الثنائي/ د.( محمد جعفر +الصادق حسن).. بجمهورية مصر في الثمانينيات...تجربة ثرة يجب أن لا ننساها

Quote: كان الإتفاق فى إجتماع اللجنة السياسية المركزية الأخير الذى حدد ساعة الصفر أن تتم الدعوة العاجلة لإجتماع المجلس الستينى لانتخاب اللجنة التنفيذية للإتحاد العام (و التى كانت عضويتها و توزيعات مكاتبها "التى قام رفيقنا نزار عتيق مشكورا بنشرها لكم بالكامل" متفق عليها "كما أسلفنا" بعد اجتماعات و مفاوضات طويلة شاقة و معقدة احتضنت معظمها "إذا لم تخونني الذاكرة" الشقة التى كانت مقاما للرفاق نزار عتيق نفسه ، أسامة مرزوق ، و زهير غندور بمنشية البكرى فى أحد شوارع المنطقة القريبة المقابلة لمقر الإتحاد العام بالجانب الآخر لشريط مترو الأنفاق) التى على ما أعتقد قد قضينا فيها و رفيقى محمد طه ليلتنا السابقة ليوم الإعتصام ،،، و كان من الضرورى أن يتزامن تشكيل اللجنة التنفيذية مع بدايات الإعتصام ،،، فهى الجهة الرسمية التى تمثل الطلاب والتى يقع علي عاتقها مسئولية رفع قائمة المطالب والتصدى لها وقيادة المفاوضات و إدارتها ،،،، و بينما كانت جموع الطلاب تحكم سيطرتها وتعزز مواقعها داخل و خارج السفارة (بهتافاتها الداوية المنتظمة وهى تردد أناشيد الثورة والحماس،،، و بعض من أغنيات محجوب شريف الملهمة التى تثبِّت القلوب و تسمو بالنفوس و تعلو بها إلى رحاب والدتنا مريم ،،، و فطرة مدارس شعبنا البسيطة، العفوية، المتنوعة ،،، و يصبح لها طعما آخر عندما يتم تحريف بعض مقاطعها بسبق الإصرار و الترصد على مسرح محمد جعفر الخاص،، و تنتهك من خلفه جموع الطلاب براءة الاختراع ، و حقوق الملكية ،،، و تخرج عن النص و هى تردد "ده كله كله بنتهى،، ود أم ِبِعللو بنتهى ،،، ده كله كله بنتهى ،،، ود أم ِبِعللو بنتهى") ،،، كانت اللجنة التنفيذية "لأول دورة للتجمع الوطنى الطلابى" تولد فى تلك اللحظات بمنشية البكرى فى إجتماع المجلس الستينى ،،، و كان لوصول بعض طلائعها للسفارة بقيادة صلاح أبوجبر السكرتير العام والمرحوم محمد مكّرم رئيس الإتحاد العام و "إعلانهم عن تشكيل اللجنة التنفيذية" ،،، وقعا آخر ،،، فقد خلق جوا من الفخر و المجد و الإعزاز بكل ما تعنى هذه الكلمات الخالدة من معانى ،،، و ازداد الموقف اشتعالا مرة أخرى و أصبح المشهد غاية فى الروعة التى لا توصف ،،، كل الأيادى تلوح ،،، الهتافات تزداد دويِّا ،،، و الأغانى مرة أخرى تسمو وتعلو ،،، لتلاقى أصداء الجموع المعتصمة فى الطوابق العلوية للسفارة وهى مطلة من على شرفاتها بسواعدها الملوحة يمينا و يسارا،، و تباشير النصر تزداد بريقا و لمعانا ،،، و محمد طه المضئ من على عتبة إحدى شرفات غرفة العمليات المطلة على تلك الجموع الصاخبة يلوح و يصفق ،،، وعلى يساره يجلس ود الجعلى كعادته هادئا صامتا يتأمل ،،، (ترى الضعيف فتزدريه ،،، و فى أثوابه أسد هصور) ،،، و لطقمة الكيزان و أذيالهم الذين ظلوا يرددون على مدار ثمانين عاما بالتمام و الكمال "خيبر ،، خيبر يا يهود ،، جيش محمد سوف يعود" ،،، ها قد عاد جيش محمد ليدك حصن قلعة خيبر العالى المنيع و يتربع على عرشه ،،،،،، و فى ذلك الخضم أيضا ما فتئ الجردل الأحمر يلعب