ابيي و نموزج السودان الجديد

مرحبا Guest
اخر زيارك لك: 05-07-2024, 04:15 PM الصفحة الرئيسية

منتديات سودانيزاونلاين    مكتبة الفساد    ابحث    اخبار و بيانات    مواضيع توثيقية    منبر الشعبية    اراء حرة و مقالات    مدخل أرشيف اراء حرة و مقالات   
News and Press Releases    اتصل بنا    Articles and Views    English Forum    ناس الزقازيق   
مدخل أرشيف الربع الثاني للعام 2007م
نسخة قابلة للطباعة من الموضوع   ارسل الموضوع لصديق   اقرا المشاركات فى صورة مستقيمة « | »
اقرا احدث مداخلة فى هذا الموضوع »
04-11-2007, 09:20 PM

shahto
<ashahto
تاريخ التسجيل: 02-17-2006
مجموع المشاركات: 4394

للتواصل معنا

FaceBook
تويتر Twitter
YouTube

20 عاما من العطاء و الصمود
مكتبة سودانيزاونلاين
Re: ابيي و نموزج السودان الجديد (Re: محمود الدقم)

    thanks wald abbaa i am coming to your work
    thanks


    رؤية لحل قضية أبويي

    حسين جبريل القونى

    تقديـم:

    هذه محاولة متواضعة للإسهام في حل قضية أبويي وذلك بتقديم تصور نأمل ان يكون عملياً لحل هذه القضية المعقدة من كل الجوانب السياسية والإقتصادية والأمنية والإجتماعية والإدارية..

    ومادمنا بصدد تقديم رؤية لحل القضية كان لابد أن نسلط الأضواء على جوانبها المختلفة ، للوقوف على حجمها ومدى تعقيدها، ومن ثم ننطلق لوضع الخيار الأنسب للحل في ظل كل هذه التعقيدات.. وحيث أن مشكلة أبويي هي في الأساس مشكلة سياسية فإن حلها يجب أن يبنى على أسس سياسية في المقام الأول على أن يرتبط ببرامج تنموية إجتماعية وإقتصادية تساعد على إزالة الإحتقان وتدعم إستمرار التعايش السلمي والتمازج القبلي في المنطقة. وهذا الحل هو في حقيقة الأمر في يد شريكي إتفاقية نيفاشا –الحركة الشعبية والمؤتمر الوطني- ثم بعد ذلك تأتي موافقة المسيرية والدينكا.

    وكما هو معروف فإن إتفاقية السلام الموقعة في نيفاشا في 26 مايو 2004 بين الحكومة والحركة الشعبية قد إشتملت -فيما إشتملت- على إتفاقية (بروتوكول حسم نزاع أبويي). ثم أضيف إليها تعديل تحت إسم (ملحق بروتوكول أبويي) في 17/12/2004 تحت مسمى ملحق أبويي (التفاهم حول مفوضية حدود أبويي).



















    إتفاقية السلام ومشكلة أبويي

    تم توقيع الاتفاقية الاطارية بين الحركة الشعبية وحكومة السودان في مشاكوس كينيا (20- يوليو2002) وقد نصت علي تحديد حدود الشمال والجنوب وفقا لحدود عام 1956 (تاريخ الاستقلال ) .ولكن بضغوط قوية أقحمت قضية أبويي في المفاوضات لاحقا وتم توقيع اتفاقية حسم نزاع أبويي (برتوكول أبويي ) في نيفاشا في 26/ مايو 2004م وقد عرفت هذه الاتفاقية أبويي علي أنها منطقة مشيخات دينكا نقوك التسعة التي حولت من بحر الغزال إلى كردفان في عام 1905 ، علما بان هذه المنطقة حسب الوثائق التاريخية والخرط الموثقة تقع جنوب بحر العرب بعيدا عن مدينة أبويي الحالية ومع ذلك سميت المنطقة بأسم أبويي وذلك علي الرغم من أن الدينكا قد نزحوا إليها في عام 1905م .نصت الاتفاقية علي منح أبويي وضعا إداريا خاصا ، تتبع فيه لرئاسة الجمهورية ويديرها مجلس تنفيذي محلي ينتخبه سكان أبويي كما نصت هذه الاتفاقية علي أن يكون سكان أبويي مواطنين بكل من غرب كردفان سابقا (جنوب كردفان حاليا) وبحر الغزال ، مع تمثيلهم في الأجهزة التشريعية لكلا الولايتين.

    أعطت الاتفاقية أهالي أبويي حق الاستفتاء (من دون باقي مناطق السودان الشمالية) حول الاحتفاظ بوضع أبويي الإداري الخاص في الشمال بتبعيته لرئاسة الجمهورية أو أن تكون أبويي جزءا من بحر الغزال وذلك بدون أن تحدد معايير الإقامة ومن لهم حق الاستفتاء.

    نصت الاتفاقية أيضاً ، بدون الإخلال بأحكام اتفاق اقتسام الثروة ، علي تقسيم صافي عائدات البترول المستخرج من منطقة أبويي خلال الفترة الانتقالية علي أسس معينة من بينها منح 2% منه لكل من إقليم بحر الغزال وغرب كردفان ودينكا نقوك وشعب المسيرية.

    نصت المادة (5) من اتفاقية حسم نزاع أبويي(البرتوكول) علي أن تنشي رئاسة الجمهورية مفوضية حدود أبويي لتحديد وترسيم منطقة مشيخات دينكا نقوك التسع التي حولت من بحر الغزال الي كردفان سنة 1905 والتي تمت الإشارة إليها كمنطقة أبويي.

    كما نصت هذه المادة علي أن تحدد الرئاسة تكوين مفوضية حدود أبويي والإطار الزمني المتاح لها ، علي أن تضم اللجنة من بين ماتضم خبراء وممثلين عن المجتمعات المحلية والإدارة المحلية ، وعلي أن تنتهي أعمالها خلال فترة السنتين الأوليتين للفترة الانتقالية.

    بالرغم من وضوح المادة (5) المشار إليها أعلاه إلا أن ضغوطا وعواملاً ما أدت إلى إعادة النظر في هذه المادة بعد سبعة شهور تقريبا من التوقيع عليها وكانت النتيجة هي التوقيع في 17/12/2004م علي ملحق لبرتوكول أبويي تحت مسمي ملحق أبويي (التفاهم حول مفوضية حدود أبويي) وقد تمحور هذا التعديل فقط حول المادة (5-2) الخاصة بتشكيل مفوضية حدود أبويي.

    لقد نص تعديل المادة (5-2) علي أن تشكل مفوضية حدود أبويي علي الوجه التالي :-

    ممثل واحد لكل طرف .

    علي الطرفين أن يطلبا من الولايات المتحدة الأمريكية والمملكة المتحدة وإيقاد ترشيح خمسة خبراء محايدين ذوي دراية ومعرفة بالتاريخ والجغرافية وأية خبرة أخرى ذات صلة . ويرأس أحد هؤلاء الخبراء (مفوضية حدود أبويي).

    يرشح كل طرف اثنين من أعضاء الإدارتين الحاليتين لمنطقة أبويي .

    ترشح حكومة السودان اثنين من المسيرية .

    ترشح الحركة الشعبية لتحرير السودان /الجيش الشعبي لتحرير السودان اثنين من قبائل الدينكا المجاورة لجنوب منطقة أبويي .

    تستمع (مفوضية حدود أبويي) إلى ممثلي شعب منطقة أبويي والجيران وان تستمع أيضاً إلى ما يطرحه الطرفان من آراء.

    يتعين علي الخبراء تقرير قواعد الإجراءات بخصوص مفوضية حدود أبويي

    ترفع مفوضية حدود أبويي تقريرها النهائي إلى الرئاسة قبل نهاية الفترة الانتقالية ويصبح تقرير الخبراء الذي توصلوا إليه حسب المنصوص عليه في قواعد الإجراءات بخصوص (مفوضية حدود أبويي ) نهائيا وملزما للطرفين.

    وبالفعل قدم الخبراء تقريرهم إلى رئاسة الجمهورية، بتوقيعهم، بدلاً عن أن يوقع عليه كل أعضاء مفوضية حدود أبويي الخمسة عشر. وقد كانت أهم محتويات التقرير كما يلي:

    أ/ أنه لا توجد خرطه توضح مكان إقامة دينكا نقوك في عام 1905م وانه لا توجد وثائق كافية أعدت في عام 1905م بواسطة سلطات الحكم الثنائي( الإنجليزي المصري )، توضح بصورة قاطعة الوضع الإداري لتلك المنطقة في ذلك الوقت و أضاف التقرير انه بناءا علي ذلك لجأ الخبراء للبحث عن مادة تاريخية صدرت في أو قبل 1905م تحدد منطقة مشيخات دينكا نقوك . وأكد التقرير انه في هذا الاطار كان الخبراء علي علم بأن المقترح الأمريكي الذي تم تبنيه باعتباره برتوكول أبويي كان قد تم أعداده وفي ذهن الذين أعدوه أن المنطقة التي تم ضمها في عام 1905 هي المنطقة التي تم تحديدها في السنوات الأخيرة (1965) واشار التقرير إلى أن هذا الوضع حسب المشاركين الأمريكيين قد تم نقله إلى طرفي الاتفاق في مفاوضات نيفاشا.

    ب/ ان اعتقاد الحكومة بان منطقة مشايخ دينكا نقوك التسعة تقع كلها جنوب بحر العرب هو اعتقاد خاطي وان هذا الاعتقاد كان مبنياً علي تقرير لاحد المسؤلين البريطانيين الذي اعتقد خطاً انه وصل الي بحر العرب بينما كانت الحقيقة انه وصل الي الرقبة الزرقاء / نقول (وهي منطقة تقع حالياً شمال بحر العرب) .

    ج/ ان السجلات التاريخية والعوامل البيئية تدحض أدعاءات المسيرية بان مناطقهم تمتد الي الجنوب من بحر العرب .

    د/ لا توجد هناك ادله ثبوتية لحق المسيرية المستديم في الاراضي التي تدعي تبعيتها لها .

    هـ/ الوثائق الادارية لفترة الحكم الثنائي البريطاني المصري وشهادة الشهود الملمين بالمنطقة تؤكد ان هنالك وجود لاستقرار دينكا نقوك واستغلالهم للمنطقة شمال بحر العرب خلال الفترة 1905م و 1965م (حسب أدعاء دينكا نقوك والحركة الشعبية) .

    و/ ان الحد الفاصل بين الدينكا نقـوك والمسيرية يقع في وسـط القوز تقريباً بين خـطي عرض 10 10 شمال و 35 10 شمال . وباقتسام المنطقة المشتركة بينهما بالتساوي تصبح حدود منطقة أبويي من الناحية الشمالية هي خط عرض 22 10 شمال .

    عرفت إتفاقية (بروتـوكول) حسم نزاع أبويي الموقعة بين شريكي إتفاقية السلام في نيفاشا، كينيا في 26 مايو 2004- عرفت منطقة أبويي على أنها منطقة مشيخات دينكا نقوك التسعة التي حولت من بحر الغزال إلى كردفان في عام 1905م، ووصفتها بأنها جسر بين الشمال والجنوب يربط شعب السودان.

    وعلى صعيد آخر حددت الإتفاقية المذكورة سكان أبويي بأنهم هم (أعضاء مجتمع دينكا نقوك والسودانيون الآخرون المقيمون في المنطقة).

