فرص الإنتفاضة القادمة الفاضل عباس محمد علي

مرحبا Guest
اخر زيارك لك: 03-19-2024, 07:04 AM الصفحة الرئيسية

منتديات سودانيزاونلاين    مكتبة الفساد    ابحث    اخبار و بيانات    مواضيع توثيقية    منبر الشعبية    اراء حرة و مقالات    مدخل أرشيف اراء حرة و مقالات   
News and Press Releases    اتصل بنا    Articles and Views    English Forum    ناس الزقازيق   
مدخل أرشيف اراء حرة و مقالات
نسخة قابلة للطباعة من الموضوع   ارسل الموضوع لصديق   اقرا المشاركات فى شكل سلسلة « | »
اقرا احدث مداخلة فى هذا الموضوع »
11-26-2013, 05:49 PM

الفاضل عباس محمد علي
<aالفاضل عباس محمد علي
تاريخ التسجيل: 10-26-2013
مجموع المشاركات: 160

للتواصل معنا

FaceBook
تويتر Twitter
YouTube

20 عاما من العطاء و الصمود
مكتبة سودانيزاونلاين
فرص الإنتفاضة القادمة الفاضل عباس محمد علي

    فرص الإنتفاضة القادمة
    الفاضل عباس محمد علي

    كتب الصحفي بيت قست Pete Guest مقالاً بحثياً علي ست صفحات 36-41 بالعدد الأخير من مجلة نيوزويك - 18 نوفمبر - بعنوان : (بانتظار الثورة القادمة)، Waiting For The Next Revolution شارحاً الأوضاع السياسية الراهنة بالعديد من الدول الإفريقية، مثل القابون وقامبيا وإرتريا وبوركينا فاسو وزمبابوي والكنغو وأفريقيا الوسطي، ...ومتنبئاً باستشراف معظم تلك الدول لانتفاضات وشيكة مستلهمة من "الربيع العربي"،... خاصة فيما يختص بالاستفادة المثلي من وسائط الاتصال الاجتماعي، وتنظيم المجموعات الشبابية لنفسها،....ومتعرضاً للقاسم المشترك الأعظم بين معظم دول القارة:...وهو سيطرة أنظمة دكتاتورية لا همّ لها سوي الاستدامة في السلطة مهما كلف، وممارسة العنف المفرط ضد الخصوم السياسيين وقمع حركة الجماهير بقسوة وبربرية القرون الوسطي...وتوقف تلك الدول لدي المحطات التى تركها فيها الاستعمار...محطات التخلف الإقتصادي والاجتماعي......ويضرب الكاتب مثلاً لتردي الأوضاع المرتبط بالتشبث السرمدي بالسلطة...بحقيقة أن الثمانية وأربعين دولة جنوب الصحراء بها أربعون دكتاتوراً حكموا لأكثر من 20 سنة.
    والسودان واحد من تلك الدول، رغم أنه جاء عرضاً فى المقال، حينما استدل الكاتب بمقولة المفكر الغاني جورج أيتي عن زمبابوي والسودان:
    (لقد أجاد الأباطرة الحاكمون فيهما أحابيل إجهاض الانتفاضات)...
    The dictators had learned tricks to put down rebellions.
    وبالفعل، شهد السودان انتفاضة في سبتمبر/أكتوبر الماضي أعادت للأذهان "أكتوبر" الأصلي،...غير أن البطش الذي حاق بالثوار في تلك الأيام ليس له شبيه فى تاريخ السودان الحديث؛.... ثم جاءت عطلة عيد الأضحي المبارك، فانفض السامر، وأوي الناس لبيوتهم وقراهم، واسترخوا واستكانوا...وكأنا يا بدر لا رحنا ولا جئنا...ولم يعودوا للشوارع مرة أخري...فتنفس النظام الصعداء، وعاد لممارساته التقليدية المعروفة...من تضييق وكبت يخفي وراءه نهباً لا هوادة فيه لموارد البلاد لصالح الزمرة الحاكمة ورهطهم الأقربين،...... وفي نفس الوقت زرع الفتنة في صفوف الخصم، وتقريب فصيل علي حساب آخر...وإغرائه بثمة حكومة ائتلافية مزمعة، وضرب هذا بذاك playing them off ...فما عاد ممكناً تحديد الحليف الأقرب للنظام في الوقت الحالي: هل هو الإتحادي الديمقراطي بقيادة الميرغني وفي معيته سماسرة السوق العربي...أم هو حزب الأمة والمؤتمر الشعبي، خاصة وأن ما يربط هذين الأخيرين بالحزب الحاكم هو استرتيجية "الدستور الإسلامي...و نهج الصحوة" المشتركة...والغموض الذي يشوب هذا الفضاء هو المساحة التى يتحرك عليها النظام والهامش الذي يسمح له بالاستمرار حتي يقضي الله أمراً كان مفعولاً...المهم هو شل الخصم...(واشغل أعداي بأنفسهم...وابليهم ربي بالمرج!)...وفي هذه الأثناء، يتربع البشير وإخوانه ومن تبقي من "الحركة الإسلامية" علي مخلوفة السلطة التي قرفصوا سيقانهم فوقها منذ ربع قرن.
    ولقد خيّم اليأس علي النفوس، وراجت المقولات المثبطة عن بؤس الشعب وكسله... وعن بأس النظام الحاكم وشوكته وقابليته للصمود حتي يظهر المسيح الدجال...وتلك فى الحقيقة أكاذيب وعنتريات illusions and delusions لا يأخذ مروجوها في حسبانهم تاريخ الانتفاضات بالسودان وبدول المنطقة التي تغشّاها الربيع العربي: تونس فمصر وليبيا واليمن....تلك الانتفاضات التى أطاحت بأنظمة مدججة بقوي الأمن الأسطورية...أنظمة أكثر فاشية ورسوخاً من النظام السوداني.

