|
Re: ....... أو هكذا لملم شاطئيه ورحل.. قصة قديمة يا يحي فضل الله (Re: Abdulbagi Mohammed)
|
تحسست جرحي الذي وضعت عليه ضمادة صغير أسفل أنفي مباشرة 00 بصقت على البلاط فجاءني صوت بصاقي مدوياً صمت الجميع .. دار حوار هامس بين زملائي فخرج المحاضر عن القاعة وهو شبه مستاء .. اقتربت صديقتي التي كثيراً ما عبرت عن وسامتي بطرق مختلفة وكذلك عن غرابة تعاملي معها بتلميحات لم تفوتني ـ"هل أنت مريض" هكذا سألتني ـ "كلا" اكتشفت البقعة التي أحدثها بصاقي فدستها بحذائي "لماذا ، لأنني جلست في المقعد الأمامي" ـ لاأنني أعلم أن الدكتورة طلبت منك ذلك لأنها معجبة بك " قالتها وهي تحاول الضحك ـ"آسف" حملت أوراقي مبدياً عدم استعدادي للخوض في أي حوار من أي نوع.. تقدمت لأخرج فأحسست بجرحها حينما رأيت أحد زميلاتها تنتظرها وتتوقع خروجها معي .. عدتُ وطبعت قبلة على جبينه دون أن تنتبه لأنني سأفعلها .. كادت أن تزغرد إذ أنني لأول مرة افعلها ولأول مرة أفعل شيء يدل على أنني إنسان عادي يتألم ويتضامن بعد أن تسربت لديها الشكوك حول إنسانيتي ، أطرقت متكئة على صدري ومبتسمة بحياء ثم اعتذرت لي عن مضايقتها لي بحديثها لي عن إعجاب الدكتورة بي الذي كثيراً ما كررته ، " أعلم أنها دعتك للجلوس في الأمام لأنك حينما تتحدث يكون صوتك منخفض 00 رفعت يديها وطوقت عنقي ثم ردت لي قبلتي بأجمل منها إلا أنني لا أتذكر طعمها 00
حينما نزلت من البص لم أكن أعلم ماذا أفعل أو أقول له ، أو كيف سأتعرف عليه من بين الناس إن كانوا مجانين أو غير ذلك ، حتماً إلا بعد أن أسال منه.. الأرض مغطاة برمل أحمر علق كثيراً منه برأسي .. لذتُ بنفسي تحت أحد الأشجار لأحتمي من الشمس وأحدد وجهتي.. لم تنجح تلك الأشجار في أن تظلل حتى فروعها الأرضية لكي تقلل من الحرارة على الجذور ولتقلل من التبخر .. أخرجت منديلي ومسحت ما تعلق بعنقي ووجهي من عرق ورمل أحمر ، ابتعد البص كثيراً بعد أن خلفني وراءه ، ظهرت لي أكثر من قبة يحركها السراب أمامي ولا أحد في الطريق .. ذهبت صوبها بسرعة لا يعيقني إلا كيس صغير احتوى على ملابسي.. مرت بيّ بعض الإبل مسرعة في اتجاه قرض ما تبقى من خضرة على ظهر تلك الأشجار.. اتضحت لي معالم المكان ..ظهرت ثلاثة قباب تراصت مشكلة مثلث ،الساحة وسطها احتوت بداخلها على قبور متناثرة منها ما هو حديث ومنها ما هو قديم حتى الانطماس او ما بُني على ظهره تابوت أسمنتي وأُخر بتابوت من القماش الأبيض اللون والأخضر أحياناً ، أيضاً كانت هناك وخارج المثلث ثلاثة أحواض حديدية بشكل "المراكب" اعتلتها مواسير للمياه 00 اقتربت أكثر فنفحتني رائحة البخور وصمت القبور وعدم ظهور أي شخص في هذا النهار الغائط.. اتجهت صوب بيوت صغيرة من الطين وأخرى من الطوب تعانقت تضايق نفسها رغم قلتها واتساع المكان 00 سمعتُ صوت صياح وسياط تُقّطع الهدوء الذي لف المكان بعناية أو تخليت ذلك بعد أن سمعت طريقة علاج الجنون في هذه الأضرحة .
