نداء لاستنهاض الأمة بقلم الإمام الصادق المهدي

مرحبا Guest
اخر زيارك لك: 03-29-2024, 09:01 AM الصفحة الرئيسية

منتديات سودانيزاونلاين    مكتبة الفساد    ابحث    اخبار و بيانات    مواضيع توثيقية    منبر الشعبية    اراء حرة و مقالات    مدخل أرشيف اراء حرة و مقالات   
News and Press Releases    اتصل بنا    Articles and Views    English Forum    ناس الزقازيق   
مدخل أرشيف اراء حرة و مقالات
نسخة قابلة للطباعة من الموضوع   ارسل الموضوع لصديق   اقرا المشاركات فى شكل سلسلة « | »
اقرا احدث مداخلة فى هذا الموضوع »
03-15-2015, 03:11 PM

الإمام الصادق المهدي
<aالإمام الصادق المهدي
تاريخ التسجيل: 10-25-2013
مجموع المشاركات: 280

للتواصل معنا

FaceBook
تويتر Twitter
YouTube

20 عاما من العطاء و الصمود
مكتبة سودانيزاونلاين
نداء لاستنهاض الأمة بقلم الإمام الصادق المهدي

    02:11 PM Mar, 15 2015
    سودانيز اون لاين
    الإمام الصادق المهدي-
    مكتبتى فى سودانيزاونلاين



    بسم الله الرحمن الرحيم
    منتدى الوسطية العالمي
    المؤتمر الدولي تحت عنوان: ( دور الوسطية في مواجهة الإرهاب
    وتحقيق الاستقرار والسلم العالمي)

    الأردن/ عمان ( 14- 15/ مارس 2015م)



    محتويات

    مقدمة. 1
    ملامح تفرد الأمة. 1
    ملامح الضعف.. 1
    تشخيص حقائق الموقف.. 3
    الأهداف الواجب تحقيقها 4
    الحلول المرجوة 5


