|
Re: البحث عن صندوقنا الأســود!! بقلم يحي العوض (Re: عبدالكريم الامين احمد)
|
هاشم كرار... الوطن القطرية
النظام العام.. وليلة القبض على «لبنى»!
لا أحد منضبطا يمكن أن يعارض النظام العام. الفوضويون - وحدهم- هم الذين يفعلون ذلك.. لكن متى ما استحال هذا النظام العام إلى لا نظام تصبح معارضة تطبيقه مشروعة.. بل مطلوبة أيضا!
في السودان هنالك قانون للنظام العام، تحرسه شرطة معينة، بلباس معين، وشارات معينة.. والهدف من القانون وحراسته، هو - بالطبع - ضبط حركة المجتمع، في الشارع العام، سلوكيا.
السودان بهذا القانون، ليس استثناء: جميع دول العالم، تفرض من القوانين ما يضبط حركة مجتمعاتها، في الشارع حفاظا على تقاليدها، وأعرافها الطيبة.. وحفاظا على الحد الأدنى، من أخلاقياتها.
الشارع أي شارع في الدنيا، لا تحرسه الأخلاق فحسب، لابد - إذن - من القانون ولأن القانون، هو الطرف الذي يلي الأخلاق، كان منذ أول مجتمع في الدنيا.. وسيكون في أي مجتمع.. ومتى ما ارتفع هذا المجتمع أو ذاك درجة في سُلم الأخلاق ارتفع القانون، درجة، في سُلم الشفافية، واللطافة واللين!
حراس قانون النظام العام في أي دولة ينبغي فيهم - أولا - التحلي بالأخلاق.. وينبغي فيهم - ثانيا - تجسيد روح القانون في اللحم، والدم، والعصب، واللسان، لحمهم هم، ودمهم، وأعصابهم، وألسنتهم، ذلك إذا ما أرادوا لغيرهم أن يحترموا هذا القانون، ويخضعوا له عن فهم (وقدوة ومثال)!
فاقد الشيء، لا يعطيه..
من هنا ماذا يمكن أن نترجى، من قانون أول من ينتهكه هو حارسه الأول؟
قياسا على ذلك، ماذا يمكن أن نترجّى من قانون للنظام العام، في أي دولة كانت، إذا ما كان حراس هذا القانون ليسوا في مستوى الطرف الذي يلي الأخلاق.. وإذا ما كانوا هم، سلوكيا، أبعد ما يكونون عن روح هذا القانون؟
من هنا، ينبغي أن يكون اختيار حراس قانون النظام العام، في أي دولة، هو الاختيار الأصعب. ومن هنا ينبغي أيضا، ان يكون تأهيل هؤلاء الحراس هو التأهيل الأصعب: تأهيلهم أخلاقيا، وقانونيا، وسلوكيا بالدرجة الأولى، ذلك باختصار لأنهم هم المؤتمنون على الأخلاق في الشارع العام، قبل أن يكونوا مؤتمنين على حراسة القانون!
كل هذا الحديث، عن الأخلاق، والقانون (قانون النظام العام) أثارته حادثة في الخرطوم لاتزال تشغل السودانيين حاكمين ومحكومين.. وهذه الحادثة ما كان ليمكن ان ترى النور، لولا صحفية شجاعة اسمها لبنى:
داهمت شرطة النظام العام، حفلا عاما، في مكان ما، بعد الحادية عشرة ليلا بقليل، واستوقفت نساء بينهن لبنى، بتهمة (الزي الفاضح).
النساء، مثلن في اليوم التالي أمام المحكمة، وجلدن، ما عدا لبنى، التي قالت إنها تتمتع بحصانة لعملها في منظمة دولية، المحكمة أرجأت النظر في (الجلد) إلى حين.
لبنى، كتبت عن القضية.. ظهرت في ذات الملابس التي كانت ترتديها (البنطلون والقميص وربطة الرأس) ليلة القبض أمام الكاميرات وهي تقول «قبض عليَّ لأنني كنت ألبس هذا اللبس».. هذا اللبس الذي أرتديه وأنا أدخل الدواوين الحكومية، وأنا أسافر به إلى دول إسلامية حتى.
لبنى تحدثت عن (قبض النساء) و(جلدهن) وتأثير هذا القبض على الأسرة، وعلى مستقبل المرأة عموما، في المجتمع: اذا ما كانت متزوجة فمصيرها الطلاق، وإذا ما كانت مخطوبة فمصيرها (الفسخ)..
لبنى، وزعت كروت دعوة، في الوزارات الحكومية، وعلى شخصيات دينية، وفكرية، وحقوقيين، ليحضروا جلدها (في ذات الزي الذي كانت تلبسه) ليعرفوا لماذا جلدت.. هكذا، ظلما!
لبنى، بإثارتها للقضية أرادت أن تقول شيئا مهما جدا: (الرغبة) حين تتدخل، في تطبيق القانون، يصبح على هذا القانون السلام!
أرادت أن تقول بعبارة أخرى: انتهاك حراس القانون للقانون، يمكن أن (يودي في داهية) خاصة إذا ما كان هذا القانون معنيا بالأخلاق.. والشرف!
القضية لا تزال تشغل السودانيين.. ولبنى، فتحت الأعين في السودان، على قضية هامة جدا..وغدا.. المحكمة!
|
|
|
|
|
|
|
|
|