    ولكن، علي كل حال، دعنا ننظر فيما يراه المراقبون من أسباب لتراجع انتفاضة سبتمبر وفشلها:
    • الحلقات الشبابية التى اضطلعت بدعوة الجماهير للخروج...ونظمتها في الشوارع ولقنتها الشعارات المدوزنة والمعبرة عن غضب الشعب ورغباته... لم تنضج تماماً وليس لها رصيد يذكر من الخبرة والتجارب...وتكاد تكون لجاناً تشكلت علي عجل ad hock بعيد اندلاع الانتفاضة وليس قبلها... ولم تبتدع لنفسها هيكلاً تراتبياً أو تنظيماً سرياً محكماً "مكرّباً" يربط بين كافة خلاياها...إن كانت لها خلايا أصلاً...ولم يتم التنسيق اللازم بينها وبين رصيفاتها بكافة أقاليم السودان، أو بينها وبين قوي الإجماع والحركة الثورية وكافة الهيئات والمجموعات المعارضة.
    • لم يتم التنسيق بين الداخل والخارج، أي مع تكتلات السودانيين بالمنافي المعادين للنظام بالضرورة منذ أن شردهم ودفعهم نحو الهجرة، ...كما لم تتم الاستفادة الكافية من الامكانيات المادية وغير المادية المتوفرة لدي أولئك الناشطين بالخارج،...حتي يتم نقل الصورة الصحيحة لما يدور بالسودان لمنظمات المجتمع المدني والأجهزة الإعلامية بالدول الحرة...واستقطاب تلك الجهات لصالح مطالب الجماهير المنتفضة...وإرسال الدعم اللوجستي اللازم للداخل...مثل اللابتوبات والهواتف النقالة (حبذا من نوع الثريا)...والكمامات الواقية من الغاز المسيل للدموع ...إلخ.
    • ظل معظم السودانيين متشبثين بأحزابهم التقليدية – الأمة والإتحادي والشيوعي...إلخ – وظلوا يتطلعون لمشاركتها بل قيادتها للإنتفاضة السلمية التي ما فتئت أدبياتها تبشر بها وتروج لها...ولكن تلك الأحزاب سجلت غياباً شبه تام إبان الانتفاضة...تاركة جماهيرها مثل حيّة رأسها مقطوع....ولاذت قيادات الأحزاب بالصمت إزاء ما كان يحدث فى الشوارع من بطش وترويع وتقتيل للمتظاهرين السلميين،...خاصة الحزب الاتحادي الديمقراطي...حزب الحركة الوطنية الذي علم الناس الخروج للشوارع منذ الكفاح ضد الاستعمار في اربعينات القرن المنصرم.
    • لا تخلو تلك المجموعات الشبابية من اختراقات أمنية وإخوانية تكشف أمرها وتفتّ فى عضدها وتخذلها وتبلغ عنها...كما فعل البعثيون في العراق وسوريا طوال فترات حكمهم...وكما تفعل الأنظمة الاستبدادية أينما وجدت.
    • لم تكن الصورة واضحة أمام الجماهير فيما يتعلق بأهداف الانتفاضة ومراميها وسقوفها والبدائل المطروحة إذا ما نجحت في الإطاحة بالنظام وإلغاء كافة مؤسساته،... ولم تسبق الانتفاضة حملة تثقيفية وتنويرية عن فكر وتنظيم ونظام الإخوان المسلمين، وعن ماهية ونوعية الديمقراطية المنشودة...وعن الربط بينها وبين التقدم الاقتصادي والتحول الاجتماعي...وعن كيفية الاستفادة من أخطاء الثورتين السابقتين – أكتوبر 1964 وأبريل 1985 – ...وعن إمكانية التحوّط ضد "سرقة الثورة" .
    • لم يتم الرصد الموثق اللازم للممارسات المعروفة عن رموز النظام في مجال الفساد المالي والإداري...باستثناء الشائعات التى يطلق بعضاً منها أجهزة أمن النظام نفسه...ولم تُنشر الوثائق اللازمة بالشبكة العنكبوتية، إلا ما ندر وما لا يشكل إلا النذر اليسير مما تتناقله المجالس،....ولم تتم الاستعانة الكافية بالعناصر السودانية المعارضة الموجودة بالدول الحاضنة للعقارات والاستثمارات والأرصدة التي نهبتها الطغمة الحاكمة وهربتها خارج البلاد، لرصد تلك الأشياء والتبليغ عنها بصورة متكاملة ومرتبة قانونياً... لجهات بعينها تحددها قوي المعارضة.
    • لم تستخدم الوسائل الحديثة فى الاتصال الجماهيري بالدرجة الكافية والإبداع اللازم...مثل رسائل الواتس أب والSMS الهاتفية التى يمكن بعثها لآلاف البشر خلال ثوان معدودات.

