الشيوعي الأخير !!! محمد ابراهيم نقد ..... لماذا.... ؟ ... بقلم: المجمر حميدة

Quote: * إن أساس مشكلة الانهيار هو النظرية الماركسية لا كمنهج علمي للبحث عن الحقيقة، وانما كنظرية متكاملة لديها علم الماضي والحاضر والمستقبل، والخلل أذن في النظرية أو قل النظرية المشوهة، ويدعم جون هذا الرأي بمقتطف من مقــال لفـالح عـبد الجــبار منشور في مجلة قضايا فكرية (نوفمبر 1990). وفي اعتقاد الزميل ان ذلك المقتطف يغني عن سواه. ثم ينطلق الزميل من نقطة وردت في المقتطف المشار إليه تشير إلى ان أي منهج يحتاج كأداة معرفية للتطوير وتأصيل عقلي لا نقلي، ويرى آن الأوان لازالة التشويه الذي لحق بالماركسية باعتبارها عقيدة بدلاً من اعتبارها منهجاً، والمنهج ذاته في رأي الزميل يحتاج لمراجعة استناداً إلى التطور المذهل في طبيعة المادة منذ النصف الثاني من القرن التاسع عشر وحتى اليوم، كما ان من الصعب الجزم بصحة نتائج تطبيق المنهج المادي الجدلى بشكل قاطع لا نسبي، في حال العلوم الانسانية، ويؤكد الزميل انه لا وجود لفكر مثالي صرف حتى في الدين. وقد ساهم في هذا الاتجاه الأستاذ حسين مروة في " النزعات .." من ناحية اخرى، فان الماركسية قد أثبتت الكثير من النزعات المثالية خصوصاً في موضوع الحتمية التاريخية. ولذلك يعتقد الزميل جون ان التخلي عن الجانب المادي في الماركسية سيرفع من قوة جذبها، وبذلك تتوافق مع الدين في الدعوة للفضيلة والحق والمساواة (11). * جوهر الماركسية قام على انها منهج للبحث والدراسة، وانها كانت ولا زالت ذات طابع علمي نقدي ولكن الجمود انتزع من الماركسية هذا الجوهر، والماركسية ظهرت كنظرية علمية في القرن التاسع عشر إثر التطور الهائل الذي حدث في العلوم الطبيعية، والبيولوجية والإنسانية، وتطور الفلسفة على يد هيغل الذي طور وعمق المنهج المادي الجدلي، وتطور الفلسفة المادية على يد فورباخ، وظهور الاقتصاد السياسي في انجلترا مع تطور المجتمع الرأسمالي وظهور نظريات آدم سميث وريكادوو وليم بيتي وبروز الصراع الطبقي، ومع تطور المجتمع الرأسمالي وما نتح عنه من استغلال العمال والأطفال والنساء وظهور أفكار الاشتراكيين الخياليين (الطوباويين) مثل سان سيمون، فوربيه، أوين، الذين نقدوا المجتمع الرأسمالي بوصف دقيق للإستغلال البشع الذي يعاني منه العمال والنساء والأطفال. هذه باختصار الخلفية التي مهدت لظهور الفكر الماركسي. وتحولت الاشتراكية إلى علم (الماركسية) بعد اكتشاف ماركس للمفهوم المادي للتاريخ ونظرية فائض القيمة التي أوضحت جوهر الانتاج والاستغلال الرأسمالي، وبفضل هذين الاكتشافين كما يقول انجلز "اصبحت الاشتراكية علماً وأصبحت المسألة الآن وقبل كل شئ مواصلة تطوير هذا العلم في كل تفاصيله وعلاقاته المتبادلة". تواصل محاضرة المكتب الثقافي وتقول: الحصانة ضد الجمود يتم اكتسابها من خلال الجدل والحوار مع التيارات الفكرية والسياسية والثقافية الأخرى، وهضم منجزاتها العلمية، ومن خلال دخول الماركسيين في جدل مع بعضهم والآخرين. وبهذا يتطور المنهج الماركسي ويتم صقله، والحوار يتم من خلال التواضع وعدم الادعاء باحتكار الحقيقة المطلقة، وبذهن مفتوح لا يعرف الإنغلاق أو التعصب الأعمى لأفكار مسبقة. - تحول نظرية المادية التاريخية فيما يختص باللوحة الخماسية التي اقترحها ماركس لتطور التاريخ الأوربي( شيوعية بدائية، رق، اقطاع، رأسمالية، اشتراكية) إلى عقيدة وفلسفة تصلح لكل البلدان، رغم ان ماركس نفسه حذر من ذلك، وكان يدعو لإستخدام المنهج لإكتشاف خصائص تطور كل بلد بذهن