وقائع المساعي والمسالك .. في محاولة لقاء جمال مبارك

مرحبا Guest
اخر زيارك لك: 04-26-2024, 11:59 PM الصفحة الرئيسية

منتديات سودانيزاونلاين    مكتبة الفساد    ابحث    اخبار و بيانات    مواضيع توثيقية    منبر الشعبية    اراء حرة و مقالات    مدخل أرشيف اراء حرة و مقالات   
News and Press Releases    اتصل بنا    Articles and Views    English Forum    ناس الزقازيق   
مدخل أرشيف اراء حرة و مقالات
نسخة قابلة للطباعة من الموضوع   ارسل الموضوع لصديق   اقرا المشاركات فى شكل سلسلة « | »
اقرا احدث مداخلة فى هذا الموضوع »
03-11-2004, 01:24 AM

نبيل شرف الدين


للتواصل معنا

FaceBook
تويتر Twitter
YouTube

20 عاما من العطاء و الصمود
مكتبة سودانيزاونلاين
وقائع المساعي والمسالك .. في محاولة لقاء جمال مبارك

    نبيل شرف الدين
    بداية .. لا يزعم صاحبكم، كاتب هذه السطور أنه مناضل أو مجاهد، أو يطمح إلى أن يكون هذا أو ذاك ذات يوم، كما لا يصنف نفسه في عداد المعارضين للأنظمة العربية، وفي صدارتها نظامنا المصري (رعاه الله) ، ولم يوقع يوماً على أي طلب للالتحاق بأي حزب سياسي، حتى لو بعث مثله الأعلى (سعد زغلول باشا) للحياة، وأسس حزباً فلن يلتحق به، لأسباب تتعلق بإيثار السلامة، فضلاً عن ضعف اعترى صاحبكم مؤخراً في "جهاز الانضباط" على كافة المستويات التنظيمية والفكرية وحتى الشخصية.
    كما يرى صاحبكم المتواضع بصدق، ومستعد للقسم على (قفة مصاحف) أن الحزب الوطني الديمقراطي (الحاكم) في مصر المحروسة، رغم كل ما يوجه له من نقد، فهو أفضل الأحزاب السياسية القائمة على الساحة المصرية، فهو على الأقل فاعلٌ ومتفشٍ في كل قرية وحارة، بينما بقية الأحزاب لا يعرف اسماءها سوى الزملاء المتخصصين في شؤون السياسة المصرية الداخلية، ولأسباب تتعلق بلقمة العيش.
    أما ما لا يمكن التنازل عنه من صفات فهو "الوطنية"، فمحدثكم أيها السادة "وطني بالفطرة"، ولا يقبل أي مناقشة في هذه المسألة تحديداً، ولعل بعض حضرات القراء يعرفون أن الكاتب سبق له العمل في دواوين الحكومة خمسة عشر عاماً، كان فيها نعم الموظف الأمين المنضبط، الذي لا يتأخر عن مواعيد عمله لحظة، ولا يدع شاردةً ولا واردةً ذات صلة بعمله دون أن يلم بها، ولم يكن مرتشياً ولا فاسداً ولا "بتاع نسوان"، ذلك لأنه بالأساس "فلاح" يؤثر السلامة، ورضع مع حليب أمه حكمة اتقاء غضب السلطة، ويعرف للسادة الكبار أقدارهم في موازين الرجال، كما أنه بصراحة يخاف من السجون خاصة سجن العقرب.
    بل سنذهب إلى ما هو أبعد، ونقول إن صديقكم الكاتب يصدق الحكومة، أي حكومة، ولا يتصور أنها يمكن أن تكذب أو تتجمل، ذلك لأنها ببساطة مهيبة الجانب، فماذا يضطرها للكذب وهو لعبة الضعفاء والخائفين، كما أنها ذات أياد بيضاء فلماذا التجمل والأصل أجمل ؟
    لهذا صدق الكاتب ـ ضمن ما يصدقه من دعوات حكومية ـ إلحاح السيد وزير المنظومة الإعلامية، أمين عام الحزب الوطني الديمقراطي في دعوة الشباب (الذين هم ذخيرة المستقبل) للتفاعل الإيجابي مع القضايا الوطنية، والانخراط في العمل العام، وعدم الاكتفاء بالتذمر وتجفيف البحر وتوجيه الانتقادات للسياسات والأشخاص دون طرح بديل، أو المشاركة في "الحوار الوطني" الذي يقوده معالي الوزير بنفسه، ومعه السيد جمال مبارك، كممثل لجيل الشباب، الذين هم في نفس عمري تقريباً يقفون على تخوم الأربعين.
