نحو مشاركة أفضل للشباب في الحياة السياسية والحزبية بقلم محمد عصمت يحي

مرحبا Guest
اخر زيارك لك: 04-20-2024, 04:31 AM الصفحة الرئيسية

منتديات سودانيزاونلاين    مكتبة الفساد    ابحث    اخبار و بيانات    مواضيع توثيقية    منبر الشعبية    اراء حرة و مقالات    مدخل أرشيف اراء حرة و مقالات   
News and Press Releases    اتصل بنا    Articles and Views    English Forum    ناس الزقازيق   
مدخل أرشيف اراء حرة و مقالات
نسخة قابلة للطباعة من الموضوع   ارسل الموضوع لصديق   اقرا المشاركات فى شكل سلسلة « | »
اقرا احدث مداخلة فى هذا الموضوع »
12-11-2014, 05:29 PM

محمد عصمت يحي
<aمحمد عصمت يحي
تاريخ التسجيل: 12-11-2014
مجموع المشاركات: 5

للتواصل معنا

FaceBook
تويتر Twitter
YouTube

20 عاما من العطاء و الصمود
مكتبة سودانيزاونلاين
نحو مشاركة أفضل للشباب في الحياة السياسية والحزبية بقلم محمد عصمت يحي

    بسم الله الرحمن الرحيم

    مقدمة عن مفهوم المشاركة السياسية:
    تُعرَف المشاركة السياسية على أنها مجموعة ممارسات يقوم بها المواطن أو بها يضغط بغية الإشتراك في صنع وتنفيذ ومراقبة وتقييم القرار السياسي، وُيفترض أن يكون هذا الإشتراك خالياً من الضغط الذي قد تمارسه السلطة عليه، وهذا يعني أن للمواطن حقاً ودوراً يمارسه في عملية صنع القرارات وتنفيذها ومراقبة عمليات تنفيذها وتقييمها بعد صدورها، بذا فهي ُتشكل مساهمة الفرد في النشاط السياسي والتي بالضرورة تؤثر في عملية صنع القرار أو إتخاذه وهذه المساهمة تشمل إما التعبير عن رأى في قضية عامة، الإنتماء لعضوية حزب، الإنضمام لمؤسسة من مؤسسات المجتمع المدني أو التعاون معها، الترشيح في الإنتخابات لتولى أي من المناصب التنفيذية والتشريعية.
    لذا فالمشاركة السياسية في أي مجتمع هي محصلة نهائية لحزمة من العوامل الإجتماعية والإقتصادية والثقافية والسياسية والأخلاقية المسنودة بالمعرفة والإدراك لما يحيط ببنية هذا المجتمع وسمات نظامه السياسي وآلياته بجانب نمط العلاقات الإجتماعية والسياسية ومدى توافقها مع مبدأ المشاركة الذي بات معلماً رئيساً من معالم المجتمعات المدنية الحديثة التي تنعم بتقدم العلوم والمعارف والثقافة والتكنولوجيا وما تلعبه هذه المعالم في بناء حياتها العامة وعلاقات مواطنيها الداخلية على أسس تدفع بالعمل الخلاق والمبادرة الحرة وجدوي الإنجاز العام والمنفعة الخاصة وسيادة حكم القانون في إطار دولة مدنية تسود فيها قيم الحق والقانون والمؤسسات
    عليه يمكننا القول أن المشاركة السياسية هي مبدأ ديموقراطي ُ يعد من أهم مبادئ الدولة الوطنية الحديثة وهو مبدأ ينشأ وينمو تحت كنف الأنظمة الوطنية الديموقراطية التي تقوم على أسس المواطنة والحرية والمساواة في الحقوق والواجبات وفصل السلطات وإحترام كرامة الإنسان في المجتمع رجلا ً كان أم إمراة، شاباً أو فتاة، طفلا ً أو طفلة، هنا ينبغي علينا أن نذكر بأنه لا يوجد نموذج معياري للديموقراطية يصلح لكل دول وشعوب العالم يمكن إتباعه حذو النعل بالنعل والعمل من أجل تحقيقه، إذ يمكن أن تختلف نمادج الديموقراطية من بلد لآخر، فالأمم المتحدة حينما بادرت للإجابة عن السؤال المهم والملح المتعلق بالنموذج المنشود للديموقراطية جاء قرار جمعيتها العامة واضحا ً حين أكد على ثلاث قضايا مهمة وذات طبيعة إستراتيجية:
    1. لا وجود لنموذج عالمي واحد للديموقراطية.
    2. أن الديموقراطية لها طبيعة غنية ومتنوعة نابعة عن معتقدات وتقاليد إجتماعية وثقافية ودينية للأمم والشعوب