    مقدمة
    حضارتنا تفاعلت مع حضارات الإنسان تاريخياً أثرت فيها وتأثرت بها. وديننا يقول بكرامة الإنسان كإنسان وينفتح على الآخر الديني (لَكُمْ دِينُكُمْ وَلِيَ دِينِ)[1]. سيما الإبراهيمي: (قُلْ آمَنَّا بِاللَّهِ وَمَا أُنزِلَ عَلَيْنَا وَمَا أُنزِلَ عَلَى إِبْرَاهِيمَ وَإِسْمَاعِيلَ وَإِسْحَاقَ وَيَعْقُوبَ وَالأَسْبَاطِ وَمَا أُوتِيَ مُوسَى وَعِيسَى وَالنَّبِيُّونَ مِن رَّبِّهِمْ لاَ نُفَرِّقُ بَيْنَ أَحَدٍ مِّنْهُمْ وَنَحْنُ لَهُ مُسْلِمُونَ)[2].
    والحضارة الغربية الحديثة مصدر معارف في مجال الوجود الطبيعي والاجتماعي التكنولوجي ضرورية لتقدم الإنسانية، وللتنمية البشرية، والحياة الاقتصادية والتجارية في عالم اليوم تقوم على تكامل حقيقي، ووجودهم في بلداننا ووجودنا في بلدانهم صار من طبيعة الأشياء.
    هذا التداخل يقوم الآن على علاقات غير متكافئة وهو ما يثير غبناً في أوساطنا تزيد وتيرته حيثما كان الاحتكاك أكبر لا سيما الذين يعيشون منهم معنا والذين يعيشون منا معهم. هذا كله يوجب معاهدة (Concordat) تلزمهم باحترام عقائد وثقافة ومصالح الآخر وتلزمنا بالتخلي عن الشيطنة والاستعداء.
    تحتاج الأمة لنداء يرسي الأسس النظرية والخطط العملية الواجبة للخروج من مآزقها الراهنة ولتحقيق النهضة الشاملة، والريادة المرجوة لأمة البلاغ الخاتم.
    في هذا النداء وصف للأمة يحدد نقاط قوتها، وملامح ضعفها، ويشخص ملامح الموقف الراهن، ليخلص إلى تحديد أهم الأهداف الواجب تحقيقها لنيل النهضة المطلوبة، والخطط المرجوة لتحقيقها.
    ملامح تفرد الأمة
    إن لأمتنا الإسلامية بمكوناتها العربية، التركية، الفارسية، الآسيوية، الأفريقية، الأوربية، والأمريكية، وغيرها من القوميات الإسلامية الموزعة في كل قارات العالم المعمور ، تفرداً عظيماً:
    · رسولها المؤسس وحده بين الرسل أسس ديانة عالمية ودولة أممية.
    · كتابها المقدس وحده بين الكتب المقدسة مجمع على النص بين دفتيه.
    · الحضارة التي أسستها الرسالة المحمدية تفوقت على العالم المعمور في أطوارها العربية، والتركية، والفارسية، والهندية، والأندلسية لمدة ألف عام من القرن السابع الميلادي إلى القرن السابع عشر.
    · موقع هذه الحضارة الجيوسياسي المتربع بين قارات العالم العريق الثلاث: آسيا، وأوربا، وأفريقيا؛ موقع في صرة العالم، وفيه مهبط الأديان الإبراهيمية الثلاثة.
    · ومع هيمنة الحضارة الغربية الحديثة على العالم فإن لحضارتنا دوراً في صحوة أوربا من ظلمة عصورها الوسطى إلى فجر الحضارة الحديثة.
    ملامح الضعف
    الحضارة الغربية الحديثة بفكرها، وثقافتها، وقدراتها العلمية، والتكنلوجية، والعسكرية، استطاعت أن تبسط سلطانها على العالم وأن تخضع بلداننا له. عوامل الركود الفكري والاستبداد السياسي دمرت حيوية حضارتنا وجعلتها قابلة للاحتلال. وفي ظل هذه الهيمنة انقسمت ردود فعل مجتمعاتنا بين انبهار بالحضارة الوافدة لدرجة الاستلاب، ورفض لها لدرجة الانكفاء، وتيارات إحياء تحاول التوفيق بين التأصيل والتحديث.
    الحيوية الفكرية التي شهدت استصحاب كل ثقافات الإنسان وأظهرت استنارة فكرية هائلة تصدى لها علماء ركن بعضهم لباطن منعزل عن الحياة وركن بعضهم لظاهر النصوص وحرفيتها فأوقفوا تمددها وأبطلوا جدوى العقل البرهاني، والحيوية الفقهية التي شهدت اجتهادات نيرة تصدت لها عوامل أوصدت باب الاجتهاد. هكذا سيطر على ثقافتنا أمران حنطاها:
    الأول: فكر غيب العقل البرهاني، وفقه التزم التقليد.
    الثاني: تقديس للماضي جعل أنماط المعاملات في السياسة والاقتصاد، وهي بطبيعتها متحركة، جامدة؛ بحيث تستدعى – تلك الأنماط- في الحاضر لمواجهة قضاياه، مع أن جدواها أنها كانت صالحة لزمانها بظروفه الفكرية والاجتماعية ولا تصلح لزمان اختلفت ظروفه الفكرية والاجتماعية.
    الذين أيقنوا أن التأصيل يعني أتباع هذا النهج صاروا ينادون بالعودة لتلك التجارب الماضوية لمواجهة تحديات الحاضر في الحكم وأساليب كسب المعيشة. والذين أعجبوا بالفكر والثقافة الوافدة واعتبروا أن الدعوة للتأصيل تعني العودة لتلك الرؤى والممارسات الماضوية أعلنوا رفض ذلك الماضي فكراً وثقافة، واعتبروا أن الركون للفكر والثقافة الوافدين وممارساتهما هو مصير الإنسانية، فانطلقوا ينادون بمدارس علمانية، وقومية، واشتراكية، باعتبارها هي الأجدى في مواجهة تحديات الحاضر.. من هذا الفكر استمدت حركات التحرير الوطني سياساتها وأقامت نظماً ليبرالية أو قومية أو اشتراكية بمرجعيات علمانية. ولكي تطبق رؤاها في مجتمعات مسكونة بأفكار وممارسات تقليدية لجأت هذه التجارب عبر حركات انقلابية عسكرية لإقامة نظم استبدادية في كثير من بلداننا. هذه النظم مع اختلاف الشعارات التي رفعتها أخفقت لسببين هما: الأول: أنها جافت وجدان الشعوب بمواقفها العدائية للإسلام. والثاني: أنها جافت روح العصر بمواقفها العدائية لحقوق الإنسان.
    إخفاق هذه النظم في تحقيق مطالب الشعوب في العيش الكريم وفي الدفاع عن حرمات الأوطان في وجه الغزاة جردها من أية شرعية، واستدعى ضدها انتفاضات الربيع العربي.
    هكذا أخفق مشروع التحديث. بل أخفق برنامج الحداثة نفسه إذ لم يمكن الشعوب من مواجهة التحديات التي تواجهها لأنه تعلق بأنماط وافدة دون اهتمام بمطالب التأصيل.
    منذ الصدر الأول نشأ اتجاه:
    ما لم يعرفه البدريون ليس بدين، إتباع الصحابة هو الدين، هذا أساسا الفكر السلفي.
    إتباع الكتاب والسنة دون تأويل بل بظاهر النصوص هو الدين هذا أساس الفكر الأصولي.
    في العصر الحديث قال كثيرون بهذا الفهم السلفي كالشيخين محمد بن عبد الوهاب، ومحمد رشيد رضا. ومن تلاميذ الأخير محب الدين الخطيب مؤسس السلفية، وحسن البنا القائل بالتأصيل. السلفية تقوم على تقليد السلف الصالح، والأصولية تقوم على اتباع الكتاب والسنة.
    الشيخ أبو الأعلى المودودي هو الذي ربط ما بين التأصيل والولاية السياسية بمقولة الحاكمية لله امتثالاً لقوله تعالى: (إِنِ الْحُكْمُ إِلاَّ لِلَّهِ)[3]. إذا لم يلتزم الناس بهذا المبدأ فقد أشركوا. مقولة سيد قطب، من أقطاب هذه المدرسة: القاعدون عن أن الحاكمية لله هم جاهليون جدد.
    الأخوان المسلمون لا في عهد الشيخ حسن البنا ولا في عهد الشيخ الهضيبي لم يكفروا المجتمع غير الملتزم بالحاكمية كما عبروا عنها.
    دعاة السلفية على مدارس: مدرسة الشيخ الألباني قالت بالسلفية، كمدرسة الشيخ محمد بن عبد الوهاب بالسلفية وطاعة أولى الأمر. ولكن مدرسة أخرى من السلفية قالت بواجب الجهاد لتطبيق أحكام السلفية أي السلفية الجهادية كما يقول بها د. أيمن الظواهري، والسلفية الجهادية هي مبدأ عبد الله عزام. على يد عبد الله عزام تتلمذ أسامة بن لادن وتحول من السلفية الوهابية للسلفية الجهادية. هذا التوجه يتطابق مع تطور فكر أخواني بتأثير الشيخ المودودي والأستاذ سيد قطب نحو مقولة الحاكمية وتكفير المخالفين.
    تقول هذه المدرسة إن الحاكمية لله بالمعنى السياسي، وترفض وسائل العمل السياسي الحديث بل الوسيلة لتحقيق هذا الهدف هي الجهاد لتطبيق الشريعة في ظل دولة إسلامية، هذه هي الأفكار الحاضنة لأبي بكر البغدادي وأتباعه.
    هذا النوع من اجتهاد مسلمين ليس جديداً بل قال به الخوارج وبه فسروا قوله تعالى: (إِنِ الْحُكْمُ إِلاَّ لِلَّهِ)[4]. علة هذا الفكر أمران الأول: فسروا الآية – لا كما قال الإمام عليّ رضي الله عنه الذي قال للخوارج نعم إن الحكم إلا لله ولكنكم تقولون الإمرة لله وهذا خطأ- فهم فسروه مثلهم: إن الإمرة لله. والعلة الثانية: هي الالتزام بفهم ظاهري للنصوص وغيبة التدبر.
    هذه الاجتهادات موجودة في جسم الأمة الإسلامية ولكن ما الذي أبرزها الآن بالصورة المشاهدة؟ "الإرهاب":
    عبارة إرهاب في القرآن تعني التهيُّب: (وَأَعِدُّواْ لَهُم مَّا اسْتَطَعْتُم مِّن قُوَّةٍ وَمِن رِّبَاطِ الْخَيْلِ تُرْهِبُونَ بِهِ عَدُوَّ اللَّهِ وَعَدُوَّكُمْ)[5] أي لكي يهابكم عدوكم فلا يعتدي عليكم. عبارة إرهاب ليست ترجمة صحيحة لعبارة (Terrorism) بل الترجمة الصحيحة هي الترويع.
    ما هو الترويع (Terrorism)؟
    الحرب هي العنف المقنن الذي يواصل الاختلاف السياسي بوسائل أخرى. الترويع (الإرهاب) كذلك يفعل. ولكنه أسلوب مرفوض لثلاثة أسباب: لأنه يستهدف الأبرياء، ولأنه مباغت، ولأن القائمين به مخفيون، وهو أسلوب لا يرتبط بدين معين، ولا بقومية معينة، ولا بثقافة معينة، بل لجأت إليه جماعات من كل الأديان، ومن كل الثقافات، ومن كل القوميات في ظروف معينة، كما كان حال: ايتا في أسبانيا، والجيش الجمهوري في آيرلندا، والألوية الحمراء في اليابان، وبادر ماينهوف في ألمانيا. وحتى أسلوب الاستقتال المسمى التفجير الانتحاري فقد بين روبرت بيب في كتابه: "يستقتلون لينتصروا" أسلوب اتخذته كل الثقافات الإنسانية في ظروف معينة.
    القاعدة وأسمها قاعدة الجهاد ولدت في عام 1998م نمت في ظروف الغزو السوفيتي لأفغانستان ويومئذ وجدت هي وسائر المجاهدين دعماً كبيراً عربياً ودولياً، ونجحوا في طرد الغزاة من أفغانستان. اكتسبت القاعدة قدرات تنظيمية، وقتالية، وأسلحة تفوق قدراتها الذاتية، وبعد طرد السوفييت وما اكتسبت القاعدة من إمكانات وجهت اهتمامها لدور الولايات المتحدة باعتبارها الداعم لنظم الحكم في البلاد العربية التي تقف في طريق حاكمية الشريعة الإسلامية.
    مع عدم الموافقة مع أساليب القاعدة فإن لأهدافها تأييداً عريضاً في كثير من البلدان السنية، وجاء في مجلة الاكونمست بتاريخ 2/2/2002م تقرير استخبارات عربية خلاصته أن مسحاً أجري على مثقفين خليجيين خاصاً بالشريحة العمرية (25-40) أن 95% من هؤلاء يؤيدون أهداف بن لادن. النتيجة أن فكر القاعدة وجد رواجاً بسبب مظالم داخلية وهيمنة خارجية. وفي عام 2002م كانت القاعدة محصورة في أفغانستان ولكنها منذئذٍ تمددت في شبكة: القاعدة في الجزيرة العربية، القاعدة في المغرب، القاعدة في بلاد الرافدين، القاعدة في سوريا، جبهة النصرة، بوكو حرام، الشباب الصومالي، بيت المقدس، أجناد مصر، أنصار الشريعة، والقائمة تطول.
    موقف القاعدة صار مواجهة الوجود الأجنبي، الأمريكي، والنظم المتحالفة معه.
    الغزو الأمريكي للعراق رحب به عراقيون وقاومه آخرون.
    كان موقف الشيعة والأكراد أكثر تسامحاً مع الغزو الأمريكي للعراق باستثناء التيار الصدري، وهو أقرب لموقف السنة الرافض لهذا الغزو. وبعد عام من الاحتلال الأمريكي للعراق تركزت المقاومة له في التيار الصدري وعامة أهل السنة وبرزت مقاومة القاعدة نتيجة الاحتلال الأمريكي للعراق والترتيبات التي أجراها. اختل التوازن الطائفي والاثني في نظر السنة العرب في العراق ما أكسب القاعدة تأييداً أوسع في العراق.
    النظام في سوريا ينتمي لفكروية بعثية تآكلت وصار يعتمد على سند طائفي علوي.
    موجة الربيع العربي في سوريا قاومتها السلطة ومع الوقت اكتسبت طابعاً طائفياً وبرز دور جبهة النصرة وقوى لبرالية وديمقراطية ولكن القوى الجهادية السنية صارت أكبر وزناً.
    المقاومة السنية في العراق وفي سوريا وجدت نفسها تقاتل نظامين شيعيين تسندهما دولة مركزية شيعية: إيران. نعم هنالك دول سنية في الخليج دعمت المقاومة السنية، ولكنها دول تقليدية في وجه دولة شيعية ثورية، الفرق هو أن الدولة الثورية تطرح خطاً متعدياً للحدود القطرية، هذه العوامل هي التي جعلت فرع القاعدة في سوريا يتطور في اتجاه متعد للحدود، وثوري الأساليب لإقامة دولة مركزية سنية ثورية – داعش- خلافة تضارع الإمامة الشيعية في إيران.
    صارت داعش – إذن- تلبية لاحتجاج وتظلم سني ودولة مركزية ثورية سنية ومهما توحشت أساليبها فإنها لدى كثيرين تلبي تلك الأشواق وتعبر بصفة خاصة عن مشاعر سلفيين وسلفيين جهاديين.
    هذه الحركات المتصفة بصفات تجافي وسطية الإسلام وروح العصر لا يمكن قمعها بأساليب مكتفية بالجانب الأمني كما كان الحال في أفغانستان ضد طالبان ما زاد من شعبيتها.
    هنالك في نفوس المسلمين تطلع إسلامي وتطلع لاستصحاب حداثة العصر ما يبرز الحاجة لبرنامج يلبي الحاجة لتأصيل إسلامي وتحديث عصري يحقق حتماً: تجديداً في الحوكمة وأساليب كسب المعايش، وتجديداً عادلاً في العلاقات بين السنة والشيعة، وتجديداً في العلاقات الدولية نافياً للتبعية والهيمنة.
    هذا البرنامج هو الذي يسلب تيارات الغلو والعنف (الإرهاب) جاذبيتها ويحرمها من الظهور بمظهر المرافع عن قضايا مشروعة.
    إن إعلان حرب عالمية ضد دولة الخوارج التي أسستها داعش دون مخاطبة العوامل التي صنعت الاستعداد لفكرها في ثقافة المنطقة، وعوامل التظلم السني، يمكن أن يدمر الكيان العسكري لداعش، ولكن يمكن أن يؤدي لنفس النتيجة كما في حالة طالبان. ما لم نتمكن من صحوة ثقافية تحرر مجتمعاتنا من الانسداد الماضوي، ومن التظلم السياسي، ومن الغبن السني في البلاد الشيعية، ومن الغبن الشيعي في البلاد السنية، فإن مواجهة التذمر بالوسائل العسكرية لا سيما المعتمدة على قيادة أجنبية سوف تمنح قيادات الخوارج ذخيرة إضافية لتجنيد الشباب لنصرتها.. كان لطالبان وجود محدود يتمثل في مركز واحد في أفغانستان. ولكن أساليب التصدي لها غير المجدية بسطت وجودها في أفغانستان وفي باكستان. وكان للقاعدة مركز واحد. كذلك أساليب التصدي لها غير المجدية لها فرعت منها شبكة ممتدة في غرب أفريقيا وقرنها، وفي المغرب العربي، وفي المشرق حتى صارت القاعدة شبكة متجاوزة للحدود القطرية وتتبع أساليب مختلفة بمرجعية واحدة. داعش طورت أساليب القاعدة وهي بدورها الآن تمددت في المغرب العربي انطلاقاً من ليبيا وفي سيناء. وقد تتعدد هذه الإمارات في مناطق كثيرة على نهج داعش.
    هذه الحركات سوف تستغل انهيار الدولة الوطنية في بعض البلدان، وتظلم الشعوب في بلدان أخرى، واعتماد دول المنطقة على حماية أجنبية، والتناقضات الفكرية، والمذهبية، لتدعم أجندتها الخوارجية التي تصلح كتعبيرات عن الاحتجاج الصارخ ولكنها بدائل غير مجدية في مواجهة تحديات العصر.
    تشخيص حقائق الموقف
    ينبغي أن ندرك تشخيص حقائق الموقف وأهمها:
    ‌أ) إن الصعود الشيعي كما عبرت عنه الثورة الإسلامية في إيران هو رفض لسياسات الشاهنشاه الاستلابية، تمدد عبر تظلم المجموعات الشيعية الوطنية في البلدان ذات الأغلبية السنية. التمدد الشيعي هذا من حقائق الموقف في بلاد المسلمين.
    ‌ب) إن التطلع لمرجعية إسلامية في الشأن العام تطلع حقيقي، ووجود دولة مركزية للشيعة مع إنكار القوى العلمانية أن يكون للإسلام دور في الحياة العامة وبسط هيمنة الفكر والثقافة الغربية عوامل تدفع الميل نحو "الإسلام السياسي". تمدد الإسلام السياسي هذا من حقائق الموقف في بلداننا.
    ‌ج) إن العلاقة بين الأديان لا سيما أديان المنطقة ذات المرجعية الإبراهيمية لا يمكن أن تقوم في عهد المواطنة وحقوق الإنسان العالمية على الأنماط التقليدية. هذا المطلب جزء لا يتجزأ من الواقع الجديد.
    ‌د) حرية البحث العلمي ومنظومة حقوق الإنسان والمساواة في المواطنة وكفالة حرية الأديان تحت ظل الدولة المدنية من مطالب هذا العصر الكلية.
    ‌ه) العلاقة بين المجموعات القومية لا يمكن أن تخضع لقومية واحدة تنفي هوية الأخريات، ما يوجب معادلة قومية تسمح بالمساواة في المواطنة وبتعايش القوميات.
    ‌و) الاختلال الحاد في توزيع الثروة والدخل في المنطقة، في ظل نسب عالية للشباب، ونسب كبيرة للفقر، وللعطالة، مما يخلق احتقاناً وغبناً ويعطي كافة تيارات الاحتجاج والتظلم ذخيرة كبيرة ويساهم في دعم الغلاة وأساليب العنف. ما لم يطبق برنامج تنموي ذو مقاصد عدالية اجتماعية فإن هذه الحالة صالحة لبرنامج الغلاة.

