حرامية ((حمـــــاس))

مرحبا Guest
اخر زيارك لك: 05-24-2024, 01:25 PM الصفحة الرئيسية

منتديات سودانيزاونلاين    مكتبة الفساد    ابحث    اخبار و بيانات    مواضيع توثيقية    منبر الشعبية    اراء حرة و مقالات    مدخل أرشيف اراء حرة و مقالات   
News and Press Releases    اتصل بنا    Articles and Views    English Forum    ناس الزقازيق   
مدخل أرشيف الربع الاول للعام 2009م
نسخة قابلة للطباعة من الموضوع   ارسل الموضوع لصديق   اقرا المشاركات فى صورة مستقيمة « | »
اقرا احدث مداخلة فى هذا الموضوع »
01-23-2009, 07:37 AM

Imad Khalifa
<aImad Khalifa
تاريخ التسجيل: 11-26-2004
مجموع المشاركات: 4394

للتواصل معنا

FaceBook
تويتر Twitter
YouTube

20 عاما من العطاء و الصمود
مكتبة سودانيزاونلاين
Re: حرامية ((حمـــــاس)) (Re: د.نجاة محمود)

    الاخ عاطف عابدون
    سلامات اهديك وضيوفك هذا المقال للاستاذ مصطفى البطل فانه يضيف الكثير ويشرح القضية تشريحا وافيا.
    لك تحياتي
    Quote: غربا باتجاه الشرق

    هُراءٌ.. كالكلام بلا معانى!

    مصطفى عبد العزيز البطل

    [email protected]

    قرأت فى زمن قديم قولا منسوبا الى المستشرق والمؤرخ والمفكر الفرنسى جاك بيرك يصف فيه " العقلية العربية " وصفا مثيرا للتأمل. قال بيرك أن العرب أذا ارادوا إنجاز شئ ٍ ما فإنهم يجلسون لساعات فيتحدثون حديثا مستفيضا ممتلئا بالمعانى الباهرة عن الشئ المبتغى، طوله وعرضه، ملامحه وقسماته، طبيعته وصفاته، والخيرات المرتجاة منه، فإذا فرغوا من الحديث وقاموا من مجلسهم أحسّ الواحد منهم فى دخيلته براحة وطمأنينة من أنجز الشئ نفسه، مع أن الذى أنجز فعلا ليس هو الشئ، بل ( الكلام ) عنه! وأجد نفسى كلما إستذكرت مقولة بيرك هذه، أستحضر معها فى ذات الآن كلمات أخرى أشتهرت عن الكاتب والأديب المصرى الكبير مصطفى لطفى المنفلوطى، يقول فيها: ( أفضل عندى وأحَب أن أقرأ وصفا ممتعا لبستان، عن أن أرى البستان نفسه )! وتؤشر المقولتان إلى خصيصة مركزية فى الثقافة العربية وهى أن الكلام المُعجِز صنو للعمل المنجِز، أن لم يكن مقدما عليه! ومؤخرا جدا كنت كلما تذكرت مقولتى جاك بيرك والمنفلوطى إستيقظ فى رأسى بيت من الشعر العربى قرأته فى مقال للراحل الأستاذ الخاتم عدلان. وكان الخاتم قد إستخدم فى مقاله كلمة " هراء " لوصف حديث محاوره، ثم أضاف أن الكلمة تعنى فى العربية ( الكلام الذى لا معنى له )، وقدم برهانه على ذلك بيتا من الشعر لأحمد بن الحسين فى مدح أحد ذوى الهيئات: ( ولولا كونكم فى الناس كانوا / هُراء كالكلام بلا معانى )!

