأزل ، ومن التجسيد إلى التجريد ، ومن المحدود إلى المطلق عاكسا ً بذلك الصور الرمزية لحقائق الأشياء ، ومتجاوزا ً التنميط إلى شفافية غامضة وإنزياح يقلب منطق الخطاب . بحيث لا يمكن معرفة موضوعة النص إلا من العنوان ، دون أن يعني ذلك قطيعة كلية بين النص وعنوانه . وإنما يعني أن المعنى مشفر في رؤية كونية إنسانية تحيل على علاقة العنوان بالنص من خلال شريط شفاف غير مرئي . ولكنه غير منقطع أيضا ً، يؤيد ما ذهبنا إليه من تلك المعرفة المشروطة لقارئ عبد الحي . فعبد الحي حين يتكلم عن (توفيق صايغ) أو (أبي نؤاس) أو (كريستوفر أكيكبو) لا يتكلم عنهم بمعنى زمني فيزيقي . بل عبر تأويل تجاربهم الإبداعية كقناع لمأزق الوعي والشعر . وبحساسية تحايث شرطهم المتذرر في عناء الأسئلة الأنطلوجية الكبرى.
    يقول عبد الحي في قصيدة (مقتل الكركدن) التي هي ” سونيت إلى توفيق صايغ” :

    ( أجمل من في الغابة يصهل قرب النبع يغني
    ظل َ الشمس على أشجار التفاح
    جرح َ ربيع الروح تلألأ أجمل من كل جراح )
    ” ……………………………………………”
    سونيتة حب ٍ أم حيوان يجهش تحت النصل المسنون
    كوميدي ٌ يتقشر بعد العرض قناعا وقناعا
    أم طفل غنى خلف الأرغن في وطن ضاعا
    أم صوت البلبل في حقل الورد يغني
    ينزف في ألم مفتون )

    إن التعبير مردوف بغنائية تتجاور فيها مفارقات المأساة بإشارات تعبر عنها دون أن تفسرها . وفي قصيدة ( أورفيوس الأسود) التي هي أيضا ً ” سونيت إلى كريستوفر أكيكبو” يقول عبد الحي :

    ( مهرجان الطبول وأجراسنا الخشبية
    في فصول الحديد
    بين نجم قديم ونجم جديد
    تتأرجح موحشة ً وهي تهبط أدراجها اللولبية
    لهب دون رؤيا
    ولا شيء غير القناع الحديدي يرقص عبر المدى )

    والقصيدة لغة استوائية مؤسطرة تحيل عبر مفرداتها الأفريقية وإشاراتها الطقوسية إلى لغة عبد الحي العارفة بطبيعة الروح الأفريقية . وعبد الحي ينزع إلى تناص معنوي يتناسخ في عوالم افتراضية تعبر تماما عن الحالات المكتوبة . مثل العالم الخمري لأبي نؤاس الذي يتجلي عبر الرمز الطبيعي والنهايات المتجددة . في تأويل يخلق الحياة من العدم ، واللذة من الألم . يقول عبد الحي في قصيدة (التفاحة) التي أهداها لـ(أبي نؤاس) :

    ( فرغت كأسك وانهار النديم
    واختفى الخمار والخمرة في الليل البهيم
    عبر أنفاق الجحيم
    عادت التفاحة ُ الأولى إلى الغصن القديم )

    هكذا تتجدد الحياة ورموزها في نص عبد الحي كما لو كانت إكسيرا ً ينوس في ذلك النص . على أن ذلك التجريد والترميز لم يمنع عبد الحي من الغوص في شعرية التفاصيل الصغيرة ، واليومية . فنصوص عبد الحي أشبه بفسيفساء صغيرة تلمع بالمعاني الإنسانية الكبرى عبر معاناة مرهفة. أي أن تلك التفاصيل كُـوة لعالم فسيح يتكشف عبر ها ، دون أن تقع في المجانية والتسطيح .
    يقول الشاعر في قصيدة (أحلام العانس) :

    ( المرأة العانس في الأحلام
    يوجعها المخاض ، ثم تلد الأطفال
    ترضعهم ، وتسهر الليل تربيهم
    فرسان في أحصنة مُطهمات ْ
    وأميرات لِست ساعات
    لأنهم لو طلع الصباح
    باتوا بين أموات )

    فحين يصبح الهم حلما للسعادة ، تتجدد الحياة عبر تحقيق الرغبات الصغيرة .
    وعبد الحي يوقــِّع موسيقى الكون ، ويهمس للوجود بمعان شعرية تحسها الروح
    (بحسب عبارة الجاحظ الشهيرة عن شعر أبي العتاهية) .
    يقول عبد الحي من قصيدة (النخلة) :

    ( في الفجر تفتح الشمس بلاد الشجرة
    وتطلق العصافير
    في الليل يقفلها القمر
    ويطلق الأرواح
    ………………
    الطفل ترهقه الأسرار الصغيرة
    يا لعبء الخلود على الطفل الصغير)

    إن الرتم الداخلي في شعر عبد الحي يتصادى بشفافية حتى وهو يبدع في مواضيع تقليدية . فيتناولها برؤية جديدة ، ولغة صوفية صافية تستأنس الرمز ، وتوعز بالإشارة (ربما كان هذا من تأثير كتابات أبن عربي ، وعبد الجبار النـِّـفـَري)
    يقول عبد الحي في قصيدته الطويلة (معلقة الإشارات) ” وهي قصيدة نبوية في مقام الشعر والتاريخ ” يقول في مقطع ” إشارة عيسوية ” عن المسيح عليه السلام :

    ( هذا رنين قدم الفجر على التلال والأشجار
    يخبر كيف مرت الريح على القيثار
    “……………………………….”
    وبدأت أغنية الدم التي تضيء حنجرة العصفور )

    فهو هنا يرسم شفافية المسيح عليه السلام في إشارات رقيقة عابرة تفيض الجمال وترسم السلام على الحياة والوجود .
    ويجسّر عبد الحي هوة الوجود والعدم بخواتيم تأتي امتدادا للألق والاكتمال. فالموت في شعره نضج متجدد كثمار تسقط من أشجارها بعد الاكتمال لتمنح الحياة براعم جديدة ، وليس نهاية مأساوية . بل الموت عند فسحة من وراء الغيب .أي أن بين الوجود والعدم في شعره تناسخ جدلي ، وصيرورة دائمة .
    يقول الشاعر عن الموت من قصيدة ( قـِمار) :

    ( هنا أنا والموت ِ جالسان
    في حانة الزمان
    وبيننا المائدة ُ الخضراء
    والنردُ والخمرة ُ والدخانْ
    من مثلنا هذا المساءْ )

    فالموت انكسار لأيقونة الجسد وانطلاق للروح تدخل به تخوما أخرى في ملكوت أكبر :

    (هو الموت يسعى إلينا بلا قدم في الدجى والنهار
    خـُـلقنا له ناضجين
    استدرنا له
    فلماذا البكاء )

    هكذا أبدع عبد الحي الأفق الفني لجدلية الوجود والعدم عبر أناشيد خالدة تورث الحزن النبيل (وهو معنى إنساني كوني ناظم للإبداع ) . وصدح بها عبر مختلف مزاهر الشعر : العمودي ، والتفعيلة ، وقصيدة النثر. دون أي قطيعة مفترضة .
    فهو كما يكثف قصيدة النثر تمثيلا لجوهر الشعر الواحد ، كان يحذف الحشوَ من التفعيلة ، والنظمَ من القافية .
    فعبد الحي الذي بدأ كتابة قصيدته (العودة إلى سنار) وعمره 17 عاما ، ظل يصقلها بتفرد حتى رضي عنها قال عن شعره :

    كلمات شعري لم يجــئ يوما ًبهــا أنبيـقُ ساحر
    تلك القوارير القديمة لم أهجنها ولا تلك المباخر

    وعبّر عن شعره أيضا ً متأولا ً أرق ( ذي الـُّرمة ) قائلا ً في أبيات (على نسق غيلان) :

    وشعر قد أرقت له غريب تملأ بالكواكب في الظلام

    والعشق عند عبد الحي (وحدة وجود) كاملة ، أو عدم محض . إحساس مانوي يقابل الفناء بالإلغاء ، والمحو بالإثبات . ذلك أن كيانية التعبير الحاد عن حالة الحب تحتل القلب تماما مثل الحب العرفاني عند الصوفية

    وسـُـجـنـتُ فـيــك معـانـقا حــَّريـتي فــي ليل سجني
    وقـُـتـلـــتُ فيـك مغــنــــيا ً للــموت ما جهل المغـَّـني
    جــهــلوا فــما يدرون أنـا ملتــقـــى وتــــر ٍ ولــحـن ِ

    * * * * * * *

    وأراك دوني محض وهم ٍ مشـــرق ٍ فـــوق الــزمان
    وأراك دون قصــائــــدي لــغــة ً تــفتشُ عــن لسان

    هكذا أبدع محمد عبد الحي (الذي توفى في مستشفى سَوبا بالخرطوم عام 1989 عن 45عاما ) شعرا جميلا في حياة قصيرة . من أفق آخر جانف هتاف الآيدلوجيا ، واستوحى التجريب من ذاته وتراثه (كتابات أبن عربي ــ النفري ــ ود ضيف الله) ، وجمع بين التنظير والإبداع ليؤسس بذلك (تيار الغابة والصحراء) في الشعر السوداني ، في الستينات ، مع صديقيه : محمد المكي إبراهيم ، والنور عثمان أبـَّـكر وآخرين . وهو تيار أسس وعيا ً جديدا في الشعر السوداني برؤية شعرية استلهمت الهوية السودانية تحت أسم ( الغابة والصحراء ) كترميز دلالي لطرفي التكوين الديمغرافي في السودان (العرب والزنج) .
    ولقد ظل عبد الحي وفيا ً لمشروعه الشعري والنقدي في إجتراح أفق ملهم للهوية السودانية بشكلها الاستثنائي في المحيط العربي والأفريقي . وشحذ لذلك ثقافته العالية وتخصصه الأكاديمي المرموق عبر الترجمة والتدريس في جامعة الخرطوم . وأنتج أعمالا نقدية بالإضافة إلى مسرحية شعرية واحدة .
    وبالرغم من الريادة المبكرة لعبد الحي في إبداع نص مختلف جاور التجارب العربية الرائدة في قصيدة النثر (أدونيس ــ أنسي الحاج ــ توفيق صايغ ) إلا أنه لم تتوفر عليه دراسات نقدية تليق بقامته الشعرية باستثناء بعض الكتابات النقدية العربية النادرة . ربما كان قدر المبدع السوداني أن ينوس بين الجسد المهجور ، وشرط الذاكرة العربية، تلك الذاكرة التي وصفها الطيب صالح ذات يوم بأنها ذاكرة فقيرة فيما خص السودان من إبداع.


    http://www.doroob.com/?p=6897
                  

09-30-2007, 05:50 PM

خالد الطيب أحمد

تاريخ التسجيل: 03-13-2007
مجموع المشاركات: 0

للتواصل معنا

FaceBook
تويتر Twitter
YouTube

20 عاما من العطاء و الصمود
مكتبة سودانيزاونلاين
Re: طريقة التصويت للشاعر السوداني محمد جميل في قناة المستقلة (Re: حيدر حسن ميرغني)

    الأخ العزيز صديق..سلامي

    وآسف علي التأخير..كما وشكرا جزيلا علي المجهود الضخم للحصول علي الأرقام..وسمعت أن هناك رقم عــالمي لم تأكد منه بعد.وسأحاول التأكد الآن.

    فلنعمل علي أن يظل البوست بالأعلي حتي نهاية التصويت بالثلاثاء..
                  

09-30-2007, 06:12 PM

خالد الطيب أحمد

تاريخ التسجيل: 03-13-2007
مجموع المشاركات: 0

للتواصل معنا

FaceBook
تويتر Twitter
YouTube

20 عاما من العطاء و الصمود
مكتبة سودانيزاونلاين
Re: طريقة التصويت للشاعر السوداني محمد جميل في قناة المستقلة (Re: Sidig Rahama Elnour)

    الأخ صديق ..وجدت هذه المجموعة وأظن أنها تحتوي أرقام دول أكثر والرقم العالمي..وهو الأهم بالنسبة لمن لم يجد رقم شبكة دولته.


    SMS


    السعودية " STC"

    84408



    السعودية " Mobily"

    6346

    مصر " Vodafon , Mobinil '

    91144


    اليمن " Sabafon "

    3562


    اليمن "MTN "

    8027

    السودان

    3024

    البحرين" MTC "

    77257

    سوريا

    SYR 1572
    ASIR 1680



    لبنان "Alfa & MTC "

    1084

    الإمارات " Etisalat "

    6673

    سلطنة عمان " OmanTel "

    90215


    سلطنة عمان "Nawras "

    90666

    الكويت " MTC "

    98846

    الكويت " Wattanya "

    1659

    الأردن " FastLink"

    95588

    الأردن " Mobilecom"

    91293

    الأردن " Xpress"

    91926

    الأردن "Umniah"

    98107

    العراق " Asia Cell"

    1680



    أرقام التصويت عبر الهاتف

    IVR

    السعودية " STC"

    70005575

    10 SR


    فلسطين " jawal & Paltel "
    1412

    3 NiS

    الجزائر " Djezzy "

    1449

    55 DZD

    البحرين " MTC & PAT "
    PAT 95079
    MTC 77257



    الإمارات " Etisalat "

    6673

    4.80 AED

    الكويت " MTC "

    98872

    500 Fils

    الكويت " Wattanya "

    1659

    500 Fils

    الأردن " Fastlink , Mobilecom , Xpress , Umniah &JT Land Line "

    O90099706

    0.70 JD

    من كل أنحاء العالم OO88216900417
                  

09-30-2007, 06:44 PM

خالد الطيب أحمد

تاريخ التسجيل: 03-13-2007
مجموع المشاركات: 0

للتواصل معنا

FaceBook
تويتر Twitter
YouTube

20 عاما من العطاء و الصمود
مكتبة سودانيزاونلاين
Re: طريقة التصويت للشاعر السوداني محمد جميل في قناة المستقلة (Re: خالد الطيب أحمد)

    من كل أنحاء العالم OO88216900417
                  

09-30-2007, 09:57 PM

خالد الطيب أحمد

تاريخ التسجيل: 03-13-2007
مجموع المشاركات: 0

للتواصل معنا

FaceBook
تويتر Twitter
YouTube

20 عاما من العطاء و الصمود
مكتبة سودانيزاونلاين
Re: طريقة التصويت للشاعر السوداني محمد جميل في قناة المستقلة (Re: خالد الطيب أحمد)

    من الأردن عبر الموبايل:

    الأردن "Umniah"

    98107
                  

09-30-2007, 10:24 PM

خالد الطيب أحمد

تاريخ التسجيل: 03-13-2007
مجموع المشاركات: 0

للتواصل معنا

FaceBook
تويتر Twitter
YouTube

20 عاما من العطاء و الصمود
مكتبة سودانيزاونلاين
Re: طريقة التصويت للشاعر السوداني محمد جميل في قناة المستقلة (Re: خالد الطيب أحمد)

    SMS


    السعودية " STC"

    84408



    السعودية " Mobily"

    6346

    مصر " Vodafon , Mobinil '

    91144


    اليمن " Sabafon "

    3562


    اليمن "MTN "

    8027

    السودان

    3024

    البحرين" MTC "

    77257

    سوريا

    SYR 1572
    ASIR 1680



    لبنان "Alfa & MTC "

    1084

    الإمارات " Etisalat "

    6673

    سلطنة عمان " OmanTel "

    90215


    سلطنة عمان "Nawras "

    90666

    الكويت " MTC "

    98846

    الكويت " Wattanya "

    1659

    الأردن " FastLink"

    95588

    الأردن " Mobilecom"

    91293

    الأردن " Xpress"

    91926

    الأردن "Umniah"

    98107

    العراق " Asia Cell"

    1680



    أرقام التصويت عبر الهاتف

    IVR

    السعودية " STC"

    70005575

    10 SR


    فلسطين " jawal & Paltel "
    1412

    3 NiS

    الجزائر " Djezzy "

    1449

    55 DZD

    البحرين " MTC & PAT "
    PAT 95079
    MTC 77257



    الإمارات " Etisalat "

    6673

    4.80 AED

    الكويت " MTC "

    98872

    500 Fils

    الكويت " Wattanya "

    1659

    500 Fils

    الأردن " Fastlink , Mobilecom , Xpress , Umniah &JT Land Line "

    O90099706

    0.70 JD

    من كل أنحاء العالم OO88216900417
                  

09-30-2007, 10:47 PM

Raja
<aRaja
تاريخ التسجيل: 05-19-2002
مجموع المشاركات: 16054

للتواصل معنا

FaceBook
تويتر Twitter
YouTube

20 عاما من العطاء و الصمود
مكتبة سودانيزاونلاين
Re: طريقة التصويت للشاعر السوداني محمد جميل في قناة المستقلة (Re: خالد الطيب أحمد)

    العزيز خالد..

    أولا كل عام وأنت بخير..
    ولك كل الشكر.. فقد قمت الآن فقط بالتصويت (أخييرا)

    كل المنى لشاعرنا محمد جميل..

