|
|
 الخرطوم تعلن الحرب من طرف واحد بلاءاتها الثلاث
|
الخرطوم تعلن الحرب من طرف واحد بلاءاتها الثلاث
أوردت صحيفة سودانيزاونلاين في ملفها الإخباري التصريح التالي بعنوان (الخرطوم ما زالت ملتزمة باللاءات الثلاث) و هذا نصه " استنكر د/ قطبي المهدي المستشار السياسي للرئيس السوداني تحييد الموقف العربي تجاه الاحتلال الغاشم لفلسطين و العراق وعدم وجود استراتيجية عربية واضحة من أجل وحدة الصومال وسلام سيادة أراضيه. وقال د/ قطبي المهدي لدى مخاطبته مساء أمس الجلسة العامة للمؤتمر القومي العربي بفندق الهيلتون أن الخرطوم ما زالت ملتزمة باللاءات الثلاث و ستظل تحمى الأمة العربية من البوابة الجنوبية في معركة البناء و التحرير. وأضاف أن أعداء الأمة العربية تمكنوا من اختراق العقل العربي وتمييع الهوية العربية وبذلوا جهوداً كبيرة للتضليل السياسي وسط الشعوب العربية. وشكك د/ قطبي المهدي في نوايا الغرب تجاه الأمة العربية والإسلامية موضحاً أن المبعوث الغربي للشرق الأوسط من أجل تحقيق الديمقراطية والتعديلات الدستورية وإعادة النظر في المناهج الدراسية لا يحمل رؤى وأفكار لصالح الأمة العربية." انتهى
بذلت مجهودا كبيرا وساهرت الليالي وأنا أفكر لعلي أجد تفسيرا لهذا التصريح الغريب والذي أعتبره فعلا بمثابة إعلان حرب إذا كان من أطلقه فعلا يعني ما يقول. و إلا فالأمر له أهداف و مغزى يرمي إليه خاصة في هذا التوقيت علما بأن الأحداث حبلى بالتطورات في اتجاهات متعددة. من حقك أن تستنكر كرجل دولة و مستشار لرئيس الجمهورية و لكن ما قيمة هذا الاستنكار؟ أليس هو نوعا من ترداد أغنية الجامعة العربية تلك التي مطلعها النون المكعبة ( نستنكر – نشجب – نرفض). هل يريد د/ قطبي رفع المعنويات المحبطة للأمة العربية؟ وهو يخاطب مؤتمرا منتخبا يعرف مسئولياته ويدرك المصالح الحقيقية للشعوب التي يمثلها ، ولذلك لابد من تذكيره بالخطر الداهم . مقابل اتخاذ القرارات المناسبة و التصدي لتلك الهجمة الشرسة من أعداء الأمة حسب قوله. أولئك الذين اخترقوا العقل العربي وقاموا بتمييع الهوية و ممارسة التضليل السياسي. والسؤال الذي يطرح نفسه بقوة هل كان ذلك المؤتمر في إجازة عطلة صيفية ولسبب أو آخر لم يعود مما ترك الباب مفتوحا على مصراعيه كي يفعل أعداء الأمة ما يحلو لهم ويرتكبوا تلك الحماقات. وهل أيضا أن العقل العربي بتلك الهشاشة وقلة الحيلة حتى يتم الإجهاز عليه من الوهلة الأولى بالضربة القاضية ؟ أم أن مثل هذه الأسئلة لا تخطر علي بال أحد وهي تدخل ضمنا في ما هو مسكوت عنه.هل يريد أن تقود الخرطوم العاصمة العربية حسب زعمه ساحة المواجهة في هذا الزمن الصعب وأن القاهرة والرياض وطرابلس ودمشق وبيروت والدوحة وتونس لم تعد مؤهلة للقيام بذلك الدور؟ وهنا يبرز سؤال لا يقل أهمية عما سبقه هل الخرطوم عاصمة اللاءات الثلاث التي لا يريد د/ قطبي التنازل عنها أبدا حتى لو انطبقت الأرض علي السماء ، وأن نسيبة وأخواتها ومهيرة وأخواتها فضلا عن إخوانهم علي أتم الاستعداد للدفاع عنها ؟ أم يريد أن يرسل إشارة مبطنة إلي الطرف المفاوض له في نيفاشا ذو المنطلقات الإفريقية حسب زعمه ووفق المنهج الذي يبشر به ، ولابد من مواجهة ذلك بموقف عربي أصيل وتأكيد الإخلاص والولاء له من تصريحات تثلج صدر العرب ( لن أتنازل عنك أبدا مهما يكون).