    ‌ز) البعد الدولي في المنطقة يحمل مسؤولية غرس إسرائيل على حساب أهل فلسطين. ويحمل مسؤولية دعم نظم الطغيان وتغريب ثروات الأوطان لذلك تنظر إليه كثير من شعوب المنطقة بارتياب شديد وتتهم نواياه بأنها إما لصالح الطغاة ضد الشعوب، وإما لصالح إسرائيل، وإما لصالح هذه الطائفة أو تلك إخلالاً بالتوازنات. يمكن أن تقبل مساهمة دولية في مواجهة مشاكل المنطقة بشرط:

    - أن تكون المساهمة داعمة لتوافق الأمة ومساعدة له لا قائدة له.
    - ألا تكون المساهمة لصالح الظلم الإسرائيلي.
    ومن حقائق الواقع الشرعية الدولية القائمة على نظام الأمم المتحدة الذي يشكل عهداً بين دولنا وبين الأسرة الدولية برغم عيوب تكوينه الذي جرى في غيبة بلادنا، وأقام سيطرة للدول الخمسة دائمة العضوية في مجلس الأمن الدولي.
    كذلك ينبغي أن تعترف دول المنطقة بالجوار كحقيقة جيوسياسية. وبالروابط الدينية والقومية الأممية، وبالشرعية الدولية الحالية، وأن أمن أقطارها يتطلب تكاملاً أمنياً يمنع التدخل في الشؤون الداخلية، ويلتزم بالأمن المتبادل.
    ‌ح) يتطلع بعض أهل السنة للخلافة، وهي بصورتها الحقيقية اختفت منذ الصدر الأول وما وضعه العلماء من شروط لتطبيقها كما فعل الماوردي يجعلها تطلعاً مثالياً؛ كذلك يتطلع الشيعة، لا سيما الاثني عشرية، لعودة الإمام الغائب وهو كذلك تطلع مثالي؛ والواقع في كافة بلدان المسلمين يتطلب نهجاً في أمر الحوكمة مختلفاً، قال الغزالي: "أما الواقع في رتبة الضرورات فلا بُعْدَ في أن يؤدي إليه اجتهاد وإن لم يشهد له أصل معين".
    ‌ط) الحالة التعليمية الآن مأزومة ويتمثل ذلك في تخبط المناهج بين الانكفاء خاصة في التعليم الديني والاستلاب خاصة في الدول المقلدة للغرب، وقلة الصرف على التعليم، والتركيز على الأكاديمي وإهمال الفني، واتباع التلقين عوضاً عن الإبداعية وغيرها من المشاكل التي تعاني منها النظم التعليمية في البلدان المختلفة بنسب متفاوتة.
    ‌ي) إن المرأة في مجتمعاتنا تعاني من كثير من عوامل التمييز ضدها. وتشيع فيها مقولات تنسب التمييز للإسلام في ظل ثقافة حقوق الإنسان العالمية التي تنادي بحقوقها وتقر بتكريمها، وفي ظل تنامي الحركات النسوية المنادية بتحريرها، مما يسبب فتنة للمرأة المسلمة ويجعلها في تناقض بين دينها وثقافة عصرها.
    ‌ك) تحظى مجتمعاتنا بنسبة عالية من الشباب من الجنسين، وهؤلاء الآن يعانون من مشاكل كثيرة جعلتهم عرضة للإحباط والهروب من الواقع إما بالمسكرات أوالمخدرات أو الهجرة النزيفية للخارج؛ أو بالاحتشاد لصفوف الغلاة.
    ‌ل) هنالك الآن تجارب كثيرة مع الشعار الإسلامي في السودان، وفي مصر، وفي تركيا، وفي ماليزيا، وفي أندونيسيا، وفي تونس، وفي إيران، هذه التجارب تتطلب دراسة لأن الشعار الإسلامي كان قوياً في تعبئة المعارضة وواجه إخفاقات في تجربة الحكم ونجاحات، علينا أن نستعرض كل التجارب لاستخلاص نتيجة مهمة هي التوفيق بين التطلع الإسلامي وحقوق المواطنة.
    ‌م) الحركة الأخوانية كذلك بحاجة لكثير من المراجعات أهمها:
    · اجتهاد جديد حول شعار الإسلام دين ودولة فالدين من الثوابت والدولة من المتحركات ويقع خطأ كبير عندما نساوي بين الثوابت والمتحركات أي العقائد والعادات لأن مثل هذه المساواة تمنع حركة المجتمع وهي من سنن الحياة، ومع أن شعار الإسلام دين ودولة مفهوم في ظروف الماضي التي أفرزته فالموقف الآن يوجب نظرة أعمق تبين أن الإسلام دين ومقاصد اجتماعية ما يفتح الباب واسعاً لمراعاة حركة المجتمع.
    · وعلى الصعيد العملي فإن الأخوانية اهتمت كثيراً بالتنظيم والتمويل على حساب العمل الدعوي والفكري، صار التنظيم مقدساً لدرجة أن من معه هو المسلم لا غير وأن من يتركه يعد من الخوارج.
    · أعطوا المناورة دوراً كبيراً أودى بالثقة فإعلان موقف من الانتخابات ثم مخالفته والدخول في اتفاق مع الآخرين قبل الانتخابات ثم مخالفته عوامل أفقدت الثقة.
    · وبعد إجراءات يوليو 2013م لجأت قيادات اخوانية لإنذارات خاطئة: نرش بالدم- نولع فيها – نفجر البلاد – من معنا هم أهل الإيمان والآخرون كفار.
    إذن الحركة الأخوانية محتاجة لمراجعات كثيرة مهما واجهت الآن من تحديات فثمة رؤية فكرية تتعلق بدور الإسلام في السياسة وفي الدولة وثمة قوى اجتماعية مناصرة تحتاج لبلورة فكرية ومراجعة تنظيمية تناسب المرحلة.
    ‌ن) وفي منطقتنا دار تعارض بين شعار "الإسلام دين ودولة" وشعار "الدين لله والوطن للجميع". نحن بحاجة لاجتهاد جديد حول هذين الشعارين كالآتي:
    · شعار الدين لله والوطن للجميع بعيد من الوجدان الشعبي ولا بد من معادلة تشبع تطلعات الدين في ظل المساواة في المواطنة، هذا ممكن بل ضروري.
    · المساواة بين الأخوان والتيارات الجهادية غير صحيحة فالأخوان على استعداد لقبول الآلية الديمقراطية وبينما الآخرون يكفرون مجرد القول بها.
    · المبادئ التي ينهل منها الأخوان لن تزال بالقوة الأمنية لا سيما أن وراءها قوى اجتماعية حقيقية لذلك فإن شعار اجتثاث الأخوان لا يمكن تحقيقه لأنه سوف يقصي الأخوان للعمل السري والعمل الخارجي وربما التحالف مع نهج القاعدة ما يعني مقاومة مستمرة تؤدي في المقابل لسلطة قابضة لمواجهة هذه المقاومة.
    · قوى الدين لله والوطن للجميع مع استنادها لقوى اجتماعية كبيرة فهي مشتتة وإذا تولت السلطة فإن القوى ذات المرجعية الإسلامية أقدر على زعزعة سلطتها.

