. الصادق الهــادي المهدي يروي لحظات «الطائرات والقنابل» .. ثم مقتل الإمام ويرد على السفاح

مرحبا Guest
اخر زيارك لك: 05-03-2024, 06:34 PM الصفحة الرئيسية

منتديات سودانيزاونلاين    مكتبة الفساد    ابحث    اخبار و بيانات    مواضيع توثيقية    منبر الشعبية    اراء حرة و مقالات    مدخل أرشيف اراء حرة و مقالات   
News and Press Releases    اتصل بنا    Articles and Views    English Forum    ناس الزقازيق   
مدخل أرشيف الربع الثاني للعام 2007م
نسخة قابلة للطباعة من الموضوع   ارسل الموضوع لصديق   اقرا المشاركات فى شكل سلسلة « | »
اقرا احدث مداخلة فى هذا الموضوع »
05-26-2007, 03:09 PM

محمد عادل
<aمحمد عادل
تاريخ التسجيل: 07-19-2006
مجموع المشاركات: 14734

للتواصل معنا

FaceBook
تويتر Twitter
YouTube

20 عاما من العطاء و الصمود
مكتبة سودانيزاونلاين
. الصادق الهــادي المهدي يروي لحظات «الطائرات والقنابل» .. ثم مقتل الإمام ويرد على السفاح

    Quote: المواجهـة الدمـــوية العنيفة وأحـــداث الجـزيرة أبا «1»
    ابو القاسم محمد إبراهيم وفاروق حمد الله طلبا الاجتماع بالإمام .. وأحد الأنصار وجّه حربته نحوهما ، ولكن ..!.
    محمد صالح عمر اقترح «إلقاء القبض» على «ابو الدهب» كأسير .. والقدر فعـــل غير ذلك ..!.



    ** حوار : عادل سيد أحمد { تصوير : سعيد عباس



    كان ذلك عام 1970م أي بعد استيلاء عساكر مايو على السلطة في 25 مايو 1969م.
    وقد كانت شعارات الإنقلابيين شيوعية ..!.
    و عزز ذلك ، أن عناصر مدنية ونقابية قد حرّكت مواكبها لدعم «حركة التغيير الاشتراكية»..!.
    قد ولم يعد هناك مجال للشك بأن القوى «اليسارية» تقلدت مقاليد الأمور في البلاد.
    أما القوى «اليمينية» ، المناوئة للانقلاب .. فقد اعتبرته «انقلاباً عسكرياً أحمر ، ومعادياً للديمقراطية» .. فتجمعت لمقاومته تحت قيادة إمام الأنصار الهادي المهدي.
    وقد كان التجمع الكبير وبداية المقاومة تحت مسمى «الجبهة الوطنية» .. بالجزيرة أبا.
    * إذن ، ما نحن بصدده من خلال هذه الحلقة هو ما حدث ، في تلك الأيام بين سلطة الخرطوم «الجديدة» والمعارضة ، ومن خلفها جماهيرها التي تجمعت بالجزيرة أبا ، على النيل الأبيض.
    * ذاكرة د. الصادق الهادي المهدي اعطتنا وقائع تلك الفترة ، على النحو الآتي:



    ** هل كُنت بالجزيرة أبا ، عندما وقعت أحداث أبا؟.
    - نعم .. نعم .. واتذكرها جيداً .. فوالدي الإمام طلب من أسرتنا أن تحضر إلى الجزيرة.



    * بدايات المشهد:
    ** كيف كانت بدايات المشهد؟.
    - تنادى الأنصار ، من كل بقاع السودان .. وتجمعوا بالجزيرة أبا ، لمناصرة الذين.. جاؤوا واستوطنوا.
    كان المشهد مهيباً .. حيث تراصت الصفوف .. واكتظت وامتلأت..
    مسجد الكون .. وسرايا الإمام .. والمنازل..
    الجزيرة أبا تحولت إلى تجمع ضخم لمقاومة مايو الحمراء.