    ومن هذه القناعة انطلق صديقكم كاتب هذه السطور إلى التفكير مليّاً في ما ينبغي عمله، وتفتق ذهنه عن فكرة مؤداها أن يقوم بمهمة تناسب دوره المهني كصحافي، ليحرض مزيداً من الشباب على الانخراط في العمل العام، والكف عن "الأنامالية" وروح الانهزامية الشائعة في الشارع المصري، والإقلاع عن السلبية والانسحاب وترديد عبارات من نوع "كبّر الجمجمة"، و"اشتري دماغك" وبقية أدبيات الإحباط هذه، لهذا ما المانع أن نبدأ باستضافة السيد جمال مبارك، باعتباره نموذجاً يحتذى في المشاركة والفاعلية، فضلاً عن دوره في الحزب على رأس أمانة السياسات ـ رعاها الله ـ وليكن هذا اللقاء عبر أقنية إعلامية جديدة مما اصطلح على تسميتها بـ "الميديا الجديدة"، وهي الصحافة الإليكترونية، ومن حسن الحظ أن محدثكم ـ غفر الله له ـ من الضالعين في هذا المضمار منذ بدايته، مع الأخذ بعين الاعتبار أن لهذه الميديا الجديدة شعبية متنامية بين جمهور الشباب والنخب الثقافية والاجتماعية، حتى أن أحد مواطنيها (النت ـ سيتزنس) يصفها بأنها باتت هواية ملكية، لما تم تسريبه مؤخراً من أنباء عن ولع بعض القادة والملوك والأمراء العرب والعجم بأضابير هذه الشبكة، وما يجري في دهاليزها وشوارعها الأمامية والخلفية.
    ......
    ولا أخفيكم سراً أنني أيضاً تحركت بدافع من "الطموح المهني"، فسوف أكون لو وفقت في هذا المسعى أول من يجري حواراً مع السيد جمال مبارك، وسأطرح عليه أسئلة معدة بعناية، فلا أسمح بهدر هذه الفرصة دون الاستفادة منها جيداً، وتوظيفها في حديث صحافي متقن، لكن أيضاً لم أكن أفكر مطلقاً في التسبب بأي حرج لسيادته، ولا إثارة حفيظته بعبارة أو مفردة غير لائقة، وكنت سأراجع كلماتي وعباراتي مرات ومرات قبل أن أدلف بها إلى السيد أمين السياسات في الحزب الوطني "الديموقراطي"، ذلك لأنني من المؤمنين حقاً وصدقاً بحرية التعبير المسؤولة، وأعرف "الخطوط الفاصلة" بين الديموقراطية والفوضى، كما أعرف أيضاً للرجال أقدارهم وكيف يخاطبون.
    لهذا .. وليس لغير هذا، استيقظت مبكراً ذات يوم مفعماً بالنشاط وحب الحياة، لم أشرب القهوة كما أفعل يومياً، بل تعمدت أن أحتسي كوباً كبيراً من "الجريب فروت"، وارتديت أفضل ما عندي من ملابس، واخترت عطراً غالياً لا استعمله إلا في المناسبات الهامة، وتوجهت إلى مقر الحزب الوطني "الديموقراطي"، وهناك على الباب أوقفني رجل الأمن سائلاً عن وجهتي، فقلت له بكل ثقة وفخر إنني "صحافي" وفي طريقي إلى أمانة السياسات لأقدم طلباً لإجراء حوار مع السيد جمال مبارك، فرمقني الرجل بنصف عين، وطلب بطاقة الهوية، فأخرجت له نصف دستة بطاقات للهوية، واحدة تحمل الرقم القومي، وأخرى تحمل شعار نقابة الصحافيين، وثالثة تحمل خاتم اتحاد الكُتّاب، ورابعة وخامسة، حتى أعاد لي ـ بطريقة لم أحبها لكن ابتلعتها ـ هذه البطاقات وأمسك بتلابيب بطاقة النقابة، وراح يجري اتصالات من داخل غرفته، وغاب نحو ربع ساعة، وأنا أتأمل النيل الساحر يتهادي أمام مبنى الحزب الواقع إلى جوار وزارة الإعلام ومبنى الإذاعة والتلفزيون الشهير باسم "ماسبيرو"، ورحت أردد بيني وبين نفسي لحناً وطنياً لسيدة الغناء العربي هو "حق بلادك" الذي تقول كلماته: "قوم بإيمان وبروح وضمير، دوس على كل الصعب وسير"، وأطل وجه رجل الأمن أو الاستعلامات، الحقيقة لم أهتم بمعرفة وظيفته، فقد كان هو من يسأل، ولست أنا، كما أنني لا أحب التعامل مع البيروقراطيين الصغار هؤلاء، ودعاني إلى غرفته ليخبرني بأن السيد جمال ليس موجوداً، ويمكن أن أراجع الأمر الأسبوع المقبل، وأعطاني بطاقتي الصحافية، وهو يرمقني كأنني خارج للتو من مستشفى الأمراض العقلية.
