شهادات ومشاهد من دارفور .. وسيناريو البحث عن الحقائق !!

مرحبا Guest
اخر زيارك لك: 04-19-2024, 00:56 AM الصفحة الرئيسية

منتديات سودانيزاونلاين    مكتبة الفساد    ابحث    اخبار و بيانات    مواضيع توثيقية    منبر الشعبية    اراء حرة و مقالات    مدخل أرشيف اراء حرة و مقالات   
News and Press Releases    اتصل بنا    Articles and Views    English Forum    ناس الزقازيق   
مدخل أرشيف اراء حرة و مقالات
نسخة قابلة للطباعة من الموضوع   ارسل الموضوع لصديق   اقرا المشاركات فى شكل سلسلة « | »
اقرا احدث مداخلة فى هذا الموضوع »
09-01-2004, 04:01 PM

ضياء الدين بلال


للتواصل معنا

FaceBook
تويتر Twitter
YouTube

20 عاما من العطاء و الصمود
مكتبة سودانيزاونلاين
شهادات ومشاهد من دارفور .. وسيناريو البحث عن الحقائق !!

    بعد ماحدث»

    شهادات ومشاهد من دارفور .. وسيناريو البحث عن الحقائق !!

    تحقيق: ضياء الدين بلال

    في مدينة نيالا كانت السماء تعد الارض او تهددها بامطار غزيرة .. احد موظفي
    المراسم بقصر الضيافة وهو من مواطني المدينة.. كان يحدث الحضور عن انواع السحب
    واتجاهاتها.. عن السحب التي تأتي بامطار غزيرة كيف يكون لونها ومن اي الاتجاهات
    تأتي ؟!! وعن السحب الكاذبة التي تعد وترعد ثم لا تهطل.. وكذلك وادي برلي الذي
    يشق مدينة نيالا الى قسمين غير عادلين كان في تلك اللحظات في حالة ثائرة يبدو
    هائجا الى حد يصعب احتواؤه .. تقترب مياهه من سور قصر الضيافة ... بل تتعدى
    السور الى داخل القصر.. شاب نحيف بلبسة مراسمية ولكنة دارفورية يعمل في القصر
    قال لي « ما تشوف ثورة هذا الوادي هنا.. على بعد اربعين كيلو فقط ينتهي الى لا
    شيئ في عام 1994 كانت ثورته قوية كاد ان يهدم قصر الضيافة.. فقد اصبحت مياهه
    تمر من فوق هذا الكبري الذي انشأه الالمان في زمن دريج.!!

    غضب البروف

    البروفسير ابراهيم احمد عمر الامين العام للمؤتمر الوطني كان في اشد لحظات غضبه
    وحماسته ضد التدخل الاجنبي في دارفور ففي كل مخاطباته كان يهتف مع الهاتفين «
    لن نذل ولن نهان ولن نطيع الامريكان» ويبدو ان البروفسير اراد لزيارته لولايات
    دارفور الثلاث ان يستنهض قواعد حزبه لمواجهة احتمالات قالت كوندليزا رايس
    «مستشارة الامن الامريكي» انها ستظل مفتوحة امام كل الخيارات..!!

    غضب الامين العام لم يقتصر على الامريكان بل اصاب البريطانيين والفرنسيين ..
    اما الالمان فقد كان نصيبهم اكبر .. قال امين المؤتمر الوطني في ندوة عقدت
    بالفاشر وجدنا ان الالمان ومنذ عشرين عاما يبتعثون عدداً من خبرائهم في علم
    القبائل والاثنيات لدارفور وعندما طرحنا استفسارنا لبعض الباحثين علمنا ان هذه
    البعثات تمولها الخارجية الالمانية»..!!

    معادلة القوة

    معادلة القوة الان في دارفور اصبح بها ستة اطراف ستفرض العلاقة بينهم خارطة
    مستقبل الاقليم ..الحكومة والمتمردون عليها والجنجويد والمنظمات الانسانية
    وقوات المراقبة والنازحون. وبتلمس هذه العلاقة وفحص ماكنزماتها على الواقع
    الميداني يبدو الامر في غاية من التعقيد الى درجة قد تفضي الى اليأس..!!

    زميل صحفي اصبح مقيماً بنيالا وهو من ابناء المدينة قال لي « لا تستطيع ان
    تتصور ما حدث في واقع العلاقات الاجتماعية في مدينة نيالا بعد الاحداث الدامية
    التي وقعت خلال عام.. اصبحت هنالك مجموعة تنظر للمجموعة الاخرى بانها اما
    متمردة او مشروع تمرد قادم.. وتبادلها المجموعة الاخرى الشك وترى فيها انها
    جنجويد او مشروع جنجويد»

    رتق

    «رتق النسيج الاجتماعي» امنية كثر ترديدها من قبل الكثيرين .. الحاج عطا المنان
    الوالي الجديد بجنوب دارفور كان يبدو عليه الرهق والاعياء يحرك العصا التي في
    يده بقلق وتوتر بائن كان يعرض للأمين العام للمؤتمر الوطني وممثلي السفارات
    العربية والافريقية وبعثة المهنيين العرب والوفد الاعلامي المحلي والعالمي كان
    يعرض عليهم ما وجد عليه حال الولاية وما هو عليه الان... وخطته لتجاوز واقع
    الازمة.. عطا المنان كان يتعامل مع الواقع بصراحة ومباشرة رقمية تحيل الازمة في
    مجملها لارقام. نسبة الخسائر المبلغ المطلوب لعلاجها على مدى الطوارىء الراهنة
    180 مليون دولار وعلى المدى الاستراتيجي مبلغ اخر اكثر ضخامة... قلت لزميلي
    الصحافي « لماذا اختير هذا الرجل في هذا الوقت تحديداً؟!»... كانت اجابته «
    الحاج عطا المنان له تجربة سابقة في دارفور وحقق فيها نجاحاً مقدراً وهو رجل
    خدمي لا يشغل نفسه بالسياسة وله حكمة واسلوب في الادارة يسائر الطبيعة النفسية
    لمواطني المنطقة.. والمهم انه يعتبر من القلة التي تلعب دوراً اساسياً في صناعة
    القرار المركزي والاهم من ذلك كله انه ليس من دارفور بمعنى انه ليس جزءاً من
    الصراع على المستوى المحلي»!!