    3. أن الديمقراطيات بأنواعها تتقاسمها خواص مشتركة أي أنها تقوم على أساس إنساني مشترك لمجمل التجربة البشرية الكونية.
    ويعتبر هذا القرار إطاراً عاماً ومرجعياً لمسألة الديموقراطية على المستوى الدولي خصوصاً بعد أن ُحظي بموافقة المجتمع الدولي.
    مستويات المشاركة السياسية
    لما كانت المشاركة السياسية تعنى بصفة عامة تلك الأنشطة الإختيارية التى يسهم بها المواطن فى الحياة العامة، فإن هذه المستويات لمشاركة المواطنين فى الحياة العامة تختلف من دولة لأخرى ومن فترة لأخرى حتي داخل الدولة نفسها.. ويتوقف ذلك على مدى توفر الظروف التى ُ تتيح أو تُقُيِد المشاركة وعلى مدى إقبال المواطنين أنفسهم على الإسهام فى الحياة العامة، هنا يمكن تقسيم مستويات المشاركة إلي أربعة مستويات متدرجة هي:
    المستوى الأول وهم مُمارسو النشاط السياسي:
    ويشمل هذا المستوى من تتوفر فيهم شروط عضوية لمنظمة سياسية، منظمة مجتمعية أو التبرع لإحداهما أو الترشح نيابة عنها أو حضور الإجتماعات السياسية أو المشاركة فى الحملات الإنتخابية، الحملات والتظاهرات بأنواعها سواء كانت مؤيدة أو معارضة إضافة إلي توجيه رسائل بشأن القضايا السياسية أو الإجتماعية لذوى المناصب السياسية أو النيابية أو الإعلامية أوحتي من يتحدث فى السياسة
    مع آخرين خارج نطاق الدائرة المحيطة به.
    المستوي الثاني وهم المهتمون بالنشاط السياسى:
    ويشمل هذا المستوى الجمهور الذي يشارك بالتصويت فى الإنتخابات ويتابع ما يحدث في الساحة السياسية بشكل عام.
    المستوي الثالث وهم الهامشيون في العملية السياسية:
    يشمل هذا المستوي الأفراد الذين لا يهتمون بالأمور السياسية ولا يميلون للإهتمام بالعمل السياسى ولا يُخصصون أى وقت أو موارد مالية له وإن كان بعضهم يضطر للمشاركة بدرجة أو بأخرى فى أوقات الأزمات أو عندما يشعرون بأن مصالحهم المباشرة مُهدًدة أو بأن ظروف حياتهم مُعرضة لأي نوع من المخاطر.
    المستوى الرابع و هم المتطرفون سياسياً:
    هؤلاء هم الذين يعملون خارج الأطر الديموقراطية الشرعية القائمة، ويلجؤون إلى أساليب العنف، فالفرد الذى يشعر بعداء تجاه مجتمعه بصفة عامة أو تجاه نظامه السياسي بصفة خاصة إما أن ينسحب من كل أشكال المشاركة وينضم إلى صف اللامبالين، وإما أن يتجه إلى إستخدام صور من المشاركة تتسم بالحدة والعنف وهو أمر مرفوض في إطار الديموقراطية واحترام الرأي والرأي الآخر .
    عزوف الشباب عن ممارسة السياسة:
    إذا تأملنا الواقع السياسي للشباب في السودان اليوم لوجدناه واقعا ً أقرب إلي العدم منه إلي الوجود علي الرغم من أن قطاع الشباب من الجنسين يعد أحد أكبر قطاعات المجتمع السوداني، فحسب التعداد السكاني الخامس والأخير والذي أثبت أن عدد سكان السودان هو 39,154,490 منهم 19,080,513 من الإناث وتشكل نسبة صغار السن حوالي 43% من جملة عدد السكان، أي أن 16,836,430 من صغار السن والشباب هم خارج ٌأطر الإهتمام والمشاركة السياسية إما بقرارات من الشباب أنفسهم أو من الأجهزة حكومية والمؤسسات الحزبية والمجتمعية، وفي بعض الحالات قد تعمد الأجهزة إلى تقويض حركتهم وتمنعهم من القيام بواجباتهم تجاه مجتمعاتهم.
