....... أو هكذا لملم شاطئيه ورحل.. قصة قديمة يا يحي فضل الله

مرحبا Guest
اخر زيارك لك: 05-24-2024, 02:22 AM الصفحة الرئيسية

منتديات سودانيزاونلاين    مكتبة الفساد    ابحث    اخبار و بيانات    مواضيع توثيقية    منبر الشعبية    اراء حرة و مقالات    مدخل أرشيف اراء حرة و مقالات   
News and Press Releases    اتصل بنا    Articles and Views    English Forum    ناس الزقازيق   
مدخل أرشيف الربع الأول للعام 2007م
نسخة قابلة للطباعة من الموضوع   ارسل الموضوع لصديق   اقرا المشاركات فى صورة مستقيمة « | »
اقرا احدث مداخلة فى هذا الموضوع »
02-22-2007, 04:59 PM

Abdulbagi Mohammed
<aAbdulbagi Mohammed
تاريخ التسجيل: 12-12-2006
مجموع المشاركات: 1198

للتواصل معنا

FaceBook
تويتر Twitter
YouTube

20 عاما من العطاء و الصمود
مكتبة سودانيزاونلاين
Re: ....... أو هكذا لملم شاطئيه ورحل.. قصة قديمة يا يحي فضل الله (Re: Abdulbagi Mohammed)

    "بدأ كل شيء هادئ ومخيف
    ، ظهر الرجال والنساء والصبية يسيرون نياماً
    ، لا أحد يتحدث للآخر ،
    حتى الأشجار توقفت عن التمايل والاهتزاز مع الهواء
    أو كف الهواء عن تحريكها ،فجأة حدث ما لم أتوقعه ،
    بدأ الجبل في قذفنا بالحجارة ويطاردنا أينما اختبأنا بذرات رمال أعلنت انفصالها عن الحجارة الكبيرة ،
    صاب الذعر كل شيء في هذه الطبيعة
    ظهر الجميع في صياح وذعر اختلط بالهروب المستمر ،
    وقفت متحملاً كل شيء على ظهري لأخبئ ايتوكا مما ينهال علينا من حجارة وذرات رمال تخترق الجسد لداخله مباشرة ،
    لكنها تسربت من تحتي ولم أجدها ، صحت لها ،
    ناداني شخص ليس غريب علي ،
    امسكني من يدي ثم صاح صيحة جمعت كل الناس في مكان واحد حوله ،
    توقف الجبل عن بث صخوره فسألته عن ايتوكا لم يجبني أو جاء رده موجه للجميع .
    ـ أسمعوني جيداً لن يهدأ لفترة طويلة وسيعاود غضبه بعد قليل 000 ليس هنالك مخرج سوى البحر فالجبل غاضب ممن حلوا به و لا يفقهون اسباره أو يحترمونها ، لابد من الغوص حتى نتقوى للسبيل الأمثل لحوارهم
    ـ لكنه ليس موسم الغوص !!
    هكذا ردت جموع لم أتبين من بينها أحد سوى نابوي وتليه وشباب بينهم ادليو يظهر ويختفي 000
    ــ لا يهم لقد دب الوهن فينا وسيتسلل العجز إليكم إن لم نفعل ..
    هيا جهزوا أنفسكم
    قالها بصيغة الآمر ثم سحبني واتجه بي صوب البحر
    أحسست بطاقة هائلة تتخلل جسدي ،
    سألته عن "ايتوكا" إلا أنه سحبني بعنف فلحقت بنا تلك الجموع بجانب البحر .
    صاح تليه منبهاً لغياب ايتوكا وانتظارها ،
    ردت عليه نابوي بأنها تغتسل و ستلحق بنا حالما انتهت من ذلك ،
    قفزنا إلى البحر جميعاً ما عدا تليه الذي تأخر،
    غصنا في البحر صوب طبول وموسيقى ،
    بلغنا القاع العميق .
    قابلنا كهل قوي ،دار بينه وبين ذلك الشخص الذي سحبني حوار طويل..
    أجلسنا الكهل جميعاً،
    نادى أشخاص آخرين التفوا حولنا بالطبول وموسيقى اللوكمبي ،
    قادونا إلى منازل لامعة بها صبية ونساء جميلات ،مألوفات الوجوه ،
    أخذونا إلى بيتٍ ابتلعنا جميعاً ،
    صلينا صلاة لم أقدر على تجميع تفاصليها انفلتنا في رقص وغناء،
    حضر تليه إلينا غير مرتاح ، سألني عن ايتوكا "لا أعرف" هكذا أجبته ثم واصلنا في الرقص ، اتجه صوب نابوي سألها أيضاً