    عموماً، ما برح السودانيون يقلبون امورهم، مستلهمين الدروس المستفادة من الانتفاضة المجهضة...تدبراً وتحسباً للإنتفاضة القادمة...ويري المراقبون أنها آتية لا ريب فيها...طالما استمرت الأوضاع الإقتصادية فى التردي المخيف الذى بدأ منذ رفع الدعم عن المحروقات والبنود الاستراتيجية الاستهلاكية الأخري في سبتمبر الماضي...خاصة وأن الحكومة سادرة في غيها ولم تجبرها الانتفاضة علي تغيير موقفها من تلك القرارات الاقتصادية التعسفية...بل حسبت أنها كسبت الجولة وكسرت إرادة الشارع...فارتفعت معدلات الغرور والتبجح لدي قادتها والناطقين بإسمها.......وأصابتها حالة أقرب لفرفرة المذبوح (أو فجّة الموت).
    وفي نفس الوقت، خرجت الجماهير من تلك التجربة وهي أكثر وعياً بمتطلبات الثورة...وأكثر تمرساً وتفهماً لمواطن القوة والضعف لدي الخصم...وأشد حنقاً علي النظام بسبب الفظائع التي ارتكبها بشوارع العاصمة ومدني، من قتل متعمد بواسطة القناصة للناشطين البارزين وحملة الأعلام وقادة الهتافات..إلخ. ولقد طرحت القوي المناوئة للنظام مسألة الإنتفاضة "المحمية".
    فما هو نوع الحماية المطلوبة؟ وكيف ومتي يستخدم الثوار السلاح؟ وما هي الضوابط التى ستحكمه؟ وما هي الضمانات ضد التحول لشيء مثل ليبيا في أعقاب الانتفاضة التى يستخدم فيها السلاح؟ وكيف يتم كبح جماح القوي الحاملة للسلاح حتي لا تنزلق البلاد نحو مستنقع الحرب الأهلية التى نراها فى الصومال والكنغو وجمهورية أفريقيا الوسطي وسوريا...وفي ليبيا إلي حد ما؟
    القوي الحاملة للسلاح هي بكل تأكيد الفصائل التي تتألف منها الجبهة الثورية...وتقف الجماهير السودانية الآن فى أمس الحاجة لخدماتها داخل تلك المدن عندما تندلع الانتفاضة القادمة...إذ لن تقف الجماهير مكتوفة الأيدي كالحمائم الوديعة مرة أخري بينما يطلق النظام زبانيته في الشوارع يحصدون الصبية والأطفال برصاص القناصة...مع سبق الإصرار والترصد... وبدم بارد......فنحن لسنا مسيحيين ندير الخد الأيسر لمن صفعنا علي الخد الأيمن...رغم نبل وتحضر هذه القيمة السماوية الرفيعة...ومن الناحية الأخري، لن تخرج الجماهير المنتفضة وفي جعبتها، أي في طيات صفوفها، نفر يحملون السلاح، فهي مظاهرات سلمية، أليس كذلك؟...إذن، كيف تتم حراسة الإنتفاضة؟
    هنالك سيناريو مطروح في اوساط القوي المعارضة...وهو عمل عسكري استباقي مباغت يشل حركة أجهزة النظام الأمنية ويربكها ويجعلها متمترسة فى أوكارها وفى حالة دفاع وليس في مواقع الهجوم بالشوارع، ويا حبذا لو صاحب ذلك تحييد أو حبس للعناصر الأكثر خطورة بالأمن والدولة والحزب الحاكم...علي أن يتم كل ذلك بتنسيق مع قوي الانتفاضة المدنية التي ستندلق للشوارع بالتزامن مع التدخل العسكري القادم من لدن الجبهة الثورية.
    وهنالك سيناريو آخر يفضل إرجاء تدخل الجبهة الثورية بقدر الإمكان، ...ويركز علي تدعيم وترسيخ الصف الوطني، وتعميق عزلة النظام وتعرية وتفتيت التحالفات التي نجح في إنشائها مع هذه أو تلك من فصائل الحركة الوطنية، إعداداً للانتفاضة الشعبية التى ستشارك فيها جماهير تلك الأحزاب لا محالة...وهنا نتوقف تحديداً لدي الحزب الإتحادي الديمقراطي ودوره المنشود:

    • ما يقوم به السيد محمد عثمان وبعض أتباعه المقربين حالياً لا يشبه التاريخ المعروف عن هذا الرجل وحزبه وطائفة الختمية منذ أيام الراحل السيد علي الميرغني...فلقد كانوا دائماً في طليعة القوي التقدمية المناهضة لمخططات وممارسات الإمبريالية وصنيعتها الإخوان المسلمين بالمنطقة...ولا زلت أذكر الموكب الهادر الذى خرج بالخرطوم فى سبتمبر 1966 بقيادة حزب الشعب الديمقراطي والقوي الإشتراكية تضامناً مع جمال عبد الناصر وتأييداً لمحاكمة سيد قطب وقادة الإخوان المسلمين الذين أوشكوا أن يغتالوا عبد الناصر.
    • وفي تلك السنوات اللاحقة لثورة أكتوبر 1964 كان حزب الشعب الديمقراطي متحالفاً مع الحزب الشيوعي وإتحاد العمال في (التجمع الإشتراكي)...برغم قرار حل الحزب الشيوعي الصادر عن الجمعية التأسيسية بتآمر من جبهة الميثاق الإسلامي برئاسة حسن الترابي وحزب الأمة جناح الصادق المهدي....ولقد خاض التجمع الاشتراكي كافة المعارك السياسية بتلك السنوات...بروح عالية من التضامن والتعاون وتغليب المصلحة الوطنية والوقوف ضد مخططات الاستعمار الجديد (بزعامة الولايات المتحدة) وعملائه بالمنطقة...خاصة الإخوان المسلمين...إلي أن توفي مولانا السيد علي الميرغني عام 1968.
    • عندما استلم القوميون العرب المتحالفون مع الشيوعيين السلطة في 25 مايو 1969 عن طريق انقلاب عسكري نظمه الضباط الأحرار بدعم من المخابرات المصرية، نأي السيد محمد عثمان بنفسه عن ذلك الوضع الجديد كما اتضح من خطابه الذي ألقاه يوم تشييع الزعيم إسماعيل الأزهري عليه الرحمة في الأسابيع الأولي للنظام المايوي الجديد،... ورغم أنه لم يذهب مذهب الشريف حسين الهندي الذي ناصب النظام الجديد أعلي درجات العداء...وهاجر فوراً باتجاه إثيوبيا وشرع فى تنظيم وتسليح "الجبهة الوطنية" التى ضمت الحزب الإتحادي والإخوان المسلمين وحزب الأمة...إلا أنه لم يتماه مع النظام المايوي واحتفظ بمسافة معقولة تفصله عنه، وتمكنه في نفس الوقت من البقاء بالبلد للملمة شعث الاتحاديين والختمية...وربما كان ذلك الموقف بسبب المقت الشديد الذي يكنه الختمية للإخوان المسلمين أينما ثقفوهم...(ولقد ذكر لي أحد الخلفاء قبل أيام أن السيد محمد عثمان ليس متحمساً لقوي التحالف بسبب وجود الترابي والمؤتمر الشعبي وسطها...وهم متردد في الانسحاب من الحكومة خشية أن يأتي فى مكانه الترابي وصهره الصادق وحزباهما ويجددا الدماء فى عروق المؤتمر الوطني ويكتبا لسلطته عمراً جديداً). وإنني إذ أتحفظ علي هذا الرأي، ربما يأتي الرد عليه من خلال السرد أدناه.
    • بعد انتفاضة أبريل 1985 وقف السيد محمد عثمان موقفاً وطنياً لا يمكن نسيانه بسهولة، وهو التقارب الذى حدث بينه وبين الراحل جون قرنق وحركته الشعبية...والاتفاق الذى تم بين حزبيهما فى أديس أبابا يوم 16 نوفمبر 1988 المسمي "مبادرة السلام السودانية"، فى أجواء التشنج الإسلاموي الذي صاحب "نهج الصحوة" الصادقية...وفي الوقت الذى كانت الجبهة الإسلامية ترفع شعارات الجهاد والفتنة ضد الجنوبيين،... وقد كافأها السيد الصادق علي تلك المواقف المتطرفة بإدخالها فى حكومته الإئتلافية فى نفس تلك الأيام.
    • ولقد مهدت اتفاقية أديس أبابا للتفاهمات اللاحقة بين الحركة الوطنية وحركة جون قرنق، بعد أن سطا الإخوان المسلمون علي السلطة فى 30 يونيو 1989، ...تلك التفاهمات التي قادت لتأسيس التجمع الوطني الديمقراطي المعارض داخل سجن كوبر مع نهاية عام 1989...من الحزب الإتحادي والحركة الشعبية وحزب الأمة والشيوعيين والنقابات العمالية والمهنية..إلخ....والتي تمخضت عن مؤتمر القضايا المصيرية بأسمرا فى يونيو 1995...حيث تبلور التجمع بشكله النهائي المنظم...وأخرج مواثيقه وانتخب قيادته وعلي رأسها السيد محمد عثمان الميرغني ونائبه الدكتور جون قرنق.