    ** ماذا حدث بعد ذلك ؟.
    - عرفت ، بعد ذلك ، أنّ حدثاً جليلاً وكبيراً ، سيقع..
    وبالفعل .. في رمضان من عام 1969م.. جاء وفد عسكري ، يمثل الإنقلابيين للقاء الإمام الهادي.
    كما كان غريباً أن تكون هناك قوة مدرعة، على رأسها «ابو القاسم محمد ابراهيم»، و«فاروق حمد الله» ، وضباط آخرون.



    * الاجتماع:
    * ماذا كان كلام هذه القوة؟.
    - قالوا أنهم يرغبون في الاجتماع واللقاء بالإمام..
    وفعلاً ، اجتمعوا بالإمام .. وقد كان رأي الإمام واضحاً ، حيث قال لهم :« نحن لدينا شروط للتفاوض، تتمثل في الآتي».
    ـ إزالة الواجهة الشيوعية.
    ـ عودة الجيش للثكنات.
    ـ حكومة انتقالية.
    ـ عرض مسودة الدستور الإسلامي في استفتاء عام.



    ** ثم ماذا؟.
    - انتهى الاجتماع ، باعتبار أن«ابو القاسم وفاروق» ، سيحملان هذه الأفكار لرئيس الانقلاب جعفر نميري.



    ** ألم تحدث أية احتكاكات بين الأنصار والقوة المدرعة؟.
    - طبعاً ، الإمام وجّه بإعطاء الأمان لهذا الوفد..
    بعد خروج «ابو القاسم وفاروق» من الاجتماع ، قام بعض الانصار بإحاطة هذا الوفد ، حتى يمنعوا احتكاك الأنصار بهم..
    ولكن ، أحد الأنصار كان يحمل «حربة» ، وجهها لصدر فاروق حمد الله ، وقال له :« خذل الله من عادى الإمام»..
    فردّ فاروق حمد الله قائلاً:« منو اللي خذل الإمام .. نحن ضيوف الإمام».
    طبعاً .. هناك معلومة مهمة جداً .. وهي أن هناك وسيطاً كان بين الإمام وابو القاسم محمد ابراهيم ، وهو اللواء عبد الله حامد المهدي .. وهو الذي ساعد في ترتيب هذا اللقاء.



    * حُجة الزيارة:
    ** ما الهدف من زيارة هذا الوفد العسكري ، والذي كان يضم ضباطاً كباراً من مجلس قيادة ضباط مايو؟.
    - حجتهم كانت أنهم جاءوا إلى أبا لعمل نقطة بوليس ، حيث قالوا انه لا توجد نقطة بوليس بالجزيرة أبا.
    ولكن الأنصار أدركوا أن هذا الكلام ما هو إلا حيلة من حيل الانقلابيين..
    وقد ردّ الانقلابيون في الاجتماع : «ما في داعي لنقطة».



    ** ولكن قادة القوى السياسية .. تجمعوا في أبا؟.
    - نعم .. حيث كان هناك قادة بجانب الإمام الهادي..
    كان هناك الصادق المهدي والشريف حسين الهندي ومحمد محمد صادق الكاروري ومحمد صالح عمر ومهدي إبراهيم .. وآخرون.



    ** ماذا كان رأي قادة القوى السياسية المتواجدة مع الأمام بالجزيرة أبا؟.
    السيّد الصادق المهدي تشاور مع الإمام.. فكان رأي الإمام أنّ النظام عدائي..
    ولكن ، الصادق أصرّ على المجيء للخرطوم .. فوافق الإمام على مضض.
    وبالفعل ، التقى الصادق نميري ، وبقية الانقلابيين .. ولكن ، بعدها تم اعتقاله في بيت قائد الحامية بشندي .. وأُبعد من الجزيرة أبا.