    تعودت ألا أناقش البيروقراط .. فهم يضيقون ذرعاً بالجدل واللغو، ووقتهم دائماً ضيق، وأحياناً ينفعل بعضهم ويشتمون، وفي كل الأحوال لا يتراجعون عن قراراتهم، فهي بالنسبة لهم "مسألة كرامة"، وهم أيضاً لا يعملون عند "اللي خلفونا"، لهذا أخذت بطاقتي من الشاب الذي كان يشبه أبا الهول في ثباته وثقته بالنفس وتحديه لعاديات الزمن، ولم أسمح لنفسي حتى بسؤاله عن اليوم المناسب أو الوقت المناسب من اليوم، أو أي من هذه التفاصيل، للأسباب التي سقتها آنفاً، كما أنه في نهاية المطاف ليس إلا "عبد المأمور" ينفذ التعليمات.
    .....
    خرجت يا سيداتي وسادتي الكرام وإيماني بالمستقبل والمشاركة والانخراط والالتحام لم يتزعزع قيد أنملة، فما حدث هذا طبيعي، والأمور ليست "سايبة" خاصة في هذه الظروف الحرجة التي يسرح فيها الإرهابيون ويمرحون في كل مكان، ويحشر الفضوليون وغريبو الأطوار أنوفهم هنا وهناك، لهذا التمست العذر للجميع، لنفسي أولاً، وللأخ البيروقراطي رجل الأمن أو الاستعلامات، لا أدري، وللسيد جمال مبارك طبعاً، وحتى لسائق سيارة الأجرة الذي كاد يصفعني، وهو ينبهني أن أفيق فلا أسير متهادياً بسيارتي كالسلحفاة، وعرجت على صحيفتي التي أعمل بها ـ وإن كنت في أجازة دون راتب ـ لألتقي بعض الزملاء والأصدقاء، وهناك سألني أحدهم عن سر هذا النشاط وتلك الأناقة وذلك العطر، وغمز لي بعينه إن كان في الأمر امرأة أو أن القلب مازال أخضر وقادراً وراغباً في الحب، والحقيقة اندهشت من هذا التفسير التآمري الذي يسيطر على عقول أصدقائنا وزملائنا المثقفين والصحافيين، وناشدته أن يتقي الله، فهو يعلم أنني أخاف على سمعتي التي هي أعز ما أملك، وربما آخر ما أملك، وعنفته طويلاً لمجرد التفكير على هذا النحو، وبعد أن تجاوزنا هذه المسألة التي وصفها الأخ الأستاذ الزميل بأنها كانت "مجرد دعابة"، ويبدي دهشته لانفعالي على هذا النحو من مجرد كلمة عابرة، رحت أنا أقص عليه ما حدث اليوم في مقر الحزب الوطني "الديموقراطي"، والزميل ينظر إليّ فاغراً فاه، كأنني مجنون أو أصابني مس عارض مما يعتري البعض في الكبر، لكنه تأكد من سلامة قواي العقلية على ما يبدو، حين قال لي بلهجة عتاب صادقة وأخوية، يا أخي الأمور لا تسير هكذا، بالله عليك كيف تتصرف على هذا النحو وأنت صحافي مخضرم، و"ابن حكومة" عملت في خدمتها خمسة عشر ربيعاً، فسألته: وماذا كان ينبغي أن أفعل؟
    قال الزميل إنه ينبغي أن أبحث عن وسيط له اتصال مباشر مع السيد جمال مبارك لينقل له رغبتي في إجراء حديث صحافي معه، ويشرح له أبعاد الفكرة وكيف ان الصحافة الإليكترونية مقروؤة على نحو واسع، وكيف أنها ستسهم في تجسير أي هوة بين المستويين القيادي والقاعدي ليس داخل مصر فحسب، بل وفي المهجر العربي والغربي، وبهذه الطريقة يتم استدعائي لتحديد موعد ويتم المراد.
