بين الانفال و دارفور....

مرحبا Guest
اخر زيارك لك: 03-28-2024, 11:52 PM الصفحة الرئيسية

منتديات سودانيزاونلاين    مكتبة الفساد    ابحث    اخبار و بيانات    مواضيع توثيقية    منبر الشعبية    اراء حرة و مقالات    مدخل أرشيف اراء حرة و مقالات   
News and Press Releases    اتصل بنا    Articles and Views    English Forum    ناس الزقازيق   
مدخل أرشيف اراء حرة و مقالات
نسخة قابلة للطباعة من الموضوع   ارسل الموضوع لصديق   اقرا المشاركات فى شكل سلسلة « | »
اقرا احدث مداخلة فى هذا الموضوع »
09-24-2004, 04:48 PM

محمد مرسي-مصر


للتواصل معنا

FaceBook
تويتر Twitter
YouTube

20 عاما من العطاء و الصمود
مكتبة سودانيزاونلاين
بين الانفال و دارفور....

    نعرف الآن أن حكومات العالم قد صمتت جميعاً لفترة ما عن جريمة الأنفال ، ثم رفع
    بعضها أصواتهم ليستغل تلك الأحداث بعد أربعة عشر عاماً من وقوعها....لم يشكل
    لنا ذلك صدمة... فقد شاهدنا تلك الحكومات "الديموقراطية" تتغاضى عن مذابح
    فلسطين و لبنان و تشيح بنظرها بعيداً عن مذابح البوسنة و تتلكأ على أمل انتهاء
    مذابح رواندا سريعاً و تتجاهل أفعال الروس في الشيشان إلا عندما ترغب في الضغط
    على بوتين في وقت ما... كما رأينا أنه في ذروة خطابهم الانساني المصاحب للحرب
    الأخيرة.. كانت الكونغو تشتعل دون أن تحظى بمساعدة من أحد و لا حتى بسطر في أي
    صحيفة... كما رأينا تلك الحكومات تتصرف وفق ما تمليه مصالحها فتسهل ارتكاب
    الجرائم و تدعم مرتكبيها في أمريكا الوسطى و آسيا و أمريكا الجنوبية ، غير ما
    ارتكتبه هي ذات نفسها من جرائم...


    و لست معنياً في هذا المقال بنخب تلك الدول الثقافية أو وسائل اعلامها و
    تحولاتها و تياراتها صاحبة المواقف المخالفة أو المؤيدة لحكوماتها بل أرغب في
    الحديث عنا نحن..عن العرب..

    لا تتميز مواقف حكوماتنا العربية فقط بالبراجماتية كالحكومات الأخرى بل إن
    سجلها المخزي و الأسوء على مستوى العالم يلجم لسانها و يجعلنا نزيلها من
    حساباتنا لوقت أرجو ألا يكون طويلاً....


    فإذا انتقلنا الى المثقفين العرب ، وجب علينا استبعاد أبواق السلطة اضافة الى
    الغوغائيين ، فيتبقى لنا مجموعة من المثقفين يقومون بتشكيل الوعي الجماهيري و
    بثقة الجماهير فيهم يلعبون دور ضمير الأمة...


    قلت لنفسي أن هذه النخب العربية صمتت على هذه الجريمة لأن انتقاد العراق في ذلك
    الوقت كان من الخطوط الحمراء التي لا يمكن تجاوزها ، كما أن ذلك حدث في آخر
    ايام العصر الذهبي للديكتاتوريات قبل أن تخترق التكنولوجيا و الايديولوجيا
    معاقلها ، فلم تكن القنوات الفضائية ولا الانترنت و لا الصحافة الالكترونية قد
    ظهروا بعد كوسائل اعلام بديلة ، كما أن ذلك كان قبل ارتخاء قبضة السلطات على
    الصحف في الكثير من بلدان العالم العربي.... كل ذلك جعل من الصعب أن تصل اخبار
    معتم عليها في الأساس الى كم كبير من المتلقين العرب...


    ثم اندلعت أزمة دارفور....


    ففي وقت حرج بالنسبة للحكومة السودانية في خضم مفاوضاتها مع متمردي الجنوب ،
    بدأت ازمة غرب السودان في التصاعد ، فذلك الجزء الذي ظل يتمتع دوماً بحس قوي
    بذاته قبل أن يتم اخضاعه لسلطان الحكومة المركزية ، أخذ يشكو من تجاهل حكومي
    له... و قررت الحكومة أن ترتاح من هذا التهديد باطلاق يد الجنجويد...... و بدأت
    رائحة عمليات قتل و تشريد في التصاعد .... ترتكبها ميليشيات عربية مسلمة ضد
    سكان دارفور الأفارقة (الزرقة) ...المسلمين ايضاً.....و أخذ الحديث يتصاعد عن
    رغبة في الانفصال اضافة لدلائل تشير الى ثروات مميزة لهذا الاقليم و مصالح و
    ضغوط لجهات أجنبية و محاولات اسرائيلية لاختراق العالم العربي من خلال
    الأقليات...


