|
|
 حول جدلية (إشهار السلاح النوبي )
|
حول جدلية (أشهار السلاح النوبي)
مقدمة في (أدب الأزمة)
النوبة هم عنصر بشري يسكن في جنوب مصر وشمال السودان وامتداده في هذا القطر تاريخيا يمتد حتي جنوب الخرطوم غير أن سكنهم الحالي تقلص الي منطقة الغدار جنوب دنقلا ويتحدث النوبيين لهجتان في مصر يصنفونها الي الفدجة والمتكوية وفي السودان يقسمونها الي (المحسية ) والدنقلاوية وتحت مسمي المحسية تندرج تفرعات (ادارية ) هي الحلفاويةوالسكوتيةوالمحسية ولهجتهم واحدة مع تغير طفيف في اللكنة وتختلف الدنقلاوية عن المحسية رغم أنها من ذات العنصر اللغوي ..والمنطقة النوبية هي شريط ضيق جدا بين النيل والهضاب وقد تتسع في بعض المناطق وتضيق الي حد تلامس فيه تلك الهضاب النيل ..ولذا آثروا الهجرة منذ فجر التاريخ ولكنهم لم يتخلوا عن لغتهم اوعاداتهم أو حتي موعد عودتهم الموسمية لجني ثمار النخيل وهو المحصول الاقتصادي الأول وهو هناك رمز لثراء الرجل ومكانته وربما لأنها تناسب طبيعة المنطقة وظروفها المناخية حيث تنعدم الامطار فهي عموما في النوبة (غير مرغوبة ) لانها أولأ تضر بشجر النخيل ثم انها تعمل علي هدم المنازل المبنية بالطين اللبن ..فهي فوق ذلك شجرة معمرة توثق عري الاسرة الواحدة وتري الميراث الاسلامي مطبق فعليا تحت ظلالها عندما تثمر فالاية الكريمة (وللذكر مثل حظ الانثيين )....ماثلة بلا نزاع او نوازع الي أن لحقت بها الأفات وقضت علي معظم انتاجها وبح صوت النوبيين عل الحكومة تساعدهم في القضاء عليها ولكنها لم تفعل وحسبوها نقطة اخري لحكومة لايعرفون عنها سواء نقطة البوليس ودفاتر (الخراج.).. حيث يدفع المواطن هناك حوالي الالفين جنيه للنخلة الواحدة كضريبة علي الانتاج بل أن المجالس الريفية في تلك المناطق تعتمد اعتمادا كبيرا علي تلك العوائد دون أن تقدم مايشفع استمرارية في الانتاج ..... تلك المنطقة المنسية في جغرافية السودان رغم أنها صنعت تاريخه شهدت أكبر تفريغ بشري عرفه التاريخ ا لحديث عند أنشاء السد العالي ..حيث غرقت وادي حلفا وتم تهجير مدينة كاملة وانتزاعها من ظرفها المكاني الي مناف بعيدة لاتشبه طبيعتهم ولاتاريخهم ولا عاداتهم ..واقتلعوا اقتلاعا وغرقت عروس المدن السودانية ..حيث خلفت تلك التجربة مرارة كبيرة في نفوس النوبييين ولم يستطيعوا حتي الآن ازدراء تلك الطامة ..ثم أمتد مدي التغريق والتهجير حتي وصل الي مدي اكثر من مائة وخمسون كلم جنوب حلفا حيث غرقت عكاشة وكولب ودال وهي في التقسيم الجغرافي تتبع لمحلية عبري او منطقة السكوت ....يقال بأنه ضمن آلية اتفاقية التهجير أن تتمع مابقي من النوبة (بخيرات السد العالي ) اي في شئ من كهربائه ..ولكن لم ير النوبيين من السد سواء تبعاته المدمرة .. فيضانات مدمرة حال أغلاق السد وهدام قضي علي الجروف ونخيل الجروف ثم تغير في مناخ المنطقة من أمطار بلا مواعيد وهي التي قلنا بأنها تدمر محصول النخيل ...
