فاصلة المونديال.. إعتذار وتوضيح للاشقاء وشكر مستحق للسودان .. بقلم: هانئ رسلان

Quote: حلايب مرة إخري‏..‏ لماذا؟ / هانئ رسلان الكاتب : مكتب القاهرة | أضيف بتاريخ :28-10-2009 1:19:42 PM | [ قراءة : 184905 مرة ] حلايب مرة إخري‏..‏ لماذا؟ / هانئ رسلان كل الدلائل التاريخية والقانونية تثبت بلا شك مصرية مثلث حلايب وشلاتين‏,‏ إلا أن الخلاف حول تبعية حلايب يثور بين فترة واخري كدلالة أو علامة علي وجود توتر بين البلدين الشقيقين‏,‏ كما حدث في عام‏1958‏ في عهد رئيس الوزراء عبدالله خليل الذي كان يحمل مشاعر غير ودية بشكل عام تجاه مصر‏,‏ وكما حدث في النصف الأول من التسعينيات حينما كانت العلاقات بين نظام الإنقاذ ومصر في ذروة توترها‏..‏ وهاهي الأزمة تطل بوجهها من جديد‏,‏ الأمر الذي جعل من مشكلة حلايب أقرب ما تكون إلي مسمار جحا‏,‏ أو حصان طروادة في ملف العلاقات المصرية السودانية‏,‏ بمعني أن القضية في الغالبية العظمي من الأحوال لاتثار من الجانب السوداني لاهميتها في ذاتها‏,‏ وانما تستخدم كأداة في النزاعات والصراعات الداخلية‏,‏ أو لتحقيق أهداف إخري لاتخص حلايب بقدر إرتباطها بقضايا إخري لايتم الحديث عنها مباشرة‏,‏ وانما يتم الإلتفاف حولها عن طريق إعادة الحديث عن تبعية حلايب‏.‏ والمثال الأقرب علي ذلك أنه حينما وقع السودان بروتوكول ماشاكوس الإطاري مع الحركة الشعبية لتحرير السودان في‏20‏ يوليو‏2002‏ تحت الرعاية الامريكية‏,‏ وتم بمقتضي هذا البروتوكول منح حق تقرير المصير لجنوب السودان عقب فترة انتقالية قدرها ست سنوات‏,‏ لم ترحب مصر بهذا التطور الذي كانت تتحفظ عليه باستمرار‏,‏ حيث كانت دائما تطالب دائما بالسعي إلي حل يقوم علي قاعدة المواطنة ويتحاشي مسألة حق تقرير المصير لما تحمله من مخاطر عديدة وتداعيات غير محسوبة‏.‏ وعلي المستوي الشعبي حدث ما يمكن أن نسميه نوع من‏(‏ الخضة‏)‏ لدي المواطن العادي‏,‏ حيث شاع قدر غير قليل من القلق الأخوي والوجداني علي مستقبل السودان ووحدة أراضيه‏,‏ وإندلعت عاصفة من التعليقات والتحليلات تتمحور جميعها حول هذا المعني‏.‏ في المقابل كان من بين الأشكال التي تمظهرت عبرها ردة الفعل السودانية‏,‏ إثارة قضية حلايب‏,‏ عبر حديث أدلي به الرئيس عمر البشير آنذاك لجريدة الشرق القطرية‏,‏ قال فيه أن حق تقرير المصير مسألة داخلية وأن السودان سوف يتقدم بطلب لمجلس الأمن لإعادة إدراج قضية حلايب مرة إخري‏,‏ ورغم أن تصريحات سودانية رسمية إخري صدرت سريعا لتخفف من وقع تصريحات البشير‏,‏ إلا أن الدلالة واضحة في إستخدام مسألة حلايب بغرض التوظيف السياسي‏,‏ وسرعان ما تم تجاوز المسألة برمتها في ظل تحسن العلاقات بين البلدين وعودة المياه إلي مجاريها‏,‏ وما تلي ذلك من تحسن ظاهر وحرص متبادل علي الدفع بعلاقات البلدين الي الامام مثل توقيع اتفاقية الحريات الاربع والاجتماعات المتكررة للجان المشتركة‏..‏ إلخ‏.