كنا أصدقاءا منذ الثانويه ، ربما عام 1989 ، من احدى دول الشام ، كان يعيش عدة أنواع من القهر ، بلد مغتصب ، انعدام هويه في دولة الامارات خاصة أن كلا من والديه من بلد ، وكان أحد أعز أصدقائي ، نلتقي يوميا ، وفي عامينا الأخيرين قبل التخرج من المدرسة حولنا لنكون في نفس الصف معا ، وقد وافقت ادارة المدرسه لأننا الاثنين كنا محبوبين في تلك المدرسة ، تعلمت منه الكثير ، تعلمت الصبر على المكاره وتعلمت المثابرة والصمود وحدي ضد الجميع حتى أنال هدفي مهما طال الزمان ، تعلمت منه ألا أنتظر عونا من أحد وألا أنتظر من القوم أن يفهموني كي يقدروا مواقفي وعلي أن أتكيف مع ذلك ولا أحزن وتعلمت منه ألا أهتم بمن يحاولون ايقاف مسيرتي في أي طريق كانت وشئ واحد حاولت ألا أتعلمه منه وهو حماقته الشديده وعدم دبلوماسيته وغضبه الخرافي ان أحس أن هناك من ينظر اليه من أعلى ، ومستعد أن يخسر كل شئ في سبيل نزوة الغضب ، حاولت أن أرد له الجميل فيها ولم أستطع ، لأنه كان يرى أنه يكبرني بأربعة أو خمسةأعوام ، فأنا الذي كان علي التعلم منه
ضحكنا كثيرا وخططنا كثيرا واجتمعنا كثيرا ودرسنا سويا افترقنا قبل اثني عشر عاما ، وذاك العام حدثت له مشاكل أوقفت نجاحه فذهبت الى الجامعة وبقي هو يحاول اعادة السنه وقلبي معه ، ولم يوفق فاتجه الى العمل لظروف أهل بيته آنذاك
اتصلت به هاتفيا ليلة الأمس كان قد تزوج ، ورزق بطفلة عمرها عامين أو ينيف ، أخبرني أنه حدث اختلاس في الشركة قبل عدة شهور من قبل شخص من الجماعة اياهم ، فخسر حقوقه ووظيفته وكل ما جمعه في الشركه ، أخذ يبحث عن عمل ولم يجد في كل الشهور الفائتات حتى يطعم عائلته ، انتقل للسكن في منطقة بعيده وبيت صغير جدا حتى يوفر من أجر السكن لصالح أهل بيته ، استمر في البحث عن العمل حتى ضاقت فاضطر الشهر الماضي أن يبيع سيارته فصعب عليه الآن حتى أن يحوم بسيارته باحثا عن عمل ، وخسر سيارته المتواضعة التي كان يمكن أن يعمل بها سائقا
وبالطبع بعد أن مرت السنوات ، يصعب الآن أن يبدأ دراسته من جديد ، وينتظر أعواما أخرى حتى يعمل ليعيل نفسه وعائلته قبلها
صوته كان حماسيا جدا ، حتى في أحلك ظروفنا ، كنت والله أستعيد صوته وتحميسه لي أحيانا في بعض المواقف ، ولكن صوته ليلة الأمس كان رقيقا ، حتى عندما يقوى كان يخبو مرة أخرى وليس فيه شئ من سحر الماضي وقوته
كان يحكي لي بانطلاقة وبساطة ومن الخلف أسمع صوت ابنته الصغيرة تنادي عليه أو على أمها وهو لا يدري أي بلاد يذهب لها ليبدأ حظه أو قدره الجديد وهو من بلاد مغتصبة لا يمكن العودة اليها ، ولا يدري من يجد بها هناك
لم أدر ما أفعل ، غص حلقي ووضعت السماعه اتصلت به بعدها مرتين في نصف ساعه أحاول أن أقترح أي شئ ، وهو يرد علي : جربت يا أبي ، ثم يضحك ويقول لي هل تظن أنه غابت عني كل هذه الأفكار ؟ فأقول له سأحاول أن أفكر معك ، قال لي أنه ليس لديه حتى أي مال يخرج به ليستخدم المواصلات ليبحث عن عمل ، فقلت له نحن اخوان وأنا سأوصلك ، رغم أني أعمل من الصباح حتى الليل ولا أعرف كيف سأستطيع ، ولكنها خرجت مني
أغلقت السماعة على صوته اليائس وهو يودعني ، ولم أعرف ما أفعل ، منذ الأمس أفكر في أمره كل ربع ساعه ، ولا أدري ماذا يمكنني أن أقدم له فدعوت له عسى أن يستجيب الله ، ومن يدري
أرجو منكم الدعاء أيضا ، ومن يدري أرجوكم وها يوم الخميس ينتهي ونحن مقبلون على ليل جمعه أرجوكم لأجله و زوجته وابنتهما ذات العامين
الكرام - جعل الله دعاءكم مجابا دوما حيدر بدوي صادق مهيره روعه
سلمكم الله وأجاب دعاءكم ، وأنالنا جميعا من مثل ما دعوتم به آمــيــن
وأذكركم بحديث شريف لا أتذكر ترتيب مفرداته ويعني أنك اذا دعوت لأخيك المؤمن في ظهر الغيب ، فانه يأتيك ملك أو ملكان يقولان لك مع كل دعاء ، ولك مثلها أو ولك مثله أرجو التصويب ، ونسأل الله لنا ولكم سعة في الرزق ، وبـركـة فـي مـا لـديـنـا
09-05-2003, 11:11 AM
obay_uk
obay_uk
تاريخ التسجيل: 02-05-2002
مجموع المشاركات: 639
الأعزاء والله لا زال الأمر كما هو عنده ومر شهران ، وحالته وزوجته وطفلتهما تزيد الحزن في بلاد لا تطبق نظام الدين في التكافل أو الضمان الاجتماعي
لا زال يبحث عن عمل ، بل حتى لم يصبح لديه من المال ما يواصل به اتصالاته
الدعااااااااااااء ياخواننا ما بكلفكم غير تقولو آمين على الذين دعوا أعلاه ونسأل الله لكم مثل ذلك من الخير وألا تنقطع بكم السبل أبدا في هذه الدنيا ويجعل الله لكم ولنا من كل ضيق مخرجا
الرسائل والمقالات و الآراء المنشورة في المنتدى بأسماء أصحابها أو بأسماء مستعارة لا تمثل بالضرورة الرأي الرسمي لصاحب الموقع أو سودانيز اون لاين بل تمثل وجهة نظر كاتبها
لا يمكنك نقل أو اقتباس اى مواد أعلامية من هذا الموقع الا بعد الحصول على اذن من الادارة