    • ولن ينسي التاريخ أن التجمع ظل حاضراً وصامداً ومنافحاً لنظام الإخوان المسلمين بلا هوادة...سياسياً وعسكرياً وإعلامياً...منذ ميلاده حتي يونيو 2005 عندما توصلت حكومة البشير لإتفاقية السلام الشامل CPA مع الحركة الشعبية بنيروبي في يناير من ذلك العام...ثم اتفاقية القاهرة مع باقي التجمع فى يونيو من نفس العام...ونتيجة لذلك عاد المعارضون للخرطوم وانخرطوا فى مؤسسات النظام التنفيذية والتشريعية والولائية...ودخل المجلس الوطني (البرلمان) "بالتعيين" كل من الأستاذ فاروق أبو عيسي وفاطمة أحمد إبراهيم وعبد العزيز خالد وثلة من قادة الحزب الشيوعي وكل مكونات التجمع...غير أن السيد محمد عثمان ظل باقياً بالمنفي، ولم يهرول نحو الخرطوم...إلي أن حدثت وفاة شقيقه السيد أحمد يوم 2 نوفمبر 2008...وفي اليوم التالي عاد السيد محمد عثمان للعاصمة السودانية مصطحباً جثمان أخيه...وخرجت الخرطوم وضواحيها عن بكرة أبيها لاستقباله...تماماً كما حدث عام 2005 في استقبال جون قرنق.
    • غير أن السيد محمد عثمان لم يستثمر تلك اللحظات الدقيقة ذات المؤشرات الواضحة، ولم ينتبه إلي أن شعب السودان كان يبعث برسالة للنظام بذلك الاستقبال المدوي...إذ أن هذه الجماهير لم تخرج لاستقبال الراحل السيد أحمد في حياته عندما عاد للسودان يوم 8 نوفمبر 2001...رغم الحشد الذى سعت له الحكومة لما انتابتها من نشوة بسبب تلك العودة باعتبارها إسفيناً فى المعارضة ومحاولة لزرع الفتنة داخل بيت الميرغني.....عموماً، فاتت الفرصة علي السيد محمد عثمان فى توجيه الزخم الجماهيري لصالح أجندته السياسية...وهي في تلك اللحظات: "الوفاء بالتزامات اتفاقيتي نيروبي والقاهرة...خاصة بند التحول الديمقراطي وإلغاء القوانين الاستثنائية...وتفكيك ما تبقي من هيمنة دولة الحزب الواحد... وفتح الآفاق للديمقراطية التعددية.
    • ربما كان السيد محمد عثمان مثقل الفؤاد بفقد شقيقه الوحيد، ولم تسمح له أخلاقه بأن يخرج عن النص....ولكن أبالسة النظام هم الذين استثمروا تلك اللحظات، فطوقوه تماماً من باب الطائرة حتي ضريح السيد علي حيث دفن السيد أحمد...وأحاطوه بالمخبرين والعملاء، من النوع الذى انقسم بعد ذلك وانضم للمؤتمر الوطني....مثل أحمد علي أبوبكر "كحيل" وأبرسي وفتحي شيلا...ومن الذين لا زالوا بالحزب كالشخصية الخطيرة جداً (خال والي الخرطوم) الخليفة عبد المجيد...وأحاطوه بسكرتارية بها كوادر من المؤتمر الوطني، كما أخبرني الدكتور جعفر أحمد عبد الله قائد قوات الفتح بأسمرا، أيام النضال العسكري، وأحد الرافضين حالياً لمشاركة الحزب الاتحادي فى الحكومة...إبن الخليفة الإنقريابي أحمد عبد الله إبن خال السيد علي الميرغني...ولم يكف الرئيس البشير ونوابه عن زيارة السيد محمد عثمان عدة مرات كل يوم، مع ما تنطوي عليه زياراتهم المطولة من بروتوكول معقد وإرباك لبرنامج السيد محمد عثمان...ومما ساهم كثيراً فى إضعاف تواصله وتشاوره مع قادة حزبه...وهو ما أطلق عليه أحد العسكريين "برنامج قلق"...وهكذا وجد السيد محمد عثمان نفسه دائراً في حلقات النظام، متسربلاً بأحابيله التى لا تنتهي...ومن أهمها إنتخابات 2010.
    • كانت تلك الانتخابات عبارة عن طعمة سامة ابتلعها السيد محمد عثمان، إذ وافق عليها وباركها وندب أقرب المقربين له...المناضل الأستاذ حاتم السر علي...مرشحاً لرئاسة الجمهورية من قبل الحزب الإتحادي الديمقراطي...كما ندب المئات من المرشحين الإتحاديين الآخرين بدوائر المجلس الوطني بكافة أرجاء السودان...ولم يجن السيد محمد عثمان ولا حزبه أي شيء من تلك الانتخابات التى اكتسحها البشير ومؤتمره الوطني بنسبة مائة بالمائة تقريباً...فكانت مشاركة الاتحاديين بمثابة منح مصداقية وتقنين لتلك الانتخابات "المخجوجة" والمعروفة سلفاً بأنها نصبة كبري ولعب علي الذقون.
    • ومنذ تلك الانتخابات، ظل السيد محمد عثمان أسيراً للنظام بطريقة غير مباشرة بداره فى الخرطوم بحري، وكلما هم بالسفر خارج البلاد شغلوه بعدة لقاءات هامة مع المسؤولين، وربما كانوا يرسلون له بعض التهديدات المبطنة (كما ذكر لي أحد كبار الإتحاديين)،...وظل السيد محمد عثمان محاطاً بالنوع الخطأ من قادة الحزب...وبالتحديد أولئك المستفيدين من المشاركة فى الحكومة...عثمان عمر الشريف وأحمد سعد عمر والخليفة عبد المجيد...وهم الوحيدون من لجنة الثلاثين التي كونها السيد الميرغني قبيل مغادرته للندن فى أكتوبر الماضي...الوحيدون الذين رفضوا الانسحاب من الحكومة. (ويقول المثل السوداني...السوق يحمده الرابحه).