‏ علي مستوي آخر نجد ان مسألة حلايب يتم توظيفها في الصراعات السياسية الداخلية في السودان‏,‏ فكل خصوم حزب المؤتمر الوطني الحاكم يثيرون هذه المسألة بين آن وآخر‏,‏ كلما احتدمت النزاعات الداخلية في محاولة للنيل من حزب المؤتمر الوطني الحاكم وإضعاف موقفه‏,‏ باعتبار إنه متهاون في قضية حلايب‏,‏ والقول بان هذه أراض مسلوبة ولا يمكن التفريط فيها لصالح مصر‏,‏ وأن حزب المؤتمر الوطني بعد أن تكاثرت عليه الأزمات ورغب في اصلاح العلاقة مع مصر سكت عن مسألة حلايب وحرص دائما علي تحاشيها‏,‏ وان هذا السكوت ليس سوي رضوخ للموقف المصري ودفعا لثمن أخطاء سابقة في التسعينيات ولا سيما المحاولة الفاشلة لاغتيال الرئيس مبارك في‏1995‏ في السياق نفسه يمكن أن نلاحظ أيضا أن بعض القوي السياسية السودانية خاصة تلك التي تحاول أن تعرف نفسها بانها قوي الهامش‏,‏ تتحدث عن حلايب دون كلل أو ملل‏,‏ بوجود مناسبة أو بغيرها‏,‏ وذلك بهدف التشويش علي أي تطور إيجابي في العلاقات المصرية السودانية‏,‏ حيث أن هذه القوي التي تعتمد في تمييز نفسها عن القوي السياسية الإخري علي التركيز علي الانتماءات الاولية‏-‏ إثنية أو جهوية‏-‏ تعتنق فهما مغلوطا يري أن تحسن العلاقات المصرية السودانية يصب بشكل أساسي في مصلحة الوسط النيلي‏,‏ الذي تعتبره هذه القوي خصما لها بل يبالغ البعض منهم فيقول بان هذا الوسط النيلي قد مارس إستعمارا داخليا للأجزاء الاخري من السودان‏.‏ في الوقت الحالي أثيرت مسألة تبعية حلايب مرة إخري بمناسبة الانتخابات المزمع إجراؤها في إبريل‏2010‏ وإعتبارها دائرة إنتخابية‏,‏ ورغم ان التعداد السكاني الاخير لم يشمل حلايب‏,‏ ورغم أن التصريحات الرسمية السودانية كانت تعتمد دائما موقفا متوازنا تقول فيه انها تتمسك بسودانية حلايب‏,‏ إلا انها لن تثير أزمة بسببها مع مصر‏,‏ لاسيما ان هناك تصريحات للرئيسين مبارك والبشير بانها يمكن ان تكون منطقة تنمية مشتركة كما كان الحال علي عهد الرئيسين السادات ونميري‏,‏ إلا ان المسألة عادت الي الواجهة مرة إخري رغم عدم وجود سبب ظاهر يدعو لذلك‏,‏ حيث أن السياسيين المحليين الذين طالبوا بان يكون لهم تمثيل في الانتخابات القادمة كانوا يسعون إلي الحصول علي مقاعد لهم سواء باعادة دائرة حلايب أو إلحاقهم بالدوائر المجاورة‏,‏ وقد مضي علي الطلب شهران دون رد‏,‏ ثم اخرجت مفوضية الانتخابات هذا القرار فيما بدا أنه محاولة لجذب الانتباه من مقررات وتداعيات مؤتمر جوبا في الشهر الماضي والذي شهد نشأة نوع من التحالف بين القوي السياسية الاساسية في الشمال وبين الحركة الشعبية لتحرير السودان‏,‏قام بالتلويح بمقاطعة الانتخابات القادمة ان لم تتم الاستجابة لمطالب محددة‏.‏ وهكذا تبرز السياسات والصراعات الداخلية لتوظيف حلايب مرة إخري كمسألة ذات أبعاد خارجية يمكنها إستقطاب نوع من التعبئة في محاولة لشغل الرأي العام عن القضايا الجوهرية في الداخل‏,‏ لاسيما ان قرار مفوضية الانتخابات غير قابل للتطبيق العملي‏.‏ لذا لايجب ان يكون رد الفعل المصري انفعاليا أو مبالغا فيه‏,‏ بل يجب ان يتم التعامل مع هذا الملف بهدوء تام‏,‏ فالسودان يمر بظروف بالغة الصعوبة‏,‏ حيث يقف الآن علي مفترق طرق حقيقي‏,‏ والمصالح المصرية السودانية المشتركة أكبر من تعميق الخلاف علي حلايب وأكثر أهمية من التراشق أو تبادل الاتهامات هنا أو هناك‏.

(عدل بواسطة Mohamed Suleiman on 11-22-2009, 10:29 PM)