    * زيارة نميري:
    ** ماذا بشأن زيارة نميري للنيل الأبيض؟.
    - أُعلن عن زيارة لنميري للجزيرة أبا..
    وكان الإعلام ، في تلك الأيام ، يدق طبول الحرب.
    وبالفعل .. ركب نميري الباخرة .. وكانت الاستقبالات كلها عدائية في مواجهته..
    نعم .. لقد واجهته هتافات قوية جداً في أم جر والكوة ، حيث كانت جماهير الأنصار تهتف في وجهه :« لا سلام بلا إسلام».



    ** ولكن أجهزة مايو ، آنذاك ادّعت أن نميري تعرّض لمحاولة اغتيال؟.
    - تمثيلية .. نعم .. تمثيلية سيئة الإخراج..
    والذي حدث أن أحد الأنصار ، وهو رجل طاعن في السن .. كان أن اقتحم الصفوف ووقف في وجه نميري مُكبراً «الله أكبر ولله الحمد» .. رددها ، مرات .. وفي أثناء ذلك ، بان أنّ هناك سكيناً في ذراع هذا الرجل .. وهذه طبيعة عادية عند أهلنا الأنصار.
    ولكن ، الانقلابيون أصلاً كانوا «مبيتين » النيّة.. وكانوا يبحثون عن مسوغات لضرب الأنصار .. فاستغلوا هذه الحادثة .. فقطع نميري زيارته..
    وبعدها تحركت قوة بقيادة ابو الدهب .. وهو بدوره قد أمر محجوب برير محمد نور أن يتحرك من سلاح المدرعات بقوة للتعزيز.. وقد كانت رسالته لمحجوب برير واضحة جداً..
    «حضرنا لاعتقال الإمام» .. فردّ عليه محجوب برير محمد نور قائلاً:« كان تكلموني .. وأنا الآن قد وصلت جبل أولياء .. كان تكلموني عشان ما اختار ضمن قواتي أبناء أنصار»..



    * كسر الجاسر:
    ** وبعدها .. ماذا حدث؟.
    - الأنصار كسروا كوبري الجاسر .. وفتحوا ترعة..
    مما صعب مهمة الانقلابيين في الوصول إلى الجزيرة أبا.
    وحينما تسللت قوات ابو الدهب ، دخل معهم الأنصار في معركة بالسلاح الأبيض .. مما اضطر معه أن يرفع ابو الدهب «المنديل الأبيض» .. وطلب الاجتماع بالإمام..
    وبالفعل ، اجتمع بالإمام .. فكرر له الإمام نفس الشروط التي قالها لـ «ابو القاسم محمد ابراهيم وفاروق حمد الله»..
    فخرج ابو الدهب..
    ولكن ، محمد صالح عمر قال للإمام :« يجب أن تأسر هذا الوفد .. إنها فرصة»..
    فرفض الإمام ، باعتبار أنه اعطى لـ«ابو الدهب» الأمان.
    الشهيد محمد صالح عمر كان يُصر على الإمام بضرورة أسر هذا الوفد .. ورغم رفض الإمام ، إلا أن محمد صالح عمر ومعه مجموعة ، حاول أن يلحق بهم .. ولكن «العربة» انقلبت في الطريق ، مما أدى إلى أن يتعطل محمد صالح عمر عن اللحاق بـ «ابو الدهب».



