بمناسبة اليوم العالمي لمحو الامية في العالم حيث ان بعض الدول تعتبر الامية هي امية عدم استخدام الكومبيوتر والتقنية الحديثة اما نحن فانواع اميتنا كثيرة لذلك ننتهز هذا المناسبة ونناشد الدولة ومنظمات المجتمع المدني ومراكز البحوث لدينا سيما ونحن مقبلون على السودان الجديد كما هو مزعوم نناشدهم بالعمل الجاد والاهتمام بقضية محو الامية بكل محاورها المختلفة فهنالك الامية الابجدية والامية الحضارية والامية الثقافية والامية السياسية والامية الادارية . فالامية الابجدية فنحن نتسائل كم عدد السكان الذين لم تتوفر لهم فرص التعليم في بلدنا بسبب الاهمال من قبل الدولة من ناحية وبسبب ظروف الحرب التي كانت الانظمة المتعاقبة ساهمت في مد أمدها وهل ان لمراكز البحوث والاحصاء في بلدنا احصائيات او دراسات سيما وقد انتهت الحرب في جنوب البلاد واستشراف الحل في قضية دارفور والشرق فلابد لهذه المراكز ان تقوم بدورها وللدولة ان تهتم بهذا الجانب المهم من جوانب الحياة ودعم مشروعات محو الامية وبذلك نكون قد فتحنا الباب امام القضاء على الامية بانواعها المختلفة . أما الامية الحضارية فتعني التخلف في المواكبة لكل التفاعلات الايجابية للانسانية خاصة ونحن في عصر العولمة ولابد من مواكبة التطور العالمي في مجالات التكنلوجيا الحديثة والاتصالات ونحن ايضا لدينا رصيد وافر من الامية الثقافية بحيث ان الدولة لم تهتم بحرية التثاقف بين الثقافات المتعددة في وطننا الكبير الامر الذي انعكس لاحقا بشكل سلبي على حركة الوعي الثقافي في البلاد وجعل من سيطرة الثقافة العربية هي المهيمن الاساسي مما ولد نوع من الشعور بالغبن عند اكثر من نصف سكان البلاد تقريبا وتلك اكبر امية ثقافية لانها اثرت في ارتباك في تحديد الهوية السودانية فجعلها تدور في فلك المثقفين السودانيين العرب وغير العرب حتى انها سمين او بالاحرى اصبح مصطلحا يتداول بين الشعب السودان وهو مصطلع صراع الهوية فاذا ما قضينا على مسالة ادلجة الثقافة ورسمنا لها طريق واحد لتسير فيه نكون قد انشانا الخلل في مجتمعنا واربكنا الاجيال . اما فيما يتعلق بالامية السياسية فحدث ولا حرج والاهم فعدم الاهتمام بقضايا حقوق الانسان واحترامها واعطاء الشعوب حق الحرية في مختلف ابعادها بدءا من الديمقراطية اي المشاركة الشعبية في الحكم عبر اختيار ممثليها في الحكم سواء في المجالس التشريعة او التنفيذية كذلك انعدام المساواة بين المواطنين في الحقوق والواجبات ومنذ ان استقل وطننا الحبيب من المستعمر وتسلمت القوى السودانية الحكم في البلاد ونحن نعاني من ديناصورية القادة بحيث انهم لم يتغيروا لا في الشخصية ولا في العقلية الامر الذي ناسف له حقا لان قادة الاحزاب ورؤسائها ظلوا هم هم فلم يتغيروا في شيئ بل ما زالوا مستمرون في التشبث بالسطة في اطار الحزب ولم يفسحوا في المجال الى كوادر الشباب الذين صرفت عليهم الدولة الاموال الطائلة للتعليم ولكنهم لم يجدوا الفرصة في انزال ابداعاتهم على ارض الواقع السياسي بدءا من المؤسسة الحزبية وانتهاءا بالوصول الى السلطة وبشكل ديمقراطي يوفر للدولة وللشعب الحرية وانسيابية تداول السلطة