    ووفقاً للوثائق والتقارير والمستندات والخرط الموثقة التي قدمها ممثلو الحكومة إلى لجنة خبراء مفوضية حدود أبويي ABC فإن المنطقة التي حولت من بحر الغزال إلى كردفان عام 1905 تقع إلى الجنوب من بحر العرب، الذي يمثل حدودها الشمالية وهذه المنطقة حسب حدودها هذه تقع بعيداً عن مدينة أبويي الحالية، إلى الجنوب منها.

    أما حسب تقرير لجنة خبراء مفوضية حدود أبويي فإن منطقة أبويي يحدها شمالاً خط عرض 22 10 شمال وهذا الخط يقع إلى الشمال من بحر العرب بعيداً عنه وتحدها جنوبا حدود ولاية غرب كردفان وهذه المنطقة غنية بالبترول والثروة الحيوانية والغابية تترحل فيها قبيلة المسيرية لفترة 7- 8 شهور في العام (حسب ظروف الأمطار) بحثاً عن الماء والكلأ بصورة تقليدية منذ أن جاءوا إلى تلك المناطق في القرن السابع عشر (أنظر الخـارطة).

    لقد عمد تقرير خبراء مفوضية حدود أبويي إلى تحديد وجعل منطقة أبويي منطقة واسعة شاسعة إمتدت جنوباً من حدود الولايات الجنوبية كما في عام 1956 إلى أن وصلت شمالاً إلى خط عرض 22 10 شمالاً بحيث أصبحت تحدها من الناحية الغربية ولاية جنوب دارفور ومن الناحية الجنوبية ولاية شمال بحر الغزال ومن الناحية الشرقية ولاية أعالي النيل هذا وعلى غير ماجرت به العادة والأعراف السياسية والجغرافية والإدارية في تحديد الحدود بأن تتبع المعالم الجغرافية الطبيعية كالوديان والأنهار والطرق وغيرها، فإن تقرير خبراء مفوضية حدود أبويي قد جعل الحدود الشمالية لمنطقة أبويي في خط مستقيم من الغرب إلى الشرق (هو خط عرض 22 10 شمالاً) حتى الحدود الحالية للمسيرية من الناحية الشرقية وبهذه الوضعية أصبحت كل مناطق إنتاج البترول في ولاية جنوب كردفان وكل مصايف المسيرية الزرق والمسيرية الحمر بفرعيها (الفلايتة والعجايرة) تتبع لهذه المنطقة

    وكما هو معلوم تاريخياً فإن منطقة أبويي هي جزء من ديار المسيرية تقع في الجزء الجنوبي منها حيث بحر العرب وهي منطقة يوجد بها أحد أهم مصايف الرحل، غني عن القول أن حدود منطقة أبويي حسب تقرير الخبراء قد جعلت كل قبائل المسيرية (الحمر والزرق) متأثرة بالقرار، ولم تعد قبائل العجايرة هي فقط المتأثرة به.

    منطقة ابويي تلك المنطقة الوادعة في جنوب غرب ولاية جنوب كردفان التي ظلت ولا زالت تحتضن قبيلة المسيرية ودينكا نقوك وغيرهم منذ غابر الزمان في ود ووئام يعكس التعايش القبلي السلمي في ابهى صورة،قفزت فجأه لتحتل صدر الاخبار وتستقطب الاهتمام الدولي قبل المحلي .ترى ماذا هناك؟هل هي لعنة ثروة الزراعة والبترول الذي تتميز بة المنطقة؟ هل ستصدق نبوءة الذين يرشحون هذه المنطقة لتكون كشمير السودان في المستقبل القريب بسبب تقاطع مصالح الدول الغربية مع المصالح الشخصية لبعض المتعلمين من ابناء قبيلة نقوك؟

    ان قضية ابويي هي في الاساس قضية قومية قضية بلد بحالة ان يبقى او لا يبقى ... وليست قضية المسيرية وحدها التي شاءت الظروف ان تكون هي رأس الرمح فيها. لذلك فانة يمكن القول انة اذا لم يتم تحكيم العقل وتعطيل العواطف عند معالجة هذه القنبلة الموقوتة التي زرعها خبراء لجنة ترسيم حدود ابويي ، ستنهار اتفاقية السلام الموقعة بين حكومة السودان والحركة الشعبية وسيخسر السودان وشعبة كل المكاسب التي حققتها هذه الاتفاقية من حقن للدماء وتوفير للامن والإستقرار الاقتصادي والسياسي .

    يجب الا تنظر رئاسة الجمهورية وكذلك المؤتمر الوطني والحركة الشعبية إلي تقرير خبراء لجنة ترسيم حدود ابويي علي انه ملزم ونهائي لانه ليس قرآناً منزلاً من الله تعالى ولا إنجيلا ويكفي ان المتغيرات والصعوبات العملية قد حالت دون التطبيق الحرفي والالتزام بنصوص اتفاقية السلام بل يجب أن ينظر اليه بمنظار المسئول الوطني الذي يغلب المصلحة العامة على المصلحة الحزبية او الجهوية او القبلية. فالتقرير عجز عن حل المشكلة (المفتعلة و المختلقة) بل سعي لتعميقها وجعلها قنبله موقوتة بينما كان بامكانه إقتراح معالجة الاشكالات والتناقضات التي وردت في بروتوكول ابويي كما كان يمكن ان يقدم المقترحات المناسبة لتنفيذ المهمة بما يحقق استمرار التعايش القبلي بين المسيرية ودينكا نقوك في مودة ووئام كما هو الحال منذ عشرات السنين. ولكن الحقيقة المره هي ان لجنة الخبراء الاجانب ومن هم وراءهم لم يكونوا يهدفون للمساعدة في تحقيق السلام بل كانوا يهدفون لتفتيت وحدةالسودان .

    لقد إشتملت نصوص بروتوكول ابويي والملحق الخاص به على العديد من المواد المتناقضة، والمتعارضة،وكذلك على العديد من المواد التي تحمل اكثر من تفسير او معنى في آن واحد،كما ان الصياغة القانونية لم تكن جيدة، فضلا عن ان تلك النصوص لم تكن شاملة حيث انها قد اغفلت العديد من الجوانب، الامر الذي أدى الى فتح الباب على مصراعية للإجتهادات والمغالطات القانونية والجدل الدستوري . وعلى صعيد اخر فقد اتسم تقرير خبراء ابويي بسلبيات وتناقضات وتجاوزات عديدة وعدم توازن. كما انة اشتمل على مغالطات تاريخية وجغرافية مخالفة للوقائع التاريخية والوثائق والخرط الرسمية. فضلاً عن انه لم يلتزم باتباع الإجراءات القانونية التي نص عليها بروتوكول أبويي فيما يتعلق بتقديم تقرير مفوضية حدود أبويي الى رئاسة الجمهورية. يضاف الى ذلك هناك لبس وتداخل في اختصاصات مفوضية حدود أبويي والخبراء.

    إن السلبيات العديدة التي اتسم بها كل من بروتوكول ابويي والملحق الخاص به وكذلك تقرير الخبراء والنتائج المترتبة على هذه السلبيات ، تجعل من المستحيل تنفيذ ترسيم حدود ابويي وفقاً لما ورد في تقرير لجنة الخبراء وتحول بالتالي دون تنفيذ بروتوكول ابويي .اما اذا ما نظرنا الى الآثار الاجتماعية والإقتصادية والامنية المرتبطة بهذا الامر فإننا نجد ان معالجة الامر تتطلب الحكمة والعقل والموضوعية والتدبير المتأني ومن ثم الحسم وصولاً لاقل الخسائر...



    خلفية جغرافية وتاريخية لمنطقة أبويي

    يقع مجلس ريفي المسيرية حسب أمر تأسيسه في عام 1953 في منطقة السافنا الغنية حيث تفد إلى جنوبه إلى جانب قبائل المسيرية ودينكا نقوك قبائل متعددة منها الرزيقات ودينكا توج ودينكا ملوال والنوير والروينق والفلاتة أمبررو وغيرهم ويرجع دخول المسيرية إلى هذه المنطقة (المجلد) إلى عام 1765 (مذكرات هندرسون) حيث طردوا الداجو والشات منها. أما دينكا نقوك فقد وصلوا لنفس المنطقة في القرن التاسع عشر (مذكرات هاملتون، ودي كنسون). هذا وبناء على الإحصاء الذي أجري عام 1956 فإن عدد سكان منطقة أبويي من المسيرية الحمر قد بلغ 102.000 مواطناً في مقابل 38.500 مواطناً من دينكا نقوك.

    لقد كان وصول دينكا نقوك لهذه المنطقة بناء على إستضافة ناظر المسيرية وقتها الناظر على الجله لناظر دينكا نقوك وقتئذ أروب بيونق الذي إستجار به من جيرانه قبائل النوير التي اضطرته لهجرة موطنه في شمال بحيرة نو بأعالي النيل. وبناءً على توافق الطرفين وإتفاقهما أمكن لدينكا نقوك عبور بحر العرب شمالاً ، ومن ثم الإتشار والتمدد في مناطق أخرى من ديار المسيرية المعروفة إدارياً وذلك إلى أن وصلوا إلى المناطق المجاورة لمدينة أبويي الحالية فاستقروا فيها.

    لقد أحب الله شعب وديار المسيرية، فالمنطقة شاسعة واسعة تعددت ثرواتها في باطن الأرض وخارجها .. فهناك البترول ومنتجاته وكذلك المخزون الجوفي للمياه، وهناك الثروة الحيوانية بأنواعها البقر والضأن والماعز بالملايين من كل نوع، وهناك الأراضي الزراعية البكر الصالحة لإنتاج المحاصيل الزراعية المتنوعة من ذرة ودخن وفول وسمسم وقطن وكركدي وحب البطيخ وعباد الشمس وغيرها فضلاً عن الثروة الغابية والصمغ العربي وصمغ الطلح والحياة البرية.. كل هذه الخيرات والنعم وغيرها بدلاً من أن تجلب السعادة والرخاء لشعب المنطقة جلبت لهم الشقاء واللعنة.. فهاهو شعب المسيرية اليوم كما هو بالأمس.. في حالة تخلف إجتماعي وإقتصادي لا يتناسب مع واقع الحياة وحجم الإستثمارات البترولية الضخمة في المنطقة.. لا تعليم بل فاقد تربوي متعاظم متنامي وإهمال متعمد للإبقاء على الإمكانيات والموارد الإقتصادية والبشرية بلا إستغلال أو إستثمار.. إلا البترول!!!