    الأهداف الواجب تحقيقها
    انطلاقاً من هذا التشخيص فنحن لن نستطيع مواجهة أزمة حضارتنا وتأزم نظمها السياسية ما لم نحقق الآتي:
    أولاً: صحوة ثقافية تمكننا من التعامل غير المنكفيء مع الوارد من الماضي، وغير المستلب مع الوارد من الخارج.
    ثانياً: إيجاد معادلة توفيقية للتأصيل والتحديث.
    ثالثاً: استصحاب منظومة حقوق الإنسان في التعامل مع التنوع الديني.
    رابعاً: صحوة في عالم السنة توفق بين التطلع الإسلامي والمساواة في المواطنة وتقبل التعايش مع الآخر الصوفي والشيعي.
    خامساً: صحوة في عالم الشيعة توفق بين التطلع الإسلامي والمساواة في المواطنة وتقبل التعايش مع أهل السنة.
    سادساً: تطبيق برنامج تنموي اقتصادي ذي أهداف عدالية.
    سابعاً: إقامة نظم حكم تحقق مباديء السياسة الشرعية المتطابقة مع مباديء الحكم الراشد.
    ثامناً: تحقيق إصلاح تعليمي ملتزم في برامجه بنتائج التوفيق بين التأصل والتحديث، ويهتم بالربط بين التعليم ومطالب التنمية.
    تاسعاً: الاعتراف بمظالم المرأة والتخطيط المبرمج لإزالتها.
    عاشراً: الإصلاح المخطط لحل مشاكل الشباب وتحقيق المشاركة اللازمة من أهم الواجبات.
    حادي عشر: تحقيق تعايش القوميات بما يوفق بين قومية الأغلبية والقوميات الأخرى تحت ظل المواطنة، كما في نهج صحيفة المدينة.
    ثاني عشر: تحقيق الأمن والسلام بين دول الأمة وبينها وبين الأسرة الدولية ضمن ضوابط تحقق أهداف الشرعية الدولية وتسعى لتطويرها نحو نظام عالمي أعدل وأفضل.
    الحلول المرجوة
    استصحاباً لهذه الأهداف الاثنى عشر نلتزم بالآتي:
    أولاً: مطلوبات الصحوة الثقافية النظرية:
    في عالم الدين نلتزم بالآتي:
    - الوحي والإلهام هما مصدرا ما لا يطوله عالم الشهادة، أي الإيمان.
    - الدين استجابة لمطلب فطري حول الغائية.
    - الدين أساس لشحذ الهمة الإنسانية.
    - الدين أساس غير نفعي للقانون الأخلاقي.
    أما في عالم الشهادة فإننا:
    - نقر بسيادة العقل في عالم الشهادة.
    - نقر بقدسية حقوق الإنسان في عالم المعاملات.
    - نعتبر العدل ميزان السياسة.
    - نقر بالمساواة في المواطنة.
    - توفير ضرورات المعيشة واجب إنساني.
    - تقوم العلاقات بين كيانات البشر على أساس السلام.
    ثانياً: المعادلة الصحيحة للتوفيق بين التأصيل والتحديث أن ينطلق التأصيل من الحقائق القطعية في الثوابت، ومشروعية الحركة في المعاملات. وأن ينطلق التحديث من استصحاب المعاني الكلية العقلية والإنسانية لا التبعية لثقافات الآخرين الذاتية ومصالحهم الوطنية. فيما يتعلق بالدولة ينبغي أن تكون مدنية لا يقال علمانية لأن علمانية ذات محمول أيديولوجي نافٍ للآخر، ولا يقال دولة دينية لأنه لا سلطة كهنوتية في الإسلام. أما عبارة مدنية فلا تنفي الآخر وتلتزم بالحرية الدينية للكافة وبإتاحة الفرصة لأصحاب المرجعية الدينية العمل من أجل مقاصدهم ما داموا يلتزمون بالمساواة في المواطنة وباتباع الأساليب الديمقراطية نافين تماماً الإكراه والعنف في أمر الدين. هذا على أن تعتبر الديمقراطية هي أفضل وسائل حسم الاختلافات سلمياً ما يوجب أن تضع الدول برامج تناسب ظروفها للتحول الديمقراطي السلمي. وبصرف النظر عن التطلعات المثالية للخلافة أو الإمامة فإن الواقع يلزمنا بالاتفاق على نظم تفتح المجال واسعاً لمطالب المؤمنين لتحقيق مقاصد عقائدهم في المجال التشريعي ما داموا يلتزمون بحقوق المواطنة وحرية الأديان، نظم تقوم على المشاركة، والمساءلة والشفافية، وسيادة حكم القانون، في شكل جمهوريات أو ملكيات دستورية.
    ثالثاً: فيما يتعلق بالتعايش الديني فإن واجبنا كمسلمين استصحاب منظومة حقوق الإنسان العالمية والعمل على إلزام أصحاب الملل الأخرى بالتزام مماثل. فكل حقوق الإنسان في مقاصد الشريعة الإسلامية وفي المواثيق الدولية تنبع من خمسة أصول هي: كرامة الإنسان، الحرية، العدالة، المساواة، والسلام.
    رابعاً: يلتزم أهل السنة بأن للإمام علي وضعاً تكريمياً خاصاً كذلك سائر آل بيت النبي محمد صلى الله عليه وسلم، وندين ونرفض أساليب الإسلام الأموي في الطعن في الإمام علي كرم الله وجهه. ونعترف بمذاهب الشيعة الفقهية المذهب الجعفري والزيدي. ونبذل للشيعة حقوقاً إيمانية متساوية ونتعامل معهم بالدعوة بالتي هي أحسن، ونعتبر أن ولاية الأمر أمرها شورى بين المسلمين يحددونها كما يشاؤون دون التزام بصيغة تاريخية معينة. وفيما يتعلق بالصوفية ندين تكفيرهم ونقول مع الإمام مالك: من تصوف ولم يتفقه فقد تزندق، ومن تفقه ولم يتصوف فقد تفسق، ومن جمع بينهما فقد تحقق.
    خامساً: أن يعترف الشيعة بأن تسلسل الخلافة التاريخي واقع لا مجال لمراجعته. هذا لا يمنع المقارنة والتفاضل بين الخلفاء، ولا يجوز سب الخلفاء الراشدين والصحابة الذين امتدحهم الله ورسوله صلى الله عليه وسلم، وللشيعة أن يعتقدوا ما يشاؤون حول ولاية الأمر دون أن يلزموا الباقين بها كما عليهم الاعتراف بمذاهب أهل السنة الفقهية. وأن يتعاملوا مع المسلمين الآخرين ببذل حقوق إيمانية متساوية وبالدعوة بالتي هي أحسن.
    سادساً: لا تستقر النظم القطرية في بلداننا مع فجوة كبيرة بين قلة ثرية وكثرة فقيرة. كذلك لا تستقر علاقاتنا البينية مع فجوة هائلة بين دول فقيرة وأخرى غنية، بينما يعاني أخوتهم فقراً مدقعاً. لذلك في إطار الأقطار وعلى صعيد الأمة ينبغي الاتفاق على برنامج تنموي استثنائي لتحقيق تنمية متكاملة ذات أهداف عدالية اجتماعية. بعد الحرب الأطلسية الثانية أنقذت الولايات المتحدة أوربا الغربية بدعم تنموي – خطة مارشال- كذلك فعل الاتحاد الأوربي مع دول جنوب وشرق أوربا الأكثر فقراً، وكذلك فعلت ألمانيا الغربية بألمانيا الشرقية. هذه حالات دعم تنموي استثنائي نقل البلدان المستفيدة من حال إلى حال. هنالك فرصة أن تتخذ إجراءات مماثلة عن طريق صندوق عربي إسلامي تنموي من شأنه أن يساهم في استقرار المنطقة لأن حجم الفقر والعطالة وتردي الخدمات في كثير من البلدان العربية الآن لا يمكن احتواؤه بإمكاناتها الذاتية.
    سابعاً: تقوم نظم الحكم على المشاركة، والمساءلة، والشفافية، وسيادة حكم القانون؛ تراعي قطعيات الوحي ومنظومة حقوق الإنسان.
    ثامناً: القومية العربية حقيقة تاريخية وحاضرة وتدعمها الثقافة العربية واللغة العربية. ويعايش العرب قوميات أخرى لأهلها ثقافات ولغات عريقة، كذلك الدول ذات المجموعات القومية الأخرى كالأكراد في تركيا. المطلوب بشدة الاتفاق على معادلات قومية تتعايش بموجبها قومية الأكثرية مع القوميات الأخرى في ظل المساواة في المواطنة. وأن يتم الاعتراف بالتعدد والتنوع الاثني والثقافي واحترام ذلك.
    تاسعاً: إبرام معاهدة أمنية للتعايش السلمي بين بلادنا يمكن أن تتطور لعلاقات اتحاد أوسع، ولكن في المرحلة الأولى يجري الالتزام بالمعاهدة الأمنية. كما تبرم معاهدة متفق عليها للتعامل مع الأسرة الدولية بما يحقق أهداف الميثاق العالمي الدولي، ويمنع أية تحالفات أجنبية تتعارض مع معاهدة الأمن الإقليمي المذكورة. والسعي لإصلاح نظام الأمم المتحدة ليكون أعدل وأفضل، وأن يشمل الإصلاح إنشاء مجلس للأديان.
    أمام تأزم حضارتنا هذا ينبغي أن تتنادى القوى الفكرية، والمدنية، والأكاديمية، والسياسية، لتداول التشخيص الصحيح وتتفق على العلاج للحالة. أما التخلف عن واجبات هذا النداء فإنه يعرض الأمة للانتحار بأيدي أهلها وسوف تفجر في تهاويها أمن وسلام العالم أجمع.
    عاشراً: البيئة الطبيعية ليست صماء بل (وَإِن مِّن شَيْءٍ إِلاَّ يُسَبِّحُ بِحَمْدِهِ)[6] وعالم الحيوان ليست موجودات بكماء بل هم: (أُمَمٌ أَمْثَالُكُم)[7]. الطبيعة تربطنا بها عوامل روحية وعاطفية وعقلية وهي ليست وجوداً عشوائياً بل تدل حقائقها على: (إِنَّا كُلَّ شَيْءٍ خَلَقْنَاهُ بِقَدَرٍ)[8]، وتدل على (وَالأَرْضَ مَدَدْنَاهَا وَأَلْقَيْنَا فِيهَا رَوَاسِيَ وَأَنبَتْنَا فِيهَا مِن كُلِّ شَيْءٍ مَّوْزُونٍ زون)[9]، إن الطبيعة وجود بالحق: (وَمَا خَلَقْنَا السَّمَاوَاتِ وَالأَرْضَ وَمَا بَيْنَهُمَا إِلاَّ بِالْحَقّ)[10]. وهو وجود بقدر وهو وجود موزون وهو وجود خاضع لسنن ثابتة يمكن للبشر من حيث هم بشر اكتشاف تلك السنن وتطويع الطبيعة بها. ولكن الجشع الإنساني صار يشكل خطراً على هذا الوجود الموزون. علينا تبني مشروع معاهدة بين الإنسان والطبيعة يلتزم بها الجميع ويعاقب من يتعدى حرماتها.

