مشاهد من مسرح التسعينات

مرحبا Guest
اخر زيارك لك: 03-29-2024, 09:38 AM الصفحة الرئيسية

منتديات سودانيزاونلاين    مكتبة الفساد    ابحث    اخبار و بيانات    مواضيع توثيقية    منبر الشعبية    اراء حرة و مقالات    مدخل أرشيف اراء حرة و مقالات   
News and Press Releases    اتصل بنا    Articles and Views    English Forum    ناس الزقازيق   
مدخل أرشيف اراء حرة و مقالات
نسخة قابلة للطباعة من الموضوع   ارسل الموضوع لصديق   اقرا المشاركات فى شكل سلسلة « | »
اقرا احدث مداخلة فى هذا الموضوع »
04-23-2004, 05:02 AM

حسن أحمد الحسن/واشنطن


للتواصل معنا

FaceBook
تويتر Twitter
YouTube

20 عاما من العطاء و الصمود
مكتبة سودانيزاونلاين
مشاهد من مسرح التسعينات

    أوراق سودانية (7)
    بين الصحافة والسياسة هو عنوان لكتاب للأستاذ الكاتب الصحفي محمد حسنين هيكل شخص فيه العلاقة العضوية بين مهنة الصحافة والسياسة والممارسة السياسية وأحسب أن ثمة علاقة فيما ذهب اليه الكاتب من حيث هذه العلاقة فيما يرد من سطور. لقد كان حب الصحافة والضلوع في السياسة التي بدأت عاطفة وتبلورت فكرا ورأيا فيما بعد مدخل لفترة من البلاءات والإبتلاءات علي هذا الطريق الذي فتن به السودانيون أداءا ومشاهدة حيث فتحت التجربة السياسية في السود ان ابوابا عديدة انسربت منها علاقات حميمة مع كتاب وصحافيين عرب انفعلوا بالهم السوداني وأخذوا بالشخصية السودانية وأستغرقتهم التجربة السياسية برغم علاتها فكانت الخرطوم في برهاتها الديموقراطية ملتقي جاذبا
    للنخبة العربية من نقابيين وناشطين وصحافيين رغم ان اهتماماتنا الصحافية قد سبقت نفحات الحرية التي حفلت بها التجربة الديمقراطية الثالثة التي اعقبت الانتفاضة الشعبية في ابريل 1985 بممارسة صحفية جدارية من خلال مقاهي النشاط الطلابي داخل أسوار الجامعات و التي كانت قبلة المواطنين والسا سة وهي التجربة التي أعدت معظم صحافيي المرحلة الحالية ممن يتقلدون معظم المواقع في الصحف والمؤسسات الإعلامية في الفترة الحالية علي المستوي المحلي والدولي .

    ومثلما ان لكل مهنة ميدانها فقد كانت السياسة وزعمائها الميدان الحيوي لمهنة الصحافة في السودان باعتبارها عنصرا جاذبا للخبر حيث كان للسياسة نجومها الذين يذكر السيد الصادق المهدي في مقدمتهم ولايزال فقد إعتاد دائما ان يكون مصنعا للحدث والخبر والجديد الذي يبحث عنه الصحافيون وكان المجيب علي مقومات الخبر الكامل والسؤال الصحفي الذي تعلمه أهل المهنة " من، اين، متي ، كيف ، ولماذا " فقد كان مقره بامدرمان قبلة للصحافيين العرب والأجانب.

    تلك الايام حفلت بالكثير من المناسبات والأحداث حيث كانت البلاد تمر بمشاهد درامية سياسية قلما توجد في بلد غير السودان فقد كانت القرارات والتحولات التي أنهك بها الرئيس السابق جعفر نميري الشعب السوداني مصدرا جاذبا للصحافيين العرب الذين كانوا ينتهزون فرصة تواجدهم في الخرطوم لاجراء لقاءات وحوارات مع رموز وقادة المعارضة الذين يستقي منهم الصحافيون الراي الآخر رغم الحواجز الأمنية غير المباشرة . وقد عبر الكاتب الصحفي الاستاذ عرفان نظام الدين رئيس تحرير صحيفة الشرق الاوسط آنذاك في كتابه ( حوارات القمة) عن تلك الدراما المايوية نسبة لنظام مايو في حواراته مع الرئيس جعفر نميري التي حملها كتابه الذي يحوي عددا من الحوارات الأخري مع زعماء ورؤساء آخرين .