    ً* الطيران والمدافع:
    ** إذن الأمور تأزمت ؟.
    - نعم .. نعم .. حيث بدأ العدوان العنيف صبيحة الجمعة .. بطائرات الميج .. كنّا نسمع فرقعة وانفجارات شديدة..
    كان الضرب مركزاً على السرايا والجاسر.
    كنت أشاهد إبي الإمام وهو يلبس الجلابية والطاقية ..
    فجاء القرار بأن يخرج الإمام من السرايا ، حيث قال قادة الأنصار للإمام :« إنّ السرايا مُستهدفة»..
    وبالفعل ، ذهبنا إلى بيت آخر : وهنا تستحضرني «طُرفة» مازالت عالقة بذهني .. حيث دخل الأطفال تحت «العناقريب» ، حتى نختبئ من «القنابل»..
    وضمن الأطفال تحت «العناقريب» كُنّ بنات الشهيد محمد صالح عمر وهنّ «سلمى ، ليلى، سوسن»..
    كانت زوجة الشهيد محمد صالح عمر حينها تنادي ، والبنات يرددن عليها بالقول: «نحن تحت العنقريب».



    * الطائرات:
    ** ولكن .. هناك من يقول أن الطائرات التي ضربت الجزيرة أبا من سلاح الجو المصري؛ بل وذهب بعضهم إلى أن الطائرات كان يقودها أحد ضباط سلاح الطيران المصري وهو الضابط محمد حسني مبارك؟.
    - الطائرات كانت ميج ، وهي روسية الصنع .. وبها إمكانيات اختراق حاجز الصوت.. ـ فيما بعد ـ وأثناء تحقيقات المدعي العام المتحري محمد سعيد بدر إبّان فترة الديمقراطية أفاد المُلحق العسكري الروسي وأكد أنّ الطائرات التي هاجمت الجزيرة أبا ، اخترقت حاجز الصوت ولم تُضرب.
    وأضاف أن قادة الطائرات كانوا «روساً» ، لأن سلاح الطيران السوداني لم يكن به مدربون على استخدام هذا النوع من الطائرات؛
    لذلك ، فإن ما قيل حول سلاح الطيران المصري وحسني مبارك غير صحيح ولا يسنده دليل.



    في الحلقة القادمة
    * لماذا كان قرار خروج الإمام للحبشة؟.
    * كيف تمّ الاغتيال بالكرمك؟.
    * ماذا كان رد فعل ضباط مجلس قيادة مايو حينما وصلهم خبر مقتل الإمام الهادي المهدي؟.
    * أسرة الإمام .. كيف وصلت إلى الخرطوم؟.


                  

05-26-2007, 03:16 PM

محمد عادل
<aمحمد عادل
تاريخ التسجيل: 07-19-2006
مجموع المشاركات: 14734

للتواصل معنا

FaceBook
تويتر Twitter
YouTube

20 عاما من العطاء و الصمود
مكتبة سودانيزاونلاين
Re: . الصادق الهــادي المهدي يروي لحظات «الطائرات والقنابل» .. ثم مقتل الإمام ويرد على السفاح (Re: محمد عادل)

    واصل يادكتور الصادق
    واكشف فضائح ذلك النظام القمعى اكشف فضائح هذا النظام الطاغى
    ان الله يمهل ولايهمل
                  

05-27-2007, 12:47 PM

محمد عادل
<aمحمد عادل
تاريخ التسجيل: 07-19-2006
مجموع المشاركات: 14734

للتواصل معنا

FaceBook
تويتر Twitter
YouTube

20 عاما من العطاء و الصمود
مكتبة سودانيزاونلاين
Re: . الصادق الهــادي المهدي يروي لحظات «الطائرات والقنابل» .. ثم مقتل الإمام ويرد على السفاح (Re: محمد عادل)

    . الصادق الهادي المهدي في حديث المشاهدة المخيفة، والمعايشة الرهيبة، والرواية الدقيقة
    مجزرة كانت فظيعة... ومواجـهات كانت دامية... أشلاء متناثرة... وإبادة جماعية
    الرصاص يحصد الأرواح... انفجارات.. صراخ جرحى وزفرات قتلى



    الدكتور الصادق الهادي المهدي سرد مشاهداته ومعايشته لأحداث الجزيرة أبا..
    كما استند واستمع، في روايته هذه لمشاهدات مشاركين في تلك الأحداث الدامية.. حيث كان خالد محمد إبراهيم وسعد عباس توفيق، من الأنصار الذين شاركوا.. بينما كان محجوب برير محمد نور أحد ضباط القوات المسلحة حيث ألف كتاباً حول «مجزرة الجزيرة أبا»
    إلى الحلقة الثانية:



