ديالكتيك الأبنوس والنمل الأبيض - قناة Ebony وحتمية الوحدة

Quote: مدير إدارة البرامج قناة إبوني التلفزيونية لـلـ ( الأخبار ) الكاتب/ حوار: هالة المغربي Saturday, 31 July 2010 منيانق قبريال: اخترنا شجرة الأبنوس كاسم وشعار للقناة لأنها تجسد الوحدة قناة إبوني EBONY تعمل من أجل قيم السودان الجديد في عصر العولمة واتحاد تكنولوجيا الكمبيوتر مع تكنولوجيا الأقمار الصناعية، لم يعد هناك أيسر وأسرع في تحقيق التواصل بين البشر من التلفزيون. فقد حدثت طفرة خلال العشرين عاماً الماضية فاقت كل التصورات، كما فاقت حجم التطور الذي حدث خلال القرن العشرين بأكمله في مجال صناعة الاتصالات. الشاهد أن جميع وسائل الاتصال الجماهيري من تلفون إلى راديو وتلفزيون وصحف قد أخذت شكلاً إلكترونياً، الأمر الذي جعلها تندمج في بعضها البعض بطريقة أصبح معها من الصعب التفريق بين جهاز التلفون وبين جهاز التلفزيون، أو الراديو. ظهرت خلال العشر سنوات الأخيرة أعداد تفوق التصور من القنوات التلفزيونية، ومجرد التصفح العابر لقمر مثل عربسات يكشف لنا حجم القنوات وعددها الخرافي. لكن مع هذا يمكننا ملاحظة شيء آخر بنفس السهولة واليسر، ألا وهو قلّة القنوات السودانية التي لا تتجاوز أصابع اليد الواحدة. في هذه الغابة من القنوات التلفزيونية أطلت علينا فروع شجرة جديدة، باسقة الظلال ولها صدى شاعري وجمالي، ألا وهي قناة إبوني EBONY، أي قناة الأبنوس. وبالرغم من أن القناة لا تزال في طور البث التجريبي إلاّ أنّها تميزت بتباين الوجوه العاملة بها، إذ فيها وجوه كثيرة من الجنوب الحبيب، هذا مع أنها تبث باللغة العربية. ولهذا تجد منا أية قناة تلفزيونية سودانية كل الاهتمام والترحيب. التقت الأخبار بالأستاذ منيانق قبريال (مدير إدارة البرامج)، الذي استقبلنا بوجهٍ بشوش وصدر رحب. ناولناه حزمة الأسئلة التي كانت تدور في أذهاننا، فناولنا حزمة من الإجابات الشافية التي تعكس حجم الطموح الذي تحمله لهم ولنا قناة إبوني EBONY التلفزيونية الجديدة، فإلى مضابط الحوار. + لماذا الأبنوس؟ لماذا هذا الاسم بالذات؟ اخترنا شجرة الأبنوس كاسم وشعار للقناة لأنها تجسد الوحدة، إذ يتكوّن الأبنوس من الأسود الغالب ثمّ البني، وهذه هي ألوان أغلب السودانيين. تعمل هذه القناة لتكريس فكر السودان الجديد، السودان المتعدد الذي يسع الجميع. + هل يمكن أن تحدثنا قليلاً عن شجرة الأبنوس! إذ ليس كل أهالي شمال السودان يعرفون الأبنوس كشجرة، فهم يعرفونه كخشب يستعمل في النحت والتماثيل والأقنعة.. الخ؟ الأبنوس شجرة ظليلة، كثيفة الغصون والأوراق، قد يصل طولها إلى 10 أمتار. ولشجرة الأبنوس زهرة بيضاء اللون على شكل قريب من الفراشة، ولها رائحة زكية وطيبة. يميل لون خشب الأبنوس إلى الرمادي، بينما يكون لون القلب من خشبه أسود غالباً وبنّي في بعض الأحيان، وقد يكون القلب منه يشتمل على خطوط باللون البني. توجد شجرة الأبنوس في دارفور في سفوح جبل مرة، وجنوب كردفان، وجنوب النيل الأزرق، وجنوب القضارف، ومحمية