    ـ ستحضر "أجابت نابوي"
    بدأ تليه غريباً وسط الرقص ، أنسحب من بيننا إلى مكان للشباب ، جر وراءه أحد الذين وجدناهم في البحر .. تحدث معه كثيراً ثم عاد قلقاً بعد زمن طويل.. ظهر العجوز ـ الذي استقبلنا عند مدخل الأعماق ـ غاضباً ..قصد ذلك الشخص الذي سحبني للبحر ، تحدثا كثيراً ثم تشادا في الكلام .. أضطرب البحر.. حملتنا المياه إلى أعلى غصباً عنا ..حاولنا التشبث بتلك المنازل حسب ما أمرنا صديقي لكن كان البحر قد تغيء الجميع إلى الشاطئ فصرخ تليه .
    ـ شيء ما يجذبني إلى أعلى .
    ركضتُ مع ذلك الشخص وآخرين ..أمسكنا به لنثبته على الأرض لكنه كان أقوى .. حملنا معه فسبحنا في الجو تجاوزنا الأشجار إلى أعلى ولم نستطع إعادته .. ظهرت لنا بيوتنا من أعلى و أيتوكا بينها تلوح لنا وتليه ، فككنا أنفسنا عنه فتلاشى وهو يرد على تلويحات ايتوكا 000 اتجهنا صوب قمة الجبل ،وجدناها ترضع السماء ، رأيت البحر ينطوي ويلملم شواطئه ..رحل …أختفي تماماً فرأيت بحيرتنا هذه تتنفس بكل تفاصيلها وخلفها الجبال الصغيرة تناثرت كالحصى ، خفت وانشل تفكيري ..اصطدمت بالقمة فصحوت بجفاف في حلقي وعطش مئات السنين"
    مر شريط الحلم أمام العجوز إكوانق حتى التحم بهذه اللحظة التي فيها فشل أن يتحرك .

    تجمع حوله كل من بلغه نبأ الحادثة ، أحضروا كجور غير متخصص في حالات كهذه ، استعانوا به إلى حين حضور من هو أدرى بذلك .. بدأت المرأة الكجور برش العجوز ببعض الأدوية المختلفة ..نثرت جزء منها في الجو فأزاحت أنفاس أشجار المانجو بروائحها المختلفة.. طرقت طبلها مستعينة بجوقة للغناء.. امتلأ المكان إيقاعات طبول غير مرئية وأصوات بشرية تسرد وتحكي من داخل ذلك الطبل .. تحرك الجزء الأعلى من جسد إكوانق العجوز فامتلأت أعضاءه رقصاً وحكي 000 عجت الساحة بالحضور و رائحة الياسمين تائهة ومختلطةً بروائح أخرى مختلفة ونفاذة .

    في البدء فسر الناس حالة اكو أنق بأنها حالة "جوك ـ جوك" عادية إلا أن حديث إكوانق المفاجئ والمنساب بدأ يغير الآراء قليلاً
    ـ أنني ذاهب إلى حيث أسلافنا هناك حيث الجبل يلاصق المياه
    ،كذلك القصور ،
    إلى حيث المعابر مزدانة بالذكريات ،
    إلى هناك من حيث قدمنا هرباً ،
    ولم ترتاح أرواح أسلافنا فأضناها البحث عنا
    ، عن أحفادهم ،
    و ها هم اليوم يصطفون بفرحة من وجد ،
    وإلى هناك سيقودونني إلى حيث لا يستطيع أحد أن يتبعني الآن .
    دخل الجميع في جو الرهبة بعد أن تجاوزت المسألة مفهوم "الجوك ـ الجوك" ودخلت حيز آخر.. لم يشك أحد في ذلك خاصة بعد أن دخلت مجموعة أصوات لأناس غير مرئيين وطبول تسمع فقط .. صمت إكوانق العجوز تاركاً الفرصة للطبل .
    طغى على الأصوات في الحلبة صوت غليظ احتل كل مساحة طبل الكجور الذي ألجمته الدهشة فسقط مغشياً عليه .. رفع ذلك الصوت الطبل فسكتت الجموع بخوف وتجله في جانب واحد خلف إكوانق العجوز.. زأر ذلك الصوت كالأسد أمراً الجموع بالغناء .. شرعت تلك اللمة في غناء لم يغنوه من قبل وذلك بشهادة الذين فشلوا في الولوج إلى تلك الحالة لغربتهم أو لعدم أهليتهم لذلك 00 توزع الغناء صعوداً وهبوطاً في شكل حواري بين الرجال والنساء .. جلس الجميع على ركابهم عدا إكوانق العجوز الذي ظل واقفاً كحارس قوي على الحلبة .