    يُظهر الواقع السياسي في عالمنا العربي والإفريقي وفي سوداننا وكأن شبابنا في غيبوبة، وأن مفهوم السياسة وإدارة الشأن العام والمشاركة فيه قد غدا في هذه المرحلة وما سبقها مُرتبطاً بإهدار العُمْر فيما لا يفيد كما أصبح أقصر الطرق لجلب المنافع وإستغلال النفوذ والناس لمصالح شخصية وأسرية ضَيِقة أو لمصالح جهوية وقبلية الأمر الذي ساهم في إبعاد الناس عن السياسة خاصة الشباب الشيء الذي جعل السياسيين في وادٍ والناس عامة والشباب خاصة في وادٍ آخر، إذ ليس مُتاحا ً للشباب الآن في معظم الدول الإفريقية والعربية الإنخراط في العمل السياسي عبر القنوات المؤسساتية شبه المغلقة والتي لا يَعْبُر منها إلا بعض المُقربين والمُوالين والساعين إلى جنْي بعض مكاسبهم الخاصة، هذا الواقع بكل أمراضه لا يقابله الشباب عادة ً إلا بالنفور والإستياء واللامبالاة والإنصراف إلي مجالات أخري منها المفيد كالفنون والرياضة ومنها الضار كالسهر ومُسْتَتبْعاته وإزجاء الفراغ بما لا يفيد أو إختيار الهجرة والمنافي نتيجة الشعور المتوهم بعدم القدرة على التغيير والتأثير في هذا الواقع الذي تنعدم فيه المبادرات الجادة من القيادات السياسية فتراجعت فيه فرص مشاركة الشباب بفاعلية في منظماتهم الإجتماعية وكياناتهم السياسية.
    الأهمية السياسية للشباب:
    بما أن حق المشاركة بكافة أشكالها ومجالاتها حق من حقوق الإنسان الأساسية كما جاء في الميثاق العالمي لحقوق الإنسان، فإن المشاركة أيضا ً هي الوسيلة الفعالة للتنمية والأسلوب الأمثل للممارسة السياسية والإجتماعية والتربوية لكافة مكونات وأفراد أي مجتمع، فهي تعطي الإنسان الحق في إخضاع كافة القضايا التي تؤثر عليه وعلى غيره للنقاش والحوار وإبداء الرأي كما تنمي لديه قيمة الإحساس بالغير، وفي المقابل وحتى يتسنى للشخص أن يعبر عن قناعاته بوضوح وجرأة من موقع الإختلاف مع غيره ُيفترض وجود مناخ ديموقراطي حُر يتيح فرص التعبير والحديث والمشاركة لكل مكونات المجتمع بما فيها الشباب تحقيقاً لرغباتهم وإشباعا ً لميولهم وقناعاتهم وتعبيراً عن الشعور بالانتماء لهذا المجتمع الذي يعيشون فيه والكيانات التي ينتمون لها، فالأهمية السياسية للشباب تكمن أولا ً في أن لهذه الفئة العمرية دور كبير في تحديد درجة الإهتمام السياسي ومردوده، فالشباب هم القوة السياسية المتحررة والمنفتحة والأكثر راديكالية، لذا فإن أي حزب سياسي يحوز على ثقتهم ويمتلك عقولهم وسواعدهم فانه بالضرورة يتقدم بثبات لتحقيق أهدافه مهما كانت درجة صعوبتها سواء كانت تحررية كما هو الحال في النضال ضد الإستعمار أو وطنية في مقاومة الدكتاتوريات العسكرية والمدنية، أو ديموقراطية في الفوز بالإنتخابات والحكم نيابة عن الجماهير أو مجتمعية في إنشاء الجمعيات وتأسيس المنظمات الخدمية والثقافية إلخ..
    أهم ما يميز الشباب كقوة تغيير سياسية ومجتمعية هو:
    1. الشباب هم الأكثر طموحاً في المجتمع، وهذا يعني أن عملية التغيير والتقدم نحو تحقيق الأهداف لديهم بلا حدود، عليه فإن أي حزب أو كيان سياسي يسعى للتغيير السياسي أو الإجتماعي يجب أن يستهدف أولا ً الشباب وأن يعمل علي إستقطابهم وتوظيف طاقاتهم لتحقيق أهدافه.
    2. الشباب هم الأكثر حُبا ً وقابلية للتغيير، وهي صفة مميزة تتسق وديناميكية عالم السياسة وما يمور به من تغيرات، فمصير الفكر المحافظ والرؤية المتحجرة الرافضة للتجديد والتغيير هو الفشل المحتوم، عليه فإن الشباب وبما يتمتعون به من قابلية للتغيير والتعامل مع الجديد بروح متوائمة معه سيضمن مواكبة المتغيرات والتكيف معها دون صعوبات ُتذكر.
    3. الشباب يتمتعون بالحماس والحيوية في طريقة تفكيرهم وحراكهم، وبالتالي فهم طاقة جبارة نحو التقدم، فالشباب بحماسته وحيويته وتفاعله مع معطيات ومتغيرات السياسة والمجتمع الذي يتعايش معه بكل متطلباته يُشكل ضمانا ً للبقاء والتطور نحو الأفضل أما التنظيمات السياسية والمجتمعية التي لا تتمتع بطاقات الشباب الخلاقة فهي مُهددة بالتلاشي والفناء أو التقوقع والمراوحة في نفس المكان.
