|  | 
  |  الإنذار المصري للخرطوم   ؟  ثروت قاسم |  | الإنذار المصري للخرطوم   ؟
 
 ثروت قاسم
 Facebook.com/tharwat.gasim
 [email protected]
 
 
 1  _   كلامات ، كلامات ، كلامات  ؟
 
 بعد ثورة 25 يناير 2011 ، زار وزير الخارجية المصري وقتها الدكتور نبيل العربي الخرطوم . سأله أحد الصحفيين     عن  مثلث حلايب ، وهل تنوي حكومة الثورة إرجاعه للسودان كما كان الحال قبل عام 1995 ؟ رد الوزير بأن حلايب سودانية ، وإن حلايب مصرية ، وإن السودان هو مصر وإن مصر هي السودان ، ولن نسمح  لحلايب ولا لغيرها بتعكير صفو الأخوة بين شعبي وادي النيل ، فكلنا أخوات ؟
 
 بعد أقل من 24 ساعة على تصريح الوزير المصري ، سافر مساعد رئيس الجمهورية موسى محمد أحمد في وفد مصغر من بورتسودان لزيارة حلايب  ، بعد زوال نظام مبارك  الذي إستولي على مثلث حلايب إنتقاماً من  حكومة الخرطوم  لتورطها المزعوم في محاولة إغتياله في اديس ابابا في عام 1995 . على الحدود ، تصدى له حرس الحدود المصري ومنعه من دخول مثلث حلايب ، رغم معرفة حرس الحدود لوضعية السيد موسي السيادية . وأضطر السيد موسى للرجوع إلى بورتسودان بخفي حنين .
 
 يُقال إن السفير الناجح من يعرف إجادة الكذب لدى دولة إعتماده ؛ وإن وزير الخارجية لكبيرهم الذي علمهم السحر  ، خصوصاً في بلاد ( وجاءوا أباهم عشاءاً يبكون ) .
 
 ولكن رغم ذلك ، دعنا نقرأ في تصريحات السيد نبيل فهمي ،  وزير الخارجية المصري  ، بعد رجوعه إلى القاهرة من زيارة خاطفة للخرطوم وجوبا  ،  فهي حبلى بالجديد المثير الخطر .
 
 2 -  المعاملة بالمثل أو  الإنذار المصري ؟
 
 في يوم الاحد   18    أغسطس 2013   ، قابل  السيد نبيل فهمى  أشقائه في الخرطوم  . ركز الوزير المصري  في مقابلته على إرسال رسالة  لإشقائه  ، واضحة  كما الشمس في رابعة نهار الخرطوم  ،    مفادها أنهم  في مصر سوف يعاملون الخرطوم  بالمثل !
 
 كرر الوزير المصري هذه العبارة أكثر من مرة  ...المعاملة بالمثل ؟
 
 ترجمة هذه العبارة بعربي الكلاكلة :
 
 أذا  لم تدن  الخرطوم جماعة الأخوان ( الإرهابية )   ودعمتها  ،  فسوف تدعم القاهرة الجبهة الثورية بالسلاح والمال وسياسياً   ، والبادي أظلم  .
 
 إذا سهلت الخرطوم وصول السلاح إلى جماعة حماس ( الإرهابية )  في غزة ، فإن القاهرة سوف تسلح الحركة الشعبية الشمالية ، بعد أن سمحت لها بفتح مكتب إتصال  وإقامة ندوات سياسية في القاهرة ، لأول مرة منذ تكوين الحركة بعد إنفصال الجنوب  ؟
 
 إذا أجارت الخرطوم إسلاميين مصريين ، فإن القاهرة سوف تستضيف  معارضي  حكومة الخرطوم وتقدم لهم الدعم  بكل أنواعه ؟
 
 قال نصاً  :
 
 نحن نتعامل مع الحكومات كافة . حكومة الخرطوم  أتت  ( باختيار الشعب السوداني )  .  ومصر لا تتدخل في هذا الإختيار . ولكننا نتعامل مع حكومة الخرطوم  حسب تعاملها معنا. فاذا دعمت  حكومة الخرطوم الأرهاب مجسداً في ( جماعة الأخوان ) ، فسوف يكون تعاملنا معها بالمثل .
 
 كنا نتطلع  من الخرطوم إلى أكثر من  موقفها الذي لم يرحب  بما حدث    من ثورة في مصر ( 3 يوليو 2013  )   مثلما رحبت  السعودية والإمارات ، بل على العكس  لاذت بصمت مريب  ؟
 
 ولكن  حضوري  للخرطوم  يعني إنه ليس هناك عتابٌ في العلاقة المصرية السودانية!  ولكن كنا نتطلع إلى أكثر من ذلك!
 
 ولكننا نتعامل مع حكومة الخرطوم  حسب تعاملها معنا .
 
 إنتهى كلام الوزير المصري !
 