    * كيف ومتى بدأت مجزرة الجزيرة أبا؟؟
    بزغت شمس الجمعة 27 مارس 1970 على الجزيرة أبا كما فعلت ذلك ملايين المرات من قبل، ومرت الساعات الأولى من النهار بلا نذير شر أو خطر.
    قرابة الساعة العاشرة صباحاً أبلغت نقطة المراقبة خارج الجزيرة عن ظاهرة غريبة لم تحدث من قبل، فقد لاحظ المراقبون شيئاً غير عادي في حركة المرور من وإلى ربك وكوستي، فمنذ الصباح لم تخرج منها أي عربة أو لوري كما إن جميع السيارات التي تدخلها لا تخرج مرة أخرى عائدة!.. وكان التفسير الوحيد لهذه المعلومة أن هناك نشاطاً ما حول كوستي وربك على درجة عالية من الأهمية ويتطلب قدراً كبيراً من السرية مما يتطلب حظر الخروج من المدينتين حتى لا تتسرب أنباء ما يجري هناك.
    فطلب من نقطة المراقبة في «حجر عسلاية» إرسال مجموعة استطلاع لمدينة ربك لإستجلاء الحقيقة، وصدرت التعليمات لقوات الأنصار بأداء صلاة الجمعة في مواقعها، وأدى الإمام صلاة الجمعة في الساحة المواجهة للسراي من الناحية الغربية.
    في الثانية والأربعين دقيقة وصلت إشارة من نقطة الرصد بحجر عسلاية تفيد بأن قوة مدرعة قد تحركت في إتجاه الجزيرة...
    صدرت التعليمات للأنصار المرابطين شرق الجاسر والمكونة من 10 أفراد بالدخول إلى الجزيرة حتى لا تتعرض للإبادة، ونقل إحتياطي المدافع الخارقة للدروع والذخيرة إلى الموقع.
    في الثالثة والخمس والعشرين دقيقة ظهرت أول مدرعة أمام الجاسر، بينما احتمت بقية القوة «7 مدرعات» خلف تل يقع جنوب شرق الجاسر، توقفت المدرعة للحظة ثم بدأت في إطلاق نيران مكثفة من مدفعها على الجزيرة ، فصدر على الفور أمر للمجاهدين بالإحتماء داخل الخنادق وخلف السواتر وعدم الرد على النيران، فلقد كانت المدرعة على مسافة تزيد على ألف و 500 متر ، أي خارج مدى نيراننا، هذا بجانب أن الرد على نيران المدرعة سيجعلها تكتشف المواقع ومن ثم تدميرها.
    تقدمت مجموعة من المجاهدين من الجاسر وسط أفراد قلائل وبدأوا في إطلاق النار على المدرعة من مدافع «البرن» ورغم عدم جدوى ذلك فإن الهدف كــان في الأساس إبعاد نظر المدرعة عن الكمين الذي نصب لها.
    فلقد تم تجهيز وتوجيه مجموعتين من مجموعات البازوكا والـ «آر. بي.جي» بالتقدم إلى شرق الجاسر حيث المدرعة لتدميرها.