    ولأننى سلخت سنوات عديدة مديدة من عمرى فى خدمة الحكومة، حضرت خلالها مئات المؤتمرات والاجتماعات وجلسات العمل الرسمية المعلنة والسرية المغلقة، مقررا وسكرتيرا وكويتبا للمحاضر، فقد كان أكثر ما أهمنى وشغل بالى وأنا أتفكر فى حصيلة تلك ( الأعمال ) هو أطنان الهراء والثرثرة، والوقت الذى شهدت الكثير منه يذهب بددا، كما الدخان فى الهواء، والأوراق والأحبار وطاقات العاملين وموارد التشغيل التى إستنفذتها فى غير طائل ساعات الجعجعة وأيامها وأسابيعها وشهورها وسنواتها! وكنت كلما طافت بذهنى صور وذكريات من عجائب ( الكلام الذى بلا معانى ) فى الأزمنة السياسية التى تتالت على تجربتى فى العمل التنفيذى، أقف تحديدا عند صورة بعينها رسخت فى تلافيف دماغى فلا تبارحه قيد أنملة: صورة ذلك القيادى السياسى البارز المثقف، ذى المقدرات اللغوية العالية، الذى كان يفاخر علنا – وصادقا - بأنه يقوم بصياغة البيانات الختامية ومقررات وتوصيات المؤتمرات قبل إنعقادها! وكنت قد عملت الى جانبه فى بعض مؤتمرات العهد المايوى، وكان أعجبها وأغربها مؤتمر لم يحضره صاحبنا ولم يشارك فى أى جلسة من جلساته، لوجوده خارج البلاد، ولكنه عاد فى مساء آخر يوم من أيامه ووجدنا جلوس فى إحدى غرف قاعة الصداقة ونحن نعافر تلالا من الأوراق، نحاول أن نستخلص منها بيانا ختاميا ومقررات وتوصيات، فأشفق علينا من جلال المهمة ومحدوية الخبرة، ثم جلس بجانبى وسألنى بعض الأسئلة السريعة عن المؤتمر وما دار فيه من مداولات. لم تستغرق أسئلته وأجوبتى دقائق ثلاث أعقبها القيادى الكبير ب: ( طيب خلاص، أكتب عندك .. )، فأحضرت قلمى وقرطاسى وما إنفك يُملى علىّ، من رأسه الى قلمى، البيان الختامى والمقررات والتوصيات المفترضة للمؤتمر، حتى كلت يداى، وإمتلأت صفحات وصفحات، طبعها الطابعون بعد ذلك وفرقوها على المؤتمرين، ووقف رئيس المؤتمر شامخا على رأس الجمع يتلوها فقرة فقرة، والمؤتمرون جلوس يهزون الرؤوس إستحسانا ويدمى أكفهم التصفيق! غفر الله لنا ولصاحبنا ما تقدم من الذنب وما تأخر، وأسبغ عليه وعلينا من فيوض رحمته مقدار ما يزحزحنا عن النار.

    إستغرقتنى هذه الذكريات والخاطرات وأنا أنظر فى العدد الكبير من رسائل بريدى الإلكترونى وقد تباينت بين العتاب الرقيق والاستهجان الغليظ، يأخذ علىّ أصحابها أننى لم أخصص مقالا واحدا فى زاويتى الأسبوعية لأحداث الساحة الفلسطينية والعدوان الإسرائيلى ومعاناة الضحايا. ولم يكن فى خطتى أصلا أن أكتب عنها، فماذا يفيد غزة وأهلها لو أننى شجبت إسرائيل والإسرائيليين بأغلظ ما فى قاموس بنى يعرب من لفظ الكلام، ولعنت سنسفيل جدودهم؟ وهل فى وسعى أصلا أن أفعل أكثر من تمجيد غزة وأهلها، فأعيد - مثلا – ترديد العبارة المسجوعة التى صكها مؤخرا بعض عباقرة المصكوكات: " غزة العزة "، ثم أمسح الأرض مسحا بإسرائيل وشعبها ومن ورائها الولايات المتحدة؟ ولكن أنظر قبلها - يا رعاك الله – وقل لى أى وطر قضيت من أرتال الصحف التى تملأ أرصفة أمة لا إله الا الله كل صباح، ثم من الفضائيات التى تناسلت بالاستنساخ الذاتى وما إنفكت تنسل من القنوات نسائل متطابقة، وهى تشتم أعداء الأمة وتنابزهم بالألقاب، ثم تلتفت الينا فتذكرنا بأن إسرائيل عدوة معتدية، وأن الولايات المتحدة قوة متغطرسة متجبرة وتحرضنا وتشحن نفوسنا شحنا، ثم تتركنا بعد ذلك فى حال سبيلنا، وقد إمتلأت قلوبنا غلا للذين ظلموا! وكل ذلك كلام فى كلام فى كلام. أقله القليل ذى مغزى ومعنى، وكثرته الكاثرة (هراء كالكلام بلا معانى)!

