|
Re: سلطة التمرد قادمة لا محالة (Re: حامد بدوي بشير)
|
العلاقة التاريخية بين مصالح الهامش والتحول الديموقراطي
الثابت تاريخياً أن الحركة السياسية السودانية قد إنقسمت في بداية تكوينها حول محورين كبيرين هما المشروع الإستقلالي ذو التوجه الديني والمشروع الإتحادي ذو التوجه العروبي. ولم تكن الإدارة البريطانية الجوهر المصرية القشور، راضية عن أي من هذين التوجهين. لهذا لم يكن أمام تلك الإدارة سوى تشجيع أو حتى فرض مشروع حداثى علماني ديموقراطي يقود السودان على خطى الهند وسيلان. فهي لم تكلف نفسها مشقة فتح السودان، لتسليمه لابن المهدى أو لملك مصر. وإنما فتحته ليرتبط بها سياسيا وإقتصاديا، عبر النظام الديموقراطي وعبر الكومونويلث.
وكان طبيعيا أن تتجه الإدارة البريطانية إلى المتعلمين المتخرجين من مدارسها الحديثة لتأسيس تيار سياسي ثالث ينادي بإستقلال السودان بعيدا عن مصر وبعيدا عن ابن المهدي. غير أن التاريخ يثبت لنا أن المتعلمين قد خذلوا التوجه السياسي البريطاني في السودان مرتين. مرة حين اختاروا التوزع بين التيارين الكبيرين، الإتحادي العروبي والإستقلالي الديني كما يتضح من حركة (مؤتمر الخريجين). ومرة ثانية بانخراطهم وقيادتهم للثورة ضد الوجود الإنجليزي في وادي النيل تجاوبا مع الثورة الوطنية المصرية ما بين عامي 1919و1924.
هكذا بدأت السلطات الإستعمارية البريطانية في البحث عن بديل للمتعلمين ليقوم بعبء الدعوة للتيار العلماني الديموقراطي ضمن الحركة السياسية السودانية. ومما له أهمية خاصة جدا في هذا البوست، أن نعي بوضوح أن الفئة الإجتماعية السياسية الثانية التي وقع عليها إختيار السلطات الإستعمارية لتقوم بعبء الدعوة للتيار العلماني الديموقراطي، هي فئة ساكني الأرياف والأطراف أي من يعرفون اليوم بأهل الهامش. فمن المعروف تاريخيا أيضاً أن الإدارة الإستعمارية حين يئست من فئة الخريجين، قد تحولت إلى زعماء القبائل في الهامس، في الشمال والشرق والغرب والجنوب، ودفعتهم دفعا إلى تكوين (الحزب الجمهوري الإشتراكي) لينادي بإستقلال السودان بعيدا عن مصر وبعيداً عن طموحات عبدالرحمن المهدي.
ولم يكن هذا الإختيار أمرا عشوائيا، فقد كانت الإدارة الإستعمارية تعتقد أن مصلحة الخريجين (المتعلمين)، كفئة إجتماعية هي نواة لبرجوازية صغيرة، قادرة علي إدارة البلاد، كانت تعتقد أن مصلحة هذه الفئة ترتبط بالديموقراطية العلمانية وبإضعاف النفوذ الطائفي. ولما عميت هذه الفئة عن مصلحتها، بحثت الإدارة الإستعمارية عن الفئة الثانية التي ترتبط مصالحها بالديموقراطية العلمانية وتتناقض أهدافها مع أهداف التيار الإتحادي العروبي والتيار الإستقلالي الديني، فلم تجد سوي أهل الهامش.
ولم يكن أهل الهامش والأطراف في ذلك الزمن بأحسن حال من المتعلمين. فهم أيضا قد فات عليهم فهم مغزى محاولة الإدارة الإستعمارية خلق تيار ثالث من خلالهم. وقد أثبت هذا الفشل الإستعماري المتكرر، أن النفوذ الطائفي في السودان من التجذر والعمق بحيث إستطاع أن يهزم أماني الإمبراطورية البريطانية حول مستقبل السودان. إلا أن المحاولة نفسها تظل ذات مغزي خطير. فهذه التجربة تؤكد إرتباط مصالح أهل المناطق الطرفية البعيدة عن المركز بالديموقراطية العلمانية، بناءا علي أن غالبية أهل الأرياف لا يدخلون ضمن التصنيف العرقي – الثقافي العروبي، ونسبة كبيرة منهم لا يدخلون ضمن التصنيف الديني الإسلامي. وقد تجلت هذه الحقيقة ساطعة قبل الإستقلال بالنسبة للجنوبيين، وبعد الإستقلال بالنسبة لأهل جبال النوبة وشرق السودان وغربه، فبدءوا في تكوين أحزابهم وروابطهم وإتحاداتهم السياسية بعيدا عن التيارين الكبيرين، الإتحادي العروبي والإستقلالي الديني.