    الحقيقة أنني اكتشفت في هذه اللحظة أنني مازلت أسير "الخيال الريفي"، فأتصور أن "عمدة بلدنا" وبيته المفتوح للحابل والنابل، يمكن أن يكون وضعاً مقبولاً ومستساغاً هنا في القاهرة، وكغريق يتعلق بقشة أمسكت برقبة زميلي، أسأله العون والمشورة في إنجاز هذا الأمل، فقال لي إن زميلنا، أو بالأحرى استاذنا الدكتور الاستراتيجي يمكنه أن يساعد في هذه المهمة، لو اقتنع ورغب في ذلك، واننا سنكون على اتصال لنرى ماذا تم من تطورات، وعلى أساس ذلك نحدد الخطوة التالية، وهكذا.
    خرجت مسرعاً بنفس الهمة والنشاط والأمل والرغبة في الحياة مسرعاً إلى مكتب أستاذنا الدكتور الاستراتيجي، وهناك وجدت ساعياً أحالني إلى موظف استعلامات، أحالني بدوره إلى سكرتيرة تحدثت في الهاتف نحو أربعين دقيقة، وردت على "الموبايل" في أثناء هذا الحوار الهاتفي المطول مرتين أو ثلاثاً، لا أذكر بصراحة لأني كنت مأخوذاً بالمناخ العام، فهو مناسب تماماً لبحث القضايا الاستراتيجية، ضوء خافت ناعم يتسلل بدقة من بين ثنايا ستارة لا أدري إن كانت معدنية أو من القماش الحديث، ولولا الخجل وخشية العواقب كنت نهضت من مقعدي لأتبين حقيقتها، وخلال هذه الدقائق الأربعين لاحظت أن الآنسة السكرتيرة تدق على "لوحة المفاتيح"، أو "الكي بورد" ببراعة رغم انشغالها في حديث لم أسمح لنفسي بالتلصص عليه والله شاهد على ما أقول، لكن من لغة المخاطب فهمت أنه مع رجل، ولم أذهب في فضولي إلى ما هو أبعد من ذلك، وسرحت أتأمل اللوحات المعلقة على الجدران، والأثاث الفاخر البسيط، والموسيقى الناعمة التي يبدو أنها معدة خصيصاً للتأمل الاستراتيجي، حتى أفقت على صوت الآنسة آمراً : "نعم"، فقلت : "نعم الله عليك، كل ما في الأمر أنني أريد مقابلة الدكتور لأمر هام"، فسألتني عما إذا كان هناك موعد سابق فنفيت، فطلبت مني أن أترك أرقام هواتفي ووسيلة الاتصال بي، وسوف تبلغني بموعد المقابلة، لأن الدكتور "عنده مييتنج"، وجدول مقابلاته مزدحم اليوم وغداً وبعد غد، وستعرض عليه الأمر، لكن ينبغي أن أخبرها بسبب المقابلة، فحاولت التذاكي والتخابث الريفي عليها قائلاً "لا شئ، نحن زملاء وهناك أمر ما، أريد أن أتحدث معه بشأنه"، فاحتقن وجهها، ولم أكن أتصور أنها يمكن أن تغضب لهذا الحد، قائلة: "يا أستاذ كل من يريد لقاء الدكتور لابد أن يكون لسبب أخبره أنا به، ولهذا أنا هنا"، فرويت لها قصتي وقبل أن أصل إلى منتصفها استعجلتني قائلة: "يعني بخصوص طلب مساعدة الدكتور في لقاء السيد جمال مبارك"، فأجبت بالإيجاب، وهنا لمحت طيف ابتسامة، الحق أن الآنسة كانت بارعة في إخفائها بسرعة، ووعدتني بالاتصال وإبلاغي بموعد المقابلة، ونهضت من مقعدها في إشارة إلى انتهاء المقابلة، فخرجت أتمتم بعبارات الشكر والثناء والإطراء والدعوات الصالحات بظهر الغيب.
    ......
    بكل صدق أؤكد لكم أعزائي أن كل هذا لم يمس حماسي ولا نشاطي وهمتي وحبي للحياة والناس ورغبتي العارمة في المشاركة والانخراط والالتحام بالجماهير، وخرجت على أمل اللقاء، وأنا أفكر في شخص آخر إلى جانب الدكتور الاستراتيجي، ليعزز مطلبي، وبينما أنا غارق في التفكير والتأمل إذا ببعض رجال الأمن يطلبون مني ومن آخرين الانتظار قليلاً، حتى عبور سيارة سوداء فاخرة، سألت أحدهم كان بجواري عن الشخص الذي تقله، فلم أتبينه من فرط زحام المكان، فأخبرني ببساطة أنه "الأستاذ جمال"، فسألته "جمال مين ؟" فنظر لي شذراً كمن ارتكب فعلاً فاضحاً علنياً قال بضيق وتبرم: جمال