    قبل زمن بعيد لا يفصلنا عنه سوى البارحة في الذاكرة ،
    اقتحم أغراب ديارنا وبعد حرب دامت لزمن طويل دارت رحاها علينا ،
    حكموا علينا بمائة شاب وشابة تدفع لهم في زمن كل حصاد ،
    وافقنا مقابل أن لا يقيموا بيننا حكاماً فقط يمروا بتجارتهم ولأخذ عطائهم كل عام .
    ذهبت معهم أول مائة ثم تلتها مئات أُخر من الشباب يذهبون وسط عويل أمهاتهم وحرقة قلوب آبائهم.. يرحلون ولا تعود منهم حتى الأخبار ، حتى جاء دور مائة تضم أجدادكم وجداتكم اللائى كانت بينهن "سمباي" حبيبة جاكونق ابن الملك ـ التي اختارها الملك لترحل مع المائة ،كان يعلم بحب ابنه لها مما حمل ابنه على الاعتقاد بأن والده لا يريد له هذه الفتاة ..قرر الرحيل معها بعد أن أعاد أخيها وتوأمها الذي رفض البقاء وفضل الرحيل معها ، ثناه جاكونق آخذاً الفرصة لنفسه دون علم والده ، والده
    الذي إعتاد في مثل هذه المناسبة المحزنة أن يخرج ويذهب بعيداً عن القصر حتى لا يرى بكاء الأمهات وغضب الآباء .

    تحركت القافلة يحرسها مجموعة من الأغراب بجنودهم وخيولهم بينما شدوا وثاق المائة بالحبال مصطفين خلف بعضهم البعض في خط يتقدمه فارس على حصانه وتنتهي بآخر مماثل، بعد يومين علم الملك بالنبأ ، أرسل رسله في إثر تلك القافلة التي كانت تغير طريقها من عاماً لآخر تفادياً لقطاع الطرق ، اتجهت صوب البحر تشق الصحراء ، وبعد فترة ليست طويلة أرسل رئيس القافلة رسالة مفادها فرار جاكونق وكل من معه ، لم تكن الرسالة بقصد إخطارنا ،كلا، كانت تهديد لنا إذا أوينا هؤلاء الفارين .

    حزنا وحزن الملك جداً فمات حزناً على ابنه بعد أن أصابه الندم والوهن ..أمر كهنته الذين لم يهجروا معبدهم القديم قط للمعابد الحديثة .. أمرهم صائحاً قبل موته أن يعيدوا ابنه حتى ولو ميتاً ليقيم بجانبه .. سمعه الكهنة الذين كان يأمر الناس ببرهم حتى ولو تغيروا عن دينهم ،أقسم الكهنة بأن يعيدوا أجساد وأرواح كل من صلى في معبدنا هو و سلالته .. ومنذ ذلك اليوم صار هذا العهد تكليف لنا فسرنا وذلك والعهد في أثركم حتى جمعنا قلق إكوانق بأشخاص نعرفهم ممن رحلوا مع جاكونق .