 هذا إنذار واضح وفاضح  ، ولا يحتاج إلى ترجمة على الشريط ، رغم إنه  ملفوف ً في ورق سولفان رقيق  .
 يمكن تجسيد ( الإنذار المصري ) في كلمتين ... ( المعاملة بالمثل ) !
 
 فهمت الخرطوم الكلام ، فسكتت عن الكلام المباح ، سوى مظاهرة يتيمة   نهار جمعة للتنفيس عن الغضب الشعبي تجاه  مجازر مصر  .
 
 3-    نحن أو هم ؟
 
 إعتذر وزير الخارجية المصري  لأشقائه في الخرطوم  بأنهم لا يملون على الخرطوم أي إملاءات أو ضغوط  ، فدولة السودان دولة حرة ذات سيادة ، وتقرر هي وليس غيرها ما هو في مصلحتها . ولكنهم في مصر يطلبون من الخرطوم عدم الوقوف على الحاجز والحياد  في منطقة وسطي بين الجنة والنار ، بل يختارون  بين :
 
 + نحن ( ثورة 3 يوليو الشعبية )  أو،
 
 +  هم ( جماعة الأخوان الإرهابية ) ؟
 
 ختم الوزيرالمصري مرافعاته لأشقائه في الخرطوم  بترديد الاية  113  في   سورة هود :
 
 
 ولَا تَرْكَنُوا إِلَى الَّذِينَ ظَلَمُوا ،   فَتَمَسَّكُمُ النَّارُ  ! وَمَا لَكُم مِّن دُونِ اللَّهِ مِنْ أَوْلِيَاءَ ،  ثُمَّ لَا تُنصَرُونَ !
 تملى  الرئيس البشير  في كلامات الوزير المصري  وتذكر الحديث النبوي :
 
 ليس الشديد بالصرعة ؛ إنما الشديد الذى يملك نفسه عند الغضب ؟
 
 ونجح الرئيس البشير في تملك نفسه عند سماعه كلامات الوزير المصري وتهديداته  المبطنة !
 
 4  - حملة إجتثاث الأخوان ؟
 
 عزم   الجنرال السيسي وصحبه  وتوكلوا على الله وصاروا على قلب رجل واحد في بدء حملة وطنية ل ( إجتثاث الأخوان ) .
 
 في يوم الجمعة 6 سبتمبر 2013 ، اكدت وزارة التضامن الإجتماعي في مصر بأن قرار حل جماعة الأخوان المسلمين سوف يصدر في خلال أيام . وبعدها سوف   تتم مصادرة ممتلكات الجماعة  ، والإستمرار  في القبض وحبس ومحاكمة  قادتها وكوادرها وعناصرها ! سوف يتم إستئصال  الجماعة جسدياً ومعنوياً وسياسياً . سوف لن تسمح  حكومة  السيسي   ل (  الجماعة  ) بأن تقوم لها  قائمة  ، لأنها جماعة (  إرهابية  )  ثبت بالدليل القاطع أنها تنسق مع الحركات ( الأرهابية )  الإسلاموية  من أمثال القاعدة وحماس  والشباب الصومالية  وبوكو حرام النيجيرية   ( وما لم يرحم ربك من جماعات إرهابية ؟ ) لطمس الهوية المصرية حسب شعارها  المرفوع ( طظ في مصر )  و ( أستاذية العالم  الإسلامي )  ... أو كما تقول أجهزة الإعلام المصرية  !
 
 بدات الجولة الاولي في المعركة ضد ( الجماعة )   بقتل أكثر من  ثلاثة ألف  ( إرهابي )   أخواني منهم أبن المرشد الحالي محمد بديع  ،  وأبنة الدكتور محمد البلتاجي ، وحفيد المرشد الأول حسن البنا ، وجرح   أكثر من عشرة ألف إخواني (  معظمهم بجراحات بليغة ) ، وحبس معظم قادة الجماعة  وعلى رأسهم  المرشد بديع ونوابه بقصد محاكمتهم في تهم التحريض على الإرهاب والقتل  ؟
 
 وإنها لحرب ضروس حتى النصر وإجتثاث ( الجماعة ) من جذورها .
 
 في هذا السياق ، ذكرت صحيفة التايمز اللندنية ( عدد يوم الجمعة 6 سبتمبر 2013 ) بأن السعودية ربما عرضت إستضافة الدكتور محمد مرسي ، بعد إسقاط التهم الجنائية الموجهة ضده ، في محاولة للتنفيس عن الوضع المحتقن حالياً في مصر ؟ لا تزال المظاهرات تجتاح شوارع مصر بعد أكثر من شهرين على ثورة 3 يوليو !
 