    ختاماً:
    كثرت اللقاءات، والمؤتمرات، وصدرت منها مئات التوصيات، ولكن كل هذا العطاء لم ينقذ منطقتنا من أنها اليوم الأكثر اضطراباً في العالم، تمزق سكانها معتقدات وافدة من الماضي، يواجهون بعضهم بعضاً بعصبية عمياء. وتمزقهم كذلك فكرويات وافدة، مشتبكة وفي صدام.
    هذه دلائل على أن استفادتنا من الفكر الإنساني والاجتماعي والتقدم التكنولوجي ضعيفة بالمقارنة مع استجلاب الأسلحة الحديثة ووسائل الاتصال الجديدة وتوظيفها في خدمة العصبيات.
    وبالإضافة لكل هذا الصدام فإن منطقتنا هي الأكثر خضوعاً لوصايات أجنبية، والأكثر تطلعاً في كثير من أوساطها لمنقذين من الخارج.
    التطلع لإنقاذ من الخارج يعبر عن يأس من القدرات الذاتية، لأن دور الإنقاذ من الخارج كما في أفغانستان، والعراق، وليبيا، مهما حقق من انتصارات عسكرية، فإنه أدخل معه عوامل التهاب زادت النيران اشتعالاً.
    أمام هذه الحالة المأسوية هل يكون لقاؤنا هذا إضافة لحوائط المبكى أم أن فيه قيمة جديدة تعطي نوراً في الطريق؟
    التشخيص الذي تناولته رسالتي لهذا اللقاء يدل على الحاجة الملحة لثلاثة أمور هي:
    · الحاجة لوضوح رؤية فكرية.
    · توصيات يسندها وضوح الرؤية.
    · إرادة سياسية تنزل التوصيات من التنظير إلى الفعل.
    فيما يلي وصايا أو توصيات تستند إلى التشخيص وتتطلب دراسة بهدف الموافقة عليها أو التعديل المقنع.
    أولاً: هنالك سبع نقاط اشتباك لا يمكن لطرفيها القضاء على بعضهما بعضاً بالحجة والبرهان في المدى المنظور ولا يمكن لهما القضاء على بعضهما بعضاً بالقوة الجبرية ما يوجب حواراً جاداً بين الأطراف المعنية لتحقيق تعايش بناء.
    أبدأ بالاشتباك الديني/ العلماني:
    الدين محمول إيماني، أخلاقي، اجتماعي حتمي للمجتمعات الإنسانية.
    آفة التجربة الدينية هي الانتقال من الثوابت الإيمانية، إلى اعتبار كل الحركة العقلية والاجتماعية من الثوابت، ما يفرض حظراً على العقل وعلى حركة المجتمع.
    وتقدم جماعات تدعي التحدث باسم الله باعتبار أن اتباع موقفها هو الدين، وتدعي الحق في ولاية الأمر لفرض ذلك الموقف. إنه إدعاء ثيوقراطي مارسته الكنيسة في التراث المسيحي فخلقت تناقضاً حاداً بين حركة العقل وحركة المجتمع وأدت لثورات التنوير ضدها.
    الموقف الإسلامي الصحيح هو أن في الدين ثوابت كالعقيدة والشعائر ومتحركات فيما يدركه العقل وفي المعاملات. في المجال العقلي فإن العقل في الإسلام حر للاجتهاد وفيما يدركه العقل بالبرهان، وفي مجال المعاملات فقد دعا الإسلام لمبادئ عامة تفسح المجال للعطاء الإنساني ولا تسمح لأحد في أمرها بإدعاء أن اجتهاده هو الدين الواجب الإتباع: ففي مجال المعرفة لا نقول أسلمة المعرفة فالمعرفة نشاط بشري حر علينا أن نلم به، وأن نجتهد لتحديد مقولات الإسلام في المعرفة لنسترشد بها والنتيجة: معرفة مسلمين وهي متطورة مع تطور اجتهادنا في فهم النصوص المنزلة، ومع تطور المعارف الإنسانية.
    وفي المجال السياسي لا نقول إسلام سياسي بل سياسة إسلاميين، والمعنى أنهم يسترشدون باجتهادهم في فهم المبادئ السياسية الواردة في نصوص الوحي، وبما يرونه من مطالب واقعهم والنتيجة تنسب لهم ولاجتهادهم.
    وهكذا في سائر المجالات كالاقتصاد والسيكولوجيا، والسيوسولوجيا، وغيرها من المعارف.
    إن مبادئ الإسلام تقبل وتحث على العقل البرهاني، وتقبل وتحث على الاجتهاد في أمر المعاملات، وتقبل وتعترف بمشروعية الاختلاف بين المجتهدين المسلمين، وتقبل التعايش بين الأديان، وتقبل المساواة في المواطنة، هذه حقائق يسندها الفهم الصحيح لمقاصد الشريعة وهو فهم يرفض تماماً الإكراه في الدين ويرفض تماماً أن تكون علة الاقتتال هي اختلاف العقيدة، بل علة القتال هي العدوان أو الفتنة في الدين أي إجبار المسلم أن يلفظ عقيدته.
    العلمانية الأصولية هي ثيوقراطية معكوسة تؤله الإنسان وتنكر الغيب.
    كان أعتى الطغيان الذي شهده تاريخ الإنسانية طغيان علماني فاشستي أو ستاليني. قال أحد مؤسسي المدرسة العلمانية، بيتر بيرقير: توهمنا أن العلمانية هي شرط الديمقراطية، ولكن الحقيقة هي أن الشرط هو التعددية. العلمانية التي تنكر حق أصحاب المرجعية الدينية في التعبير عن أهدافها والسعي لتحقيقها تخون مبدأها.
    ينبغي أن يعترف الطرفان بالحاجة للتخلي عن الثيوقراطية الدينية، والثيوقراطية المضادة: العلمانية، واحترام العقل في حدود مدركاته، ومشروعية التعددية الدينية والفكرية، وقبول المساواة في المواطنة. هذه المرجعيات مطلوبة للتعايش في مجتمع واحد.