    تحياتي
                  

10-01-2007, 09:44 AM

Sidig Rahama Elnour
<aSidig Rahama Elnour
تاريخ التسجيل: 09-01-2004
مجموع المشاركات: 3420

للتواصل معنا

FaceBook
تويتر Twitter
YouTube

20 عاما من العطاء و الصمود
مكتبة سودانيزاونلاين
Re: طريقة التصويت للشاعر السوداني محمد جميل في قناة المستقلة (Re: Sidig Rahama Elnour)

    الأخت العزيزة رجاء
    الأخوان الأعزاء خالد وحيدر
    تحية مباركة
    شكراً لكم على هذا الإثراء .. وشكراً خالد على هذا المجهود الكبير وإستحضار باقي الأرقام ... نناشد جميع الأعضاء والزوار بالمشاركة والتصويت
                  

10-01-2007, 10:26 AM

خالد الطيب أحمد

تاريخ التسجيل: 03-13-2007
مجموع المشاركات: 0

للتواصل معنا

FaceBook
تويتر Twitter
YouTube

20 عاما من العطاء و الصمود
مكتبة سودانيزاونلاين
Re: طريقة التصويت للشاعر السوداني محمد جميل في قناة المستقلة (Re: Sidig Rahama Elnour)

    ..............

    أمنياتنا بالتوفيق للزميل محمد جميل ..ونكرر المناشدة للجميع..
                  

10-01-2007, 10:37 AM

خالد الطيب أحمد

تاريخ التسجيل: 03-13-2007
مجموع المشاركات: 0

للتواصل معنا

FaceBook
تويتر Twitter
YouTube

20 عاما من العطاء و الصمود
مكتبة سودانيزاونلاين
Re: طريقة التصويت للشاعر السوداني محمد جميل في قناة المستقلة (Re: خالد الطيب أحمد)

    ...............
                  

10-01-2007, 10:57 AM

خالد الطيب أحمد

تاريخ التسجيل: 03-13-2007
مجموع المشاركات: 0

للتواصل معنا

FaceBook
تويتر Twitter
YouTube

20 عاما من العطاء و الصمود
مكتبة سودانيزاونلاين
Re: طريقة التصويت للشاعر السوداني محمد جميل في قناة المستقلة (Re: خالد الطيب أحمد)

    نسيج الأماسي
    محمد جميل أحمد 15 أبريل 2006

    يا ويح أيامي التي خفقتْ على
    صدر المسافات انتظارا

    تهدر هذه الفوضى بليل الوقت
    تنسحب المرايا في فناء الضوء
    ضيعني الصدى في جرف هاويتي
    وعلقني بقايا

    تروي دموع العاشقين مصارع
    الكلمات حين تفارق الأرواح شهوتها
    وتنتحب الخطايا

    وأنا هنا
    جسد يشف الليل … يا علق الصدى
    أين المسافاتُ الخديعة ُ خِـفـّة ُ الأشياء
    تحملني ، وبابُ الريح ِ
    والظلماتُ تنفي زنبقات ِ الضوء عن بصري .
    تكذبني النوارس، مرة اخرى ،
    وتكتبني الحكايا

    وأنا هنا
    أرق ٌ يشف الملح في الكلمات منتحبا ً
    على صدر الملاحم هذه الأيام شهوتنا
    تـّـزين بالكلام مناحة الشعراء
    والمعنى
    أرنَّ مسامع (الكندي) منفجرا ً
    وضيعني شظايا

    أواه أيتها النوارس في خيوط الأمسيات
    لغتي مجاز العابرين مراكب الأيام
    تبقيني صدى ، من بعض روحي ،
    حين يبقى الصمت مملكتي وتنسحب المنايا

    يا ليلي المنزوف تعبرني وتهرب كي
    تجب طفولة الأشياء في صدري
    سرابا أسودا
    كالطيف تخذلني مع الصحراء
    منكشفا على
    لهب المرايا

    (2)

    تـَمرُ على بابي الريحُ مخمورة ً
    والدروب شوتني على نارها
    و فمي وهج ٌ
    كلما ضجّت النار أرسلني للبروقْ
    أنا ديدبان الشروق
    تعـتـقـني صحوة الطين بيني
    وظل الرماد أسى أوحشته
    الأماسي
    أنا أرق الضوء
    حين تفر الظلال
    وتأتي العشيات مثقلة ً
    بالمآسي
    ــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ
    ينبع البحر أيار 2002
                  

10-01-2007, 11:46 AM

tmbis
<atmbis
تاريخ التسجيل: 10-19-2002
مجموع المشاركات: 24862

للتواصل معنا

FaceBook
تويتر Twitter
YouTube

20 عاما من العطاء و الصمود
مكتبة سودانيزاونلاين
Re: طريقة التصويت للشاعر السوداني محمد جميل في قناة المستقلة (Re: خالد الطيب أحمد)

    تشكر يا صديق رحمــة من أجل السودان .. ومن أجلك ومن أجل الأستاذ جميل الذي قمت بالاتصال عليه ... وشرحت له وجهة نظري فيما يتعلق بالموقف هنا .. من أجلكم فقط اقوم بالتصويت الآن وادعم الاستاذ جميل بنفس القدر الذي دعمت به الاستاذة روضة الحــاج ..
    وما زلت عند موقفي الثابت تجاه أصحاب الإزدواجية الذين يقحمون أنفسهم فيما لا يعنيهم ..
    كل تمنياتي للأستاذ جميل بإحراز نتائج مشرفة للسودان .. وللذين يقفون وسيقفون بجانبه وهم يتابعون هذا البوست ..
                  

10-01-2007, 12:29 PM

Sidig Rahama Elnour
<aSidig Rahama Elnour
تاريخ التسجيل: 09-01-2004
مجموع المشاركات: 3420

للتواصل معنا

FaceBook
تويتر Twitter
YouTube

20 عاما من العطاء و الصمود
مكتبة سودانيزاونلاين
Re: طريقة التصويت للشاعر السوداني محمد جميل في قناة المستقلة (Re: tmbis)

    Quote: تشكر يا صديق رحمــة من أجل السودان .. ومن أجلك ومن أجل الأستاذ جميل الذي قمت بالاتصال عليه ... وشرحت له وجهة نظري فيما يتعلق بالموقف هنا .. من أجلكم فقط اقوم بالتصويت الآن وادعم الاستاذ جميل بنفس القدر الذي دعمت به الاستاذة روضة الحــاج ..
    وما زلت عند موقفي الثابت تجاه أصحاب الإزدواجية الذين يقحمون أنفسهم فيما لا يعنيهم ..
    كل تمنياتي للأستاذ جميل بإحراز نتائج مشرفة للسودان .. وللذين يقفون وسيقفون بجانبه وهم يتابعون هذا البوست ..

    الحبيب تمبس
    رمضان كريم ياخ
    كنت واثقاً من وقوفك مع الأستاذ محمد جميل وحينما هاتفني وسألني عنك قلت له لاتلقي بالاً لما يدور بين تمبس والأخرين ( هذه مجرد مداوسات بين تمبس وخالد وتراجي) لن تمنعه من الوقوف معك ودعمك ، وها أنت تصدق كلامي وحدسي فلك الف شكر
                  

10-01-2007, 11:46 AM

خالد الطيب أحمد

تاريخ التسجيل: 03-13-2007
مجموع المشاركات: 0

للتواصل معنا

FaceBook
تويتر Twitter
YouTube

20 عاما من العطاء و الصمود
مكتبة سودانيزاونلاين
Re: طريقة التصويت للشاعر السوداني محمد جميل في قناة المستقلة (Re: خالد الطيب أحمد)

    ...
                  

10-01-2007, 11:53 AM

Sidig Rahama Elnour
<aSidig Rahama Elnour
تاريخ التسجيل: 09-01-2004
مجموع المشاركات: 3420

للتواصل معنا

FaceBook
تويتر Twitter
YouTube

20 عاما من العطاء و الصمود
مكتبة سودانيزاونلاين
Re: طريقة التصويت للشاعر السوداني محمد جميل في قناة المستقلة (Re: Sidig Rahama Elnour)
                  

10-01-2007, 12:05 PM

خالد الطيب أحمد

تاريخ التسجيل: 03-13-2007
مجموع المشاركات: 0

للتواصل معنا

FaceBook
تويتر Twitter
YouTube

20 عاما من العطاء و الصمود
مكتبة سودانيزاونلاين
Re: طريقة التصويت للشاعر السوداني محمد جميل في قناة المستقلة (Re: Sidig Rahama Elnour)

    فـلـنـتعـاهـد لنجعـل الـوطن كالـشمـس بـاديـا
    ونـرفـع اسـمـه خـفاقـاً عـلى كـل ّ رابــة

    سمية الحسن محمد طلحة
                  

10-01-2007, 12:12 PM

خالد الطيب أحمد

تاريخ التسجيل: 03-13-2007
مجموع المشاركات: 0

للتواصل معنا

FaceBook
تويتر Twitter
YouTube

20 عاما من العطاء و الصمود
مكتبة سودانيزاونلاين
Re: طريقة التصويت للشاعر السوداني محمد جميل في قناة المستقلة (Re: خالد الطيب أحمد)

    محمد جميل أحمـد قامـة مديدة في تاريخ الأدب والشعر السوداني,

    إلى الأمام وموفق إن شاء الله تعالى,



    أحمد الشايقي
                  

10-01-2007, 12:19 PM

خالد الطيب أحمد

تاريخ التسجيل: 03-13-2007
مجموع المشاركات: 0

للتواصل معنا

FaceBook
تويتر Twitter
YouTube

20 عاما من العطاء و الصمود
مكتبة سودانيزاونلاين
Re: طريقة التصويت للشاعر السوداني محمد جميل في قناة المستقلة (Re: خالد الطيب أحمد)

    تناص بين الوجه والقناع


    قال : (أمنكم الحوفزان بن شريك قاتل الملوك ، وسالبها أنعمها ؟
    قالوا : لا ... قال :ـ فلستم من ذهل الأكبر)
    كتاب : " سبائك الذهب"
    ــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ

    ياحوفزان *:
    هاهم بنو شيبان قد شربوا
    صقيعَ الصمت إذ رفعوا شعاراتِ المسيحْ
    الليل أوصد كوّةَ الشفقِ الشحيحْ
    وهناك خلف نهارك الأبديِّ
    زحفُ هياكلَ الموتى على الوطن الكسيحْ
    كيف ارتحالك في حِمى الرومان حين
    تكون أقنعة المنايا السودِ
    خلفك كالرّديفْ
    وعلى المضارب خيمةُ الوطنِ المسجّى
    في المدى .... تتناوحُ " النَّخوات "
    " يا ذهلا " وترجع كالثرى
    الصادي إلى المطر العنيفْ.
    هذي يمينك يا أبا الفرسان ...
    صائلةٌ ودونك من دمِ " الشُّذاذ "
    محجمةٌ تقطّع تحت جسر الموتِ
    أوردةَ النـّزيفْ
    كيف التفاتُك من رجيم الغيب للوطنِ
    المسجّل في المطارات البعيدةْ
    جسدٌ تعجُّ قبائل الدنيا بساحته
    وخيمته طريدةْ
    أو كلما وليتَ رحْلكَ شطَّ ماء الرومِ
    غرّبَ وجهك الصيفيُّ يلهثُ في السرابْ
    وتظلُ في الدنيا تغادرُ سيفكَ
    المكسورِ من بابٍ لبابْ
    ترنو إلى الحًُلمِ الذي أكلت
    حشاشته بنو يعقوب كاللحّم
    المذابْ
    " سالومي " ترقص فرحة الموتى
    على الشرفات من فرط الشرابْ
    وهناك في شرخ الشبابْ
    وطنٌ يمدُّ الموتَ أشرعةً تعانقُ
    سكةَ الأبدِ الطليقْ
    خنقت نسائمه رياحُ الصَّيفِ
    حين تلوّن الأفقُ الصّفيقْ
    * * *
    يا حوفزان
    ها أنتَ تُسْرِجُ حافراتِ الرّيحِ
    في جسدِ الغيابْ
    تهتز في الصَّهواتِ بين مضارب
    الدنيا وأقْبية السّحابْ
    ترجو المواعيدَ التي صدأت
    وخلّف رعدُها المأمولُ
    رقْرقةَ السرابْ
    أو كلما فجعت شُهودكَ
    دمْدَماتُ الرّعبِ تجْهَلُ
    ما تريدْ ؟
    ترنو إلى الشهداء خلفَ نوافذ
    الموتى وتقبعُ في شبابيك العبيدْ
    نفقت خطاوي السلم تحت
    سنابك الصَّلفِ العنيدْ
    وبقيت وحدك في الصَّقيعْ
    خلفَ التماثيلَ التي شربت كؤوسَ
    حليبك الصَّافي وأهْرقَتِ النَّجِيعْ
    كيف التجاؤك ...
    حين تفرُّ خيمةُ " هانئ "** المغدور
    في المنفى على الوطنِ الصَّريعْ
    كيف احتلابُك ثأرَ من قُتِلوا
    بأبقارِ الرَّبيعْ

    * * *
    ياحوفزان
    يا سيِّدي يا سيد الفرسانْ
    تقطَّعتْ يداي دونَ سيفك الكسيرْ
    ونابَ عن قتاليَ اللِّسانْ
    ها هم بنو شيبان يحلبون من
    شياهنا المغُيرْ
    ويرقصون في الدِّمقسَ والحريرْ
    ترَّهلَ الطُغْيانُ في خيامهمْ
    والليلُ في المصيرْ
    والثأرُ في أشعارهمْ
    أنشودةٌ للحالمِ الغَريرْ
    ...................................... ينبع البحر 2001
    ـــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ
    عن صحيفة الحياة اللندنية 20/6/2001
    * الحوفزان = من أبطال معركة ذي قار في الجاهلية
    ** هاني بن قبيصة الشيباني الذي كان السبب في ثبات بني شيبان يوم ذي
    قار أمام الفرس حين نصب خيمته في قلب المعركة وقال قوله الشهيرة: (والله لا أفر حتى تفر الخيمة)
                  

10-01-2007, 12:21 PM

شهاب الفاتح عثمان
<aشهاب الفاتح عثمان
تاريخ التسجيل: 08-28-2006
مجموع المشاركات: 11937

للتواصل معنا

FaceBook
تويتر Twitter
YouTube

20 عاما من العطاء و الصمود
مكتبة سودانيزاونلاين
Re: طريقة التصويت للشاعر السوداني محمد جميل في قناة المستقلة (Re: خالد الطيب أحمد)



                  

10-01-2007, 12:26 PM

خالد الطيب أحمد

تاريخ التسجيل: 03-13-2007
مجموع المشاركات: 0

للتواصل معنا

FaceBook
تويتر Twitter
YouTube

20 عاما من العطاء و الصمود
مكتبة سودانيزاونلاين
Re: طريقة التصويت للشاعر السوداني محمد جميل في قناة المستقلة (Re: شهاب الفاتح عثمان)

    للأديب محمد جميل رواية صدرت مطلع هذا العام عن دار الحصاد بسوريا الرواية بعنوان (بر العحم) وكانت قد فازت بالجائزة الثانية لمسابقة الطيب صالح للإبداع الروائي 2005
                  

10-01-2007, 12:41 PM

خالد الطيب أحمد

تاريخ التسجيل: 03-13-2007
مجموع المشاركات: 0

للتواصل معنا

FaceBook
تويتر Twitter
YouTube

20 عاما من العطاء و الصمود
مكتبة سودانيزاونلاين
Re: طريقة التصويت للشاعر السوداني محمد جميل في قناة المستقلة (Re: خالد الطيب أحمد)

    هنا فصل من رواية بر العجم الحائزة علي جائزة الطيب صالح:



    سنكات سنكات .. حوليه1.. حوليه.. ساخت هتافات السماسرة في زحمة الألوان.. كانت أقنعة النساء تدهن أجسادهن بالفُوَط السادة ذات الأصباغ اليتيمة. لون زينب، والدم، والأصفر المجنون، والأخضر.. رفت علي الأجساد المكتومة كفراشات ملونة حلت في سماء اللواري السفرية وباحة سوق ( ديم سواكن) . صدح الفجر مهرجاناً ضجت فيه الألوان والأناشيد. لبست حافلات الشحن الرايات الخضراء، وخفقت تحت الشمس بفسيفساء معدنية أضاءت واجهاتها كإعلانات كتبت عليها عناوين الرحيل : ( بورسودان ـ سنكات ـ طوكر ـ وبالعكس) .
    فما بين الضوء المنسرب من العتمة إلى غفلة الديوك في الضحى تنحسر الضجة في حركة السوق مع آخر اللواري المنسحبة من أطرافه وسط الزفة الواهنة ودعوات العاجزين الذين حبسهم العذر عن ضريح السيدة ، فنشطوا للوداع منذ الصباح بعد أن حفظوا ودائع الدراويش في تكية (الختمية) لقاء الدعوات وهدايا الرمل من فناء الضريح..
    كانوا يقولون إن يوم الرحيل إلى (الحولية) هو يوم الزحمة والرحمة والحركة والبركة. غير أن الزحمة في ذلك الصباح فجعت آذان العميان بهسيس المريدين من جهات المدينة الأربع. كان انشداد الجموع إلى باحة السوق بهيئاتهم المميزة وشاراتهم المعروفة أول من خيب ظن العاجزين في البحث عن أمان مطمئن علي ظهر اللواري. وهو ما حذرهم منه الدراويش الذين تحزموا للموسم بزنانيرهم الصدئة وازدحموا تحت البيارق الخضراء داخل التكية وخارجها منشدين من الحين والاخر :

    شيء لله يا حسن يا سلطان الزمن

    كان يوم الحولية عيداً تجملت فيه القبائل ، وجاشت الأعلام علي رؤوس الرعايا. تحمّل (النوراب)2 يومها أزياء الفرقة التي خنقت أجسادهم المتفلتة. كانت القمصان الضيقة والأحزمة التي بعجت بطونهم، وأربطة(الباتا)3 المجبصّة بأقدام أنفت أصابعها ذل الضيق اعظم عدو خنق أنفاسهم منذ الفجر في انتظار العمد والشيوخ . بحيث لم تكف عنهم أنـّات الحنق إلا الأنغام التي كانت تنبعث من مزامير الخوص وصفافير قصب السكر علي حركات الأصابع القلقة. بينما كانت أناشيد (بني عامر) و (الحباب) ترطن ألحانها المرققة في وسط السوق فرحين بما سطع في صدورهم الزرقاء من شارات (الختمية)4 ومن خلفهم هدرت (نوبات)(التكارين) وطبول (الفلاتة) بدوي يخرق أسماع الحاضرين كلما وزع عيسي تجاني الإشارات التي يضبط إيقاعها علي حركة عينيه نصف المغمضتين ورأسه المتمايل. كان الحفل تبريكا ينشط فيه المريدون مع العامة قبل الركوب علي لواري الشحن المتوجهة الي سنكات حيث تـنغرس شموع الحولية من كل عام علي ضريح (ستي مريم) الممدد بين شجر الأراك في دائرة (المراغنة) 5. في تلك الجموع المشتعلة بالبشارة أجهش أبو البشر (آدم أرباب) بنصفه الحي علي شطره الميت. كان يحرق دموعه في الغبار الذي تصاعد من هرج القوم ملتفا حول نفسه بالحسرة….
    آه يا آدم يهدر فيك الحنين وتكذبك الأيام.. ها هي النفوس تفيض في الزحام بعدما فاض شراب الوصل … أكلتك السنون في العشق.فانقطع المراد.. رب موصول مقطوع وأنيس مستوحد… درج السالكون في الحضرة.. وأنت هنا..