    كان ذلك في آواخر السبعينات بعد إبرام عهد المصالحة الوطنية مع نظام مايو حيث كنت أساهم في استقبال وترتيب لقاءات الصحافيين الزائرين من العرب والأجانب مع السيد الصادق المهدي فنمت علاقات صداقة ومودة مع العديدين منهم أتت بثمارها فيما تلي بعد ذلك من سنوات
    اذكر من هؤلاء الأساتذة فؤاد مطر الذي كان رئيسا لتحرير مجلة التضامن وعرفان نظام الدين رئيس تحرير صحيفة الشرق الاوسط وعفاف زين المحررة بمجلة المستقبل ثم الحوادث ونورا فاخوري المحررة بمجلة المجلة وهدي الحسيني بالشرق الاوسط وهؤلاء التقيتهم جميعا فيما بعد بلندن عندما عملت معهم فترة بمقر صحيفة الشرق الاوسط في لندن ومن الصحافيين المصريين في تلك الفترة الأساتذة يوسف الشريف الكاتب بمجلة روز اليوسف والذي تعلمت منه و عملت معه بعد ذلك لفترة طويلة بمكتب صحيفة الشرق القطرية في القاهرة وأمينة النقاش المحررة اللامعة في الشان السوداني بصحيفة الاهالي المصرية المعارضة والتي ساهمت في تخصيص صفحة بعنوان أهالي السودان وعدد كبير من الصحافيين والمراسلين المقيمين في الخرطوم والمتوافدين عليها من العواصم المجاورة . اما من الصحافيين الغربيين اذكر الكاتب الصحفي الفرنسي الجنسية اريك رولو والذي اصبح فيما بعد سفيرا لفرنسا في تونس ولايزال أريك رولو صاحب اهتمامات بالشان العربي من خلال مجهوداته في الساحة الاوربية بالإضافة لعدد من الدبلوماسيين والناشطين في مؤسسات اقليمية ودولية اذكر منهم المفكر والناشط الاسلامي
    الأستاذ المرحوم سالم عزام والذي كان مسئولا عن المجلس الإسلامي الأوربي في لندن والذي كان من اهم انجازاته صياغة مشروع الدستور الإسلامي الذي اجتهد فيه نخبة من العلماء المسلمين فضلا عن دوره من خلال دار المال الاسلامي في جنيف . ومن الساسة المصريين الاساتذة أحمد مجاهد من حزب العمل وأحمد طه من التجمع ومصطفي مراد من حزب الاحرار ونخبة من المثقفين منهم فتحي رضوان و محمود مراد و المهندس ابراهيم شكري وعادل حسين وغيرهم منهم من قضي نحبه ومنهم من ينتظر .
    من خلال حضورنا لهذه اللقاء ات والحوارات ومرافقتنا لكبار الصحافيين والمراسلين والتأثر بهم تعمقت فينا الرغبة لولوج هذه المهنة ورغم الاتجاهات التي بدت مبكرة في هذا الجانب عبر صحف النشاط الجامعية الا ان الاحتكاك المباشر مع هذه النخبة قد أعاد صياغة اهتماماتنا بطريقة مهنية وحقيقية فتحت لنا افاقا جديدة بحيث أصبحت نظرتنا الي دور الصحافة في بلاد كبلادنا لابد وان يكون متعاظما باستمرار لصالح المجتمع الذي نعيش فيه باعتبارها السلاح الحقيقي الذي يستهدف التخلف سياسيا واقتصاديا واجتماعيا وبالتالي يستهدف أي مبرر للشمولية ولانها المرادف المنطقي للديمقراطية باعتبارهما وجهان لعملة واحدة . هكذا كان اللقاء الأزلي بين السياسة والصحافة في بيئة سود انية اشبه بالمختبر السياسي الذي لايهداء . وهكذا يري هيكل خيوط هذه العلاقة . في عام 1982 انقلب الرئيس نميري علي عهد المصالحة الوطنية حيث قام بحملة اعتقالات واسعة استهدفت
    قطاعات الشعب السوداني من مختلف الوان الطيف السياسي تحت مظلة قوانين ----- سبتمبر او مايعرف بقوانين الشريعة التي وظفها لحماية نظامه وأستمراره في الحكم فيما اتسعت دائرة التوترات االسياسية وشملت الإعتقالات قيادات وكوادر من حزب الامة علي رأسهم السيد الصادق المهدي وعدد من معاونية وتم ايداعهم سجن كوبر الشهير لما يقارب العامين حيث أطلق سراحهم قبل أسابيع قليلة من إندلاع الإنتفاضة الشعبية في السادس من أبريل عام خمسة وثمانين وقد تحول سجن كوبر في تلك الفترة إلي ندوة دائمة شملت معظم القوي السياسية التي شكلت البديل السياسي فيما بعد عبر إنتخابات عامة وقانونية .
    كانت تلك الفترة غنية بتعارفاتها بين الذين دلفوا الي تلك الأبواب العالية الصدئة هناك تعرفنا علي نخبة من القيادات السياسية والعسكرية والشخصيات السودانية النادرة عن قرب الأستاذ التجاني الطيب بابكر أمين سر اللجنة المركزية للحزب الشيوعي السوداني وهو سياسي وقيادي زاهد قضي جل حياته بين السجون والمعتقلات غير مساوم في مواجهة الدكتاتورية ومدافعا في وطنية خالصة عن حريات الناس ومطالبهم الأساسية وقد تواصلت علاقاتنا معه خارج المعتقل حيث تصادف وجود مقر صحيفة الأمة التي كنت أعمل بها ملاصقة مع مقر صحيفة الميدان التي كان يرأس تحريرها الأستاذ التجاني الطيب بابكر والتي كان يتردد عليها عدد من قادة الحزب الشيوعي علي رأسهم السكرتير العام الأستاذ محمد إبراهيم نقد والذي كان يحرص علي تناول قهوة الصباح بمقر صحيفة الأمة الملاصق للميدان وفاءا كمايقول لنا لجذوره الأنصارية