كيف أغتيل بولاد ( داؤود يحى بولاد ) القصة الحقيقية .

Quote: لا يملك احد وجها جهما ثابتا أكثر من جعفر عبد الحكم ، يبدو كما لو انه غاضب على الدوام. وبالرغم من انه رجلا جذابا حين يتحدث إليك ، وبشوشا فارع الترحيب من أول لقاء إلا أن قدرته على الاحتفاظ بملامح الرضا أثناء الغضب كبيرة . والصبر على الحقد والخبث كانت ابرز مميزاته التي لا تنسى .التهرب من الواقع وادعاء الوطنية والغيرة تعتبر من الصفات المميزة للرجل . وهي مواصفات النموذج الثالث للعميل المنتقى لدى مؤسسة الجلابة بإقليم دارفور. ومن المحتمل أن جعفر عبد الحكم إسحاق ولد بتلك المواهب عند خروجه إلى الدنيا في قرية (اندي) من قرى بلدة وادي صالح عام 1958م ، ابنا بكرا في عائلة من خمس أشقاء لام من العرب السود ووالد متدين من الفور الكراكيت. كان والده شيخا إداريا للقرية .كون والدته من العرب السود جعفر إسحاق هو وحده الذي يكثر ترديده مجتهدا ، وهي من مفردات لغة النظام الحاكم في التقريب والإبعاد . وابن عبد الحكم إسحاق يجيد تلك اللغة. كلما فقد منصب له في العهد الغيهب علق في رأسه البحث عن وظيفة أخرى بمواصفاته . وكلما احتاجت المؤسسة له في دور وجدته طوع إشارتها. في عام 2003م جعفر عبد الحكم يتهم بقتل الشرتاي محمد أرباب رزق في وادي صالح . وحسب التقاليد والأعراف تنتقل الشرتاوية إلى أبناء الشرتاي الشهيد . لكن جعفر إسحاق في فترة بياته الوظيفي يستخدم عبقريته في الإجرام ،و بطريقة حزب المؤتمر الوطني مدرسته جمع شيوخا وعمدا من المواليين له في المؤتمر بالمنطقة وانتخب نفسه شرتايا لمنطقة وادي صالح خلفا للسيد رزق المتوفى . بعد أن فقد مناصبه السابقة محافظا للجنينة ووزيرا ولائيا قبل الحرب تم اعتماده شرتايا فاعلا بعضوية الحزب الحاكم ريثما تتاح الفرص له ليجد بديلا أفضل . انه لا يستطيع الجلوس بلا عمل في ظل بطالة قاحلة تضرب بالبلاد . لكنه لا يتوانى في كنه الوظيفة الآتية إليه. والشرتاوية من المناصب الفاعلة في الحزب الوطني الحاكم. لان مقلديه يؤدي في مؤسسة الجلابة الاستعمارية وظيفة (فولكوناجي)Falgonhai . وهي في العامية الدارفورية تعني الخادم السلطان. في صيف طرابلس2004- 2005م شارك بصفته شرتايا عن وادي صالح بوفد الإدارة الأهلية .و سرا جدا الشرطاي جعفر إسحاق يطلب مقابلة الدكتور خليل إبراهيم في الفندق الكبير قبالة شاطئ المتوسط ويلح. ولقاءات طرابلس لم يتمكن فيها أبناء إقليم دارفور جميعا من العمل لمصلحة شعب الإقليم المنكوب . لان المؤسسة الاستعمارية كانت لهم جميعا بالمرصاد فلم يتمكنوا من التقارب .و فشلت الطرابلسيات من الجلسات لان الجميع فضل العمل لمصلحة منظماته . وعمل عملاء المؤسسة يعملون لصالح المستعمرة. و جعفر إسحاق مثالا كان يعمل لنفسه في خضم عمله لحساب المؤسسة. ويبحث عن مكانة لها بين التنظيمات. لكن مع ذلك بالطبع لا يمكن إبعاد أي هامشي عن طريق الثورة حين ينوي. إذ ما استقام له الميسم . حتى من ثبت عمالته إذا أراد الالتحاق بالثورة يفصح له المجال واسعا. الثورة ليست ملكية لأحد .لقناعتي أن كل أبناء إقليم دارفور متمردون على المؤسسة الجلابية الاستعمارية دون استثناء. لكن بدرجات مختلفة ونسب متفاوتة. جعفر إسحاق وعثمان كبر وعبد الله خميس وألنور إبراهيم وعبد الله أبو نوبا. لديهم مثقال ذرات من الثورانية أيضا. ويكرر جعفر إسحاق الطلب في إلحاح. دون أن يرد له بالإيجاب لانشغال الناس عن جعفر. ويرسل رقم هاتف منزله ، ورقمه الخاص ورقم مكتبه السابق والجديد. ويتوسل إلى كل من يلقاه أن يبلغ خليلا بالاتصال به هذا إذا فشل في لقاء زعيم حركة من اجل العدالة والمساواة في هذا الموسم . ويراهن إسحاق على علاقتهما القديمة مغطبتا على أن الخليل لن (يتركني أعود إلى السودان حين أقابله) .