    أما عن الوضع الإجتماعي والإداري الشعبي فقد كانت المسيرية من أشهر قبائل السودان على الإطلاق .. وهي قبيلة تدين بالولاء لطائفة الأنصار.. مسالمة ودودة ولكنها مرهوبة الجانب إذا جد الجد، يرهبها الجيران والحكام والحكومات، وذلك بفضل توحد كلمتها وتوحد قيادتها.. ومن هنا جاء السعي لإضعافها وتشتيت كلمتها.. وكان المدخل لذلك هو توسيع قمة الهرم القيادي الإداري للقبيلة فأصبح هناك حالياً عشرون ناظراً في قبيلة المسيرية (بـلا قائد او متحدث بأسمهم او باسم القبيله) ويقابلهم في الماضي أربعة نظار (الفلايتة، العجائرة، الزرق، الدينكا) ويرأسهم ناظر عموم المسيرية يدين لهم الكل بالولاء والإحترام.. والأدهى والأمر هو أن قبيلة المسيرية هي القبيلة الوحيدة في السودان التي شطرت قيادتها كما تنشطر الألعاب النارية في السماء، كما أن ولاية غرب كردفان التي كانت تتبع لها القبيلة إدارياً قد تم تذويبها وليت الأمر قد توقف عند هذا الحد، بل تعداه لتغذية روح العصبية والقبلية.. كما غلبت المصلحة الذاتية على المصلحة العامة، وبذرت بذور الفرقة والشتات بين قيادات المنطقة ومتعلميها وتسيدت سياسات العزل والإقصاء حتى غلب الجميع على أمرهم فتشرذموا وتفرق شملهم.. الأمر الذي فتح الباب على مصراعيه للشباب قادة المستقبل لينتفضوا ويملأوا الساحة ويفرضوا إرادتهم.

    والآن تشهد المنطقة إجتياحات واسعة قوامها الشباب وهم يطالبون بالتنمية ويتساءلون عن أسباب إذابة ولاية غرب كردفان حيث أن المنطقة لم تجد بعد ما وعدت به من تنمية وفاءا وتقديراً ً لما قدمت لوحدة الوطن واتفاقية السلام. أما أبناء القبيلة المحاربون الذين كانوا سنداً للدفاع الشعبي والذين وقع عليهم عبء الدفاع عن وحدة الوطن منذ المهدية.. فقد أكلهم اليأس ومزقهم الإحباط.. ولم يجد البعض منهم ملاذاً سوى تكوين فصائل مسلحة سابقاً والإنضمام حالياً للحركة الشعبية أعداء الأمس أصدقاء اليوم، علهم يجدون ضالتهم في الحصول على الخدمات والتنمية.

    لقد إضطرت الظروف المعاشية والبيئية والجغرافية قبائل الدينكا والمسيرية إلى تقاسم الماء والكلأ حول بحر العرب دون أن تجد بديلاً لذلك. هذا وقد ظل بحر العرب تاريخياً يمثل منطقة للتداخل والتمازج بين القبائل العربية حيث المسيرية والرزيقات من الناحية الشمالية والدينكا نقوك والدينكا ملوال من الناحية الجنوبية. وكان من الطبيعي أن تعكر جو هذا التداخل والتمازج القبلي أحياناً بعض الإحتكاكات والصراعات بين المجموعات القبلية المعينة لأسباب مختلفة على رأسها الرعي والماء وغيرها، يروح ضحيتها كل مرة عدد من الأنفس البريئة من الجانبين إلى جانب إتلاف الممتلكات ونفوق الماشية ولكن حيث أن هذه القبائل تعيش في تمازج حضاري وتداخل إجتماعي صهرها ووحدها وألف بينها وجعلها تحتكم لأعرافها القبلية بإعتبارها قانوناً وحكماً ترتضيه وتحتكم إليه في حل نزاعاتها وصراعاتها، فإن مثل هذه الصراعات والإحتكاكات كانت دائماً تجد طريقها للحل والعلاج ومن ثم عودة الوضع للهدوء وعودة المياه لمجاريها والحياة إلى طبيعتها بين القبائل المتنازعة.

    كما هو معلوم فإن نظام الديات معمول به وسط أغلب القبائل السودانية في أعرافها لحل النزاعات فيما بينها، ولكنه بين المسيرية والدينكا يعكس خصوصية العلاقة ودرجة التآخي والتعايش بينهما، إذ نجد أن الدية بينهما مقدارها ثلاثون رأساً من البقر بينما نجد أن الدية بين الرزيقات والمسيرية أبناء العمومة هي 71 رأساً من البقر.

    ولعل من دلائل خصوصية العلاقة والإخاء والمودة والتداخل والإنصهار في بوتقة الوحدة الوطنية بعيداً عن النظرة العرقية الضيقة بين المسيرية والدينكا، فوز الناظر دينج مجوك ناظر الدينكا على الناظر بابو نمر ناظر عموم المسيرية بكرسي رئاسة مجلس ريفي المسيرية عام 1953 في إنتخاب حر وذلك على الرغم من أن الدينكا يمثلون أقلية ضئيلة جداً في المجلس وقتئذ.

    لقد إرتبط مصير الدينكا والمسيرية ببعضهما البعض وذلك منذ أن جمعتهم الأيام في تلك المناطق التي يعيشون فيها حتى تاريخه.. ولذلك كان التمازج الحضاري والمصاهرة والتزاوج والتآخي بينهما فتداخلت الأسر والعائلات وفروع القبائل في بعضها البعض... الجدير بالذكر أن الناظر على الجلة ناظر المسيرية والروب بيونق ناظر الدينكا ومعهما أعداد ضخمة من أتباعهما وأبناء قبيلتيهما قد هاجروا إلى أم درمان لنصرة الثورة المهدية ضد قوى البغي والظلم تحت راية واحدة وعادوا سوياً.

    ومثال آخر لإرتباط الدينكا والمسيرية ببعضهما البعض وتوحيد مصيرهما المشترك هو أن كوال الروب ثم من بعده ابنه الناظر دينق مجوك ناظر الدينكا نقوك وعمد وأعيان القبيلة قد رفضوا كل إغراءات الحكام الإنجليز وضغوطهم منذ الاربعينات لإنضمام أبويي للجنوب أو أن تكون ضمن حزام المناطق المقفولة...

    وكان لأبناء المنطقة المتعلمين دورهم ورؤاهم أيضاً في بقاء المسيرية والدينكا عروة وثقى لا إنفصام لها.. فهاهو دكتور فرانسيس دينج مجوك وزير الدولة بوزارة الخارجية سابقاً ومساعد الأمين العام للأمم المتحدة لشئون اللاجئين سابقاً يقدم مذكرة حول تصوره لحل قضية أبويي حال توقيع إتفاقية أديس أبـابا في عام 1972 قائلاً:

    (إن تصوري لحل قضية أبويي الذي قدمته لذلك المؤتمر الهام لا يخرج عن ذلك النسيج الفريد من العلائق بين المسيرية والدينكا والذي حافظوا عليه على مر العصور.. فليس بخليق بمثقف مثلنا أن يشرخ في نفس أحد من المؤمنين بتلك الوحدة المقدسة في أن يدعوه ليسبح عكس التيار الذي إرتاد العوم فيه الأجداد والآباء فكان محور مذكرتي أن تبقى أبويي بالشمال لتحفظ وحدة المسيرية والدينكا وتقوي الروابط أكثر...)

    أما في عام 1980 حينما إحتدم النقاش بمجلس الشعب القومي حول إنضمام أبويي للجنوب أو بقائها في الشمال أرسل عمد ومشايخ ومناديب أبويي الذين كانوا مجتمعين وقتها مع أهلهم المسيرية بالمجلد برقية إلى السيد رئيس الجمهورية رافضين فيها بقوة شعارات الفرقة والإنقسام، ورافضين بها أيضاً الوصاية عليهم من أي جهة مؤكدين فيها أنهم جزء لايتجزأ من إقليم كردفان. ومشددين فيها على ضرورة إستمرار روح الود والإخاء وتمتين العلاقات الأخوية مع المسيرية تأكيداً للوحدة الوطنية.. ولتأكيد ماجاء في هذه البرقية فقد قام وقتئذ وفد ضم أعيان المسيرية والدينكا بما فيهم جميع عمد دينكا نقوك بزيارة الخرطوم ومقابلة المسؤولين مؤكدين على ماجاء في برقيتهم المشار إليها أعلاه.

    وفي عام 1983 عقد مؤتمر لأبناء المسيرية والدينكا بنادي الضباط بالخرطوم حول قضية أبويي.. خرج المؤتمر بالإجماع مطالباً يومها الرئيس السابق جعفر نميري بأن تظل أبويي بالشمال يتفيأ ظلالها المسيرية والدينكا على السواء تأكيداً للوحدة والتآخي والإنصهارمثلما فعل الآباء والأجداد على مر السنين.

    لم يسجل التاريخ حرباً بين المسيرية والدينكا بالمعنى المفهوم ولكن كانت تحدث بعض المشاكل والصراعات العابرة بين عموديات الدينكا فيما بينها أو بين قبائل المسيرية فيما بينها، أو بين المسيرية والدينكا ولكن في كل هذه الحالات يأتي الأجاويد وعقلاء قبائل المنطقة بالحل الناجع فتصفو الحياة وتعود سيرتها الأولى متناغمة بسيطة هانئة بفضل كفاءة وحنكة وحكمة القيادات الأهلية والقيادات المحلية.

    لقد كانت هنالك في السبعينات بعد إتفاقية أديس أبابا مساعي لتغيير واقع الحياة الإجتماعية والإقتصادية في المنطقة خاصة وأنه طرأ تغيير واضح في مفهوم القبلية وحق الدار وحق المرعى، فكانت مؤتمرات الصلح ولجان الأمن تنعقد في أبيمنم بجنوب كردفان وغيرها..

    تم في السابق إستحداث تجارب أدارية جديدة مثل تجربة الإدارة المشتركة والضباط الإداريين السيارة في محاولة لتعميق قنوات الإختلاط والتمازج وتبادل الثقافات بهدف إستمرار التعايش السلمي ولقد كانت نتيجة هذه المؤتمرات والإجتماعات الدورية إيجابية إلى حد كبير حيث قللت من بؤر التوتر والإحتكاكات وأصبحت المنطقة أكثر تواصلاً وإستقراراً بين قبائلها .. إلا أن هذا الجهد لم يقابله على الطرف الآخر عملاً تنموياً وقدراً مناسباً من الخدمات يساعد على إزالة الغبن والإحساس بالتهميش والإهمال إذ لو كان هناك في المنطقة الحد المعقول من الخدمات لما وجد الكثيرون الذريعة لرفع السلاح ضد المركز ولما تمترس بعض أبناء المنطقة خلف الحركات المسلحة المتمردة والتنظيمات المطلبية المحلية.

    ويكفي أنه بالإضافة إلى النقص الحاد في المدارس ومعينات العمل وضعف تأهيل المعلمين فإن المدارس بالمنطقة قد فقدت أكثر من شهرين من العام الدراسي الحالي وذلك بسبب إضراب المعلمين لعدم إستلامهم لمرتباتهم في موعدها..

    لقد عاش الدينكا والمسيرية في ود ووئام يعكس التعايش القبلي السلمي في أبهى صوره ولم يتعكر صفو هذه العلاقة الطيبة إلا مؤخراً لأسباب سياسية حينما إنضم بعض أبناء دينكا نقوك لحركة الأنانيا وهاجموا المسيرية في مصايفهم وهم عزل إلا من السلاح الأبيض في عام 1965. ولم تكن هذه الحادثة لأسباب قبلية أو عرقية أو دينية. وفي وقت لاحق انضم بعض ابناء دينكا نقوك للحركة الشعبية، أما الآن فإن إتفاقية نيفاشا قد وضعت الأسس السليمة للسلام وحقن الدماء ووضعت في عنق حكومة الوحدة الوطنية وأحزابها وأحزاب المعارضة وأبناء الدينكا نقوك وأبناء المسيرية مسئولية الحفاظ على هذا السلام وحفظ أمن وسلام الأبرياء من القبيلتين..