وكانت بالطبع لحظات ممتعة التي كنا نقضيها معه وهو يحدثنا عن وطنية الأنصاروتاريخهم وبعضا من إجابات علي تساؤلاتنا . وهناك إلتقينا عن قرب الأساتذة، عبد الرحمن النور،وعثمان جادالله من قادة حزب الأمة التاريخيين وثلة أخري من طيف القوي السياسية من الجمهوريين وعناصر اللجان الثورية والأحزاب الجنوبية والشخصيات الجنوبية المستقلة أذكر منهم الأستاذ (بل ليل) وهو من الشخصيات الخاصة التي أضفت علي السجن مذاقا خاصا فضلا عن الندوات والمناقشات التي كان يعقدها السيد الصادق المهدي في حضور معاونيه وغيرهم ممن تسمح أبواب السجن بولوجهم ولعل من أهم المناقشات التي دارت في تلك الأيام فصول من بعض مؤلفات المهدي حول العقوبات الشرعية وأثرها في النظام الأجتماعي ، والمرأة وحقوقها في الأسلام والتنمية من منظور إسلامي ومجادلات الأستاذ طه إبراهيم المحامي والشيخ عثمان جادالله رحمه الله حول بعض القضايا الفقهية الخلافية من منظور الشيخ السلفي ومنظور طه إبراهيم العلماني المحتشد بالأستفهام والمجادلة .
    كان السجن يشكل مؤتمرا سياسيا مستمرا سهل الكثيرمن مهمة السياسيين الذين لم يكن يتسني لهم الإجتماع والتشاور خارج السجن كما أتاح الفرصة لمزيد من الحوار والتعارف وتتضيق المسافات كماأنه وحسبما وصفه السيد الصادق المهدي عند إطلاق سراحنا في أول خطبة له عقب صلاة الجمعة بمسجد ودنوباوي كان يمثل بأشهره الطويلة المتتالية خلوة روحية وبرهة فكرية وفرصة للتأمل والتبصر في كثير من الأشياء .
    فضلا عن كونه ملتقي للعديد من الأصدقاء الذين دخلوا وخرجوا في تلك الفترة أذكر منهم الأخ الأستاذ سيدأحمد خليفة والذي قضيت معه أوقاتا جميلة في قسم ( السرايا ) قبل أن أحول الي قسم المعاملة الذي كان يضم نفرا من قيادات حزب الأمة علي رأسهم السيد الصادق المهدي أيضا كان لقائي بالكاتب الساخر الأخ محمد محمد خيروالذي أدخل السجن مع مجموعة اللجان الثورية التي تتبع لليبيا في تلك الحقبة وعدد لايتسع المجال لذكرهم من معتقلين ومسجونيين وخفراء وضباط في القوات المسلحة إتهموا بمحاولات إنقلاب ضد نظام نميري أذكر منهم العقيد محجوب سيد أحمد من سلاح المدرعات والرائد شمس الدين من المظلات وآخرين ظلوا علي علاقة أخوية بنا حتي بعد خروجنا لفترة طويلة أيضا فهناك ضباط السجون والصول سيد أحمد المعلم البارز للسجن كان لكل واحد منهم قصة تتلاقي أحداثها في أنهم حفظوا خصوصية العلاقة بين السودانيين في السراء والضراء . وكانت حملات الأعتقال التي إنتظمت القوي القوي السياسية في تلك الأيام قد شملت
    عدد من شيوخ حزب الأمة وشبابه حيث حظي حي الرئيس نميري " ودنوباوي " بعدد من هذه الكوكبة وكان السيد الصادق المهدي علي رأس المجموعة التي ضمت السادة, عوض صالح وعبد اللطيف صالح , عبد الوهاب غاندي , عبد الرحمن النور , عثمان جاد الله , إدريس البنا , عبد الله محمد أحمد , عبد الله محمود نصر , صلاح عبد السلام , ميرغني ضيف الله , خالد محمد إبراهيم , مبارك الفاضل المهدي , نصرالدين الهادي المهدي الدكتور عمر نور الدائم , حسن أحمد الحسن , بالأضافة الي إثنين من قيادات الحركة الطلابية آنذاك الأخوين الفاضل آدم إسماعيل وإسماعيل بلول والذان تم إطلاق سراحهما بعد شهرين من حملة الإعتقالات . أما الرئيس نميري الذي يبدو إنه كان محرجا لأعتبارات إجتماعية لإعتقال عدد من جيرانه بودنوباوي جلهم من الشيوخ ومن أبناء الحي الذي تعيش فيه أسرته التي تربطها صلات رحم ببعض المعتقلين الذين ضاق بمواقفهم ومواجهاتهم له فقد أراد أن يخفف شيئا من هذا الحرج الذي عبرعنه له أهله حيث إختار يوم تبليغنا قرار الأفراج فقد طلب مدير السجن حينذاك العميد محمد سعيد من بعض الأسماء الإنتظار لأن هناك مندوب من النائب الأول الفريق عمر محمد الطيب سيصطحب المعنيين الي القصر لمقابله الرئيس وكان الأشخاص المعنيون هم السادة عبد اللطيف صالح إدريس البنا عبد الوهاب غاندي حسن أحمد الحسن وعبد اله محمود نصر حيث إستقبلنا الفريق عمر الطيب النائب الأول ورئيس جهاز أمن الدولة في مكتبه الملاصق لمكتب الرئيس بترحاب خاص وكأنه ليس طرفا فيما جري من إعتقالات أو مقتنعا بما يجري وقال لنا إن الرئيس قد حرص علي مقابلتكم بأعتباركم من أهله وأهل ودنوباوي وطلب أن لاتسألوه عن سبب الإعتقال أو عن سبب الإفراج وبدأ النائب الأول يتحدث عن مواقف الأنصار ومواقف حزب الأمة بأعتبارها مواقف لاتقبل المساومة أو الضبابية مع أو ضد وأختفي للحظات ليأتي لأبلاغنا بأن هناك تطور مفاجيء قد حال دون لقاء الرئيس لنا لحضور السفير الأمريكي المفاح جيء الذي طلب لقاء الرئيس لأمرعاجل . وحمدنا الله علي ذلك مستأذنين في الإنصراف .