    قبل سنوات تضافرت بعض العوامل الداخلية المعقدة، مثل غياب الجنرال القوى جوزيف بروز تيتو وإنحسار ظله عن الدولة اليوغسلافية الموحدة، وتنامى الهويات الإثنية والمشاعر القومية لتغرى بعض الكيانات ذات الغالبية المسلمة بالاستقلال. فتعالت الأصوات فى أمة يعرب تحيّى شعوب البوسنة والهرسك وكوسوفو وتحرضها على الاستقلال، ولم تكن هذه الشعوب قد إستعدت حقا لمثل هذا التحدى. قال علماء الأمة وقد إشتعلوا حماسا: لو أن هذه الدول استقلت فهذا يعنى أن خارطة أوربا ستضم أخيرا دولا إسلامية، وفى هذا عزة الاسلام ونصرته وإرتفاع راياته، فعلى بركة الله يا مسلمى البلقان، ونحن من ورائكم كالبنيان المرصوص، ولتكن أنطلاقتكم بداية مسار نكاد نبصر فى نهايته شمس يوم نضطر فيه نصارى أوربا الى أضيق الطريق. وما تردد مسلمو البلقان فانطلقوا فى خطة الاستقلال لا يلوون على شئ. وماهى إلا هنيهة حتى تكالب أهل يوغسلافيا على مسلمى ذلك الجزء من اوربا فأوسعوهم تنكيلا وتقتيلا وأغتصبوا نساءهم إغتصابا منظما لم يشهد التاريخ المعاصر له مثيلا. كل هذا والأمة المجاهدة من محيطها الى خليجها لا تملك لرجال البوسنة المجندلين ونسائها المغتصبات غير الكلام الغاضب الفوّار منثورا ومشعورا. وما فتئ المسلمون هناك يئنون تحت نير الإضطهاد المرير، الذى إستحقر كرامتهم وأذل كبرياءهم وأهلك حرثهم ونسلهم، حتى جاءتهم النصرة على يد مسيحيى أمريكا وأوربا، الذين إنتدبوا قواتهم فكفّت يد المعتدين وأنصفت المقهورين فى البوسنة والهرسك ثم كوسوفو، وطاردت القتلة الذين احتمى بعضهم برؤوس الأشجار وقمم الجبال، وقعدت لهم كل مرصد، وحملتهم حملا الى المحكمة الجنائية فى لاهاى ليواجهوا العدالة الدولية، فمنهم من مات فى محبسه، مثل سلوبودان ميلوسوفيتش، ومنهم من ينتظر مثل رادوفان كراديتش، وما بدلوا تبديلا. هذ مع أن المنقذين الغربيين المسيحيين هؤلاء، هم أنفسهم الذين التمسنا فى الأصل إضعاف شوكتهم وإنقاص بيضتهم بإنشاء دويلات إسلامية فى قلب القارة الأوربية. وفى خاتمة المطاف الدامى كان كل ما فتح الله به على علمائنا وشعوبنا فى شأن مساندة مسلمى البلقان هو الفتاوى الدينية حول التكييف الفقهى لأوضاع المسلمات المغتصبات، والحكم الشرعى لمواليد السفاح الصربى المنظم!

