|
الخرطوم الجميلة " للخلف دور/عواطف عبداللطيف
|
• تغنى بجمالها الشعراء فهي العاصمة الوحيدة في العالم ذات الثلاث ازرع " الخرطوم وامدرمان والخرطوم بحري " وكفاتنة حسناء تغمس اطراف ارجلها في مياه النيل الابيض والازرق وتكحل ناظريها بخضرة اعشاب النيل وشجر النخيل والنيم وربما الليمون وازاهير الفل والياسمين والغاردينيا وتوابعهم ومن اوائل العواصم التي عرفت معارض الزهور وحققت نجاحات وحصدت جوائز . • اين كل هذا وذاك والشوارع تضج بالارجل والايادي الكالحة التي ارهقها البحث عن سبل المعيشة الضنك تتمدد في اي سانحة وجدتها حتى ولو اشارة المرور حمراء .. بوابة السودان مطار الخرطوم يكتظ بالمسافرين والمودعين والعاملين فيجبرك الوضع ان تفرك اعينك مثني وثلاث لتميز بين إن كان هذا موظف او ضابط أمن ام شخص الى وجهة من بقاع العالم يحسده الناس انه اليها مغادرا حتى ولو لم يكن لرأس عمل او وظيفة تدر دخلا يوفر له حياة كريمة . • في زيارتي قبل عامين كان مطار الخرطوم يشبه مطارات دول العالم الثالث حيث سبقهم بخطوات واثقة من الازمنة البعيدة ولكن في زيارتي الاسبوع الماضي لم اجد فيه إلا تلك اللافتة التي تقول انه مطار دولي .. ما ان هبطنا الارض إلا وتدافع الناس للاسراع لملاقاة الاهل والاحبة وللفرح وربما لذرف الدموع ولمشاطرة الغبش لحمة الحياة فاذا الحابل يختلط بالنابل .. وقبل ان ينتظم القادمون امام كبائن المرور كان سماسرة الدخول كلا حصد مجموعة من الجوازات " ليجرى اللازم مقابل المعلوم " ولم تكن بالتالي هناك صفوف ولا يحزنون ..وحتى مغادرتي في رحلة العودة لم اجد اجابة شافية من هؤلاء وكيف تسربوا لهذه النقطة المعروفة حسب قوانين الطيران المدني والامن الخ ؟ • كيف سمحت سلطات اعرق المطارات لنفر يتواجد في هذه بقعة لياخذ " المعلوم " وباي عملة كانت دولار ريال يوروا او بقايا من جنيهات تمزقت اطرافها بين ايادي الباعة الجايلين وستات الشاي وصبيان مسح زجاج السيارات وتجار الشوارع لكل من صنع في بلاد الصين .. ملاعق .. فرش اسنان .. خلاطات .. مفكات ومكياج صارخ يشبه ارض الشمس المشرقة . • المواطن السوداني اضحى في حالة تسفار دائم ليس عبر المطارات ولكن بأرجله واياديه ولاي وجهة تسد رمق عيشه .. بات يبذل مشاعره دفاقة لانه لا يملك غيرها .. هذا فقط ما بقى من السودان الجميل يلتقي الناس بالاحضان وبضرب الاكف على الاكتاف فالعلاقات الاجتماعية هي وحدها لهم و ملكهم الحر الذي باتوا يبذلونه بعضهم بعضا او يستثمروه لحاجتهم الضاغطة ولانه لا يمر عبر اي منفذ حكومي او ميري .. ولا يدفعون مقابله اي رسوم وجبايات .. انهم في حالة ترحال دائم بحثا عن مصدر رزق طيب حلال او لقمة تسد فجوات الجوع القاتل الذي يغشاهم صباح ومساء ويعصر كبد صغارهم ويحصد ارواح احبابهم المتشافين من امراض بعضها ما عرف له علاج فلجوا للطب الشعبي والتوكل على العلي القدير الذي لا تضيع امانته .. • برغم هذا وذاك فما زالت السماء رحيمة بعبادها وتباشير شهر الخير والبركة رمضان هبت نسايم زخات المطر ببعض اقاليم الاوسط ايذانا باجواء ربيعية تقلل شيء من عطش الصيام ووفرة في الخضروات لتقلل وجع اسكنه في هذا البلد من يمسكون بمقاليد الامور وفرطوا في حقوق العباد فتدحرجت الخرطوم الجميلة للخلف دور.. عواطف عبداللطيف awatifderar1@gmail.com
همسة : يا ترى هل عبر المشاركون في المؤتمر الاعلامي مطار الخرطوم !!
|
|
|
|
|
|