    والسؤال الذي يستدعى اجابة سريعة « دون مهلة زمنية» هل ما حدث في دارفور منذ
    اندلاع التمرد بعد احداث دار قلي في 2002 قابل لان يتم انزاله في قوالب رقمية
    او ان تحدد له فترة زمنية مشروطة بشهر او تسعين يوماً؟!!

    الحاج عطا المنان قال بوضوح وصراحة ان النسيج الاجتماعي قد تهتك تماما وان
    الامر يحتاج لجهد ومثابرة وقبل ذلك اقامة العدل بين الناس هو بلسم الشفاء!!

    احتقان

    بزيارة واستطلاع واسع في معسكرات النازحين في دارفور الكبرى وبطواف على
    الاسواق.. تبدو الحياة في سيرها اليومي مستقرة.. وفي مظهرها العام هادئة . ولكن
    حالة الاحتقان سرعان ما تتضح عندما يستمر الحديث « سؤال واجابة» ونظرات تلخص
    مأساوية ماحدث ... في معسكر ابوشوك القريب من الفاشر والذي يضم «42» الفاً من
    النازحين الخيام البيضاء على امتداد المعسكر المحاط بسور لم استطع ان اتبين ان
    كان مغلقاً تماما ام في واجهته فقط بدأ التسوير ولم يكتمل فمساحة المعسكر على
    امتداد البصر .. وعند مدخله توجد خيام خاصة بالصليب الاحمر وبعض المنظمات
    العالمية وادارة المعسكر وفي الخارج وجود مكثف لرجال الشرطة .. على بعد امتار
    من المعسكر نشأ سوق جديد « بيع وشراء وحركة دؤوبة لاطفال ونساء».الاطفال اقل
    حذرا واقبالا على الزوار اما النساء يبدو عليهن التحفظ والنفور اذا سألت احداهن
    وهمت بالاجابة جاء منعها بشدة من رفيقاتها طفلة في السابعة من العمر، كنت احاول
    استنطاق مجموعة من الاطفال كانوا معها عند مورد ماء بالمعسكر كانت تمنعهم من ان
    يجيبوا على اسئلتي.. وعندما لا يستجيبون لطلبها تبكي بصورة هستيرية .. سألت
    لماذا تفعل هذا ؟ قالوا لي ان والدها واخاها قتلوا في الاحداث الاخيرة!!

    ليه كدا؟!!

    قلت لمولانا صلاح الدين سر الختم رئيس لجنة تشجيع العودة الطوعية للنازحين في
    شمال دارفور .. الشيئ الملاحظ ان النازحين في معسكر ابو شوك يرفضون العودة
    لقراهم بحجة انهم سيتعرضون للقتل والنهب هنالك؟!!

    كان رد صلاح : نعم الظروف الامنية هي التي تمنع العودة ولكن الجهات المختصة
    الان توفر الامن وفق خطة تراعي كل احتياجات النازحين وسلامتهم.

    وقلت: النازحون يقولون انهم يخشون على انفسهم من الحكومة فكيف نقنعهم بانها هي
    التي ستحميهم؟!!

    قال: الخوف شيئ مشروع وطبيعي .. وهو الذي دفع بهؤلاء الناس لترك اماكنهم ..
    ولكنهم عندما شعروا بالخوف التمسوا الامن في المناطق التي تقع تحت سيطرة
    الحكومة..!!

    قلت: المعسكرات التي جاءوا اليها تحت اشراف المجتمع الدولي ومنظماته العالمية
    وليس الحكومة؟

    قال: هذا غير صحيح المنظمات تقر بان المعسكرات شراكة بين الحكومة والمجتمع
    الدولي والدور الاكبر هو دور الحكومة..!!

    قلت: النفوذ الدولي اكبر من النفوذ الحكومي على المعسكرات ؟

    قال: قد يبدو ذلك للمتأمل من اول وهلة، لكن اشياء كثيرة لا تبدو ظاهرة للعيان
    كثير من الناس حتى المجتمع الدولي يعتقدون ان المتأثرين بالحرب هم سكان
    المعسكرات.. وهذا غير صحيح كثير من المتأثرين لم يتركوا قراهم رغم الظروف
    القاسية وبعضهم ذهب للقرى والمدن للسكن مع ذويهم.. فالخدمات التي تقدم لهم من
    الدولة والمجتمع ليست محصية.

    قلت: هل يمكن ان تتحول العودة الطوعية لعودة قسرية؟

    قال صلاح مستنكراً: هذا غير وارد.. نحن نسعى لان تتم العودة وفق المعايير
    الدولية المتعارف عليها .

    قلت لرئيس لجنة العودة الطوعية للنازحين: هل هناك احتمال ان يستطيب النازحون
    الوجود في المعسكرات؟!!

    رد قائلاً بحماس : هذه من اكبر المخاطر التي تواجه مشروع العودة الطوعية التي
    تواجه السودان في هذه الازمة، دارفور والسودان عموما يعاني من نقص حاد في
    الخدمات والتنمية واذا كانت المعسكرات تتوافر فيها خدمات غير موجودة في البنية
    الطبيعية فبالتأكيد المعسكرات ستصبح بىئة جاذبة للمستقرين اسوة بالنازحين ..!!

    قلت له: الصورة داخل المعسكر تبدو سلبية تجاه الحكومة وعدائية؟!!