    ثانياً: الاشتباك السني/ الشيعي:
    اشتباك له ما يفسره في تاريخ الأمة، هنالك نصوص حقيقية في فضل الإمام على كرم الله وجهه: ما قاله النبي محمد صلى الله عليه وسلم: " يَا عَلِيُّ أَمَا تَرْضَى أَنْ تَكُونَ مِنِّي بِمَنْزِلَةِ هَارُونَ مِنْ مُوسَى إِلا أَنَّهُ لا نَبِيَّ بَعْدِي؟"[11]، ومقولة النبي صلى الله عليه وسلم عن الحسن والحسين رضي الله عنهما: "هُمَا رَيْحَانَتَايَ مِنَ الدُّنْيَا"[12]. وهنالك نصوص كثيرة في فضل أبي بكر رضي الله عنه ما قاله النبي صلى الله عليه وسلم: "إِنَّ اللَّهَ بَعَثَنِي إِلَيْكُمْ فَقُلْتُمْ كَذَبْتَ وَقَالَ أَبُو بَكْرٍ صَدَقَ وَوَاسَانِي بِنَفْسِهِ وَمَالِهِ فَهَلْ أَنْتُمْ تَارِكُوا لِي صَاحِبِي مَرَّتَيْنِ فَمَا أُوذِيَ بَعْدَهَا؟"[13]. ومقولات النبي صلى الله عليه وسلم في فضل عمر، عثمان، والزبير، وأبي عبيدة رضي الله عنهم، وغيرهم كثيرة.
    وقد قال عنهم جمعياً المولى سبحانه وتعالى: (وَالسَّابِقُونَ الأَوَّلُونَ مِنَ الْمُهَاجِرِينَ وَالأَنصَارِ وَالَّذِينَ اتَّبَعُوهُم بِإِحْسَانٍ رَّضِيَ اللَّهُ عَنْهُمْ وَرَضُواْ عَنْهُ)[14]. هؤلاء الفضلاء اختلفوا في أمور كثيرة وارتكب بعضهم أخطاء كقتل خالد بني الوليد رضي الله عنه لبني جذيمة الذي تبرأ النبي محمد صلى الله عليه وسلم منه، والاختلاف حول حديث الإفك، وحول بيعة السقيفة وغيرها.
    فالاختلاف سنة بشرية وهم بشر ونحن الآن لا نستطيع حسم اختلافاتهم: (تِلْكَ أُمَّةٌ قَدْ خَلَتْ لَهَا مَا كَسَبَتْ وَلَكُم مَّا كَسَبْتُمْ)[15]. وأمرها: (اللَّهُ يَحْكُمُ بَيْنَكُمْ يَوْمَ الْقِيَامَةِ فِيمَا كُنتُمْ فِيهِ تَخْتَلِفُونَ)[16].
    لقد امتدح سبحانه وتعالى صحابة رسول الله صلى الله عليه وسلم: (مُحَمَّدٌ رَسُولُ اللَّهِ وَالَّذِينَ مَعَهُ أَشِدَّاءُ عَلَى الْكُفَّارِ رُحَمَاءُ بَيْنَهُمْ تَرَاهُمْ رُكَّعًا سُجَّدًا يَبْتَغُونَ فَضْلًا مِنَ اللَّهِ وَرِضْوَانًا سِيمَاهُمْ فِي وُجُوهِهِمْ مِنْ أَثَرِ السُّجُودِ ذَلِكَ مَثَلُهُمْ فِي التَّوْرَاةِ وَمَثَلُهُمْ فِي الْإِنْجِيلِ كَزَرْعٍ أَخْرَجَ شَطْأَهُ فَآَزَرَهُ فَاسْتَغْلَظَ فَاسْتَوَى عَلَى سُوقِهِ يُعْجِبُ الزُّرَّاعَ لِيَغِيظَ بِهِمُ الْكُفَّارَ وَعَدَ اللَّهُ الَّذِينَ آَمَنُوا وَعَمِلُوا الصَّالِحَاتِ مِنْهُمْ مَغْفِرَةً وَأَجْرًا عَظِيمًا) (29: سورة الفتح) وقد حققوا بالفعل إنجازات عظيمة في كل المجالات على رأسها حفظ وتوحيد النص القرآني آية لقوله تعالى: (إِنَّا نَحْنُ نَزَّلْنَا الذِّكْرَ وَإِنَّا لَهُ لَحَافِظُونَ)[17].
    ولكن اختلافاتهم أورثتنا عصبيات تنابزت بالألقاب: الروافض، والنواصب، هذا التعصب والتحزب سرطان للأمة وقد اشتعل الآن بصورة تبعث الحروب الأهلية التاريخية وتجعل أعداء الأمة يوظفونها لتدميرها.
    المطلوب إجراء مراجعات أساسية فيعترف أهل السنة بمكانة علي بن أبي طالب كرم الله وجهه وسائر آل بيت النبي محمد صلى الله عليه وسلم، وأن يسقطوا كل أدبيات التسنن الأموي وأن يعترفوا بمذاهب الشيعة الفقهية الجعفري والزيدي.
    كذلك على الشيعة أن يعترفوا بفضل الخلفاء الثلاثة ويسقطوا كل أدبيات التشيع الصفوي وأن يعترفوا بمذاهب أهل السنة الفقهية لا سيما المذاهب الأربعة.
    وأن يلتزم الطرفان بالعقائد الثابتة المجمع عليها: التوحيد، والنبوة، والمعاد، والأركان الخمسة، ما عدا ذلك يعتبر اجتهادات مذهبية تخص معتقديها ولا يترتب على الاختلاف فيها تكفير ولا اقتتال. ويلتزم الطرفان بالدعوة لمواقفهما بالتي هي أحسن وأن يكفل أهل السنة حيث هم أغلبية للشيعة حقوقهم، وأن يكفل الشيعة حيث هم أغلبية لأهل السنة حقوقهم.
    ثالثاً: الحركة السلفية فيما يتعلق بالثوابت والأخلاق التزام مشروع لكل المسلمين، حركات المسلمين التي تطبق الالتزام بالثوابت على المسائل المتحركة وتتطلب اجتهاداً مستمراً ترتكب خطأ لأنها بذلك تضع حجراً على العقل وعلى حركة المجتمع.
    أما الذين يطبقون منطق الثوابت على المتحركات باسم السلفية ثم يدعون لفرض موقفهم هذا على الآخرين باعتبار ذلك تطبيقاً لقوله تعالى: (إِنِ الْحُكْمُ إِلاَّ لِلَّهِ)[18] فإنهم يرتكبون نفس خطأ الخوارج، تسميتهم بالخوارج لا يعني تكفيرهم بل يعني أنهم خرجوا من نهج التدبر فقد قال عنهم الإمام علي إنهم فسروا قوله تعالى: (إن الأمر إلا لله) على أن الإمرة لله وهذا خطأ. ولم يكفرهم بل قال إنهم: "من الكفر فروا".
    إن هؤلاء تنتهي بهم مقولاتهم للمساواة بين موقفهم والإسلام وبالتالي تكفير الآخرين وهو نفس منطق القائلين بالحاكمية وفي الحالين إنه مدخل ينافي قوله تعالى: (لاَ إِكْرَاهَ فِي الدِّينِ)[19] وقوله: (وَقُلِ الْحَقُّ مِن رَّبِّكُمْ فَمَن شَاء فَلْيُؤْمِن وَمَن شَاء فَلْيَكْفُرْ)[20] وقوله حتى لنبيه المرسل: (أَفَأَنتَ تُكْرِهُ النَّاسَ حَتَّى يَكُونُواْ مُؤْمِنِينَ)؟[21] مقولات التكفيريين تؤدي حتماً لسفك الدماء على حد مقولة: "القاتل من أفتى بالقتل وليس المستفتي".
    وفي المجال الشيعي فإن ولاية الفقيه في الشعائر جائزة أما فيما يتعلق بالمسائل العقلية والمتحركات من معاملات فإن ولاية الفقيه تتنافى مع ولاية الأمة التي يتطلبها الإسلام.
    رابعاً: مسألة التعايش الديني: النصوص تسمح بفهم طائفي للإسلام مقابل الديانات الأخرى، وهي تسمح بفهم أوسع للإسلام، قال تعالى: (قُلْ آمَنَّا بِاللَّهِ وَمَا أُنزِلَ عَلَيْنَا وَمَا أُنزِلَ عَلَى إِبْرَاهِيمَ وَإِسْمَاعِيلَ وَإِسْحَاقَ وَيَعْقُوبَ وَالأَسْبَاطِ وَمَا أُوتِيَ مُوسَى وَعِيسَى وَالنَّبِيُّونَ مِن رَّبِّهِمْ لاَ نُفَرِّقُ بَيْنَ أَحَدٍ مِّنْهُمْ وَنَحْنُ لَهُ مُسْلِمُونَ)[22].
    هذا النص يفسره كذلك قول النبي صلى الله عليه سلم: "الْأَنْبِيَاءُ إِخْوَةٌ لِعَلَّاتٍ أُمَّهَاتُهُمْ شَتَّى وَدِينُهُمْ وَاحِدٌ"[23]. إن جهاد الطلب ليس مشروعاً بل الجهاد دفاعي، وجهاد الطلب في عالم اليوم يؤدي لنتائج عكسية. إننا من منطلق لا إكراه في الدين وقوله: (لَكُمْ دِينُكُمْ وَلِيَ دِينِ)[24] ينبغي أن نقترح بعنوان (ميثاق الإيمانيين) ما يكفل الاعتراف الديني المتبادل، والتعايش السلمي، والمجادلة بالتي هي أحسن، والترحيب بالانضمام الاختياري لنا وعدم معاقبة الذين ينضمون لعقائد أخرى نافين بذلك أية عقوبة دنيوية لتبديل الدين.
    خامساً: مسألة التعايش القومي:
    التنوع القومي من حقائق الكون، (وَمِنْ آيَاتِهِ خَلْقُ السَّمَاوَاتِ وَالأَرْضِ وَاخْتِلافُ أَلْسِنَتِكُمْ وَأَلْوَانِكُمْ إِنَّ فِي ذَلِكَ لَآيَاتٍ لِّلْعَالِمِينَ)[25] .
    العربية ثقافة ولسان وعلى طول التاريخ تمددت من مركز محدود إلى عالم عريض باعتبار ما قاله النبي محمد صلى الله عليه وسلم: "فَمَنْ تَكَلَّمَ بِالْعَرَبِيَّةِ فَهُوَ عَرَبِي"[26] ولكن هنالك قوميات ذات ثقافات غير عربية كالأكراد، والأمازيق، والنوبة، والزنوج، والبجا، والنوبيين وغيرهم. وهناك بلدان أكثرية أهلها غير عرب كالفرس، والأتراك وغيرهم.
    على قوميات الأكثرية احترام قوميات وثقافات المجموعات الوطنية الأخرى.
    ينبغي أن ندعو لميثاق ثقافي يوفق بين ثقافة الأغلبية والاعتراف بثقافات المجموعات الوطنية الأخرى.
    التوفيق بين الانتماء لثقافة الأغلبية كالعربية، والتنوع الثقافي للمجموعات الوطنية الأخرى واجب يمليه الواقع وحقوق الإنسان.
    سادساً: المسألة الاجتماعية:
    داخل كل قطر، وفيما بين الأقطار تباين تنموي واجتماعي يدل عليه وجود أقلية ثرية وكثرة عاطلة وفقيرة. صدر تقرير دولي عن التنمية البشرية في العالم في ربع القرن الأخير صدر في 2014م خلاصته أن المنطقة العربية عامة في ذيل العالم في مجال التنمية البشرية ولكن في مقدمة العالم في الفساد، وانتشار العشوائيات، ونسبة العطالة والفوارق الطبقية يبن قلة فاحشة الثراء وكثرة فقيرة.
    هذه حالة مشحونة بالاحتقان كما قال مظفر النواب:
    لا تلم الكافر
    في هذا الزمن الكافر
    فالجوع أبو الكفار
    مولاي ! أنا في صف الجوع الكافر
    ما دام الصف الآخر
    يسجد من ثقل الأوزار
    هذا التبيان يدفع بالدول داخلياً وفيما بينها لمواجهات تودي بالسلام الاجتماعي. ينبغي أن نرصد هذا التباين في مجالين القطري والبيني، وننادي لبرنامج تنموي بأهداف عدالية اجتماعية درءاً للانفجارات ذات الأسباب الاجتماعية الاقتصادية.
    سابعاً: التعاهد مع الدول الأخرى على أساس المواثيق الدولية من أجل السلام والتعاون واجب ولكن النظام الدولي الحالي صيغ في غيبتنا ما يلزم مراجعته على أسس عدالية، ولكن من عيوب النظام الدولي الحالي لجوء بعضنا إلى استنصار بالدول الكبرى في قضايا خلافاتنا. ينبغي أن نراجع هذا النهج لأنه في النهاية سوف يخضع مصير المنطقة لإملاء خارجي على حساب مصالح شعوبنا.
    القوى المؤثرة في منطقة الشرق الأوسط الكبير هي الآن: الأسرة العربية، والجمهورية الإسلامية الإيرانية، والجمهورية التركية، وإسرائيل.
    هنالك حقيقتان مهمتان في هذا المجال هما: أن الحلقة العربية هي الأضعف لأنها مفككة ولا تعترف بدولة مركزية، أما الحقيقة الأخرى فهي أننا لا يمكننا التطبيع الأمني مع إسرائيل طالما ظلت كياناً مغتصباً لحقوق الآخرين.