    ما الذى حدث ويحدث في غزة؟ سمعت إسماعيل هنية يقول وهو يجلس بقامته الطويلة، عالى الهامة، عزيز الجناب، معتدا بنفسه، كما رجال الدولة، يلقى بيانه على أجهزة الإعلام فيقول: " أن حماس أنتصرت على إسرائيل ومنعتها من تحقيق هدفها فى إحتلال غزة ". وهذا حديث ينطبق عليه وصف أحمد ابن الحسين: " هراء كالكلام بلا معانى "! فكل من ألقى السمع وهو شهيد يعلم أن أسرائيل كانت تحتل قطاع غزة إحتلالا كاملا شاملا، وتديره لأربعة عقود متتالية، وقد أمتد إحتلالها للقطاع منذ يونيو ١٩٦٧ وحتى تاريخ إعلانها الإنسحاب، برغبتها الذاتية، فى سبتمبر ٢٠٠٥. وقد قال رئيس الوزراء الاسرائيلى السابق أرييل شارون وهو ينقل الى شعبه قرار إنهاء الاحتلال من طرف واحد أن بلاده لم تعد راغبة فى تحمل التكلفة المالية الباهظة لإدارة القطاع! لماذا يزعم هنية إذن أن هدف العمليات الإسرائيلية الأخيرة هو " إحتلال غزة "؟ الإجابة بسيطة: لأن ظهور حركة حماس بمظهر المنتصر يتطلب تسمية أنجاز معين تنسبه الى نفسها. وفى هذه الحالة بذاتها، ولأن الضرورات تبيح المحظورات، يكون الإنجاز هو أنها نجحت فى منع إسرائيل من تحقيق هدفها الاستراتيجى المفترض، رغم أنها فى قرارة نفسها تعلم أن ذلك الزعم لا يصف الحقيقة. هنية أذن يريد أن يرسم لحكومة إسرائيل، رغما عن أنفها، أهدافا لم تخطر بقلبها، ثم يقرر أن حركته حالت بينها وبين تلك الاهداف، فهى المنتصرة أذن! ومقولة هنية هذه ليست نسيج وحدها، فهى تعيد الى الاذهان مقولات أخرى من ذات ملة الهراء الذى بلا معانى. ومن ذلك ما سبق أن قال به بعض الصناديد من (أبطال) هزيمة حرب الأيام الست الماحقة فى ١٩٦٧:( أن خسارة الأرض لا تهم، لأن هدف إسرائيل كان هو أسقاط الأنظمة الثورية فى بلادنا، ولكنها فشلت بفضل أرادتنا وعزيمتنا فى تحقيق ذلك الهدف)!

    الذى يعرفه الجميع، بما فيهم إسماعيل هنية، أن إسرائيل لا ترغب فى إحتلال غزة، وأن كل ما فى الأمر هو أن تل أبيب قد ضاقت ذرعا بممارسات حركة حماس منذ أنقلابها على السلطة الشرعية فى القطاع، وذلك بقيامها بإطلاق قذائف صواريخ كاتيوشا التى تستهدف المدنيين فى سديروت وعسقلان وأشكلون والنقب الغربى وغيرها من مدن الجنوب الإسرائيلى. والعالم كله – بما فيه حركة حماس – يعرف أن إطلاق قذائف الكاتيوشا العشوائية على المدن الأسرائيلية لا يعدو أن يكون عملا عبثيا لا طائل من ورائه. فهو من وجهة التقدير الإستراتيجى لا يخلق واقعا جديدا على الأرض ولا يغير الواقع القائم. أذ أن قصارى ما تحدثه صواريخ الصفيح البدائية هذه، والتى تطيش أغلب قذائفها فى الصحراء، هو بعض الإصابات الطفيفة هنا وهناك ( فى الواقع حماس لا تستخدم صواريخ كاتيوشا الأصلية، بل قاذفات أرضية محلية بدائية على غرار الكاتيوشا تطلق عليها "القسام"، أذ أنها لا تستطيع أطلاق صواريخ الكاتيوشا الأصلية بسبب حاجة هذ النوع من الصواريخ الى منصات إطلاق كبيرة يقوم جيش الدفاع الإسرائيلى بالتعرف عليها وقصف مواقع إطلاقها فى ظرف ٩٠ ثانية من أطلاق الصاروخ). لماذا أذن تصر حماس على هذا النوع من الممارسات الخائبة، ولماذا تجبر الأبرياء من النساء والأطفال الغزاويين على تحمل هذا الثمن الباهظ من الأرواح؟ والإجابة على هذا السؤال من أيسر ما يكون: إن الفرضية الأساس لوجود حركات المقاومة الإسلامية على الساحة الفلسطينية هو أنها، خلافا للحركات العلمانية مثل، حركة فتح، تطرح شعار الكفاح المسلح لتحرير فلسطين وترفض بالتالى أى سلام مع إسرائيل، بل وتسعى سعيا حثيثا معلنا لتقويض كل جهود التسوية السلمية بدون فرز. وفى الواقع فأن " الشئ " المسلح الوحيد الذى بإمكان حماس أن تفعله لإثبات أنها فعلا حركة تحرير مسلح هو إطلاق صواريخ الكاتيوشا داخل الفراغ الهوائى الكبير المحاذى للقطاع، بين الفينة والأخرى، على أمل أن يقع واحد منها على منزل إسرائيلى فيصيب رجلا أو إمرأة أو طفلا! هذه الأعمال الصبيانية وإن جاز أن يكون لها بعض الأثر، مثل طنين الذباب حول أذنى الفيل، فتخرب مزاجه وتثير أعصابه، فإنها بالقطع واليقين لا " تحرر" خردلة!