    يا رب أنت وصلتهم وقطعتني

    كانت أعناق الخيل تحجل بالأجراس في الدائرة المشتعلة لتنتشل أبا البشر من فيوضه مثخناً بالنواح…. أبصر آدم حقيقته: جسد مغمور في الدنيا منخسف في الأيام. رهنته الدروب في تكية الختمية بساحل برعوت بعدما رهنت الرمال ثلاثة من إخوانه تحت رياح (الهبباي)6 في موسم (العيتبيت) 7 دفنهم جميعا.. وأدلج في ظلام العيتبيت . كانت عتمة الرمل تـنسخ الدجي في نهاره المنطفئ بين (دولبياي) و (أوسوك) . سلخ ليالي البرد في سفر الرؤيا من دون أن يبالي بحرب الرمال في بطن الصحراء، قالوا له يومها في طوكر : أن لواري كباشي عيسي حبستها العيتبيت في الكَسْرة حلفوا له بأغلظ الأيمان أن الخروج الي الحولية في سكك (العيتبيت) موت مذكور. كان الناس في موسم الهبباي بطوكر يطفئون حياتهم في البيوت ويطبخون الرمل في طعامهم وشرابهم شهورا بين هوام الموسم الزراعي التي تندلق مع بنات البيوت والأفاعي والعقارب لتستوطن الأحذية والمشربيات المفروشة بالرمل. كانت غضبة الهبباي خبيئة الحياة عند أهالي طوكر حين تتفشي حمي الغضب الترابية عن بقايا نهر سيتيت . المتقطعة في الدلتا فيحتفل الناس بانقشاع الرياح في نفس اليوم الذي يحتفل فيه الدراويش بـ (علي كباش) قادما من برعوت بالصفير والزعيق في ساحة الموقف… عيك عيك عيك .
    علي كباش : طائر الخوف المهاجر يستقبلهم بأسنان معكورة تنحسر عنها شفتاه بشوق غريب. كان علي كباش حين يدخل في أناقته البيضاء ، يوسوس سبعين مرة وهو يفرد (الدبلان) المشطوف بالنشا.. الشر وال مكوة سيف، القميص مكوة سيف، الثوب مكوة سيف، حتي مركوبه (أبو كرفته) المخصوف من جلد الأصلة يتحسس اختياره لموسم واحد مدشنا بذلك آخر( أخبار) الموضة في (كوم السكر) كان من تماثيل طوكر الناصعة التي تختفي في موسم التراب خوفا من أفاعي الصيف وعقارب الموسم مهاجرا الي برعوت ، ليعود مرة أخرى حين تغادر الرياح. نزل علي كباش وسط الزفة يتقافز علي الرمال بعيون حذرة حتي وصل الي (صف ستة) كان لا يبدأ بالدخول الي بيته إلا بعد أن يأمر الدراويش بالهجوم علي تركة الخوف: الأحذية (أبو كرفته) و( باتا) و(أبو شدة) ، ثم يرسل عليهم بأسنانه الطالعة، دعوات أبي البشر ، نزيل برعوت ، بالموسم الوفير ويبارك لهم أسلابه بالرضا والقبول. عرف أهل طوكر ذكري أبى البشر حكايا متجددة في موسم الهبباي من كل عام.. يوم أن خرج آدم في العيتبيت قاصدا ضريح (ستي مريم) بسنكات طلعوا معه في العاصفة. كانوا يعرفون نيته حين ينشد من شدة الجذب :

    يا رب أنت وصلتهم وقطعتني فبحقهم يارب حل قيادي

    هدر صوته في (كوم السكر) ليفزع السحر في عيون المزارع الهاجعة. في تلك الساعات التي يصرخ فيها اللبانة علي السكك بين غشاء الفجر المتسلل من عتبة النهار، يغفو نشيده غفوة تقطعها حوافر الحمير المعبأة بخروج (التبش) وخراطي (العجّور) حين يفك الفجر عيونا صدئة بلون الرمل ومكاحل التراب. أشرقت الأناشيد في الناس بين الزوايا المنتشرة من خلاوي الحسناب ، إلى جامع سيدي مدني . بدا الصباح هسيساً أفعمه الصدى ، وشكت الوجوه هواءها المترب في التعاويذ الراطنة. كانت ثورة الغبار تستريح في الوجوه عند موعدها المضروب مع أهل البلاء ، ممن هجرت صدورهم العافية وأزهر فيها المرض. أتوا جميعا من (عدوبنه) و (عقيتاي) و (هوشيري) منسحبين من سراب الصحراء ، إلى أعالي الدلتا علي دروب العوذ . حتى الحمير لبست في موسم الصيف الجوارب المبللة لتستعين بها علي الحر في وادي الحصحاص الذي يفضي الي طوكر من طرف الصحراء …
    ــ ( مسكين علي كباش.. الناس تقول يا جامع عشان تلحق البركة في العيتبيت وهو خايف في برعوت) !
    رطن آدم ساخرا من علي كباش …. هو أيضا كان يمني نفسه بالخروج الي (ستي مريم) لكن الروح بصيرة والقدم قصيرة..

    يا رب أنت وصلتهم وقطعتـني

    حفظ أبو البشر شطر بيت الحرمان من شعر (سيدي البرعي اليماني) كما سمعه من شيخة (أبى الرايات) . كان يردده كلما تخنـّق في الجذب وتذكر مسير أبي الرايات من طوكر الي كسلا لزيارة ضريح (الحسن الميرغني )9 ” صاحب التاكا”ا يومها نفـد أبو الرايات من (خور الكراي) و (الشفتة)8 بسر زاد يقينه عندما تحسس اطرافه سالمة تحت جبل الختمية عندها قرر العودة بيقين الوصول سالما. كسر سيفه ودفن أد راعه بعد أن وهب حماره ( للدائرة) 10 واضعا إصبعيه علي أذنيه لمقاومة نهيقه النازف .. نذر ابو الرايات وحقق نذره يوم أن دخل طوكر حافيا في جبة صدئه واهاب متشقق تنضح أنواره باليقين، شهدنا في عينيه أشواقا مترعة وغيوما محبوسة. جاء ابو الرايات سالماً من سفر العناد، مشفوعاً بالحظوة. ضربوا له (الدلاليك) في (الدلتا). نثروا عليه عيش الريف وغبار الذرة تحت سماء الزغاريد . وبعد أن نفد شراب القوم ولغت السيوف في الذبائح..
    نفر الناس إلى وادي الحصحاص لشهود اليقين الذي خرق أيامهم. فرك آدم عينيه مستغرقا في مسافة الجسد العائد من شفير العدم. كان الشاخص أمامه أشبه بالرؤيا في قلب الليل. ابو الرايات كما هو.. لم يذهب شعره هولا ، أو تقع أسنانه، أو يلتوي فمه. غاص في كيانه المشرق بسفر العذاب، لم يجد أثرا منطفئا فيه. ابو الرايات الذي تدّرع بنشيد المجذوب في عراء الوحشة ساربا في الفناء من دون أن يعتلق الدنيا ، صبّ الشوق في صدره سيلا غرقت فيه الأشياء والهواجس أصداء ً واهنة. كانت زورة التاكا مصير في الغياب بين سكك المتاهة ومنافذ العدم.
    عددنا يومها هلاكه في شراك الريح وأفواه الحفر في (ايربا) وخيام الجن في (مامان) قبل أن يظهر في (خور الكراي) عند مشارف التاكا.
    يوم دخل ابو الرايات وادي الحصحاص. رجم القوم الغيب ودرجوا في التأويل . كان الحق سرابا يلعب في الصدور. فما بين الطالع من وادي الحصحاص عبورا بالدروب المتولجة الي التاكا في المتاهة بينهما، تستفيق الحكايا عن سيرة العدم كلما ودع أهالي طوكر فيها المجاذيب ورجعوا منهم بالظنون المدوية عن الهلاك يقينا ً بفجيعته الناصعة. لذلك ظنوا أبا الرايات حين ظهر في وادي الحصحاص قرينا من الجن خطف اهابه وصورته. لكن آدم صرخ من الذهول عندما رأي اللحم المعروق ينبض في قوائم الدرويش
    ــ انكشف الغطا يا ناس بعد سيدي أبى الرايات
    علم أبو البشر : أن الجن حين يظهر في البشر ينتعل الحافر. وذلك عنده يقين تصدق به الرؤيا. فرمح من مقامه عدوا إلى جسد أبى الرايات ثم باس التراب ، ودس بين أذنيه همساً
    ــ سرك يا مولاي؟
    ــ السر من سيدي المجذوب. .. يوم طلع في تساب11 سنة 46من الدامر، يكورك 12

    ( يا مدمدم13/ سيب النوم/ قبل ما تندم )

    الدنيا طشاش14 والناس نايمة ومن يوم داك نوي الهجرة لسيدي الحسن وقال نشيدو. لمن وصل.
    انكشف المجذوب عارياً في الضفاف تحت الكلمات التي نزلت علي لسانه بين الوعي والغياب. كان العطبراوي يشتعل سيفا في الصحراء حين صرخت مياهه بالأناشيد :

    جل ربي وجوده مظهر الكون
    وأسرار غيــبه في الكمال .

    دندن الصدى في حواف الصحراء وطارت الأناشيد في الغيوم التي عصبت رأسها بالمطر حين اتسع الغناء بين الجبال:

    الجلاميد منه إن غوّر النجم
    قــبــيلٌ مّعرسٌ فــي حِلال

    حتى حمار المجذوب أنس من الخوف بالكلمات الراطنة عندما جاز الخور مستمعا

    لا تخاف الكراي16ترقد في الخيران
    أو ترهب انقضاض الصلال

    حينها برق الوعد في قلب أبي البشر بالبشارة من أبى الرايات لدخول الضريح
    فهو الآن اشد يقينا من حمار المجذوب.
    ــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ
    شاعر وكاتب سوداني مقيم في السعودية [email protected]
    * الرواية الحائزة على المركز الثاني في مسابقة جائزة الطيب صالح للإبداع الروائي قبل أسبوع. بالسودان .
    1الحولية زيارة سنوية يقوم بها أتباع الطريقة الختمية إلى زيارة ضريح السيدة مريم الميرغنية في مدينة (سنكات) بشرق السودان.
    2 النوراب ، والأحباب ، وبنو عامر = من قبائل شرق السودان
    3 الباتا = أحذية شعبية اشتهرت في السبعينات بالسودان
    4 الختمية = طريقة صوفية لها نفوذ ديني وسياسي بشرق السودان
    5 المراغنة = سادة الطريقة الختمية بالسودان
    6،7 العيتبيت والهبباي = موسم من الغبار يخيم على مدينة طوكر شهورا قبل المطر
    8 الشفته = قطاع الطريق في الصحراء
    9 الحسن الميرغني = صاحب الصريح المقام على سفح جبال التاكا بمدينة كسلا
    10الدائرة = نزل دائم يعيش فيه المتعبدين والصوفية والفقراء من أبناء الطريقة الختمية في السودان
    11 تساب = كلمة تعني الفيضان في العامية السودانية
    12يكورك = يصيح بصوت عال
    13 المدمدم = المغطى بالثوب
    14 طشاش = غير واضح
    15الأبيات من قصيدة (جبل الختمية)للشاعر السوداني العظيم محمد المهدي المجذوب
    16 الكراي = الذئب باللهجة البجاوية في شرق السودان
                  

10-01-2007, 12:45 PM

خالد الطيب أحمد

تاريخ التسجيل: 03-13-2007
مجموع المشاركات: 0

للتواصل معنا

FaceBook
تويتر Twitter
YouTube

20 عاما من العطاء و الصمود
مكتبة سودانيزاونلاين
Re: طريقة التصويت للشاعر السوداني محمد جميل في قناة المستقلة (Re: خالد الطيب أحمد)

    الكاتب والاخ الصديق محمد جميل احمد
    اهنئك على فوز روايتك كما اغبطك على توغلك الجميل
    في حياة مجتمع يعرف تنوع القبائل واختلاف عادتها
    هكذا كنت دوما تنتقل من الرواية للشعر ومن الشعر الى عالم الحكي الجميل..
    هنيئا مرة اخرى ومزيدا من التالق والابداع

    بتول المحجوب
                  

10-01-2007, 12:54 PM

خالد الطيب أحمد

تاريخ التسجيل: 03-13-2007
مجموع المشاركات: 0

للتواصل معنا

FaceBook
تويتر Twitter
YouTube

20 عاما من العطاء و الصمود
مكتبة سودانيزاونلاين
Re: طريقة التصويت للشاعر السوداني محمد جميل في قناة المستقلة (Re: خالد الطيب أحمد)

    الرواية كــاملة

    الفصل الأول من رواية : بر العجم

    حينما عانقت السماء الأفق ، ثبتت عيناي تحدقان في غيوم غير مرئية . ربما كانت سنواتي الثلاث الاولى من طفولتي عند منقطع العمران ، و بين تلال الرمل هي التي صورت لي ما كنت أراه . لم يكن الأفق الضارب في فراغ لا نهائي وهو يسوق السحاب، يملأ العين ، بقدر ما كانت تشدني أسلاك الحدود الشائكة على ميل واحد من كوخنا ، كحدود الموت والحياة . وقد نشرت عليها غربان الأصيل ملاءة سوداء تخفق أطرافها عند معابثة الريح ، بالثقوب والتموجات .
    أصداء طفولة حائرة ، تلك التي أتذكر منها اليوم سلطانية الحليب محفوفة برغوة نيئة بين يدي طفل ، وصوت أمي من داخل الكــــوخ مستخفــــرا ً بالشكـــــر
    لـ " دمباي " الذي تقول أمي عنه كان معجبا بفصاحتي الراطنة ، من طفل لا يحكمه الوجود إلا بثلاث سنوات . غير أن مذاق الحليب الذي لا أتخيل طعمه اليوم ، كحلم مقطوع ، هو الذي آذن بانقطاعي عن سنتي الفطام ، ودلف بي إلى أخيلة بدائية لطفل فارق ثدي امه بأعجوبة . أفزعني الفناء خارج الكوخ ، أول مرة ، حين دلق رماله في أرض تناثرت فيها الأكواخ كنجوم في ليل هالك . في الأفق البعيد لم تكـــــن بلــدة " قرورة " بضفتيها عند شرك الحدود بين السودان واريتريا (قرورة السودانية ـ قرورة الأرترية) على شئ يخرج من طين الأرض ، أو مطر يسقط من السماء . كانت جرداء ، كفراغ فـــي هاويـــــة . فبـــين قامات شجـــــر
    " العلديب " القصير ونباتات الحلفاء ، كانت أكواخ الخشب البدائية هي كل ما يملكه أهل بلدتنا من مأوى . لذلك ما أعرفه أو أذكره اليوم من بين ثقوب الذاكرة يعجز عنه التصور . سنتان من الطفولة في كنف أم تزوجت من رجل آخر لا تكفي لإضاءة ذلك الزمن السحيق من أغوار طفولتي ، سوى ذلك اليوم الذي فزعتُ فيه من صوت المذياع في بيت أبي ، الأمر الذي أضحك أبناء عمي . وتعالى ضحكهم حين انطلقت مندفعاً لحلب شاة بمربط داخل منزل أبي ، فتلك الشاة أول ما عرفته من عالمي الذي خلفته بالبادية . ربما كانت مدينة (برعوت) بأبنيتها المتلاصقة ، وحاراتها الخشبية ، والوجوه المتطفلة ، حركت في نفسي تلك الأفعال . غير أن أبي ـ رحمه الله ـ كان فرحا ً ، فرحة ً لا توصف ، بابنه الوحيد الذي عاد من تخوم الوطن . فطالما سمع اشتباكات فصائل جبهة التحرير الأرترية على الحدود فيما عرف بمعركة " قرّ قر " التي دارت أحزانها بين ضفتي " قرورة " ، تلك الأيام ، كسباق لخيول في ميدان الرماد . تدفقت دماء الأخوة الأعداء دون أن تهرق محجمة من العدو. كسيول انحدرت في غير مصبها . لذلك لم تسعه الفرحة عندما جاء ذات ظهيرة من عمله ليراني في حجر جدتي " أم ادريس " قالت جدتي ـ يا (أبو علي) أمانتك في يدك ، وأنت عمي قبل أن تكون زوج بنتي ... والولد يتربى عندك زي عندنا مافي فرق .
    ـ الخير فيما اختاره الله يا أم ادريس .

