|
|
 Re: إحياء الذكرى الخامسة لرحيل القائد قرنق .. ملخص + صور . (Re: مركز الخاتم عدلان)
|
*
التعقيب الاول فى الأمسية كان من دكتور حيدر ابراهيم , وهو تعقيب وضع الندوة فوق الصفيح الساخن :-
الشكر لمركز الخاتم عدلان لاهتمامه بهذا الموضوع , لانه موضوع يمر عليه الناس دون توقف , وإحياء الذكرى ليست للفرد بل للأفكار .
سوف ابدأ بطريقة مختلفة لسبب بسيط جداً , وهو ان كل شخص لديه قرنقه الخاص به , وينظر له من زاوية تختلف قليلاً او كثيراً عن الشخص الآخر .
انا قمت بتقسيم الحياة الفكرية والمصادر المعرفية لعدة اجزاء , كانت ماركسية قرنق واضحة وجاءت فى وقت غريب , وقت بدا فيه الناس بالابتعاد عن الماركسية او جاذبية الاشتراكية , وهو توقيت يُبرز العمق الذى كان يفكر به جون قرنق فى تلك الفترة , وكان هو تعويض لليسار وللحركة الشيوعية فى السودان , لانها كانت خارجة من ضربات القمع الفاشى الذى قام به جعفر نميرى , ولذلك نال جون قرنق اعجاب اليسار السودانى بكل مدارسه , وشاهد فيه البعض كاريزما عبدالخالق محجوب , واتذكر ان احد قادة التجمع الوطنى فى اول مرة يشاهد فيها قرنق قال انه تذكر عبدالخالق محجوب لان عيونه فيها نفس ذكاء عيون عبدالخالق محجوب , سبب الاعجاب ان قرنق اعاد للماركسية جاذبيتها وبريقها بعد الانطفاء الذى بدا يحدث لها فى العالم .
وهى مساهمة نثمنها عالياً , يُضاف الى ذلك ان قرنق لم يتكلم حول الاشتراكية فقط , وانما الاشتراكية والكفاح المسلح معاً , وهو ربط كان يرغب فيه الكثير من اليساريين والشيوعيين , ربط الاشتراكية بالكفاح المسلح , وكانت خطوة مهمة لان جون قرنق تأثر بالماركسية بصورة واضحة جداً وقام بتبنى كثير من المقولات الماركسية , يضاف الى ذلك الاشتراكية الافريقية وهى كانت فى وقت من الاوقات شكل من أشكال التحريف , مثل الاشتراكية العربية , وكان الجدل ان هناك اشتراكية علمية وليس هناك اشتراكية افريقية او عربية , لكن ما جعل قرنق يقوم بهذا الربط شخصيات مثل روندى , لان روندى فى كتاباته نقل صيغة التبيعة الى صياغتها الافريقية , واشتغل فى قضايا المركز والهامش , ولذلك ظهر ميل قرنق للاشتراكية الافريقية من ناحية التبعية , من ناحية ان كيف ان اوروبا جعلت من افريقيا تابعة , وهى النظرية المتداولة الان عندنا تحت أسم نظرية المركز والهامش .
مانفيستو الحركة الشعبية يؤكد فى الفصل الثامن فى المادة 24 فقرة أ ((تكوين الجيش الشعبى وحركة تحرير شعب السودان بغرض القيام بكفاح مسلح )) وهو ما كانت تفتقده الحركة السياسية , عندما عمل الناس فى تجربة التجمع فى التسعينيات , حاول البعض مجاراة الحركة الشعبية , ولذلك كثرت المجموعات المسلحة من اجل الدخول فى تجربة الكفاح المسلح , ولكنها تجارب اتسمت بالفشل والسبب انها كانت مسألة دعائية اكثر من كونها عقيدة مترسخة فى الكفاح والنضال .
النقطة الآخرى التى اعتقد ان دكتور قرنق كان موفقاً فيها تماماً , نقطة انه قام بالربط بين الاشتراكية والصراع الطبقى والوحدة فى السودان , وهو ربط كان واضحاً بصورة كبيرة , لذلك لم يستخدم قرنق مصطلحات الشمال والجلابة بمعانها العنصرى , وانما أستخدمها بمعانيها الطبقية والاجتماعية والاقتصادية الواضحة جداً , وهو فى المانفيستو يقوم بتقسيم الشمال طبقياً , لانه يتحدث عن اعداء الشعب السودانى واعداء الحركة فى الشمال وفى الجنوب ويقوم بتحديدهم طبقياً .
وفى هذه المادة الاولى نفسها فى الجزء الخاص بالجذور الصراع فى الجنوب ((ان ما يُسمى بمشكلة جنوب السودان هى فى الواقع مشكلة السودان عموماً , انها مشكلة المناطق المتخلفة فى كل انحاء القطر , زادها تفاقماً فى الجنوب الممارسات التعسفية والانظمة الشمولية التى لا تعبر الا عن الاقلية التى تعاقبت على دست الحكم فى الخرطوم , وفى الواقع فان جذور المشكلة تبرز فى انتشار الراسمالية والنظم الاستعمارية فى اواخر القرن الماضى )) .