    و بدا لي أن حملة الأنفال تعاد من جديد.....


    فقد تمت تلك الحملة في وقت حرج من الحرب العراقية-الايرانية ، بدا فيه أن هناك
    تعاونا كرديا ايرانيا ربما يهدد نفط الشمال العراقي ، فقررت الحكومة العراقية
    أن تطلق يد علي حسن المجيد لينهي "صداع" الاكراد للأبد...و الفظاعات التي
    ارتكبت لا يمكن تلخيصها في عدة اسطر ، و لكني اواصل سرد نقاط التماهي بين
    الحالتين بالاشارة الى كون الأكراد اقلية مسلمة غير عربية تتمتع بحس قوي
    بكيانها المختلف...تم قمعها بواسطة العرب المسلمين... و ليس سراً خافياً أن
    اسرائيل حاولت دوماً أن تجد لها موطأ قدم هناك متبعة سياسة الاختراق من خلال
    الأقليات ، أما بالنسبة لنقاط الاختلاف....فالحالة الكردية مختلفة عن متمردي
    دارفور بكون الأولين مشتتين بين اربع دول ، و بكون دولتهم التاريخية ظلت دائماً
    مرتبطة بالعرق ، في حين ارتبطت الدولة في دارفور بالمكان دون تفرقة عرقية ، و
    بكون الأكراد حصلوا في عدد من المرات على اتفاقيات حكم ذاتي ، و على أن
    "تمردهم" على الحكومة المركزية لم يصل سوى لفترات قليلة الى حالة
    الخمود...اضافة للجحوش و هم قوات كردية ساعدت الجيش العراقي في قتل أبناء
    جلدتهم و هي حالة لا نجد لها مثيلاً بذات الحجم و التأثير في الحالة
    السودانية...


    تابعت في قلق الأنباء التي استمرت في الظهور و تقارير وكالات الأنباء الأجنبية
    التي تصور حجم المأساة ، و صرخات التحذير التي تطلقها امنستي انترناشيونال و
    هيومان رايتس ووتش.... حتى ذلك الوقت لم تكن وسائل الاعلام العربي الجماهيرية (
    القنوات الفضائية الاخبارية ، الصحف واسعة الانتشار غير المتخصصة) قد اهتمت بما
    يحدث في دارفور ، و لم تعره اي انتباه... لنضع هذا في حسباننا ، و لنتجاهل
    الاعلام الرسمي و الموجه و الغوغائي ، و لنتساءل عن النخبة المثقفة العربية و
    التي تخاطب قارئاً أكثر تخصصاً و التي تتمتع اليوم بفسحة اعلامية أكبر بكثير من
    تلك التي امتلكتها .... كيف تعامل المثقفون الذين اصطلحنا على تسميتهم بالشرفاء
    و ضمائر الأمة مع هذه الأزمة...؟


    نزع الجانب الانساني تماماً من الصراع... عرضوا للأزمة بأعصاب من ثلج من ناحية
    جيوبوليتيكية بحتة...: موارد السودان ، جغرافية الاقليم ، التاريخ السياسي
    لحركة التمرد و علاقاتها مع متمردي الجنوب و ابتعادها عن الاسلام السياسي و
    توجهها نحو العلمانية "الشريرة" ، التوغل الاسرائيلي "المشبوه" في وادي
    النيل... و لا كلمة واحدة عن مقتل و تشريد الألوف.... و لا كلمة....


    ما الرسالة التي وصلت للمتلقي العربي؟؟؟ أن هناك "شيئاً ما" يجري في دارفور....
    و أن الولايات المتحدة و اسرائيل و متمردي الجنوب يلعبون لعبة قذرة في غرب
    السودان..... هل وصلته صورة انسانية لمعاناة ألوف المسلمين الأفارقة على أيدي
    ابناء جلدتهم و دينهم؟ هل كان للشعب العربي فرصة في ان يراهم و يسمع صوتهم؟ هل
    سنحت لنا فرصة أن نسمع صوت مشرد افريقي واحد يتحدث بلسانه عن معاناته ؟


    أليس في وعينا ان انصر أخاك ظالماً او مظلوماً ؟ أليس في وعينا أن الساكت عن
    الحق شيطان أخرس؟؟


