رحلت ايها الفنان ولكنك ذهبت عظيما كما اتيت ... كما قدمت ..ذهبت منتصب القامة مرفوع الراس رغم الداء رغم انك لم تعرف سوى سيجارة البرنجى والتى كنت تعتبرها خروجا سافراً على تعاليم القرية وقيمها واخلاقها ..لقد عشت رجلا عاديا ياكل الطعام ويمشى فى الاسواق ويحن الى ود سلفاب.. كنت فلاحاً عاديا يعشق الماء والتراب واشجار الخروع التى تحيط بمزرعة الحاج( سيد احمد) ولكنك كنت تتحول الى شى غير عادى عندما تمسك عودك لتدندن بلحن قديم أو ترسى دعائم لحن جديد أو تعالج فى صبر ذلك النص الشعرى ليحى فضل الله حتى يستسلم لك اخيراً .
ورحلت يا مصطفى
كلهم بدون إستثناء تغنوا للحبيبة المشتهاة ذات الخصر المياس والنهد المدردم والبرتكان والتفاح وكبرتى وليك 19 سنة وحتى بدور القلعة التى ما تركت فى جسد الحبيبة شبراً الا وغزته .. الا انت كنت تغنى لـ وضاحة ولـ وجيدة ولـ مريم اخرى تعرفها انت .. كنت تسال الحبيبة قائلا : (نفسى فى داخلك اعاين اروى روحى واشوف منابعك) كنت تريد الدواخل ولا يهمك المظهر ولا البرتكان ولا التفاح. كنت تسال الحبيبة ( ابداكى من وين ...من ياتو منفذ بدخلك)
ورحلت يا مصطفى
من كان مثلك ..لا احد ..من جاء مثلك ... لا احد .. من جاء بعدك ... لا احد ..ايها الراحل المضمخ بالاحزان والوجع الرمادى .. ورحلت يا عصفورنا الاحلى .. رحلت تماما كطائر غريب ابتعثتك السماء لنا عوضا عن الهنات من حولنا .. بدات تضمد جراجنا ..قدمت كرخ خرافى جاء ليمنحنا العزاء كنت مبعوث العناية الالهية .. كنت غريبا عن ديارنا ورحلت ..
ورحلت يا مصطفى
رحلت ككل الاشياء الجميلة والنادرة رحلت كنسمة قادمة من زمن لم تالفه هذه البقاع الاثيمة ..رحلت كحلم رائع فى ليلة صيف ماطرة اختفيت في تجاويف الغيب لانك وليس سواك كان الرحيل يؤرقك وكان لابد ان تفعلها وتذهب مع سبق الاصرار ..كانت جرثومة السفر قد تشرنقت فى دواخلك المرهفة.. كنت قد اسرجت راحلتك وفعلتها بعد ان منحتنا كل ما لا يمكن ان يتكرر .
رحلت يا مصطفى
تماماً كـ على المك والعميرى والتجانى يوسف بشير وحتى صاحب الطير المهاجر ( صلاح ) نفسه لم يعد من سفرته ابدا .. لكنك طويت المسافة بين الدوحة وودسلفاب وعدت محمولا على الاعناق داخل صندوق خشبى وزرت معهد الموسيقى والمسرح فى الطريق الى الحاجة ست الجيل لتعانقها هناك ... وكان برفقتك ابوعركى البخيت ..ليتك كنت تراه يبكى فى صمت ..وحنان النيل تبكيك فى اسى وخطاب حسن احمد ينظرالى الارض ولا يستطيع رفع عينيه والعم الخزين يردد بمكرفونه اغنياتك فى وقت غابت فيه اجهزة التلفاز والازاعة
اريتك يا حزن تكبر .. تعرش جوة فى الاعماق وتصبح صوت.. اقول.. واقول آه يا ليل.. وآه يا نيل اريتك يا وجع تزداد .. تطول وتطول تتمد حزن نديان وتصحى تقول : رجع فاضى الكلام مليان دموع الناس تسيل يا ليل دموعنا تسيل ..تسد كل الدروب يا ليل دموع الغابة والصحرة دموع النيل دموع الناس دموع الحاجة( ست الجيل)
صور نادرة للراحل المقيم فى شقته بالدوحة نوفمبر 1995 ...................................... ترى لمن يلوح ؟؟ .........................................
رغم المرض والالم لم تفارقه ابتسامته العذبة ......................................... .......... اطنان من الادوية والدربات .........................................
......................................... البشكير لا يفارقه كتفه ابدا وهى عادة ظلت ملازمة له اينما رحل وفى البعيد صورة لطفلين يبسمان فى مرح وشى من المرارة
.........................................
......................................... بخاخ الازمة فى يده ؟؟ .........................................
......................................... عدد كبير من اشرطة الكاسيت تحوى على اغنيات يجب ان تحفظ وتجمع ترى اين هى الان؟؟ ......................................... .......................................
الرسائل والمقالات و الآراء المنشورة في المنتدى بأسماء أصحابها أو بأسماء مستعارة لا تمثل بالضرورة الرأي الرسمي لصاحب الموقع أو سودانيز اون لاين بل تمثل وجهة نظر كاتبها
لا يمكنك نقل أو اقتباس اى مواد أعلامية من هذا الموقع الا بعد الحصول على اذن من الادارة