    علي كل حال، وجد السيد محمد عثمان نفسه الآن خارج السودان، فى لندن عاصمة الديمقراطية وحرية الرأي،....ومعه المناضل حاتم السر علي الذى جاءه موفداً من لجنة الثلاثين لينقل له رفض اللجنة للاشتراك فى حكومة البشير وقضائها بالانسحاب الفوري منها...وهذه فرصة تاريخية ثانية هيأها الحق عز وجل لمولانا...إما يتدبرها جيداً ويسعي لنصرة أهل السودان كما فعل عام 1995 عندما قبل برئاسة التجمع الوطني الديمقراطي واضعاً نفسه فى فوهة المدفع...وفى أعلي وأنصع صفحة من صفحات التاريخ...وإما يظل مستسلماً لأولئك الذين يلاحقونه بالتلفونات...ليس حرصاً علي الوطن...إنما علي مصالحهم بالبنك الإسلامي السوداني وغير ذلك......ولو انحاز السيد محمدعثمان لجانب الشعب مرة أخري، حتى لو لم يرجع للسودان، فإن ذلك سيعجل بذهاب النظام المترنح أصلاً.
    إننا بانتظار بيان صغير مقتضب من السيد محمد عثمان، يدين فيه النظام ويشجب مجازر سبتمبر، ويطالبه بالرحيل الفوري...حتي تستأنف إجراءات المرحلة الانتقالية التى كانت قد بدأت باتفاقيتي نيروبي والقاهرة عام 2005...وحتي يتم إخماد النيران المشتعلة بأطراف الوطن...وإعداد المناخ المناسب لعودة الجنوب والتئام اللحمة الوطنية السودانية....وسيهيء مثل هذا البيان أفضل الفرص للانتفاضة الوشيكة القادمة، بتجييش حزب الطبقة الوسطي...حزب الحركة الوطنية...وراءها بقضه وقضيضه.
    إن النصر معقود لواؤه بشعب السودان بلا أدني شك!
    ألا هل بلغت...اللهم فاشهد!
    والسلام.
