    سكاي هوك
    وفي نفس اللحظة كانت هناك طائرتان من طراز «سكاي هوك» تحلقان على الجزيرة وتقصفانها، فردت عليها مدفعية المجاهدين بنيران كثيفة، وحلقت طائرتان فوق السراي وقامتا بقصفه فتهاوت المنازل وأعمدة الكهرباء من حولها.
    وبينما الكل يقف على الجاسر يتابع كل ذلك فجأة قام أحد الأنصار ممتطياً صهوة جواده يسابق الريح بهجمة استشهادية على المدرعات.
    لحظات مرت كالخيال، فارس بحربة وسيف ومدرعة بمدفع رهيب والفارس مندفع يهاجم جبل الحديد!
    أمتار قليلة قطعها الفارس بفرسه، ثم وصل إلى هدفه «الله أكبر تعالت ثم الشهادة في سبيل الله».
    في هذه اللحظة وصلت مجموعة الـ«آر. بي. جي» إلى الضفة الشرقية للنهر، وأخذت موقعها داخل الغابة في وضع الإستعداد لإطلاق النار ثم انطلقت القذيفة الخارقة، وبدلاً من أن تدمر المدرعة دمرت إستراحة خلف المدرعة، إنه ضعف التدريب على هذا السلاح الحديث!.
    وكان لابد أن تكتشف المدرعة موقع المقاتلين؛ وجهت مدفعها الثقيل ورشاشها المتوسط في إتجاه الغابة..
    وفي هذه اللحظة- تماماً- تقدمت مجموعة البازوكا دون إنتباه من المدرعة وأصابتها إصابة مباشرة فسكتت حركتها وتوقفت عن إطلاق النيران، فتقدمت بقية القوة المدرعة مطلقة وابلاً من نيران قذائفها على منازل الجزيرة ومنطقة السراي ، بينما قام جنود سلاح المهندسين بسحب المدرعة خارج أرض المعركة.
    أصابت قوات المجاهدين إحدى الطائرتين فإنطلقت شمالاً تتبعها سحابة كثيفة من دخان أسود.
    ازدادت المعركة ضراوة بعد إصابة المدرعة والطائرة فإنضمت الطائرتان اللتان كانتا تقصفان وسط الجزيرة والسراي إلى رفيقتهما الثالثة ليشارك الجميع في قصف جموع الأنصار بغرب الجاسر، بينما سرية كاملة من المدرعات تدك الأرض دكاً بمدفعيتها الثقيلة.
    مواقع الأنصار ما تزال ساكنة تنفيذاً للأوامر، فلم تشترك في المعركة حتى الآن غير مجموعات بعينها.
    لقد كان بعد المسافة بين الأنصار والقوات المدرعة هو الحائل الوحيد دون مشاركتهم بفاعلية في المعركة.
    وكان الحل الوحيد هو التقدم والإلتحام بالمدرعات.. ولكن كيف الوصول؟
    إن أية محاولة لعبور الجاسر انتحار مؤكد، فعبور مسافة ألف و 500 متر في خط مستقيم على جسر مكشوف وفي مواجهة سبع مدرعات وثلاث طائرات نفاثة هو المستحيل بعينه!.
    لم يكن الوصول يحتاج إلى شجاعة هي في رجال الأنصار، بل وفي نسائهم هبة من السماء.
    لكن الوصول كان يحتاج إلى تدبير وتقدير صحيح.
    وفجأة حدث ما قلب الموقف رأساً على عقب ، ظهرت مجموعات كبيرة من أنصار الله المقيمين على الضفة الشرقية من النهر مندفعين وسط أشجار الغابة وانقضوا على المدرعات كالضواري ، عشرات الرجال يهاجمون المدرعات بالحراب والسيوف، يتسلقون أبراجها الفولاذية في محاولة يائسة للوصول لمن هم بداخلها..
    المدرعات من جانبها ترد الهجوم بضراوة متناهية تسحق الرجال تحت إطاراتها..
    ارتفعت سحب الغبار والدخان وإختفى مشهد المأساة عن ناظرينا، وكانت تلك فرصتنا الوحيدة للإلتحام بالعدو، فلقد انشغلت المدرعات بالهجوم المفاجئ وحجبت الأتربة والدخان الرؤية.
    تحركت إثر ذلك مجموعة القنابل اليدوية والرشاشات المتوسطة بالإندفاع في سرعة لعبور الجاسر قبل أن تفيق المدرعات وتقضي على المهاجمين ولم يشترك في الإندفاع مجموعات المدافع خارقة الدروع رغم الحاجة إليها نظراً لثقل حركتها مما سيعرضها للدمار، فيما وجهت كل القوات المتبقية غرب الجاسر نيرانها الكثيفة على الطائرات لحمايتهم أثناء العبور.
    المعركة بين المدرعات والأسود المجاهدين على أشدها.. وفي ثوان معدودة عبروا الجاسر وإلتحموا بالمدرعات..
    أصوات الرصاص والإنفجارت تصم الآذان وعاصفة من تراب ودخان تعمي الأبصار، صراخ جرحى، زفرات قتلى، هدير محركات، دعاء وتكبير.
    فجأة انسحبت المدرعات، ومن خلفها جنود المورتر، ولكن لم تحاول مدرعة واحدة الإنتظار لثوان قليلة من أجل التقاط رفيق سلاح، فقد تضخمت قلوبهم رعباً وتركوارفاقهم لمصيرهم المحتوم..