    4. عطاء الشباب بلا حدود حين يكون مقتنعاً بما يحمل من أفكار وحينما يكون واعيا ً بما يقوم به، فالشباب عندما نحترم عقولهم وأفكارهم ونتعامل معهم ككيان راشد ومسؤول وليسوا مجرد أدوات للتنفيذ (مراسيل ) فإن عطاء الشباب سيكون بلا حدود وسيدفع بمعدلات العمل النافع داخل التنظيمات السياسية والمجتمعية.
    5. الشباب ُيشكل أحد مراكز القوة المجتمعية بوصفه قطاعا ً إجتماعيا ً هاما ً في أي مجتمع، لذا فإن إكتساب ثقة هذا القطاع من قبل صانعي القرار والسياسيين يعني بكل تأكيد كسب أي معركة للتغيير السياسي أو المجتمعي.
    6. الشباب يمثلون مركز ثقل إقتصادي لما تتمتع به سواعدهم المنتجة وعقولهم المستنيرة في ِرفد المجتمع بإحتياجاته والمساهمة بنصيب كبير في تنميته.
    7. الشباب رمز للقوة والعنفوان وهما من أهم متطلبات العمل السياسي والتنظيمي، لذا فإن الأحزاب السياسية والتنظيمات المجتمعية تتجدد دماؤها وتحافظ علي فتوتها وحيويتها بإستيعاب الطاقات الشبابية بصورة دائمة وعلي كل مستوياتها القيادية والقاعدية وإلا تكلست شاخت وتلاشت.
    رصد وقراءة لدور الشباب في التاريخ الحزبي السوداني – الكيان الإتحادي نموذج:
    نستطيع القول أن ملمح الحزب الإتحادي كنموذج للأحزاب السودانية نجده وفي كل مراحل تخلقاته قد كان ملمحا ً طلابيا ً وشبابيا ً منذ مَنشئِه في صدور مُؤسسيه وإعلانه كحزب وطني إتحادي مُوحد في الربع الأول من العام 1953، فلقد إكتسب الحزب هذا الملمح الطلابي الشبابي وفقا ً لأحكام تخلقه وسط مؤتمر الخريجين إلي جانب تميزه كحركة للوعي الوطني تتمسك من غير إدعاء أو تكلف بالوسطية والليبرالية الإجتماعية، أيضا ً إكتسب الحزب هذه الملمح الطلابي والشبابي بنضالاته المتراكمة والتي قادها خريجو كلية غردون في الربع الثاني من القرن الماضي والتي ُتوجت بالحصول علي إستقلال البلاد في يناير 1956، وإذا ما تتبعنا السِيَر الشخصية لقادة الحزب لوجدناهم جميعهم شبابا ً وهم يتصدون لتحديات تلك المرحلة التي كانت من أصعب وأعقد المراحل التي مر بها السودان في تاريخه الحديث، في صدد الملمح الطلابي والشبابي يمكن لنا أن نتناول السيرة الذاتية للمرحوم المؤسس أحمد محمد يسن كنموذج فهو :
    1) من مواليد عام 1913 بأمدرمان
    2) تخرج عام 1932 من كلية غردون – قسم المهندسين.
    3) تحصل علي عضوية لجنة نادي الخريجين في العام 1936 وعمره 23 عاما ً.
    4) ُأختير مساعدا ً للسكرتير العام وسكرتيرا ً ثقافيا ً منذ العام ما بين 1936 - 1943 حيث كان عمره ما بين 23–30 عاما ً.
    5) تحصل علي عضوية اللجنة التمهيدية لمؤتمر الخريجين في العام 1937 أي أن عمره كان 24 عاما ً.
    6) بينما عمره 24 عاما ً ُأنتخب عضوا ً في الهيئة الستينية لمؤتمر الخريجين من الدورة 3 ثم إنتخبته ذات الهيئة الستينية عضوا ً في اللجنة التنفيذية للدورات 4-6-8-9-10 وخلالها لم يتجاوز عمره 31 عاما ً.
    7) أختير سكرتيراً للجان مؤتمر الخريجين الفرعية 44-1945 وعمره لم يتعد 32عاما ً.
    8) خلال الفترة من 36-1945 عمل رئيسا ً لتحرير جريدة المؤتمر وعمره 32 عاما ً.
    9) شارك في تأسيس حزب الأشقاء ثم الحزب الوطني الإتحادي وعمره 34 عاما ً.
    دعونا نضع خطا ً فاصلا ً ما بين تلك المرحلة من عمر أحمد محمد يسن لنري في أي عمر تقلد مثل هكذا مناصب علي مستوي الدولة السودانية في مرحلة التأسيس وهي علي النحو التالي:
    10) ُأختير رئيسا ً لمجلس الشيوخ في 1954 وعمره 41 عاما ً.
    11) ُأختير عضوا ً في مجلس السيادة الأول 56-1958 وعمره 43 عاما ً.
    12) ُأنتخب عضوا ً في الجمعية التأسيسية 67-1969 وعمره 54 عاما ً.

