|
|
 أين ذهبت أموال الهولنديين يا ســلفاكير ! بقلم : عمــر قسـم السيد
|
أجمع مراقبون ومحللون إقليميون أن حلم دولة جنوب السودان – الوليدة- قد تلاشى و تبعثر بعد مرور سنتين على استقلالها ،فسرعان ما اندلعت حرب جديدة بين «رفقاء النضال» وهم المجموعتين داخل الحزب الحاكم، مجموعة الرئيس سلفا كير ميارديت ومجموعة نائبه السابق رياك مشار، وكلاهما كان من قادة التمرد الذين سعوا لاستقلال بلادهم. ودخل الرجلان في صراع على السلطة لم يلبث أن تطور سريعاً إلى حرب قبلية شرسة بين أكبر قبيلتين في البلاد، هما الدينكا التي ينحدر منها الرئيس سلفا كير، وقبيلة النوير التي ينحدر منها نائبه السابق رياك مشار. حيث لقى عشرات الآلاف مصرعهم في فترة لا تتجاوز نصف السنة ، فيما شرد املايين من المواطنين الجنوبيين، وتحولوا إلى نازحين ، بعضهم احتمى بمقرات بعثة الأمم المتحدة في جنوب السودان، وبعضهم عاد للسودان مجددًا، حتى إن معلومات وتقارير تقول إن أكثر من مليوني من أبناء دولة جنوب السودان قد عادوا مجددًا إلى السودان بعد أن غادروه فجر استقلال بلادهم ويعيشون الأن في العاصمة الخرطوم !
منذ ان استقلت دولة جنوب السودان ، مكونة دولة قائمة ذات سيادة قومية ، ظلت تفتح اياديها لكل العالم طلبا للمساعدات الإنسانية ، !ذ ان الدولة لا توجد بها بنى تحتية تكفى إنسانها شر السؤال ، فضلا عن انه غير منتج ، وهو – انسان كسول – بحسب وصف مراقبون .
ففي مؤتمر المانحين لجنوب السودان الذي انعقد مؤخرا فى النرويج اتفقوا جميعا على مضاعفة المساعدات الى جمهورية جنوب السودان لتصل الى 2ر1 مليار دولار أمريكى. فيما تعهدت الولايات المتحدة – فقط - بتقديم 290 مليون دولار، وبريطانيا 101 مليون دولار، والاتحاد الاوربى 76 مليون دولار، والنرويج 63 مليون دولار، وقطر بـ10 ملايين دولار.
نعم ..
كل ذلك ساعد في – خمالة – دولة الجنوب وعدم اجتهادها في الاعتماد على نفسها ، فأذكر ان الرئيس سلفاكير ميارديت قال في كلمته أمام ضيوفه من كل أنحاء العالم وعلى الملأ الذي كانت تنقله ارتال الفضائيات الاقليمية والعالمية ، قال " نقول لمواطني النيل الأزرق وجنوب كردفان أننا لن ننساكم " فكانت هذه رسالة مبطّنة لنية الحرب ضد الدولة الأم التي قدمت له دولة – جاهزة – بآبار البترول لكي يكوّن دولته ويخدم شعبه !
كيف يمكن لمن يفكر بهذه العقلية ان يدير دولة في أعتاب نشأتها ، اما كان الأولى ان يكرّس جهده لتثبيت قواعد البنى التحتية وتوفير مقومات الاستقرار للمواطن الجنوبي الذي جاء من الخرطوم ليجد ملاذه في وطنه الجديد . !
صحف الخرطوم
خرجت صحف الخرطوم صباح اليوم بعنوان لمركز " لاهاى للعدالة الدولية " يتحدث عن حسرة الهولنديين على ما يجري في دولة جنوب السودان واتهامات تتعلق بضياع مبلغ 500 مليون يورو – بحسب التقرير – من أموال الدعم التنموي المخصصة لدولة الجنوب ، أوضح التقرير أنها – أنفقت هباء وضاعت معها أكثر من عشرة أعوام من الجهود الدبلوماسية - مما يضعف فرص الدعم السياسي لأي محاولات مستقبلية لتلك الدولة .