مفتوح، كما أشار إلى نمط الانتاج الآسيوي لبعض بلدان الشرق (الصين، مصر) الذي يختلف عن النموذج الأوربي. - اعتبار الاقتصاد كعامل وحيد محرك للتاريخ والمجتمعات، وإهمال العوامل المؤثرة الأخرى مثل القومية والدين .. الخ رغم إشارة انجلز إلى خطأ ذلك. إلى جانب الاقتصاد والصراع الطبقي كمحرك للمجتمعات، هناك عوامل أخرى محركة ومؤثرة مثل القوميةن السياسة، الدين .. الخ. وفي النقد لأصول الماركسية يبرز نقد ديكتاتورية البروليتاريا كفترة انتقالية للوصول إلى المجتمع الاشتراكي والمجتمع اللا طبقي، والأخذ في الاعتبار ان الديمقراطية هي وسيلة وغاية، فمن خلال الديمقراطية والتعددية الفكرية والسياسية يمكن الوصول للمجتمع الاشتراكي الديمقراطي. وفي منهج الماركسية إشارة إلى ان الطبقات ليست مكونات جامدة وانما هي كائنات عضوية تتطور وتقبل التعدد، كما يمكن ان تقبل الصراعات الاقتصادية وغير الاقتصادية. أما تحويل الماركسية إلى ايديولوجية الطبقة العاملة أو اعتبار الطبقة العاملة المنقذ للجنس البشري، فهذا لا يدخل في الطابع العلمي للماركسية، فالماركسية في جوهرها كانت ذات طابع علمي أكثر مما هو ايديولوجي. أما عن الدولة فقد أوضحت الدراسات المعاصرة انها ظاهرة معقدة بحيث من الصعب اختزالها في طبقة تسيطر على الطبقات. * حول المنهج الجدلى (الديالكتيك) تشير المحاضرة إلى سماته العامة التي تتلخص في النظر للظواهر في حركتها وتغيرها ونشأتها وزوالها، وتناول الأشياء وانعكاساتها الفكرية وفي علاقاتها المتبادلة وفي تشابكها وهو طريقة في البحث، والتطور هو نتاج وحدة وصراع الأضداد وتراكمات كمية تؤدي إلى تغيرات كيفية، وقانون نفي النفي وليس هناك معرفة نهائية مكتملة بالطبيعة والتاريخ والمعرفة المنظمة لمجموع العالم الخارجي كما يقول هيغل يمكن ان تحرز نجاحاً ضخماً في كل جيل، والديالكتيك هو التحليل الملموس للواقع الملموس. كما ان المنطق الديالكتيكي يتضمن المنطق الشكلي (الصوري)، كما يؤكد الديالكتيك وحدة النظرية والممارسة، ووحدة الفكر والواقع، ووحدة السبب والنتيجة، ووحدة الخاص والعام والشكل والمحتوى والتعامل مع الواقع بذهن مفتوح بدون تعصب لفكرة مسبقة ونبذ فكرة الحقيقة المطلقة والنهائية. * وتشير المحاضرة إلى ان الكتب المدرسية ابتذلت الديالكتيك سواء ان كان ذلك في الفهم المبسط للديالكتيك باعتباره (المثلث الهيغلي) الموضوع – نقيض الموضوع – التركيب، أو في محاولة تقديمه بطريقة تتضمن عقائد (dogmas) قاطعة لا أساس لها، ومعلوم ان ماركس وانجلز لم يقدما في أي مكان بياناً منهجياً كاملاً عن المادية التاريخية. كل ما فعلاه ان قدما حججاً ضد وجهات نظر فلسفية أخرى، ووضعا المبادئ الموجهة لتطوير فلسفتهما. أما لينين فقد كان يرى "المنهج الجدلي عند ماركس وانجلز لا شئ أكثر أو أقل من المنهج العلمي في علم الاجتماع الذي يتكون من التظر إلى المجتمع باعتباره كائناً عضوياً حياً في حالة دائمة من التطور تتطلب دراسته تحليلاً موضوعياً لعلاقات الانتاج التي تؤلف التشكيلة الاجتماعية المعطاة وفحص قوانين أدائها لوظيفتها وتطورها، وكان يقول "ان الديالكتيك الحق هو التحليل التفصيلي الدقيق لعملية ما". وأخيراً المنهج الجدلى يتعمق ويتطور بتقدم التحليل المنطقي والرياضي والاكتشافات العلمية والانجازات التكنولوجية وهو يتطور ويتكامل مع تطور العلوم نفسها، وبالتالي فانه يفقد جوانب قديمة ويكتسب جوانب جديدة. وتختتم المحاضرة بقولها: وأخيراً تبقى الماركسية كأحد مصادر الفكر الإنساني والتي كان لها تأثيرها على