خبر عاجل : المتحدث الرسمي باسم المعارضة السودانية ابو عيسى على الشعب ان ينزل الى الشارع ونسحاب

Quote: لا بأس من سلخ جلد النملة من وقت لآخر و تحصيل الحاصل، أي توضيح بعض المآخذ على البيان الصادر عن المكتب السياحي و ما تضمّنه من لحم رأس، فبعض الأعزاء قال لي إنّ ذلك أفضل من الإساءة إليه أو شيء من هذا القبيل. أوّلاً و في موضوع البيان قبل نصّه، قضيّة المشاركة في البرلمان و مؤسّسات هذه الحكومة، هي من الأساس، قضيّة فوقيّة، لا تعني لا قواعد الأحزاب و لا رجل الشارع (أو امرأته)، هي قضيّة تخص بضعة أفراد في قيادة الحزب الشيوعي الحاليّة و مثيلاتها من قيادات أحزاب معارضة الفنادق، هم من انفردوا بالقرار بشأنها، رغم أنّ مبنى مقدِّماتها معيب، و إخراجها مخجل، و تمثيلها فج، فالمشاركة تأسّست على "منحة" بموجب اتفاق "ثنائي"، بين طرفين متقاتلين و بضغط و نفاذ دولي، و الاتفاق ما كان له أن يتجاوز سقف إيقاف الحرب ما دام بين طرفين لا غير، فما يزيد عن إيقاف الحرب كان يجب أن يُصار فيه إلى آلية مشاركة أوسع، و لكن الشريكين في الاتفاق لم يتحليّا بالزهد و الحكمة اللازمين، و للأسف فقد أغراهما على ذلك ضعف المعارضة و قلّة حيلتها، و خفّتها في ميزان القوّة، و منذ ذلك الوقت، طالبنا قياداتنا و ضغطنا عليها أن لا تتوسّل إلى من يرعون المفاوضات أن يلتفتوا إليها، و رجوناها أن تفيق من وهم أنّ السياسة العالمية التي تعيد ترتيب المنطقة سيسعدها أن تأبه لمن لا يملك قوّة على الأرض، لقد كان حال قيادات معارضتنا مهيناً و هي تلحّ على المفاوضين أن يشملوهم ببطاقة دعوة إلى مأدبة تفاوض اللئام، و الشريكان يتنصّلان، و بدلاً من استيعاب الدرس، و تفعيل اللّغة التي يفهمها الشريكان و من يرعاهما، أي خيار الانتفاضة الشعبية المحميّة، و بحث تكتيكات تجييش الشعب ضد النظام، لجأت هذه القيادات إلى وهم جديد، و هو تطوير الاتفاق الثنائي من داخله، و قبول المشاركة الزخرفيّة في البرلمان و الوزارة، دون أن تعير مطالب قواعدها شيئاً من الحساسية أو الذوق، صحيح أن من واجب و دور القيادة اتخاذ القرار، لكن عليها بذات القدر أن تتحلّى بالنباهة المطلوبة للتمييز بين القرارات، ما يتطلّب منها مشاركة أوسع و ما يتطلّب مشاركة أقل، إنِّ قراراً مثل التحوّل من خارج مؤسّسات النظام، إلى معارضتها من داخلها، ليس مسألة تخص بضعة أشخاص، لأنّه يتضمّن أيضاً، إقراراً بشرعيّة هذه المفاوضات و ما نتج عنها، و قبوله مرجعيّة و إطاراً للعمل السياسي، هذه معارضة كالطفل، يبكي كثيراً لكنّه ينام في حضن أمّه نهاية الأمر، و سليمان حامد مدفوعا بالإحساس بالذنب، يود لو يكتب تقريراً كل ربع ساعة عن نشاط الكتلة البرلمانيّة للحزب الشيوعي (و هي كتلة من ثلاثة أشخاص) عساه يبرِّر لجلوسه كالحبّة تحت قبّة البرلمان، و استماتة سليمان هذا في تضخيم دورهم و إبراء الذمّة، تعكس كم هو قلِقٌ و كم يُلاحقه ضميره بالسؤال. إذاً، قرار الدخول في هيكل الحكومة، و قبول مرجعيّة نيفاشا، كانا خيار أقليّة خائرة القوى و محدودة الآفاق هي لسوء الحظ قيادة المعارضة، ظنّاً منها أنّ بالإمكان التوكؤ على عصا الحركة الشعبية رفيق الكفاح القديم الذي يجيد القتال و يغرق في كوب سياسة، و زاد حال الحركة سوءاً أن ابتُليت بفقد قائد له حضور و عوّضته بقيادة مذهولة نقلت مواقف الحركة الشعبية من البراجماتيّة إلى الخسّة.. و كان قرار المشاركة في حكومة الوحدة و قبول واقع نيفاشا خصماً على تنوير الجماهير و قيادتها للفعل الإيجابي، مثلما كان إعلاء خيار الحل السياسي -من قبل- على حساب الحل العسكري و الانتفاضة الشعبيّة، كل هذه التحوّلات و الإنحناءات الهابطة في مسار إسقاط مشروع الجبهة الإسلاميّة كانت تعبِّر فقط عن يأس هذه القيادات و تفكيرها من داخل الصندوق، و الآن، و بلا أي حياء، تريد هذه القيادات أن يتحمّل معها الشارع تركة أخطائها، و يهب ليسقط شرعيّة الحكومة فقط لأنّ هؤلاء أدركوا ذلك أخيراً، مع العلم أنّ قبول مرجعيّة نيفاشا يمكنه أن يجعل هذه الحكومة شرعيّة و يمدّد شرعيّتها ما شاء لها الشريكان، و من يرى غير ذلك فأمامه المحكمة الدستوريّة ما دام يقبل بمرجعيّة نيفاشا.. هذه الصحوة المتأخِّرة ليس من الراجح أن يقابلها الناس بالحماس، فمرأى نقد و الصادق في قفطان موسوي و كرّوبي ليس كافياً لنقل عدوى ما يجري في إيران (إن كان هذا ما أوحت به إليهما قنوات الأخبار)، و لن يخرج الملايين إلى الشارع بناءً على دعوة هذه القيادات لأنّ عمق الإحساس بهذا الزوال (المفاجئ؟) للشرعيّة لا يتجاوز أعضاء البرلمان و بضع عشرات منوّمين مغناطيسيّاً من أتباعهم يوافونهم على كل حال، فليخرج سليمان و من معه مِن البرلمان بلا ضوضاء و عنتريّات، فهذه الحكومة لم تفقد شرعيّتها في 9 يوليو 2009 إلّا وفق تقويمهم هم، فلتنتقد قياداتنا قراراتها الخاطئة و أساليب عملها، و إن كانت تريد أن تقود الجماهير إلى الشارع، و هذا أمر تأخّرت فيه كثيراً، فعليها بمشروع التنوير و المطالب الملحّة لإنقاذ البلاد و ما بقي من كرامة من بقي فيها حتى تنضج في الناس روح الثورة بعدما توارت فيهم، أما تهييج العوام للتغطية على إخفاقاتهم السابقة، فهذا عيب.