في كل البلدان الديمقراطية التي تعتمد وسيلة الانتخابات العامة توجد معايير لضمان حريتها ونزاهتها، إن لم تتحقق تكون باطلة وتزييفاً لإرادة الناخبين. وإذا ما مست حريتها ونزاهتها أية شائبة فإنها تثير الاحتجاج الذي قد يبلغ حد الانتفاضة والثورة، كما شاهدنا في العديد من الحالات خلال السنوات الأخيرة.
والمتفق عليه أن التسجيل للانتخابات، تسجيل الناخبين الذين يحق لهم الإدلاء بأصواتهم، هو عظم ظهر العملية الانتخابية. وقد مضى الآن أربعة وعشرون يوماً على بداية عملية التسجيل في بلادنا، لانتخابات يفترض أن تعبر بالسودان من وضع انتقالي تأسس عام 2005 م إلى نظام حكم منتخب. فما هي الحصيلة حتى الآن؟
من المؤسف أن الواقع يعكس صورة أقل ما فيها أن المفوضية القومية للانتخابات، والتي ينص الدستور على أن تتكون من أشخاص "مشهود لهم بالاستقلالية والكفاءة وعدم الانتماءالحزبي والتجرد" ظلت تسعى منذ تكوينها لتفصيل العملية الانتخابية بمختلف مراحلها على مقاس المؤتمر الوطني، الذي يماطل حتى اللحظة في تحقيق مطلوبات التحول الديمقراطي.
ومعلوم بداهة أن حرية التعبير والتنظيم هي من الشروط الأساسية لحرية الانتخابات ونزاهتها، فوق أنها حقوق كفلها دستور السودان الانتقالي لعام 2005، ولكنها ظلت معلقة في الهواء بالسلطة التي يمتلكها المؤتمر الوطني.
خلال أربعة وعشرين يوماً ظلت المفوضية القومية للانتخابات تسد أذنيها عن الشكاوى والطعون العديدة ضد الخروقات الجدية والخطيرة التي صاحبت تسجيل الناخبين، في مذكرات متكررة وجهتها لها معظم الأحزاب الوطنية والديمقراطية والمنظمات في مختلف المناطق والمدن. وحوت الشكاوي والطعون حالات خرق موثقة، مثل تسجيل القاصرين والأجانب، والتسجيل بالقوائم ومصادرة إشعارات التسجيل بواسطة عناصر المؤتمر الوطني وكوادره، والترهيب والتهديد من عناصر أمنية، واعتقال بعض مندوبي الأحزاب. ومن أخطر الخروقات وقف العمل بالأورنيك رقم 5 الذي يحوي المعلومات عن الناخب وما يثبت شخصيته ومكان سكنه وغير ذلك من معلومات ضرورية، والمنشور الذي أصدرته المفوضية ويسمح بتسجيل أفراد القوات النظامية في أقرب مركز تسجيل في الدائرة التي تضم وحداتهم العسكرية.
وحتى تمديد فترة التسجيل، التي سبق أن طالبت بها الأحزاب الديمقراطية، قررته المفوضية بدون التشاور مع تلك الأحزاب، مع أن ذلك كان ضرورياً لأخذ كل الاحتياجات في الاعتبار.
عموماً فات أوان (تلتيق) السجل الانتخابي، ولا خيار سوى إلغاء السجل الانتخابي الحالي وإعادة تسجيل الناخبين من جديد وفق ضوابط جديدة. أما إذا ما استمر الوضع على ما هو عليه فإنه يفضي إلى انتخابات غير حرة ولا نزيهة. ولن يكون ذلك بالشيء الجديد سواء في السودان أو في العالم، ولن يكون بالجديد أيضاً فشل محاولات تزييف إرادة الجماهير عبر انتخابات صورية، وانتصار إرادة شعبنا كما انتصرت مراراً من قبل.
--------------------------- السودان لكل السودانيين المجد لشعب السودان ... المجد لأمة السودان
العنوان
الكاتب
Date
الميدان 24 نوفمبر 2009 .. كلمة العدد: سينتصر شعبنا على أي انتخابات مزيفة
الرسائل والمقالات و الآراء المنشورة في المنتدى بأسماء أصحابها أو بأسماء مستعارة لا تمثل بالضرورة الرأي الرسمي لصاحب الموقع أو سودانيز اون لاين بل تمثل وجهة نظر كاتبها
لا يمكنك نقل أو اقتباس اى مواد أعلامية من هذا الموقع الا بعد الحصول على اذن من الادارة