الشيوعي الأخير !!! محمد ابراهيم نقد ..... لماذا.... ؟ ... بقلم: المجمر حميدة

Quote: لائحة الحزب المجازة بين دموع العيدروس والخطاب التوفيقى للمرحوم عمر مصطفى المكى (2) من (2) لم يكن الجهاز البيروقراطى الذى يقود الحزب الشيوعى السودانى على درجة من الحساسية كافية لاختيار مرشحه فى اهم الدوائر الجغرافية على الاطلاق فى الانتخابات البرلمانية التى اجريت فى العام 1986 م ، وقد كانت دائرة عطبرة (الدائرة الجغرافية رقم 62 ان لم تخنى الذاكرة) اكثر الداوئر التى تستطيع ان تضمن مقعدا للحزب الشيوعى فى البرلمان .. كلنا نعلم ان مرشح الحزب كان الاخ والصديق محمد العيدروس وهو رجل على درجة عالية من النزاهة والاخلاق والمعرفة السياسية ولكن نشاطه كان موقفا فى الحزب لاسباب لا علاقة لها باهداف هذه المداخلة ، وقد جاء ترشيح اللجنة المركزية لشخص اخر لا يتمتع بمقدرات العيدروس او شعبيته ، وقد حكى لى المرحوم ابو الريش العامل الشيوعى عليه رحمة الله ان الشخص المرشح من قبل (المركزية) لا يستطيع ان ينال حتى ثقة زملائه فى ورشته!!! تدخل بعض الشيوعيين واخرين من التحالف الديمقراطى واستطاعوا ان يفرضوا اختيار الاخ العيدروس ليكون مرشح التحالف الديمقراطى فى مدينة عطبرة .. وحينما اخطر الرجل بالقرار قبله على الفور متأثرا وقال والدموع تطفح من عينيه: انه يعتز بهذا الترشيح ويعتبره شرف كبير.. كان لى شرف العمل فى حملته الانتخابية ودخلت بيوتا كثيرة صارحنى بعض ساكنيها بأنهم وعلى الرغم من احترامهم لتاريخ الحزب النضالى الا انهم سيعطون اصواتهم للاخ محمد عبده كبج غير نادمين على ذلك!! كانت الانتخابات فرصة كبيرة لى للاطلاع على العلاقة الحميمة والصادقة بين ما كان يسمون (بالانقساميين) وبين عدد لا يستهان به من عمال السكة الحديد بمدينة عطبرة، ساعتها ادركت ان ماكينة الحزب البيروقراطية لم تخطىء فى تسمية مرشح التحالف الديمقراطى صدفة على الاطلاق، وذلك حينما اختارت فى البداية شخصا ذو حظوظ محدودة فى الفوز بالدائرة ، لان فشل التحالف الديمقراطى لم يتوقف عند حدود قدرة العيدروس على فرض ترشيحه بسبب شعبيته الكاسحة وحب الناس له خاصة وسط عمال السكة الحديد لان ذلك ساعد على ازدياد فرص الفوز بتلك الدائرة الجغرافية، بقدر ما يعود ذلك الى سبب جوهرى اخر ارتبط بالطريقة الخاطئة التى عالجت بها قيادة الحزب التاريخية قضية (الانقسام الشهير) الذى حدث داخل صفوفها وداخل لجنتها المركزية حيث تعاملت معه باصولية لم تمكنها من معرفة من هو (الصالح ومن هو الطالح).. كان الاخ العيدروس قد خسر الانتخابات بفارق ضئيل من الاصوات عن مرشح الاتحادى الديمقراطى محى الدين سوركتى (حوالى مائتين من الاصوات) وقد كانت الاصوات التى حصل عليها كبج (قرابة الالف ) كانت كافية لتامين فوز مريح للتحالف الديمقراطى فى مدينة عطبرة .. كانت نتائج الانتخابات كارثة على شباب التحالف الديمقراطى فى المدينة واصدقائهم وجماهير العمال الذين كانوا يحلمون بصوت امين مثل صوت الاخ محمد العيدروس مجلجلا داخل برلمان ما بعد انتفاضة ابريل، وكانت ليلة لن انساها ابدا .. فقد نامت المدينة حزينة وبائسة تماما فى تلك الامسية ! لم يكن الصراع فى عطبرة اذن وكما كنا نعتقد بين الحزب الشيوعى و(الانقسامي الخائن كبج) بل كان تصادم قيم رفيعة وارتباطات نبيلة فى العمل السياسى والاجتماعى بمدينة عطبرة طرفيها العيدروس وكبج !! وما كان لهذا التصادم ان يحدث لولا فشل القيادة التاريخية فى تقييم صراعات الماضى لمصلحة الحاضر، بل لمصلحة اهم قضية على الاطلاق تواجه القوى الحديثة على وجه الخصوص والسودان على وجه العموم وهى قضية الاصلاح الحزبى الديمقراطى الذى يحتاج الى قدر عالى من النقد الذاتى والشجاعة ونكران الذات ... فالخسارة لم تكن مدينة عطبرة وعمالها البسطاء فقط، بل كل المستقبل ، كل المستقبل ....