    كانت تلك الكلمات القليلة بين أبي وجدتي كافية لتشعل شموعا في قلب أمي الثانية ، التي طالما تحرقت شوقا في الولد . بعد أن دفع أبي الذي أمامه ووراءه من أجلها،هي التي ملأت أيامه ولياليه بسعادة نشر أريجها فضاء الحي ، حتى قال عمدة حينا واصفا ما كان بينها وبين أبي من حسن العشرة :

    ـ " دا زواج آخرة مش زواج الدنيا " .

    هاهي الآن تشعر أن واجبها يتجدد في صورة أخرى وأمنيتها تتحقق . فأبي الذي طالما تمنت أن تهديه ولدا يملأ عليهما الوجود . لا يهم الآن ، المهم أن يكون ولده هو فحسب ، فتبددت غيوم حسرتها من انقطاع الولد.
    كان أبي ، الذي هو أيضا عم جدتي وابن عم أبيها، بنسب آخر، يحظى بتقدير كبير عند أخوالي ، لما يحفظه من الشعر الذي يتغنى ببطولاتهم ، وتفاصيل أيام حروبهم التي خلدتها الأشعار. مع حفظ أنسابهم وبيوتاتهم المعروفة في أقصى الشرق . فهم أيضا أخواله. وكثيرا ما طربوا لذلك التدفق الذي ينسخ بعضه بعضا من الحكايا المختلطة بالأشعار في ليال مطروبة ، عندما كان يأتي إليهم في عطلاته السنوية . البادية كانت تجدد في أبي انثيالا مسحورا ً بالرغبة في إعادة الحكايا . فمسرح الحكايا عندما يكون شاخصا يغري بالمزيد . فغير بعيد من مجالسهم كانت (شنـْـقـَيْرَه) و( تــَـقـَبْ) و( قـَحَتْ ) وغيرها من الأماكن التي شهدت معاركهم وخلدت أشعارهم . هذا التقدير كان كافيا لقبول جدتي بالعيش في كنف أبي . لم أكن أعرف الكثير عن أخوالي ، ولطالما روت لي أمي الثانية كلاما دافئا ً ، ورسمت لي عنهم ما علقـني بهم كثيرا من وراء الغيب . فهم أصحاب صلاح ، وأمانة وبأس معجون بالنجدة والكرم . حتى أمي ، روت لي عنها الكثير. عندما حملت بي . ولكونها أمية لا تقرأ أو تكتب ، فقد كانت تعد أيام نفاسها وتخطها على جدار الكوخ خوفا من أن يضيع منها يوم تعجز عن قضائه في صلاتها . بحيث تخلّط عليّ كل ذلك مع ما ترويه ليلا عن السلطان (حسن أبو الريحان) وحكاياته مع القطط في " سواكن " التي تتحول في الليل إلى بشر. ومجانينها الذين لا يؤذون أحدا باتفاق أهل سواكن ، إلا إذا تعرض لهم من يؤذيهم حتى عندما كنت أذهب معها لزيارة مقام " تاج السر أبو زينب " في أيام الجـُمَعْ من كل شهر، تنساح في أحلامي ، ليلة الزيارة ، عوالم مجهولة : قطط بأقدام بشرية ، وبشر يمشون بحوافر ، وحكايات فرج الله الذي يقطع البحر ماشيا ، مرددا عبارته الشهيرة بين أهل سواكن : " الله يعرف فرج الله ، وفرج الله يعرف الله " لم يكن يتعرض له أحد من أهل المدينة بأذى ، وتقضى حوائجه دون أن ينطق بها . ذات يوم قذفه طفل ببصلة في السوق . توقف كل من كان ماشيا ، حبس الناس أنفاسهم . جرى فرج الله من مكانه عدوا نحو الطفل ملوِّحا ً بيده من بعيد ، ثم وقف أمامه على بعد خطوات . رفع يده بسرعة وحركها في الهواء ببطء شديد نحو الطفل ليلمسه لمسة حانية . كان الناس يعرفون أن مجانين سواكن لا يؤذون أحدا . بعد ذلك نسج أهل سواكن حكاياتهم حول ضريح فرج الله ، الذي يرقد اليوم شاهدا تحت أقدام البحر، على صخرات تنقطع عندها أنفاس الموج ، و صفير الريح . البعض يقول أنه قطع البحر راجلا إلى الحجاز ، وآخرون يزعمون أن فرج الله موجود، ولا يظهر إلا في ساعات الغروب ، حين تتكسر أِشعة الشمس الهالكة على صفحة البحر . تلك الساعة التي تخرج فيها جنيات البحر إلى المكان الذي تحدرن منه ذات ليلة قديمة ، شهدت الجنس بين الجن والأنس ، على ساحل سواكن، أيام سيدنا سليمان ، يوم وطئت بر سواكن سفن من اليمن حبس فيها الجن . ومنذ مجيئهم طار عنها اسمها الأول " سواجن " .
    أسرار فرج الله التي ملأت علـّي منامي ، كانت هي أيضا سماء خيال لطفل يستظل بها منذ بداية صعوده على " البورمل " في سوق " ديم سواكن " ، مستغرقا في خياله ، حتى يستيقظ منها تحت مظلة بوابة مدينة سواكن ذات الطابع المعماري العتيق ، لمدن البحر الأحمر ، بفسيفساء باهتة ، أكلت منها الأيام ما أبقاه التاريخ . وعلى خطوات منها يرقد الباشا التركي (الشناوي) بين جدران قصره المهيب ، مرددا ً أصداء ليال تنوعت فيها أسرار الأنس بعدد أيام السنة . لذلك لا عجب عندما ردد الناس مع فنان سواكن " ادريس الأمير" :

    " الشناوي قصرو العظيم
    يبقى عظمة للناظرين
    في سواكن " .

    عظمة الشناوي المتحدرة من عروق الترك ، تنفست فيها مباهاة الملك ، بجنون الخلد . وغطست أسرارها تحت حجارة فارق بعضها بعضا كفلول مهزومة . أحيانا شعرت بأن الشناوي قبر تاريخه خلف الغرف التي سكتت حكاياتها دون أن تستهلكها . كان الناس في سواكن يتكلمون عن القصر ، والسور ، وسجادات العجم ، والمشربيات الطالعة كخوافي نورس أبيض كبير دون أن تخدش ألسنتهم أسرار الغرف ، وبهو الحريم وما يجري ليلا في حجرات بعدد أيام السنة .
    كان قلب المدينة المشدود بضريح تاج السر أبو زينب " ساكن سواكن " محفولا بزورة الغرباء من مريدي البركة في مطاف غمر فناء البنايات المجاورة للضريح وأزقته الملغومة بالمريدين ، كجراد منتشر في نهارات الجمع . الأناشيد ترتم هسيسها بتموجات تخطف معاني لثغتها عبارات راطنة خلطت الشعر بالبكاء ، وورثت في الحاضرين اهتزازات روحية من أثر "البرّاق "(1). ربما كانت زورة الجمعة في سواكن تراويح لطفل سكنت أحزانه مغارات مجهولة ، تنفست أصداؤها مع الهمهمات التي كانت تتـقطع في نفسه حزنا على حزن . لقد كانت أناشيد " البرّاق " أشبه بأغنيات موت ريفي تستوحي منه النفس نشيجها الخاص . كان ضريح تاج السر الممدد على عتبات شكلتها مشربيات الخشب المنحوت والمغطـّس تحت ملاءات خضراء سكنت متونها خطوط كوفية مطرزة ، يوحي لي دائما برهبة مأتاها غامض يوشك أن يتكشف فيها السر، دون أن تشفه خيالات طفل ترهقه الأسرار . كان إحساسي براقد الضريح مفارقا لمظاهر البكاء والدعاء والتعاويذ ، وكشف الحال من جملة المريدين . لم يكن يهزني شيء تنفعل له نفسي برغبة في البكاء ، أو تقبيل العتبات من الخشب والرمل الذي تكورت ُصرَره بأطراف ثياب النساء كفقاعات ملونة . ربما كان السبب بذلك الشعور صلة خاصة بيني وراقد الضريح ، علاقة ما مبهمة كشفتُ سرها عندما سمعت فخر أخوالي بها ، يوم أن
    جاء راقد الضريح إلى باديتنا وتزوج جدتي التي لم تحفل به في زمن غابر ، لبداوة استوحشت زواجها خارج إهاب القبيلة . بيد أن عزاءها ، بعد طلاقها منه، كان في توأميها المقبورين بمنقطع من العمران يحفله أهل البادية ، ممن أناخت نياقهم عن بلوغ راقد الضريح بسواكن . لهذا كنت أغادر الضريح معطوفا في ثوب أمي دون أن أحفل بضراعات خلط فيها الجهل نيات الدين ، وعلق فيها الناس أمنيات على القدر بستار لا تزيحه ضراعات تقطعت أصداؤها، دون أن ترجع بالمأمول .
                  

10-01-2007, 01:00 PM

خالد الطيب أحمد

تاريخ التسجيل: 03-13-2007
مجموع المشاركات: 0

للتواصل معنا

FaceBook
تويتر Twitter
YouTube

20 عاما من العطاء و الصمود
مكتبة سودانيزاونلاين
Re: طريقة التصويت للشاعر السوداني محمد جميل في قناة المستقلة (Re: خالد الطيب أحمد)

    الفصل الثاني من رواية بر العجم





    لم تكن أشباح الزمن المهجور ، صباحات رائقة في الخريف المترب بمنعطفات سكنت فيها بقايا صور من ماض معكور . كانت أكواخ الخشب المرصوفة لمقاومة رطوبة الصيف ، التي تأكل بنايات الأسمنت، في بلدتنا الساحلية ، أعظم اختراع دبره أهل البلد حتى ذلك الحين . وكثيرا ما جاء الغرباء إلى بلدتنا تتقحم عيونهم بنايات أشبه بمدن الكرتون ، لم تكن تملأ أعينهم كبيوت الطين الغليظة على أطراف النيل وضفاف الأنهر الموسمية . كانت البلدة أشبه بكائن متمرد تواطأ عليه الكون ابتداء من أمطارها التي تنسفح في الشتاء لتزلق السابلة، خلافا لأمطار الخريف في ربوع السودان . وتناكر سحنات الوجوه والألسنة من وافدي البحر من الهنود والأقباط والإغاريق . وفي سوقها حين تتمدد رواكيب الظلال في الصيف اللاهب لتعوي من تحتها الألسنة الراطنة بفسيفساء نسجت أعراقها القبائل . فبجوار ( النوراب) المتحد رين من بقايا (المانجيل) الذين ساكنو البحر وولوّا وجوههم عكسه . كانت هناك أفواج العابرين من الغرب الأفريقي إلى سواكن ، من الفلاتة والهوسا ، والتكارين ، ممن تقطعت بهم دروب الحجيج . فطاب لهم المقام في الساحل ليغتنموا العيش مع (بني عامر ) و(الحباب) الذين قطعّت أنسابهم تخوم الوطن وتوغلت دروبهم في زحام الساحل . بحيث كانت سماء الساحل المكشوفة تنطق بأصداء متقطعة لكلمات عربية نسجت منها ألسنة العجمة شفرة خاصة للتواصل اللغوي بين تلك الأعراق . فللعربية في بلدتنا فنونا من القول سلقتها الألسنة بتخاريف محببة شكلت منها مصدرا لعناوين القبائل ، وفاكهة للأسمار الساخرة . كانت العربية الصارمة هي الناطق الرسمي لهدير الإذاعة المنبعث من أفنية الدور ، وصرير الجرائد الملتصقة بجدران الخشب ، كزينة تفتقت عنها أذواق عمال الشحن والتفريغ ، وحمالي الميناء والبحارة ، خصوصا ً في حارتنا التي مُنحت لأهلنا مخططا ً خصص لهم كعمال في الميناء ، بهيئة المواني البحرية (إبـّان الحرب بين الكوريتين) كوريا الشمالية ، وكوريا الجنوبية في منتصف القرن الماضي . بحيث حمل حيـّـنا العتيد هذا الاسم الذي أصابه صدى لعولمة مبكرة ...
    لم تكن البلدة تخلو من حساسيات الأعراق ، وزحول القبائل ، ومشاجرات العمال في الميناء البحري . الذي توزعت حمولة البضائع فيه على أكتافهم . كانت (الكًِللْ) لجماعات الحمالين في الميناء الصغير تحمل مواصفات العـِرق والرُطانة ، والألغاز والمواوييل ، فتتحول باحة الميناء إلى ساحة للحركات الراقصة ، ودندنات لأحلام صغيرة شفــّت عنها عبارات وقعتها جوقة الحمالين الذين عكست أعطافهم (دلاقين) وكثيرا ما رددوا بصوت واحد :

    ( التوب الغالي قر مصيص
    التوب الغالي قر مصيص )
    كان ( القرمصيص) " الذي تلتحف به العروس بعد زفافها " يلهب أشواقهم بأمان مؤجلة حتى تكتمل مدخرات العرس من تحميل بضائع الميناء . حتى بدت تلك اللا زمة كافية لتحريك عضلاتهم لإفراغ أكبر حمولة في الرصيف .
    كان للساحل حكاياته التي نسجتها أسرار الحياة والعيش في مفارقات خلقت منها طقوس القبائل حساسية البحر الذي دلق عليهم الأغراب . كان للبحر في أوصالهم رِعدة تسربت عبر القدم ، وأنفرت أطيافهم الهائمة في عروق الجبال ومضارب الصحراء . كانت أناشيد البحر عند (البجا) أغنيات للموت والعدم المخبــّأ في زرقته المترامية . لم يجسر بجاوي واحد أن يقف في مربض البحر ، فهم يحتفلون باستدباره ، كوحش أسطوري طاول رحالهم . ويلجأوون منه للعيش على قطعانهم دون أن يجعلونه مخزنا ً للرزق أو معبرا للتجارة .
    زمان البحر في رحالهم أبدية زرقاء مهجورة تساكن الغيب ، و تستوحي فيهم الرعب والوحشة . كانت نفايات البحر ، وزوائده المطروشة على الساحل كائنات مسكونة بالجن ، تعوي منها صدورهم . لذلك قنعت القبائل بحمولات الميناء على الرصيف عند افتتاحه بالساحل علي يد الإنجليز ، بعد أن قامت أكواخ العمال الخشبية بمسافة تمنع العدوى عن بنايات الإنجليز ذات الأسقف القرميدية الحمراء بهيبتها السلطوية الصارمة .
    زحفت الحياة على الساحل بما استوطن فيه من الآبقين عن البحر ، وبقايا الأسراب المهاجرة من راكبي الطرق إلى الحجاز ومعاوني الإنجليز من صغار مستخدمي البرجوازية الناشئة من الشمال تحت اسم (الأفندية) في ذاكرة الساحل الأولى . كان الإنجليز حينها يستردون بريطانيا العظمى في أشكال البنايات ورسومات العلم الإنجليزي في واجهات الدوائر الحكومية المطلة بخجل على عراء الساحل المهجور . حتى أرضيات الحدائق العامة لم تخل من رموزهم المنحوتة ببرود إنجليزي مهذب . عرف الإنجليز كيمياء البجا ، التي جمحت عن تدابيرهم ، في حيل الحرب ومرارات القحط الحارق بين متاهات الرمل . كانت دماء البجا برحيلها الأبدي ونفورها الدائم أكبر من حالات التدجين ونتف الريش التي عجز عنها الإنجليز . كان الشعر المغوّف الوديك والصدر العاري ، و(الشر وال) ملامح لم تصدأ منها ذاكرة الحرب وصليلها الذي لم يكن قد جف بعد في (سواكن) و (ترنكتات) و (التيب) و (التماي) . غير أن برعوت التي تواصت القبائل على سكناها بفضل مقام الضريح الراقد في سيف البحر، دون أن تجرؤ على ذلك ، سخرت للناس أحلاما قديمة طالما راودت العابرين على الساحل في الدروب التي تفسحت لهم معابرها بين مسالك الرمل المندلق بمحاذاة الساحل خروجا من طوكر الوفيرة بالقطن و(العنكوليب) ، والبوادي التي ارتعت الجمال والمواشي وصولا إلى (حلايب) و(شلا تين) المتولجة في مصر. كانت الأرض المالحة عند انحسار البحر والطالعة إلى الجبال تتسرب بين البحر والجبل واديا سكنته الريح والرمل ، ومجازا للأماني ممزوجا بالرهبة والخوف . حين تنفق الثروة هباء طمعا في مساكنة الضريح . ظل الشوق الحارق طوال ايام المجاز بالساحل مكبولا بنوازع الضعف ، فالحنين الذي كان وشاحا للمشاعر الجائشة هاهو اليوم يتحقق في قرار ملأ الوحشة اُنسا ً انسابت على أرضه جيوش الحياة . دلف الناس في الساحل والقت القبائل رحالها لتعيش دورا جديدا جلبه القرار . كانت الهجرة المشفوعة بنبوءات ساكن الضريح لسواكن حرقا أو غرقا مسحت للإنجليز نتوءات الأمل المحفوف بنفرة عجزت عنها تدابير القوة لتسيير القبائل قسرا إلى سواحل برعوت .
    بدأت سنوات الحفر الأولى في جسد البحر مدماكا قاسيا شده الناس بأعمال خارقة ركبت في ظنونهم بما تأتي عليه أفعال الشياطين . وحين بدأوا النبش في القاع ندّعنهم إمكان الغور في التجاويف الزرقاء لجرجرة أرصفة الرمل على الحفر . كان الأمر مهولا حين شرع الإنجليز في انتخاب من زاده الله بسطة في الحيلة ومهارة في اقتلاع الماء من الماء .تنادى الناس من (هندوب) و(دولبياي) و(أربعات) من ذوي المهارات الفطرية في معالجة جسور الخيران والترع التي تسوقها المياه المتحدرة من ذوائب الجبال عندما حفروا الماء لوصل العيش بين البحر والقبائل كان المقام عسيرا . دلفت القبائل النافرة إلى قرار موحش شعر به (ادريساى) ذات صباح غريب . كان (ادريساى) كعادته يهيئ مناخ الإبل تحت أشجار الدوم الباسقة قبالة ساحل البحر كلما أتى من (عيتباى) ساربا إلى نواحي طوكر والعقيق .كان ذلك الصباح بعد أول ليلة من زورته الأخيرة إلى برعوت . منذ شهور شعر بحركة الناس في مجرى الساحل . كل شيء قد تغير . رأى أسقف المخازن المعروشة بسعف النخيل وبنايات الإنجليز القرميدية الحمراء
    ــ هالو ادريساى
    تلفت نحو الصوت فجأة . كان ادريساى يسكن جسدا ضخم الجثة ، شديد السمرة ، ناتئ العضلات . ووجه خرقت أساريره عينا صقر تتأرجحان في جزء من الثانية . غير أن الشعر الذي كسا جسده كان إهابا استردف الإزار والرداء الذين تقمصا جذعه. تحسس ادريساى الشوتال بخفة ملتفتا إلى صاحب الصوت الذي ندت عنه ابتسامة مباغته أشعرته بالأمن . عرف ادرديساي المعنى بلغة ملكونة نطق بها الخواجا وتمت الصفقة .
    كان مناخ ابل ادريساى هو موطئ الرأسمالية الأول في جسد الساحل قام على إثره بنك ( باركليز) بواجهاته الاستعمارية الضخمة ليحرك ماسكن من حياة الساحل في عدم الصمت وعتمة الأزل.
    ضمن ادريساى عمالة أولاده في أرصفة الميناء لقاء مناخ الإبل وكوخا في ربض الساحل قرّ فيه من تسيار الرعي بعد أن سمح له عمل أولاده بالميناء بهدنة مع الزمن .
    مصير ادريساى في الساحل كان حكاية متناسخة شابهت بعضها بعضا في مضارب البجا وأغرتهم لأول مرة بمساكنة البحر .
    كانت الرهبة المحفوفة بالهاجس ما تزال بقايا من ماض قديم يخترق حياتهم كلما وقعت حمولة من رافعات الميناء سهوا على واحد منهم . لكن عيشهم الذي ( تنعّم) بالقرار في رواكيب الخشب والعمل بالميناء الذي سهل لهم الحصول على قراريط السّكر لشرب القهوة في مساءات التعب ، رشح فيهم ليونة الحياة . رغم نظراتهم التي كانت تتقحم أجسام آليات الميناء وتتوجس من هيئاتها القاتلة . كانوا يتجنبون ظلالها في ضوء الشمس خوفا من رؤيتها تتحرك أمامهم . ويهرولون كلما اضطرهم الطريق إليها . وكثيرا ما كانوا يمزحون في ساعات الراحة بجرجرة من يعبثون معه إلى تحت الرافعة ليدب الهرج في (الكلل) ، مجموعات العتـّـالين ، التي توزعت في فناء الأرصفة حيث تتشبث يد الضحية بكل ما تمسك به بينما تتأرجح ساقاه رفسا بما أوتي من قوة ، وتندلق الشتائم من أعماقه لتتصادى مع ضحكات تستمتع بالمرح في لحظات مسروقة .
    كما تسكن الريح في يوم صائف ، سكنت سنابك الترحال في قوافل البجا بساحل
    برعوت ، ومسحت السوافي دروب الخطى بين (عيتباي) و(همشكوريب) . وبرح الإنجليز بناياتهم القرميدية الحمراء في يوم مشهود .
    قبل أن يغادر الإنجليز كان إدريساي خائفا من (الونش) و الكهرباء، ثم أصبح بعد ذلك اليوم المشهود يخاف من الحكومة .
    بينما بقي بنك (باركليز) بواجهاته الاستعمارية الضخمة شاهدا على شبق القوم . بعد أن حولوا اسمه إلى بنك (الوحدة) ، كجمجمة بغير قناع . لا يذكره الناس إلا حينما ترفرف عليه أعلام الزينة ، وأضواء النيون في مساء كل يوم يوافق 3/3/ من كل عام . كما صدر بذلك مرسوم من مجلس قيادة الثورة أعلن أن هذا اليوم هو عيد
    (ال و ح د ة )


    ـــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ
    شاعر وكاتب سوداني مقيم بالسعودية
    [email protected]
                  

10-01-2007, 01:09 PM

خالد الطيب أحمد

تاريخ التسجيل: 03-13-2007
مجموع المشاركات: 0

للتواصل معنا

FaceBook
تويتر Twitter
YouTube

20 عاما من العطاء و الصمود
مكتبة سودانيزاونلاين
Re: طريقة التصويت للشاعر السوداني محمد جميل في قناة المستقلة (Re: خالد الطيب أحمد)

    الفصل الثالث من رواية : بر العجم بقلم محمد جميل أحمد




    (3)

    من منا لايعرف طعم الشجن . حين تـتسرب الى أشواقه أصداء من لحن شفيف ، كأن الصدى سحاب من الروح ، أو مزامير من الوعد تحدو الرحيل . أحيانا تستخف مقاطع الشجن حنينا تجيش به اغوار غامضة . ربما كان هذا بعض ما يصرع النفس حين تستمع الى ذلك النأى البدوي وهو يستعيد في لحظات مسروقة لحن (النول) ،الذي ضربت أصداؤه صحارى البجا في عروق التاريخ . فهو سفير الحزن وونديم الشجن ، ونشيد العاشقين ، كلما رنّت انغامه في الليالي . كان هذا الوتر رياح السحر التي تنفث رسيسها في عروقهم النائمة . كان (النول) كما تقول الحكايا: عزاء امرأة في الصحراء لوليدها القابع في ضمير الوحشة: (النول ... نول ... نول) .
    كلمات تجسمت للوليد كالُـلعَبْ ، فسكن لها صراخ الطفل كهمس الهزيع .
    صدح اللحن في مسمع الصحارى وسكنت اصداؤه في القرون. كان الناس لايعرفون حكاية اللحن الا نغما في الزمان أو نديما في الوحشة التي أكلت ايامهم القاسية . فهو كطلوع الشمس، وشحوب المساء، وصفير الريح في البراري الموحشة ورمالها التي سرقت الوان الذهب فصدئت فيها عروق المياه. غريب هو هذا اللحن الذي يستوقد أعماق الحزن كغناوي الزمان . ربما كان بقية من أزمنة الموتى ، أوصدى من طقوس (جزيرة الفيل) ومواسم الغناء بين يدي (علي بابا) . حين تستمع اليه يسكن كل مابك كهدأة الوليد، وتستكن أشواق الجسد ليبدأ صليل الروح في غير هدأة .
    كانت الصحراء مسرحا للشجن حين يسري اللحن بين يدي النأى ، وينسرب في الهواء كغمامات الرعشة ، من راع بين خرافه أوصبية في الخباء غنت أشواقها في خلوه .
    هكذا سمعنا اللحن يوم تفتحت أشواقنا على دندنات أهل حينّا العتيق . كانوا يسمرون على اللحن طربا معادا، وغناءً مجددا. ربما لا تسعفني خيانات الذاكرة في عدد المرات التي سكنني فيها اللحن ، إلا أن ما أعرفه جيدا هو لطمات أبي وقرصات أمي ،أحيانا ، عندما انسلخ من بيتنا في الدروب المعتمة، لشراء الفول والرغيف الحار، فيخطفني اللحن منبعثا ًمن فناء في زقاق ، ويلزمني هناك كعاهة مزمنة ، حتى يبرد الفول ويعرق الرغيف. ليندلق الضرب الساخن في وجهي وظهري ورجليَّ ، جزاء طرب وعناء أشبه بعناء الابل الضارب في هجير الصحراء . كم كنت أحس مساحات الشجن ومرارت الرحيل في الرمضاء . حين تعشق النفس حداء تصدأ فيه الوحشة ويستفيق الجمال وترا يمنح الحنايا طربا يغسل الروح.
    مثل عمي الذي كان يركب الدروب الموحشة بين الأحياء البعيدة نشيدا من ذات اللحن ، عابرا ألسنة الأسفلت المدلوقة كمداد أسود ، وقضبان الحديد التي تلوّت كأفاع في سباق . دون أن يعبأ بالقطار وصفير العربات الهاربة . كان عمي الذي عشق اللحن مدرجة ً في الطريق ، يسمع صرخات المارة في أخرات اذنيه صدى بعيدا طعن صفاء اللحن في اللحظة التي ارتج فيها رأسه بعربة القطار .. شحت صيحات السابلة في صهيل العجلات الملجومة ، بعدما أسكت القدر أصداء الأناشيد في جسد سكن بعد صمتها .
    كان عمي ، رحمه الله ، يعشق الشعر مساء ً . وربما سهر على أنغام وتر (النول) حتى يوقظ الشمس في الظلال النائمة . كانت الأوتار في حياتنا مقامات تمنح مرارات الحزن شجى يسكن السامعين في تكايا العزاء ، وصدى توارثه أهلنا من ماض رميم . كانت أوتار الحرب ، والموت ، والعشق ألحانا سفحت أشواقنا في الصحراء , فهم يرقصون الأفراس على انغام الربابة استعدادا للحرب ، ويفتح العاشقون قلوب ذوات الخباء في ليالي السمر التي تسطع الحانها خلسة لتضيء القلوب . لم يكن عزف ألألحان مشاعا الا في مناسبات ا نادرة كالموت والحرب، والنصر ، وبعض الأوتار التي يرطن سرها في عزيف موحش ، يهيج الذكرى، ويغلي بالنفوس حتى تتوهج أصداء اللحن المشحون بالموت ، والحب ، والجنون على ضربات القلوب . قالوا قديما: أن في تلك الأوتار انفاس مجنونة تسري على يد العازفين . فهي روح من الحزن ، ولهيب من الحب ، ولعنة من الشر، وأناشيد للفرح تدخل في العروق . لذلك لم تكن تنوح أوتار الأسى الا في مساءات الحزن وسواد العزاء. حين يموت شيوخنا.
    كان (دمباى) ، كما قيل، يمتنع عن عزف الربابة في العزاء ، رغم جوقة المعزين ، ولايعزف الا مضطرا في أوقات نادرة . كان كلما عزف ربابة الحزن يسكن السامعون كبقاياالنار ويسرق الدموعَ نشيج ٌ تغرق فيه الأصداء لترحل الى مدن الموت وذاكرة الحرب ، ومصارع الفرسان التي كللتها الحجارة البيضاء .
    كانت أوتار الحزن في كف ( دمباى) تستوحي زحول القبائل وتنسخ حكايات الموت في السامعين رجعا ًمعادا، تداعت فيه ألوان الصدى على مصارع الفرسان الذين سلخت الحرب أشباحهم وأبقت ذكراهم في نشيد الحياة ، لتعيدها الأوتار خيالا يبرق في تاريخ السيوف ، وحكايا المروءة ، ودندنات العذارى . كانت الحان الموت في يد دمباى بعوث حياة في الابد ومناحة في الوجود .
    هكذا كان موت (حمد نور ود جميل) الذي قتل قاتله !!؟
    كانوا يعتقدون ذلك من علامات السعادة . كيف يقتل القتيل قاتله ؟!! هل للموت رجعة في الحياة ؟ أم للُمنى جنود تطفىء الزحول ؟! . قـَتـَل (حمد نور جميل) قاتله بين مصدق ومكذب. فهو لم يكن يبالي بوقع الموت في حوافر الخيل ،عندما تخرق الرماح إهابه كغربال في وجه الشمس . لم يكن يحفل بالحياة الا في غارة أو حين يفقد رفاقه في الحرب .
    غير أن معركة ( شنقيرة) التي شهدت وقائع موته وأخذه لثأره من قاتله ، كانت أغرب ماشُغل الرواة بذكره وأسكن ألحان الموت في ربابة الحزن .
    لم يكللوا قبره بحجارة بيضاء، ولم يتركوه عاريا . فهم حين يطلبون الثأر يتركون قبر القتيل عاريا حتى يطفئوه بالدم ، ثم يكللوه بحجارة بيضاء كرايات للثأر .
    كانوا يتركون القبور عارية ً أعواما في الصحراء حتى تعود الحياة اليها بالثأر ، ولو بعد حين .
    أما وقائع موت (حمد نور جميل) في ( شنقيرة) فقد خرقت ناموس الدماء . ُ
    قـُـتـل (حمدنور جميل) ذلك الصباح واقفا ً كأبطال الأولمب ، متكئا على رماح الغدر وطعنات الأبطال .
    بيد أن دائرة في صدره ، بدت كحلقة فارغة بقطر رمح ، كانت هي الدليل الوحيد ، كوشاح في أسفل النحر، على ثأره. قال الرواة : كانت تلك الثغرة في صدره صدى للرمح الذي نزعه وقذف به ليستقر في نحر قاتله. لذلك ظن شاعر القبيلة المجنون ، أن ذلك من علامات السعادة التي تخلد الأبطال ..
    كانت أوتار الربابة التي نهلت من كف ضاربها ألحان الحرب والموت ، ذلك الصباح ، تستحـِّر ضربات ٍ محمومة ، وعزفاعنيفا، شدَه فيها عازف الموت نـَـفـَـس ٌ من أنفاس الجن سرى في تلك الألحان . ربما كان ذلك اللحن يستحر في على أيدي قلة ممن يعزفون ذلك الشجن في نفوس السامعين . منهم ( دمباى)، الذي كان آخر عازفي لحن الموت في حينا . لذلك بدأت عذابات دمباى مع ذلك اللحن .
    كان يطوي السر في صدره ، ويعرف أن ذلك الوتر هو آخر ألحان الموت التي ذهبت في طوايا القرون ، بعدما ذرفت الصحراء قبيلتنا على أرباض المدن وأحياء برعوت .
    منذ عقود كان أهل حينا يحسون السحر في كف دمباى حين تبدوفي وجهه هيئة غريبة !!؟
    كان يراهم( دون أن نراهم) يتحلقون وسط المجلس ، ويرقصون كالأشباح بين يديه ، ويرى شخوصهم التي يركب بعضها بعضا حتى سقف المجلس ، في ذروة العزف ، لتخور كفه بعد ذلك ضربات واهنة.
    أدركنا حينها أن دمباى في عالم آخر لايعرفه الا هو ، عندما يأتي الى بيته ، في الأوقات النادرة التي ينزف فيها عزفا، ليحصد الأسى .
    كان ذلك عندما عزف اللحن أول مرة ، حين رأى ، بعد العزف، طفله الصغير يموت بين يدي أمه . ثم عزف مرة اخرى شعر فيها شؤما سكن حياته . كان دمباى يعرف أن ذلك اللحن ينهل من دمائه . وربما أحس بعد العزف بمرض ينزح به الى الموت . كان ذلك بداية الخروج للصحراء التي تندلق رمالها عند منقطع العمران بعد حينا . كانوا يضربون خيامهم ليالي معدودة حين يموت كبار القبيلة ، نزولا على رغبة دمباى الذي يستريح في مضاربها عندما يعزف ذلك الوتر الحزين . ربما كانت رغبة دمباى في الصحراء تخفيفا لوطأة الفجيعة التي تتلبسه عندما يعزف في الحي . وربما كان شرطا من الجن. كانت الصحراء مرتعا للألحان التي تسري في رمالها الصافية كصدى النسيم حين يتنفس في أطواء الليل ، وينبعث في مجاري السَحر رسيسا يمنح الأجساد روحا جديدة
    لذلك أحسسنا ما خبأه القدر لدمباى يوم التكية...!!؟؟
    لاينسى أهل حينا ذلك اليوم الذي سجلوا به تاريخهم بالموت، والميلاد ، والمصائب وكل الأحداث التي أتت من بعده .
    كانت الطرقات التي أوشكت أن تخلع الباب عن كوخ دمباى ، زلزلته مرعوبا في ذلك الهزيع . شعر بالاصوات المتصادية بين النوم واليقظة ، كجمجات غامضة . بدا يتبين صيحاتها بعد أن دلف وعيه الى رأسه في لحظة . فيما طرقات الباب تزداد هلعا ً. فتح دمباى مسرعا بعدما أيقن الخبر في عيون الطارقين...... : مات ( كنتيباى) .
    قرأ ذلك في الوجوه التي صدأها الحزن وغـّور فيها .
    خرجنا للدفن جماعات . كان بعضنا يرتج من الحزن . وآخرون جمجم الأسى في عيونهم دون أن تسفح دمعا . وحين عدنا الى التكية، في طرف الحي، هرب منها المجانين والدراويش يجرجرون الأغطية في ذلك الصباح البارد . كانت نظراتهم خارج الحزن الذي لف سماءنا ذلك الصباح . شعر دمباى أن ذلك اليوم هو يوم الحزن الأكبر في حياته ، وهو يعرف أن هذا اليوم يومه الموعود الذي له مابعده . كان الناس في انتظاره بفناء التكية، استعدادا لمراسم العزف التي صدأت منها آذانهم . لتبكي ربابة الموت على كنتيباي.
    كانت لـ(كنتيباي)
    ، في هيكله الضخم ، وسواده العظيم ، مهابة يعجز عنها النظر . عينان واسعتان غائرتان ظللتهما حواجب مقرونة كثيفة ، تبدو إحداهما ، للخائف ، أصغر من الأخرى . خصوصا عندما يغضب ، فتشتد الأولى انطفاء ً، بينما تشتعل الأخرى لهيبا . كان لايغضب الا نادرا ، وربما حمل كرسّيا في لحظة غاضبة لينتبه فيما بعد ان الذي يتحطم في يديه ليس عصاه ، فيبرطم فيما يشبه الحسرة ( وش).
    كان آخر شيوخ البادية الكبار في حينا. حين يمشي نحس في مشيته تلك العظمة التي تدخل في عروقنا ، وكثيرا مالبس أناقة بيضاء ليصّفي سواده الجميل . كانت حياته ، التي يبدأ بياضها في مجلسه العامر، لا تنتهي الا في ليل الحكايات التي تفضح الظلم في مباءات الشرطة .
    كان غريبا في مروءته التي لا تعرف حدا . ذات يوم دخل مجلسه هندي شكا لعنة الغربة ، بعد ان لفظته القبائل وخنست له عن ضمير المروءة . رطن الهندي أمامه بنظرات خائفة ، راجيا معروفا بذمتّه ، فما كان الا ان كفله في ذمته حتى يقضي ما عليه .
    أليس عجيبا أن يشتعل الغضب في جوهر الحكمة وتصفيّ نيرانه طوايا النفس لتنضح بالغيب ؟!
    كان رحمه الله شارعا للعدل في دروب الظالمين . نافذ البصيرة في مآلات الظن الحسن .
    حين دخل عليه عمي وخالي ليحكم خلافا بينهما علىّ ، أمرهما بالجلوس ثم ، بعد ذلك بساعات ، أوعز لخالي بالرحيل، وحين مشيت وراءه كان ذلك قضاءً سبقت به فطرته لتسفر عن حكمه صامته .
    كانت وصيته على فراش الموت : أن يدفن في الضريح عند سيف البحر ، وأن يقام عزاؤه في التكية ، خلافا لسرادق الحكومة التي تضرب للوجهاء ، وأوصى ان يعزف عليه لحن الموت من كف دمباى الساحرة .
    ضاقت بنا تكية العزاء في ذلك اليوم ، بينما خرجت النساء يدلقن عليهن الحزن بمكاييل التراب . تعالى البكاء في الجموع وشاهدنا يومها سنابك الخيل تحجل برؤوس القبائل ، والصوفية لبسوا راياتهم الخضراء ينشدون الواحد المتجلي) . كان يومها حزن الناس كألوان القزح. شاهدنا دموع الكبار ، والشيوخ ، والمساكين . ودموع التماسيح الباردة . بدا الحصير الممدود من فناء التكية الى طرف الصحراء مهادا طمس ألوانها الباهتة مسيل الحفاة .
    كانت مجالس العزاء طبقات لونـت رسومها معالم فيها شارات النعمة ، وسترة الحال ، ورثاثة البؤس . بيد أن فقراء حينا ضاعوا في زحمة الحزن الذي انطقهم بلوعة غريبة . صرخ سعيد شيخ التكيّة
    ــ ( بيننا وبينهم الجنائز) مسددا ً نظراته الى الرؤوس التي صبت لعنات في سرها على هذا اليوم الذي حشرها مع الحوَش وعّرى عظمتها الزائفة
    ــ (الله يلعنك يادرويش)
    فجّرها مأمور المركزفي نفسه بحرقة ليفسح الضيق الذي ضغط صدره . كان يحس حرجا، في سره ، بين رجال الأدارة الاهلية ، ورؤوس الحكومة في أيام سوداء كهذه . شعر كمن يوشك ان يخرج عن إهابه ، كعجلة من اطار ، حين رأى الجموع الصاخبة تسفح حبها العاري .
    فجأة سكن الصدى وهمست ألحان الموت بين يدي (دمباى) طربا حزينا كدمعة في رماد . دخلنا جميعا في مدافن الغيب وضمير الوحشة . كان الحزن عاريا كنحيب الثكالى . شعرنا باليتم الذي كبر على ضربات الاوتار ونشيج القلوب . كان دمباى يتـلـّون في إهابه كالشفق . صرخ اللحن بضربات محمومة شعرنا حينها بدمباى خفيفا كالريشة ، كلما خفقت أنامله بالشجن .
    فجأة سكن اللحن فينا، حين تيبست كف دمباى بأوتار الربابة . كان ذلك آخر ما أخرجنا من هول الحزن الى هدأة الموت في وجه ( دمباى) الذي بهت مع اللحن .
    لم نكن ندري أن دمباى يعزف أنفاسه الأخيرة في لحن الموت حتى تسربت روحه نغما ً فاض دون أن نشعر به .
    رحل دمباى مع الربابــــــــة بسّرنا الأخـــير ملفوفا ً بجـــوار
    ( كنتيباي) في سيف البحر.
    فلم يبق لنا من حنين الصحراء إلا لحن النول الذي سرى في عروق الجبال ، ودندنلت الريح في (مامان) و(العقيق) ، وحرك أشواقنا لطينتها الأولى في مضارب الرمل وخباء الأساطير . كان لحن النول يجري في أنفاسنا بخيال (تاجوج) وغناء (المحلـَّق) ، وأراجيح الدلاء في ( ريرة) وعذابات (الفـَـلـَج) في مصهر النار ...
    يومها كنا ننسرب في الأوتار ونسكن تحت الأقمار في صفاء الليالي، لنستعذب نقاء اللحن في رنتّه الأولى .
    وحين دخلنا الى برعوت صدئ اللحن شرخا انبعث من (أوركسترا) الأذاعة كسراج أطفأه التاريخ ...
                  