    هناك أياد ساءها هذا التعايش النموذجي بين القبيلتين المسيرية والدينكا فلجأت إلى إختلاق المشاكل وإثارة النعرات القبلية والعنصرية تحت مسميات مختلفة بإسم إحتكار الأرض وتارة بإسم العنصر الأفريقي أو العنصر العربي وتارة أخرى بإسم الدين أو الجهوية وقد ساعد على ذلك إنتشار الجهل والأمية لضعف البنية التعليمية وعدم إهتمام المركز بتنمية المنطقة إجتماعياً وإقتصادياً، خاصة وأن القبيلتين تمتهنان الرعي والزراعة ويعيشان حياة الترحال.

    لقد تضافرت عدة عوامل وظروف ضد المسيرية والدينكا جعلت منهما مسرحاً رحباً لزرع بذرة الخلافات والشقاق بينهما... وكانا هما الضحية... وظلا يرعيا بذرة الخلافات والصراعات التي غذاها الآخرون فإنعكست آثارها السالبة على المنطقة وشعبها بأكمله، وإن صمدت في وجهها متانة العلاقة بين المسيرية والدينكا والشواهد على ذلك كثيرة نذكر منها مايلي:

    إستمرار جعل المسيرية وقود حرب ضد الحركات المتمردة في جنوب البلاد مثل أنانيا (1) و(2) والحركة الشعبية، مما خلق أجيالاً متعاقبة بعقيدة الحرب والقتال والسلاح وأدى إلى إنصراف القبيلة عن تعليم أبنائها من ناحية.. وإلى زرع فتنة الشقاق بين المسيرية والدينكا من ناحية أخرى.

    إقحام دينكا نقوك في حرب بواسطة الحركة الشعبية وأنانيا إعتبرها البعض مقدسة لفسخ الشراكة مع المسيرية في مناطق بحر العرب وما جاورها ونسف التعايش السلمي بالمنطقة وبذر بذور روح القتال في النفوس بدلاً عن روح التسامح والسلم السلام.

    القيام بحملات إعلامية قوية بواسطة الكنائس الغربية ضد عرب المسيرية وإتهامهم بالإتجار في تجارة الرق وذلك بثًاً لروح الشقاق والبغضاء بغية نسف التعايش السلمي في المنطقة وقد فلحت تلك الدعاية في بث روح العداء بين الدينكا والمسيرية.

    إضفاء القداسة على الحرب في عمليات حربية بالجنوب جعل أبناء الشمال والجنوب على السواء مطية يستخدمها البعض للقضاء على شعب القبيلتين وتعميق هوة الخلاف والشقاق بينهما.

    فرض الجهل والتخلف والمرض على شعب المسيرية بواسطة النظم الشمولية والحكومات المتعاقبة وذلك جزئياً نكاية في حزب الأمة الذي يدين أغلب سكان المنطقة بالولاء السياسي له، فكانت الضحية هي المنطقة وشعبها وذلك على الرغم من كونها منطقة غنية بخيراتها في باطن الأرض وظاهرها، الأمر الذي أدى إلى الإحساس بالغبن والشعور بالظلم فأدى ذلك إلى ظهوربعض التنظيمات المطلبية والشبابية كما أدي إلي تكوين بعض الحركات المسلحة المتمردة في المنطقة وقد ساعد على ذلك حب المسيرية للعسكرية وإرتباطهم بالدفاع الشعبي لعدة عقود.

    تعاني منطقة جنوب كردفان قطاع جبال النوبة من مهددات أمنية خطيرة ومتشعبة متعددة المسارح منها الممارسات السياسية الغير راشدة مما نتج عنها مكايدات سياسية وغبن، وتربص ... يعضدها عدم إلمام بنصوص إتفاقية سلام جبال النوبة يضاف إلى ذلك إنتشار السلاح غير المشروع في أيدي المواطنين مع سوء إستعماله...

    هنالك أيضاً خلل في مناهج التعليم وإنتشار الجهل وضعف البنية الإقتصادية نتج عنها إنتشار الفقر ونظراً للإرتباط الوجداني والإداري والسياسي لهذه المنطقة بنصفها الآخر ( منطقة المسيرية ) فإن أية أحداث أو تحولات سالبة أو موجبة في جزء منها سيؤثر سلبا أو إيجابا على الآخر لأنهما كالجسد الواحد إذا إشتكى منه عضو تداعى له سائر الجسد بالسهر والحمى. لذلك وبناء على معطيات وحقائق الوضع في جبال النوبة لابد من علاج سريع وناجع يتمثل في تنفيذ إتفاقية جبال النوبة وذلك حتى لا تتأثر منطقة أبويي سلباً بتداعيات مايجري في جبال النوبة التي بدأ مجتمعها يتفكك من جراء ما يحدث فيها من مكايدات سياسية بين أنصار المؤتمر الوطني والحركة الشعبية ضحيتها المواطن الضعيف البرئ.هنالك ايضاً آثار سالبة لإستمرار الصراع في دارفور وتغذية فصائلها المسلحة للصراعات في منطقة المسيرية.

    واقع الحال اليوم يقول أن هناك ثمة فراغ بمنطقة أبويي إذ لا توجد حكومة ولا شرطة ولاقضاء بل هناك إنقلاب أبيض في الإدارة المحلية بالمنطقة إذ إحتلت عناصر من المحسوبين على الحركة الشعبية مكاتب المحلية في أبويي وطردت منها المسؤلين وأنزلت علم السودان وإستبدلته بعلم السودان الجديد (كما جاء في الصحف اليومية).

    وعلى صعيد آخر هنالك إتهامات متبادلة بين الدينكا والمسيرية إذ يتهم المسيرية الحركة بأنها نقلت جنوداً من همشكوريب لأبويي وأنها تنقل الدينكا من العاصمة الوطنية وغيرها يومياً إلى أبويي وذلك لفرض واقع جديد بالمنطقة بوضع اليد بينما بادلهم الدينكا بإتهامات شبيهة وهكذا سادت المناخ روح الشكوك المتبادلة والتوجس وتقول التقارير أيضاً أن بعض خواجات الأمم المتحدة في المنطقة يلعبون أدواراً غامضة وفق أجندة غامضة فهم يشجعون متطرفي الطرفين ضد بعضهم البعض، كل هذه الأمور تشير إلى أن المنطقة في فوهة بركان وأن الإنفجار والإشتعال ليس ببعيد إذا لم تسود الحكمة والعقل. هنالك عدد من المعسكرات التابعة للحركة الشعبية في المنطقة منها معسكر الدبب قرب المجلد وهذا وضع يتعارض مع إتفاق الترتيبات الأمنية الذي نص على إنسحاب قوات الحركة إلى جنوب حدود 1956 ومن ناحية أخرى لم يتم بعد نشر القوات المشتركة وبرنامج الدمج وإعادة التسريح DDR بالمنطقة.

    إنتقى الإجتماع المنعقد في 12 أغسطس 2006 بين شريكي نيفاشا الحل السياسي لتفكيك أزمة أبويي وأحالها في ذات الوقت إلى لجنة خاصة لمزيد من النقاش على أن ترفع تقريرها للجنة السياسية المشتركة في إجتماعها الذي كان قد تحدد له يوم 14/8/2006 كان هذا نتاجاً لاتفاق الطرفين على أن قضية أبويي سياسية ولذلك إختار الطرفان الحل السياسي من بين الخيارات الأربعة التي رفعها الإجتماع المشترك بين الطرفين لرئاسة الجمهورية في مايو 2006 بإعتباره الأفضل والأنسب للطرفين. الجدير بالذكر أن الخيارات الأربعة لحل قضية أبويي قد إنحصرت في:

    التوصل لحل قائم على أسس سياسية.

    دعوة الخبراء للحضور والدفاع عن تقريرهم.

    إحالة المسألة للحل على الطرق القانونية أي المحكمة الدستورية.

    إحالة المسألة للتحكيم من قبل طرف ثالث يتفق عليه الطرفان.

    يرى المراقبون إن هذه الخيارات بإستثناء خيار الحل السياسي ليس لها حظ من قبول الطرفين معاً ذلك لأن أيا من هذه الخيارات إذا قبله طرف سيرفضه الطرف الآخر لأنه يعتقد أنه لا يصب في مصلحته أما الحل السياسي فهو الأقرب للقبول بواسطة الطرفين.

    لقد أدخل تقرير الخبراء كل من حزب المؤتمر الوطني والحركة الشعبية في نفق ضيق مظلم ليس بآخره ضوء فإن قبلت به الحكومة والمؤتمر الوطني يكونا قد دخلا في مواجهة مع قبيلة المسيرية التي تساندها قبائل التماس شرقاً وغرباً التي تعتقد أنها ستشرب من نفس الكأس وعندها ستكون قبيلة دينكا نقوك طرفاً مباشراً لا يسلم من الأذى القاتل أما من ناحية ثانية فإن رفض التقرير ربما ينسف إتفاقية السلام إذا لم تسيطر الحكمة ورجاحة العقل على رد فعل الحركة الشعبية التي يمكن أن تتهم الحكومة والمؤتمر الوطني بالإنحياز لقبيلة المسيرية العربية ضد دينكا نقوك القبيلة الأفريقية وهو الأمر الذي يفتح شهية الدول الغربية لتزكية روح التنافر والتناحر بتوسيع الشقة بين الشمال والجنوب وتفتيتهما. وقد تعالت الأصوات بأنه يجب أن يعلم المسيرية ودينكا نقوك ويجب أن يعلم قادة الشمال والجنوب أن تنفيذ تقرير الخبراء سيضر بالجميع إذ أن أي حل لا يقبل به الطرفان أو يؤدي لكسب لا يرضى به الطرف الآخر سيحيل البلاد كلها وليس منطقة أبويي وحدها إلى نار مشتعلة تقضي على الأخضر واليابس وستمتد لقبائل التماس بغض النظر عن بقاء السودان مجزءاً أو متحداً فهل يسعى الجميع إلى حتفهم بأيديهم؟؟

    إن مشكلة أبويي مشكلة سياسية وإقتصادية وإجتماعية تتنازع عليها قبائل المنطقة ولذلك ينبغي أن تراعى فيها حقوق ومكتسبات كل الأطراف المعنية بناء على تسوية سياسية مقبولة للجميع وقد كان لطرفي إتفاقية السلام تجربة مماثلة في حالتي جبال النوبة وجنوب النيل الأزرق لذلك ينبغي للحركة أن تقبل في حالة أبويي تسوية مماثلة إن أرادت تحقيق السلام في تلك المنطقة والتي تمثل صمام أمان السودان.

    ماذا يريد أن يكسب دينكا نقوك من قضية أبويي وهم لا يمثلون كل سكان المنطقة؟؟ هل يريدون نصيبهم من السلطة والثروة؟؟ إن كانت الإجابة بنعم فلا تثريب عليهم فذاك حق للجميع يتساوى ويشترك فيه المسيرية والدينكا على السواء والمناداة بهذا الحق قد أكسبت أهل الجنوب وأهل الغرب وأهل الشرق مكاسب سياسية وأعادت لهم حقوقهم في السلطة والثروة فليتعاون المسيرية والدينكا للحصول على حقوقهما ونصيبهما في الثروة والسلطة بدلاُ من أن يتصارعا على أرض لا مجال لأحد أن يحرم منها الآخر ولنهتدي بما قاله زعماء وحكماء دينكا ملوال أجداد الوزير السابق بونا ملوال حين نصحوا أهلهم قائلين: أن الله قد خلق الأرض واسعة ولكنه إختار أن نعيش مع أهلنا المسيرية والرزيقات في منطقة محدودة لأن مصيرنا واحد وقد خلقنا الله لنعيش سوياً.