    إذا ما تمعنا في قرائتنا لسيرة أحمد محمد يسن نجد أنه وخلال الفترة من 23 – 41 عاما ً من عمره أي فترة شبابه قد إمتاز بالآتي:
    • كان شريكا ً كامل الشراكة في كل عمليات ونشاطات مؤسساته التي إنتمي إليها سواء كانت سياسية أو مجتمعية أو صحفية.
    • حاز علي رضا وقبول وثقة قيادته عند إختياره وتعيينه.
    • حاز علي رضا وقبول وثقة القواعد عند إنتخابه ولعدة دورات.
    خلال تلك الحقبة من القرن التاسع عشر ورغم هيمنة الإستعمار الإنجليزي المصري علي البلاد وإنخفاض درجة الوعي وضعف قنوات الإتصال كان للشباب دوره البادي للعيان فالمرحوم أحمد محمد يسن لم يكن وحده من تقدم صفوف المشاركة الحقيقية بل كان إلي جانبه إبراهيم المفتي، مبارك زروق، خضر حمد، أحمد محمد يسن، محمود الفضلي، حسن محمد يسن، يحي الفضلي، حسن عوض الله، علي حامد، الشريف حسين الهندي، عبد الماجد أبوحسبو، عبد المنعم حسب الله، أحمد زين العابدين .. إلخ... فقد إلتصق الملمح الشبابي والطلابي بجسد الحزب الإتحادي في بواكير مرحلة التحرر الوطني وبداية تخلق الحزب في الربع الثاني من القرن الماضي، وكانت مشاركة الشباب وطلاب غردون في تلك المرحلة سواء في الشارع السياسي أو داخل ُأطر المؤسسات الخاصة به أمرا ً لا ُتخطئه العين المُجايلة لتلك المرحلة أو القلم المُسـًطِر لتاريخها، ولقد تتالت حلقات ذلك النشاط السياسي الوطني لشباب وروابط الطلاب الإتحاديين في المدارس الثانوية وجامعة الخرطوم وجامعة القاهرة الفرع بعد خروج المستعمر وإبان ديكتاتورية 17 نوفمبر 1958 وخلال عقد الستينات فساهموا بفعالية في كل القضايا التي تهم الوطن والمواطنين والمدافعة بشدة عن الديموقراطية، ونذكر منهم علي سبيل المثال لا الحصر المرحومة سلوي أحمد محمد يسن، بابكر محمد توم، بدرية سليمان، المرحوم بشير الطيب، سامية إسماعيل الأزهري، صباح أحمد محمد يسن وآخرين.
    أما في فترة السبعينات من القرن الماضي فقد بدا ذات الملمح الشبابي والطلابي ملتصقا ً بمسيرة الحزب التي كان يقودها المرحوم الشريف حسين الهندي في مواجهة إنقلاب مايو في تناغم مع تجمعات الشباب والطلاب والتي ُتوجت بمؤتمر أثينا 1982 ونذكر منهم علي سبيل المثال لا الحصر محمد إسماعيل الأزهري، علي إبراهيم حاج محمد، محمد خير حسن محمد خير، علي عمر الشريف الهندي، عصمت صديق، عصام محجوب الماحي، التوم هجو، سيد هرون وآخرين.
    أما في فترة التسعينات فلقد بدا المشهد الشبابي والطلابي أكثر بهاءا ً بسيطرة الحزب علي معظم إتحادات الجامعات والمعاهد العليا بدعم قيادي سخي من محمد إسماعيل الأزهري الذي وظف كل إمكاناته وقدراته وعلائقه الخاصة والعامة لتلك المهمة مما رَفَد الحزب الإتحادي برصيد كبير من الشباب المستنير والمشارك بفعالية في مقاومة النظام الحاكم ومعركة بناء الحزب الذي تناوشته سهام الإدارة الحزبية السيئة وعدم وضوح الرؤية وغياب المشروع الوطني والحزبي، ونذكر منهم علي سبيل المثال ودونما ترتيب لأقدميتهم التنظيمية: طارق الجزولي، أحمد حجازي بابكر، مجدي عبد المنعم، عز العرب حمد النيل، علي محمود، صلاح كجول، محمد أمين مبروك، بابكر فيصل بابكر، جهاد محجوب سعيد، محمد المعز النقر، أسمهان هاشم، عبد العزيز سليمان، الرفاعي خليفة، خالد حريري، عبد الرحمن عبد القادر، صفاء عبد الرحمن التوم، معاوية إسماعيل مكي، مهلب عبد الله عبد الرحيم، محمد إبراهيم كشكوش، محمد الفكي، حمزة بلول، إيهاب أحمد إبراهيم، ضياء الدين يحي المبشر ، أحمد وعبد الله الخير عبد الله، أحمد عوض الكريم علي، غيرهم كُثر وحتما ً سيضيق المجال بذكرهم.