ويطلب بشدة أن يبقى الأمر بعيدا عن الأعين والأنظار. كعادة البعض حين يفشلون في التمرد يعودون إلى المستعمرة الجلابية لتمنحهم فتات الأطعمة من مائدتها . يفشل ابن عبد الحكم و يعود إلى السودان مع رفقائه مشحونين ومشحونين على هيئة خراف في طائرة المؤسسة .و يقرر أن ينتحر واليا لولاية غرب درفور. لكنها لعنة ربانية تلحق. وبحكم تكوين البلاد في عهد حكم المؤسسة جهويا قبليا. والحركات السياسية المسلحة قبلية التنظيم أيضا كان يتوقع من جعفر إسحاق أن يختار ملاقاة ابن عمه عبد الواحد نور زعيم جيش التحرير. لا لأنه سيعمل على إقناعه بالعدول عن الاستمرار في صفوف التمرد . لكن كي يجد جعفر لنفسه مكانة ترد له الشرف المفقود والكرامة المهدرة ويقلل التهديد عليه من الجيش . جعفر عبد الحكم إسحاق لا يتمكن من التجرؤ للاقتراب من جيش التحرير لعلمه أن جيش التحرير تحتفظ ضده بقائمة مطولة من جرائم ارتكبها في حق أبناء وادي صالح منطقته خلال مشاركته العهد الغيهب في السودان. وفي حق أبناء شعب الفور عرقيته . وفي حق أبناء إقليم دارفور وطنه الأم. جعفر عبد الحكم ينفر من لقاء أخيه عبد الواحد نور. ويتهرب من لقاء قيادي الحركة أيضا. مكي حسين عضو مكتب الجيش بشمال إفريقيا .أرسل إلى جعفر جلبابا سودانية وسروالا وعمامة بيضاء وتمنى له وقتا سعيدا في لبسها قبل إعدامه من قبل الجيش عاجل كان ذلك أو جلا .وذلك ما جعل جعفر إسحاق يزداد رعبا وحقدا أكثر علي بني عمه . ويلح في طلب الخليل لأنه ولربما لا مناص له من سيف التحرير يوما . أول من يُتهم من أبناء إقليم دارفور في دم الشهيد ابن يحي المعلم بولاد هو جعفر عبد الحكم إسحاق . باع دم بولاد بابخس الأثمان . فهو من أرسل الفتى إلى الحامية العسكرية بقرية (قارسيلا ) في ليلة القبض ليبلغ الجنود أن بولادا يختبئ في منزله كث الشعر ينتظر موسا لإزالته. وكان جعفر الوحيد الذي يعرف المعلم جيدا . والكولونيل محمد عبد الله محافظ وادي صالح وقتها يعترف أن جعفر قدم مساعدات جبارة لهم للقبض على المعلم . جعفر خان عهد المعلم بولاد وثقته فيه . فرفض توزيع الرسائل الأربعين التي تركها في عهدته معنونا إلى الزعماء القبليين بغرب السودان وبعض المثقفين وقادة المجتمع المدني . لقد كان جعفر مقرب إلى المعلم كثيرا في وقت ما. عاد له دم الشهيد المعلم بولاد بمنصب لا يتخيله ،جعله يقفز إلى مقاعد المجلس الوطني بالخرطوم بدل لعق التباشير وترديد أناشيد الصباح . ثم محافظا يعاد الكرسي الذي جلس عليه الكولونيل عبد الله من ألقى القبض على المعلم عام1992م وآخر من أجرى لقاء قبل ذبحهم له. وتدرج جعفر إسحاق إلى عام 1998 ليكون مقربا جدا من إبراهيم يحي عبد الرحمن جراب الرأي حاكم الشطر الغربي من الإقليم . لكنه في خريف عام 1999م بجنينة المدائن (الجنينة) كان يقضي النهار مع إبراهيم يحي الحاكم المجمد سلطاته في مكتبه مثل كل الوزراء الولائيين . و الليل يقضيه مع ميجور الجنرال محمد مصطفى الدابي الحاكم الفعلي العسكري المفوض من المارشال البشير حينها لإخماد اضطراب أهلي نشب في الولاية. (ليس من الحكمة الدخول بين المتحاربين العرب السود والمساليت أو الوقوف إلى جانب أي منهما ) يقول جعفر بلغة الفور لعشيرته . في الصباح من كل يوم يجمع بمكتبه برئاسة محافظة الجنينة بالقرب من نهر كجا شيوخا إداريين ورجال دين وشبابا ومسئولون من شعب الفور من منطقته يمارس فيهم التأثير على طريقة فكر النظام الحاكم دجلا. (متى سيشرفنا الدكتور حسن عبد الترابي الأمين العام للمؤتمر الوطني ، نحن جاهزون لاستقباله ونتشرف بلقاؤه ) احد حضور الجلسات (عبد الله خميس) أمين المؤتمر الوطني بدارفور الغرب يتحدث من مكتب جعفر عبد الحكم إلى مسئول رفيع في الحزب الوطني الحاكم بالخرطوم . ربما قال له من في الطرف الثاني (يوم الخميس ؟؟ ) ( الله اكبر .. إنشاء الله سنكون جميعنا في نيرتيتي لاستقباله ) .كان الحديث عن حفيد النحلان الترابية . وينتشي عبد الحكم وصديقه خميس بتلك الأخبار السارة عن (الشيخ). كان أعضاء من قافلة السلام والتنمية الطلابية في باب مكتب المحافظ فيما تقول لهم السكرتيرة التي تعمل في الإذاعة (انه غير موجود) .وكان جعفر الاجهم يستفسر بصوته الأجش عن المطلب . لكن بلهجة شعب الفور . الطلبة الجامعين أدركوا من حديث خميس بلغة النظام الحاكم أن للرجلين خطة محكمة يقودان بها شعبهم (الفور) في هذا الجزء من الإقليم حتى وان كان فيه ضررا لشعبهم. إنهم أكثرية حتى في معقل (المساليت) . خطة خميس وعبد الحكم ليس ضد أعراق المساليت والعرب السود لكن يحتفظون لشعبهم بالتفوق عليهما ولنفسيهما بالفوقية على الشعب ذاته. بتلك المواصفات جعفر عبد الحكم إسحاق مناسب جدا للعمل لصالح وكالة الجلابة المركزية ليس سواه أصلح مما سواه. إلا أن يكون عبد الله خميس. وبطبعه جراب الرأي كان يثق في الجميع من أبناء الإقليم الذين يستحقرهم المؤسسة . لكن إبراهيم يحي يسمح أن يقدم من نفسه نموذجا حيا لابن إقليم دارفور في الفشل الإداري والعجز في تأدية مهامهم . جعفر يقر بذلك للدابي في كل ليلة. احتفظ بإحدى الرسائل التي استلمها من المعلم .لم يكومها جميعا أمام للنظام الحاكم ثمنا لكرسي المجلس الوطني حينها . ليقوم بتسليم الرسالة الأخيرة في وقت مناسب . رسالة مطولة كانت مكتوبة بيد المعلم الشريفة .كانت مختلفة عن الرسائل الأخرى .هي مرسلة إلى الدكتور خليل إبراهيم .إذن كان جعفر عبد الحكم إسحاق يعرف ما يمثله خليل بالنسبة للثورة المعاصرة حينما كان يتلصص فرص لمقابلته في طرابلس الغرب . (إما معنا أو مع الإرهاب) على طريقة بوش جينور. شعار أطلقته مؤسسة الجلابة على لسان النظام الحاكم في مواجهة التمرد بأقاليم دارفور فيما بعد مارس 2003م . ساهم جعفر بفاعلية كبيرة إلى جانب النظام في إقليم دارفور باستماتة وإخلاص ما الذي يجعله يتلصص الدخول على خليل ؟. وقدم للمؤسسة كل ما بحوزته من معلومات حول جيش التحرير الناشط من صقيع قولوا بقلب الجبال. ولائحة بأسماء المعارضين بوادي صالح. والرسالة النادرة من المعلم إلى خليل إبراهيم مضيفا (أن الدكتور خليل لم يكن اخو مسلم) متشككا في إسلاميته . مطلقا قططا في رؤوس الجلابة الجبهجيون أن كل أبناء دارفور الإسلاميين كانوا على علاقة سرية مع المعلم بشئ أو بأخر. إذن لم يكونوا مخلصي الاسلاموية . الطبيب خليل كان احد الجبهجين غير المخلصين . لا يمكن الوثوق فيهم مهما هللوا وكبروا وطبلوا. ولعنوا إخوانهم المتمردين . حتى أن يكون احدهم في مثل إخلاص جعفر إسحاق . وعثمان كبر، وعبد الله خميس . والنور إبراهيم ، وعبد الله أبو نوبة.