مبارك يا سيدي، وقد صعقتني إجابته، الرجل الذي أتوسل الالتقاء به لإجراء حديث صحافي معه، يمر من هنا بينما أنا أبحث عنه في الشرق والغرب، وسخرت من الأقدار وكررت بيتاً للمتنبي بهذا المعنى، وأغنية لعبد الوهاب تقول معنى مشابهاً، ورحت أشق طريقي إلى حيث سيارتي لأعود إلى المنزل، فإذا بزميل يناديني، ولم أكن التقيته منذ شهور، يسألني أنت حقاً تحاول لقاء السيد جمال مبارك، ورغم دهشتي لمعرفته بالأمر، فقد أجبته بالإيجاب، ومن ثم سألته، وكيف عرف ذلك فقال إن زميلنا الذي نصحني بلقاء الدكتور الاستراتيجي هو من أخبره بذلك، وسأله إن كان يعرف وسيطاً يساعدني، فشكرت زميلي هذا في سري، الرجل مهموم بشأني، لكن الأخ الزميل الأستاذ الذي سألني عما إذا كنت أسعى للقاء السيد جمال، قال لي بلهجة لا تخلو من الشفقة والنصيحة معاً، أن أتكتم أمري، فلا أتحدث فيه مع الحابل والنابل، فها هو الزميل الذي تحدثت معه يشهر بي في كل مكان، ويروي القصة كأنها دعابة، والحق أن التفسير التأمري الذي ساقه لم يرق لي، ورحت ألقنه درساً طويلاً في التخلي عن نظرية المؤلمرة التي كانت سبباً في تخلفنا ونكباتنا، وألا يحمّل الأمور أكثر مما تحتمل، وأن "الدنيا لسه بخير"، وهنا تركني الزميل دون إذن أو سلام وانصرف كمن بدا يائساً من حالتي.
    عدت للمنزل، وقاومت رغبتي في تناول القهوة وطلبت عصير برتقال طازج، وهو طلب غريب أثار دهشة أمي، لكنها فرحت، فهو أفضل من "حرق الدم" الذي أمارسه يومياً في عشرات الفناجين من القهوة والسجائر، وكالعادة ولجت إلى الشبكة التي هي عالمي الحقيقي، وملاذي الأخير في هذا الزمن الردئ، وأعددت تقريراً أرسلته إلى زميلة في بيروت لنشره في "إيلاف"، كان يتناول تصريحات أدلى بها السيد وزير المنظومة الإعلامية وأمين عام الحزب الوطني "الديموقراطي"، عن أن مصر بدأت مكافحة الإرهاب قبل كل دول العالم، وأنها بدأت خطة طموحة للإصلاح والتغيير راعت في بنودها خصوصيتنا الثقافية والحضارية، وعدم اللجوء إلى القرارات المفاجئة التي تترتب عليها نتائج وخيمة، وأن مصر لا تنتظر نصيحة من أحد بشأن الديموقراطية، لأنها ـ أي مصر ـ تعيش أزهى عصور الديموقراطية بالفعل، وعلى الآخرين أن يوفروا نصائحهم لأنفسهم، وكنت في هذه اللحظة أستمع إلى إحدى الروائع القديمة التي تقول كلماتها "كايده العزال أنا من يومي"، التي تذاع بمناسبة وفاة المرحومة عايدة الشاعر اليوم، عبر "إذاعة الأغاني" التي أشهد أمام الله والتاريخ أنها من أفضل إنجازات حقبة "المنظومة".
    المهم، جلست أراجع الصحف فقرأتها عن بكرة أبيها، وتأثرت كثيراً بتصريحات السيد رئيس الوزراء الدكتور عاطف عبيد التي دعا فيها أحزاب المعارضة إلى المشاركة في الحوار الوطني والربط بين خطوات الإصلاح السياسي والإصلاحات الاقتصادية التي تنفذها الحكومة
    وتأملت طويلاً قوله : "إن الحكومة تعاملت بديناميكية وسرعة تلبية مع الارتفاعات المتوالية للأسعار في كل أنحاء العالم"، وحمدت الله تعالي أن خلقني مصرياً، ورددت أمام ابنتي ضحى ذات الأعوام التسعة عبارة "لو لم أكن مصرياً لتمنيت أن أكون مصرياً"، وتجاهلت الرد على سؤالها الذي علقت به على هذه العبارة قائلة : "لماذا كنت تتمنى أن تكون مصرياً"، لأني اعتبرته من باب سذاجة الأطفال، الذين لا يعرفون قيمة النعمة بعد، ولم يدركوا بعد معنى أن يكون المرء مصرياً، "النيل رواه .. والخير جواه"، ورحت أغني مصريتنا حماها الله.
