|
مصر الشقيقة تتعتم علي ابداعنا ونحن نهرع نحوها
|
Quote: اكتفوا بجواهر وستونا وتناسوا وجود وردي معهم لعشر سنوات ------
ان الامم تبني نفسها بمبدعيها مثلما تبنيها الخطط الاستراتيجية والمشاريع الهادفة في السياسة والإقتصاد والإجتماع وغيره . وابداعنا السوداني ومنذ وقت بعيد اسهم في بناء امتنا وكان له الدور الكبير في جميع مناحي الحياة السودانية ورغم ذلك ظللنا ولسنوات ـ اطول من طويلة ـ نتعاطي الابداع المصري بمنتهي الحب.. كيف لا وهو ابداع حقيقي ومايجمعنا بمصر الشقيقة يتجاوز حدود الوصف والتشبيه.. احتضنّا مصر في غنائها عبر حنجرة عبد الحليم حافظ وام كلثوم التي ادهشتها ثورة حب ابداعها عند أهل هذا البلد عندما قامت بزيارته.. واحتضنا مصر في كل مجالات الحياة الأخري حتي كدنا ان نكون مصرين اكثر من المصرين انفسهم. ولكن مقابل ذلك تقابلنا مصر بالتعتيم علي ابداعنا ومبدعينا وان اجبرتها بعض افكارها الانحيازية في عقلها فانها تقدم من السودان مبدعين لايمثلون سوي ادوات يستخدمونها لصالحهم ولايمثل افراد تلك الفئنة شيئاً امام مبدعين اخرين اكبر شأناً منهم بالسودان . ولن اطلق قلمي ليكتب الكلام علي عواهنه بل عندي من الوقائع ما يؤكد ذلك.. ولنبدأ اولاً بالدراما المصرية التي ظللنا نقدمها منذ سنين طويلة وبالمقابل.. هل رأي منكم احداً«دراما سودانية .. مية المية» في جهاز اعلامي مصري مثلما يفعل تلفزيوننا تجاه الدراما المصرية. وحتي عندما نجح المخرج السوداني سعيد حامد تمت«فرعنته» ولم يذكر في يوم من الايام بصفة «المخرج السوداني» في اجهزة الاعلام المصرية ثم ها هو الحريري عند زيارته الأخيرة للخرطوم يتمشدق انه لا يعرف علي مهدي .. ولنقل انه لايعرف ممثلنا صوصل مثلاً وهذه يمكن ان تكون مقبولة علي مثل شاب مقتدر لم يزل في بداية طريقه.. لكن كيف لايعرف الحريري الامين العام لاتحاد الفنانين العرب؟ أليس في الأمر مقاصد؟ اما بالنسبة للغناء فان مصر الشقيقة اكتفت بتقديم جواهر وستونا بينما تناست وجود عملاقنا وردي في القاهرة لأكثر من عشر سنوات دون ان يتواضع أحد الاجهزة المصرية الإعلامية ويقدمه في نصف ساعة فقط .. لا اكثر .. لانريد ثلاث ساعات مثل التي وجدها الحريري أو غيره بتلفزيون السودان.. ورغم ذلك نهرع تجاه مصر وندعو مبدعيها الي اجهزتنا الاعلامية والمخرج شكر الله خلف الله «السوداني» من اوائل الذين استوردوا الابداع المصري للتلفزيون السوداني ولكنه لم يصدّر من ابداعنا شيئاً.. الاكثر مرارة من ذلك ان بعض مبدعي مصر يسرقون ابداعنا بعد ان يتم حذف صفة الملكية الابداعية والفكرية عن ذلك الابداع ولنكتفي فقط بالمطرب محمد فؤاد الذي استباح أغنية الليل الهادي لمبدعنا شرحبيل أحمد وغيره أكثر.. هذا الحال.. حال الاهتمام من جانب واحد وهو اهتمامنا بالمصرين وعدم اهتمامهم بنا عن قصد .. يؤكد اشياء كثيرة سوف نستعرضها مستقبلاً الا ان هذا الحال لايشمل بعض المبدعين المصرين الذين يحترمون الابداع السوداني احتراماً جميلاً ومن هذه الفئة نجد الشاعر الفذ عبد الرحمن الابنودي الذي قال لي العام الماضي عندما زار الخرطوم انه يحس بروحه معتقلة بفعل الشعر السوداني وسأل عن محجوب شريف وتجوّل كثيراً مع محمد طه القدال واندهش بازهري محمد علي وقال انه «سوداني ضل طريقه الي القاهرة».. وهذا هو بعض الخير الذي نجده من الشقيقة مصر التي فتحت معنا الان ابواب عديدة كانت موصدة بفعل«افاعيل» ولكنها لم تفتح الباب الاهم الموصد امام ابداعنا السوداني وعلاماته الفارقة في جميع مجالات الابداع .. ألم يقنعهم وردي او عثمان حسين او احمد المصطفي في الغناء؟.. ام لايقنعهم التشكيلي العالمي راشد دياب او العلامة شبرين؟.. وفوق هذا وذلك ألم يجدوا في الدراما السودانية كلها وبتاريخها الطويل «اربعين دقيقة» فقط صالحة للبث عبر جهاز اعلامي مصري؟ انني لا ادعو لمقاطعة الإنفتاح أو الابداع المصري ولكنني ادعو تلفزيوننا وصحفنا واذاعاتنا السودانية الي الموازنة بين ابداعها الوطني والمصري او غيره .. ولاتعتقدوا ان مصر لاتدري بما تفعل مع ابداعنا من تعتيم مؤسس لا دفاع لها فيه مع وجود ما اختصرت من شواهد ووقائع يشهد عليها اطفالنا قبل التاريخ. ورغم ذلك نصر نحن اصراراً غريباً علي التعتيم المصري لابداعنا ونقلده تجاه إبداعنا السودانيين حيث نهرع دوماً الي مصر ونتجاهل ـ تحت تأثير خفي ـ السودان وابداعه. وان لم تكن عند مصر مخططات تفرض بها ابداعها علينا وتتجاوز ابداعنا فلتعمل منذ الان علي تقديم الابداع السوداني المميز مثلما نقدم نحن ابداعها حتي اسرفنا الادمان في الغناء المصري والدراما المصرية وغيرها . وصدقوني ان فعلت مصر الشقيقة ذلك «ولن تفعل» سأكون من الخطائين التوابين وتكون هي صادقة وكذبت كل حروفي.. أو ستكذب وأكون أنا من الصادقين. ------ عن المشاهد السودانية |
|
|
|
|
|
|
|
|
|