    بدأ الصوت الغليظ في الانسحاب تدريجياً حتى اختفى تماماً إلا أن إحدى النسوة صرخت وانهارت تماماً بعد أن أعلنت أنها رأت الصوت الغليظ متجهاً صوب القمة.
    بدأت الشمس خلف السحب تميل صوب الغرب لتعلن بداية ليلة أخرى ساهرة ومقلقة بعد نهار حافل بالحكايات والانجذاب الروحي والغناء .. خرج صوت قوي من اللا مكان تحفه أصوات مياه تتساقط من مكان عالي.. شرع الصوت في سرد أسماء كانت سائدة ،ما زالت تتردد حينما يجلس العجائز لتحديد نسل شاب وشابة أرادا الزواج، حتى لا ينتهكا المحرم ،إذ التقيا في جدٍ واحد ، بدأ الصوت يتعتع ويخُطي في بعض الأسماء التي ما زالت سائدة وشابتها الحداثة فيصححه الحضور من العجائز والمنجذبين ..أعلن الصوت أن كل هذه الأسماء تنتمي إليه ثم استمر في الحديث بنبرة يعلوها الحزن".

    بعد أن بدأت رحلتنا مع سمباي و الآخرين لم يساورني القلق من المجهول كنت أعلم أنني سأقرر مصيري ومصيرنا جميعاً ، صرت وصرنا نتحين الفرص وعندما بلغنا مسيرة عشرة أيام من أهلنا ،أحسسنا بأن موعد أن نقرر قد حان ،كان ذلك في إحدى الآبار التي قرر رئيس القافلة المبيت والراحة بها لمدة يومين لإزالة تعب مسيرة عشرة أيام ، أطلقوا مجموعة من الفتيات اللائى كن معنا ليخدمنهم ، كانت سمباي بينهن وتعرف ما نريد فعله ،تسللت من وسطهن ونزلت للبئر ، لم ينتبه أحد لغيابها إلا بعد أن نزل الظلام ولف المكان بسواده ،جاءوا لإعادتهن للوثاق 00 فقدوها وانتبهوا لنقص عددهن ، جُن قائد القافلة وأثار جن الحراس.. بحثوا عنها في كل مكان توقعوا أن تختبئ فيه ، عندما أقترب منتصف الليل عادوا والإرهاق رفيقهم واليأس يتبعهم حاملاً رايات النوم ،قرروا مواصلة البحث صباحاً "إنها فتاة ولن تقدر على الرحيل في هذه الصحراء والجبال" نام قائد هم ، ناموا جميعاً ،خرجت سمباي وفعلتها كما توقعنا ، هربنا جنوباً حتى نجنب أهلنا حربٌ أخرى ، استخدمنا نفس خيولهم التي نجحنا في التسلل بها ، قطعنا تلك الصحراء وهم في إثرنا كما اكشفنا مؤخراً ، دخلنا غابات وتجاوزناها ، عبر أنهار صغيرة وأخرى كبيرة وصعدنا جبال وهضاب حتى صعدنا هذا الجبل ونزلنا في هذا الاتجاه فاصطدمنا ببحر لم ندرك حدوده ببصرنا ولم نرى مثله من قبل ، ارتحنا وقررنا الإقامة بشاطئه ، أنفقنا أكثر من خمسة أيام ، تزوج الفتيان بالفتيات وكذلك أنا "بسمباي" ،إلا أننا وفي نفس تلك الأيام الأولى صحونا على صوت خيولهم تحاصر ضحكنا والبحر أمامنا خرج سرنا جهراً يعلن أفضلية الغرق على العودة مع هؤلاء ، نزلنا البحر وسط ضحكات الأغراب المتحولة للعنات ، لم يحاول أحداً منا النجاة كما أبدع خيالهم ، اتجهنا صوب الأعماق مستسلمين للغرق منتصرين على رغباتهم فتلقفتنا أيادي ملك البحر وصارت لحاف لنا حتى بلغنا قصره ومنازل أبناءه وأهله ، منحنا حق الإقامة معه ، شيدنا منازلنا من الأصداف وكذلك معابدنا علمنا سكان البحر الكثير مما نعرف وعلمونا مقاومة الوهن والموت ، ازددنا عدداً فأخرجنا جزء من الجبل بشروط علينا في البحر وعليهم في الجبل فأخل الجبليون بأكثرها أهمية فجاءهم الرد من البحر برحيله تاركاً ابني وبنت ملك البحر بينكم، وتلك البحيرة ذكرى لعودته إن استطعتم مسح عار إخلال أجدادكم بالوعد .