    بعد أسابيع قليلة من إطلاق سراحنا من السجن إنهار النظام المايوي بأنتفاضة أبريل الشعبية
    إتجهت القوي السياسية ترتب أوضاعها في الفترة الإنتقالية وفي هذا الإطار كلف حزب الأمة الأستاذ سيد أحمد خليفة الذي توثقت علاقته بكل من السيد الصادق المهدي والدكتور عمر نور الدائم والعديد من الإخوة وكصحفي له تاريخه المهني وخبرته بأعادة إصدار صحيفة الأمة التي توقفت لأكثر من ستة عشر عاما هي عمرنظام جعفر نميري وتعتبر صحيفة الأمة من أعرق الصحف السودانية التي أنشئت عقب الأستقلال ضمن منظومة دار الصحف الإستقلالية التي كانت شاهدا علي العصر الذهبي للصحافة السودانية والتي كانت تنتج عدة مطبوعات وصحف أهمها صحيفة النيل التي رأس تحريرها رائد الصحافة السودانية الأستاذ زين العابدين حسين شريف كما حظيت صحيفة الأمة بعدد من الكتاب والصحافيين منهم العم الأستاذ حسن محجوب مصطفي الذي رأس تحرير الأمة ثم تقلد بعد ذلك عدة مناصب وزارية عن حزب الأمة وتربطني صلة رحم بالأستاذ حسن محجوب الذي كان كثير التردد الي منزلنا بودنوباوي حتي قبل وفاته بأسابيع وقد كنت أهتم بالجلوس اليه ووالدي وهما يسترجعان ذكرياتهما عن موطنهما الأصلي بمديرية النيل ومن المحررين أيضا محمد آدم إبن الخياط والشاعر مختارمحمد مختار والصحفي الأديب السرقدور والصحفي المخضرم محمود إدريس وغيرهم من المحررين الأفذاذ . وبعد أن تولي الأستاذ سيد أحمد خليفة مهمة إصدار العدد" زيرو"من مكتبه بمقرصحيفة المدينة السعودية التي كان يعمل مراسلا لها من الخرطوم كان لقاءنا الثاني معه في رحاب الصحيفة التي عملت مديرا لتحريرها فيما بعد لمايقارب العامين مع الأخ صديق بولاد وعدد من محرري مكتب المدينة الذين إنتقلوا الي الأمة مع خليفة منهم الأستاذ المرحوم عثمان علي نور رأئد القصة القصيرة في السودان وقد عمل سكرتيرا لتحرير صحيفة الأمة حتي قيام إنقلاب الإنقاذ وهو من الشخصيات المتفردة في النقاء الأنساني والإبداع المهني فقد كان عاشقا للموسيقي وعالم بروائع السيمفونيات العالمية ومن الشخصيات القليلة جدا من السودانيين الذين يمتلكون أعمالا موسيقية نادرة لأشهر الموسيقيين العالميين كما كان عثمان نور من عشاق مصر أدبا وفنا وثقافة وهو من المبدعين السودانيين الذين سيكتب عنهم كثيرا جدا أيضا فقد كان معنا من المحررين محمد دفع الله والنور جادين والفنان بشير كندة وهؤلاء بقوا في الأمة حتي بعد أن قام سيد أحمد خليفة بتأسيس صحيفة الوطن بعد فترة تباينت فيها الآراء وتطورت فيها كثير من الأحداث في السودان ولكن بقي سيدأحمد خليفة بعلاقاته وصداقاته الوثيقة مع قيادات حزب الأمة شاهدا علي كثير من الأحداث وأهم المراحل .
    لقد وطدت تجربتنا بصحيفة الأمة التي دامت لمايقارب العامين علاقاتنا وصلاتنا بالوسط الصحفي السوداني الذي كان معظم العاملين فيه في تلك المرحلة أبناء جيل وزملاء دراسة بمختلف ميولهم وأهوائهم السياسية من أقصي اليمين الي أقصي اليسار كما فتحت تلك التجربة آفاقا للتواصل مع الأشقاء علي المستوي العربي والأفريقي .
    لقد عرقلت الديكتاتوريات العسكرية التي أرهقت السودان قيام مؤسسات صحافية قومية توفر التدريب والتأهيل وتواكب التطور الذي يحدث يوميا في مجال الإعلام وتقنيات العمل الصحفي كم أثر ذلك علي شروط المهنة المطلوب توآفرها وأصبحت الصحف في عهود الشمولية عبارة عن أبواق دعائية للنظم التي تحكم بعد أن تتحول الي صحف صفراء ومنشورات عقيمة ويتحول الصحافيون الي موظفين في التنظيم السياسي رغم مايتوافرلها من دعم مالي من خزينة الدولة وحتي الصحف الحزبية في عهود الديمقراطية لم تكن أحسن حالا رغم تمتعها بالحريات الأساسيةالتي تكفل لها دورا حقيقيا أكثر شفافية فقد كانت هذه الصحف تعاني من مشاكل من نوع خاص أقرب الي كونه إقتصادي وإداري وتتحول في معظم الأحيان لحلبة مصارعة للتيارات المتصارعة داخل التنظيم الواحد فتصبح كالمعلقة في أحسن أحوالها .
    ولامناص من وجود مؤسسات صحافية قومية تكون بمثابة مراكز للتنوير والتدريب والمعرفة تتجاوز الحزبية الي الثوابت الوطنية وتتبني الدفاع عن قضايا الحريات ومناصرة المظلومين وتعطي الأمل في فترات اليأس والقنوط مؤسسات تكون بؤرة لمختلف التيارات والتوجهات وملتزمة بمعايير مهنية وسياسات ولوائح تضبط أدائها وفقا للمعايير المهنية وتتسع لكل رأي أو وجهة نظر متعارضة .
    لقد شكلت الممارسة الصحافية إبان التجربة الديمقراطية الثالثة درسا مستفادا وقد نموزجا لابد من تفاديه لأرساء دعائم دور جديد للصحافة السودانية تصل ماضيها الزاهر بحاضرها المأمول .