استقبلت صدمتي الثانية والثالثة بتشكيك في كلام ذلك الشيخ العجوز ولم اصمت عن مجاهرتي بتلك الشكوك كما لم يحتاج هو لمجاهرتي تلك إذ قرأها مسبقاً على وجهي ، المهم شككت في ذلك رغم الصدق الذي يحوم حول وجهه ـ "لكن البارحة فقط كانوا يتحدثون معي عنه" ، ـ "يا أبني لم يزره أحداً منذ أن أحضروه قبل ستة عشرة عاماً وإن كنت تريد ما ترك يمكنك أن تأخذه الآن" ـأعطوني كل ما ترك ، لقد كانت مجموعة من الملابس الممزقة وكثيراً من الأوراق والكراسات التي علمتُ مؤخراً ومنك أنها أشعاراً جميلة ولا يمكن أن تكون من إبداع مجنون بعد أن ذكرت لك ذلك دون أن أفصح عن صلتي به .. المهم بلعت ذلك الخبر وعدتُ لألحق بالبص الذي يعود مساءاً .. لم أقدر على تحديد إحساسي تجاهه إلا أنني شعرت بأنه على صورته كما رسمتها لي والدتي بحب ولم تتهشم .. لكنني بدأت أحس بعدم الانتماء أو الحوجة للبحث عن أشخاص أنتمي إليهم داخل هذه المدينة الشاسعة الفراغ ... وجدت ادليو خال ايتوكا التي فقدتها تماماً وأفقدني فقدها أي رغبة في العودة لتلك المدينة وأدغالها خاصة بعد أن بلغني ما جرى لها .. التقيت به مصادفة وبعد فترة طويلة من ذلك اليوم ، كان يؤدي عمله في حديقة سفارة أحد الدول التي نويت أن أبني معها علاقة عن طريق مراكزهم الثقافية تمهيداً للسفر بعد أن أنهي دراستي أو حتى قبل ذلك .. عرفته وقدمت له نفسي .. احتضنني وبكي بحرقة لم أراها من قبل .. قادني لمكان سكنه هنا في هذا القاع أجل القاع ـ كما تسميه يا صديقي ـ قدمني لأسرته ولكل من في هذا الحي .. لقد كان محبوباً ومحترماً 00 انتزعتني منه في تلك الليلة ميمونة أكثر داعرات هذا القاع جمالاً أُعجبت بي وبعد ذاك تركت الدعارة من أجلي أنا الطالب الذي لم أكن أملك سوى نفسي ، لكنها بالرغم من ذلك احتضنتني بحب لم ينتهي فكان لديها شيء جديد لي كل يوم وفي كل ليلة وانتماء حقيقي لم أحلم به ، حتى جاء ذلك اليوم الذي خرجت فيه من وسط المدينة منقبض لا أعلم إلى أين إلا أن إقدامي قد حددت وجهتي صوب هذا القاع أخذت الطريق مستغلا بص لم يسلم من صراخ ألم الزحام فيه سوايّ .. تحصنت خلف انقباضي ذلك وصمتي ، نزلت من البص الأخير هنا ولم ينزل معي أحد متجهاً لهذا القاع ليؤانسني فيما تبقى لي من مشوار على الأقدام .. ازداد انقباضي ..تسارعت ضربات قلبي.. صعدت التل وبنظرة واحدة أمامي لأسفل حددت سبب انقباضي ووجودي في الطريق وحدي .. كان رجال البوليس والجيش معاً وأدوات سمعنا عنها كثيراً لإزالة هذا القاع من على ظهر الوجود .. جرى كل شيء أمامي وبسرعة لا أستطيع عكسها لك الآن إلا أنها أدهشتني لدرجة أنني وقفت متفرجاً لفترة ليست قصيرة بالنسبة لما جرى من أحداث في تلك اللحظة ..رأيت ادليو وهو يصارع تلك الآلة الضخمة للهدم حتى أجبر سائقها على الفرار فهاجم الثانية ففر سائقها أمام إصرار ادليو على إجباره لإيقافها بالعنف .. توقفت كل الآلات فاسحة المجال للكاسحات البشرية .. في البدء اشتد الصراع فمات ادليو وآخرين .. اقتيدت ميمونة مع رفيقات لها كن قد هاجمن قائدهم في غفلةٍ منه وأشبعنه طعناً وضرباً إلا أنه لم يمت بل ساعده ذلك على إخراج تقرير طبي يحميه من الذهاب لمناطق العمليات الحربية، لم تعد ميمونة حتى بعد أن أعادوا رفيقاتها اللائى خرجن من السجن غير طبيعيات ولا يعرفن حتى أسماءهن دعك عن ميمونة .. زاد ذلك من تشبثي بهذا القاع وكذلك إصراري على أن يبقى ويتسع حتى يخنق هذه المدينة ويقلبُ "عاليها واطيها" .