    رد قائلاً: الانسان في الظروف الاستثنائية والصعبة يكون ميالا اكثر للبحث عن
    سبب لهذه الظروف واكثر استعدادا للعدائية ... المعسكرات مناطق مفتوحة الحكومة
    لا تحجر على رأي او نشاط، وليس كل الذين يعملون في العمل الانساني يعملون وفقا
    لاجندة انسانية..!!

    جهات

    رجال الحكومة في دارفور في غربها وشمالها يقولون ان هنالك جهات محددة لم يسمها
    رئيس اللجنة الاهلية للعودة الطوعية في شمال دارفور.. تسعى لاعسار عودة
    المواطنين لقراهم وتريد استغلال النزوح لاسباب سياسية تستهدف النيل من الحكومة
    وسمعتها ؟!!

    وزير الشؤون الاجتماعية بغرب دارفور ونائب الوالي هناك حبيب مختوم قال وهو يعرض
    حيثيات الوضع الانساني في ولايته بمدينة الجنينة قال ان في بعض المعسكرات تم
    اداء القسم بين النازحين ان يقتلوا كل من يقرر العودة للقرية لذلك تبدو العودة
    متعسرة في بعض المناطق خاصة غرب وشرق الجنينة ومتقدمة في مناطق اخرى قدرها بـ
    50% حيث عدد النازحين في ولاية غرب دارفور 200000 نازح بالاضافة الى 243 الفاً
    متأثر يقيمون في 39 معسكراً حول الولاية و150 الفاً نزحوا لتشاد.. ويورد الوزير
    عدة اسباب تؤدي لتخلف النازحين عن العودة:

    1/ وجود ضغط سياسي من جهات داخل المدينة للابقاء على النازحين بالمعسكرات للضغط
    على الحكومة.

    2/ عدم وصول القوات الكافية لتأمين القرى .

    3/ فوات فرصة اللحاق بالموسم الزراعي

    التقرير الذي اعده وزير الشؤون الاجتماعية بغرب دارفور وقدمه للصحافيين والذي
    اشار فيه لعدم وصول القوات الكافية لحماية المدنيين جاء قبل ان يعلن وزير
    الدولة بالداخلية مولانا احمد هارون ان الحكومة انهت انفاذ 90% من تعهداتها
    الواردة في اتفاق « خارطة الطريق» الموقع بينها والامم المتحدة، وان الحكومة
    انهت المرحلة الاولى من الانتشار بنشر 6 آلاف شرطي وان المرحلة الثانية بدأت
    بوصول الفي شرطي الى المالحة.

    فلاش باك

    سألت الحاجة فاطمة آدم ابكر في معسكر ابو شوك من قرية جبل سي .. لماذا لا
    تعودين الى القرية؟!!

    قالت لي :« الجنجويد بضربونا بالسلاح»..!!

    قلت لها: رجال الحكومة سيكونون هنالك لحمايتكم!!

    ردت ساخرة:« البوليس ما حيمشي يجيب معاي الحطب وما حيمشي معاي عندما امشي زي
    الناس»..!!

    وان كانت الحكومة قد نجحت في اقناع مجموعات من النازحين بالعودة الطوعية الا ان
    الاغلبية لا تزال بالمعسكرات تلتمس لنفسها سبلاً للعيش ... في معسكر ابو شوك
    بالفاشر هنالك من يمارسون مهناً متعددة داخل المعسكر .. هنالك ترزي نسائي وتاجر
    اقمشة وبائع اغراض منزلية صغيرة، وهنالك من يذهب للتسوق في السوق القريب
    للمعسكر وفي سوق الفاشر... عدد من الاطفال يملكون دراجات يلعبون بها داخل
    المعسكر .. آدم حسين يفرش على الارض بضاعة تجارية بسيطة كان يتأهب للصلاة قلت
    له لماذا لا تعود الى قريتك؟!!

    قال: الحرب لسع ما انتهت هناك.

    قلت له: لم يعد هناك اطلاق نار؟!!

    رد بجدية قائلاً: « عندنا زول سمع في اذاعة لندن انو الحرب لسع شغالة وانو في
    مناطق ضربوها امبارح»

    قلت: هل تستمعون الى الاذاعة؟!!

    قال: «في ناس عندهم روادي صغيرة»

    الصورة واضحة

    كان واضحاً بالنسبة لنا ضعف دور المنظمات الحكومية والشعبية داخل المعسكرات ...
    وتعاظم وجود الاجانب ففي غرب دارفور هنالك 30 منظمة اجنبية و17 منظمة في شمال
    دارفور ويمكن ان ترصد صورة ومشهد عدد من النساء الغربيات وهن على ظهر لوري نقل
    داخل المعسكر تبدو ملابسهن واجسادهن مغبرة الى حد ملحوظ، واذا سألت النازحين عن
    طعامهم يقولون لك ان « الخواجة» هو الذي يطعمهم وهو الذي اتى اليهم بالخيام..!!

    سألت ابراهيم محمد حامد مفوض العون الانساني في شمال دارفور عن المساهمة
    الدولية مقارنة بالوطنية؟!!

    اجابني بالقول: من المعلوم بالضرورة ان المجتمع الدولي ومنظماته من ناحية
    امكانيات وموارد وسرعة حركة هو افضل من الحكومة والمنظمات الشعبية، ولكن دور
    الحكومة وعملها وخدماتها في اغلبها تتم خارج المعسكرات في المناطق المتأثرة
    وسكانها لم ينزحوا ،وهنالك دعم الحكومة اكبر من دعم المنظمات داخل المخيمات.

    قلت: ولكن هذا الدعم غير مرصود اعلامياً؟!!

    رد ساخرا على سؤالي : لانكم لا تذهبون خارج المخيمات في ريفي طويلة وريفي جبل
    سي والمالحة!!