    هنالك حاجة عاجلة لجمع الشمل العربي بالوسائل الآتية:
    · تكوين قوة عربية لحفظ السلام لاحتواء الحروب الأهلية التي تعصف بالأوطان.
    · تكوين صندوق مارشالي الإمكانات لاحتواء الانهيارات التنموية.
    · تكوين مجلس حكماء من عناصر مؤهلة للنصح والتحكيم في البلدان التي تجاوزت أزماتها إمكانية علاجها داخلياً.
    لا يمكن تحقيق أمن في المنطقة إلا عن طريق مؤتمر أمن ثلاثي: عربي/ إيراني/ تركي، لإبرام معاهدة أمن إقليمي، هذه المعاهدة تحدد أسس التعامل مع الدول الكبرى وتحدد كذلك شروط التطبيع مع إسرائيل.
    ثامناً: دليل تطبيق الشريعة:
    تطبيق الشريعة لا يعني نظام حكم معين، ولا نظام اقتصاد معين، ولا نظام علاقات دولية معينة، ولكن في كل تلك الحالات يسمح باجتهادات تراعي الواقع المعاصر وتراعي مقاصد الشريعة وتطبيق الشريعة يعني تشريعات معينة تراعي حقوق المواطنة وتراعي ظروف العصر الحديث.
    شعار تطبيق الشريعة ذو أثر تعبوي كبير ولكنه في الواقع أدى إلى تباين واسع بين الشعار والواقع، لذلك ينبغي أن ندرس ونصدر دليلاً مرشداً حول معنى تطبيق الشريعة في العصر الحالي باعتبار أنه يتطلع لإحياء حاضري ومستقبلي لا استنساخ ماضوي.
    تاسعاً: مسألة الإرهاب أو الترويع:
    عبارة إرهاب القرآنية تعني الهيبة التي تمنع القتال، أما ما نسميه اللغة الحديثة إرهاباً فالترجمة الصحيحة له: ترويع.
    صارت الدول والجماعات تسمي كل من يعارضها إرهاباً ما يوجب علينا أن نحقق الآتي:
    · تقديم تعريف مانع للإرهاب كما ورد في ورقتي هذه.
    · أن نعترف بأن هنالك اجتهادات مسلمين تكفر الآخر وتستبيح دماءه.
    · ولكن الذي أنعش هذا الاجتهاد وأعطاه دوراً حديثاً وموله، وسلحه، ودربه، دول في المنطقة ودول كبرى لأغراضها. ولكن الأمر تمخض عن مولود جديد تحول ضد من رعاه وتحول من مركز واحد إلى شبكة من مراكز وإلى إمارات وإلى إدعاء "خلافة"، هذه الحركات غرفت من اجتهادات موجودة في جسم الأمة الإسلامية ولكن الذي فعلها عوامل خارجية بدءا من مقاومة الغزو السوفيتي لأفغانستان ثم الغزو الأمريكي لأفغانستان والعراق ثم الدور الأثيوبي في الصومال، ثم مآلات ثورة الربيع العربي في ليبيا، وسوريا، واليمن.
    المناداة بولاية لتطبيق الشريعة كما يراها التكفيريون تفرض تطبيق الشريعة بالقوة على الآخرين، باعتبارهم جاهليين، تغرف من اجتهادات موجودة في الجسم الإسلامي وتخاطب أشواقاً شائعة في المنطقة، وحتى أسلوب الإكراه يستمدونه من فهم خاص لتاريخ الإسلام يقول: إن الإسلام قد قام بحد السيف وانتشر بحد السيف. بل قال بعضهم يكفر من قال إن الإسلام لم ينتشر بحد السيف.
    إن التعامل مع الإرهاب الحالي باعتباره مجرد تحد أمني للدول القطرية وللنظام الدولي ما أوجب تحالفاً دولياً لهزيمته عسكرياً لا يجدي، بل إن قيادة الدولة الكبرى لمواجهة "الخلافة" المزعومة والإمارات المتحالفة معها يقوي تصويرهم لها كحملة صليبية ضد أهل القبلة، أو كحملة تحالف دولي شيعي ضد أهل السنة ما يزيد من تأييدهم في كثير من الأوساط.
    ما العمل؟
    إن ملتقانا هذا مؤهل أن يقدم التشخيص الصحيح للموقف والروشتة العلاجية المطلوبة وإلا فالنتيجة هي كزعم الفرزدق.
    زَعَمَ الفَرَزْدَقُ أنْ سيَقتُلُ مَرْبَعاً أبْشِرْ بطُولِ سَلامَةٍ يا مَرْبَعُ!
    وحتى إذا دمرت مراكزهم عسكرياً فما لم تعالج الأسباب فإن الآفة سوف تنبعث من فتاتها كالهيدرا.
    عاشراً: الملتقى التعليمي: الدعوة لملتقى تعليمي جامع يبحث ويحدد برامج الإصلاح التعليمي الذي يتناول التربية الدينية بصورة صحوية مبرأة من التعامل الانكفائي مع الماضي والتعامل الاستلابي مع الحاضر، ويجعل التعليم قاطرة للتنمية، ولنقل التكنولوجيا الحديثة ويستصحب المعارف الحديثة في كل مجالات المعرفة فهي إنجازات إنسانية وعقلية كان لماضينا فضل فتح أبوابها قبل أن يصيب حضارتنا الركود. ويهتم بالتعليم المهني والفني، تعليم يراعي مطالب المعرفة في الجوانب الإنسانية، والاجتماعية، والجمالية، والرياضية وسائر العوامل اللا صفية.
    حادي عشر: المرأة والشباب: ديننا كان رائداً في تحرير وتكريم المرأة ولكن اجتهادات بشرية تخلت عن مقاصده، الفكر الإنساني بخصوص المرأة تطور حتى بلغ معاهدة سيداو التي ينبغي أن نقبلها، مع التحفظ على غياب البعد الروحي الذي يغنيها، وعلى صياغة نصوصها استناداً على القالب الثقافي الغربي، وإنكار الأنوثة كقيمة أساسية، مع رفض أية تحفظات تتناقض مع مشروع كرامة المرأة. يرجى أن نصدر بياناً واضحاً يبين ما نعني بإزالة أسباب التمييز ضد المرأة واحترام حقها الإنساني والإيماني.
    ينبغي الدعوة لمؤتمر جامع لدراسة قضية الشباب بكل أبعادها، مؤتمر تشارك فيه فصائل الشباب لتقديم توصيات وبرامج عملية محددة لها مستوى من الإلزامية والمتابعة لاستنهاض الشباب وعلاج المشاكل التي قعدت به، مهمة هذا المؤتمر أن يضع برنامجاً واضحاً لحل مشاكل الشباب وتمكين دور الشباب في نهضة الأمة.
    ثاني عشر: المعاملات بين الحضارات:
    مقولة الحوار بين الحضارات يمكن أن تتلخص في احترام الحضارات لمنظومة حقوق الإنسان ما يقاربها من بعضها. ولكن هنالك خصوصية تاريخية ومتجددة للعلاقة بين حضارتنا والحضارة الغربية، فتداخل المصالح بل والمساكنة الآن صار كبيراً بصورة لا تسمح بأن تترك العلاقة لردود الأفعال والمعاملات الجزئية. رغم التقدم الفكري في الغرب فإن فيه نزعة نفي الآخر والاستعلاء عليه، نزعة تعبر عنها تيارات يمينية ويستغلها مفكرون أمثال برنارد لويس لتحريض صهيوني ضد الإسلام.
    ورغم هداية الإسلام، في أوساطنا نزعة معادية للآخر الغربي.
    هاتان النظرتان: الإسلاموفوبيا والاكسيفوبيا (كراهية الغرب) ينبغي ألا نسمح لهما بكتابة أجندة التعامل بين عالمينا.
    أعطى الغربيون وبعض دولنا وزناً كبيراً لا مبرر له للرسومات المسيئة وآخرها سفه شارلي، لا أحد يستطيع السيطرة على غضب الغاضبين ولا سخف رد فعل المستنكرين، ولكن الموقف القرآني الصحيح هو قوله تعالى: (وَقَدْ نَزَّلَ عَلَيْكُمْ فِي الْكِتَابِ أَنْ إِذَا سَمِعْتُمْ آيَاتِ اللَّهِ يُكْفَرُ بِهَا وَيُسْتَهْزَأُ بِهَا فَلاَ تَقْعُدُواْ مَعَهُمْ حَتَّى يَخُوضُواْ فِي حَدِيثٍ غَيْرِهِ إِنَّكُمْ إِذًا مِّثْلُهُمْ إِنَّ اللَّهَ جَامِعُ الْمُنَافِقِينَ وَالْكَافِرِينَ فِي جَهَنَّمَ جَمِيعًا)[27]. قال العز بن عبد السلام: "كل فعل يأتي بنتائج عكس مقاصده باطل". فتوى إهدار دم سلمان رشدي، وإهدار دم جماعة شارلي ابدو حققا عكس مقاصدهما بلا حدود:
    لو كل كلب عوى ألقمته حجراً لأصبح الصخر مثقالاً بدينارِ
    التشخيص الوارد في هذه الورقة يوجب الإحاطة بهذه القضية وإبرام معاهدة مصيرية (Concordat) للاحترام المتبادل والتوفيق بين الحرية واحترام المقدسات.
    ثالث عشر: النظام الاقتصادي العالمي الحالي:
    هذا النظام يقوم على بنية غير عادلة، وفي الثمانينات من القرن الماضي أشرف ويلي برانت على حوار الشمال والجنوب وقدم توصيات في تقرير لجعل النظام الاقتصادي العالمي أكثر عدلاً، أهمل ذلك التقرير والنتيجة الآن كما قدرت منظمة اكسفام أن 1% من أصحاب الثراء والدخول العالمية في العالم يملكون ثروة أكثر من 99% من البشر. هذا الوضع لا يمكن استمراره وهو يفسر زيادة الهجرة غير القانونية نحو البلاد الغنية وسلبيات كثيرة أخرى سميتها في كتابي الصادر 1989م (أسلحة الضرار الشامل). إن على ملتقانا هذا أن يقدم مشروعاً لنظام اقتصادي، وتجاري، ومالي، عالمي أعدل وأفضل.
    رابع عشر: العدالة المناخية: على الصعيد الدولي هنالك الآن معاهدات كثيرة تتعلق بتلوث البيئة وضرورة اتخاذ إجراءات لسلامة البيئة، نحدد المضار وما ينبغي عمله في مجالاتها، وحجم التعويضات المطلوبة، وكيفية صرفها، هذا يتطلب بيننا وبين الأسرة الدولية معاهدة إقليمية تحت عنوان (العدالة المناخية).
    خامس عشر: البديل لخلافة أو الإمامة الجامعة: في المدى المنظور ستكون الدولة الوطنية لبنة النظام الدولي، الدولة الوطنية يمكن أن تقبل لا مركزية فدرالية، ويمكن لها أن تقبل كذلك تجمع فدراليات أو كنفدراليات تنطلق من انتماء أو مصالح مشتركة.
    إن إقامة إمامة جامعة أو خلافة جامعة انتهت بعد أول 150 عاماً من تاريخ المسلمين، وفي الـ 90% من تاريخنا تعددت الدول في العالم الإسلامي، وإقامة إمامة أو خلافة واحدة الآن بالإقناع أو بالقوة غير ممكنة، ولكن الممكن تكوين رابطة دول (Commonwealths) تنظم انتماءات ومصالح مشتركة بين دول ذات سيادة مقيدة، فالدول اليوم ذات قيود دولية، وقومية، وإقليمية، على سيادتها وتستطيع أن تفعل ذلك باختيار شعوبها في نطاق انتماء إسلامي.
    هذه التوصيات يمكنها أن تكون رأياً عاماً ويمكننا أن نكون آلية لمتابعة مآلات توصياتنا ورصد درجات الاستجابة.
    ولكن الأمر في النهاية إذا أريد له أن يغير الواقع فلا بد إن تترجمه القيادات السياسية لبرامج واتفاقيات ما يتطلب درجة كبيرة من الوعي السياسي، والقيادات القادرة على تلبية نداء الساعة، ولكن ستبقى القاعدة "أن السياسي الذي لا يدرك مواطن الخطورة سيصير هو نفسه مصدراً للخطورة"، وستظل القاعدة القدرية: (إِنَّ اللَّهَ لاَ يُغَيِّرُ مَا بِقَوْمٍ حَتَّى يُغَيِّرُواْ مَا بِأَنفُسِهِمْ)[28].