وبشكل سلمي ودوري , فنتيجة لتلك السيطرة الديناصورية للزعماء وصلنا الى ما وصلنا اليه من احتراب طلبا في الحقوق الضائعة فتلك هي الامية السياسية بعينها . كما يعاني بلدنا من الامية الادارية الرهيبة اي الخدمة المدنية وذلك بسبب انعدام التخطيط والرقابة الادارية وكذلك انعدام المحاسبة على الاخطاء القانونية وغير القانونية في كافة مؤسسات الدولة والتي هي بكثرة حيث لا يمكن عدها او عدِّها مما اثر سلبا على التنمية الادارية كما ان ارتباط الجهاز الاداري بالحياة السياسية وبشكل واسع ادى إلى اخلال كبير في الخدمة المدنية التي يتغير كادرها الاساسي كلما تغير نظام وهذا ما فعله نظام ( الانقاذ ) بحجة الصالح العام وليس للامر علاقة بالصالح العام التي تدعيه بل بالولاء السياسي مما ادى الى خروج عدد كبير من الكوادر الادارية الفذة ذات الخبرة الواسعة اتي فقدتها اجهزة الدولة الادارية وغير الادارية مما احدث خللا كبيرا لانه اصبح اختيار الاداريين والموظفين بشكل سيئ فلم يكن يتم على اساس الكفاءة والمقدرة والخبرة بل يتم عن طريق الانتماء السياسي والولاء الزعامي فكانت الامية الادارية .
هذه كتابة عميقة.. مباشرة.. وثرية إذ تحتوي على أكثر من منظور لمفهوم الأمية ذلك الداء العضال.
تخريمة:
أخشى ما أخشاه من طغيان الصراعات الشخصية الصغيرة على المنبر الآن أن يكون ذلك أيضا كمؤشر لكارثة أشد هولا من كارثة جون قرنق التي لم تتكشف تداعياتها بعد. يبدو لي أننا بحاجة ماسة إلى أن نتعلم كيف نرتقي من (الذاتي) إلى (الموضوعي). فمثلا قد يتضرر الكاتب سجيمان من قبل الفنان حسن موسى ولكن يمكن لهذا الصراع أن يفتح آفاقا واسعة لنقاش عميق حول مفاهيم مثل الحرية أوالديمقراطية أوالحوار أوالمثقف أو.. الخ. ولكن يبدو أن ما هو فردي ضيق أكثر امتدادا في دواخلنا مما هو جماعي. والغريب أن ما هو فردي يتم دائما تحت ستار كثيف من (القيم الجماعية) أو(الإستنارة) على الجانب الآخر. وقلبي حزين.
الاخ : هاشم مدني لك الشكر والتقدير نعم ان الحكومة لم تقصر في محو اميات الكهرباء وفي دي معاك حق المفروض يمنحوا جائزة . اما الامية الثقافية هذه التي هي مؤرقانا جميعا فلابد من العمل لمحوها وبكل محاورها.
09-09-2005, 05:38 AM
عبدالعظيم عبدالله
عبدالعظيم عبدالله
تاريخ التسجيل: 03-20-2004
مجموع المشاركات: 683
الاخ : abraham deng شكرا على المرور وحقيقة اذا ارادوا ان يجدوننا فاننا هناك موجودون ولكنهم نراخم يجدوننا عندما يحتاجون ان ياخذوا مننا شيئا ما ولكنهم في لحظة العطاء لا يجدوننا فيا للعجب .
الا : zoul"ibn"zoul لك التحية والاحترام وشكرا على المرور اما عن تغيير السؤال لا اظن ذلك لان المنبر هو فضاء سوداني ولذلك هو غير مستثنى من السؤال المطروح فقط عليك الاجابة ان كانت لديك الاجابة او على الاقل حاول . مع فائق الشكر
الرسائل والمقالات و الآراء المنشورة في المنتدى بأسماء أصحابها أو بأسماء مستعارة لا تمثل بالضرورة الرأي الرسمي لصاحب الموقع أو سودانيز اون لاين بل تمثل وجهة نظر كاتبها
لا يمكنك نقل أو اقتباس اى مواد أعلامية من هذا الموقع الا بعد الحصول على اذن من الادارة