    أثار تجمع الأهالي والمحلين لثلاثة أيام بلياليها شكوك ود الأعرج والأغراب الآخرين العاملين لدى الخواجة وشركاءه .. حضر ود الأعرج مهرولاً بعد أن بلغه النبأ الأكيد حول الرحيل الوشيك للعجوز إكوانق .. وصل ود الأعرج مسرعاً يستحم بعرقه حاملاً دفتر العجوز إكوانق بيد ومصحف قرآن ـ يقيه شرور أعمال المحليين وشياطينهم كما يسميها دائماً كلما رآهم يمارسون مثل هذه الطقوس ـ باليد الأخرى 00 وقف ـود الأعرج ـ مندهشاً لذلك الصوت الآدمي الذي يخرج من حيث لا يدري هو .. قام بتلاوة بعض الآيات بصوت مسموع ثم فتح دفتره وقرأ قائمة بديون مرهونات إكوانق العجوز التي يجب تسديدها قبل رحيله وإلا 00








    تليه "اكويرا"
    أكتب لك بالرغم من أنني كتبت لك كثيراً ولم ترد ولا أعلم السبب ، لكن يبدو لي أنني سأكتب لك للمرة الأخيرة ليس لأنني تعتب من الكتابة إليك أو مللت انتظارك فالكتابة لك تزيدني توهجاً وبريقاً إذ تؤكد وجودي وأحلامي بعودتك وأعلم أنك ستفعلها يوماً ما
    و تجيء كرائحة الياسمين حينما تصطدم بقمة الجبل وتعود للبحيرة،التي هجرتها منذ رحيلك .
    لقد جهزت نفسي للحاق بك وامتلأت أملاً بالرحيل إليك بعد أن وعدني الأب "مارشيلو" بإيجاد فرصة لي في كلية مجمع الكنائس هناك ، لكن ها هو الحلم ينطوي كانطواء البحر في حكايات جدي ،العجوز إكوانق، وأحلامه هذه الأيام .
    اكويرا "أعلم أنك تكره هذا الاسم لكنني أجده مومسق في فمي ويعني لي شيء ما في لغتي".
    أتمنى لو كنت الآن معي أو بجانبي وأنا أتفجر حزناً بالرغم من سماعك لأصوات هذه الطبول والزغاريد تحف جوانب هذه الرسالة ، لكن عليك أن تعلم أنها ليست للفرح ، أنها لوداع إكوانق ، أجل العجوز إكوانق كما تناديه 00 كان من المفترض أن يرحل قبل أن أكتب إليك هذه الرسالة فالأسلاف ينتظرون ويقلقون البلدة بطوافهم الليلي وطبلهم النهاري،العجوز إكوانق تائهاً بينهم ومنجذب لا ينام ليلاً ولا يفارق الطبل نهاراً حازماً حوائجه وهدايا الأسلاف متحصناً بها ضد الموت المفاجئ أو الرحيل القسري أو البقاء بالقوة ، لكن كل ممتلكاتنا لم تشفع له عند عمك ود الأعرج لإعفاء ديونه وتحويلها باسمي ليتركه يرحل مرتاحاً .
    بالنسبة لي حتى هنا و الأمر عادي ويمكن علاجه عن طريق الكبار من أهلنا إلا أنه ـ ود الأعرج ، يضع زواجي منه شرطاً أساسي لمعادلة ديون العجوز والسماح له بالرحيل مرتاحاً ،
    هل تعلم ماذا يعني هذا ؟
    أن أصبح الزوجة رقم تسعة وثلاثون ونفس الرقم كطليقة له بعد أن يملني . لا أخفي عليك في البدء قد قبلته ، أو قبلت سعري فقط لترتاح روح جدي الممتلئة ذهاباً ، لكن حدث ما لا أقدر على وصفه لقد تدخل الخواجة "ليو" رافعاً سعري وقامعاً ود الأعرج و متنازلأ عن كل ديوننا وديون المحلين إن قبلت الزواج منه .

