|
Re: عباس تكشيرة (Re: أشرف البنا)
|
عباس تكشيرة ــــــــــــــــ الخامسة و الربع من صباح اليوم التالي ... إستيقظ ( ديم الصرارين ) كعادته على أصوات الديوك الغاضبة و التي تبدأ صباحاتها كعادة كل أهل الديم بعراك يدمي الرؤوس ... عباس تكشيرة نهض من فراشه بسرعة مدفوعاً بصورة رئيسه في العمل خليل الحقّار و الذي دائماً ما تفتح تكشيرة عباس شهينه لإثقاله بالمهام الرسمية و غير الرسمية ... لم ينسى عباس و هو يغادر فراشه أن يصطحب معه تكشيرته التي تخلى عنها مكرهاً في اليوم السابق و هو يشهد مجده الذي إندثر قبل أن يتأجج بعد أن أدرك الناس سر تلك الضحكة الآسرة ... في السادسة كان عباس يغادر منزله على عجل مسابقاً الزمن بعد أن وزن التكشيرة على وجهه لزوم المظهر المعتاد ... عائشة جضوم كانت أول من إلتقت عيناه بعينيها و هو يغلق باب المنزل خلفه ... إبتسامة الشماتة المرتسمة على شفتيها كانت أشبه بقنبلة ذرية على وشك الإنفجار ... سارع في الخطى حتى يتجنب الإلتقاء بزوجها حسين شدق الفيل الذي لن يتوانى عن همزه و لمزه و هو عادة ما يجعل عباس يشعر بالألم في تكشيرته ... عند ناصية الشارع الثالث توقف عباس عند أولى محطاته الصباحية و هو يلتقط كيس ود عماري ليدق بسفة ( دقار ) المسامير الأخيرة لتثبيت النكشيرة على وجهه ... في السادسة و عشر داخل الحافلة التي يستقلها عباس لاحظت ناهد لقافة أن وجه الجالس على المقعد المقابل ليس غريباً عليها ... توفيق القلقان لاحظ نظرات زوجته الجالسة بجانبه إلى حيث يجلس عباس العابس ... ناهد شعرت برغبتها الطاغية لسؤال هذا المخلوق : ( أنا شفتك وين ؟؟؟ ) ... عباس إنتبه للنظرات الملقوفة الشقية ... إلتفت إليها لتجد ضالتها المنشودة فجأة و هي تلفظ إسم عباس تكشيرة المنبعث من ذاكرة اليوم السابق بصوت سمعه كل من كان بالحافلة من بشر نصف مستيقظة ... فايز أبانس الذي كان يقود الحافلة ما أن سمع الإسم حتى ضغط على الفرامل بكل ما أوتي من قوة ... إمتلأت الحافلة فجأة بحركة صاخبة وسط فرح الركاب بأن وسطهم يجلس عباس تكشيرة ... جمال طراوة الذي كان يرابط في موقعه المعتاد و هو يراقب بنات المدرسة المارات بنظراته الوقحة لاحظ الحافلة التي توقفت فجأة أمامه و دفعه الفضول ليقترب في سبيل معرفة ما يحدث بالحافلة ... خلال دقائق معدودة وجد عباس نفسه وسط إهتمام غير عادي بينما كان الخبر ينتشر حول الحافلة كما تنتشر النار في الهشيم ... عباس كان في حيرة من أمره هل يتخلى في تلك اللحظة عن التكشيرة التي لازمته طوال سنين عمره العجاف أم يرسم على وجهه إبتسامة زائفة تختلط بتكشيرته فتصنع مزيجاً فريداً ندر وجود مثله ليرضي بها معجبوه... الحافلة سعة خمسة عشر راكباً كانت في تلك اللحظة تحوي خمسين راكباً ... الحاجة سنية الدبل التي إستقلت الحافلة من أول محطة في طريقها لعيادة القلب المحولة شعرت بأنها تفقد وعيها نتيجة نقص الهواء و لفظت أنفاسها وسط زحام المتدافعين إلى داخل الحافلة و لم يشعر بها أحد ... الرقراق النشال أجهز على المحفظة الخامسة في ظرف أقل من ست دقائق ... جمال طراوة إستغل الزحام و وجد تسلية أخرى وسط الفضوليات اللاتي تواجدن بالحافلة ... أخيراً أفلح عباس في رسم إبتسامة على شفتيه زينتها سفة الدقار التي جعلته يشبه إلى حد كبير نجم السينما الشهير ( كينج كونج ) ... نصف ساعة مضت و عباس يرد تحايا معجبيه ... قبل أن تصل قوات الأمن التي وجدت صعوبة كبيرة في فض الزحام ... شعر المقدم عيسى جنابو قائد حملة إخلاء عباس بالفخر وهو يجلس بجوارعباس تكشيرة داخل عربة النجدة التي كشرت عن أنيابها قبل أن تنطلق بعباس حاملة إياه إلى عالم بلا تكشيرة أو كما ظن ..
|
|
|
|
|
|
|
|
|