فرغم فشل (الحزب الجمهوري الإشتراكي) وموته المبكر لما لقيه من حرب من جميع التيارات، بعضها عن وعي ، مثل الاتحاديين والاستقلاليين، وبعضها عن جهل، مثل قوى اليسار، إلا أنه قد أثبت من خلال عمره القصير بأن قضايا ،أهل المناطق الطرفية البعيدة عن المركز لا بد لها من وعاء سياسي يأتي من خارج التيارين الكبيرين، الإتحادي العروبي والإستقلالي الديني.
غير أن نظار الشرق وعمد الغرب وسلاطين الجنوب وجبال النوبة لم يكن لديهم، في ذلك الوقت المبكر، من الوعي السياسي والإجتماعي ما يجعلهم يجارون فهم الإدارة الإنجليزية الإستعمارية، كما أن أهل المناطق الطرفية البعيدة عن المركز لم يكونوا على مستوى من الوعي السياسي بحيث يفهمون ضرورة قيام هذا الوعاء. ولم يقع فهم هذا الواقع السياسي في الاطراف والهوامش، إلا بعد الإستقلال حيث أضطروا، كما قلنا، لخلق إتحاداتهم وأحزابهم السياسية خارج التيارين المذكورين، تلك التنظيمات التي عرفت بأحزاب الأقليات أو بالأحزاب الجهوية، رغم ما في هذه التسميات من مغالطات.
والآن، وبعد مرور ما يزيد عن الخمسين عاماً، فإن وعي أهل المناطق الطرفية البعيدة عن المركز بتناقض مصالحهم مع توجهات التيار العروبي والتيار الديني، قد تعمق ونضج لدرجة أنهم قد اخذوا يقاتلون من أجل فرض خياراتهم على السودان. يتضح من هذا التسلسل التاريخي أن الأحزاب الجهوية التي تمثل أهل الهامش عموماً، هي المرتكز الحقيقي للديموقراطية
(عدل بواسطة حامد بدوي بشير on 09-02-2014, 05:17 AM)
|
|
|
|
|
|
|
العنوان |
الكاتب |
Date |
سلطة التمرد قادمة لا محالة | حامد بدوي بشير | 08-26-14, 10:17 AM |
Re: سلطة التمرد قادمة لا محالة | وائل حمزه الزبير | 08-26-14, 10:20 AM |
Re: سلطة التمرد قادمة لا محالة | حامد بدوي بشير | 08-26-14, 10:40 AM |
Re: سلطة التمرد قادمة لا محالة | حامد بدوي بشير | 08-26-14, 10:42 AM |
Re: سلطة التمرد قادمة لا محالة | حامد بدوي بشير | 08-26-14, 10:51 AM |
Re: سلطة التمرد قادمة لا محالة | فتحي الصديق | 08-26-14, 12:11 PM |
Re: سلطة التمرد قادمة لا محالة | محمد هاشم ابوزيد | 08-26-14, 12:29 PM |
Re: سلطة التمرد قادمة لا محالة | محمد على طه الملك | 08-26-14, 12:37 PM |
Re: سلطة التمرد قادمة لا محالة | حامد بدوي بشير | 08-27-14, 05:04 AM |
Re: سلطة التمرد قادمة لا محالة | حامد بدوي بشير | 08-27-14, 05:36 AM |
Re: سلطة التمرد قادمة لا محالة | حامد بدوي بشير | 08-27-14, 09:42 AM |
Re: سلطة التمرد قادمة لا محالة | حامد بدوي بشير | 08-28-14, 05:12 AM |
Re: سلطة التمرد قادمة لا محالة | munswor almophtah | 08-28-14, 05:17 AM |
Re: سلطة التمرد قادمة لا محالة | محمد هاشم ابوزيد | 08-28-14, 05:59 AM |
Re: سلطة التمرد قادمة لا محالة | حامد بدوي بشير | 08-28-14, 06:25 AM |
Re: سلطة التمرد قادمة لا محالة | حماد الطاهر عبدالله | 08-28-14, 08:34 AM |
Re: سلطة التمرد قادمة لا محالة | حامد بدوي بشير | 08-28-14, 08:50 AM |