    ان التركيز على عيوب حركة التمرد في دارفور و تحالفاتها و علاقاتها ( حتى و ان
    كانت حقيقية) لم يكن من باب تنوير الجماهير للأسف ، بل كان من باب التغطية على
    جرائم تحدث على الأرض... و الحديث عن الجرائم التي جرت على الأرض لا يعني حماقة
    من يتحدث عن ذلك أو انه يصدق الشياطين المنافقة ( امريكا و مؤيديها) ، او انه
    ضحل الرؤية السياسية.... اجل ، الولايات المتحدة تضغط للحصول على تنازلات من
    السودان ، و أجل ، ربما كان لاسرائيل و جيران السودان الأفارقة دور ما في تأجيج
    ما حدث ، و اجل ، الساحة السياسية السودانية شديدة التعقيد و هناك عامل قبلي
    قوي فيما يحدث و تراكمات تاريخية ، الا ان هذا لا ينفي حدوث الفظائع في دارفور
    بواسطة الجنجويد و أننا ادرنا وجهنا الى الجانب الآخر..... هل سنقع في نفس
    الخطأ الذي طالما انتقدنا الآخرين لوقوعهم فيه ؟؟ ان نفضل الأمن القومي و دواعي
    الجيوبوليتيكا على العدل و حق الحياة؟؟؟ أي فرق بيننا اذن و بين من نتهمهم ليل
    نهار بالميكافيللية ؟ اي فرق بين غض النظر عن المذابح في سبيل الأمن القومي
    العربي ، و بين غض الاعلام و الجمهور الاسرائيلي النظر عن المذابح ضد
    الفلسطينيين في سبيل الأمن القومي الاسرائيلي؟؟


    ألم نتعلم من الهولوكوست و المذابح ضد الأرمن و الاكراد و الفلسطينيين و
    التيموريين و البوسنيين أنه لا يمكن القضاء على الشعوب أو الأعراق و ابادتها أو
    اخضاعها بالعنف ؟ ألم نتعلم بعد أن مواجهتنا للتوغل الامريكي و الاسرائيلي و
    استغلالهما لقضايا الاقليات لا يكون بالتغاضي عن جرائم ترتكبها الحكومات باسمنا
    ضد هذه الأقليات ؟ لأننا في تلك الحالة نخسرهم بصورة دائمة ، و نلقيهم في أحضان
    أعدائنا الذين كانوا الوحيدين الذين وقفوا معهم وقت ان كنا نحن العرب
    نقتلهم.... و نؤكد لتلك الأقليات أهمية انفصالهم عنا حماية لهم من بطشنا
    بهم....


    انتقل الملف بعدها الى مجلس الأمن و صدر القرار الشهير المنذر للحكومة
    السودانية ، و هنا ، و هنا فقط انتبه الاعلام الجماهيري لدارفور ، و صعدت
    الأزمة في سلم نشرات الأخبار و الصحف المطبوعة ... اقتصرت التغطية المرئية على
    لقطات سريعة لمشردين افارقة في مخيم للاجئين و ملثمين يمتطون الخيول ، و بضع
    صور للقاءات رفيعة المستوى بين مسؤولي الحكومة السودانية و كولن باول و كوفي
    انان... اما التغطية التي من الممكن ان تجعل الجماهير تتعاطف حقيقة مع الحجم
    الحقيقي للماساة كما تعاطفوا من قبل مع فلسطين و العراق فظلت حلماً بعيد
    المنال... اما الصحافة المطبوعة فحدث و لا حرج... ظل تيار التحليلات السياسية
    التي توحي بالعمق و الذي عرضت له فيما سبق موجوداً في الصحافة المطبوعة و ان
    انتقل الى كتاب الرأي ، أما انتقاء الاخبار فكان فضائحياً بامتياز.... فعناوين
    مثيرة عن كذب ادعاءات التطهير العرقي في دارفور ، لخبر يقول أن التعريف لا
    ينطبق على ما حدث لانه تم قتل الالوف و تشريد واسع النطاق "فقط"... أو خبر عن
    قيام الحكومة السودانية مشكورة باعادة توطين آلاف النازحين ، و هو أمر جميل
    بالطبع ، الا أنه لا أحد اعتقد ان خبر تشريدهم في الاساس كان خبراً يستحق
    النشر... أو التشكيك في مصداقية منظمات حقوق الانسان .... الآن فقط هي مدعاة
    للشك ، اما عندما تتحدث عن انتهاكات حقوق الانسان في العراق و فلسطين فهي دون
    شك مؤسسات دولية محايدة.... أو ترديد أقوال محزنة عن مسؤولية المتمردين عن
    مذابح الجنجويد ، لانهم بتمردهم و وجودهم بالقرب من السكان يقومون بتعريض
    السكان للخطر ، و هي حجة من يقتل المدنيين دائماً ، سواء كان اسرائيليا في
    فلسطين او امريكيا في العراق.... هذا على سبيل المثال لا الحصر ، لأن الأمثلة
    المؤلمة أكثر من ان تحصى... و بدا لي و كأن وسائل الاعلام هذه تصم آذانها و
    تغلق اعينها متجاهلة طوفان الاخبار لتلتقط منه فقط ما يمكن تقديمه للمتلقي
    العربي دون استثارته في اتجاه غير مرغوب فيه....