أما اللاءات الثلاث التي أشار لها الدكتور خجلا ولم يسمها و لو نطق بها في رأي لما تمكن من مواصلة تصريحه وما أردفه من كلمات لأنها تجب ما بعدها. وتلك اللاءات هي ( لا للاعتراف لا للتفاوض لا للصلح) لقد تجاوزها للأسف الزمن الذي لا يرحم وذهبت إلي مزبلة التاريخ مأسوفاً عليها لقد كان موقفا شجاعاً في حينه ولكن للأسف العلة كانت فيمن نطق بها وأنها كلمة حق أريد بها باطل ارضاءاً للجماهير وتفويت الفرصة عليها من أن تثور وتغضب لأن في ذلك فناء تلك الأنظمة والقضاء عليها فهل يخاطر عاقل بما يملك. لقد تم حرق تلك اللاءات لحظة صدورها وتطيب الحاضرون بطيبها كي يعودوا أبطالا من جديد إلي أوطانهم بعد أداء فريضة الحج في الخرطوم. لقد كانت بحق لحظة لالتقاط الأنفاس لنظام فقد كل مقومات البقاء الشرعية كي يواصل المشوار من جديد. ربما يتمكن من الثأر لهزيمته في أيلول الأسود 1967م.
و أقول لك يا دكتوري العزيز أي لاءات ثلاث عنها تتحدث أما آن الأوان أن نصحو من هذا السبات العميق. أبعد كل الواقع الذي نشاهده أمامنا وبأم أعيننا تريدون أن نكذب ما نرى ونصدق شعارات جوفاء لا تغني ولا تسمن من جوع . إلي متي نظل ندمن هذا الفشل، لقد أفرز هذا الخطاب الشعاراتي المأساة التي تحولت إلي مرض معدي وانتشر كالكوليرا يدخل البيوت بدون استئذان. أما كان الأفضل الحديث عن الأسباب التي حالت دون تنفيذ تلك اللاءات إذا كنت يا د/ قطبي مصرا علي التمسك بها. هل ناقش ذلك المؤتمر القومي العربي الأسباب التي دعت إلي الاعتراف والتفاوض واستجداء الصلح مع العدو الإسرائيلي؟ واتفاق مدريد بين الفلسطينيين و الاسرائليين أكبر شاهد علي ذلك ، لقد تشابكت الأيدي و تصافحت و صفق الحاضرون.و الواقع يقول أيضا بأن ما يسمى دول الطوق مع إسرائيل قالت بوضوح تام نحن أدرى بالتفاهم مع جيراننا و نتمنى من الآخرين إذا لم يباركوا فليلتزموا الصمت.
وهنا أسألك مباشرة هل تم إعطاء الخرطوم أي ضمانات حتى تجدد تمسكها بتلك اللاءات؟ وهل ميزانية حكومة الخرطوم تسمح بتحمل تلك الأعباء؟ لقد أوشكت الخرطوم أن تضع حدا لحرب دامت عشرون عاما و دخلت في حرب أخري في دارفور، فهل بعد هذا كله إعلان حرب من طرف واحد ضد ما اسماه أعداء الأمة العربية وحماية البوابة الجنوبية في معركة البناء و التحرير. ما أشبه الليلة بالبارحة فبالأمس صدام حسين الرئيس المخلوع حامي عرين البوابة الشرقية من الفرس ، قبل أن يضمد جراح حربه الأولي دخل في حرب أخري لا تقل عنها ضراوة كانت مقدمة منطقية إلي ما آل إليه مصيره اليوم فهل النهج الصدامي له من يبشر به في السودان؟ أما من هم أعداء الأمة العربية في البوابة الجنوبية لا أدري من يقصد أو إلي من يشير ويغمز. ربما أفصح عن ذلك عندما يخاطب القمة العربية المرتقبة في تونس الخضراء . أما حديثه عن المشروع الغربي لدمقرطة المنطقة العربية ربما نخصص له مقال بمفرده.
معا من أجل سودان جديد
بدر الدين أبو القاسم محمد / طرابلس الغرب
|
|
 
|
|
|
|
فيس بوك
تويتر
انستقرام
يوتيوب
بنتيريست