    بروتكول أبويي والملحق الخاص به وتقرير الخبراء في الميزان



    نستعرض فيما يلي بإيجاز الجوانب القانونية والاجتماعية والاقتصادية والامنية المرتبطة بقضية ترسيم حدود ابويي علها تعكس لنا حجم المشكلة الحقيقي وتبصرنا بالآثار والنتائج التي يمكن ان تترتب على ترسيم حدود ابويي حسبما ذهب إليها خبراء اللجنة في تقريرهم الذي قدموه لرئاسة الجمهورية:

    أولاً: الجوانب القانونية:

    نصت المادة (3-5) من بروتوكول حسم نزاع أبويي (مبادئ الاتفاق بشأن أبويي) على الآتي:

    "تقدم مفوضية حدود أبويي تقريرها النهائي للرئاسة حال الفراغ منه وعند عرض التقرير النهائي عليها تقوم الرئاسة باتخاذ الإجراءات اللازمة مباشرة لإدخال الوضع الإداري الخاص لمنطقة أبويي حيز التنفيذ (26مايو 2004م).

    أما ملحق أبويي (التفاهم حول مفوضية حدود أبويي) الموقع في 17/12/2004م فقد نص على الآتي:

    " ترفع مفوضية حدود أبويي تقريرها النهائي إلى الرئاسة قبل نهاية الفترة الانتقالية. ويصبح تقرير الخبراء الذي توصلوا إليه حسب المنصوص عليه في قواعد الإجراءات بخصوص (مفوضية حدود أبويي) نهائياً وملزماً "

    يتضح من النصوص أعلاه أن مفوضية حدود أبويي (ABC) هي المناط بها رفع التقرير النهائي لرئاسة الجمهورية وهذه المفوضية مكونة من خمسة عشر عضواً يمثلون الخبراء والحركة الشعبية وحكومة السودان. ولكن الذي حدث فعلاً هو أن لجنة الخبراء قد قامت برفع تقريرها مباشرة إلى رئاسة الجمهورية وهي ليست مفوضة بذلك، وهي بذلك كأنما حلت محل المفوضية في رفع تقريرها الي رئاسة الجمهورية وذلك دون إشراك بقية أعضاء مفوضية حدود أبويي. وهي بذلك لم تلتزم بالإجراءات القانونية لرفع التقرير لرئاسة الجمهورية كما هو منصوص عليها، الأمر الذي يجعل رئاسة الجمهورية في حل عن القيام بأية إجراءات تتعلق بحدود أبويي، بما في ذلك إدخال الوضع الإداري الخاص لمنطقة أبويي حيز التنفيذ، ذلك لأنها (رئاسة الجمهورية) (من ناحية) لم تستلم حتى تاريخ كتابة هذه السطور التقرير النهائي لمفوضية حدود أبويي (حسبما نص على ذلك بروتوكول أبويي والملحق الخاص 9) ومن ناحية ثانية كيف لرئاسة الجمهورية إنفاذ وتطبيق نصوص اتفاق لمنطقة غير محددة المعالم سلفاً أو مسبقاً.

    وعلى صعيد آخر أكد ممثلو حكومة السودان في مفوضية حدود أبويي أنه لم يتم عقد أي اجتماع لمفوضية حدود أبويي بكامل عضويتها لمناقشة دفوعات طرفي الاتفاقية (الحركة الشعبية والحكومة) لتحديد نقاط الالتقاء أو نقاط الخلاف بما يساعد على إعداد التقرير النهائي للمفوضية لرفعه إلى رئاسة الجمهورية مشفوعاً بتقرير الخبراء. وهنا يلاحظ مرة أخرى عدم التزام لجنة الخبراء بالإجراءات التي نص عليها بروتوكول أبويي وملحق البروتوكول المطلوب اتباعها عند تقديم التقرير لرئاسة الجمهورية.



    وبما أن رئاسة الجمهورية لم تتسلم بعد تقرير مفوضية حدود أبويي ABC موقعاً عليه بواسطة جميع أعضائها الخمس عشر، فإنه لا مجال لمطالبتها باتخاذ أي إجراء حيال حدود أبويي. وبما أنه وفقاً لذلك لا تستطيع رئاسة الجمهورية معرفة حدود أبويي، فإنه يتعذر عليها بالتالي حسم النزاع حول أبويي وفقاً لبروتوكول أبويي والملحق الخاص به. ويتطلب الأمر تحكيم العقل وإعمال الحكمة لتجاوز هذه العقبة الكأداء.



    لقد اعترفت لجنة ترسيم حدود ابويي (المكونة برئاسة السفير الامريكي السابق بالسودان وعضوية خبراء من بريطانيا وكينيا واثيوبيا وجنوب افريقيا) في تقريرها الذي سلمتة لرئاسة الجمهورية،انها عجزت عن تحديد المنطقة التي حولت الي كردفان من بحر الغزال عام 1905 وهي منطقة مشيخات دينكا نقوك التسعة كما ورد في بروتوكول ابويي ويعزو التقرير ذلك الي عدم وجود خريطة توضح المنطقة المعنية بالتحديد.وهذا اعتراف بفشل خبراء اللجنة في اداء المهمة التي كلفت بها والمتمثلة في تحديد وترسيم منطقة مشيخات دينكا نقوك التسعة التي ضمت لكردفان من بحر الغزال عام 1905 . وهي المنطقة التي تقع جنوب بحر العرب حسب التقارير الادارية الرسمية لولايتي كردفان وبحر الغزال وقتئذ وحسب الخرط الرسمية للبلاد آنذاك.(صورة مرفقة).



    3- اعترفت لجنة الخبراء انها فهمت التفويض لتحديد المنطقة التي ضمت لكردفان من بحر الغزال عام 1905 حسب التفسير الذي قدمتة لها السفارة الامريكية بنيروبي في 27/04/2005 هذا التفسير يفيد بان المنطقة المعنية هي المنطقة التي سادها صراع مسلح بين المسيرية والدينكا عام 1965(خلافاً لما نصت علية اتفاقية نيفاشا). والمعروف ان هذا الصراع المسلح بين القبيلتين قد نتج عن هجوم مسلح على قبائل المسيرية قامت به عناصر من حركة انانيا المتمردة وقتذاك. وانطلاقاً من هذا الفهم وبتبريرات مجافية للتاريخ والوقائع والوثائق الموثقة، خلص التقرير الي ان المنطقة التي تعيش فيها قبائل نقوك، التي يجب ان تخضع لاستفتاء بعد الفترة الإنتقالية متزامناً مع استفتاء الجنوب كما ورد في اتفاقية نيفاشا، هي المنطقة التي سادها صراع مسلح بين المسيرية والدينكا عام 1965 (حسبما اشارت بذلك السفارة الامريكية بنيروبي) مضافاً اليها مساحة اعتبرها الخبراء مناطق للدينكا بها حقوق دائمة وتحد شمالاً بخط عرض 22 10 شمال وهذه المنطقة تقع شمال بحر العرب بعيداً عنة، وهي المنطقة الغنية بالبترول والثروة الحيوانية التي تقضي فيها المسيرية 7-8 شهور في العام بحثاً عن الماء والكلأ بصوره تقليدية وبهذا فإن إعتماد اللجنة على إفادة سفارة امريكا بنيروبي كمرجعية لتحديد الحدود يعتبر خطاً فادحاً فية خروج صريح على نصوص اتفاقية نيفاشا من ناحية وتجاوز لمهمة اللجنة من ناحية اخرى (انظر خرطة الخبراء المرفقة).



    4- اجمعت التقاريرالسنوية لولايتي كردفان وبحر الغزال خلال الاعوام 1902 ،1903 ، 1904 على ان الحدود بين الولايتين هي بحر العرب الذي يقع جنوباً بالنسبة لكردفان، وشمالاً بالنسبة لبحر الغزال. وبما ان منطقة مشيخات دينكا نقوك خلال هذه السنوات كانت ضمن بحر الغزال ، فهذا يعني منطقياً انها كانت جنوب بحر العرب حينما ضمت لكردفان عام 1905. وفي التقرير السنوي لعام 1905تطابق كل من تقرير مديرية كردفان وتقرير مديرية بحر الغزال في تاكيد ضم المنطقة المعنية الي ولاية كردفان ، وهي بالطبع جنوب بحر العرب الا ان تقرير الخبراء بدلا من ان يحدد المنطقة المعنية (جنوب بحر العرب ) عمد الي تحديد اين كان يعيش دينكا نقوك عام 1965 ، وأضاف لهم مساحة اضافية متجاهلاً بذلك هذه التقارير دون ان يوضح لماذا تجاهلها وهي وثائق قدمت للجنة الخبراء بواسطة ممثلي الحكومة في مفوضية أبويي. والتقرير بهذه الوضعية قد تجاهل التفويض المحدد بتحديد حدود منطقة دينكا نقوك التي حولت لكردفان عام 1905 وإستبدلة (دون تفويض) بمناطق تواجد دينكا نقوك عام 1965 عملا برؤية السفارة الامريكية في كينيا ، بينما المقصود هو الحدود الإدارية بين كردفان وبحر الغزال عام 1905م ولا علاقة لذلك بالحدود بين الدينكا والمسيرية في عام 2005م حينما قدم الخبراء تقريرهم، علماً بانه لا حدود بين الدينكا والمسيرية إلا الحدود التي اختلقتها الإتفاقية وزاد عليها الخبراء.



    5- تجاهل الخبراء الوثائق والمستندات والخرط الموثقة وعددها مجتمعة 57 وثيقة التي قدمها ممثلو الجانب الحكومي في مفوضية ترسيم حدود ابويي الى لجنة الخبراء وهي كلها تؤيد وتثبت صحة وجود المنطقة المعنية جنوب بحر العرب .. حدث ذلك بالرغم من ان بروتوكول ابويي قد نص علي ان يبنى قرار اللجنة على الوثائق والمستندات المؤيدة . ولم يشر تقرير الخبراء الى لماذا لم ياخذ بهذه المستندات الموثقة من جامعات ودور وثائق سودانية ومصرية وبريطانية وغيرها كما انة لم يسعى لتفنيدها أو إظهار المآخذ عليها او جوانب النقص فيها كمستندات ثبوتية وابداء الرأي حولها.



    6- مبادئ الاتفاق بشأن ابويي التي اتخذها الطرفان اساساً لحل النزاع بشان ابويي ، يبدو انها قد تم إعدادها على عجل حيث انها في الحقيقة هي النص الكامل للمقترح (المعنون مبادئ الإتفاق بشأن ابويي) الذي قدمة المبعوث الامريكي الخاص السناتور جون فورث الي السيد النائب الاول لرئيس الجمهورية علي عثمان محمد طه والي الدكتور الراحل جون قرنق رئيس الحركة الشعبية/ الجيش الشعبي لتحرير السودان في 19 مارس 2004. وبقراءة متأنية لمبادئ الإتفاق بشأن أبويي يتضح بجلاء أثر الأيادي الخفية في الإعداد والصياغة وفي اعطاء دينكا نقوك حقوقاً ذات سقف أعلى يتناقض بعضها مع الأعراف الدولية لحقوق الإنسان المتساوية مثل المواطنة المزدوجة وحق الاستفتاء من دون مناطق الشمال وغيرها.