    من جانبي أنني متأكدة أنه لم ينتبه لي كفتاة فحتى حينما كان يحضر إلى الكنيسة ويجلس في المقدمة ونحن خلفه تماماً في كورس الترانيم ، إلا أنني أعتقد أنها روح المنافسة بينه وبين وكيله هي التي دفعتني لذهنه ، المهم أنني وافقت عليه طالما أن المسألة أصبحت تتعلق بالدفع ولا مجال للمفاضلة وأيضاً لقد دفعني لذلك عيون أهل البلدة المتوسلة إليّ للقبول وكذلك إيقاعات سيرهم حولي وحول جدتي نابوي التي أصابها الفزع من مصيري هذا ، في الختام أعلم أنني يوماً ما سأؤول لعزلة لكنني أرجو أن تتمعن ذكرياتنا جيداً علك تجد ما سيصلح تلك الأشياء التي ستفسدها الأيام القادمة لقد وافقت عليه وأتمنى أن لا استسلم له
    من رائحة الياسمين
    من زجاج البحيرة
    صنعنا صمتنا سوياً
    صنعنا حبنا سوياً
    ارتشفنا منه قليلاً
    لم نحترق لم نلتحم بالزند
    بزهور الليمون تسلقنا الغناء
    لم نسقط أو نعود فبلغنا الغيوم
    إلى اللقاء
    ايتوكا
    يوم رحيل إكوانق

    ما أن انتهت ايتوكا من ختام رسالتها بأغنيتها الشعبية المفضلة وإخفاء الخطاب داخل المظروف ثم ألحقته بكل ما تملك من أحاسيس جميلة احتفظت بها له ولم يسع لها ذلك الخطاب ـ فاجأها الناس بموعد رحيل إكوانق العجوز والأسلاف بعد أن أطلق ود الأعرج سراحه بتعليمات من الخواجة "ليو" .. أنتابها شيء من الخوف وقليل من الراحة ..ها هي الآن أمام العالم دون ذلك العجوز الذي أصبح فجأة لا يكترث لشيء سوى الرحيل .. بدأ الجميع في تدشين العجوز "إكوانق" وضمه لصدورهم بفرح وطبول لا ترى .. فقط تخرج ناثرة صرخات الأسلاف وفرحهم وحكاوي تناثرت في كل الاتجاهات حتى بلغت الجبل وكذلك البحيرة التي سارت للجبل مرات عديدة عبر رائحة الياسمين وعادت ، أثناء انشغال الأهالي بالحدث .

    بدأت الطبول في الابتعاد تدريجياً و إكوانق العجوز يتبعها بخفة شاب لم يبلغ العشرين من عمره بالرغم من ثقل ما يحمل من هدايا احتفظ بها ليوم كهذا كان يحسبه ولا يعلمه.

    علق الجميع بعد ذلك في حكايتهم بأن أرجله لم تلامس الأرض قط ـ فقط تختصر المسافات فوق حجارة الجبل و كأنها مرفوعة على أيدي الملائكة الذين حملوا يسوع المسيح كما يقول الكتاب المقدس الذي حفظوه عن ظهر قلب عندما ترجم إلى لغتهم المحلية ـ لم تلامس حجارة الجبل حتى بلغ القمة.. أعلن الطبل ذلك بنفس متصاعد .. شيء أشبه بالبدايات القديمة .. صمتت كل الطبول المرئية ..انفتحت النوافذ المواربة وتشققت كل القبور والصخور . قامت كل الأجساد الراقدة في مقابر المحليين ..دخلت الحارة .. حملت أشياءها ثم سبحت صوب القمة التي يقف عليها إكوانق العجوز تحلقت حوله ثم تلاشت تماماً 000
    لم ينتبه أحداً لذلك سوى بعض العجائز الذين كانوا هناك حتى نهاية الحدث فأضافوا لما رأوه ما أرادوا وكذلك حذفوا ما أرادوا إذا لا أحد يجروا على تكذيبهم كما لا يطالبون أحداً بأن يصدقهم .. بذلك خضعت حكاياتهم للتأليف والتأويل ، إلا أنها هي نهاية مراسم الرحيل التي قبل بدايتها انصرف عنها الجميع للحدث الثاني وانشغلوا به غير مصدقين أن زفاف ايتوكا سيتحول لحقيقة يرونها أمامهم .. اعتبروه شيء من ألاعيب الخواجة "ليو" التي كثيراً ما يمارسها معهم لتنقلب عليهم شيء آخر لكن المهم هو النهاية طالما أن ما سيحدث سيحدث لا محال .
    بدأت أيتوكأ ترى دموعها تتساقط من كل أجزاء جسدها ولا تعلم أهي على جدها أم لحظها الذي سيقذف بها تحت ذلك الكائن البرتغالي الذي لم تكن تتمنى أو تحلم حتى بالجلوس بجواره أو خدمته مقابل أجرٍ ،رغم أناقة عطره التي كثيراً ما اشتبكت مع رائحة الياسمين في طرقات البلدة .
    لم تتمكن ايتوكا من ضبط أحاسيسها تجاهه أو تسميتها .. شيء ما يحسها على الهروب واللحاق بتليه ،إلا أن خوف من المجهول يدفعها للقبول والتآلف مع الحدث كما هو .