    ......
    فجأة أيتها الماجدات والأشاوس الكرام ساقني "لينك" أي رابط من موقع الصحيفة التي أعمل بها، إلى موقع الحزب الوطني الديموقراطي، ورحت ألوم نفسي، كيف فاتني أن للحزب موقعاً على الشبكة، خاصة وأن هناك قناعة راسخة لدى القيادة على اختلاف مستوياتها، رعاها الله وسدد خطاها، بأننا نعيش في عصر تدفق المعلومات، والسماوات المفتوحة، وفضاءات المعرفة، ولمدة ساعتين كاملتين طالعت كل رابط رئيسي وفرعي في الموقع، وقمت بتنزيل عدة وثائق وقعت في غرام إحداها كانت تحمل عنون: "حقوق المواطنة والديمقراطية"، والتي تؤكد مقدمتها "أنها تنطلق من تحليل للوضع الراهن، وما تحقق من إنجاز على مدار السنوات العديدة الماضية في مجالات الإصلاح المختلفة"، وعثرت على رابط لكتابة الملحوظات والمقترحات إلى الحزب، ولأمانة السياسات، فانتهزت الفرصة وكتبت رسالة عرفت فيها باسمي وصفتي وأرقام هواتفي وعناويني البريدية والإليكترونية، ورقمي القومي، مبدياً رغبتي في إجراء حديث صحافي مع السيد جمال مبارك، وسقت في هذا الصدد ما أسلفته من مبررات عن أهمية الحوار مع الجماهير، والانخراط في العمل العام، وأهمية الميديا الجديدة، والإيجابية في التعاطي مع القضايا الوطنية خاصة في هذه الظروف الدقيقة التي تمر بها المنطقة، وراجعت ما كتبته عدة مرات، ولأسباب تتعلق بثقتي المهتزة في نفسي اتصلت بزميل "واثق" وقرأت عليه ما كتبه، فقال "توكل على الله وارسلها" فلن تخسر شيئاً، وكان هذا ما حدث، أرسلتها يا سيداتي وسادتي سبع مرات، نظراً لإيماني ببعض الخرافات وتفاؤلي بالرقم سبعة، ونمت ليلتها بعمق وسلام، ممنياً نفسي بمستقبل مشرق للوطن، وتلاحم حقيقي للقيادة على اختلاف مستوياتها بقضايا الجماهير، مؤكداً لنفسي إن "الويب ماستر" أو المشرف الفني لن يجرؤ على إهمال رسالة كهذه موجهة إلى رجل مثل السيد جمال مبارك، الذي لن يتوانى عن التجاوب مع الأمر إيجابياً.
    .....
    مرت على هذه الرسائل السبع يا سيداتي وسادتي الكرام عدة شهور، الحقيقة أيضاً لا أذكر كم شهراً، لأنني أتعمد النسيان، تعلقاً بأمل الرد، ولو من خلال رسالة آلية كما يحدث حين يرسل أحدهم رسالة ما إلى الرئيس الأميركي عبر موقع البيت الأبيض، لكن ما حدث أن أحداً لم يرد، وأغلب الظن أن ذلك البيروقراطي الذي يعمل في تحديث الموقع المسمى "الويب ماستر"، ربما كان هو المسؤول عن تجاهل هذه الرسائل، أو ربما كان السيد مشغولاً خلال هذه الفترة بما هو أهم، خاصة وأن العالم والمنطقة والبلاد تشهد تطورات متلاحقة في فترة حرجة، أو ربما أن هناك خطأ فنياً ما حال دون وصول الرسائل، كل الاحتمالات مفتوحة، إلا احتمال وحيد هو أن يتجاهل السيد جمال مبارك رسائل من هذا النوع لصحافيين وطنيين يهيمون عشقاً بمصر، ويرضعون أطفالهم حبها، وينامون على لحن "مصريتنا حماها الله"، ويستيقظون على لحن "حق بلادك"، وبينهما سيمفونية فنان المرحلة الأستاذ شعبان عبد الرحيم، التي تقول: " باحب الحوار، بجد مش هزار"، ومهما كان الأمر فلن يمس حماسي وإقبالي على الحياة، ورغبتي الجارفة في المشاركة، والالتحام بالجماهير وقضاياها الملحة.
    وسأواصل محاولاتي، فلا تنسونا من صالح دعواتكم
    والله المستعان
    [email protected]