10-01-2007, 01:11 PM

خالد الطيب أحمد

تاريخ التسجيل: 03-13-2007
مجموع المشاركات: 0

للتواصل معنا

FaceBook
تويتر Twitter
YouTube

20 عاما من العطاء و الصمود
مكتبة سودانيزاونلاين
Re: طريقة التصويت للشاعر السوداني محمد جميل في قناة المستقلة (Re: خالد الطيب أحمد)

    الفصل الرابع

    سنكات... سنكات .. حوليه.. حوليه.. ساخت هتافات السماسرة في زحمة الألوان. كانت أقنعة النساء تدهن أجسادهن بالفـُوَط السادة ذات الأصباغ اليتيمة، لون زينب، والدم ، والأصفر المجنون، والأخضر، رفت علي الأجساد المكتومة كفراشات ملونة حلت في سماء اللواري السفرية وباحة سوق ديم سواكن .
    صدح الفجر مهرجاناً ضجت فيه الألوان والأناشيد. لبست حافلات الشحن الرايات الخضراء، وخفقت تحت الشمس بفسيفساء معدنية أضاءت واجهاتها كإعلانات كتبت عليها عناوين الرحيل : بورسودان، سنكات، طوكر، وبالعكس . فما بين الضوء المنسرب من العتمة إلى غفلة الديوك في الضحى تنحسر الضجة في حركة السوق مع آخر اللواري المنسحبة من أطرافه، وسط الزفة الواهنة ودعوات العاجزين الذين حبسهم العذر عن ضريح السيدة ، فنشطوا للوداع منذ الصباح بعد أن حفظوا ودائع الدراويش في تكية (الختمية) لقاء الدعوات وهدايا الرمل من فناء الضريح ..
    كانوا يقولون أن يوم الرحيل إلى الحولية هو يوم الزحمة والرحمة والحركة والبركة.غير أن الزحمة في ذلك الصباح فجعت آذان العمايا بهسيس المريدين من جهات المدينة الأربع . كان انشداد الجموع إلى باحة السوق ، بهيئاتهم المميزة وشاراتهم المعروفة ، أول من خيب ظن العاجزين في البحث عن أمان مطمئن علي ظهر اللواري ، وهو ما حذرهم منه الدراويش الذين تحزموا للموسم بزنانيرهم الصدئة ، وازدحموا تحت البيارق الخضراء داخل التكية وخارجها منشدين من الحين والآخر:

    (شيء لله يا حسن
    / يا سلطان الزمن) .

    كان يوم الحولية عيداً للطوائف تجملت فيه القبائل وجاشت الأعلام علي رؤوس الرعايا.
    تحمّل (النوراب) يومها أزياء الفرقة التي خنقت أجسادهم المنفلتة. كانت القمصان الضيقة ، والأحزمة التي بعجت بطونهم، وأربطة جزم (الباتا) المجبصة
    بأقدام أنفت أصابعها ذل الضيق ،أعظم عدو خنق أنفاسهم منذ الفجر ، في انتظار العُـمَد والشيوخ ، بحيث لم تكف عنهم أنـّات الحنق إلا الأنغام التي كانت تنبعث من مزامير الخوص وصفافير قصب السكر علي حركات الأصابع القلقة. بينما كانت أناشيد بني عامر و الحباب ترطن ألحانها المرقـّــقة في وسط السوق ، فرحين بما سطع في صدورهم الزرقاء من شارات (الختمية) . ومن خلفهم هدرت (نوبات) التكارين وطبول الفلاتة بدويّ يخرق أسماع الحاضرين ، كلما وزع (عيسي فنكاسو) الإشارات التي يضبط إيقاعها علي حركة عينيه نصف المغمضتين ورأسه المتمايل. كان الحفل تبريكا ينشط فيه المريدون مع الدراويش قبل الركوب علي لواري الشحن المتجهة إلى سنكات . حيث تـنغرس شموع الحولية من كل عام علي ضريح (ستي مريم) الممدد بين شجر الأراك في دائرة المراغنة.
    في تلك الجموع المشتعلة بالبشارة أجهش أبو البشر (آدم أرباب) بنصفه الحي علي شطره الميت.
    كان يحرق دموعه في الغبار الذي تصاعد من هرج القوم ملتفا حول نفسه بالحسرة :
    .... آه يا آدم يهدر فيك الحنين وتكذبك الأيام.. ها هي النفوس تـفيض في الزحام بعدما فاض شراب الوصل ... أكلتك السنون في العشق ، فانقطع المراد....
    رب موصول مقطوع... وأنيس مستوحد... درج السالكون في الحضرة.. وأنت هنا..

    ( يا رب أنت وصلتهم وقطعتني) .

    كانت أعناق الخيل تحجل بالأجراس في الدائرة المشتعلة لتنتشل (أبا البشر) من فيوضه مثخناً بالنواح .....
    أبصر آدم حقيقته: جسد مغمورٌ في الدنيا منخسف في الأيام ، رهنته الدروب في تكية الختمية بساحل برعوت، بعدما رهنت الرمال ثلاثة من إخوانه تحت رياح الهبباي في موسم (العيتبيت) . دفنهم جميعا ً وأدلج في ظلام العيتبيت .
    كانت عتمة الرمل تـنسخ الدجي في نهاره المنطفئ بين
    (دولبياي) و (أوسوك) . سلخ ليالي البرد في سفر الرؤيا، دون أن يبالي بحرب الرمال في بطن الصحراء. قالوا له يومها في طوكر: أن لواري (كباشي عيسي) حبستها (العيتبيت) في الكَسْرة ... حلفوا له بأغلظ الأيمان : أن الخروج إلى الحولية في العيتبيت موت مذكور.
    كان الناس في موسم (الهبباي) بـ(طوكر) يطفئون حياتهم في البيوت ، ويطبخون الرمل في طعامهم وشرابهم شهورا ً، بين هوام الموسم الزراعي التي تندلق مع بنات البيوت والأفاعي والعقارب لتستوطن الأحذية والمشربيات المفروشة بالرمل .
    كانت غضبة الهبباي خبيئة الحياة عند أهالي طوكر. حين تتـفشي حُمّى الغضب الترابية عن بقايا سيتيت المتقطعة في الدلتا ، فيحتفل الناس بانقشاع الرياح ، في نفس اليوم الذي يستقبل فيه الدراويش (علي كباش) قادما من (برالعجم) بالصفير والزعيق في ساحة الموقف... عيك عيك عيك
    علي كباش، طائر الخوف المهاجر يستقبلهم بأسنان معكورة تنحسر عنها شفتاه بشوق غريب.
    كان علي كباش حين يدخل في أناقته البيضاء يوسوس سبعين مرة وهو يفرد (الدبلان) المشطوف بالنشا: الشروال مكوة سيف، القميص مكوة سيف، الثوب مكوة سيف، حتي مركوبه أبو كرفته المخصوف من جلد الأصلة يتحسس اختياره لموسم واحد مدشنا بذلك آخـــر
    ( سكناب) الموضة في كوم السكر.
    كان (علي كباش) من تماثيل طوكر الناصعة التي تختفي في موسم التراب خوفا من أفاعي الصيف وعقارب الموسم ، مهاجرا ً إلى (برعوت) في ناحيـــة (بر العجم) ، ليعود مرة أخري حين تغادر الرياح .
    نزل علي كباش وسط الزفة يتقافز علي الرمال بعيون حذرة حتى وصل إلى صف ستة . كان لا يبدأ بالدخول إلى بيته إلا بعد أن يأمرهم بالهجوم علي تركة الخوف : الأحذية أبو كرفته وجزم الباتا ، وأبو شدة ، ثم يرسل عليهم، بأسنانه الطالعة، دعوات أبي البشر، نزيل برعوت ، بالموسم الوفير ويبارك للدراويش أسلابه بالرضا والقبول.
    عرف أهل طوكر ذكري أبي البشر(آدم أرباب) حكايا متجددة في موسم الهبباي من كل عام.
    ... يوم أن خرج آدم في العيتبيت قاصدا ضريح (ستي مريم) بسنكات .... طلعوا معه في العاصفة، كانوا يعرفون نيته حين ينشد من شدة الجذب :

    (يارب أنت وصلتهم وقطعتني فبحقهم يا رب حل قيادي)
    هدر صوته في (كوم السكر) ليفزع السحر في عيون المزارع الهاجعة. في تلك الساعات التي يصرخ فيها اللبانة علي السكك بين غشاء الفجر المتسلل من عتبة النهار يغفو نشيده غفوة تقطعها حوافر الحمير المعبأة بخروج (التبش) وخراطي (العجّور) ، ليفك الفجر عيونا صدئة بلون الرمل ومكاحل التراب.
    أشرقت الأناشيد في الناس بين الزوايا المنتشرة من خلاوي الحسناب إلى جامع سيدي مدني ، بدا الصباح هسيساً أفعمه الصدي ، وشكت الوجوه هواءها المترب في التعاويذ الراطنة.
    كانت ثورة الغبار تستريح في الوجوه عند موعدها المضروب مع أهل البلاء ، ممن هجرت صدورهم العافية وأزهر فيها المرض. أتوا جميعا من الضواحي : (عدوبنة) و (عقيتاي) و (هوشيري) منسحبين من أعالي الدلتا علي دروب العَـوَذ وسراب الصحراء. حتي الحمير لبست في ذلك الموسم الجوارب المبللة لتستعين بها علي الحر في وادي الحصحاص الذي يفضي إلى طوكر من طرف الصحراء .
    ــ .... (مسكين علي كباش.. الناس تقول يا جامع عشان تلحق البركة في العيتبيت ، وهو خايف منها في برعوت)؟ رطن آدم ساخرا من علي كباش..هو أيضا كان يمـنـّي نفسه بالخروج إلى (ستي مريم) لكن الروح بصيرة والقدم قصيرة..
    (يارب أنت وصلتهم وقطعتـني) . حفظ أبو البشر بيت الحرمان من شعر (سيدي البرعي اليماني) كما سمعه من شيخة (أبي الرايات) . كان يردده كلما تخنـّق في الجذب ، وتذكر مسير شيخه أبي الرايات من طوكر إلى كسلا لزيارة ضريح (الحسن صاحب التاكا).
    يومها نفـد أبو الرايات من (خور الكراي) و (الشفتة) بسر ٍ زاد يقينه ، عندما تحسس أطرافه سالمة تحت جبل الختمية.عندها قرر العودة بيقين الوصول سالما. كسر سيفه، ودفن دروعه بعد أن وهب حماره (للدائرة) واضعا اصبعيه علي أذنيه لمقاومة نهيقه النازف ..
    نذر أبو الرايات وحقق نذره ، يوم أن دخل طوكر حافيا في جبة صدئه ، وإهاب متشقق تنضح أنواره باليقين. شهدنا في عينيه ، يومها ، أشواقا مترعة وغيوما محبوسة.
    جاء (أبو الرايات) سالماً من سفر العناد، مشفوعاً بالحظو ة ... ضربوا له (الدلاليك) في (تنكوك) ، و نثروا عليه (عيش الريف) وغبار الذرة تحت سماء الزغاريد، وبعد أن نفد شراب القوم ، ولغت السيوف في الذبائح ......
    نفر الناس إلى وادي الحصحاص لشهود اليقين الذي خرق زمانهم . فرك (آدم أرباب عينيه) مستغرقا في مسافة الجسد العائد من شفير العدم.
    كان الشاخص أمامه أشبه بالرؤيا في صدر الليل:
    (أبو الرايات) بذاته كما هو... لم يذهب شعره من الهول ، أو تقع اسنانه، أو يلتوي فمه.غاص في كيانه المشرق بسفر العذاب متأملا .
    لم يجد أثرا منطفئا في ... أبو الرايات الذي تدّرع بنشيد المجذوب في عراء الوحشة ، ساربا في الفناء من دون أن يعتلق الدنيا، صبّ الشوق في صدره مسيلا غرقت فيه الأشياء والهواجس كالأصداء الواهنة.
    كانت زورة التاكا مصير في الغياب ، بين سكك المتاهة ومنافذ العدم . عددنا ، يومها ، هلاكه في شراك الريح وأفواه الحـُفــَر في (إيربا) وخيام الجن في (مامان) ، قبل أن يظهر في خور الكراي عند مشارف التاكا.
    يوم دخل أبو الرايات وادي الحصحاص عائدا إلى (طوكر) رجم القوم الغيبَ ودرجوا في التأويل.
    كان الحق سرابا ً يلعب في الصدور. فما بين الطالع من وادي الحصحاص عبورا بالدروب المتولجة إلى التاكا، في المتاهة بينهما ، تستفيق الحكايا عن سيرة العدم . طالما ودع فيها أهالي طوكر المجاذيب ورجعوا عنهم يقينا ً بالهلاك وفجيعته الناصعة.
    لذلك ظنوا أبا الرايات ، حين ظهر في وادي الحصحاص قرينا من الجن خطف إهابه وصورته.
    لكن آدم المذهول ، عندما رأي اللحم المعروق ينبض في قوائم الدرويش ... صرخ عاليا ً :
    ـ (انكشف الغطا يا ناس بعد سيدي ابي الرايات) .
    علم (أبو البشر) أن الجن حين يظهر في الإنس ينتعل الحافر. وذلك عنده يقين تصدق به الرؤيا. فرمح من مقامه عدواً إلى أبي الرايات...و همس في أذنيه :
    ــ سرك يا مولاي أبو الرايات ؟
    ــ السر من سيدي المجذوب. يوم طلع في تساب 46من (الدامر) .. يكورك :
    ( يا مدمدم سيب النوم
    / قبــــل ما تنــدم )
    الدنيا طشاش والناس نايمة ، ومن يوم داك نوى الهجرة لسيدي الحسن ، وقال نشيدو لمـن وصل......
    انكشف المجذوب عارياً في الضفاف تحت الكلمات التي نزلت علي لسانه بين الوعي والغياب.
    كان العطبراوي يشتعل سيفا في الصحراء حين سمعت مياهه الأناشيد :

    (جل ربي وجوده مظهر الكون
    وأسرار غيــبه في الكمال) .