    بين ثلاث

    النازحون في المعسكرات هم الآن بين شد الحكومة التي تدعوهم للعودة لقراهم
    واستئناف حياتهم العادية وجذب المنظمات التي ترى ان سبباً عملياً يحتم عدم
    الاسراع بالعودة وهو أنها لا تستطيع ان تقدم خدماتها في مناطق متفرقة ومتباعدة
    عن بعضها ومن الافضل لها تجميع المتأثرين في مناطق محددة، وفي الطرف الثالث
    هنالك من في المعسكرات من النازحين من استطاع اقناع الكثيرين بان الوضع لا يزال
    تحت علامة الخطر .. فلا داعي للعودة..!!


    الوضع هكذا في المعسكرات التي زرناها في شمال دارفور وفي غربها .. النازحون
    يحاولون التأقلم مع مأساتهم والتكيف مع الوضع الجديد الذي طرأ عليهم.. فتراهم
    يمارسون مناشط يومية باعتيادية معاندة بيع وشراء وتعلم في فصول محو الامية ..
    عائشة امرأة ثلاثينية تتلقى دروساً في محو الامية مع عدد من رفيقاتها.. وكان
    درس اليوم كتابة عبارة «انا أحمد» وعائشة بمعسكر ابو شوك لم تنسها نكبتها ان
    تضع حنتها وتزينها بالرسوم على الطريقة السودانية المعروفة .. همست بصوت منخفض
    .. هل تجدين وقتاً لذلك ؟!! ردت على سؤالي بابتسامة خجولة وحاسمة- فتنازلت
    سريعا عن السؤال..!!.

    في المدينة كان يردد بعض الذين جلسنا اليهم بان معسكر ابوشوك يجب الا يؤخذ
    مقياساً لكل المعسكرات وان هنالك معسكرات لا تتوفر فيها ادنى مقومات الحياة..
    شيئ ما كان يجعلنا نتردد في اعتماد تلك الافادات دون اشتباه في صحتها.. فمن
    تحدث معنا كانت النبرة السياسية تطغي على لغته كما ان الاشتباه لم يدفعنا الى
    اعتماد الرواية الاخرى التي تصور مجمل المعسكرات على انها قائمة علي اسس فندقية
    او تقارب ذلك..!!

    سئلت من قبل قناة العربية في احدى نشراتها التي كانت تتحدث عن تدهور مريع في
    المعسكرات عن حقيقة الوضع هل هو مأساوي كما تقول تقارير بعض المنظمات الدولية
    ام انه مستقر كما تؤكد الحكومة ومنظمات اخرى؟!!

    كان ردي بان الحقيقة تجلس ما بين الادعاءين هنالك معسكرات مستقرة كما تصف
    الحكومة ومن غير المستبعد ان تكون هنالك معسكرات متدهورة كما تقول تقارير بعض
    المنظمات ووكالات الانباء فقد ذكرت البي بي سي الاخبارية الامريكية في الخميس
    الماضي ان 40 شخصا على الاقل لقوا مصرعهم جراء اصاباتهم بداء التهاب الكبد
    الوبائي..!!

    وان كانت وجهات النظر وزوايا التقييم تسمح بالاختلاف حول طبيعة الوضع الانساني
    ومدى تدهوره ام تقدمه.. الا ان ما هو متفق عليه ان بهذه المعسكرات حالة احتقان
    حادة.. عبرت عن نفسها بطريقة شرسة ..ففي معسكر «كلمة» القريب من نيالا والذي قد
    تسع مساحته 15 الى 17 كيلو متراً ويضم في معلومات متضاربة على الحد الادنى 85
    الف نازح وفي اعلى التقديرات 105 الف نازح .. الوالي الحاج عطا المنان والي
    جنوب دارفور قال بان المعسكر صمم لاستيعاب 6 آلاف نازح فقط .. الفارق الرقمي
    يبدو كبيراً بين الـ85 والستة آلاف ...في هذا المعسكر وقعت حادثة مقتل النازح
    الذي جاء بترتيب من منظمة كير الامريكية ومعه 16 فرداً من قبيلته جاءوا لمعسكر
    «كلمة» الذي يضم القبائل غير العربية لتلقي دورة تدريبية عن الصرف الصحي وهو
    ومن معه من القبائل العربية التي تقيم في معسكر آخر يعرف بمعسكر «موسى» يروى
    احد العاملين في المعسكر القصة دون ان يقبل ذكر اسمه .. قال محدثنا «نعم
    المشرفين على معسكر موسى حذروا ممثل منظمة كير من اصطحاب الـ 17 الى معسكر
    «كلمة» خوفا من الاحتكاكات .. تعهد ممثل المنظمة بحماية المجموعة.. وعند دخولها
    المعسكر صرخت احدى النساء بان شخصاً من الـ17 هو من ضمن قوات الجنجويد التي
    هجمت على قريتها .. حدثت حالة من الفوضى والهياج هجمت مجموعة من النساء على
    الرجل كان عددهن كبيرا.. لم يكن امامه سوى الدخول الي خيمة بالمعسكر وعندما كان
    المشرفون يقفون علي باب الخيمة ويحاولون تهدئة الثائرات والثائرين .. اغتنم
    احدهم فرصة الانشغال .. فاخرج سكينه وشق الخيمة.. ودخل على الرجل.. عندها لم
    يكن امام الثاني سوى ان يخرج هربا من السكين فاذا به يقع تحت ثورة النساء فضرب
    من قبلهن حتى الموت ومثل بجثته».

    صمت فترة محدثنا ثم قال «كاد الوضع ان ينفجر بعد ان وصل الخبر الي معسكر «موسى»
    اهل القتيل.. كان قرارهم ضرب معسكر «كلمة» خاصة وان اشاعات انطلقت بان الـ17 تم
    قتلهم.. وساطات وتدخلات شعبية ورسمية هدأت الوضع وتم اغلاق المعسكر واغلق في
    وجه المنظمات حتى يتم ترتيب اوضاعه«.

