تلغراف عاجل: عنوان الاستاذ ادريس عوض الكريم

Quote: أعلم أن أدريس عوض الكريم استطاع جمع مادة من وثائق الحزب الشيوعي و اصدرها بعنوان "الثورة المضادة في السودان". لقد صدر الكتاب في بيروت في يوليو 1973 عن دار ابن خلدون. لقد عاصرت عن قرب جمع و طباعة الكتاب المشار اليه أعلاه و صدوره. أشرف على جمع وثائق هذا الكتاب و تحقيقه و صوغ فصول منه إن لم تكن كلها الصديق الشاعر الصحافي و الكانب ادريس عوض الكريم "جرير". كان ادريس قد جاء الى بيروت من بغداد التي لجأ اليها بعد مطاردة نميري لاعضاء الحزب الشيوعي و للنقابيين. و قد كان ادريس أحد اثنين من نقابة المعلمين السودانيين اللذين وصلا بغداد، لكنه سرعان ما غادرها الى بيروت. في بيروت استطاع ادريس ان ينسج علاقات واسعة مع الشيوعيين و اليساريين اللبنانيين و الفلسطينيين و منظمات المقاومة الفلسطينية و الارتريين، "باعتباره ممثلاً للحزب الشيوعي"، الأمر الذي رفضه الحزب و نفاه فيما بعد. دار ابن خلدون هي من دور نشر اليسار اللبناني/الفلسطيني. استطاع ادريس ان يوظف هذه العلاقات لنشر ثلاثة كتب، احدها ضم وثائق اجتماع للجنة المركزية للحزب الشيوعي السوداني و الثاني الكتاب الذي أشرت اليه أنت و الثالث ديوان شعر لادريس عوض الكريم. تستحق ظروف علاقات الحزب الشيوعي باليسار العربي في مرحلة ما بعد حركة 19 يوليو 1971 مباشرة نظرة فاحصة، إذ كان اليسار العربي في بلاد الشام متأهباً لتقديم كل وسائل الدعم للشيوعيين السودانيين تحديداً، لكن الصلة مع الحزب كانت دونها معوقات كثيرة. لقد جرى سوء فهم حينما نشر الكتابان المتعلقان بالحزب الشيوعي. ففي تلك الفترة جاء الى بيروت المرحوم الاستاذ حسن الطاهر زروق و تقاسم مع ادريس السكن. و قد فهم ادريس انه مفوض من الحزب الشيوعي باجراء اتصالات بقوى اليسار اللبناني الفلسطيني و حركات المقاومة و اليسار، من اي بلد كان، المتواجدة في بيروت، و منها اصدار النشرات و الكتب و غيرها. الا ان الامر لم يكن كذلك، اذ كان صدور الكتابين ايذاناً بفصل ادريس عوض الكريم من الحزب الشيوعي و تبليغ الحزب الشيوعي اللبناني و عدد من قوى اليسار و الفصائل اليسارية في المقاومة الفلسطينية انه منتحل صفة و لا تربطه بالحزب رابطة! كان من المؤمل تهريب نسخ من الكتابين الى السودان و ذلك بواسطة جبهة التحرير الارترية و بطرق محتلفة. و من بين تلك الطرق أن حمل حروي تللا بايرو، نائب رئيس جبهة التحرير الارترية آنذاك، مجموعة كبيرة من نسخ الكتاب الى عدن (اليمن الديموقراطية آنذاك) و ارسالها بمراكب الجبهة الارترية الى الاراضي المحررة و من ثم الى كسلا ثم يتصرف فيها الحزب الشيوعي كيفما أراد. الا أن نشر الكتاب واجه عداء من قيادة الحزب الشيوعي، بدعوى ان ادريس لم يخوله أحد بذلك، فاحبطت كل المحاولات (التي أعرف عنها) لارساله الى السودان، للاسف الشديد.