    تم تبني صيغة المقترح الامريكي المذكور دون تعديل بالاضافة او الحذف مما جعله مليئا بالسلبيات القانونية من حيث الغموض وعدم الوضوح وسوء الصياغة القانونية مما جعله حافلاً بالعيوب التي من بينها التناقض مع نصوص اتفاقيات نيفاشا الاخرى التي لها نفس القوة القانونية. وربما كانت هذه السلبيات مقصودة في ذاتها إذ لا يعقل أن تنفرد وثيقة مبادئ الاتفاق بشان ابويي بالسلبيات القانونية وبسوء الصياغة من دون كل الاتفاقيات الأخرى، وذلك على الرغم من وجود خبراء القانون الدولي ضمن وفود المفاوضات.



    7- وفي وقت لاحق(اي في ديسمبر 2004) تم التوقيع على ملحق لبروتوكول ابويي هذا تضمن العديد من التناقضات مع البروتوكول دون ان يتم الغاء المواد التي ادخلت عليها التعديلات وبذلك اصبح هناك نصان قانونيان لعديد من البنود ليس معروفاً ايهما ينسخ الاخر لازالة التناقض . وربما كانت هذه هي السابقة الأولى في تاريخ القانون الدولي الذى تعدل فيه اتفاقية دولية خلال شهور معدودة من التوقيع عليها، وقبل أن يتم الشروع في تنفيذها واكتشاف سلبياتها التي تتطلب التعديل.



    8- أشار الخبراء في تقريرهم إلى أنهم يفهمون التفويض لتحديد المنطقة التي ضمت لكردفان عام 1905 حسب التفسير الذي قدمته لهم السفاره الامريكية بنيروبي في 27/04/2005 أي بعد تقديم المرافعة الاولى للطرفين في 12 أبريل 2005 ويفيد هذا التفسير بأن المنطقه المعنيه هي المنطقه التي تقع شمال بحر العرب والتي سبق ان سادها صراع مسلح في عام1965 تسببت فيه حركة التمرد – انانيا وقتئذ مما ادى الي نزاع مسلح بين المسيرية والدينكا بعد تعايش ووئام استمرا طويلاً جداً لما يربو على قرن من الزمان.



    9- إن تلقي هذا التفسير للتفويض من جهة خارجية متحيزة ليست طرفاً في المشكل يعد خروجاً على قواعد العدالة الطبيعية وخيانة للمهنية وإخلالا بالإستقلالية، وتأكيداً للتحيز وعدم الأمانة ويمثل تقصيراً صارخاً من لجنة الخبراء في القيام بتنفيذ المهمة التي كلفت بها وذلك لان السفارة المعنية ليست هي المرجع المعتمد للحدود وإنما الوثائق التاريخية كما نص على ذلك بروتوكول ابويي .



    10-لعله من المناسب هنا اعطاء خلفية عن حدود 1965 التي تحدثت عنها السفارة الامريكية بنيروبي باعتبارها حدوداً فاصلة بين المسيرية والدينكا . لقد قامت حركة انانيا(2) المتمردة بهجوم مسلح عام 1964 م على بعض المناطق التي كان ينتشر فيها المسيرية بفرقانهم على امتداد الرقبة الزرقاء (احد روافد بحر العرب) وذلك قبل وصولهم الى بحر العرب حيث المصيف. قام المتمردون في صبيحة ذلك اليوم المشئوم بهجوم مسلح على فرقان المسيرية الرحل على امتداد الرقبة الزرقاء شرقا وغربا في مساحة تقدر بحوالي 80 كيلومترا مربعا قتلوا خلاله(في ساعة واحدة) ما زاد على مائتي مواطن بريء واعزل . وقد تصدى لهم فرسان المسيرية وقتها في اعمال انتقامية لم تميز بين مجرم وبريء من الدينكا .

    11 -و في عام 1965 تم عقد مؤتمر في ابويي لإحتواء اثار هذه المشكلة حضرة عدد كبير من القيادات ونظار الادارات الاهلية في كردفان ودارفور وبحر الغزال وغيرها الي جانب عدد من المسئولين. ونظرا لما كان من علائق متميزه وتعايش وتداخل قبلي بين المسيرية والدينكا ولان هذه المشكلة لم تكن مشكلة حدودية ولا مشكلة قبلية او دينية بين القبيلتين وانما كانت مشكلة سياسية بفعل التمرد وقتئذ دفع ثمنها المسيرية والدينكا على السواء، فقد توصل الطرفان المسيرية والدينكا الي اتفاق تم بموجبه ان يستمر الدينكا في البقاء في المناطق التي سمح لهم المسيرية بالعيش فيها معهم منذ زمن بعيد وذلك دون ان يتم دفع تعويض او ديات لاي من القبيلتين كتعويض عن الخسائر البشرية والمادية التي لحقت بهما. وهذا يؤكد ان المشكلة لم تكن اصلا مشكلة حدودية او قبلية او مشكلة تعايش بين القبيلتين وانما كانت بفعل التمرد وقتئذ السؤال الذى يبحث عن إجابة هنا هو لماذا اقحم الأمريكان هذه المشكلة العابرة في أتون قضية أبويي وحدودها؟ هل أرادوا بها ان تكون قنبلة موقوتة تنسف التعايش القبلي والنسيج الاجتماعي في المنطقة ؟



    12- ورد في ملحق بروتوكول ابويي ،أنه إذا لم يتم التوصل الي قرار بواسطة اعضاء المفوضية بتوافق الاراء ، واتخذ الخبراء قراراً يكون هذا القرار ملزماً للطرفين اذا ما جاء وفقاً للوائح والاجراءات. ولما كانت اللائحة الأولى في البروتوكول فيها التفويض بتحديد منطقة مشيخات دينكا نقوك التى حولت لكردفان من بحر الغزال في عام 1905 واللائحة الثانيه تضمنت ترسيم هذه الحدود اي وضع هذا التفويض علي الخارطه، فإن تجاهل الخبراء لحدود 1905 (اللائحة الاولى) في حد ذاتة يعتبر مخالفة صريحة لهذه الاجراءات. كما ان عدم تحديد هذه المنطقة وعدم ترسيمها يعتبر هو الآخر مخالفة اخرى للقواعد الإجرائية ومن ثم فان قرار اللجنة ليس بملزم وليس بنهائي لمخالفتة للقواعد الإجرائية ولانه تجاهل الوثائق الثبوتية الموثقة.



    13- قال ممثلو الحكومة في لجنة حدود أبويي (ABC) أن تقرير الخبراء تجاهل اهمية زيارة مفوضية حدود ابويي بكامل اعضائها لضريح السلطان اروب جد الناظر دينج مجوك الكائن بجنوب بحر العرب مؤكدين ان الميجور البريطاني ويلكنسون قد زار سنة 1902السلطان اروب في هذه المنطقة وكتب عنة مؤرخاً لهذه الزيارة بوصف دقيق للطريق ولجغرافيا المنطقة يتطابق مع واقع المنطقة اليوم واشاروا الى أن مكان ضريح السلطان اروب هو المقر التاريخى التقليدي لزعيم دينكا نقوك الروحي جد الناظردينج مجوك زعيم المشيخات التسع. ويعتبر هذا التجاهل للزيارة المذكورة مخالفة لقواعد الاجراءات لان الزيارات الميدانية كانت جزءاً من القواعد الاجرائية ولذلك كان يجب اخذها في الاعتبار عند إتخاذ القرار النهائي وهو الامر الذي لم يحدث.



    14- لقد شهد مستر يان برونك ممثل الامم المتحدة (السابق في السودان) ضد لجنة خبراء ابويي حينما علم ان اللجنة قد غيبت عن بقية اعضاء لجنة ترسيم حدود ابويي العشرة تقريرها ولم يره احد منهم الا عندما نودي على الجميع لسماع ذلك التقرير امام رئيس الجمهورية ، وذلك بقولة ان اللجنة لم تعمل العمل الذي كونت من اجلة فضلاً عن ذلك دعا برونك الي اجتماع برئاستة يضم القبيلتين في المنطقة للتداول حول انجع السبل لتحقيق التعايش القبلي بينهما دون تدخل الجهات السياسية والرسمية في مسارات التفاوض الشعبي بين القبيلتين وهذا بحد ذاته إعتراف بفشل اللجنة في اداء مهمتها علي الوجة الاكمل الامر الذي حدى بمستر برونك البحث عن بدائل عملية لحل المشكل.



    15- إن تقرير الخبراء حول تحديد وترسيم حدود ابويي الذى قدم لرئاسة الجمهورية قد ارتكب العديد من الاخطاء الإجرائية والموضوعية مما ادى الي اختلاف التفسيرات حول بروتوكول ابويي وسيدفع هذا الامر الحكومة والحركة الي الدخول في جدل دستوري يصعب حسمة وقد ينتهي الامر الي قطيعة سياسية بين الحركة وحزب المؤتمر الوطني الحاكم ، الامر الذي يهدد الاستقرار السياسي بالبلاد ويفتح الباب علي مصراعية لكل الاحتمالات وبالطبع سوف لن تقف الاحزاب السياسية بالجنوب والشمال بعيدة عن هذه التداعيات السياسية مما يؤدي لمزيد من الاستقطاب السياسي وتعريض مستقبل البلاد السياسي للخطر .



    16- إن قبول تقرير لجنة خبراء ترسيم حدود ابويي- كما قدمتة اللجنة – بالحدود التي إبتدعتها (انظر الخريطة المرفقة) يستدعي إعادة تعديل الدستور لانة مخالف لنصوص اتفاقية السلام والدستور الانتقالي الذي تمت اجازتة بواسطة المجلس الوطني الانتقالي الحالي مؤخرا.ً وكما هو معلوم فان بروتوكول ابويي مضمن في الدستور والنصوص الواردة فية تعتبر نصوصاً دستورية عرفت "منطقة ابويي بانها هي منطقة مشيخات دينكا نقوك التسعة التي حولت من بحر الغزال الي كردفان عام 1905" اما تقرير الخبراء فقد عرف منطقة ابويي بانها هي المنطقة التي يسكنها دينكا نقوك او لدينكا نقوك فيها وجود خلال عام 2005. وهذا بالطبع مخالف لنصوص البروتوكول وبالتالي مخالف لاتفاقية السلام ويتعارض مع نصوص الدستور .علية فان إعتبار تقرير الخبراء ملزما ونهائيا يستدعي تعديل الدستور وتعديل اتفاقية السلام نفسها وهذا بالطبع اجراء له ما له من تعقيدات وجدل دستوري .