                  


[رد على الموضوع] صفحة 1 „‰ 1:   <<  1  >>

تعليقات قراء سودانيزاونلاين دوت كم على هذا الموضوع:
at FaceBook




احدث عناوين سودانيز اون لاين الان
اراء حرة و مقالات
Latest Posts in English Forum
Articles and Views
اخر المواضيع فى المنبر العام
News and Press Releases
اخبار و بيانات



فيس بوك تويتر انستقرام يوتيوب بنتيريست
الرسائل والمقالات و الآراء المنشورة في المنتدى بأسماء أصحابها أو بأسماء مستعارة لا تمثل بالضرورة الرأي الرسمي لصاحب الموقع أو سودانيز اون لاين بل تمثل وجهة نظر كاتبها
لا يمكنك نقل أو اقتباس اى مواد أعلامية من هذا الموقع الا بعد الحصول على اذن من الادارة
About Us
Contact Us
About Sudanese Online
اخبار و بيانات
اراء حرة و مقالات
صور سودانيزاونلاين
فيديوهات سودانيزاونلاين
ويكيبيديا سودانيز اون لاين
منتديات سودانيزاونلاين
News and Press Releases
Articles and Views
SudaneseOnline Images
Sudanese Online Videos
Sudanese Online Wikipedia
Sudanese Online Forums
If you're looking to submit News,Video,a Press Release or or Article please feel free to send it to [email protected]

© 2014 SudaneseOnline.com

Software Version 1.3.0 © 2N-com.de