    وفي معسكر كاس بجنوب دارفور هجم النازحون على طلاب كلية الصحة جامعة الخرطوم ..
    بعد تسريب شائعات بانهم جاءوا لارجاع بعض النازحين بطريقة قسرية.. احد الطلاب
    يتلقى العلاج حاليا بمستشفى نيالا.

    اجواء الاحتقان والتوتر في المعسكرات تصبح بيئة ملائمة للشائعات وردود افعالها
    والسلوك الجماعي الذي لا يتوقف للتحقق من صحة الشائعة .. وان كانت اغلب
    المعسكرات تحت السيطرة الادارية الا ان معسكر « كلمة» المكتظ بالنازحين يكابد
    تفلتات عديدة والنبرة السياسية فيه تبدو مرتفعة عن معسكر ابو شوك والمعسكرات
    القريبة من الجنينة.. يقول الحاج عطا المنان « معسكر كلمة فيه موانع صحية
    ومشاكل ادارية» اقترحنا توزيع المعسكر الى معسكرين او ثلاثة ولكن المنظمات رفضت
    ذلك الا بعد مشاورة النازحين واستفتائهم».

    قلت له : هل تقسمون المعسكرات على اساس قبلي ؟

    قال : لا .. نقسمها على اساس المناطق الادارية الولاية بها ثلاثة معسكرات
    كبيرة.. هنالك معسكرات صغيرة داخل المدينة يتم تجميعها.. الاغاثة تصل على مناطق
    المتمردين..

    قلت:اين يتمركز المتمردون في جنوب دارفور؟

    قال: في لبدو ومهاجرية في اتجاه شعيرية

    وكما سبق القول فان النازحين في المعسكرات هم الان بين شد الحكومة التي تدعوهم
    للعودة لقراهم واستئناف حياتهم العادية وجذب المنظمات التي ترى ان سببا عمليا
    يحتم عدم الاسراع بالعودة.. وانها لا تستطيع ان تقدم خدماتها في مناطق متفرقة
    ومتباعدة عن بعضها ومن الافضل لها تجميع المتأثرين في مناطق محددة .. وهنالك
    طرف ثالث في المعسكرات ينشط في الحفاظ على الوضع على ما هو عليه حتى يتم
    استثماره سياسيا ضد الحكومة..

    موضوع العودة الى القرى او البقاء بالمعسكرات يعتبر مصدر توتر وسبباً لاحتكاكات
    متعددة فقد وصل الامر الى القسم داخل المعسكرات بقتل كل من يشرع في العودة الى
    منطقته هذا ما ذكره وزير الشؤون الاجتماعية بولاية غرب دارفور حبيب مختوم..!!

    يقول الباشمهندس ابراهيم محمود وزير الشؤون الانسانية ان الضغط العالمي الكبير
    الذي واجه الحكومة اجبرها على ان تسمح بتجاوز بعض الاجراءات المتعلقة بعمل
    المنظمات في معسكرات النازحين .. ويقول ابراهيم « طلب منا استثناء المنظمات من
    بعض تلك الاجراءات مثل التنسيق مع السفارات وايجاد شريك وطني للعمل في السودان»
    .. ويضيف قائلا وهو يرد على سؤال احد المحامين المصريين الذين كانوا في وفد
    المهنيين العرب في زيارة دارفور.. والذي سأل عن مدى السيطرة على تلك المنظمات
    حتى لا تتحول دارفور الى « دارفورد» اضاف الوزير « هنالك صعوبة في السيطرة على
    عملها نتيجة لثورة الاتصالات.. كنا في الماضي نصدق اجهزة الاتصال ونشترط ان
    يكون العامل في الجهاز من السودان ولكن التلفون الستلايت واستخدام الفاكس يجعل
    السيطرة على الاتصالات مستحيلة».

    وان كان وزير الشؤون الانسانية يصر على ان الاتفاق مع الامم المتحدة ان تعمل
    المنظمات تحت اشراف ورقابة الحكومة الا ان الحاج عطا المنان قال للصحافيين ان
    المنظمات في جنوب دارفور تعمل دون الرجوع او التنسيق مع السلطات المحلية.

    سألت الوزير ابراهيم محمود: هل تجاوزات المنظمات يتم التعامل معها على مستوى
    محلي ام مركزي؟

    قال: هذا على حسب المنظمة .. اذا كانت تابعة للامم المتحدة يتم الاتصال
    بالخارجية لاتخاذ الاجراءات المناسبة.. اما غير الحكومية فيتم الاتصال بوزارة
    الشؤون الانسانية!!

    قلت له: توتر العلاقة بينكم والمنظمات خاصة مثل منظمة كير الامريكية واليونسيف
    وقد تبقت ايام على مهلة مجلس الامن الا تتوقع ان يكون مردوده سلبيا؟

    قال: هنالك تأكيد كبير بوجود تقدم في الجانب الانساني.. لا استبعد وجود جهات
    ذات اغراض تريد ان تفتعل احداث مشاكل.

    قلت للوزير: الا تلاحظ ضعف الدور الوطني في المعسكرات وتعاظم الدور الاجنبي؟

    قال: مقدرات منظماتنا ضعيفة مقارنة بالمنظمات الدولية الاخرى .. نحن نحتاج لزمن
    لاقامة منظمات قوية وفاعلة والتي كانت كذلك من الوكالة الاسلامية للاغاثة
    ومنظمة الدعوة الاسلامية مورس عليها ضغط وحصار بعد 11 سبتمبر..!!

    قلت له: الا تنزعج الحكومة لسوء صورتها داخل المعسكرات مقابل الصورة الملائكية
    للأجنبي؟

    قال: نعم مطلوب من الحكومة اعادة ثقة المواطنين فيها فقد كانت هنالك حرب حقيقية
    وبها اضرار بالغة والحكومة الآن تقدم كل جهدها لتجاوز هذه المرحلة مع هذا يجب
    التأكيد على وجود عمل سياسي كثيف داخل المعسكرات .. من خلال افادات النازحين
    وضح حتى لعدد من الزوار الاجانب ان هناك تملية .. لان تطابق اقوال ثمانية اشخاص
    يعني وجود جهد سياسي تلقيني.