    17 - الجدير بالذكران اي تعديلات في حدود منطقة ابويي الحالية،سوف تستدعي ايضاً تعديل المادة(2-1)من اتفاقية حسم النزاع في ولايتي جنوب كردفان والنيل الازرق والبند (10) من مرفق جنوب كردفان الملحق بالاتفاقية المؤرخ في 31/12/2004 وقانون تقسيم الولايات لسنة 2005 الى جانب تعديل الدستور الانتقالي الحالي وفقاً لهذه التعديلات فضلاً عن إلغاء وتعديل القرار الجمهوري الصادر في 16 يونيو 2006م الذى حدد حدود ولاية جنوب كردفان الحالية. والسؤال الذي يفرض نفسة هنا هل إجراء هذه التعديلات امر ميسور؟



    18- هنالك إختلاف وتعارض بين بروتوكول ابويي (مايو 2004) والملحق الخاص به المتعلق بالتنفيذ (ديسمبر 2004) اذ ان البروتوكول نص على تشكيل مفوضية بواسطة رئاسة الجمهورية لتحديد وترسيم حدود ابويي خلال عامين من ممثلين عن الادارة المحلية والمجتمعات المحلية ولكن الملحق استبدل هؤلاء الممثلين بممثلين آخرين بينهم اجانب ، اعطوا رئاسة اللجنة لأحد الخبراء الاجانب مع تقليص مدة عمل اللجنة لفترة ما قبل المرحلة الانتقالية ( اقل من ثلاثة شهور) بدلا عن فترة سنتين حسبما جاء في بروتوكول ابويي (مايو 2004 ) هذا التناقض بين البروتوكول والملحق الخاص به سببه عدم وجود نص بإلغاء المواد المتعارضة .



    19- لقد نصت اتفاقية حسم النزاع في ولايتي جنوب كردفان /جبال النوبة والنيل الازرق الموقعة في نيفاشا في 26مايو2004 على ان حدود ولاية جنوب كردفان هي نفسها الحدود السابقة لمديرية جنوب كردفان عند تقسيم كردفان الكبرى الى مديريتين وهي تشمل بالطبع منطقة ابويي. وقد صدر بالفعل في 16/06/2005 قرار جمهوري بالحدود الجديدة للولايةحسب هذه الاتفاقية وفي ذلك تعارض مع بروتوكول ابويي خاصة فيما يتعلق بترسيم حدود ابويي وحق الاستفتاء والسؤال هنا هل سيقبل مواطنو جنوب كردفان باقتطاع جزء من ولايتهم(منطقة ابويي) بينما نصت اتفاقية حسم النزاع على انها جزء من ولاية جنوب كردفان؟ علماً بانه لم تكن هنالك اية إشارة في اتفاقية حسم النزاع في ولايتي جنوب كردفان والنيل الازرق لابوييي او الاستفتاء او البروتوكول الخاص بها.



    20- لم يرد نص في بروتوكول ابويي يشير الى ان قرارات المفوضية الخاصة بترسيم الحدود نهائية.كما انه لم يرد فيه نص يجعل من تقرير اللجنة قابلا للمراجعة أو موافقة أو رفض رئاسة الجمهورية. لذلك فان نصوص البروتوكول اصبحت حمالة اوجة ويتطلب الامر الانحياز للنصوص التي تدعم وحدة البلاد.



    21- لم يرد نص في بروتوكول أبويي يتعلق بكيفية فض النزاعات المتعلقة بتنفيذ البروتوكول، ولا بالجهة التي يمكن اللجوء اليها للنظر في تلك النزاعات. أمامنا الآن مشكلة رفض تقرير الخبراء بواسطة رئاسة الجمهورية والمؤتمر الوطني من ناحية، والإصرار عليه من جانب الحركة من ناحية أخرى، والسؤال هنا ماهي المرجعية القانونية لفض هذا النزاع وماهي الجهة التي ستفصل فيه؟ هذا ما ستجيب عليه الأيام.



    22- لقد اضطرت الاوضاع الامنية إبان فترة التمرد السواد الاعظم من دينكا نقوك الى هجرة منطقتهم الى مناطق السودان المختلفة في الشمال حيث يعتقد البعض أن بضعة آلاف هم اولئك المقيمون الذين لا زالوا مرتبطين بتلك بالمنطقة ، وأشاروا الى ان هنالك اجيالا من دينكا نقوك ولدوا وترعرعوا في الشمال وليس من المنظور عودتهم الي المنطقة للمشاركة في الاستفتاء على تبعية منطقة ابويي الي كردفان او بحر الغزال لارتباطهم عملياً ووجدانياً بالمناطق التي يتواجدون فيها وهذا الوضع في حد ذاته يمثل احد التعقيدات المنتظرة في مسألة الاستفتاء ومدى احقيتهم في المشاركة فيه كما ان هذا الوضع في مجمله مثار تساؤلات عمن يحق لهم الاستفتاء هل دينكا نقوك فقط؟ بمن فيهم المهاجرون والنازحون؟ هل يحق للمسيرية وغيرهم المقيمين والمترحلين في المنطقة الاستفتاء؟ كلها تساؤلات مليئة بالتعقيدات الصعبة ترك علاجها للجنة الإستفتاء عند تكوينها مستقبلا كما نص على ذلك بروتوكول ابويي.



    23- نص بروتوكول ابويي على ان تضع لجنة استفتاء ابويي معايير الاقامة في المنطقة وفي هذا مجال واسع للإختلافات حول هذه المعايير مستقبلاً الامر الذي قد يؤدي للمزيد من الاستقطابات ومزيد من الصراعات مستقبلاً عند الشروع في وضع هذه المعايير وهو يعني تأجيل الصراعات والاختلافات الى المستقبل بدلاً عن حسمها فوراً.

    24- نص بروتوكول ابويي علي ان يدير المنطقة مجلس تنفيذي محلي الا ان البروتوكول لم يحدد الشروط الواجب توفرها في عضو مجلس المنطقة التنفيذي كما لم يحدد كيف ومتى تنتهي عضويتة خاصة اذا اخذنا في الاعتبار السلطات الواسعة الممنوحة للمجلس والوضعية الادارية الخاصة لمنطقة ابويي كما انه لم يتم تعريف من هم سكان ابويي الذين يحق لهم الاستفتاء للبقاء في الشمال أو الانضمام الى الجنوب كما انة لم يتم تحديد كيفية علاج التعقيدات الادارية والتنفيذية وتضارب الاختصاصات بين السلطات المحلية للولاية والمجلس المحلي لادارة ابويي الذي يتبع لرئاسة الجمهورية حسب نص البروتوكول.



    25- لم يشر البروتوكول الى لماذا تم منح حكومة جنوب السودان واقليم بحر الغزال ما نسبته (42%) و (2%) على التوالي من بترول منطقة ابويي بينما البترول من موارد كردفانية بحتة. تساءل المراقبون في كيف ولماذا تم القطع بان البترول المكتشف ( حتي عام 2004 تاريخ توقيع الاتفاقية) يقع في منطقة ابويي مسبقاً وذلك قبل إجراء تحديد وترسيم الحدود؟ وأكدوا أن في ذلك إستباق للنتائج وان الامر كان مقصوداً .

    إن موافقة الجانب الحكومي في مفاوضات نيفاشا على بروتكول أبويي والملحق الخاص به بالصورة التي رأيناها، تدعو للتساؤل كما تدعو للعجب!!



    ثانياً: الجوانب الاقتصادية:



    1- ان اي اختلالات امنية اوإشتباكات قبلية بين المسيرية وغيرهم حول حدود ابويي كما قدمها خبراء لجنة ترسيم حدود ابويي ستترتب عليها نتائج سالبة إذ أنها ستؤدي الي إعاقة النشاط الاقتصادي كلية في المنطقة وهي منطقة انتاج بترول وثروة حيوانية وزراعية وسوف يتأثر السودان سلباً بهذا الوضع بصفة عامة وسوف تتدهور تجارة صادر البترول والمواشي واللحوم وستهرب الاستثمارات الاجنبية وسيتوقف الدعم المالي والفني والاجنبي للبلاد ويحدث بالتالي انهيار إقتصادي كبير يؤدي الي مفاقمة تخلف البلاد اقتصادياً واجتماعياً.

    2- إن اندلاع الحرب في منطقة المسيرية بسبب مشكلة ابويي سيؤدي الي انفراط عقد الامن ،ما يؤدي بالتالي الي هجرة العديد من السكان الي مناطق اكثر امناً في الشمال والجنوب. وستتضرر اقتصاديات الريف،وستنكمش تربية الماشية،احد المصادر الرئيسية لصادر اللحوم والمواشي ويسود الفقر في المنطقة الامر الذي سيؤدي الي إقامة العديد من المعسكرات لإيواء النازحين والهاربين من جحيم النار وستجدها منظمات الفتنة فرصة لخلخلة النسيج الاجتماعي بالبلاد، وستنشغل الحكومتان المحلية والمركزية وكذلك حكومة الجنوب بالحرب .. وسيترتب علي ذلك إستنزاف للموارد وتعطيل لدوران عجلة الإقتصاد والتنمية في البلاد عامة ونتائج حرب الجنوب ليست ببعيدة عن الاذهان.

    3- اما من الجانب الآخرفإن من نتائج الاختلال الامني في منطقة المسيرية توقف انتاج وضخ البترول المنتج في منطقة المسيرية وبحر الغزال.هذا بدوره سينعكس سلباً على حركة النقل والتنقل والترحيل البري والجوي والبحري في السودان عامة ، وسيؤدي هذا الوضع الى انتاج العديد من المشاكل الحياتية المعقدة وسيتصاعد التذمر الشعبي فتضطرب الاوضاع الامنية والسياسية والاجتماعية وبذلك ينفرط عقدالامن فتتشابك المشاكل وتزداد تعقيداً.



    ثالثاً: الجوانب الإجتماعية والامنية:

    1- ان التداعيات الامنية التي سيخلقها تنفيذ قرار لجنة خبراء ترسيم حدود ابويي علي ارض الواقع مخيفة بل مفزعة للغاية ذلك ان المسيرية الذين لم يكونوا طرفاً في الاتفاقية يعتبرون ان القرار يسلبهم الارض التي عاشوا فيها منذ مجيئهم لتلك المنطقة في القرن السابع عشركما يسلبهم مصادر رزقهم ،ولم يترك لهم خياراً سوى القتال ولذلك فهم مصممون على البقاء في ارضهم مهما كان الثمن اما فوقها احياء او تحتها امواتاً شهداء .



    2- وقبيلة المسيرية كما سجل التاريخ مشهود لافرادها بالشجاعه والبسالة وهم حماة وحدة السودان منذ فجر المهدية وحتى تاريخنا الحالي بل هم الذين وقفوا سداً منيعاً في وجة التمرد وحالوا دون ان يتمدد شمالاً. هذا يعني ان دخول منطقة ابويي في مشاكل امنية او مواجهات عسكرية سيشعل ناراً يصعب إطفاؤها ويخلق وضعاً امنياً سالباً على البلاد خاصة وأن التقارير تتحدث عن معسكرات للتدريب قوامها أبناء المسيرية والدينكا في المنطقة.



    3- وعلى صعيد آخر فان تداعيات تقرير لجنة الخبراء يمتد اثرها ليس لجنوب كردفان وحدها ، وانما ايضاً لكل مناطق الرعي والتداخل القبلي والاقتصادي على طول خط التماس بين الشمال والجنوب حيث الترحال المستمر بحثاً عن الماء والكلأدون التقيد بالحدود الادارية للولايات .لذلك فإن ما يدعو له هذا التقرير سيجعل كل قبائل التماس تسعى بحق وبدون حق لتأكيد حقها على الارض التي تتجول فيها ،خاصة مع التحولات الايكولوجية وتغير الطقس المستمر وزحف التصحر جنوباً ، وعندها ستكون المحصلة النهائية هي رفع السلاح بين القبائل والاقاليم وسينفرط عقد النسيج الاجتماعي في تلك المناطق علي الاقل ، وذلك بغض النظر عن استمرار السودان موحداً او منفصلاً الي شطرين شمالي وجنوبي في المستقبل.