حسنا لقد كان السد العالي ارادة من قوة (عظمي) وهي مصر أستغلت وجود حكومة يقول التاريخ في احدي سطوره جاءت اساسا لتنفيذ ارادة (الباب العالي ) في اقامة السد العالي بعد أن فطنت الحكومة الديمقراطية ووحاولت مجاراة الجانب المصري في بنود ا لاتفاقية حتي تجئ لصالح مواطنيها ..غير ان حكومة عبود وقعت علي بياض لتنال رضا (حكومة ناصر) وصار عبود هذا هو أكبر لعنة في تاريخ النوبيين ونسج النوبيين في ذمه اشعارا وأغان مازالت تردد حتي الأن ...ثم ركن النوبيون الي مناحاتهم الطويلة يبكون حظهم العاثر وحلفا الجديدة يعاد تفكيكها وترحيلها الي العاصمة بعد أن أثبت المشروع فشله ربما لطبيعة الارض او للتهميش المتعمد التي تمارسه حكومة الانقاذ مع النوبيين حتي وان وصل بهم الترحال الي البطانة .. حيث هجروا حلفا الجديدة الي ضواحي العاصمة وصارت هناك (كيمونات نوبية في اطرافها) ... وبعضهم عاوده الحنيين وكروا عائدين الي مابقي من حلفا في ارقين ولكنهم يسمعون بأنها هي الاخري بيعت في سوق النخاسة حتي لايبق لهم أثر ..كلها تراكمات في نفس النوبي ..واحساس متواصل بالظلم المقصود والتهميش المتعمد والابادة المنتظمة ..وهم في ظنهم واحساس الغبن هذا جاءتهم حكومة الخرطوم مرة اخري ليس طلبا للصفح او مبادرة للانتشال من وهدة التخلف ومسغبة العوز ..بل بمشروع للتهجير اخر .. وفي العمق النوبي هذه المرة ..في كجبار ..وهي قرية تقع في منتصف النوبة الجغرافي مابين دنقلا وحلفا ..منطقة هادئة ..لم تثر ضد كل ماارتكب في حق النوبيين من جرائم ..لم تطالبهم بالقصاص او ترفع سلاح العصيان ضدهم ..ظلوا يتدبرون أمرهم بأنفسهم ..مستشفي يبنونها بحر مالهم وطبيبيا يدفعون له كيما يعالجهم ..مدارس يؤثثونها ويدفعون نفقات ا ستمراريتها .. فالنوبي ملزم بتقديم جزء من دخله في الغربة لذويه أنابة عن الحكومة ...ولم تشكر للنوبيين هذا الصنيع ..وطريق شريان الشمال شاهد علي هذا ..حيث كان النوبي هو السباق في الدفع الملزم وشقت الحكومة الطريق بجهد أؤلئك وحادت به من خطط المهندسين وغارت به الي كل زقاق في الشايقية ولم يصل الطريق حتي لحاضرة الاقليم دنقلا رغم ان العمل فيه شارف علي السنوات السبع ..ومرة اخري لم يرفع النوبيين صوتهم في وجهها وانتظروا الفرج كشأنهم دوما عل شئ من حسنات الحكومة تصلهم ...الي أن خرجت اليهم حكومة (الانقاذ الوطني ) بمشروع سد كجبار .. ليس مكأفاة عن صبرهم ولكن تنكيلا بهم .. هذا السد سيجعل من مابقي من النوبة جزر معزولة فقد طمرت مياه السد ا لعالي درة المدن وضواحيها وشردتهم في الفيافي كلاجئيين أما كجبار فقد تأتي علي العمق النوبي حيث أن سكان ست وعشرون قرية سيلاقون مصير حلفا وسكانها وهذه المرة وليست تعويضا بمصنع للسكر وحواشات عاجزة عن الانتاج بل تدبروا امركم والتضحية واجبة من أجل الاخرين) ولاندري من هم الاخرون هؤلاء الذين ينعمون ....علي حساب ازهاقنا ) وقالوا بحرص وهدوء ..