"الكَوَل" هو أكْله كُردفانيه ناجعه تضفى على آكلها الحيويه و(النشاط) الزائد...!
ولنا-كأسره- مع إقليم كردفان ذكريات تاريخيه شجيه...وحبٌ مدفون قديم....
فقد كان والدنا-متعه الله بالصحه-يعمل صرّافاً بالسكه حديد...فجُبنا معه أصقاع السودان المختلفه ونحن لم نزل-بعد-يُفعّاً صِغاراً....وكان لإقليم كردفان نصيب الأسد من تلك الأسفار...فوصلنا حتى بابنوسه والدمازين وسنار...وما بينهم...
ويتميز أهل كردفان بالصدق والثقه بالنفس...وخفة الدم...ومن المناظر التى لا أنساها منظر بائعات المنتجات الكردفانيه مثل القنقليز واللالوب والنبق...وهن يتسابقن مع القطار ليتسوقن بالرزق الحلال...!
وما زلت أذكر-حتى اليوم- تلك الكردفانيه وهى تلاحق القطار بعد ان علت صفافيره وجَدّ فى المسير....إنقطع نَفَس الفتاه لتوصل لنا ما إشتريناه...وما زالت –من بعد-تلاحق فى القطار لتوصل لنا الأكياس الإضافيه صائحه: الهواده.... الهواده.... الهواده....!
فبادلتها عجلات القطار التحيه...ضاربه على القضيب الحديدى بقوة-تماماً- كما يفعل الجندى محييا قائده: تَكْ... تَكْ... تَكْ... تَكْ... تَكْ...!
وكان جدنا لأمنا الشيخ قاسم راسخ يعمل موظفا كبيراً بالدوله ومكث ردحاً من الزمن فى الإقليم الكردفانى المعطاء...فكانت الذكريات الدافئه التى تناقلتها حبوباتنا (هاجر ونفيسه) عن حكاوى أهل كردفان..
ومن ما يميز أهل كردفان ثقتهم وحبهم الشديد لمأكولاتهم ويظهر ذلك فى بعض الأمثال التى حكتها حبوبتنا "هاجر":
أكان مُو "الكَوَل"...."الباشا" ما حَكَم الدُوَل
وقد كانت حبوباتى بارعات-ايضاً- فى عمل المأكولات (العصريه) مثل الكُفته والمحشى والكُنافه...
وبذكر الكُفته تحكى الحبوبه "نفيسه" الحكايه الطريفه التاليه: أن لهن جاره كردفانيه أتتهم فى مواعيد الأكل لتشاهدهن يأكلن الكُفته....فسألت: الأكله دى إسمها شنو؟.....فناولتها حبوبتى قطعه قائلة لها: دى إسمها الكُفته.....وبعد أن إلتهمتها الجاره الكردفانيه ردّت قائله: كَفَتها الكَفَت جَبور...كَدى جيبى واحده تانيه...!
وصارت عبارة الكردفانيه تلك مَثَل (محلى) متداول فى أسرة آل راسخ عند المواقف المشابهه...!
قال لى صيقى الحكيم وهو يتابع سردى بشغف:عرفنا إقليم كردفان وجمالو...لكنً ما دخل فريق "الهلال" بكل ذلك؟!
والحقيقه أن الكثيرون يتساءلون عن سر القوه والحيويه واللياقه البدنيه العاليه-ماشاء الله- التى يلعب بها فريق الهلال مما مكّنه من جندلة أعتى الفرق الأفريقيه والعربيه...
وقد كتب الصحفى الهلالى المتمكن "عبدالمولى الصديق" ذات مره عن الأكلات المحليه التى يتناولها لعيبتنا مثل العصائد وأم جنقل والكول وما شابه...وكذلك المشروبات الكردفانيه مثل القنقليز والحلبه ودورها فى تدعيم اللياقه البدنيه للعيبه السودانيين...
وقد أبدى الكاتب تخوفه الشديد من أن يكون احد هذه المأكولات يحتوى على منشطات مُحرّمه دولياً...فتقع الطامه دون قصد أو درايه...!!
لابد أن فى الأمر وصفةٌ سحريه ما....تجعلنا نضع فى بطوننا البطيخ الصيفى كلما تأهب الهلال لمعركه من معاركه المصيريه....
والوصفه وإن تجملت ببعض المساحيق النيجيريه والموزمبيقيه...لكن يبقى عبق الوجود السودانى هو الأصل...ومنتوج أرضنا هو الذى يضخ الدماء فى شرايين الماكينه الهلاليه...
فقط ندعو الكريم الحمايه من شر العيون....ومن شمارات ناس ود أبو القاسم...!