مشاهد ثانية من الخرطوم ..!!

عكس الريح

د. معز عمر بخيت
[email protected]

مشاهد من الخرطوم (2)

بعد أن ودعت سائق التاكسي الذي رويت لكم قصتي معه في الأسبوع الماضي عبر الطريق من منزلي بمدينة الصافية ببحري وحتى وزارة الداخلية بالخرطوم كان المشهد هناك في الوزارة متمثلاً في ذلك الموقف النبيل من العميد القدوة عطا محمد عبد الله مدير إدارة الأجانب بعد أن شوهت مرايا الفرح بداخلي تلك الرائد، ولقد رويت ذلك المشهد كاملاً في مشاهد من الخرطوم (1)
فقط أود أن أذكر هنا أنه بعد نشرت ذلك المقال اتصلت بي سيدة سودانية مقيمة في أمريكا وقالت لي أنها تحمل الجواز السوداني لكن لديها طفلة مولودة بأمريكا تحمل الجواز الأمريكي لكنها سودانية (أي الطفلة) أباً عن جد عن أم وقد حضرت مع طفلتها للسودان في عطلة قصيرة لكن الأب لم يحضر معهما لظروف عمله بالولايات المتحدة. الطفلة عمرها أربعة سنوات وقد تم رفض تسجيلها بقسم الأجانب نسبة لعدم وجود ضامن لها وتم كذلك رفض ضمانة الأم التي لم تدر ماذا تفعل ولا أدري أنا ماذا فعلت حتى كتابة هذه الأسطر!
كانت محطتي التالية في ذلك اليوم هو صحيفة الأضواء والتي كانت تقبع في السوق العربي بالخرطوم قبل الرحيل لمقرها الجديد. السوق العربي وما أدراك ما السوق العربي.. صورة مصغرة ليوم الحشر كما وصف لنا!! الأعمى شايل المكسر.. الناس هناك يصنعون المعجزات في انفلاتهم من عتمة الحياة بالذهول المقنن وبالفطرة على اجتناب الفجيعة.. يسيرون ولا يدرون إلى أين! لا يعبهون بالسيارات ولا طرق المرور.. الإنفعال ليس في قاموسهم.. لا غضباً و لا ضحكاً.. الإحساس بالآخرين يعني عندهم ذنب الذات الأخرى.. غريزة البقاء لديهم أن تسير إلى كنف المجهول وألا تحاور نبض الحياة، فالحياة هناك لا تنبض.. أما الباعة المتجولون والمقيمون والذين يفترشون الأرصفة يشقون صمت الناس بسجع الأغنيات التي تحقق الدعاية المطلوبة لبضاعتهم التي يمكن أن تشتريها بعد المفاصلة حتى بلا ثمن!
أعظم ما شد انتباهي هو تلك اللافتة التي امتدت بعرض الطريق بحيث لا يمكن ألا يلحظ وجودها كائن من كان! هذه اللافتة كتبت بكل ألوان الطيف وبحجم أكبر من الذي يستخدم في الترحيب الكاذب بالرؤساء والملوك حينما يحلون بالبركة واليمن والخير والوفاء. كتب على هذه اللافتة بذلك الخط العريض الملون: عطارة الغبش لعلاج الأيدز والسرطان والسكري والرطوبة والضغط!!!!! هذه الأمراض التي استعصت على كل علماء البشرية تأتي عطارة الغبش لتخدع الغبش وتعالجهم منها!! هل هناك مشهد حضاري أعظم من هذا بالله عليكم؟؟
ما استوقفني في هذه اللافتة هو ترتيب تلك الأمراض. ماذا يعني أن يكون الأيدز رقم واحد يليه السرطان ثم السكري ثم الرطوبة ثم الضغط؟ هذا الترتيب يمثل لي كطبيب من ناحية علمية منطقاً ما وهو أمر جد مخيف ومرعب بالرغم من أنها غفلت عن العجز الجنسي والذي صار هاجساً عجيباً أو لعله لا يتماشى مع الدعاية للعلاج من مرض الإيدز! وأن تمتد هذه اللافتة بهذا الحجم وعبر الطريق لهو مؤشر خطير لوجود هذه الأمراض بالسودان للحد الذي يدق ناقوس الخطر. فمثل هذه العطارة كانت في السابق تدعو لعلاج الإمساك والمصران ووجع الرأس والحمى وبعض الإلتهابات العارضة فانظروا إلى ماذا تنادي الآن؟
بعد أن أمضيت وقتاً رائعاً بين الأصدقاء بصحيفة الأضواء خرجت في زحمة المرور ساعة الذروة. رأيت الجميع يسرعون وفي حالة سباق وكأنهم يلاحقون أمراً عاجلاً يقودون من أجله سياراتهم بسرعات جنونية.. يتخطون الإشارات الحمراء ويتجاوزون كل قوانين المرور بلا احترام لأي أولويات على الطريق للحد الذي يجعلهم يتحدون كل أخطار السرعة من أجل الوصول لهدف ما!!
سألت أحد الأصدقاء قائلاً: لماذا يسرع الجميع هكذا دون تقدير لأي شيء فما الذي يودون اللحاق به؟ قال:
نعم هم هكذا.. الواحد منهم يسرع بالصورة التي وصفتها ويتعدى الجميع ويكسر الإشارات، يطلع فوق الأرصفة و(التلتوارات) ولا تستعصي عليه الحفر وهو في عجلة شديدة من أمره. ثم بمجرد أن يصل لمنزله يدخل مسرعا.. ًيلبس العراقي والسروال ويحمل كرسيه ليجلس في الشارع!!!
مدخل للخروج:
ومضى الزمان ولم أزل ألقى التدحرج كلما أمضيت عهداً في الصعود إلى عوالم مقلتيكِ.. وليتنى يوماً يصافحني المدى.. فأشد ترحالي إليك..