    دندن الصدي في حواف الصحراء ، وطارت الاناشيد في الغيوم التي عصبت رأسها بالمطر.. فاتسع الغناء بين الجبال:

    (الجلاميدُ منـه ،إن غوّر، النجمُ
    قبــيلٌ مـُـعــَرِّسٌ فــي ِحلال)

    حتي حمار المجذوب أنس من الخوف ، بالكلمات الراطنة عندما جاز الخور مستمعا :

    (لا تخاف (الكراي) ترقد في الخيران
    أو ترهب انقضاض الصلال)

    حينها برق الوعد في قلب أبي البشر، بالبشارة من أبي الرايات لدخول الضريح ؛ فهو الآن اشد يقينا ًمن حمار المجذوب.
                  

10-01-2007, 01:44 PM

خالد الطيب أحمد

تاريخ التسجيل: 03-13-2007
مجموع المشاركات: 0

للتواصل معنا

FaceBook
تويتر Twitter
YouTube

20 عاما من العطاء و الصمود
مكتبة سودانيزاونلاين
Re: طريقة التصويت للشاعر السوداني محمد جميل في قناة المستقلة (Re: خالد الطيب أحمد)
                  

10-01-2007, 01:50 PM

خالد الطيب أحمد

تاريخ التسجيل: 03-13-2007
مجموع المشاركات: 0

للتواصل معنا

FaceBook
تويتر Twitter
YouTube

20 عاما من العطاء و الصمود
مكتبة سودانيزاونلاين
Re: طريقة التصويت للشاعر السوداني محمد جميل في قناة المستقلة (Re: خالد الطيب أحمد)

    شكرا لموقع كسلا لإنفراده بنشر الرواية ..
                  

10-01-2007, 01:57 PM

خالد الطيب أحمد

تاريخ التسجيل: 03-13-2007
مجموع المشاركات: 0

للتواصل معنا

FaceBook
تويتر Twitter
YouTube

20 عاما من العطاء و الصمود
مكتبة سودانيزاونلاين
Re: طريقة التصويت للشاعر السوداني محمد جميل في قناة المستقلة (Re: خالد الطيب أحمد)

    فليكن البوست عاليا حتي يصوت أكبر عدد ممكن..
    وحتي موعد نهاية التصويت
    من أجل رفع إسم السودان عاليا في كل محفل..
                  

10-01-2007, 02:02 PM

خالد الطيب أحمد

تاريخ التسجيل: 03-13-2007
مجموع المشاركات: 0

للتواصل معنا

FaceBook
تويتر Twitter
YouTube

20 عاما من العطاء و الصمود
مكتبة سودانيزاونلاين
Re: طريقة التصويت للشاعر السوداني محمد جميل في قناة المستقلة (Re: خالد الطيب أحمد)

    ومن ضمن القصائد التي سيلقيهامحمد هي : قصيدة (دارة الأنس) وهي قصيدة كتبها عن مدينتناالمشتركة الحبيبة مدينة الثغر (بورتسودان) وسجل فيها تحية وإهداء لبورتسودان في مقدمة القصيدة... أتمنى أن تجدون فرصة لمتابعتها . والحلقة ستعاد طوال الأسبوع حوالي عشر مرات ، وفي أوقات مختلفة .
                  

10-01-2007, 02:12 PM

خالد الطيب أحمد

تاريخ التسجيل: 03-13-2007
مجموع المشاركات: 0

للتواصل معنا

FaceBook
تويتر Twitter
YouTube

20 عاما من العطاء و الصمود
مكتبة سودانيزاونلاين
Re: طريقة التصويت للشاعر السوداني محمد جميل في قناة المستقلة (Re: خالد الطيب أحمد)

    up
                  

10-01-2007, 02:18 PM

خالد الطيب أحمد

تاريخ التسجيل: 03-13-2007
مجموع المشاركات: 0

للتواصل معنا

FaceBook
تويتر Twitter
YouTube

20 عاما من العطاء و الصمود
مكتبة سودانيزاونلاين
Re: طريقة التصويت للشاعر السوداني محمد جميل في قناة المستقلة (Re: خالد الطيب أحمد)

                  

10-01-2007, 02:25 PM

خالد الطيب أحمد

تاريخ التسجيل: 03-13-2007
مجموع المشاركات: 0

للتواصل معنا

FaceBook
تويتر Twitter
YouTube

20 عاما من العطاء و الصمود
مكتبة سودانيزاونلاين
Re: طريقة التصويت للشاعر السوداني محمد جميل في قناة المستقلة (Re: خالد الطيب أحمد)

    عالم الجنوب *

    هناك في زرائب القرى .
    حيث تحبل الحياة ُ بالرّعُودْ
    حَشدُ صبية ٍ على مسافة ِ الخرابْ
    تـدورُ في عيونهم أسئلة ُ العذاب .
    هناك حيث دهشة ُ الحياة في ابتدائها
    مدائن تمردت على الزمان .
    كل دارة ٍ على شفيرها عويلْ
    والعطش الليليّ في الرَوايا
    والحزن في التكايا .
    تقوضت على الخيام .
    آنياتُ الموت لم تزل أوانئ الحياة .
    لو أن في القرى بقية ٌ من السلال
    لو أن في الحقول زهرة ٌ
    وفي صحارى الشمس نبعة ٌ من الظِلالْ
    لو أن (..........) ... أ ُمنيات .
    بعضها يموت في الطريقْ
    والبعض ما يزال
    هناك في متاهة الجنوب ْ
    ملاءة ُ السواد رقـّـة ٌ تـُخَبئ ُ العذارى
    على الرصيف في انتظار من يؤوبْ
    وأعين ٌ معروقة ٌ تسّرح ُ الآفاقْ
    مهاجرَ الطيور في البحار .... شَهقة ُ المُنى ، أين يا طيور ؟
    معابر الدروب في الشمال ِ
    عن مسافل الجنوب ؟
    حيث رعشة الهوى على حقول الموت تقتل الحياة
    وتفرش النجوم في دروبها الحَسَكْ
    مَن مرّ من طريقها هلكْ
    أواه كم نأت حدائقُ الشمال في الطريقْ
    والصّدفُ الليليّ
    يشع ُ في أسوارها
    يشع كالبريقْ

    ****
    هناك في متاهة الجَنوبْ
    هناك حيث حانة الحياة لعبة من الفخارْ
    فوضى من المكان كل حارة ٍ
    والناس في مضيق
    الحرب في الطريق
    والموت في الطريق
    ومأتم ٌ يفيض في مآتم الديارْ
    هناك حيث أغنيات الموت تفضح النهارْ
    وكلما تنفست حرائق القـُرى
    تفحمـّت زرائب ُ الديارْ
    ذ ُ بالة ً يحترقُ الضـِّعاف ُ في لهيبها
    كاللـّحم المشويّ في موائد الكبار ْ
    وحينما تنبجس الدروب
    عن خيمة السماء في القِفارْ
    عن امتهان القتل في ملاعب الصِغارْ
    عن الأسى ، والفقر ، والدمار ْ
    والسحر ، والطقوس ، والأوزار ْ

    * * *
    وحينما تـُـعلـّـق الحياة
    أقنعة ً كالثلج في المَصِيفْ
    تذوب قطرة ً فقطرهْ
    في عالم مُخيفْ
    كالليل تصرخ الذئاب في مداره ِ
    ويهرب الأطفالُ مِن ظلامه العنيفْ
    الموت للإنسان
    الموت للمهرج الجبانْ
    مَن يُقايض الحياة بالطغيانْ
    هناك في متاهة الجنوب
    ملاءة السواد رقـّـة ٌ تخبئ العذارى
    على الرصيف في انتظار من يؤوب
    محّملا ً بالحُبِ والثمارْ
    ومَن يتيه ساربا ً كالضوء
    في مدائن النهارْ
    ــــــــــــــــــــــــــــــ
    * عن صحيفة الحياة اللندنية 4/4/2001
                  

10-01-2007, 02:38 PM

خالد الطيب أحمد

تاريخ التسجيل: 03-13-2007
مجموع المشاركات: 0

للتواصل معنا

FaceBook
تويتر Twitter
YouTube

20 عاما من العطاء و الصمود
مكتبة سودانيزاونلاين
Re: طريقة التصويت للشاعر السوداني محمد جميل في قناة المستقلة (Re: خالد الطيب أحمد)

    الطرائد*

    شَجرُ الليل ِ نحنُ ، نطلعُ من عتـَبات الصدى.
    الغيومُ نساءٌ توشـّحْنَ بين الطرائد ، فرساننا يندبونَ
    على قـَمر ٍ خاسر ٍ ، والقبائلُ مغلولة ٌ،
    أولُ الدهر/آخره في الرمال .
    كان الصَّدى ما تقولُ به الريحُ ،
    كان المدى صَهوة ً للطـِّرادْ
    والبـِيدُ صّـفتْ سرائـرَنا ، لا تشُـكُّ الرؤى عالقا ً
    في الصحارى ، ولا تقدحُ الشمسُ أحدا قــَنا.
    نحن صيدُ المقادير، أسلافـُنا عَسَسٌ يرقبون القيامة َ
    بين السماء القريبة والوقت ، كـُنـّـا نرى صورة َ الأرض/
    مهجورة ً ، والتواريخُ تغفو على تاجـِها . والطيورُ الخفيفة ُ/
    فوق الردى شَهقة ٌ من جُـناح ٍ على سِدْرة ٍ
    فترى زُغبُها صيدَ قابيلَ : تلك الطرائدُ، تلك النساءُ
    اللواتي تدلينَ في حانة الروح ، تلك الغزالة ُ أختُ
    الورود التي أذبلتها البراري.
    حِجازية ٌ بنت (فاران)........ يا جبل الروح أين الدماءْ ؟
    وحولك حــدَّ الثرى (شهرزادْ) ؟
    بنت المناحة / واللـّهو... تنسى الطيالسُ
    في صدرها قـهوة َ الـّدمْ
    ينسى الطـِّرادُ الطـِّرادْ

    2 شَبَح

    ودّعتُ أحلامي ... فأيــنَ لقــائي
    أنا صْـيدُ أيـّامي ... وطعمُ فـــنائي
    أمسكتُ من روحي هــــباء ًعاثراً
    وحـَللتُ من ذاتي علــــى أسمـائــي
    ونزفتُ لـذ ّاتي بآخــــر دمــــــعةٍ
    سكنت عيون الليل في أشـلائــي
    قدَري على حَسَكِ الحياة منــاحــة ٌ
    تبكي على أطلالها أصدائي

    3 وطن

    هو الطينُ تعويذة ٌ مُزْمِنهْ
    المّدى صوْلـَة ٌ
    والردى أحصنه
    فاهرب من الطين هذا أوانك في المّحو
    لا يعرفُ الطينُ صورته
    والهياكلُ أ قنعة ٌ
    والغريبُ المُعــلـّق بيني وبينك
    أرجوحة ٌ مُحْزِنهْ
    ............................. ينبع البحر ــ 14 آذار 2003
    ـــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ
    * عن صحيفة الخرطوم 2003
                  

10-01-2007, 02:56 PM

خالد الطيب أحمد

تاريخ التسجيل: 03-13-2007
مجموع المشاركات: 0

للتواصل معنا

FaceBook
تويتر Twitter
YouTube

20 عاما من العطاء و الصمود
مكتبة سودانيزاونلاين
Re: طريقة التصويت للشاعر السوداني محمد جميل في قناة المستقلة (Re: خالد الطيب أحمد)

    حارس الكلام*

    يا ويح أيامي التي خفقتْ على
    صدر المسافات انتظارا
    تهدرُ هذه الفوضى بليل الوقتِ
    تـنسحب المرايا في فناء الضوء ِ
    ضيَّعني الصدى في جُوف هاويتي
    وعلـَّـقـني بقايا
    تروي دموع العاشقين مصارعَ
    الكلمات حين تفارق الأرواح شهوتها
    وتـنتحبُ الخطايا
    وأنا هنا
    جسدٌ يـَشُفُّ الليل ... يا عَلـَق الصدى
    أين المسافاتُ الخديعة ُ ، خِـفـّة ُ الأشياء
    تحملني ، وبابُ الريح ِ
    والظلماتُ تنفي زنبقات ِ الضوء عن بصري،
    تكذبني النوارس، مرة اخرى ،
    وتكتبني الحكايا
    وأنا هنا
    أرق ٌيشفُّ الملح في الكلمات منتحبا ً
    على صدر الملاحم : هذه الأيام شهوتنا
    تـّـزينُ بالكلام مناحة الشعراء
    والمعنى:
    أرنَّ مسامعَ (الكـِّندِيِّ) منفجرا ً
    وضيّعني شظايا
    أوّ اه أيتها النوارسُ في خيوط الأمسيات
    لغتي مجازُ العابرين مراكبَ الأيام
    تبقيني صدى ـ من بعد روحي ـ
    حين يبقى الصمت مملكتي وتنهزم المنايا
    يا ليلي المنزوفُ تعبرُني وتهرب كي
    تجبَّ طفولة الأشياء في صدري
    سرابا أسودا
    كالطيف تخذلني مع الصحراء
    منكشفا على
    لهب المرايا

    (2)

    تـَمرُ على بابي الريحُ مخمورة ً
    والدروب شوتني على نارها
    و فمي وهج ٌ
    كلما ضجّت النار أرسلني للبروقْ
    أنا ديدبانُ الشروق
    تعـتــِّـقـني صحوة الطين بيني
    وظل الرماد أسى أوحشته
    الأماسي
    أنا أرقُ الضوء
    حين تمر الظلال
    وتأتي العشـيِّاتُ مثقلة ً
    بالمآسي

    ـــــــــــــــــــــــــــــــــــــ ينبع البحر أيار/ مايو 2002
    * عن صحيفة الزمان اللندنية
                  

10-01-2007, 03:12 PM

خالد الطيب أحمد

تاريخ التسجيل: 03-13-2007
مجموع المشاركات: 0

للتواصل معنا

FaceBook
تويتر Twitter
YouTube

20 عاما من العطاء و الصمود
مكتبة سودانيزاونلاين
Re: طريقة التصويت للشاعر السوداني محمد جميل في قناة المستقلة (Re: خالد الطيب أحمد)

    نحن ظـّـلان في سراب الأماسي* ـ قصيدة عمودية


    والتقـــينا... فــباحت الأسرارُ
    أنا ضــوءٌ ، ومُقــلتاكِ المنارُ
    كلما رفَّ من جبــينك نــورٌ
    أورقَ العُشبُ واستفاق النهار ُ
    فاغمري الروحَ بالجمالِ وشِـفـّي
    أيُّ حُسن ٍ تـَحِـــدُه الأســوارُ
    فاض منّي الذي يكتــَّمه الشوقُ
    وللشـــوقِ ِ في هـواكِ انهــمارُ
    لهــفة الحُب ما تـَعيـــدُ الحكـايا
    في العشــــيّاتِ ، والهـــوى تِذكـَارُ
    نحن ظلانِ في سراب الأماسي
    حولنا في السّــــديمِ منها مـدارُ
    نـتعــــّرى بعشقـِنا كالـــــندامى ،
    ليس للصَّحــو في الغياب انتظارُ
    صَهــَـرتنا الطـِّـباع ُ حتى كـّـأنا
    شــفَّ للروح عن هوانـا إزار ُ
    في انعـــطافٍ مُـرَنـَّح ٍ لِـمـَــتاهٍ
    يسرقُ العُــمرَ ، والليالي قِــصارُ
    كلما شفَّ من ربيعك طَـــــلٌ
    غسلتــني بالنشـَّـــوة الأمــطارُ
    أنتِ معـــنى تـَشُـفـَّـه فــي فؤادي
    وشوشاتٌ تخـُطـَّـــها الأشعــارُ
    بين عينـيك أستبــيحُ المـــعاني
    ربَّ لـَحـظ ٍ ترَجــَّه الأســـرارُ
    أنـا إن عشـــتُ فالهوى أُ غـنيـاتٌ
    وصـــدى اللــيل حــولنا قـــيثـارُ
    واللـُّـحون العِذابُ رجع الأماني
    كرحــــيق ٍ تنــّــثـــه الأوتـارُ
    أقبلـــي فالمــساءُ طيفٌ طروبٌ ،
    والهــوى ، والســـقــاةُ ، والسـُّمــــارُ