    4- إن مجرد محاولة تنفيذ قرار لجنة خبراء ترسيم حدود ابويي كما جاء في تقريرهم سيجعل كل قبائل التماس الحدودية شرقا وغربا من حدود تشاد وافريقيا الوسطى الى ولاية النيل الابيض ً تتحسب لنفس مصير المسيرية من حيث نزع اراضيهم وفرض اللجوء عليهم واذا ما حدث ذلك فستكون لذلك مضاعفات امنية سالبة خطيرة للغاية .



    5- وعلي صعيد آخر فان تنفيذ قرار لجنة خبراء ابويي يرسي لسابقة خطيرة تهدد العلاقات السلمية بين القبائل وتهدد النسيج الاجتماعي السائد وذلك بتشجيعها لكل القبائل السودانية الي الانغلاق على نفسها وطرد كل غريب عن ديارها خشية ان يتحدث احد يوماً عن حقوق السكنى الدائمة والاقامة الدائمة التي جعلها خبراء اللجنة حقاً لملكية الارض لمن ينازع عليها .



    6- ان الظلم في الحق وفي الارض يدفع المظلوم للتطرف ويجعلة يسترخص الحياه فيسعى لاسترداد حقة مهما كان الثمن ومهما طال الزمن وذلك لان الدفاع عن الارض تهون في سبيلة الارواح وامامنا قضية فلسطين والعراق وغيرهما تقف شاهداً على ذلك ولذلك فان اية محاولة لتطبيق توصية خبراء لجنة ترسيم حدود ابويي على ارض الواقع عن طريق اية قوه حكومية اواقليمية او دولية سوف تفرض وضعا امنياً سالبا خاصة وان منطقة المسيرية منطقة شاسعة مترامية الاطراف متعددة المناخات و الغطاء الشجري تساعد على حرب العصابات وتشجع على قطع الطرق في المنطقة واثارة الخوف والرعب والهلع وسط المواطنين ولعل ما يدور حالياً في دارفور ابلغ دليل على ذلك وكما هو معلوم فأن منطقة المسيرية تعج بمقاتلي الدفاع الشعبي من ابنائها ممن هم اصلاً فاقداً تربوياً تعوذه وسيلة كسب العيش الشريف كما تعج بمعاشيي القوات المسلحة والنظامية من ابناء المسيرية الذين يعشقون الجندية في الجيش والشرطة والدفاع الشعبي ويجيدون استعمال السلاح بانواعة المختلفة.خلاصة الامر ان منطقة المسيرية قابلة للاشتعال ... واذا ما اندلعت شرارة واحدة فان احتواء النار سيكون امراً مستحيلاً خاصة وان تجار الحرب في الداخل والخارج في انتظار هذه السانحة لتحقيق مآربهم.



    ان احداث اي تغيير في الاوضاع الحالية لعلاقات المسيرية بدينكا نقوك سيكون مكلفاً جداً كما اوضحنا ولذلك فانه ليس من الحكمة في شيء تاجيل حسم موضوع تقرير لجنةخبراء ترسيم حدود ابويي طويلاً. ولذلك لا بد من رفضه رسمياً والعمل على وضع البديل الانسب.



    رابعاً : تعليقــــــات عـــــامة :

    1- لقد نص بروتوكول ابويي على إعطاء اهالي ابويي الخيارين التاليين في الاستفتاء:

    ا- ان تحتفظ ابويي بوضعها الإداري الخاص في الشمال وذلك من حيث تبعيتها الادارية لرئاسة الجمهورية.

    ب- ان تكون ابويي جزءاً من بحر الغزال (مما يقوي احتمال انفصال الجنوب عن الشمال).

    هذه الامتيازات الخاصة السخية قد تحفزالآخرين للمطالبة باوضاع مماثلة مما يخلق عدم استقرار مستقبلا قد تنتج عنة تداعيات فبلية وسياسية وادارية سالبةً.



    2- اعطى بروتوكول ابويي مواطني منطقة ابويي امتيازات خاصة دون غيرهم من كل مناطق وقبائل السودان اذ انة نص علي ان يكونوا مواطنين في كل من ولايتي غرب كردفان (جنوب كردفان حالياً) وبحر الغزال(اي مواطنة مزدوجة) ؟ كما نص على ان يتم تمثيلهم في الاجهزه التشريعية لكل من الولايتين كما تحدد ذلك لجنة الانتخابات القومية ؟ هنا يتساءل البعض اليس في هذا الوضع ما يشجع الآخرين للمطالبة بمعاملة مماثلة؟ وألا يتعارض ذلك مع دستور السودان ومع قوانين حقوق الإنسان التى تنص على تساوي المواطنين في الحقوق والواجبات.



    3- تساءل المشفقون كيف سيكون الوضع فيما لو رفض مواطنو بحر الغزال اعطاء مواطني منطقة ابويي حق الانضمام لهم اذا ما صوتوا لصالح الانضمام لبحر الغزال، اليس من حقهم ان يرفضوا ذلك واليس من حقهم المشاورة الشعبية كحق ديموقراطي والية لتاكيد وجهة نظر مواطني الولاية؟

    4- وتساءل بعض أبناء المسيرية بقولهم اذا لم يتيسر التوصل لعلاج ودي لقضية ابويي الى ان وصل الامر الى مرحلة الاستفتاء او غيرها وبافتراض ان نتيجة الاستفتاء كانت برفض الانضمام لبحر الغزال هل سيقبل المسيرية بوجود دينكا نوك معهم في ادارة واحدة مستقبلا؟ في كل الاحوال ستكون العلاقات مشوبة بالتوتر الدائم الذي يؤدي الى عدم الاستقرار بالمنطقة.





    5- يعتقد ان هنالك صعوبة عملية في ان يتعايش دينكا نقوك مع مواطني بحر الغزال اذا ما قرروا الإنضمام اليها. وهنا ارجو ان استعير تصريح اللواء التوم النور دلدوم قائد قوات السلام السودانية القومية- قطاع بحر الغزال- عضو الهيئة القيادية لقوات دفاع جنوب السودان لجريدة الحياه في عددها بتاريخ 3 سبتمبر 2005 رداً على سؤالها له حول راية في تقرير لجنة ترسيم حدود ابويي حين قال:

    "انا اعارض التقرير ... منذ زمن بعيد الدينكا موجودون مع المسيرية ولم يحدث شي جديد ليتخلى الدينكا عن المسيرية او المسيرية عن الدينكا هذه القبائل تربط بينها علاقات طيبة وممتازة ،وانا ارى ان الذين يتحدثون عن ضم ابويي للجنوب رؤيتهم غير صحيحة ولا يمكن ان يعملوا علي ضم ابويي للجنوب الا اذا كانت لهم رغبة في فصل الجنوب عن الشمال وهم وحدويون يتحدثون عن السودان الواحد فلماذا يريدون ان ياخذوا ابيي ويضموها الي الجنوب اذا لم يكن في نيتهم فصل الحنوب؟!!"
                  

العنوان الكاتب Date
ابيي و نموزج السودان الجديد shahto04-09-07, 04:38 PM
  Re: ابيي و نموزج السودان الجديد shahto04-09-07, 04:44 PM
  Re: ابيي و نموزج السودان الجديد محمود الدقم04-09-07, 06:25 PM
    Re: ابيي و نموزج السودان الجديد JOK BIONG04-09-07, 06:42 PM
      Re: ابيي و نموزج السودان الجديد Mustafa Mahmoud04-09-07, 06:55 PM
        Re: ابيي و نموزج السودان الجديد shahto04-09-07, 09:33 PM
          Re: ابيي و نموزج السودان الجديد محمد على طه الملك04-10-07, 02:16 AM
            Re: ابيي و نموزج السودان الجديد عبدالغني بريش فيوف04-10-07, 03:08 AM
              Re: ابيي و نموزج السودان الجديد shahto04-10-07, 02:06 PM
                Re: ابيي و نموزج السودان الجديد shahto04-10-07, 02:18 PM
                  Re: ابيي و نموزج السودان الجديد shahto04-11-07, 06:56 AM
                    Re: ابيي و نموزج السودان الجديد shahto04-11-07, 09:47 AM
                      Re: ابيي و نموزج السودان الجديد shahto04-11-07, 09:50 AM
                        Re: ابيي و نموزج السودان الجديد shahto04-11-07, 09:53 AM
  Re: ابيي و نموزج السودان الجديد محمود الدقم04-11-07, 05:13 PM
    Re: ابيي و نموزج السودان الجديد shahto04-11-07, 09:20 PM
      Re: ابيي و نموزج السودان الجديد shahto04-11-07, 09:24 PM
        Re: ابيي و نموزج السودان الجديد shahto04-11-07, 09:28 PM
          Re: ابيي و نموزج السودان الجديد shahto04-11-07, 09:32 PM
            Re: ابيي و نموزج السودان الجديد shahto04-12-07, 04:07 PM
              Re: ابيي و نموزج السودان الجديد shahto04-13-07, 10:04 AM
                Re: ابيي و نموزج السودان الجديد shahto04-14-07, 09:12 AM
                  Re: ابيي و نموزج السودان الجديد shahto04-14-07, 09:26 PM
                    Re: ابيي و نموزج السودان الجديد shahto04-16-07, 08:28 PM
                      Re: ابيي و نموزج السودان الجديد shahto04-18-07, 09:59 PM
  Re: ابيي و نموزج السودان الجديد محمود الدقم04-18-07, 10:28 PM
    Re: ابيي و نموزج السودان الجديد shahto04-19-07, 03:13 PM
      Re: ابيي و نموزج السودان الجديد shahto04-20-07, 08:20 AM
        Re: ابيي و نموزج السودان الجديد shahto04-23-07, 05:48 PM


[رد على الموضوع] صفحة 1 „‰ 1:   <<  1  >>




احدث عناوين سودانيز اون لاين الان
اراء حرة و مقالات
Latest Posts in English Forum
Articles and Views
اخر المواضيع فى المنبر العام
News and Press Releases
اخبار و بيانات



فيس بوك تويتر انستقرام يوتيوب بنتيريست
الرسائل والمقالات و الآراء المنشورة في المنتدى بأسماء أصحابها أو بأسماء مستعارة لا تمثل بالضرورة الرأي الرسمي لصاحب الموقع أو سودانيز اون لاين بل تمثل وجهة نظر كاتبها
لا يمكنك نقل أو اقتباس اى مواد أعلامية من هذا الموقع الا بعد الحصول على اذن من الادارة
About Us
Contact Us
About Sudanese Online
اخبار و بيانات
اراء حرة و مقالات
صور سودانيزاونلاين
فيديوهات سودانيزاونلاين
ويكيبيديا سودانيز اون لاين
منتديات سودانيزاونلاين
News and Press Releases
Articles and Views
SudaneseOnline Images
Sudanese Online Videos
Sudanese Online Wikipedia
Sudanese Online Forums
If you're looking to submit News,Video,a Press Release or or Article please feel free to send it to [email protected]

© 2014 SudaneseOnline.com

Software Version 1.3.0 © 2N-com.de