    ثم إضمحل الدور الشبابي والطلابي بُعَيْد إنعقاد مؤتمر مرجعيات القاهرة برئاسة السيد/ محمد عثمان الميرغني في بداية العام 2004 أمام مُخرجاته التي كَرًست صورة غير ُمشتهاة للحزب وسط قواعده الممتدة خاصة من قِبل شبابه وطلابه، ولعل أبرز تلك المخرجات هي الإقرار الأبدي من المشاركين فيه برئاسة آل الميرغني للحزب والتفويض غير المشروط لأسرتهم في شأن إدارة الحزب دون حسيب أو رقيب إلي جانب ذلك إعتماد مؤتمر مرجعيات توجهات السوق الحر ضمن موجهات السياسة العامة للحزب وبرنامجه دون وعي بمآلات هذه التحولات الجوهرية وما سيترتب عليها من زحزحة بنيان الحزب في مقام الوسط الذي تربع عليه منذ نشأته.
    الحالة اللبنانية كنموذج للمقارنة:
    بَيًنَتْ دراسة إستطلاعية لآراء ألف شاب وشابة في دولة لبنان حول القضايا العامة أن 30% منهم يعتقدون أن الشؤون السياسية والعامة في بلدهم لبنان لا تعنيهم ولا تهمهم، بينما إعتبر 47% منهم أنهم يهتمون بالشؤون السياسية والعامة في بلدهم لكنهم لا يشاركون، في حين أشار 8% منهم فقط إلى أنهم يشاركون وبصورة مستمرة وفاعلة في الحياة السياسية والشؤون العامة في بلدهم لبنان، لخصت الدراسة اللبنانية أسباب عزوف الشباب عن المشاركة في الشؤون السياسية والعامة في ستة أسباب هي:
    1. غياب الديموقراطية وحرية التعبير داخل الأحزاب.
    2. هيمنة العلاقات الأسرية والخاصة داخل الأحزاب والكيانات.
    3. تمسك زعماء الأحزاب بالقيادة بشكل غير ديموقراطي.
    4. إقتناع أغلبية الشباب بعدم جدوى الإنخراط في العملية السياسية لقناعتهم بأن الواقع الملموس
    أمامهم يشهد ممارسات غير مسؤولة وإنتهازية واضحة لبعض الزعماء والقيادات.
    5. غياب البرامج الحزبية الواضحة المعالم والمتميزة التي تختلف من حزب لآخر.
    6. عدم منح الشباب داخل الأحزاب السياسية فرصة الترشح للإنتخابات.
    وهنا لا نحتاج لكبير عناء في تمييز أوجه الشبه بين الحالتين السودانية واللبنانية والمقارنة بينهما، فالمرحلة الراهنة لدور الشباب من الجنسين في الممارسة السياسية والحزبية توجب علينا أن ُنفكر في الأسباب الكامنة وراء ضعف وإضمحلال دور الشباب في المشاركة السياسية والذي إنسحب بدوره علي ضعف وهزال الحركة السياسية بأكملها، إن جميع الأحزاب السياسية السودانية عندما تختزل دور الشباب في عمليات المناولة اليومية وتزيين المحافل وإستخدامهم فيما يشبه السُخرة السياسية دون إحترامٍ كافٍ لحقهم في المشاركة السياسية الكاملة لا بد أنها وفي نهاية الطريق ستؤول إلي ما آلت إليه الآن من تكلس وتمزق الأمر الذي أفقدها القدرة علي الفعل الناجع سياسيا ً وحزبيا ً فإستعاضت عنه مرة بالكاريزما ومرة بالتنظير اللاواقعي وأخري بالإنبطاح أما التحديات..
    المقترحات والحلول:
    أي مُراقب ومهتم بالشأن الشبابي سيبدو له أن هنالك صنفين من الشباب، أولهما شباب ٌمفكر ومسؤول لديه إستعداد نفسي للتحول وتبني الأفكار والقضايا، شباب مدرك لواقعه الإجتماعي والسياسي وما يحيط به ولديه إرتباط وجداني وعقلاني بماضي بلاده وتاريخ شعبه وفي ذات الوقت لديه تطلعاته الخاصة نحو الحاضر واالمستقبل والقدرة علي مصارعة الواقع للحصول علي بدائل أفضل، شباب يملك الإستعداد والمخاطرة للبحث عن حلول لغيره وهؤلاء هم من يجب التركيز عليهم وإستيعابهم وتنمية قدراتهم وتطوير مهاراتهم بإعتبارها الفئة المُعوَل عليها في إحداث التغيير المطلوب.
    أما الصنف الثاني فهم شباب بلا إهتمامات، لا يشغل بالهم التفكير في أنفسهم أو في غيرهم، فهم لا يُرهِقون عقولهم بتفهم ما يدور مِن حولهم، يعيشون ليومهم ولا يخططون لغدهم دعك مِن مستقبلهم، عقولهم عبارة عن صفحة مصقولة وبيضاء يسهل إزالة ما ُعلق بها، هؤلاء يقع علينا جميعا ً عبء إعادتهم إلي سواء الطريق ليلحقوا برصفائهم من الصنف الأول، لذا فإن أي حزب سياسي آلَ علي نفسه أن يسعي للبقاء وبفعالية لا بد له أن يعمل علي زيادة نِسَب مشاركة الشباب فى مختلف ضروب العمل والأنشطة السياسية وأن يطرح من السياسات والإجراءات ما يبرهن علي جديته ومسؤوليته تجاه هذا القطاع الذي أوضحنا ما وسعنا ذلك عن أهميته وحيويته لكل حزب سياسي أو منظمة مجتمعية، كما يتوجب عليه أن يضرب المثل في تحقيق أعلي معدل لمشاركة حقيقية لعنصر الشباب داخل أجهزته الحزبية وعلي كل المستويات وذلك علي النحو التالي:
    الدعم اللوجستي:
    • منح الشباب الإستقلالية اللازمة لقيادة وتنظيم كيانهم وإدارة شؤونهم الداخلية.
    • تهيئة مقر خاص بالشباب لتنظيم برامجهم وممارسة نشاطاتهم وفعالياتهم.
    • تخصيص ميزانية راتبة أيا ً كان مقدارها لمقابلة إلتزامات تلك البرامج والأنشطة والفعاليات .
    • توفير فرص التأهيل والتدريب وبناء القدرات في الداخل والخارج.
    الأجهزة المركزية:
    1. منح الأجهزة الشبابية الحرية الكاملة في إدارة وتنظيم فعالياتهم في إطار الإلتزام بأخلاقيات العمل السياسي والنظم واللوائح والخطوط السياسية العامة لأي حزب وعلي الإدارة الحزبية توفير المعينات اللازمة لهم.
    2. تخصيص نسبة 30 % للشباب ممن هم بين 30-40 عاما ً في عضوية المستوي التنظيمي المنوط به التشريع والرقابة والإشراف .
    3. تمثيل الشباب في كافة أعمال اللجان والوفود الحزبية الداخلية والخارجية وإتاحة فرصة المشاركة لهم في المنابر القومية والحزبية.
    4. منح الحق لأي شاب أو شابة دون الثلاثين من عمره التصعيد مباشرة للمستوي التنظيمي المنوط به التشريع والرقابة والإشراف والتمتع بكامل حقوق العضوية عدا التصويت ودون الخضوع لنسب أو حصص الإنتخاب شريطة تمتعهم بعضوية المؤتمرات العامة.
    5. منح الشباب مقعد من مقعدي نائب الرئيس.
    6. منح الشباب مقعد من مقعدي نائب السكرتير العام أو الأمين العام أو رأس الجهاز التنفيذي.
    7. منح الشباب مقعد من مقعدي نائب أي سكرتير أو أمين مساعد.
    8. منح الشباب مقعد من مقعدي نائب رئيس المستوي التنظيمي المنوط به التشريع والرقابة والإشراف.
    الأجهزة الإقليمية أو الولائية:
    1. منح الشباب حصرا ً مقعد نائب الرئيس.
    2. منح الشباب حصرا ً مقعد نائب السكرتير العام أو الأمين العام.
    3. منح الشباب حصرا ً مقعد نائب أي سكرتير أو أمين مساعد.
    الأجهزة المحلية:
    أما الأجهزة علي المستوي المحلي فيجب أن يسري عليها ما يسري علي الأجهزة الإقليمية أو الولائية بل بصورة أكبر كيما تضمن الأحزاب تَمدُد وصلابة تواجدها الأفقي.