    قلت له: لماذا لا يكون وضوح الحقيقة هو سبب هذا الاجماع؟

    رد ساخرا:مثل حقائق اسلحة الدمار الشامل.

    ضعف المشاركة الوطنية في التصدي لازمة دارفور في جوانبها الانسانية ومحدودية
    الدعم الذي يقدم داخل المعسكرات واقتصاره على المنظمات والجمعيات الاجنبية يعطي
    مظهرا اكثر سلبية لازمة دارفور وهي في طريقها للحل عبر الوسائل التفاوضية.. فان
    تم وقف اطلاق النار الشامل فان ما دخل في « البطون يغسل بالصابون» كما تقول
    الحكمة الشعبية وقد تستديم المصالحة القادمة - ان تمت- الوجود الاجنبي في الشأن
    السوداني .. فما دخل في البطون والقلوب يغسل بمساحيق التسامح والتعاضد الوطني..

    الامر لا يحتاج الى وعظ ولا تتم معالجته عبر الهتاف كان قالوشي السفير الامريكي
    بشارع علي عبداللطيف يسخر سخرية شامتة وهو يتساءل في حوار صحيفة الصحافة عن دور
    المسلمين والعرب في ما يحدث في دارفور ويقول « اين هم الآن؟ » هنالك مساعدات
    عربية واسلامية لكنها اضعف واقل من حجم الكارثة لذا استحقت سخرية قالوشي..
    وحسرة السودانيين..!!


    «البقر كان جفلن اقرع الواقفات»

    ضحكة جماعية داوية انطلقت من الذين كانوا يستمعون للوزير بمجلس الوزراء عبد
    الله صافي النور .. وهو يتحدث في اجتماع المكتب القيادي للمؤتمر الوطني بجنوب
    دارفور الذي عقد بحضور الامين العام البروفيسور ابراهيم احمد عمر عبارة صافي
    النور كانت تعرض حالة من الحذر والحيطة في واقع لا تنقطع مفاجآته .. وكل شئ
    قابل لان ينقلب لضده .. حكمة البقر الجافلة وقرع الواقفات تضع فلسفة تقليل
    الخسائر باقصى درجات الحسم .. في ابلغ اطوارها العملية.

    من هنا

    والوزير عبد الله صافي النور يستمد فلسفته هذه من خبرة البادية فهو من قبائل
    الرعي في دارفور .. كما انه ضابط طيران .. وهو في طوره السياسي الراهن كوزير
    بمجلس الوزراء مثير للجدل .. فالرجل قليل الكلام ينأى بنفسه عن الاضواء .. تبدو
    علىه سمات ذكاء بائنة في عينيه الدقيقتين ومشيته الواثقة فقلما تفارقه العصا ..
    ورغم ملامحه الصارمة التي قد تقترب الى القسوة إلا ان الرجل كان خلال زيارتنا
    لدارفور مرحاً تنطلق منه النكتة كرصاصة مفاجئة.

    جلست الىه بهدوء في قصر الضيافة بنيالا .. كانت الامطار النهارية تهطل بغزارة
    ووادي البرلي يبلغ قمة ثورته ثم ينتهي الى لا شئ!!.

    ü قلت له : هناك من يتهمك في مواقع في الانترنت بانك وراء تجنيد الجنجويد وانك
    قائدهم السياسي الذي يجلس في مجلس الوزراء؟.

    = رد قائلاً : هؤلاء اعرفهم جيداً ويعرفون انني لست ذلك الرجل ولكنها محاولة
    اغتيال سياسي .. انا لست وزير دفاع ولا اقوم بأي عمل عسكري .. لكن الحق يقال
    القبائل التي انتمي لها لعبت دوراً في كسر شوكة التمرد وهم لم يسعدهم ذلك ..
    ويتوهمون انني اضربهم بالطائرات .. وانا لم اقم في يوم برمي قنبلة واحدة في
    دارفور ولقدكنت والىاً ولم اسلك هذا المسلك.

    ü الاتهام جاء بعد ان تم اختيارك للوزارة بعد ضربة الفاشر؟.

    = صافي النور : انا واجباتي محددة كوزير له صلاحيات في حدود وزارتي مثله ومثل
    الوزراء الآخرين الذين كانوا يشغلون نفس المنصب .. دخولي في ذلك التوقيت جاء
    مصادفة.

    تضارب

    رغم وجود اضطراب واضح في موقف المنظمات العالمية الناشطة في دارفور حالىاً في
    تحديد وتقييم الوضع الانساني .. وتضارب التصريحات التي تنطلق من هنا وهناك ..
    تقول في مرة ان الوضع الانساني في المعسكرات تجاوز مرحلة «الكارثية» وانه اصبح
    تحت السيطرة .. لتقوم الحكومة بحماس مؤكدة على ذلك بالاصابع العشرة .. في وقت
    تصرح منظمات اخرى بان 30 ألفاً سينزحون من المعسكرات السودانية الى تشاد ..
    وتورد ارقام ضحايا تقول انهم ماتوا بالتهاب الكبد الوبائي .. رغم هذا التضارب
    إلا ان الحكومة وصل بها ما يطمئنها بان الجانب الانساني في ملف مجلس الامن لن
    يكون سبباً في فرض عقوبات علىها .. لان المعسكرات الآن تحت سيطرة هذه المنظمات
    فان كان هنالك قصور فسيكون قسمة بينها ــ أي الحكومة ــ وتلك المنظمات.

    ما يقلق الحكومة .. وتحذر المخاطر المترتبة علىه هو موضوع السيطرة على الجنجويد
    وجمع السلاح في دارفور .. فهي تقدر بان هذه المهمة يصعب اختزالها في عام دعك من
    شهر واحد عداده ثلاثين يوماً.