دوره المكوكى فى إدارة الاجتماعات المتحركة لعشرات الهيئات التنظيمية و السياسية بكفاءة عالية ،،، دون كلل أو ملل ،،، اللجنة السياسية المركزية ، مركزية الجبهة الديمقراطية ، مكتب فرع الحزب الشيوعى، اللجنة التنفيذية للإتحاد العام ، و غيرها من هيئات التنظيمات الطلابية الأخرى و كانت قصاصات الورق تجئ و تذهب ، و كلاب الأمن و قوات الإحتياطى المركزى ترى وتشاهد كل ذلك و لكنها لا تجرؤ على التدخل، فقد كان الرعب حليفها و الخذلان مصيرها، و كانت توقن تماماً بأن أي تدخل سيكون انتحاراً ليس إلا ،،،،،،،،،، و قد تمخضت تلك الاجتماعات المتحركة عن تأكيداللجنة السياسيةالمركزية على ما كان متفقا عليه من التصعيد والصمود و لا مجال لغير النصر مهما كانت التكلفة،،، و كان الجميع يعلم أن الإعتصام مقدم على مرحلة المفاوضات ،،، و لكن فى نفس الوقت و بنفس القوة أكد الجميع على أن يقوم الاتحاد بتسليم قائمة المطالب المكونة من بند واحد فقط لا ثانى له دون المبادرة بطلب المفاوضات مع السفارة فميزان القوى فى صالح الطلاب و أن الضعيف فقط هو الذى يأتى ذليلا راكعا يطلب الحوار ،،، وفى نفس الوقت و بعلم كل القوى السياسية الطلابية و إجماعها تم الإتصال من داخل السفارة بإتحاد المحامين العرب و تم التحدث مباشرة مع نقيبه الأستاذ فاروق أبوعيسى ، و تم شرح الموقف برمته، أسباب الاعتصام ، مطالبه الأساسية، وضع الإعتصام داخل و خارج السفارة ، أن الخسائر عبارة عن إصابة واحدة فقط ليست خطيرة ،،، إرادة الطلاب و قدراتهم غير المحدودة للصمود و المواجهة و التصدى بعنف ثورى لا يحمد عقباه لأي هجوم أو مداهمات ،،، و أن المطالب تم الإعلان عنها و توصيلها للسفارة ،،، و لم و لن يتم طلب أية مفاوضات من جانب المعتصمين ،،، فهم لا يقبلون بأية مراوغات أو حلول وسطية ،،، و فوق كل ذلك أن الإعتصام حق ديمقراطى أصيل لجماهير الطلاب بقوة الإنتفاضة و ما استعادته من حقوق ديمقراطية ،،، و بحكم ما تنص عليه مواثيق حقوق الإنسان ،،، و أن الجهة الداعية و المنظمة للإعتصام هى الإتحاد العام للطلاب السودانيين بمصر الممثل الشرعى للطلاب و المنتخب وفقا لإنتخابات ديمقراطية حرة و نزيهة ،،، و على الرغم من أن الحشود الطلابية خارج السفارة كانت تراهن على تلك الجموع المعتصمة بالداخل و تشد من أزرها ،،، و على عكس ما كانوا يعتقدونه ،،، لم يكن لدينا أدنى علم بالمكان الذى دارت فيه المفاوضات مع السفارة ،،، و من هم المفاوضين من الجانبين ،،، و لم يشارك أى واحد منا فى تلك المفاوضات بشكل مباشر ،،، و أننا أصلا لم نسأل عن ذلك ،،، و لا نعلم من هو السفير ، القنصل ، المستشار الثقافى ، و لم يكن يهمنا أصلا و لا يقع ضمن اختصاصاتنا ،،، و أذكر أننى أوقفت صلاح جلال "أحد قيادات حزب الأمة" فى السلم المؤدى للطابق الأول للسفارة و هو يحاول الدخول و لم يكن ضمن المعتصمين بالداخل (و استغربت كيف سمح له الأمن بعبور البوابة الرئيسية و هى تحظر الدخول و تسمح فقط بالخروج) ،،، كما أنه لم يكن ضمن المفاوضين فى اللجنة السياسية فى الفترة الأخيرة ، و كان كردفانى و الهادى الصادق هم اللذان يتبادلان تمثيل حزب الأمة فى الاجتماعات ،،،