 5-   إستراتيجية جديدة لمواجهة التحدي المصري ؟
 
 فهم الرئيس البشير ( الإنذار المصري ) ، وقرر التعامل معه بجدية ، خصوصاً وقلبه ينزف من مجازر وسلخانات ( جماعة الأخوان ) التي راح ضحيتها الألاف في بر مصر  ، وهي البداية كما هددت حكومة السيسي  . لم يحتمل الرئيس البشير رؤية الوجع في عيون صديقه المرشد محمد بديع ، ودفقات الألم الدفين على قسمات وجهه  ، والفضائيات المصرية تعيد بث صوره  ، المهينة لكرامته  ، في محاولة لإغتيال الحركة الإسلامية ليس في مصر وحدها وإنما في كل العالم ؟
 
 فكر الرئيس البشير ثم قدر ، ثم عبس وبسر ، ثم فكر وقدر  ...  وأضمر في نفسه شيئاً ؟
 
 
 تدبر  الرئيس البشير في ( الإنذار المصري ) المبطن   والتهديد المصري  المغتغت  بالعمل وفق مبدأ ( المعاملة بالمثل )   ،  ووصل إلى  قناعة بأن خط الدفاع الأول للتعامل مع  التحدي  و( الإنذار المصري ) هو تقوية الجبهة الداخلية ، حتي لا يترك للقاهرة أي فرصة للتسرب من الثقوب ، ودعم المعارضة المدنية والحاملة السلاح ، للإطاحة بحكومة الخرطوم  .
 
 تذكر الرئيس البشير بان الجنرال السيسي قد صنف حكومة الخرطوم    بالحكومة الإخوانية   ،  أو في أحسن الفروض  الموالية ل ( جماعة الأخوان )  ، والتي أعترف على رؤوس الأشهاد بأنها كانت الحافز المباشر  له للقيام بثورة 3 يوليو  ، حتى لا تتم أخونة مصر كما تمت أخونة السودان !
 
 رفع الرئيس البشير قفاز التحدي المصري ، وبدأ  الإعتكاف لبلورة إستراتيجية شاملة للمصالحة الوطنية ، وإعادة هيكلة حكومة الخرطوم   بسياسات جديدة ، ووجوه جديدة بالتشاور مع قادة المعارضة وزعمائها ...  لمواجهة التحدي المصري !
 
 6 -   المصائب يجمعنا المصابينا  ؟
 
 أيقن  الرئيس البشير بأنه لا يمكن أن يترك ( باب النجار مخلع ) ، ويصلح أبواب الآخرين . وقرر أن يبدأ بتصليح باب الحركة الإسلامية أولاُ وقبل كل شئ ، ويقدم  التنازلات اللازمة لتوحيد الحركة الإسلامية  .
 
 قال :
 
 لو استدبرت من هذا الأمر ما استقبلت ، لعدت بالحركة  الإسلامية  إلى ما قبل المفاصلة . ولكن شاء ربك ، وما شاء ربك فعل .
 
 7 -  توحيد الحركة الإسلامية ؟
 
 يبدأ توحيد الحركة الإسلامية بدمج حزب المؤتمر الوطني وحزب المؤتمر الشعبي وعودة المياه الى مجاريها قبل يوم الأحد 12 ديسمبر 1999  ... يوم المفاصلة الشهيرة داخل الحركة الإسلامية السودانية ؟ وبعدها يتم التنسيق بين الحركة الإسلامية وهي موحدة  وقوية ، وبقية قوى المعارضة  كلهم جميعاً ، وبالأخص حزب الأمة . قدر الرئيس البشير إن حزب مولانا الميرغني مقدور عليه  في أي تحالفات مستقبلية ، فهو يفهم لغة مولانا وجيداً ، وهو مستعد للإستجابة مرة أخرى لشعار مولانا المرفوع دوماً ( كشكش تسلم ) ؟
 
 في هذا السياق ، عرف الرئيس البشير بوصول السيد جعفر الصادق الميرغني  ، مساعد رئيس الجمهورية ،  إلى الخرطوم  من مقر إقامته في لندن  ،  عبر القاهرة التي صام فيها الستوت   وهنأ الجنرال السيسي  على ثورة 3 يوليو  كما هنأ في 30 يونيو  2012  المشير طنطاوي على فوز الدكتور مرسي بالإنتخابات الرئاسية  .
 
 نعم ...   وصل السيد جعفر الصادق الميرغني   إلى الخرطوم  في زيارة خاصة وخاطفة للتزود بنصائح والده قبل الرجوع إلى  مقر إقامته  ( لندن ) عبر القاهرة .
 
 أيقن الرئيس البشير  إنه بعد التنسيق بين الحركة الإسلامية الموحدة  والأقوى وحزب الأمة وحزب مولانا الميرغني ، سوف يكون من السهل التوصل إلى  تسوية سياسية  شاملة لكل فصائل المعارضة المتبقية ... المدنية والحاملة السلاح ؟
 
 إختمرت الفكرة في رأس الرئيس البشير ، وشعر براحة نفسية ودفقة إطمئنان تملأ جوانحه .
 
 وتلفن الرئيس البشير للشيخ الترابي .
 
 8  -  يوم الزيارة ؟
 نواصل ...
 | 
 
 
 
 
 
 
 
 
 
 
 
 
 
 
 
 
 
 
 
 
 
 
 |  
  |    |  |  |  |