|
|
 السياسة ليست رجالة! محمد وقيع الله
|
السياسة ليست رجالة!
محمد وقيع الله
تعتمد السياسة على العقل وليس على (الرجالة).
وبالطبع فلا بأس أن يكون السياسي شخصا ذا (رجالة).
ولكن ليس لهذه الصفة أهمية كبيرة في مجال العمل السياسي.
فهو عالم الموزانات والترضيات وقيادة الناس بأسلوب علمي حكيم يحقق مصالحهم ولا يضيرهم ولا يستفزهم.
ولا يستفز شعبه إلا سياسي مغرور طائش.
وقد مضى مثلا من سنة الأولين استفزاز الرئيس الأسبق نميري لشعبه وادعائه أو اعترافه بأنه شخص عنيد!
وربما قصد بذلك أنه شخص عبيط!
لأن ترجمة صفة العناد في مواجهة الشعب تعني العبط أكثر ما تعني.
وقد دل هذا الشخص على عبطه عندما شفع عبارته تلك بقوله وهو في أمريكا أو في طريقه إليها: ما في حد يقدر يشيلني!
وتحدى بذلك إرادة شعبه معتمدا على دائرة صغيرة مسلحة من أوباش جهاز الأمن القومي معتقدا أنهم مانعوه من قدر السقوط.
وسرعان ما انجاب هؤلاء السدنة وسلموا أنفسهم وأسلحتهم بعد تيقنهم من سقوطه.
وحقا ما أكثر العبر في دنيا السياسة السودانية مع قلة الاعتبار بها.
فالأحمق لا تجديه العبرة الماثلة ويظل يحفر قبره بظلفه ويهدم بحماقته ما بنته الحكمة.
وقد كان خليقا بمن أشرفوا على تخطيط الاقتصاد القومي في ربع القرن الماضي أو زهائه أن يستقيلوا الآن ويعتذروا للشعب السوداني بسبب من فشلهم الذريع الذي أدى إلى إفقار الشعب وتعذيبه بالمسغبة لا أن (يتراجلوا) عليه ويصروا على إمضاء على هذه الحلول السهلة عليهم والصعبة على أبناء الشعب.
ولا أجد دليلا على غياب العقل والتخطيط العلمي عن مجال الاقتصاد القومي أوضح من اتجاه المشرفين عليه إلى التركيز على خطة تخريبية واحدة لا يعرفون غيرها هي خطة الجباية المتصاعدة التي اعتصرت جيوب الناس وهتكتها.
وكم هو محزن أن تتوجه هذه الجبايات الظالمة إلى جماهير الناس الفقراء من أصحاب المشروعات الاقتصادية البسيطة وأرباب الحوانيت الهزيلة أكثر مما تتوجه إلى أصحاب التجارات الكبيرة العليا التي يعرف أهلها كيف يلتفون حول القوانين وعلى رأسها قوانين الجباية ذاتها وكيف يتفنون في التقرب إلى المسؤولين بغية إعفائهم منها.
ولعل قيادات الاقتصاد السوداني متواضعي التفكير قد قاموا بتأصيل مفهومهم الجبائي هذا على خبراتهم التنظيمية السابقة حيث كانت جل موارد الدخل التنظيمي يحصلونها من جبايات الاشتراكات.
فأرادوا أن يطبقوا هذه (الموديل) التنظيمي الصغير على (موديل) الاقتصاد القومي الكبير.
ويا ويل شعب يتولى أمر اقتصاده أمثال هؤلاء البسطاء الذين تتركز أفكارهم وتتمحور تجاربهم حول مفهوم الاشتراكات والجبايات.
ويا ليت شعري كم من هؤلاء الخبراء الاقتصاديين المزعومين أتيح له أن يدرس اقتصاد التنمية أو الاقتصاد السياسي قبل أن يولَّى هذه المهام الجسام.
فلو درسوا فصولا من هذه العلوم لأدركوا أن كثرة الجبايات تفسد أي عمل تنموي جدي حر.
وأن زيادة أسعار المحروقات لا تؤدي إلا إلى مزيد من تدمير الاقتصاد القومي على المدى البعيد وإن أسعفت الميزانية على المدى القصير ببضعة مليارات أكثرها سيتبدد حتما في الصرف الحكومي غير الرشيد.
ثم إنه من سوء الطالع أن ينفذ هؤلاء الاقتصاديون المزعومون سياساتهم بحجب الدعم عن المحروقات بأسلوب غير سياسي.
أو قل بأسلوب قهري دكتاتوري بتاع رجالة ساكت!
حيث تجاوزوا حتى أطرهم السياسية المنتخبة مقوضين إرادة البرلمان ومكتفين بإرادة حزبهم الذي تعيش أكثر كوداره العليا معزولة في أبراج العاج الشامخة بعيدا عن تلمس حاجات الفقراء المستضعفين.
|
|
 
|
|
|
|
Yasir Elsharif
صلاح حمد
فيس بوك
تويتر
انستقرام
يوتيوب
بنتيريست