    وحين يطرح أمر حماس وأسرائيل فى الغرب فأن الحوارية " الحماسية " الإسرائيلية تصل فى الغالب الى الامريكيين والأوربيين على النحو التالى:

    إسرائيل لحماس: لدينا إقتراح. إلتزموا بإيقاف الصواريخ ونرفع نحن عنكم كل حصار، ونفتح المعابر، ويدخل مواطنوكم إلى المدن الإسرائيلية و يخرجون بلا موانع، ويمارسون أنشطتهم الاقتصادية، فتنتهى العدائيات، وتزول كل المشكلات فى لمح البصر و يعيش الجميع فى أمن وأمان.

    حماس: لا نوافق على هذا المقترح.

    أسرائيل: طيب وما هو مقترحكم البديل؟

    حماس: ترفعون الحصار وتفتحون المعابر، وندخل ونخرج بحرية من المدن الإسرائيلية، ثم نعود نحن لإطلاق صواريخ الكاتيوشا على مدنكم! أنتم تعينون أهل غزة على إستعادة وتائر حياتهم الطبيعة ونشاطهم الإقتصادى. ثم تسمحون لنا، أوعلى الأقل تغضون الطرف، عن ترويعنا للمدن المحاذية للقطاع بقذائف الكاتيوشا.

    أسرائيل: لماذا تصرون على صواريخ الكاتيوشا وشعبكم فى غزة لم يحصّل من ورائها الا الموت والعذاب؟

    حماس: نعم صواريخ الكاتيوشا لا تحل ولا تربط ولا قيمة لها من الوجهة الواقعية، ولكنها بالنسبة لنا تشكل أصل وجودنا. هى القشة التى نتعلق بها والدليل الوحيد الذى نقدمه للعربان والمسلمين على أننا حركة جهاد مسلح تحاربكم فعلا وتسعى لإستعادة فلسطين!

    ومن خلال هذه "الحوارية" يتشكل الرأى العام فى الولايات المتحدة وأوربا ويبنى عقيدته. ليس لأن اليهود يسيطرون على العالم ويديرونه من وراء حجاب. ولكن لأن حجج إسرائيل ودعواتها تبدو مستقيمة ومنطقية وعادلة،شئنا أم أبينا، فيما لا تقوم مواقف التشدد الحمساوى الا كما يقوم الذى يتخبطه الشيطان من المس، فهى عوجاء وموتورة وشائهة، خلو من كل سمة يستوعبها العقل السليم و القيم التى إستقرت عليها الإنسانية فى عالمنا اليوم. والوضع الراهن على الساحة الفلسطينية، الذى خلقته حماس بإنقلابها على السلطة الشرعية وبإصرارها على إطلاق صواريخ الكاتيوشا على المدن المحاذية، هو الذى قاد شعب غزة الى هذا الواقع العدمى المأساوى. واوقعها تحت كابوس الآله العسكرية الإسرائيلية الباطشة الظالمة.