    لقد حفلت هذه الفترة بالعديد من التجارب غير الموفقة في الممارسة في شتي المجالات لاسيما في مجالات العمل النقابي والصحفي كأنعكاس للواقع السياسي بمجمله وذلك رغم العديد من المنجزات التي ضاعت في ركام فوضي الممارسة. وقد فصل السيد الصادق المهدي رئيس الوزراء السيد في كتابه الديمقراطية عائدة وراجحة الكثير من هذه السلبيات التي ساهمت في وئد الديمقراطية نفسها اما بالنسبة للصحافة فقدأثبتت تلك التجربة أن ثمة خيط رفيع بين ممارسة الحرية والتعدي علي حريات الآخرين مثلما أن هناك ذات الخيط بين الحرية والأنضباط .
    تواصلت تجربتنا الصحافية بعد تركنا صحيفة الأمة لأسباب موضوعية ولم نترك الصحيفة إلا بعد إعداد مذكرة متكاملة عن ألأسباب والمعوقات التي أعاقت الصحيفة وإقتراح الحلول اللازمة والمعالجات التي تعينها علي النهوض وأستكمال دورها وقد أثني رئيس مجلس إدارة الصحيفة المكلف آنذاك الدكتور علي حسن تاج الدين بالمذكرة وماتضمنته من معالجات ونقد موضوعي .
    تواصلت التجربة بأصدارنا صحيفة إسبوعية هي صحيفة الأنباء والتي ضمت نفر من الصحافيين منهم الأساتذة إدريس القاضي وهشام محمد أحمد الذي كان مديرا لمكتب صحيفة الشرق الأوسط في الخرطوم وعبد الله الماحي وعدد من الزملاء الذين كانوا يعملون بالأمة كما كان مقرها بمقرن النيلين ملتقي لكافة التيارات السياسية وتواصلت الصحيفة بأعداد مميزة حتي لاحت علي الأفق بوادر إنقلاب عسكري تأكد تماما في صبيحة الثلاثين من يونيو عام تسعة وثمانين .
    لقد شكلت الممارسة الصحافية إبان التجربة الديمقراطية الثالثة درسا مستفادا وقدمت نموذجا لابد من تفاديه لأرساء دعائم دور جديد للصحافة السودانية تصل ماضيها الزاهر بحاضرها