    بدأ عمال الخواجة "ليو" ووكلائه في تركيب الزينات والأعلام وتجهيز الأماكن لمجموعات الموسيقية التي ستدخل المنطقة لأول مرة ، الفتيات اللائى جُلبن خصيصاً من المدن المجاورة خلف الحدود لتجهيز العروس أيتوكا في أزهى ثوب عرس رأته تلك المناطق القريبة والبعيدة القرب .. بدأن العمل بنشاط لا يقطعه سوى الموسيقى والرقص أثناء العمل أو إعلان وصول صديق من أصدقاء العريس وكبار المدعوين .
                  

العنوان الكاتب Date
....... أو هكذا لملم شاطئيه ورحل.. قصة قديمة يا يحي فضل الله Abdulbagi Mohammed02-21-07, 05:32 PM
  Re: ....... أو هكذا لملم شاطئيه ورحل.. قصة قديمة يا يحي فضل الله Ali Alhalawi02-21-07, 11:44 PM
    Re: ....... أو هكذا لملم شاطئيه ورحل.. قصة قديمة يا يحي فضل الله Abdulbagi Mohammed02-22-07, 07:35 AM
      Re: ....... أو هكذا لملم شاطئيه ورحل.. قصة قديمة يا يحي فضل الله Abdulbagi Mohammed02-22-07, 10:24 AM
        Re: ....... أو هكذا لملم شاطئيه ورحل.. قصة قديمة يا يحي فضل الله Abdulbagi Mohammed02-22-07, 01:22 PM
          Re: ....... أو هكذا لملم شاطئيه ورحل.. قصة قديمة يا يحي فضل الله Abdulbagi Mohammed02-22-07, 04:59 PM
            Re: ....... أو هكذا لملم شاطئيه ورحل.. قصة قديمة يا يحي فضل الله Abdulbagi Mohammed02-23-07, 06:23 AM
              Re: ....... أو هكذا لملم شاطئيه ورحل.. قصة قديمة يا يحي فضل الله Abdulbagi Mohammed02-23-07, 10:39 AM
                Re: ....... أو هكذا لملم شاطئيه ورحل.. قصة قديمة يا يحي فضل الله Abdulbagi Mohammed02-23-07, 03:20 PM
                  Re: ....... أو هكذا لملم شاطئيه ورحل.. قصة قديمة يا يحي فضل الله Abdulbagi Mohammed02-23-07, 03:43 PM
                    Re: ....... أو هكذا لملم شاطئيه ورحل.. قصة قديمة يا يحي فضل الله Inaam Saad02-23-07, 06:29 PM
  Re: ....... أو هكذا لملم شاطئيه ورحل.. قصة قديمة يا يحي فضل الله Abdelfatah Saeed Arman02-23-07, 07:55 PM
    Re: ....... أو هكذا لملم شاطئيه ورحل.. قصة قديمة يا يحي فضل الله Abdulbagi Mohammed02-24-07, 06:18 AM
      Re: ....... أو هكذا لملم شاطئيه ورحل.. قصة قديمة يا يحي فضل الله Abdulbagi Mohammed02-24-07, 06:24 AM
        Re: ....... أو هكذا لملم شاطئيه ورحل.. قصة قديمة يا يحي فضل الله Abdulbagi Mohammed02-24-07, 07:08 AM
          Re: ....... أو هكذا لملم شاطئيه ورحل.. قصة قديمة يا يحي فضل الله Abdulbagi Mohammed02-24-07, 09:02 AM
            Re: ....... أو هكذا لملم شاطئيه ورحل.. قصة قديمة يا يحي فضل الله Abdulbagi Mohammed02-24-07, 09:11 AM
              Re: ....... أو هكذا لملم شاطئيه ورحل.. قصة قديمة يا يحي فضل الله Abdulbagi Mohammed02-26-07, 06:42 AM
                Re: ....... أو هكذا لملم شاطئيه ورحل.. قصة قديمة يا يحي فضل الله Abdulbagi Mohammed02-27-07, 10:30 AM
                  Re: ....... أو هكذا لملم شاطئيه ورحل.. قصة قديمة يا يحي فضل الله shahto02-27-07, 02:04 PM
                    Re: ....... أو هكذا لملم شاطئيه ورحل.. قصة قديمة يا يحي فضل الله Abdulbagi Mohammed02-28-07, 09:58 AM
                      Re: ....... أو هكذا لملم شاطئيه ورحل.. قصة قديمة يا يحي فضل الله Abdulbagi Mohammed03-02-07, 08:32 AM
                        Re: ....... أو هكذا لملم شاطئيه ورحل.. قصة قديمة يا يحي فضل الله Abdulbagi Mohammed03-05-07, 03:15 PM
                          Re: ....... أو هكذا لملم شاطئيه ورحل.. قصة قديمة يا يحي فضل الله Abdulbagi Mohammed03-10-07, 00:50 AM
                            Re: ....... أو هكذا لملم شاطئيه ورحل.. قصة قديمة يا يحي فضل الله محى الدين ابكر سليمان03-10-07, 05:53 AM
                              Re: ....... أو هكذا لملم شاطئيه ورحل.. قصة قديمة يا يحي فضل الله عبد المنعم ابراهيم الحاج03-10-07, 06:09 AM
                                Re: ....... أو هكذا لملم شاطئيه ورحل.. قصة قديمة يا يحي فضل الله Abdulbagi Mohammed03-10-07, 03:20 PM
  Re: ....... أو هكذا لملم شاطئيه ورحل.. قصة قديمة يا يحي فضل الله Abdelfatah Saeed Arman03-13-07, 00:37 AM
    Re: ....... أو هكذا لملم شاطئيه ورحل.. قصة قديمة يا يحي فضل الله Abdulbagi Mohammed03-13-07, 01:24 AM
  Re: ....... أو هكذا لملم شاطئيه ورحل.. قصة قديمة يا يحي فضل الله Abdelfatah Saeed Arman03-14-07, 04:18 PM
    Re: ....... أو هكذا لملم شاطئيه ورحل.. قصة قديمة يا يحي فضل الله Abdulbagi Mohammed03-14-07, 06:00 PM
      Re: ....... أو هكذا لملم شاطئيه ورحل.. قصة قديمة يا يحي فضل الله Raja03-15-07, 06:17 PM
        Re: ....... أو هكذا لملم شاطئيه ورحل.. قصة قديمة يا يحي فضل الله Abdulbagi Mohammed03-16-07, 08:16 AM
          Re: ....... أو هكذا لملم شاطئيه ورحل.. قصة قديمة يا يحي فضل الله Abdulbagi Mohammed03-17-07, 05:50 PM