    ثلاثة مستويات

    ومن خلال جولتنا في ولايات دارفور الثلاث كان واضحاً من خلال تصريحات المسؤولين
    هنالك ان مستويات التعامل مع هذه القضية متعددة : في شمال دارفور قال لنا
    الوالى عثمان كبر ان نزع سلاح الجنجويد ليس له مسوغات ولكن يجب الحديث عن نزع
    السلاح في كل دارفور ومن الجميع .. ويؤكد كبر بانه ليست هنالك قوة في الدنيا
    تستطيع نزع سلاح الجنجويد دون الآخرين ويرد ذلك الى ان الآخرين انفسهم مسلحون
    وهنالك عداوات تاريخية بين الجميع.

    ü قلت له : ما الطريقة المثلى لنزع السلاح؟.

    = قال : هناك عدة خطوات :

    1/ يجب ان تكون الحكومة اقوى من المجرمين عبر بسط هيبتها وفرض سلطتها على
    الجميع .. فدواعي حمل السلاح نابعة من الخوف على النفس والممتلكات.

    2/ حملة توعية بالاضرار المترتبة على حمل السلاح.

    3/ لابد من حصر السلاح وتسجيله وتحديد انواعه.

    4/ يجب وضع مبلغ مقابل كل قطعة سلاح .. واذا لم يرتب المبلغ سيكون هنالك جمع
    للسلاح ولكن سيكون محدوداً.

    ويضيف عثمان كبر معلومة مهمة وهي ان تجربة جمع السلاح الماضية في دارفور في
    بداية التسعينات .. وعدت فيها السلطة المواطنين بمبالغ مالىة مقابل الاسلحة
    التي اخذت منهم ولم توف بوعدها .. وان ذلك سيضعف الاستجابة لجمع الاسلحة اذا لم
    يكن ذلك مقروناً بدفع فوري.

    ü قلت للوالى : هل الدولة تستطيع ان توفر المبالغ المطلوبة لجمع السلاح؟.

    = قال : الدولة لن تستطيع دفع هذه المبالغ مطلقاً.

    ü قلت : الحكومة التزمت بجمع السلاح ألم تتم العملية بعد؟!!.

    = قال : لم تتم ولن تتم إلا بعد انهاء الحرب التي لا تزال دائرة .. فليس هنالك
    من يرضي بتسليم سلاحه قبل ان يشعر بالامان.

    ü هل من المتوقع حدوث احتكاك ان تمت المحاولة عبر النفرة؟

    = رد قاطعاً «ليس احتكاكاً ولكن صدام حتمي».

    ü قلت له : وماذا عن مهلة مجلس الامن؟.

    = قال كبر : جمع السلاح ليس جمع البندقية وادخالها المخزن هذه مرحلة .. ولكن
    هنالك مراحل ذكرتها لك .. نحن بدأنا الاجراءات الاولية بنشر الشرطة لتأمين
    الناس.

    ü هل الحكومة ستعجز عن الايفاء بوعدها؟.

    = قال : تعجز مطلقاً هذا غير وارد .. الاتفاق الذي تم سيتم تنفيذ جزء كبير منه.

    تصالح

    في ولاية غرب دارفو يبدو الوضع مستقراً والمواطنون يتحدثون انه لمدة 6 أشهر لم
    تكن هناك عمليات عسكرية في الولاية وان الامن مستتب.

    والى ولاية غرب دارفور يرد ما حدث الى جهود الادارات والزعامات الاهلية التي
    استطاعت ان تدير امرها بنفسها دون تدخل الدولة أو المجتمع الدولي عبر حوار اهلي
    مثمر اعاد على حسب قول الوالى رتق النسيج الاجتماعي هنالك .. وفي هذا الظرف
    يمكن تصور ان الصعوبات لم تعد كبيرة في السيطرة على السلاح وعلى العمليات
    الحربية.

    مختلف

    اما في جنوب دارفورفان الوضع مختلف فقد اعلن الوالى الحاج عطا المنان انهم
    شرعوا في جمع الاسلحة غير القانونية بكل الطرق حتى ولو استدعى الامر استخدام
    القوة .. وأكد الحاج عطا المنان على انحسار العمل العسكري الى حد اقترب الى
    التلاشي.

    نافذة قالوشي

    امكانية فرض سيطرة كاملة على اغتناء وتداول الاسلحة في دارفور قد تسهل في مناطق
    وتصعب في مناطق اخرى وقد تستحيل في اماكن .. السفير الامريكي قالوشي فتح نافذة
    للحكومة سمحت بمرور قدر من الهواء رطب جسدها المُعرق .. عندما قال :«نحن لا
    نتوقع من الحكومة ان تنزع كل اسلحة المليشيات الآن .. ولكن نزع اسلحة المليشيات
    يجب ان يتم (....) ما يدعو له المجتمع الدولي الآن هو ليس نزع اسلحة الجنجويد..
    هذا مطلوب ولكن نتحدث الآن عن ايقاف الاعتداء على المدنيين وعلى القرى وحرقها
    .. هذا ما نطالب به الآن».

    وقفة

    وجه الخلاف في موضوع جمع الاسلحة والذي يبدو اكثر وضوحاً يمكن رصده في قول
    عثمان كبر لنا بان هذا الامر في حاجة ضرورية لعون مالى وفني من قبل المجتمع
    الدولي.. ورد قالوشي على الاستاذ عادل الباز رئيس تحرير صحيفة «الصحافة» عندما
    قال قالوشي «ليس من شأننا نزع اسلحة الجنجويد .. كيف تطالب الحكومة المساعدة
    وهي تشتري طائرات الميج «29» بـ 300 مليون دولار .. هذا غير مقنع .. اذن فان
    مسؤولية حفظ الامن والاستقرار هو مسؤولية الحكومة وليس احد غيرها لان الحكومة
    شرعية والسودان دولة ذات سيادة».