    في النهاية أجد نفسي ممزقاً بين متعاطف وحيد مع اللاجئين و لكنه يحمل وجهاً
    استعمارياً بغيضاً و يستخدم الأزمة في ابتزاز الحكومة السودانية و لتحقيق
    مصالحه المخالفة لمصالحنا نحن، و بين متجاهل بصورة تامة لمعاناة اللاجئين ...و
    لا أمنع نفسي من التفكير في ماذا كان سيحدث لو لم تقرر الولايات المتحدة اثارة
    كل هذه الضجة؟؟ أكان سيتم التخلص من "صداع" متمردي دارفور بينما ننظر نحن في
    الاتجاه الآخر؟؟؟ ( ثم هل سيصبح المشهد أكثر ماساوية بتدخل عسكري أجنبي ، يؤدي
    الى مزيد من الخراب في النهاية ، و ينال المتمردون اللعنات من العرب لتعاونهم
    مع تلك القوات الأجنبية التي يراها العرب غازية و المتمردون منقذة؟ ثم يتم
    تبرير الجرائم التي ارتكبت ضد أهل دارفور بأثر رجعي نتيجة "لخيانتهم" و التي
    اثبتوها بقبولهم ان يتم انقاذهم؟؟؟) ، و أزيد لأقول انه أمر محزن ان يكون الشرخ
    الأيديولوجي طاغياً على الانسانية ، ليصبح المثقفون العرب الوحيدون الذين
    يتحدثون بصوت عال عن دارفور هم المقربون من أمريكا ، بينما من يتحدث عن
    انتهاكات اخرى يرتكبها الامريكيون هم الاسلاميون و القوميون ، و العلمانيون من
    يتحدثون عن انتهاكات حقوق الانسان في الدول العربية الاسلامية ، و الاسلاميون
    من يتحدثون عن انتهاكات حقوق الانسان في الدول العلمانية العربية.. كن اسلاميا
    او قوميا او ليبراليا أو يساريا ، و لكن كن قبل ذلك..انساناً...


    نهاية ، أفكر...ما الذي سيفعله مواطن عربي عندما يقابل رجلاً كان طفلاً يوم أن
    شرد من قريته في دارفور و يسأله : أين كنتم في 2004؟

    http://arabiraqiforum.com/
    محمد مرسي
    المنتدى العربي العرااقي
    مصر























                  


[رد على الموضوع] صفحة 1 „‰ 1:   <<  1  >>

تعليقات قراء سودانيزاونلاين دوت كم على هذا الموضوع:
at FaceBook




احدث عناوين سودانيز اون لاين الان
اراء حرة و مقالات
Latest Posts in English Forum
Articles and Views
اخر المواضيع فى المنبر العام
News and Press Releases
اخبار و بيانات



فيس بوك تويتر انستقرام يوتيوب بنتيريست
الرسائل والمقالات و الآراء المنشورة في المنتدى بأسماء أصحابها أو بأسماء مستعارة لا تمثل بالضرورة الرأي الرسمي لصاحب الموقع أو سودانيز اون لاين بل تمثل وجهة نظر كاتبها
لا يمكنك نقل أو اقتباس اى مواد أعلامية من هذا الموقع الا بعد الحصول على اذن من الادارة
About Us
Contact Us
About Sudanese Online
اخبار و بيانات
اراء حرة و مقالات
صور سودانيزاونلاين
فيديوهات سودانيزاونلاين
ويكيبيديا سودانيز اون لاين
منتديات سودانيزاونلاين
News and Press Releases
Articles and Views
SudaneseOnline Images
Sudanese Online Videos
Sudanese Online Wikipedia
Sudanese Online Forums
If you're looking to submit News,Video,a Press Release or or Article please feel free to send it to [email protected]

© 2014 SudaneseOnline.com

Software Version 1.3.0 © 2N-com.de