فى المانيفستو لا يتم ارجاع الفوارق والنزاعات الى اى شكل من أشكال التقسيم العنصرى او العرقى وانما يتم ارجاعها للسياسات المعروفة فى اضعاف الشعوب بتشجيع النزاعات وسياسة فرق تسد ويقول ((وقد كان تعميق الفوراق القومية والثقافية والدينية والاجتماعية والاقتصادية بين الشمال والجنوب فى السودان ابان الاستعمار , جزءً من خطة مرسومة )) , تصاعد التيار الانفصالى الان داخل الحركة الشعبية , ومن مظاهره تلك المظاهرات التى تحدث كل يوم 9 فى الشهر ويرتدى فيها المشاركون تى شيرتات خاصة , ولا اعتقد انها مظاهرات عفوية , واعتقد ان الحركة الشعبية بها الان تكتل انفصالى قوى جداً فى الفترة الاخيرة واصبح مؤثراً على توجهات الحركة , ولذلك سالت نفسى , هل أسقط الانفصاليون فى الحركة الشعبية المادة 22 من المانفيستو ؟ , وتقول المادة ((ان الواجب الفورى لحركة التحرير الشعبى , والجيش الشعبى لتحرير السودان هى تحويل الحركة الجنوبية من حركة رجعية يقودها رجعيون وتهتم فقط بالجنوب والوظائف والمصالح الذاتية , الى حركة تقدمية يقودها ثوريون وتتجه لتحويل كل القطر أشتراكى , ولابد من التاكيد بان الهدف الاساسى للحركة والجيش , ليس هو فصل الجنوب , فالجنوب جزء لا يتجزأ من السودان , وقد تمت تجزئة أفريقيا بما فيه الكفاية بواسطة الاستعمار , والاستعمار الجديد , وان مزيد من التجزئة لن يخدم الا اعداء افريقيا)) .
اعتقد ان هذا الطرح المبكر كان فيه وضوح شديد جداً بالنسبة لأهداف الحركة , و اصبح يحدث له شكل من اشكال التراجع فى بعض جوانبه , وانا لا اريد ان اقوم بالخوض فى تفاصيل كثيرة بالنسبة لهذه المرحلة , وهى مرحلة كانت تتسم بالاشتراكية والتحليل المادى عن السودان ونظريات التبعية وما كان يدور فى أفريقيا ككل .
أعتقد ان هذه المرحلة حدث لها فاصل , وجاءت المرحلة التى اطلق عليها أسم المرحلة الثقافية , وهى المرحلة التى اصبح الاهتمام فيها اكبر بموضوع الثقافة , وساهم فى ذلك انقلاب الجبهة فى 89 , لان الجبهة الاسلامية ركزت بوضوح شديد جداً على الدين والثقافة العربية , وحولت الحرب فى الجنوب الى حرب دينية , ولذلك وللمفارقة تراجع الخطاب الماركسى عند الحركة الشعبية وتبنت شكل من أشكال الخطاب الثقافى بدرجة اكبر , وبدأ يتكون الاهتمام بموضوع الهوية الثقافية .
ويبدو لى انه بطريقة مباشرة او غير مباشرة أستطاع الاسلامويين جر الحركة الشعبية الى المطب الخاص بمسألة الثقافة وبالذات موضوع الهوية , لان الهوية مفهوم غامض جداً وهى ليست مفهوم مادى ملموس , فعندما يقول الجنوبيين انهم أفارقة , اقول انه ليست هناك ثقافة افريقية , افريقيا جغرافيا وبها عدد من الثقافات وليس ثقافة واحدة , فلابد للجنوبى ان يحدد انه ينتمى لاى ثقافة , فاما انه يقصد الانتماء الى الجغرافيا او الى اللون .. والهوية تعنى تبنى نوع معين من الثقافة , وبالتالى اعتقد ان هذا واحد من المطبات , وكان تأثير هذا المنحنى ظاهر على تفكير دكتور جون نفسه , ولاحظت ان الاخ ياسر تكلم عن الاستشهاد بالعهد القديم عند الراحل , وانا اعتقد انها انتكاسة لان الرجل كان يتمتع بعقل مادى تاريخى , فكيف يمكن ان يستشهد بالعهد القديم ؟ , والعهد القديم بالمناسبة كله أساطير , لكن كما ان الجماعة هنا يستخدمون القرآن والسنة , فاصبح صاحب العقل المادى التاريخى يستخدم الاساطير ! , واعتقد ان هذا هو المطب الذى ادخل فيه الاسلامويين الحركة الشعبية .
دائماً عندما تكون هناك افكار معينة , فاننا نتسأل , ماهو المستقبل ؟ , ماهو مستقبل أفكار جون قرنق ؟ .. وهذه دائماً ما تكون مسؤولية الناس الذين كانوا معه او الذين ياتون من بعده , مسؤولية تطوير افكاره , لكن للاسف / واتمنى ان لا يأخذ هذا الطرح اى شكل من أشكال الحساسية / , اقول ان المثقفين السودانيين معجبين دائماً بالطائفية , ويخلقون شكل من أشكال عبادة الفرد , وهو ما يضع عقبة كبيرة فى تطوير أفكارهم , لانهم يأخذون الافكار بصور دغمائية , واعتقد ان واحدة من مهام المثقفين الموجودين فى الحركة الشعبية هى بالاستمرار بالجدل حول هذه الافكار وتطويرها , وليس طريقة حوار لشيخ , انما بطريقة نقدية , وهذه الطريقة هى التى تقدم الاجابة عن سؤال المستقبل , حول كيفية تصرف الحركة فى قضية الوحدة والانفصال , وهذه مهمة صعبة فاننا لو اردنا إحياء ذكرى قرنق بصورة حقيقية , فعلينا إحيائها بمتابعة نقدية وتوثيقية لافكاره , لكن علاقة الحوار بالشيخ لا تخدم قرنق ولا تخدم أفكاره بطريقة او آخرى , ومثل هذه المناسبات يجب ان تكون للتفكير فى تفكير قرنق .
|
|
 
|
|
|
|
مركز الخاتم عدلان
فيس بوك
تويتر
انستقرام
يوتيوب
بنتيريست