    أما علي صعيد التطورات السياسية لم تري الحركة الشعبية في سقوط نظام نميري نهاية لعملياتها المسلحة بل صعدت من هذه العمليات رغم مناشدات القوي السياسية لوقف العمليات فيما أصبحت
    الحكومة الإنتقالية والمجلس العسكري الإنتقالي يواجهان ظروفا صعبة مع تزايد هجمات متمردي الحركة الشعبية لتصل الي السيطرة علي منطقة الرنك وطرد المزارعين وبث الرعب في أوساط المواطنيين بينما كان السياسيون وأعضاء الحكومة مدنيين وعسكريين يواصلون دعواتهم للحركة للجلوس الي طاولة المفاوضات ووقف العنف إلا أن إعتبار الحركة للحكومة الإنتقالية (مايو تو ) قد أفسد أي فرصة للحوار علي صعيد آخر شرعت القوات المسلحة في ترتيب بيتها وإستعادة توازنها العسكري بطلب مساعدات عسكرية من الدول الشقيقة والصديقة لصد العدوان عن قري النيل الأبيض التي قامت فيها قوات الحركة بمجازر وعمليات مفاجئة كقري الأزرق والقردود وغيرها وقد بدأ قادة القوات المسلحة يصعدون من شكواهم لعدم وجود الإمكانيات والمعدات والأسلحة اللازمة لإعادة تأهيل القوات المسلحة بما يمكنها من أداء واجبها في تحقيق الأمن ولم يتخلف القادة السياسيون من زعماء الأحزاب السودانية الذين إنصرفوا لترتيب أحزابهم خلال الفترة الإنتقالية إستعدادا للإنتخابات العامة عن التطورات علي ساحة الحرب الأهلية التي يصر الطرف الآخر في تلك الأيام علي مواصلتها رغم زوال الحكم المايوي الذي أشعل نار الحرب مرة أخري عام 1982 بعد صدور ماأسماه نميري بقوانيين سبتمبروبطلب من القوات المسلحة ساهم السيد الصادق المهدي في جلب مساعدات عسكرية من الشقيقة ليبيا والتي بلغت أكثر من مليار دولارفيما نشط السيد محمد عثمان الميرغني أيضا في ذلك الإتجاه بجلب الأسلحة والعتاد من العراق الشقيق حيث لم يتردد الرئيس السابق صدام حسين بدوره في تقديم الدعم المطلوب وقد إستطاعت القوات المسلحة بماتلقته من دعم إستعادة مدينة الكرمك في ولاية النيل الأزرق كما نجحت في إستعادة مدينة الرنك وتأمين مناطق النيل الأبيض وجنوب كردفان .