معز

(عدل بواسطة Dr. Moiz Bakhiet on 10-14-2004, 06:25 PM)

Quote: عطارة الغبش لعلاج الأيدز والسرطان والسكري والرطوبة والضغط!!!!!

Quote: نعم هم هكذا.. الواحد منهم يسرع بالصورة التي وصفتها ويتعدى الجميع ويكسر الإشارات، يطلع فوق الأرصفة و(التلتوارات) ولا تستعصي عليه الحفر وهو في عجلة شديدة من أمره. ثم بمجرد أن يصل لمنزله يدخل مسرعا.. ًيلبس العراقي والسروال ويحمل كرسيه ليجلس في الشارع!!!

العزيز د. معز..

ســـــــــلام..

Quote: في انتظار الباقي يا دكتور....

الباقي حفلة بي ندى القلعة يا سي جي
أحكيه واللا بتغير ..

Quote: نعم هم هكذا.. الواحد منهم يسرع بالصورة التي وصفتها ويتعدى الجميع ويكسر الإشارات، يطلع فوق الأرصفة و(التلتوارات) ولا تستعصي عليه الحفر وهو في عجلة شديدة من أمره. ثم بمجرد أن يصل لمنزله يدخل مسرعا.. ًيلبس العراقي والسروال ويحمل كرسيه ليجلس في

Quote: لكن أكثر ما يحيرني النساء في العمارات والنساء في الفتيحاب !!!! هذا عذب فرات وذلك ملح أجاج !!! وبينهما برزخ في أمبدة !!!

Quote: ولا الدنيا بما فيها تسوى ملتقى النيليين

Quote: ًيلبس العراقي والسروال ويحمل كرسيه ليجلس في الشارع!!!

Quote: وطني: بكارة أنتظار أوكأس تدار تحت أقدام الكبار وطني: لُعبة أقتدار أو تكنولوجيا الاحتضار باي جهة يدار يصيرُ مائدة للإقتمار! حريتي: قمامة النظام حزبي: أنشوطة الاحلام ودمي: سفكة ليست حرام ووطني: هادئ ينام... وربما تتلألأ برأسة الاحلام ففيما الخصام والارض أدمنت الحطام..!

(عدل بواسطة Dr. Moiz Bakhiet on 10-08-2004, 02:22 PM)

Quote: عطارة الغبش لعلاج الأيدز والسرطان والسكري والرطوبة والضغط!