العبادي وسرور وخضر بشير في يرضي ليك المولى الموالي.. لنتحقق من فائدة التقطيع العروضي كما أن الشعر العامي لا يجوز تعربيه وإلا أختل الوزن كما سنري (فقط استمع بروية):
والآن سأعقد مقارنة بسيطة من باب المثال بين سرور وخضر بشير.. في تلاتة مقاطع فقط (منمرة أدناه) . وآتي بها في المقدمة مقطعة عروضياً لمحاولة تبيان أهمية النطق الصحيح للكلمة وبالتالي للوزن والتفعيلة.. ولفهم النص الشعري من الناحية اللغوية وأيضاً الآنثروبولوجية أي من حيث السياقات التاريخية المختلفة للغة والتراكيب و المفردات المستخدمة.
استمع إلى الراوبط المرفقة من يوتوب.. أولاً نسمع خضر بشير .. في المقطع رقم 1 ينطق الساكنين أكثر من مرة.. وهذا ما لا يفعله سرور الذي يلتزم بالقواعد حرفياً كل الوقت.
في المقطع 2 خدر بشير ينطق الكلمة زَجَلْ بسكون الجيم (زجْل) وهذا خطأ مرتين: خطأ لغوي قاد إلى الإخلال بالوزن. بينما سرور طبعاً يفعل الصحيح (زَجَل)
كله ذلك في مقدمة القصيدة أي لغاية نهاية الدقيقة الأولى في الفديوهين.
في المقطع التالت خدر يقول (كَثُرْ النوح العيالك (أي يعرب الكلمة ناطقها ب“الثاء” كما بالتالي تغيرت الحركة والسكون في البيت الشعري.. بينما عند سرور لا تعريب بل كتر (كُتَرَ النوح) وينطقها سرور وفق القاعدة: كُتَرَنْ نوحَلْ عَيالكْ.
راجع واسمع مرة مرتين إن كنت تهتم بذلك القدر من التحقق.. ذلك مهم لنخلص منه إن صح إلى أهمية العلم بقواعد لغتنا العامية كما قواعد أشعارنا العامية قاطبة ليس الحقيبة وحدها.
الحاج محمد احمد سرور - برضي ليك المولى الموالي.. الأصل السليم مية المية:
ملاحظة: كُتَرَنْ النوح تبدأ حوالي الدقيقة والثانية 2.50 من سرور وبعد هذا الزمن من خضر بشير.. وإن شئت التحقق اسمع الفنانين المبدعين في برضي ليك المولى الموالي عدة مرات.. لترى ربما الفرق بين العلم بالشيء ومجرد الذوق والحس والموهبة والإبداع وحدهن بلا علم ولا دراية علمية.. نحن هنا من أجل القواعد العلمية.. تلك هي القضية.
قصيدة العبادي (برضي ليك) مثل الكثير من زجليات الحقيبة تمتاز بالسجع ولزوم ما لا يلزم .. مع التركيز على أن القصيدة غير معربة.. فإن عربتها (مثلاً إن نطقت كُتَرْ لتكون كَثُر) يختل الوزن ويختل السجع ويختل لزوم ما لا يلزم وتختل القوافي ويصبح ذلك نثر لا شعر. وبرغم الكلمات الفريدة والغريبة المحتشدة في شعر الحقيبة فإنها غير معربة وتخضع بالكامل لقواعد العامية وأن كثيرها خارج قاموس تلك العامية الوسطسودانية.
---
* نحن هنا نتحدث حصرياً عن الكلمة (التفاعيل والاوزان).. وهنا لا إدانة للفنان المبدع الراحل العظيم خضر بشير بل فقط تبيان للحقيقة وإن كان هناك إدانة لجهة أو شخص فهي ربما للمثقفين السودانيين جمعاً بلا إستثناء وغيابهم عن ساحة الفعل الموجب وغرق معظمنا في العويل السياسي دون جدوى.. كما أن بحث الحقيبة لم يتطرق ابداً للالحان ولا الايقاع ولا الموسيقى ولا كيفية اداء الغناء (تلك شؤون اخرى) بل فقط بالكلمة الشعرية (النوع الشعري وخلفيته وقواعده المحتملة) وبالظروف السياسية والاجتماعية والاقتصادية التي نشا فيها النمط الشعري بداية عهد الاستعمار الانجليزي وما الى ذلك.. والاسباب. وبالتالي فالبحث ليس في غناء الحقيبة في شموله (هو ليس بحث في غناء الحقيبة) بل فقط في النوع الشعري/النظمي للغناء وظروف محيط نشاة هذا النوع والاسباب .. هو بالزبط يتحدث عن القطن قبل ان يصبح ملابس (مثال للبيان) وذلك مشروح تفصيليا في خلاصات البحث المنشورة.. .وهذه الملاحظة الأخيرة هي الأهم منعاً لتكرار الخلط .. ونمضى إلى الأمام.
في الحلقات المقبلة سناخذ أمثلة جديدة: مبارك حسن بركات (أحرموني ولا تحرموني) صلاح بن البادية (برضي ليك) ، محمد الأمين (بدور القلعة) وإنصاف فتحي (نسيم السحر).. لذات السبب وهو تبيان أهمية التقطيع العروضي للشعر العامي والذي بدوره يقتضي العلم بقواعد العامية.
الرسائل والمقالات و الآراء المنشورة في المنتدى بأسماء أصحابها أو بأسماء مستعارة لا تمثل بالضرورة الرأي الرسمي لصاحب الموقع أو سودانيز اون لاين بل تمثل وجهة نظر كاتبها
لا يمكنك نقل أو اقتباس اى مواد أعلامية من هذا الموقع الا بعد الحصول على اذن من الادارة