    تصريحات قالوشي التي اعطت شهادة «شرعية» وصك «السيادة» لكنها اغلقت الباب
    تماماً امام دولار واحد يمكن ان يعبد لها معيناً على مهمة جمع الاسلحة.

    هوامش النجاة

    وان كانت الحكومة تجد هامشاً للتحرك متسع في جوانب العمل الانساني .. ويمكن ان
    تجد من الاعذار ما يخفف عنها اللؤم في جمع الاسلحة .. إلا ان خياراتها في قضية
    السيطرة على الجنجويد وتقديم قيادات للمحاكمة تبدو خياراتها لا تخلو من
    المخاطرة المرعبة .. والسبب الاساسي هو الاختلاف لا على مناكفة الجنجويد ..
    ولكن في حول الجنجويد انفسهم من يكونون.

    الحكومة على لسان ابرز الممسكين بملف دارفور وزير الدولة بالداخلية احمد هارون
    قالت ان الجنجويد في تعريفه هم «الخارجون على القانون وهم من مختلف القبائل
    ومعظمهم قد مارس عمليات النهب عبر الحدود .. ولكن اذا كان المقصود بالجنجويد
    المجموعات التي تم استنفارها ضمن قوات الدفاع الشعبي فهؤلاء لا ينطبق علىهم
    التعريف».

    وبناء على هذا التعريف اعلنت الخارجية السودانية القبض على اكثر من «200» من
    الجنجويد وتقديمهم للمحاكمة .. وبالفعل تمت بنيالا محاكمات لبعض هؤلاء.

    ورغم مجهودات الحكومة في هذا الجانب إلا ان امريكا ومجموعة من الدول وكل
    المنظمات لها تعريف آخر للجنجويد حيث عرف قالوشي الجنجويد قائلاً :«انها
    مليشيات موالىة للحكومة وتدعمها الحكومة كقوة غير نظامية للسيطرة على دارفور
    والبعض يستخدم الجنجويد كعصابات متفلتة وخارجة على القانون .. ولكن تعريفنا
    للجنجويد هم تلك المجموعات التي سلحتها الحكومة وعلىها ان تسيطر علىهم».

    اذن ازمة المصطلح في تعريف الجنجويد هي اكبر خطر يتهدد مسار التفاهم بين
    الحكومة وممثلي المجتمع الدولي.. ففي الوقت الذي تمتطي فيه الحكومة مصطلح
    «الجنجويد» لتذهب به الى المشرق .. يمتطي آخرون المصطلح للذهاب به الى المغرب
    .. وعند ذلك يصبح الالتقاء مستحيلاً.

    ü قلت للوزير صافي النور .. الحكومة تضطرب في تعريف الجنجويد في مرة تعتمد
    المصطلح كما هو متعارف علىه دولياً .. وفي مرات توجد له تفسيراً خاصاً .. تحدث
    الرئيس لشبكة الـ (CNN) وقال انهم ــ أي الحكومة ــ قادرون على السيطرة على
    المجموعات التي تم تسليحها؟.

    = رد صافي النور قائلاً : كلام الرئيس مجاري لدعاوي المسميات .. قال ذلك اذا
    كان دفاعاً شعبياً فهو مسيطر علىه .. السلاح لا يعطي دون تسجيل نمرة .. واذا
    كان هنالك تسليح للادارة الاهلية لحمايتها فهو سيكون معروفاً وتحت السيطرة.

    ويبدو ان في هذا السياق صدر امر الطوارئ الثاني من ممثل رئيس الجمهورية اللواء
    عبد الرحيم محمد حسين بتخفيض درجة استنفار وتعبئة الدفاع الشعبي بدارفور بنسبة
    30%.

    من الآخر

    وما يمكن التأكيد علىه بعد طوافنا على ولايات دارفور الثلاث وقبل انتهاء مهلة
    الشهر الممنوحة من مجلس الامن وهو الآتي :

    أولاً : من المتوقع ألا تواجه الحكومة اشكالات كبيرة في جوانب العمل الانساني
    لاعتبارات تم ذكرها انفاً.

    ثانياً : مهمة جمع الاسلحة ستجد الحكومة اعذاراً مقنعة لعدم تمكنها من ذلك.

    ثالثاً : ستصبح قضية الجنجويد ــ لا قشة ــ ولكن سيف يهدد ظهر البعير.























                  


[رد على الموضوع] صفحة 1 „‰ 1:   <<  1  >>

تعليقات قراء سودانيزاونلاين دوت كم على هذا الموضوع:
at FaceBook




احدث عناوين سودانيز اون لاين الان
اراء حرة و مقالات
Latest Posts in English Forum
Articles and Views
اخر المواضيع فى المنبر العام
News and Press Releases
اخبار و بيانات



فيس بوك تويتر انستقرام يوتيوب بنتيريست
الرسائل والمقالات و الآراء المنشورة في المنتدى بأسماء أصحابها أو بأسماء مستعارة لا تمثل بالضرورة الرأي الرسمي لصاحب الموقع أو سودانيز اون لاين بل تمثل وجهة نظر كاتبها
لا يمكنك نقل أو اقتباس اى مواد أعلامية من هذا الموقع الا بعد الحصول على اذن من الادارة
About Us
Contact Us
About Sudanese Online
اخبار و بيانات
اراء حرة و مقالات
صور سودانيزاونلاين
فيديوهات سودانيزاونلاين
ويكيبيديا سودانيز اون لاين
منتديات سودانيزاونلاين
News and Press Releases
Articles and Views
SudaneseOnline Images
Sudanese Online Videos
Sudanese Online Wikipedia
Sudanese Online Forums
If you're looking to submit News,Video,a Press Release or or Article please feel free to send it to [email protected]

© 2014 SudaneseOnline.com

Software Version 1.3.0 © 2N-com.de