    والله ولي التوفيق

    [1] سورة الكافرون الآية (6)

    [2] سورة آل عمران الآية (84)

    [3] سورة الأنعام الآية (57)

    [4] سورة الأنعام الآية (57)

    [5] سورة الأنفال الآية (60)

    [6] سورة الإسراء الآية (44)

    [7] سورة الأنعام الآية (38)

    [8] سورة القمر الآية (49)

    [9] سورة الحجر الآية (19)

    [10] سورة الحجر الآية (85)

    [11] صحيح البخاري

    [12] صحيح البخاري

    [13] صحيح البخاري

    [14] سورة التوبة الآية (100)

    [15] سورة البقرة الآية (134)

    [16] سورة الحج الآية (69)

    [17] سورة الحجر الآية (9)

    [18] سورة الأنعام الآية (57)

    [19] سورة البقرة الآية (256)

    [20] سورة الكهف الآية (29)

    [21] سورة يونس الآية (99)

    [22] سورة آل عمران الآية (84)

    [23] صحيح البخاري

    [24] سورة الكافرون الآية (6)

    [25] سورة الروم الآية (22)

    [26] تاريخ دمش لابن عساكر

    [27] سورة النساء الآية (140)

    [28] سورة الرعد الآية (12)

    مواضيع لها علاقة بالموضوع او الكاتب

  • مناهضة العنف ضد المرأة بقلم الإمام الصادق المهدي 01-12-15, 01:59 PM, الإمام الصادق المهدي
  • وقفة مع الذات للامام الصادق المهدي للعام 2014 : عام عطاء وعناء 12-26-14, 04:46 PM, الإمام الصادق المهدي
  • مستقبل المياه العربية وتحقيق الأمن المائي العربي بقلم الإمام الصادق المهدي 12-13-14, 02:51 PM, الإمام الصادق المهدي
  • ماذا بعد إعلان باريس؟ بقلم الإمام الصادق المهدي رئيس حزب الأمة القومي 11-04-14, 01:43 PM, الإمام الصادق المهدي
  • مستقبل السلام والديمقراطية في السودان الإمام الصادق المهدي 11-02-14, 01:26 AM, الإمام الصادق المهدي
  • تحية للشعب التونسي العظيم 10-31-14, 08:46 PM, الإمام الصادق المهدي
  • داعش هي العرض، ما هو المرض؟ بقلم: الإمام الصادق المهدي 09-30-14, 03:22 PM, الإمام الصادق المهدي
  • فك الاشتباك الديني العلماني بقلم الإمام الصادق المهدي 09-18-14, 03:21 PM, الإمام الصادق المهدي
  • شكوى لله.. وشهادة للتاريخ.. وإشهاد للشعب السوداني الإمام الصادق المهدي 09-03-14, 02:35 PM, الإمام الصادق المهدي
  • في السودان طريقان: مستقيم وأعوج بقلم الإمام الصادق المهدي 08-17-14, 02:29 PM, الإمام الصادق المهدي
  • يوم ذكرى الجهاد الإمام الصادق المهدي 07-15-14, 08:34 PM, الإمام الصادق المهدي
  • محاضرة بعنوان: حرائق التطرف في العالم الإسلامي تقديم: الإمام الصادق المهدي 07-07-14, 02:01 PM, الإمام الصادق المهدي
  • الديمقراطية عائدة راجحة: كتاب للإمام الصادق المهدي اصدره في أكتوبر 1989 05-06-14, 04:37 PM, الإمام الصادق المهدي
  • الهوية السودانية بين التسبيك والتفكيك: الإمام الصادق المهدي 04-22-14, 03:20 PM, الإمام الصادق المهدي
  • كلمة الإمام الصادق المهدي في مناقشة كتاب (دارفور حصاد الأزمة بعد عقد من الزمان) 02-12-14, 02:45 PM, الإمام الصادق المهدي
  • استعراض لمسرحية (أبناء بابور) لسليمان خورشيد بقلم الإمام الصادق المهدي 02-11-14, 05:22 PM, الإمام الصادق المهدي
  • ذكرى تحرير السودان الأول في العصر الحديث - الإمام الصادق المهدي 01-27-14, 05:30 PM, الإمام الصادق المهدي
  • الاتحاد العام للمرأة السودانية- مركز ماما محاضرة بعنوان: دور الاستقلال في تحقيق السلام الإمام الصاد 01-26-14, 05:45 PM, الإمام الصادق المهدي
  • وقفة مع الذات - بقلم الإمام الصادق المهدي 12-25-13, 06:09 PM, الإمام الصادق المهدي
  • دور الأسرة في مواجهة التطرف: بقلم الإمام الصادق المهدي - تونس 12-17-13, 08:40 PM, الإمام الصادق المهدي
  • ورقة: مشروع ميثاق أهل القبلة بقلم: الإمام الصادق المهدي 12-16-13, 04:26 PM, الإمام الصادق المهدي
  • المرأة والاضطهاد المثنى وبعضه مثلث ومربع- بقلم الإمام الصادق المهدي 09-14-13, 06:03 PM, الإمام الصادق المهدي
  • الوعي البيئي ومتطلباته ضرورة حياتية - بقلم الإمام الصادق المهدي 09-12-13, 04:34 PM, الإمام الصادق المهدي
  • المستقبل السياسي للحركات الموقعة على اتفاقيات السلام مع الحكومة تقديم: 09-10-13, 04:00 PM, الإمام الصادق المهدي
  • خريف السودان ،، خريف الغضب ،، أو قصة موت معلن (2) 09-03-13, 03:46 PM, الإمام الصادق المهدي























                  


[رد على الموضوع] صفحة 1 „‰ 1:   <<  1  >>

تعليقات قراء سودانيزاونلاين دوت كم على هذا الموضوع:
at FaceBook




احدث عناوين سودانيز اون لاين الان
اراء حرة و مقالات
Latest Posts in English Forum
Articles and Views
اخر المواضيع فى المنبر العام
News and Press Releases
اخبار و بيانات



فيس بوك تويتر انستقرام يوتيوب بنتيريست
الرسائل والمقالات و الآراء المنشورة في المنتدى بأسماء أصحابها أو بأسماء مستعارة لا تمثل بالضرورة الرأي الرسمي لصاحب الموقع أو سودانيز اون لاين بل تمثل وجهة نظر كاتبها
لا يمكنك نقل أو اقتباس اى مواد أعلامية من هذا الموقع الا بعد الحصول على اذن من الادارة
About Us
Contact Us
About Sudanese Online
اخبار و بيانات
اراء حرة و مقالات
صور سودانيزاونلاين
فيديوهات سودانيزاونلاين
ويكيبيديا سودانيز اون لاين
منتديات سودانيزاونلاين
News and Press Releases
Articles and Views
SudaneseOnline Images
Sudanese Online Videos
Sudanese Online Wikipedia
Sudanese Online Forums
If you're looking to submit News,Video,a Press Release or or Article please feel free to send it to [email protected]

© 2014 SudaneseOnline.com

Software Version 1.3.0 © 2N-com.de