الدندر، ثم جميع الولايات الجنوبية. عُرف الأبنوس منذ أقدم العصور، فقد استخدمه المصريون القدماء في الأغراض الجماليّة مثل صناعة التماثيل والأيقونات، مثلما استخدمه الصّينيّون لذات الأغراض. وأصل كلمة "أبنوس" من اللغة المصريّة القديمة: "حبني"، ومنها انتقلت الكلمة إلى اللغات الأوروبيّة عبر الإغريقية فاللاتينية. + إذن هذه هي شجرة الأبنوس وقناة الأبنوس! لكن ما هو الجديد الذي تحملونه في غابة القنوات والأسافير التي تبدو كما لو سدّت علينا منافذ الفضاء؟ هذه قناة جديدة ليس من حيث ابتداء البث فيها فحسب، بل من حيث المحتوى والرسالة. فقد جاءت وهي تحمل هموم قوى الهامش. ونحن نفهم الهامش على أنه موجود في جميع مناطق السودان. ولهذا تلاحظون أن الوجوه التي ستطالعكم عبر شاشة قناة إبوني EBONY من جميع أقاليم السودان. + ولكن، ألا توافق أن هناك تركيزاً على الوجوه الجنوبية؟ نعم ولا! وعموماً أنا لا أتّفق معك في الرأي القائل بـ... + ولكن حسب المعلومات المتوفرة لنا عن هذه القناة أنها مملوكة لمجموعة من رجال الأعمال الجنوبيين؟ وهل يعني هذا تغليب الجنوبيين في القناة؟ ثم ألا تعتقدين أن هذا في حد ذاته شيء جديد وجدير بالتفكير فيه والتأمل؟ ما الذي يجعل مجموعة من رجال الأعمال من جنوب السودان يستثمرون في قناة ناطقة باللغة العربية بصورة أساسية وموجهة لجميع السودانيين؟ من جانب آخر، صحيح أن القناة، بوصفها تحمل مشعل هموم المجموعات المهمشة، تتيح فرصاً كبيرة لجميع الكفاءات القادمة من مناطق الهامش، هذه الكفاءات التي حالت آليات التمركز والتهميش دون أن تسمح لها بلعب دورها في عملية البناء الوطني. لكن، تذكري أن الأمر معقود بالكفاءة وليس بالولاء. يا سيدتي نحن لا نسأل الناس عن جنسهم أو عن دينهم أو عن لونيتهم السياسية عندما نقوم باستيعابهم كموظفين. وهذا، في رأيي شيء جديد أيضاً يحسب لقناة إبوني EBONY. ألا توافقينني؟ + نعم، في هذه أوافقك. لكن ماذا عن موقف قناة إبوني EBONY من قضايا الوحدة والانفصال؟ هل هذه القناة مع الوحدة أم مع الانفصال؟ قناة إبوني EBONY مع السودان الجديد فكراً وثقافةً. أما سؤال الوحدة والانفصال فقد أصبح سؤالاً شخصياً للغاية، وذلك بحسبان أن كل شخص من الجنوب عليه أن يتأمل هذا السؤال جيداً ليجيب عنه في الاستفتاء القادم. في هذا لا تتدخل القناة لتعبئة الناس لتجعلهم يقتنعون بموقف بعينه على حساب موقف آخر. + دعنا نتوجّه إليك، أنت، منيانق قبريال، مدير إدارة البرامج في قناة إبوني EBONY: هل أنت وحدوي أم انفصالي؟ (بحدة) بالطبع أنا وحدوي، مثلي في ذلك كمثل غالبية مثقفي الجنوب. + إذا كان أغلب المثقفين الجنوبيين وحدويين، فمن أين جاءت دعاوى الانفصال؟ دعاوى الانفصال جاءت منذ أن تشكلت الحركة الوطنية الجنوبية مع بداية تكوين حركة الأنانيا منتصف خمسينيات القرن العشرين، حتى أصبحت هذه الدعوى بمثابة الحلم التحرري لشعب الجنوب. إلا أنّ الحركة الشعبية وقادتها جميعاً، بدءاً بالقائد الملهم الشهيد جون قرنق وصولاً إلى القائد سلفا كير، قد تمكنت من تغيير هذه النظرة، إذ انطلقت شرارتُها من أوّل يوم وإلى يومنا هذا وهي تؤمن بالوحدة. لكن مع كل هذا، ونسبةً لجراحات الحرب الطويلة والظالمة، ثم لسلسلة الشهداء التي استعصت على العد والحصر، فحتى الآن لا يُعلم على وجه الدقة عدد الشهداء الذي سقطوا من أبناء وبنات الجنوب، هل هو 2 مليون أم 2 مليون ونصف أم 3 ملايين. نسبةً لهذه المرارات والجراحات، فضلاً عن العنصرية البغيضة والمنظمة ضد أهالي الجنوب في الشارع السوداني الشمالي عامة، لا يزال عامة الشعب الجنوبي يتمسك بفكرة الانفصال كفكرة خلاص وتحرر. الآن قضية الوحدة والانفصال تمر بفترة تأرجح بين قطاعات الجنوبيين، وبالتالي هي مسألة غير محسومة. في هذا الإطار تعمل قناة إبوني EBONY لنشر قيم السودان الجديد وصولاً إلى سودان يسع الجميع. + ولكن الجميع يكاد يكون موقناً بأن الجنوب سينفصل. في هذه الحالة ما هو مصير قناة إبوني EBONY؟ يا سيدتي دعني أقول لك إن قناة إبوني EBONY ستعمل من أجل قيم السودان الجديد، بشماله وجنوبه، بشرقه وغربه، ثم وسطه، حتى لو انفصل الجنوب، فانفصال الجنوب ليس نهاية القصة، بل ربما بدايتها. والوطنية السودانية لا تزال في طور التشكل. وإذا حدث الانفصال، فذلك لن يكون أول حالة لدولة تنقسم إلى بلدين. فالانفصال ليس نهاية التاريخ، بل ربما بدايته. ولتنظري إلى الدول التي انقسمت وانفصلت بعض أجزائها، كيف عادت واتحدت مرة أخرى، بدءاً بإيطاليا، ثم ألمانيا فاليمن... الخ. ما يهم قناة إبوني EBONY في هذا الصدد أن تعمل من أجل فكرة، لا من أجل موقف. وهذا ليس تقليلاً للمواقف، بل لأن الفكرة هي التي تصنع المواقف. فكرتنا هي السودان الجديد، أي أن تقوم الدولة السودانية على أسس جديدة. فحتى الانفصاليين، كثير منهم ينظر إلى انفصال الجنوب بوصفه جزءاً من مشروع السودان الجديد، أي بوصف ذلك تحرير ما هو مقدور عليه ضمن المشروع الكبير. + هل لك أن تحدثنا قليلاً عن طبيعة ونوعية البرامج التي تقدمها قناة إبوني EBONY؟ بخلاف أننا لم نبدأ بعد البرامج الإخبارية المباشرة، يمكن الزعم بأن قناة إبوني EBONY بها جميع أنواع البرامج الثقافية والتغطيات العامة للمناسبات العامة، وتلك الخاصة بالممارسات الثقافية لشعبنا، فضلاً عن برامج المنوعات من موسيقى وفن وأدب. هذا بالإضافة إلى البرامج السياسية؛ وفي هذا الخصوص دعيني أبشر المشاهدين ببرامج سياسية تمثل نقلة نوعية من حيث مقدميها وطريقة التحاور والشجاعة في طرح الأسئلة والغوص العميق في سبيل تمليك المشاهدين المعلومات التي ربما ظلت خافية عليهم تحقيقاً لقيم الحرية والديمقراطية، فضلاً عن نشر الوعي والاستنارة. + تطل علينا هذه الأيام الذكرى الخامسة لرحيل القائد جون قرنق؛ ماذا تقول قناة إبوني EBONY في هذه المناسبة؟ تقول ما قاله رفقاء دربه في ذكراه الخامسة وهم يحتفلون بحياته ومنجزاته، لا بمماته: د. جون قرنق: رؤية لا تموت! + الأستاذ منيانق قبريال، مدير إدارة البرامج بقناة إبوني EBONY الجديدة، شكراً لك على هذه المقابلة.