    يقول مثل متردد فى المسرحيات والأفلام العربية ( اللى يحضّر الجن لازم يعرف يصرفه ). وحماس بمنطقها الإنتهازى الشائن وممارساتها الأنانية غير المسئولة، عرفت كيف ( تحضّر ) الجن الإسرائيلى، ولكنها عندما حضر الجن ووقف أمامها لم تعرف كيف تصرفه، ولم تجد أمامها غير إستخدام نفس القاموس العربى الذى خبرته الشعوب خلال الستين عاما الممتدة منذ التقسيم فى ١٩٤٧ وحتى زمان الناس هذا. وهو قاموس لا يعرف غير مفردات الشتيمة ومعلقات الهجاء: إسرائيل معتدية وأمريكا ظالمة وأوربا متواطئة والحكام العرب خونة! وآية ذلك أن مؤشرات رد الفعل العسكرى الاسرائيلى الشامل وتصريحات القادة الإسرائيليين بشأنه كانت واضحة للعيان. فقد ملأت تصريحات تسيبى ليفنى الأفق قبيل شهور من الإعتداء الاسرائيلى الأخير تقول: ( سنوقف هذا العبث بالقوة، فحالة ضبط النفس لدينا وصلت منتهاها، وعلى حماس أن تعرف أن صبرنا له حدود ). وأعقبها أيهود باراك: ( جيش الدفاع الإسرائيلى يستعد للحسم وهو يعرف المهام الملقاة على عاتقه. ستدفع حماس ثمنا غاليا لتهوراتها وحماقاتها وإستهدافها للنساء والأطفال فى جنوب إسرائيل، وهو أمر طالما حذرنا منه ). وبدلا من البحث عن معالجات موضوعية ومسئولة تستند على محددات تقدير الموقف الإستراتيجى الذى كانت معالمه مكتوبة على الجدران بحروف بارزة، ملأ قادة حماس الدنيا ضجيجا عن ( الدرس القاسى ) الذى سيلقنونه أن شاء لله للجيش الإسرائيلى أن هو نفذ وعيده بالهجوم ردا على صواريخ الكاتيوشا. وكأن الله كتب على أمتنا أن تكون صنوا لسيزيف، الذى تقول الأسطورة الإغريقية أن الآلهة فرضت عليه أن يحمل الصخرة من أسفل الجبل الى قمته، ثم تسقط من يده على مشارف القمة، فيعود الى السفح ليحملها مرة أخرى. ذلك أن خرائد صدام حسين وعنترياته عن الإنتحار الأمريكى الجماعى المحتوم عند أسوار بغداد ما زال صداها يصم آذاننا! و( دروس ) حماس ( القاسية ) المتوعدة لجيش الدفاع الاسرائيلى، شأنها شأن التراجيكوميديا الصدّامية فى أمر تأديب فيالق اليانكى، هو من عين الهراء الذى قال عنه أحمد إبن الحسين ( هراء..كالكلام بلا معانى )! ومن قبيل ذلك أيضا جعجعة حماس، التى صدعتنا بها تصديعا عن القتال تحت رايات الحق ( حتى يفنى الشعب الغزاوى كله ). والشعوب الصالحة تتطلع الى الحياة، ولا تتوخى الفناء ولا تتخذ منه غاية تتغياها وتؤسس عليها حاضرها ومستقبلها. كما أنها لا تضع على رأس قيادتها من يرى الموت الجماعى حلا لمعضلاتها وأزماتها، فيقودها فى دروبه المظلمة ويبدد أرواح بنيها هدرا فى مسالكه الموحشة. القيادات الصالحة هى التى ترد عن شعوبها مصائب الدهر فلا تستمطرها عليهم من كل حدب وصوب، ولا تحيل حياتهم جهنما حمراء وقودها الناس والحجارة، مثلما فعلت حماس بشعب غزة، بغير طائل ولا مقابل، سوى بعض ألعاب الكاتيوشا النارية التى لم تُعد أرضا ولم تصُن عرضا. ولكنها الفتنة والتعابث بالدين، وإتخاذه سلما ومطية للسلطة والحكم السياسى. ثم لا تستحى حماس فتريد والمأساة-الملهاة فى ذروة معمعانها، أن تتوج نفسها من فوق ركام القتلى وأشلائهم، بطلا لمعركة (غزة العزة )! تفترى على الله الكذب فتزعم أنه نصرها على أعدائها، وترفع علامات النصر وتلوح بأعلامه. وأمة يعرب تهنئ وتبارك، وتمشى فى الركاب.