عقول الملايين من البشر ويبقى منهجها في البحث والنقد الثوري، نقد المجتمع الرأسمالي الذي ما زال في جوهره سليماً، ولتجاوز الجمود مهم الانفتاح على كل ما هو جديد وإنساني، وعدم الادعاء باحتكار الحقيقة المطلقة، والتعامل مع التيارات الأخرى بطريقة نقدية وعلى أساس التكامل، كما ينبغي استخدام المنهج في دراسة مجتمعنا بطريقة مستقلة وذهن مفتوح بهدف معرفة خصوصية تطوره الاقتصادي والاجتماعي. ومن نافلة القول، ان نشير إلى ان منهج الماركسية ليس المنهج الوحيد، فهناك المناهج المكملة الأخرى والعلوم الاجتماعية التي يمكن الاستفادة منها في الدراسة والبحث والتحليل. كما يفيد القراءة الناقدة لأصول الماركسية نفسها مثل مؤلف "البيان الشيوعي"، "نقد برنامج غوتا"، "انتي دوهرينغ"، "الأيديولوجيا الألمانية’، "رأس المال"، مؤلفات لينين ... الخ. والقراءة الناقدة للأصول بهدف نقد الأصول نفسها التي تجاوزها الواقع، وبهدف الاجتهاد في معالجة معضلات العالم المعاصر (14). * بالرغم من سعينا طيلة تاريخ الحزب لصياغة نظرية للثورة السودانية في ضوء الماركسية، إلا ان ما ساد في الواقع هو الاعتقاد بان الماركسية اللينينية هي تلك النظرية، وتمخض عن ذلك فهم خاطئ مفاده ان مهمة الحزب ليست حل مشكلات الواقع السوداني بالاستعانة بالمنهج المادي الجدلي، بل هي تطبيق تعميمات الماركسية على ذلك الواقع، إن لم يكن أثبات صحتها من خلال ذلك التطبيق. ورغم ذلك كان للحزب اسهامه في الوصول إلى صياغة نظرية خاصة بالواقع السوداني، كالانتفاضة الشعبية والعصيان المدني كطريق لهزيمة الدكتاتورية، ولم يستند الحزب إلى الماركسية وحدها في ذلك، ففي طرح شعار جبهة للديمقراطية وانقاذ الوطن، اعتمد الحزب على واقع وتجارب السودان، وبديلا لاثبات هذه الحقيقة ورد في التحليل الذي أوصل إلى ذلك الشعار نص من أعمال لينين "النضال من أجل الاشتراكية مستحيل بدون النضال من أجل الديمقراطية". ان الطريق لصياغة نظرية الثورة السودانية هو تلخيص تجارب الحزب ومراجعتها، لأن الجوهري هو دراسة الواقع والاستعانة بالمنهج الماركسي والمناهج الأخرى وكذلك تجارب الآخرين. ويرى الزميل في هذا الإطار ضرورة تأهيل العضوية، من خلال التعليم الحزبي للمرشحين والعضوية، على التفكير المنهجي وذلك بإثارة القضايا وحفز التفكير وليس بتلقين المفاهيم النظرية والاستنتاجات التي لا يأتيها الباطل. وفيما يتعلق بالمنطلقات النظرية، يرى الزميل ان الماركسية ستظل واحداً من المصادر الأساسية للحزب في استخلاص نظرية الثورة السودانية، ولكنها لا ينبغي ان تكون المصدر الوحيد، وبالإمكان الاستفادة من كافة النظريات. وحول قضية الديمقراطية يرى الزميل في مداخلته ان طرح الجمهورية البرلمانية والديمقراطية الليبرالية طرح صحيح، شريطة ان يستكمل ذلك بالنضال الجماهيري، وفرض إرادة الجماهير من خلال ممارسة حقوقها الديمقراطية، كما حدث مثلاً أبان رفــض المعــونة الأمريكية عام 1958. وفي رأي الزميل ان إزالة التناقض بين المجتمع المدني والنظام السياسي، يقفل الباب في وجه الانقلابات العسكرية، واستناداً إلى ذلك يري ضرورة التخلي عن شعار دكتاتورية الطبقة العاملة، دون ان ينفي ذلك انحيازنا لمصالح الفقراء، كما يري ان نحدد نوعية الاشتراكية التي نناضل من أجلها كهدف استراتيجي بعيد، بصورة واضحة ومقبولة، مثال ذلك إشتراكية شعبية ديمقراطية. وأخيراً، يطرح الزميل ان نتجاوز حقيقة كوننا حزباًَ لشمال ووسط السودان، وان نتعامل مباشرة مع قضايا القوميات غير العربية بمناهج متطورة كالبنيوية (18).