    وانشريني بقــَّيـــة ً مــــن ربيــــع ٍ
    نـَفـَــسَ الروضَ ظِـلـُـهُ المِعــــْـطـارُ
    وامطري في يد يَّ عـِشقــا ً فأني
    طـــالما شـّـفـَني الهوى والمَــزارُ

    كنتُ أسقي الدموعَ من شجن ِ
    الليلِ و أبكـــي إذا تــــغـَّنى الكنـــــارُ
    ربَّ رجـع ٍ يـرّنُ في مَسْمَعْيــنا
    ومــدى البيـــــــن للسَّمــــاع قِـــفــارُ
    وسوى البـِيدِ عن ديارك ِ بــــيــدٌ
    وســوى البــحر ِ عن ثــراك بـِحـارُ
    * * *
    لستُ أدري أكان عمري شـُعاعا ً
    ضــاع َ في الليل ِ .. أم هواك ِالفـنارُ
    ـــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ
    * عن صحيفة الجزيرة السعودية
                  

10-01-2007, 03:39 PM

خالد الطيب أحمد

تاريخ التسجيل: 03-13-2007
مجموع المشاركات: 0

للتواصل معنا

FaceBook
تويتر Twitter
YouTube

20 عاما من العطاء و الصمود
مكتبة سودانيزاونلاين
Re: طريقة التصويت للشاعر السوداني محمد جميل في قناة المستقلة (Re: خالد الطيب أحمد)

    بلد من غبار شعر محمد جميل أحمد

    إلى صاحب : (العودة إلى سِنار)
    ـــــــــــــــــــــــــــــ

    كانطفاءِ المصابيح ِ في ليلةٍ
    ضلَّ عنها النهارْ
    تستريح ُ الهموم ُ على جسدٍ
    أطفأته الرياحْ
    غارقا ً في التــّجـلي
    كما الروح ِ حين يشـفُّ الحجابْ
    لم يكن جسدا ً كالتماثيل ِ
    أو هيكلا ً في بقايا إهابْ
    كان محضا ً من الروح .. طيفا ً سرى
    ومضة ً في سماء الغيوبْ
    لمحة ً من سراب ْ.
    لم يكن خيط َ فجرٍ تــّوهنَ
    في آخر ِ الليل
    أو غسقـا ً في الدروبْ
    كان شمسا ً .... نهارْ
    ورهاما ً تـنـّـزلَ في غابة ِ الروح ِ
    زخاتِ عشق ٍ ترش ُ على جسدِ
    الأرض ما تشتهيه الثمارْ
    المنى ، والهوى ، والصباباتُ ،... بعضٌ من العشق ِ
    أغنية ٌ للفصول
    والمدى هـيْـنـَمات ٌ تردد أصداءَها في الدجى
    حمحماتُ الخيولْ
    وعلى غبش الفجر تصغي لـ " سِنـّار "
    و(سنار) تصغي إليكْ
    لعل الصوى باقيات ٌ على سكة ِ العابرينْ
    إلى تاج سنار
    و" سنار" بوابة العاشقين.
    إلى بلد ٍ حافلا ً يلتـقيك بنزف
    الطبول
    والصدى أغنياتْ
    راقصات ٌ على هيكل " الـِّـزنـج " أو النأي
    مما تغنى " الرعاة "
    طالعا من ظلام الظنون ِ
    إلى زِينة ٍ في النهار

    ***

    هو الآن يا ابن " السمندل "
    بعدك بين الصُّوى
    بلد من غبار

    ينبع البحر 2001
    ــــــــــــــــــــــــــ
    * عن صحيفة الخرطوم 2001
                  

10-01-2007, 03:52 PM

خالد الطيب أحمد

تاريخ التسجيل: 03-13-2007
مجموع المشاركات: 0

للتواصل معنا

FaceBook
تويتر Twitter
YouTube

20 عاما من العطاء و الصمود
مكتبة سودانيزاونلاين
Re: طريقة التصويت للشاعر السوداني محمد جميل في قناة المستقلة (Re: خالد الطيب أحمد)

    لا تكن ـ إن شئت ـ شاعرا

    (الشعراء أقدامهم تلاقي الهاوية)
    هولدرلن
    ـــــــــــــــــــــــــــــ

    أعمار البهجة

    في الظلال الصغيرة
    ترى ما يشبه عابرا
    فيما الذي يعبرك إلى الفراغ
    لا يشد أسلاك الروح
    ثمة رحيق يتعـفـَّن في القوالب الخربة
    وأصداء لا تعود
    البدايات عصافير رخوة لكوابيس الوقت
    ... حين تجس الهباء تذوب أعمار البهجة

    صحوة الأشباح

    في الطريق إلى الموتى
    تسير وحيدا بين الذكريات
    في نهاية اللذات
    التي لا يعرف بدايتها أحد
    ولا يصبر على نهايتها أحد
    تعبرهم إلى عبورك
    باتجاه واحد .

    غروب هولدرلن

    عزيزي (هولدرلن)
    يا عشبة البراءة الضائعة
    غادرتَ أسراركَ بعين مفتوحة
    على غروب آخر
    حيث تنـفتح أسرارٌ لا يعرفها أحد
    فيما ظل القناع مرمرا
    في عقول العابرين


    عنفوان الرحمة

    في بياض المسَّرات
    غمرتني السماء
    بأعشاب نورانية
    أطفأتـها روحي
    في أرض سبخة !
    أيتها السماء
    ضيَّعتُ أسراري

    صلاة الغيوم

    في الأعالي
    رِهام ٌ1 يشع خيوطا من الماء
    ومرايا مصقولة بالسراب
    يا زهرة الغيوم
    أمطري شهوة الحواس
    ليخضَّر ملكوت الجسد
    ........... إلى حين

    نوَّاحة الأبد

    (رُبَّ يوم ٍ بكيت فيه فلــَّـما
    صرت في غيره بكيت عليه)

    نفسي النائحة
    سمعتُ هسيسَها القديم
    في توابيت الفراعنة
    وزهرة الآباد
    آه .... ليت روحي مرمر
    لا يثـقبه هذا النواح

    خان الزنج

    أمشي بـ(خان الزنج) منتبها إلى أصوات أسلافي
    كانوا يغنون بلسان
    ويصلون بلسان
    ويرقصون بجسد واحد
    ثم ينطفئون

    ........................ ينبع البحر 22ـ تموز/ يوليو 2007

    ــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ
    1ـ الرِّهام = المطر الخفيف
                  

10-01-2007, 04:00 PM

خالد الطيب أحمد

تاريخ التسجيل: 03-13-2007
مجموع المشاركات: 0

للتواصل معنا

FaceBook
تويتر Twitter
YouTube

20 عاما من العطاء و الصمود
مكتبة سودانيزاونلاين
Re: طريقة التصويت للشاعر السوداني محمد جميل في قناة المستقلة (Re: خالد الطيب أحمد)

    فوق حتي العودة مساء اليوم للمواصلة..
                  

10-01-2007, 05:26 PM

خالد الطيب أحمد

تاريخ التسجيل: 03-13-2007
مجموع المشاركات: 0

للتواصل معنا

FaceBook
تويتر Twitter
YouTube

20 عاما من العطاء و الصمود
مكتبة سودانيزاونلاين
Re: طريقة التصويت للشاعر السوداني محمد جميل في قناة المستقلة (Re: خالد الطيب أحمد)

    الجسد المهجور

    1

    ر بيعـُك موسمُ الدِيدان في المدن التـُرابية ْ
    نديمُـك ضّلت الدنيا حكايته ،
    ينازع ُ في تراب الموت ، موطنه خيامُ الدهر ِ
    والأيّام عاصفة ٌ نُحاسية ْ
    عناقيدٌ تـُعطـِّـنُ خمرها جسدا ً
    يسوق السائسُ المخمورُ في يدها
    خيولَ الموت للأبـدِ
    قناع ٌ د ونما رُؤيا
    كليــلِـك يا غـُبار الروح متربـة ً تشـدُّ الطين َ من حمأٍ
    يُخـثــّره رمادُ العـُمر ِ كالـّـزبد
    عنيفٌ حينما يغدو سجينـُك يا خريف َ الـلـّـذة الحمراء ِ
    مصلوبا ً على الجـّـسدِ

    2

    تهـّجيتُ كينونتي في السراب الذي أسرجته ا لحكا يا .
    فيا جسدا هجرته القناديلُ في متـْربات ا لد جى ،
    أين مرساك في ا للـُجّ ، والموج رش المدى ... والمرايا،
    شركٌ للوجوهِ التي لونتها التماثيلُ ... واللوحة المعدنية ْ
    تـُفتــّــح للضوء ما عتــّمته الزوايا
    وظـِلـّي أديمٌ تحجّر في مرقد الوهم ِ يرنو إلى صورة الموت حول المكان الذي جفّ منه الضياء ْ
    حمأ ٌ أذبلته الحنادسُ تحت الرياحْ
    تائهاً يسرق العمرَ في زفـّة الـبـِيدِ والرمل
    يهجو المسافات حتى انفلاق الصباحْ
    عارياً خفَّ عنه الكساءْ
    والنعل أثـقلَ الخطو بين المتاريس
    يمشي على فِــتــَن ٍ كالجراحْ

    3

    شركٌ رفرفاتُ الخطى في الأثير إلى مخدع ٍ
    صّورته الأماني
    حظك اليوم نحسٌ كرجع الصدى حين تـقرع ُ آنيــة ً من نحاس الأساطير ِ
    تمسك فـُـقــّاعة َ الـّرغو ِ .... ماء السراب الذي أهـرقته القناني
    عتيقٌ كدالية الكرم عطنــّها سكر العاشقين
    في مهرجان الــِّدنان

    4

    دلفتَ العالمَ المنخورَ، بين مدائن الموتى ،
    يــدُ الديدان تشتعلُ
    وحيدا ً تنهب الأيام ُ وحشته ،
    تدور سنابكُ ا لظلمات لا ريــث ٌ على غدهِ
    ولا عجَــلُ
    وحيداً في الثرى الصادي
    يطارد في تراب الوهم تحت سمائه العطشى
    سراباً رقّ في قاع المدى شركا ً
    يمــدُ لــه يــدَ ا لسـُّــقيا ،
    فلا يصلُ

    ــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ
    * عن صحيفة الحياة اللندنية 15 /5/ 2002
                  

10-01-2007, 07:45 PM

خالد الطيب أحمد

تاريخ التسجيل: 03-13-2007
مجموع المشاركات: 0

للتواصل معنا

FaceBook
تويتر Twitter
YouTube

20 عاما من العطاء و الصمود
مكتبة سودانيزاونلاين
Re: طريقة التصويت للشاعر السوداني محمد جميل في قناة المستقلة (Re: خالد الطيب أحمد)

    >>
                  

10-02-2007, 07:46 AM

خالد الطيب أحمد

تاريخ التسجيل: 03-13-2007
مجموع المشاركات: 0

للتواصل معنا

FaceBook
تويتر Twitter
YouTube

20 عاما من العطاء و الصمود
مكتبة سودانيزاونلاين
Re: طريقة التصويت للشاعر السوداني محمد جميل في قناة المستقلة (Re: خالد الطيب أحمد)

    <<
                  

10-02-2007, 10:06 AM

Sidig Rahama Elnour
<aSidig Rahama Elnour
تاريخ التسجيل: 09-01-2004
مجموع المشاركات: 3420

للتواصل معنا

FaceBook
تويتر Twitter
YouTube

20 عاما من العطاء و الصمود
مكتبة سودانيزاونلاين
Re: طريقة التصويت للشاعر السوداني محمد جميل في قناة المستقلة (Re: Sidig Rahama Elnour)

    شكراً شكراً خالد لهذا المجهود الكبير
    سبقتني بإدراج هذه الأعمال الجميلة ، وهناك قصيدة بعنوان الشيخ المجنون أو شي من هذا القبيل أتمنى أن تكون بحوزتك
    الى الإمام وقد تبقت ساعات لنهاية التصويت
                  

10-02-2007, 12:08 PM

خالد الطيب أحمد

تاريخ التسجيل: 03-13-2007
مجموع المشاركات: 0

للتواصل معنا

FaceBook
تويتر Twitter
YouTube

20 عاما من العطاء و الصمود
مكتبة سودانيزاونلاين
Re: طريقة التصويت للشاعر السوداني محمد جميل في قناة المستقلة (Re: Sidig Rahama Elnour)

    الأخ العزيز صديق..سلامات


    ولا شكر علي واجب ..فالأديب محمد جميل أعطانا الكثير للغاية..أفلا نرد له بعضا منه!

    إلي الأمام وبالتوفيق بإذن الله..
                  

10-02-2007, 01:55 PM

Sidig Rahama Elnour
<aSidig Rahama Elnour
تاريخ التسجيل: 09-01-2004
مجموع المشاركات: 3420

للتواصل معنا

FaceBook
تويتر Twitter
YouTube

20 عاما من العطاء و الصمود
مكتبة سودانيزاونلاين
Re: طريقة التصويت للشاعر السوداني محمد جميل في قناة المستقلة (Re: Sidig Rahama Elnour)

    يلا يا خالد الوقت قرب .... تحياتي لجميع من شارك وابقوا عشرة ومعليش أنا طالع ما بجي إلا بكرة


    بدأت الأن الحلقة لمسابقة شاعر العرب لهذا الأسبوع وسوف يعلن عن الفائز من الحلقة السابقة في نهاية هذه الحلقة .... تابعوا ذلك في قناة المستقلة
                  

10-02-2007, 02:00 PM

خالد الطيب أحمد

تاريخ التسجيل: 03-13-2007
مجموع المشاركات: 0

للتواصل معنا

FaceBook
تويتر Twitter
YouTube

20 عاما من العطاء و الصمود
مكتبة سودانيزاونلاين
Re: طريقة التصويت للشاعر السوداني محمد جميل في قناة المستقلة (Re: Sidig Rahama Elnour)

    up
                  

10-02-2007, 02:12 PM

خالد الطيب أحمد

تاريخ التسجيل: 03-13-2007
مجموع المشاركات: 0

للتواصل معنا

FaceBook
تويتر Twitter
YouTube

20 عاما من العطاء و الصمود
مكتبة سودانيزاونلاين
Re: طريقة التصويت للشاعر السوداني محمد جميل في قناة المستقلة (Re: خالد الطيب أحمد)

    >>
                  

10-02-2007, 03:18 PM

خالد الطيب أحمد

تاريخ التسجيل: 03-13-2007
مجموع المشاركات: 0

للتواصل معنا

FaceBook
تويتر Twitter
YouTube

20 عاما من العطاء و الصمود
مكتبة سودانيزاونلاين
Re: طريقة التصويت للشاعر السوداني محمد جميل في قناة المستقلة (Re: خالد الطيب أحمد)

    <<
                  

10-03-2007, 12:35 PM

Sidig Rahama Elnour
<aSidig Rahama Elnour
تاريخ التسجيل: 09-01-2004
مجموع المشاركات: 3420

للتواصل معنا

FaceBook
تويتر Twitter
YouTube

20 عاما من العطاء و الصمود
مكتبة سودانيزاونلاين
Re: طريقة التصويت للشاعر السوداني محمد جميل في قناة المستقلة (Re: Sidig Rahama Elnour)

    بعد ظهور النتيجة نقول للأخ الشارع محمد جميل هاردلك .... ولكن شكرنا على المشاركة بأسم السودان وأحراز هذا الموقع المتقدم ، ورغم ان هذه البرامج ليست نقطة فاصلة في مدى شاعرية الشاعر لكنها نقطة هامة للإنطلاق والتعريف بملامح الشعر السوداني ... ونتمنى لك التوفيق في الجولات القادمة ونرشحك لبرنامج أمير الشعراء القادم بإذن الله

    الشكر لكل من شارك في التصويت وتكبد مشقة المتابعة ... والشكر الجزيل للأعضاء والزوار
                  


[رد على الموضوع] صفحة 1 „‰ 1:   <<  1  >>




احدث عناوين سودانيز اون لاين الان
اراء حرة و مقالات
Latest Posts in English Forum
Articles and Views
اخر المواضيع فى المنبر العام
News and Press Releases
اخبار و بيانات



فيس بوك تويتر انستقرام يوتيوب بنتيريست
الرسائل والمقالات و الآراء المنشورة في المنتدى بأسماء أصحابها أو بأسماء مستعارة لا تمثل بالضرورة الرأي الرسمي لصاحب الموقع أو سودانيز اون لاين بل تمثل وجهة نظر كاتبها
لا يمكنك نقل أو اقتباس اى مواد أعلامية من هذا الموقع الا بعد الحصول على اذن من الادارة
About Us
Contact Us
About Sudanese Online
اخبار و بيانات
اراء حرة و مقالات
صور سودانيزاونلاين
فيديوهات سودانيزاونلاين
ويكيبيديا سودانيز اون لاين
منتديات سودانيزاونلاين
News and Press Releases
Articles and Views
SudaneseOnline Images
Sudanese Online Videos
Sudanese Online Wikipedia
Sudanese Online Forums
If you're looking to submit News,Video,a Press Release or or Article please feel free to send it to [email protected]

© 2014 SudaneseOnline.com

Software Version 1.3.0 © 2N-com.de