    ما هذه الأمة البائسة العليلة التى لا تملك لنفسها ضرا ولا نفعا، ولا تعرف من دنياها ألا الأوهام والأمانى الكاذبة؟ تقول العرب: ( أم الجبان لا تفرح ولا تحزن ). وكنت أكاد أخطئ طريقى فأقول أن الله قد كتب الحزن على يعرب فى اللوح المحفوظ، فهو رأسها وعمودها وذروة سنامها، لولا أننى ذكرت حذاء منتظر الزيدى الأغر، وفرحة الأمة العارمة به، لكأنها خرقت الأرض وبلغت الجبال طولا. وكيف أن الحذاء نزل على الأمة بردا وسلاما، فأحال أيامها أعيادا وبؤسها الساكن المقيم بلسما شفيت به صدور قوم مؤمنين. كيف لا وقد رأت الأمة، رأى العين، ملهمها وباعث نهضتها صلاح الدين ينهض من رماد النار، مثلما طائر الفينيق، فيعيد لها، من فوق صهوة (حذائه ) المطهّم عزتها وكرامتها وشرفها!

    نعم. قال أحمد إبن الحسين يمدح عظيما: ( لولا كونكم فى الناس كانوا / هُراءٌ كالكلام بلا معانى ). وقد جهدت فى أن أصل الى إسم الممدوح، فلم أصب من جهدى غاية، فأمسيت فى يومى هذا وأنا أجهله. ولكن الذى لا أجهله، وأعلمه يقينا، إنه مات، وإنه لم يعد فى الناس!

    عن صحيفة ( الأحداث )
                  