    في تلك الأيام الإنتقالية كانت مرافقتي للسيد الصادق المهدي في رحلة الي ليبيا خلال رحلة خاطفة إستغرقت ثمان وأربعين ساعة الغرض منها جلب دعم عسكري للقوات المسلحة كان ثالثنا المرافق الخاص للسيد الصادق المهدي الأخ حسين سلامة حيث كانت رحلتنا ذات صباح في تلك الأيام من شتاء 1986 عبر طائرة عسكرية ليبية من طراز أنتينوف أقلعت بنا من مطار القاعدة الجوية بوادي سيدنا التي إستقبلنا فيها قائد سلاح الطيران آنذاك لتهبط بنا الطائرة بعد ثلاث ساعات ونصف علي أرض مطار قاعدة معيتيقة الجوي علي أطراف العاصمة الليبية طرابلس
    كان في إستقبالنا علي أرض مطار القاعدة عدد من أعضاء القيادة التاريخية للثورة الليبية أذكر منهم العقيد سالم بوشريدة والعقيد مسعود بلوط وكلاهما من المجموعة المعنية بالسودان ومنهم العقيد صالح الدروقي وجمعة الفزاني والسفير زعول السنوسي وآخرين تحت إشراف العقيد أبوبكر يونس وزير الدفاع . بعد جلسة قصيرة إنطلقت بنا السيارة إلي الفندق الكبير حيث تحدد اللقاء مع العقيد القزافي مساء نفس اليوم .
    ورغم الجو القارس فقد كانت حرارة اللقاء وحميميته مبددا لتلك البرودة لدي وصولنا الي خيمة العقيد بباب العزيزية , مساحة شاسعة تتهادي حول شجيراتها عدد من النوق الضامرة بينما يجلس عدد من افراد الحراسة الخاصة بالعقيد حول أعواد مشتعلة علي مقربة من مدخل الخيمة الواسعة . كان للشاي الليبي الأخضرالساخن مزاق خاص في ذلك الجو الملبد بغيوم شتاء الساحل الليبي بعد مباحثات ثنائية بين المهدي والعقيد كان موعدنا صباح اليوم التالي مع العقيد أبوبكر يونس وزير الدفاع الذي كان لقاءنا معه بمقره في وزارة الدفاع الليبية ولم يتأخر الليبيون عن الدعم المطلوب حيث أنجزت الرحلة مهمتها بتقدير كبير وتعاون متبادل مثمر إنعكس علي جوهر العلاقات بين البلدين عدنا ظهر نفس اليوم علي متن طائرة العقيد الخاصة من طراز فالكون مجهزة بكافة وسائل الراحة وبقيت العلاقة مع الأشقاء الليبيين علي كافة المستويات مدا وجزرا لكنها كانت دائما محل تقدير وثقة حتي في أحلك الظروف .