|
|
|
|
|
|
|
العنوان |
الكاتب |
Date |
....... أو هكذا لملم شاطئيه ورحل.. قصة قديمة يا يحي فضل الله | Abdulbagi Mohammed | 02-21-07, 05:32 PM |
Re: ....... أو هكذا لملم شاطئيه ورحل.. قصة قديمة يا يحي فضل الله | Ali Alhalawi | 02-21-07, 11:44 PM |
Re: ....... أو هكذا لملم شاطئيه ورحل.. قصة قديمة يا يحي فضل الله | Abdulbagi Mohammed | 02-22-07, 07:35 AM |
Re: ....... أو هكذا لملم شاطئيه ورحل.. قصة قديمة يا يحي فضل الله | Abdulbagi Mohammed | 02-22-07, 10:24 AM |
Re: ....... أو هكذا لملم شاطئيه ورحل.. قصة قديمة يا يحي فضل الله | Abdulbagi Mohammed | 02-22-07, 01:22 PM |
Re: ....... أو هكذا لملم شاطئيه ورحل.. قصة قديمة يا يحي فضل الله | Abdulbagi Mohammed | 02-22-07, 04:59 PM |
Re: ....... أو هكذا لملم شاطئيه ورحل.. قصة قديمة يا يحي فضل الله | Abdulbagi Mohammed | 02-23-07, 06:23 AM |
Re: ....... أو هكذا لملم شاطئيه ورحل.. قصة قديمة يا يحي فضل الله | Abdulbagi Mohammed | 02-23-07, 10:39 AM |
Re: ....... أو هكذا لملم شاطئيه ورحل.. قصة قديمة يا يحي فضل الله | Abdulbagi Mohammed | 02-23-07, 03:20 PM |
Re: ....... أو هكذا لملم شاطئيه ورحل.. قصة قديمة يا يحي فضل الله | Abdulbagi Mohammed | 02-23-07, 03:43 PM |
Re: ....... أو هكذا لملم شاطئيه ورحل.. قصة قديمة يا يحي فضل الله | Inaam Saad | 02-23-07, 06:29 PM |
Re: ....... أو هكذا لملم شاطئيه ورحل.. قصة قديمة يا يحي فضل الله | Abdelfatah Saeed Arman | 02-23-07, 07:55 PM |
Re: ....... أو هكذا لملم شاطئيه ورحل.. قصة قديمة يا يحي فضل الله | Abdulbagi Mohammed | 02-24-07, 06:18 AM |
Re: ....... أو هكذا لملم شاطئيه ورحل.. قصة قديمة يا يحي فضل الله | Abdulbagi Mohammed | 02-24-07, 06:24 AM |
Re: ....... أو هكذا لملم شاطئيه ورحل.. قصة قديمة يا يحي فضل الله | Abdulbagi Mohammed | 02-24-07, 07:08 AM |
Re: ....... أو هكذا لملم شاطئيه ورحل.. قصة قديمة يا يحي فضل الله | Abdulbagi Mohammed | 02-24-07, 09:02 AM |
Re: ....... أو هكذا لملم شاطئيه ورحل.. قصة قديمة يا يحي فضل الله | Abdulbagi Mohammed | 02-24-07, 09:11 AM |
Re: ....... أو هكذا لملم شاطئيه ورحل.. قصة قديمة يا يحي فضل الله | Abdulbagi Mohammed | 02-26-07, 06:42 AM |
Re: ....... أو هكذا لملم شاطئيه ورحل.. قصة قديمة يا يحي فضل الله | Abdulbagi Mohammed | 02-27-07, 10:30 AM |
Re: ....... أو هكذا لملم شاطئيه ورحل.. قصة قديمة يا يحي فضل الله | shahto | 02-27-07, 02:04 PM |
Re: ....... أو هكذا لملم شاطئيه ورحل.. قصة قديمة يا يحي فضل الله | Abdulbagi Mohammed | 02-28-07, 09:58 AM |
Re: ....... أو هكذا لملم شاطئيه ورحل.. قصة قديمة يا يحي فضل الله | Abdulbagi Mohammed | 03-02-07, 08:32 AM |
Re: ....... أو هكذا لملم شاطئيه ورحل.. قصة قديمة يا يحي فضل الله | Abdulbagi Mohammed | 03-05-07, 03:15 PM |
Re: ....... أو هكذا لملم شاطئيه ورحل.. قصة قديمة يا يحي فضل الله | Abdulbagi Mohammed | 03-10-07, 00:50 AM |
Re: ....... أو هكذا لملم شاطئيه ورحل.. قصة قديمة يا يحي فضل الله | محى الدين ابكر سليمان | 03-10-07, 05:53 AM |
Re: ....... أو هكذا لملم شاطئيه ورحل.. قصة قديمة يا يحي فضل الله | عبد المنعم ابراهيم الحاج | 03-10-07, 06:09 AM |
Re: ....... أو هكذا لملم شاطئيه ورحل.. قصة قديمة يا يحي فضل الله | Abdulbagi Mohammed | 03-10-07, 03:20 PM |
Re: ....... أو هكذا لملم شاطئيه ورحل.. قصة قديمة يا يحي فضل الله | Abdelfatah Saeed Arman | 03-13-07, 00:37 AM |
Re: ....... أو هكذا لملم شاطئيه ورحل.. قصة قديمة يا يحي فضل الله | Abdulbagi Mohammed | 03-13-07, 01:24 AM |
Re: ....... أو هكذا لملم شاطئيه ورحل.. قصة قديمة يا يحي فضل الله | Abdelfatah Saeed Arman | 03-14-07, 04:18 PM |
Re: ....... أو هكذا لملم شاطئيه ورحل.. قصة قديمة يا يحي فضل الله | Abdulbagi Mohammed | 03-14-07, 06:00 PM |
Re: ....... أو هكذا لملم شاطئيه ورحل.. قصة قديمة يا يحي فضل الله | Raja | 03-15-07, 06:17 PM |
Re: ....... أو هكذا لملم شاطئيه ورحل.. قصة قديمة يا يحي فضل الله | Abdulbagi Mohammed | 03-16-07, 08:16 AM |
Re: ....... أو هكذا لملم شاطئيه ورحل.. قصة قديمة يا يحي فضل الله | Abdulbagi Mohammed | 03-17-07, 05:50 PM |
|
|
|