قامت هذه الاتهامات على عدة مفاهيم خاطئة ، تاتي في مقدمتها ان مقدم الدعم الهولندي أوضح انه من الممكن تقديم وتقدير كميات الدعم المقدم لتلك الدول الهشة والتي من بينها دولة الجنوب ، في حين كان من الصعوبة تقديم اية ارقام تعبر عن الدعم الذي تم تقديمه لتلك الدول ، اذا ان هناك عامل أساسي ومعقد خاص بان تقديم الدعم لدولة الجنوب يتم فقط بطريقة غير مباشرة ، كأن يتم عن طريق نظام الاتحاد الأوربي والبرامج الأخرى !
كما كشف التقرير ان غالبية تلك الأموال تم إنفاقها على الإغاثة الإنسانية بشكل اكبر من بناء الدولة ، فضلا عن ان الأموال المفقودة التي تم تخصيصها لإعادة بناء مؤسسات الدولة والمجتمع المدني وبناء السلام اقل بكثير من المبلغ المفقود ، الشي الذي يشير الى عمليات اختلاسات كبرى حدثت هناك !
وبرغم هذه الحقائق كان من الممكن إنفاق هذه الأموال على بناء الأمة بدلا عن بناء الدولة ، فبعد ان نالت الدولة انفصالها تم – تسييس – الدعم المقدم واستخدامه في أشياء أخرى مثل شراء السلاح والحروب التي تحدث بالمنطقة !
فشل عمليات السلام
فشل عمليات السلام المتكررة بين – الخصوم – وتقديم الجناة المتورطين في قتل الأبرياء للعدالة ، ساعد ذلك كثيرا على نشر الفساد في الأرض ، ولكن صوت العقل يقول على مقدمي الدعم التنموي الانتباه الى عوامل المحاسبة والعدالة في عمليات السلام التي فشلت في مواجهة الكراهية والاستياء التي تتخلل العلاقات بين الأطراف المتعارضة ، خاصة عندما يرى ضحايا الانتهاكات من أساءوا لهم يذهبون احرارا ، هذا يزيد الحقد ويولد الكراهية بشكل اكبر ، ويعمق التوتر لفترات طويلة ، وفي هذا الخصوص تنشط دوائر التصعيد لعمليات القتل للأخذ بالثأر الذي تميز النزاعات بين الجماعات وتلك القائمة على الأسباب السياسية في دولة الجنوب تكون هى النتيجة المباشرة لانتشار ثقافة الإفلات من العقاب السائد ، فعندما يفقد الناس الثقة في الحكومة لتوفير العدالة ، نجدهم يعتمدون على انفسهم في اخذ – حقهم – فتهاجم المجموعات المعارضة بهدف الردع والقصاص من الذي اعتدوا عليهم ، وبفضل انتشار ثقافة الافلات من العقاب كما ذكرت يثق الآخذين بالثأر بانهم لن يعاقبوا بالمثل !
اذن ..
التجاوزات في دولة جنوب السودان تسيطر على كل شي ، فهي انواع كثيرة ، هناك تجاوزات سياسية واقتصادية وامنية ، وعرقية أيضا ..
ولكن تبقى التجاوزات والفساد المالي احد اكبر المؤثرات في الاستقرار ، فمثلا التطاول على اموال التنمية يؤدي الى تفشي الجهل والجوع والمرض ، اما التجني على أموال عائدات الدولة فيؤدي الى ضياع الدولة نفسها ، لان ذلك يمثل إنعدام روح الوطنية وبالتالي تكون الدولة كما هى عليه .. لا تبرح مكانها ، فتكون في مؤخرة الدول ، تقتات – فتافيت – مساعدات الدول الغنية ، التي تترصد الفرص وتنصب شباك استعمارها عن طريق تقديم المنح والمساعدات ، فمن لم يملك قوته ، لن يملك قراره !
على رئيس دولة جنوب السودان ان يضع بلاده نصب عينيه ولا يلتفت الى – سفاسف – الأمور ، وان يدخر كل قرش لبناء دولته في ظل جوار آمن مع كل حدوده مع جيرانه ، ولا ينسى الضرب بيد من حديد على كل من اكل مال الشعب ، عليه ان يخسف به الأرض حتى يكون عبره لغيره .
|
|
 
|
|
|
|
عمـــر قسم الســيد
فيس بوك
تويتر
انستقرام
يوتيوب
بنتيريست