Re: سلطة التمرد قادمة لا محالة | حامد بدوي بشير | 08-28-14, 10:53 AM |
Re: سلطة التمرد قادمة لا محالة | مجدي عبدالرحيم فضل | 08-28-14, 11:35 AM |
Re: سلطة التمرد قادمة لا محالة | munswor almophtah | 08-28-14, 10:43 PM |
Re: سلطة التمرد قادمة لا محالة | حامد بدوي بشير | 08-29-14, 01:09 PM |
Re: سلطة التمرد قادمة لا محالة | حامد بدوي بشير | 08-29-14, 01:13 PM |
Re: سلطة التمرد قادمة لا محالة | تبارك شيخ الدين جبريل | 08-29-14, 02:58 PM |
Re: سلطة التمرد قادمة لا محالة | حامد بدوي بشير | 08-30-14, 05:37 AM |
Re: سلطة التمرد قادمة لا محالة | حماد الطاهر عبدالله | 08-30-14, 06:37 AM |
Re: سلطة التمرد قادمة لا محالة | بريمة محمد | 08-30-14, 06:53 AM |
Re: سلطة التمرد قادمة لا محالة | حماد الطاهر عبدالله | 08-30-14, 08:59 AM |
Re: سلطة التمرد قادمة لا محالة | حامد بدوي بشير | 08-31-14, 05:42 AM |
Re: سلطة التمرد قادمة لا محالة | حماد الطاهر عبدالله | 08-31-14, 08:32 AM |
Re: سلطة التمرد قادمة لا محالة | محمد هاشم ابوزيد | 08-31-14, 08:35 AM |
Re: سلطة التمرد قادمة لا محالة | حامد بدوي بشير | 08-31-14, 10:25 AM |
Re: سلطة التمرد قادمة لا محالة | محمد هاشم ابوزيد | 08-31-14, 10:44 AM |
Re: سلطة التمرد قادمة لا محالة | بريمة محمد | 08-31-14, 01:36 PM |
Re: سلطة التمرد قادمة لا محالة | صلاح الدين موسى | 08-31-14, 02:30 PM |
Re: سلطة التمرد قادمة لا محالة | تبارك شيخ الدين جبريل | 08-31-14, 03:37 PM |
Re: سلطة التمرد قادمة لا محالة | حامد بدوي بشير | 09-01-14, 05:43 AM |
Re: سلطة التمرد قادمة لا محالة | محمد هاشم ابوزيد | 09-01-14, 07:18 AM |
Re: سلطة التمرد قادمة لا محالة | حامد بدوي بشير | 09-01-14, 07:40 AM |
Re: سلطة التمرد قادمة لا محالة | حامد بدوي بشير | 09-01-14, 07:50 AM |
Re: سلطة التمرد قادمة لا محالة | حامد بدوي بشير | 09-01-14, 09:19 AM |
Re: سلطة التمرد قادمة لا محالة | حامد بدوي بشير | 09-02-14, 05:08 AM |
Re: سلطة التمرد قادمة لا محالة | تبارك شيخ الدين جبريل | 09-02-14, 05:21 AM |
Re: سلطة التمرد قادمة لا محالة | حامد بدوي بشير | 09-02-14, 10:19 AM |
Re: سلطة التمرد قادمة لا محالة | محمد هاشم ابوزيد | 09-02-14, 10:39 AM |
Re: سلطة التمرد قادمة لا محالة | محمد على طه الملك | 09-03-14, 02:14 AM |
Re: سلطة التمرد قادمة لا محالة | حامد بدوي بشير | 09-04-14, 09:03 AM |
Re: سلطة التمرد قادمة لا محالة | حامد بدوي بشير | 09-06-14, 07:14 AM |
Re: سلطة التمرد قادمة لا محالة | حامد بدوي بشير | 09-06-14, 07:22 AM |
Re: سلطة التمرد قادمة لا محالة | حامد بدوي بشير | 09-07-14, 05:22 AM |
Re: سلطة التمرد قادمة لا محالة | حامد بدوي بشير | 09-07-14, 06:17 AM |
Re: سلطة التمرد قادمة لا محالة | حامد بدوي بشير | 09-08-14, 07:29 AM |
|
|
|