                  


[رد على الموضوع] صفحة 1 „‰ 1:   <<  1  >>

تعليقات قراء سودانيزاونلاين دوت كم على هذا الموضوع:
at FaceBook




احدث عناوين سودانيز اون لاين الان
اراء حرة و مقالات
Latest Posts in English Forum
Articles and Views
اخر المواضيع فى المنبر العام
News and Press Releases
اخبار و بيانات



فيس بوك تويتر انستقرام يوتيوب بنتيريست
الرسائل والمقالات و الآراء المنشورة في المنتدى بأسماء أصحابها أو بأسماء مستعارة لا تمثل بالضرورة الرأي الرسمي لصاحب الموقع أو سودانيز اون لاين بل تمثل وجهة نظر كاتبها
لا يمكنك نقل أو اقتباس اى مواد أعلامية من هذا الموقع الا بعد الحصول على اذن من الادارة
About Us
Contact Us
About Sudanese Online
اخبار و بيانات
اراء حرة و مقالات
صور سودانيزاونلاين
فيديوهات سودانيزاونلاين
ويكيبيديا سودانيز اون لاين
منتديات سودانيزاونلاين
News and Press Releases
Articles and Views
SudaneseOnline Images
Sudanese Online Videos
Sudanese Online Wikipedia
Sudanese Online Forums
If you're looking to submit News,Video,a Press Release or or Article please feel free to send it to [email protected]

© 2014 SudaneseOnline.com

Software Version 1.3.0 © 2N-com.de