إلى موسى هلال وموسى كشا وحسن برقو. يتهم بن عبد الحكم شخصيا بان له يد مباشرة في إعدام مائة شخص ضمنهم الشرتاي أرباب رزق الذي اغتصب شرتاويته . وما بين مارس 2003 إلى مارس 2004 شارك جعفر إسحاق إلى جانب الحاكم السابق للشطر الجنوبي من الإقليم الجنرال موسى في الترتيب لتهجير قصرية مأسوية شملت سكان ستين قرية من (وارو) إلى (رأس الفيل) بين (فوربرنقا) و(ام دافوق) جنوبي بلدة وادي صالح . كان يسكنها شعب الفور . وتم بيع بساتينهم اليانعة وقراهم الحية ومزارعهم الخضراء للاعرب السود البدو التشاديين ومواشهيم . مكوني مرتزقة الجنجويد الذين شاركوا بفاعلية في طمس الإقليم إلى جانب الشيطان والنظام الحاكم . بنوا في تلك الأراضي الجديدة (كيبوتزات ) مستوطنات سيستقرون بها إلى الأبد وأرسلت أربعين شاحنة من الخرطوم إلى جنوب وادي صالح ليحمل اؤلائك البؤساء المهاجرين صوب الشرق . ليتم وضعهم في مخيمات للنازحين في ضاحية سوبا جنوبي مدينة الخرطوم. يأخذهم الحنين إلى ارض باعه من لا يملكها لمن لا يستحقها. رافق عمليات التهجير القصرية سلسلة ماسي تندي لها الجبين. كان نتيجتها ستمائة جنين غير شرعي ولدوا بالمخيم لأمهات صغيرات غالبهن تعرضن للعنف والاغتصاب في الإقليم من قبل مرتزقة عربان الشتات الاندجنوز في تلك البيئة قبل ترحيلهم . جعفر كان احد الشهود والمراقبين للعمليات. لا يعرف لجعفر عبد الحكم إسحاق أي مؤهل أكاديمي . إذ لم يحصل على أي درجة علمية فوق الثانوية العليا. في عام 1979م تخرج في مدرسة نيالا الثانوية . ليعمل مدرسا بالمدارس الابتدائية بعد ذلك . حتى صار مديرا لمدرسة قارسلا الابتدائية بوادي صالح في صلب التسعينيات. بعد فشله في محاولة التمرد على مؤسسة الجلابة الاستعمارية عام 2005م عاد جعفر عبد الحكم إسحاق إلى المضي قدما في وظيفته الممكنة . وبينما يجمل صديقه عبد الله خميس الحديث (نحن ودكتور خليل أبناء مدرسة واحدة ، المدرسة الإسلامية . وأبناء أستاذ واحد هو الشيخ الترابي. تأكدت أن هناك رابط قوي بينه وبين الشيخ ).يبالغ جعفر عبد الحكم في (لعناته لخليل إبراهيم و لحسن حفيد النحلان رئيس تنظيم العد والمساواة الفعلي ) على حد تعبيره . لعل ذلك مردود صدمته من الالتحاق بالتمرد. تكون الأوضاع المتدهورة في حاجة إلى رجل بمواصفاته . يصدر مرسوما بتعينه حاكما على الشطر الغربي من الإقليم . إمعانا في الإهانة لإقليم دارفور . وتأكيدا لنظريتها أن أبناء الإقليم يفشلون في القيام بواجباتهم الإدارية تعين مؤسسة الجلابة كل من محمد يوسف التليب وزيرا التخطيط ونائبا عن الحاكم ،ومحمد عثمان طلعت وزيرا للمالية بالولاية كأشهر من تتفق فيهم مواصفات النموذج الثالثة ضمن وزراء ومعاونين في حكومة جعفر إسحاق. الوزير التليب حاصل على شهادة ثانوية بنتيجة نجاح ضعيف و تحمل الرسوب في مادة الرياضيات الأولية .و الوزير محمد عثمان حاصل على شهادة من صناعية الجنينة الثانوية بنسبة 48 %. لم يشهد لهما أي تأهيل أو خبرة إدارية .غير أنه في إطار الموازنات القبلية أن التليب (كليبي) بيت من بطون عشيرة المحاميد من العربان السود بغرب دارفور .وابن شقيقة (حركة أسد )احد أشهر محاربي الأعراب السود البدو لصالح نظام الخرطوم وقائد فصيل في المرتزقة الجنجويد قتل عام 2004م. والثاني نجل سلطان شعب (القمير) في بلدة كلبوس شمالي الجنينة .قام أثناء الحرب في 2003م بإجراء إصلاح في نسبه العائلي وتاريخ عرقيته بشكل يوافق فكر النظام الجلابي الحاكم ويقربه منه، أهله تلك العملية أن يكون عربيا اسودا لكن من الدرجة الرابعة. ورد اسم جعفر عبد الحكم إسحاق في قوائم لجنة التحقيق الثلاث التابع لمحكمة الجزاء الدولية باسم جعفر عبد الحق عن طريق الخطأ . وعمل على تعديله . منعم سليمان [email protected] مركز دراسات السودان المعاصر