في حياة كل أمة موقف مصيري.. قرار واحد إما تتلظى بلهيبه وناره ويهزم التدمير التعمير.. لسنوات وعقود. أو تمسك الأمة جيداً بعقلها وتستمد كل الحكمة في قرارها قبل أن تقع الفأس في الرأس.. الآن نحن أمام محك كبير.. صحيح أن قتل عشرات من أفراد الجيش السوداني عمل ######## وشرير ومؤلم إلى أقصى مدى.. ومن يرتكب مثل هذه الجريمة لابد أن يلاحق ويسلم للعدالة.. مهما كان موقعه صغيراً في سلم القرار العسكري الميداني، أو كبيراً في سنام القرار السياسي.. لكن مع ذلك بالله عليكم.. اعقلوا وتريثوا.. ما أسهل اتخاذ قرار إشعال الحرب.. لكن من يتخذ القرار.. لن يستطيع اتخاذ قرار بوقفها.. وقد تستمر مثل سابقتها عشرين عاماً.. تدفع الأجيال اللاحقة ثمن فواتيرها الباهظة.. اتصل بي الدكتور محمد علي عبد الحليم .. وقال إنه بحساب بسيط وجد أن كلفة الحرب في اليوم الواحد حوالي خمسة ملايين دولار.. بعبارة أخرى تكلفة مستشفى كامل بتجهيزاته.. فإذا استمرت الحرب ثلاثين يوماً.. فهي ثلاثين مستشفى أو فلنقل عشرة مستشفيات ومائة مدرسة للتعليم العام.. و100 بئر للماء.. تحول منطقة أبيي إلى مستوطنات حضرية مترفة بالخدمات.. لماذا بدلاً من ذلك نختار أن نحرق كل هذه الأموال.. هباءً منثوراً.. اعتبروها (دية) من شعب السودان. أن يدفع من حر مال فقره المدقع ثمن (أربعين) يوماً من الحرب.. (خمسة في أربعين) الجملة (200) مليون دولار.. عداً نقداً لأهلنا المنكوبين بنعيم النفط في أبيي.. لتبنى لهم مُدناً وقرًى حضرية.. بل فلتكن فاتورة لاستقرار العرب الرحل الذين حان الآوان أن يستقروا وينعموا بخدمات العصر الحديث في قرى آمنة فيها مدارس ومنتزهات.. ويستفيدوا من الثروة الحيوانية الضخمة التي يهدرون جل طاقتها في الترحال والمسير.. جربنا الحروب لأكثر من خمسين عاماً لم نكسب في آخرها إلا الدمار والخراب.. ولدينما في دارفور حريق كان يظن موقد ناره أنه لن يتمدد لأكثر من بضعة أيام. أو أسابيع. فإذا به يدخل عامه التاسع. ولا يزال في عنفوانه.. المطلوب فوراً.. الآن.. وبأعجل ما تيسر.. اليوم قبل الغد من العقلاء من الجانبين أن يتقدموا إلى الأمام.. كل ساعة تمضي تقطف من أرواح رجالنا في الجانبين.. أين مولانا أبيل ألير.. أين بونا ملوال.. أين المشير سوار الذهب.. أين عبد العزيز الحلو.. أين أحمد هارون.. أين العقلاء.. من الجانبين..؟ في مثل هذه اللحظات يختبر التاريخ عقول متخذي القرار.. والذي يظن أن القرار سهل في يده. غداً يدرك أن القرار من يده تحول إلى يد الشيطان.. وشيطان الحرب لا يرحم.. لن تسكت المدافع حتى ولو سكت الغضب في النفوس.. فالحرب أولها في اليد.. وآخرها في غيابة بئر المجهول.. بالله عليكم وفروا الدماء..
الرسائل والمقالات و الآراء المنشورة في المنتدى بأسماء أصحابها أو بأسماء مستعارة لا تمثل بالضرورة الرأي الرسمي لصاحب الموقع أو سودانيز اون لاين بل تمثل وجهة نظر كاتبها
لا يمكنك نقل أو اقتباس اى مواد أعلامية من هذا الموقع الا بعد الحصول على اذن من الادارة