    الخاتمة
    لما كان الإعلان العالمي لحقوق الإنسان يؤكد في مَتْنِه أن الإعتراف بالكرامة المتأصلة وبالحقوق المتساوية والثابتة لجميع أفراد الأسرة البشرية هو أساس الحرية والعدل والسلام في العالم، فإن الإعتراف بحق الشباب في المشاركة السياسية والمساهمة في إتخاذ القرار السياسي والحزبي من داخل أجهزة الأحزاب السياسية والمنظمات المجتمعية ُيصبح بالضرورة من الأولويات، كما أن فتح الآفاق أمام للشباب للوصول إلى مراكز قيادية مؤثرة داخل الأحزاب والمنظمات المجتمعية حتما ً سيضخ دما ً شابا ً في شرايينها وسيُحِفز بلا شك كثير من الشباب الذي إبتعدوا عن المشاركة في العملية السياسية والحزبية خلال الأعوام السابقة إلي العودة لأحزابهم فالشباب هم الثروة الحقيقية للشعوب والأمم.



    محمد عصمت يحي
    نوفمبر 2014























                  


[رد على الموضوع] صفحة 1 „‰ 1:   <<  1  >>

تعليقات قراء سودانيزاونلاين دوت كم على هذا الموضوع:
at FaceBook




احدث عناوين سودانيز اون لاين الان
اراء حرة و مقالات
Latest Posts in English Forum
Articles and Views
اخر المواضيع فى المنبر العام
News and Press Releases
اخبار و بيانات



فيس بوك تويتر انستقرام يوتيوب بنتيريست
الرسائل والمقالات و الآراء المنشورة في المنتدى بأسماء أصحابها أو بأسماء مستعارة لا تمثل بالضرورة الرأي الرسمي لصاحب الموقع أو سودانيز اون لاين بل تمثل وجهة نظر كاتبها
لا يمكنك نقل أو اقتباس اى مواد أعلامية من هذا الموقع الا بعد الحصول على اذن من الادارة
About Us
Contact Us
About Sudanese Online
اخبار و بيانات
اراء حرة و مقالات
صور سودانيزاونلاين
فيديوهات سودانيزاونلاين
ويكيبيديا سودانيز اون لاين
منتديات سودانيزاونلاين
News and Press Releases
Articles and Views
SudaneseOnline Images
Sudanese Online Videos
Sudanese Online Wikipedia
Sudanese Online Forums
If you're looking to submit News,Video,a Press Release or or Article please feel free to send it to [email protected]

© 2014 SudaneseOnline.com

Software Version 1.3.0 © 2N-com.de