    دم ولحم ..!
    مئات الطلقات تلاحق هؤلاء التعساء.. بقايا من دم ولحم ممتزج بحصى الأرض هو كل ما تبقى من رجال كانوا منذ دقائق قليلة حياة وحيوية، غروراً وصلفاً.
    تقهقرت المدرعات تاركة خلفها وحدة المورتر غنيمة للأنصار.. بجانب ناقلة جنود ضخمة بسلاحها..
    تولى العم «تيراب» رئيس الميكانيكية بالجزيرة أبا قيادة الناقلة رغم إصابة إطاراتها بالنيران، فسارت على الجاسر متقدمة نحو الجزيرة وهي محملة بصناديق ذخيرة ورشاشات متوسطة وخفيفة.. وقنابل يدوية وأصابع ديناميت.
    غربت شمس الجمعة 27 مارس 1970 وغربت معها أرواح عشرات الرجال والنساء والأطفال، ومن قوات الأنصار المدربة استشهد ثمانية وجرح واحد وعشرون، ومن سكان الجزيرة وما جاورها استشهد 73 وأكثر من مائة جريح.
    وقتل 11 من قوات الحكومة. إنتهت معركة القوات وبدأنا معركة إنقاذ الجرحى.. الطبيب الوحيد بمستشفى الجزيرة أبا خرج منها هارباً مع بداية القتال ناسياً المبادئ التي تحكم مهنته نسى كل شئ إلا نفسه وترك هؤلاء البؤساء للألم والعذاب والموت.
    الظلام الحالك يغطي كل الجزيرة بعد أن تدمرت خطوط الكهرباء وحرائق هنا وهناك حيث سقطت القنابل وقذائف الدبابات.
    شابة في عمر الزهور ملقاة على الأرض بعد أن أنفصلت ذراعها عن جسمها وتمزقت أحشاؤها.. تمد يدها الباقية طالبة العون، ولا معين غير الله!
    لم يكن أمامنا من سبيل لإنقاذ هؤلاء الجرحى، كانوا يتعذبون وكنا في عذاب أشد، عذاب العاجز الذي وقف يشاهد أحب الناس وأعز الصحاب يصارعون الموت والألم أمام ناظريه ينادونه فلا يجيب!
    قمنا بنقل الجرحى إلى المستشفى الذي لم يكن به في تلك اللحظة غير ممرضين اثنين فقط، نقلنا المصابين بإصابات طفيفة، أما أصحاب الإصابات الخطيرة فلقد احتسبناهم شهداء عند ربهم لا خوف عليهم ولا هم يحزنون.
    بمعاونة من الأخ محمد محمد صادق الكاروري تمّ تأمين إحدى قذائف الطائرات التي لم تنفجر ونقلناها إلى خارج السرايا بعيداً عن المساكن.
    الإمام المجاهد وسط رجاله يتفقد الدمار يواسي الجرحى لم يغادر السراي رغم تركيز القصف عليه من الطائرات والدبابات، ورغم المحاولات التي بذلها الكثيرون لإقناعه بالخروج.
    قام مجاهدون بمعاونة الشيخ الكاروري بتوزيع مجموعة مدافع المورتر على المواقع بعد تركيبها وشرح طريقة إستخدامها لشباب الأنصار.
    تبادل النيران مستمر طوال تلك الليلة وأطواف الحكومة تنتشر حول الجزيرة، وقام بعض من الرجال من موقع «طيبة» بقصف مطار ربك بمدافع الهاون لمنع الحكومة من تعزيز قواتها بالمنطقة.
    إنتهى اليوم الأول من المعركة بسقوط 83 شهيداً وأكثر من 121 جريح ، وانسحبت مدرعات الحكومة بعيداً، وعاد الأنصار ينظمون صفوفهم ويرعون جرحاهم ويدفنون.
    * المقاومة.. أساليبها.. كيف كانت؟
    حوالى الساعة الثالثة فجراً تحركت مجموعة قتالية مكونة من 35 شاباً مجهزة بخمسة مدافع خارقة للدروع و 15 رشاساً متوسطاً، بالإضافة إلى مجموعة من الرشاشات الخفيفة والقنابل اليدوية، خرجت حتى منطقة «حجر عسلاية» وقامت المجموعة بالإنتشار وسط الصخور في وضع الإستعداد.