لا هذا السد لن يفيدنا ..هذا الطوفان مرفوض ..كفانا مالقينا من هوان ..نرفض تنميتكم علي حساب تاريخنا وتراثنا .. نحن قانعون بخيراتكم وعطاياكم ..لم يرفعوا سلاحا في وجهها ..فهم لايعرفون لغة السلاح اصلا ..وتشكلت اللجان دون أن يكون في اجندتها بندا واحد يدعو لعمل عسكري ...وفي الوقت الذي كان النوبي يفاوض كانت الحكومة ترسل عساكرها بدلا من مفوضيها .. واوهمتهم بأنها دراسة جدوي ماجدوي المشروع أذا كان ذلك قد يقودنا الي هجرة اخري ونزوح اخر ..ماجدوي المشروع ان لم يكن يعالج نخيلنا الضامرة او مدراسنا المتهالكة او مستشفياتنا المتصدعة ...ومسيرات الرفض المسالمة تصيح في وجه الظلم والاظلام .. انبرت الانقاذ وهي تتربص بهم ومن أعلي الجبل انهمر الرصاص في وجه العزل وحصدتهم بالجملة ثم أشعلوها حريقا مدمرا في حقول نخيلهم ..وذهل النوبيين ..من منطق حكومة ترفض حتي بقاؤهم في ارضهم ...وعندها لاول مرة يعرف النوبيين مامعني أن تجاهد بصوت خال من الرصاص ..مامعني أن تقول لا مجردة فهي لاتصل بل يصلك الرصاص قبلها ...وفي هذا المنعطف يقف النوبي حائرا ... هل آن لنا أن نرفع سلاحا يحمينا من سلاح السلطة .. ام نظل في دعواتنا السلمية نهتف والحكومة تقذف حممها علينا ...السلاح في عالم اليوم (علي قفا من يشيل)فهم لن يعدموه ..فان كانت دارفور قد تحركت بفعل بنوها من خارج الوطن ..فان نصف النوبيين خارج ديارهم علماء مختصون وشرفاء يعرفون معني الانتماء ...وليسو كما تظن الانقاذ(مجرد طباخين وسفرجية وبوابيين)فقد ضاقت بهم السبل وفاض كيلهم ويدور في همسهم شئ من المقاومة وقد يتحول الهمس الي العلن في ظل استمرارية الحكومة في غوايتها باستهدافهم المتعمد ..والنفوس تمور بالغضب ..من جراء ماحدث في ذلك اليوم الدامي لم يكن السلاح يوما خيارا للنوبي كيما يفض نزاعه التاريخي الممتد مع كل الحكومات ولم تكن تلك الحكومات نفسها تستخدم سلاحها ضدهم ..ولكن من يحمينا ونحن العزل من هذا السلاح الطائش ..أسئلة تدور في دهاليز النوبيين وهم علي قناعة تامة بأن الحرب أعلنت من جانب واحد وربما يسعون لاعلانها من جانبهم وهو المنعطف الذي يقف ا لنوبيين فيه علي الحافة وهي المغبة التي لايتوق اليها كل انسان اتعاظا من تجارب الاخرين ..ولكن الاخرون أؤلئك لم يكن السلاح خيارهم ولا مبتغاهم فقد جرتهم سلطة الانقاذ جرا أليها صونا لأدميتهم وحفاظا علي كيانهم فأن كان منكم رشيدا يقول للحكومة الباطشة توقفي عن سياسة التهجير والتغريق والتشريد فأننا في غن عن دمار يلحق بارضنا واصلنا وتاريخنا ..نحن رسل حضارة نشرناها سلما وسلاما ..قولوا لهم اخرجوا من معاناتنا فأنكم المسببون الاصليون لها ونحن بقادرين علي حلحلة امورنا كما تعودنا دوما .. لانريد سدا .. لانريد تنمية من لدنكم ..بل كفاية شر وأتقاء فتنة ...
|
|
 
|
|
|
|
|
| |
mo
فيس بوك
تويتر
انستقرام
يوتيوب
بنتيريست