    نواصل























                  


[رد على الموضوع] صفحة 1 „‰ 1:   <<  1  >>

تعليقات قراء سودانيزاونلاين دوت كم على هذا الموضوع:
at FaceBook




احدث عناوين سودانيز اون لاين الان
اراء حرة و مقالات
Latest Posts in English Forum
Articles and Views
اخر المواضيع فى المنبر العام
News and Press Releases
اخبار و بيانات



فيس بوك تويتر انستقرام يوتيوب بنتيريست
الرسائل والمقالات و الآراء المنشورة في المنتدى بأسماء أصحابها أو بأسماء مستعارة لا تمثل بالضرورة الرأي الرسمي لصاحب الموقع أو سودانيز اون لاين بل تمثل وجهة نظر كاتبها
لا يمكنك نقل أو اقتباس اى مواد أعلامية من هذا الموقع الا بعد الحصول على اذن من الادارة
About Us
Contact Us
About Sudanese Online
اخبار و بيانات
اراء حرة و مقالات
صور سودانيزاونلاين
فيديوهات سودانيزاونلاين
ويكيبيديا سودانيز اون لاين
منتديات سودانيزاونلاين
News and Press Releases
Articles and Views
SudaneseOnline Images
Sudanese Online Videos
Sudanese Online Wikipedia
Sudanese Online Forums
If you're looking to submit News,Video,a Press Release or or Article please feel free to send it to [email protected]

© 2014 SudaneseOnline.com

Software Version 1.3.0 © 2N-com.de