مصطفى سيد أحمد خاطب وغنى لمن حضروا ليلة الوفاء

Quote: الحي، مصطفى... ببدلته البيضاء، وشعره الغزيز، الكثيف، كان وافقا، كعادته، رافعا يديه، فوق السحب، والقمر، وتحت الجروف، محنن بالطمي، مرحبا بالضيوف، كان هو صاحب البيت، كعادته، في روض قبره، أو روض محبته، .... كان بشوشا، كأم، ترحب بابنائه القادمين من وعثاء الحقول، ومنافى القلوب، وجوى الاغتراب... القاعة طويلة، مستطيلة، يرحب بك مصطفى منذ ان تدلف بابها الوضي، فرد، فرد، بل يردد اسمك الثلاثي، سمعته يقول لي (ازيل ياعبدالغني ود كرم الله بشير، ياو د بنت المنى، يا اخوي محاسن، وعضو سودانيزاولاين، مالك حزين، شفاك الله)... أنني متعب يا مصطفى، متعب، متعب.... سلامتك والاذى بزول.. يامصطفى يا وليد الآهة، والصدق، والنكران، كيف نشفى وأغانيك لم تنزل للواقع، الضل لا يزال يتقاصر، ويحي فضل بعيد عن الوطن، وهاشم صديق لا تكفي الحروف قوته، والسمحة رحلت، بل ماتت، بل واورها التراب، والفريق اصبح خلا، الحيطات تهدمت، والراكوبة لم تعد تشم رائحة القهوة وحكايات النسوة.. كيف عرفت اسم امي يامطصفى.. الفنان لا تخفي عليه شي، ... ولو نملة سوداء في ليلة ظلماء، الفنان رسول، يحن للمحبة، والمهمشين.. والبسطاء.. أنا امك، أنا امك، للفنان قدرة اسطورية على تمثل أعظم القلوب حنانا، الفنان مطرة وكتاب وكسرة في صحن لأيدي خشنة، وضل لفلاح منهك، ... ماهذا الحزن يامطصفى.. قال: لن ابتسم حتى يعود هؤلاء، (أشار لضيوف الحفل السمر)، لوطنهم، بكرامة وعزة.. نظرت خلفي، ماهذا، كيف استدرج هذا الاسمر الحي، هؤلاء، هل كان هؤلاء في الدوحة، أين؟ لم أراهم من قبل، أطفال، ونساء وكهول وشباب، وفتيات، يالك من سامري، ياله من مغناطس، جذب الوطن، بشحمه ولحمه، له، كم هي اشتراكية هي العبقرية... يامطصفى الناس يحبوك، يحبوك، لأنك احببتهم، لانك هم.. لانك لم تمت، بل حاضر في الطرقات رأيتك تغني في حافلة الشنقطيني، ورأيتك تغني في حفل تخرج الدفعة الاخيرة بجامعة الخرطوم، مهنيا الجميع، رأيتك تغني في مذياع متهالك في طربيزة متهالك، بقرى النيل الازرق، تغني لاسرة نسيها التاريخ، والسلطة، سواك سواك، .. كيف اشفي اخي وابي وامي مصطفى، والطيور التي حلمت بها، لا تزال تحمل الخرائط، وبيدها جواز سفر، هناك خرائط دارفور، والبجا والنوبة، والباوقة، خرائط تكاد تنفرط ياصديقي الحي، الحي، المجيد، هل تعلم يامصطفى، بأني حاولت ان حلق، كي اسلم على يدك، فرأيت هناك الفرودس، كانت يدك سلم لي، فعرجت لدواخلي، وأحببت كل البنات، وأحببت كل النساء، وأحببت كل المساجين، وعاشق، حين رأيت العالية، وهي ترحب بنا، بدل ان نرحب بها، رأيتك تمسك حمامة، وفيل وارنب، رأيتك وطني سعيدا، رأيت المهمشين (عم عبدالرحيم، واسرته)، رأيته يقرأ في الشعر، وابنته تدرس وترسم وتعزف، وهو يصغي له، ملكا، لقد تحقق الحلم، تحقق الحلم.. (نبني عشنا بالغناوي، وننثر الافراح درر).... لقد غنى الحفل كله، الكل فنان في حضره مصطفى، صاحب الصوت الخشن، وصاحب الصوت الرقيق، الاشتر والسوي، شمس مصطفى لا تحرم اشعتها عن فرد، فالغناء بالقلب، وليس اللسان، مصطفى يعرف ذلك، بل أكثر، لذ رفع يديه للجميع، الجميع ابطال في عيني مصطصفى، البطل والمفكر والحرامي والصعلوك، انه يرى بعين آخر، بمريم الآخرى، ترجل يامصطفى، ما أنت صورة (ما انت بوستر)، وللحق ترجل مصطفى، من صورته الضخمة، وجلس في قلوب الحضور.. يا مصطفى من اين تأتي بالألحان.. من قلوب الحيارى، من نبض قلوبهم، من فلاحي الحقول، من عرق جبينهم الغر، الشهم، من اخفاق المساكين، من هدير الثوار، وفجر الثورة، من الوطن، من الله.. ابنك على وشك الدخول للجامعة يامصطفى، واخيه يذاكر تاريخ السودان مثلك، يالك من أب، لم اسمع بأطفالهم ابوهم (الشعب)، كم غريب انت، كعادتك، كفطرتك، كحب الناس لك،.. وحبي....... امي بتسلم عليك يامصطفى، لأنك تعرفها، حق المعرفة.. *******