|
Re: آه يا وطني ! (Re: Nasr)
|
Quote: كنت سأكون سعيدا إن كان هذا الحال يعجب أحدا ، لكنه حال مائل بكل معنى الكلمة .. لو أنه حال راكد لكنت سأكون سعيدا به ، لكنه حال متحرك ، وبسرعة كبيرة جدا ، وللأسف إلى الوراء ... إنه يتجه نحو الإنحطاط ، والفرقة ، والشتات الأعظم ... وما يؤسف له أن الوطن لا يجد بواكيا ، ولا يجد عاقلا يقول للمتلاعبين بالتراب ، كفى .. كل واحد يتهم الآخر ، وكل واحد يشك بالآخر ، وكل واحد يرى الآخر ظالمه ويرى نفسه مظلوما ... والحقيقة أننا، كلنا ، ظالمين ... ظلمنا أنفسنا فبل أن نظلم الآخر . بقينا ما يزيد عن خمسين عاما ولم نتمكن من الاتفاق حول هويتنا .. والآن يبدو واضحا أننا نتجه نحو تعدد الهويات ، ليس تعددا في إطار الوحدة ، لكنه تعدد في أطر عديدة من التعدد ... نحن قبائل شتى ، ونحن جغرافيا متسعة ، ونحن تاريخ منتقى انتقاء معيبا ... فمن ذا الذي يحركنا وبهذه السرعة نحو الهاوية ... تصريحات النائب الأول لرئيس الجمهورية تفيد أن الجنوبيين لا يزالون يعاملون كمواطنين من الدرجة الثانية ، وأن هذا سيقود لا محالة إلى الإنفصال ... ونحن كنا ننتظر أن تكون الحركة الشعبية سيفنا الذي نوحد به السودان ، ورضينا فكرة السودان الجديد منهجا للحياة ، لكن الحركة الشعبية التي انطلقت من الجنوب ظلت جنوبا ،،، بقيت جنوبية الهوى ، جنوبية الغرام ... فالشعب كله يعيش تحت دائرة الظلم ، وبعض الشعب لا يجد حق الدعاء على الظالم ... كثير من أهل السودان ، السودان كله ، يعيشون في وطنهم كمواطنين من الدرجة الثانية والثالثة ، والرابعة والعاشرة ... لكن من ظلم أهل السودان ؟ ، هل الشمال هو الظالم ، وعقاب ظلمه الانفصال ؟ أم أن المدينة هي التي ظلمت القرية فحكم على القرية بالظلم المتصل والبفاء في الدرجات السفلى من السلم الاجتماعي ، واحتكرت المدينة النماء والتطور والعلاج والكهربا والأسفلت والكهرباء وغيرها ... لو أن كل اشتكى من الظلم أقام لنفسه وطنا لما بقي الإنسان كائنا اجتماعيا ، وكما العدل في دواخل الانسان ، فإن الظلم في دواخله أيضا ، يعيش فيه ومعه ، يلازمه ليل نهار .. فكلما انقسمنا أوجدنا عائلا جديدا للظلم .. وحين ننقسم هربا من الظلم فإن هذا في وجهه الآخر يعني أن نترك اخوة لنا يرسفون تحت أغلال الظلم .. الوطن لا يمكن أن تعالج قضاياه بالاستمرار في الظلم ، ولا يمكن معالجة قضاياه بالهروب من الظلم بالإنقسام ، ومن ينقسم فهو ظلام لنفسه ولأهله ، ولن يرحمه التاريخ ، ولن ترحمه الأجيال القادمة ... ومن يستمر في ظلم الناس لن يرحمه التاريخ ولن ترحمه الأجيال القادمة ، وكلاهما سيطردان من رحمة الله حين يقع عليهما دعاء المظلوم ... ليس لنا طريق إلا أن نكرم الإنسان الذي كرمه رب الناس ... والإنسان السوداني ، هذا المواطن البسيط لا يعرف حتى حقوقه ، ولا يعرف أن من حقه أن يكون إنسانا كاملا من أعلى درجات الإنسانية ... أما شبعنا لنترك الباقي للوطن ولأهلنا كي نمحنهم الثقة بأنفسهم ، نعلمهم ، نطورهم ، نعالجهم من المرض والجهل والقعود؟ ألا يكفينا ما نحن فيه من تخمة الماديات ؟ ألا نريد أن نترك من خلفنا سيرة طيبة تتناقلها الأجيال ونلقى بها الله يوم القيامة ؟ إذا لم نفعل فإننا سنكون قد تخطينا مرحلة الظلم إلى الجبروت ، ومهما جمعنا في هذه الحياة الدنيا فإن الآخرة تنتظرنا بعذابها وبحسابها ، وسيلعننا اللاعنون إلى يوم الدين ... حين نحطم وطنا بنته الأجيال ، وبناه كفاح الآباء والأجداد فإننا لن ننتصر لأحد ، ولن نكسب خيرا حتى لو جمعنا أموال الدنيا ، بل هي وبال علينا ، وهي عار يتابعنا كظلنا حتى بعد أن تختلط عظامنا بتراب الأرض ، وحتى بعد أن تمر الدهور ... لابد لنا أن ننظر إلى السودان ، الوطن كله ، وأن نسعى لإزالة الظلم أين وجدناه ، وأن نسعى لبناء الوطن على أسس الحرية والديمقراطية والعدالة ولنبدا بإنسان الوطن ... نهتم بأمر تنويره ، إشراكه ، تطويره ، تدريبه ، انتشاله من الجهل والمرض والفقر .. حينها سنبني وطنا طالما تمنيناه ، وطالما انتظرناه ، وهو الوطن الوحيد الذي يجب أن يكون ، والذي يجب أن يبقى |
|
|
|
|
|
|
|
|
|