العنوان الكاتب Date
حرامية ((حمـــــاس)) عاطف عبدون01-22-09, 04:10 PM
  Re: حرامية ((حمـــــاس)) عاطف عبدون01-22-09, 04:27 PM
    Re: حرامية ((حمـــــاس)) عاصم الحاج01-22-09, 04:36 PM
      Re: حرامية ((حمـــــاس)) عاطف عبدون01-22-09, 04:47 PM
        Re: حرامية ((حمـــــاس)) عاصم الحاج01-22-09, 04:57 PM
      Re: حرامية ((حمـــــاس)) وليد محمد المبارك01-22-09, 04:49 PM
        Re: حرامية ((حمـــــاس)) د.نجاة محمود01-22-09, 04:57 PM
          Re: حرامية ((حمـــــاس)) عاصم الحاج01-22-09, 05:04 PM
          Re: حرامية ((حمـــــاس)) عاطف عبدون01-22-09, 05:14 PM
            Re: حرامية ((حمـــــاس)) د.نجاة محمود01-22-09, 05:21 PM
        Re: حرامية ((حمـــــاس)) عاطف عبدون01-22-09, 05:01 PM
  Re: حرامية ((حمـــــاس)) خالد عبد الله محمود01-22-09, 04:59 PM
    Re: حرامية ((حمـــــاس)) khaleel01-22-09, 05:03 PM
      Re: حرامية ((حمـــــاس)) د.نجاة محمود01-22-09, 05:13 PM
        Re: حرامية ((حمـــــاس)) waleed nayel01-22-09, 05:22 PM
        Re: حرامية ((حمـــــاس)) عاطف عبدون01-22-09, 05:22 PM
          Re: حرامية ((حمـــــاس)) د.نجاة محمود01-22-09, 05:29 PM
            Re: حرامية ((حمـــــاس)) عاطف عبدون01-22-09, 05:34 PM
      Re: حرامية ((حمـــــاس)) عاطف عبدون01-22-09, 05:20 PM
    Re: حرامية ((حمـــــاس)) عاطف عبدون01-22-09, 05:27 PM
      Re: حرامية ((حمـــــاس)) عاطف عبدون01-22-09, 05:37 PM
        Re: حرامية ((حمـــــاس)) وليد محمد المبارك01-22-09, 05:59 PM
          Re: حرامية ((حمـــــاس)) عاطف عبدون01-22-09, 06:11 PM
            Re: حرامية ((حمـــــاس)) وليد محمد المبارك01-22-09, 06:25 PM
              Re: حرامية ((حمـــــاس)) عاصم الحاج01-22-09, 08:22 PM
                Re: حرامية ((حمـــــاس)) عاطف عبدون01-22-09, 11:10 PM
                  Re: حرامية ((حمـــــاس)) د.نجاة محمود01-23-09, 06:39 AM
                    Re: حرامية ((حمـــــاس)) Imad Khalifa01-23-09, 07:37 AM
                      Re: حرامية ((حمـــــاس)) د.نجاة محمود01-23-09, 09:01 AM
  Re: حرامية ((حمـــــاس)) jini01-23-09, 07:58 AM
  Re: حرامية ((حمـــــاس)) عبد الله محمود01-23-09, 09:19 AM
    Re: حرامية ((حمـــــاس)) khaleel01-23-09, 09:22 AM
  Re: حرامية ((حمـــــاس)) نيازي مصطفى01-23-09, 09:21 AM
    Re: حرامية ((حمـــــاس)) jini01-23-09, 09:49 AM
      Re: حرامية ((حمـــــاس)) Abdlaziz Eisa01-23-09, 01:03 PM
        Re: حرامية ((حمـــــاس)) عاطف عبدون01-23-09, 02:28 PM
          Re: حرامية ((حمـــــاس)) د.نجاة محمود01-23-09, 02:36 PM
      Re: حرامية ((حمـــــاس)) نيازي مصطفى01-23-09, 03:16 PM
        Re: حرامية ((حمـــــاس)) هجو الأقرع01-23-09, 08:19 PM
          Re: حرامية ((حمـــــاس)) عاطف عبدون01-23-09, 09:57 PM
            Re: حرامية ((حمـــــاس)) عاطف عبدون01-23-09, 10:18 PM
              Re: حرامية ((حمـــــاس)) عاطف عبدون01-23-09, 10:31 PM
            Re: حرامية ((حمـــــاس)) عبد الله محمود01-23-09, 10:43 PM
              Re: حرامية ((حمـــــاس)) هجو الأقرع01-23-09, 11:58 PM
                Re: حرامية ((حمـــــاس)) د.نجاة محمود01-24-09, 02:33 AM
                  Re: حرامية ((حمـــــاس)) د.نجاة محمود01-24-09, 04:00 AM
                    Re: حرامية ((حمـــــاس)) عاطف عبدون01-30-09, 02:57 PM
                      Re: حرامية ((حمـــــاس)) عاطف عبدون01-30-09, 09:01 PM
                        حرامية .......................... ((حمـــــاس)) عاطف عبدون01-30-09, 10:19 PM
                          Re: حرامية .......................... ((حمـــــاس)) محمد على النقرو01-30-09, 11:08 PM
                            Re: حرامية .......................... ((حمـــــاس)) محمد على النقرو01-30-09, 11:19 PM
                              Re: حرامية .......................... ((حمـــــاس)) عاطف عبدون02-07-09, 03:54 PM


[رد على الموضوع] صفحة 1 „‰ 1:   <<  1  >>




احدث عناوين سودانيز اون لاين الان
اراء حرة و مقالات
Latest Posts in English Forum
Articles and Views
اخر المواضيع فى المنبر العام
News and Press Releases
اخبار و بيانات



فيس بوك تويتر انستقرام يوتيوب بنتيريست
الرسائل والمقالات و الآراء المنشورة في المنتدى بأسماء أصحابها أو بأسماء مستعارة لا تمثل بالضرورة الرأي الرسمي لصاحب الموقع أو سودانيز اون لاين بل تمثل وجهة نظر كاتبها
لا يمكنك نقل أو اقتباس اى مواد أعلامية من هذا الموقع الا بعد الحصول على اذن من الادارة
About Us
Contact Us
About Sudanese Online
اخبار و بيانات
اراء حرة و مقالات
صور سودانيزاونلاين
فيديوهات سودانيزاونلاين
ويكيبيديا سودانيز اون لاين
منتديات سودانيزاونلاين
News and Press Releases
Articles and Views
SudaneseOnline Images
Sudanese Online Videos
Sudanese Online Wikipedia
Sudanese Online Forums
If you're looking to submit News,Video,a Press Release or or Article please feel free to send it to [email protected]

© 2014 SudaneseOnline.com

Software Version 1.3.0 © 2N-com.de