    سرية مدرعة
    عند الرابعة والعشر دقائق وصلت سرية مدرعة مكونة من تسع مدرعات وتوقفت في موضع تستطيع أن تطاله نيران المجاهدين الذين أطلقوا النار فوراً وفي الحال أصابوا مدرعتين.
    اندفعت إثر ذلك بقية القوة المدرعة وإلتفت حول موقعهم من الناحية الجنوبية الشرقية وفتحت نيرانها الكثيفة عليهم وبادلوها إطلاق النار بالمقابل فأصبنا مدرعة أخرى.
    في هذه الأثناء تقدمت من ربك مجموعة من الدبابات «ت55» وشاركت سرية المدرعات الهجوم على مواقع الأنصار.
    صدرت الأوامر للقوة بالإنسحاب تجاه النهر حيث الغابة كثيفة والأعشاب عالية، وقد احتسبت القــوة حتى ذلك الوقت ثلاثة شهداء وجرح سبعة .
                  


[رد على الموضوع] صفحة 1 „‰ 1:   <<  1  >>




احدث عناوين سودانيز اون لاين الان
اراء حرة و مقالات
Latest Posts in English Forum
Articles and Views
اخر المواضيع فى المنبر العام
News and Press Releases
اخبار و بيانات



فيس بوك تويتر انستقرام يوتيوب بنتيريست
الرسائل والمقالات و الآراء المنشورة في المنتدى بأسماء أصحابها أو بأسماء مستعارة لا تمثل بالضرورة الرأي الرسمي لصاحب الموقع أو سودانيز اون لاين بل تمثل وجهة نظر كاتبها
لا يمكنك نقل أو اقتباس اى مواد أعلامية من هذا الموقع الا بعد الحصول على اذن من الادارة
About Us
Contact Us
About Sudanese Online
اخبار و بيانات
اراء حرة و مقالات
صور سودانيزاونلاين
فيديوهات سودانيزاونلاين
ويكيبيديا سودانيز اون لاين
منتديات سودانيزاونلاين
News and Press Releases
Articles and Views
SudaneseOnline Images
Sudanese Online Videos
Sudanese Online Wikipedia
Sudanese Online Forums
If you're looking to submit News,Video,a Press Release or or Article please feel free to send it to [email protected]

© 2014 SudaneseOnline.com

Software Version 1.3.0 © 2N-com.de