[رد على الموضوع] صفحة 1 „‰ 1:   <<  1  >>




احدث عناوين سودانيز اون لاين الان
اراء حرة و مقالات
Latest Posts in English Forum
Articles and Views
اخر المواضيع فى المنبر العام
News and Press Releases
اخبار و بيانات



فيس بوك تويتر انستقرام يوتيوب بنتيريست
الرسائل والمقالات و الآراء المنشورة في المنتدى بأسماء أصحابها أو بأسماء مستعارة لا تمثل بالضرورة الرأي الرسمي لصاحب الموقع أو سودانيز اون لاين بل تمثل وجهة نظر كاتبها
لا يمكنك نقل أو اقتباس اى مواد أعلامية من هذا الموقع الا بعد الحصول على اذن من الادارة
About Us
Contact Us
About Sudanese Online
اخبار و بيانات
اراء حرة و مقالات
صور سودانيزاونلاين
فيديوهات سودانيزاونلاين
ويكيبيديا سودانيز اون لاين
منتديات سودانيزاونلاين
News and Press Releases
Articles and Views
SudaneseOnline Images
Sudanese Online Videos
Sudanese Online Wikipedia
Sudanese Online Forums
If you're looking to submit News,Video,a Press Release or or Article please feel free to send it to [email protected]

© 2014 SudaneseOnline.com

Software Version 1.3.0 © 2N-com.de