مفهوم التنمية في السودان ومفهومه العالمي ملخص(مترجم)لمشروع بحث كامل مقدم للجامعة الأمريكية بالقاهرة

مرحبا Guest
اخر زيارك لك: 04-23-2024, 12:12 PM الصفحة الرئيسية

منتديات سودانيزاونلاين    مكتبة الفساد    ابحث    اخبار و بيانات    مواضيع توثيقية    منبر الشعبية    اراء حرة و مقالات    مدخل أرشيف اراء حرة و مقالات   
News and Press Releases    اتصل بنا    Articles and Views    English Forum    ناس الزقازيق   
مدخل أرشيف اراء حرة و مقالات
نسخة قابلة للطباعة من الموضوع   ارسل الموضوع لصديق   اقرا المشاركات فى شكل سلسلة « | »
اقرا احدث مداخلة فى هذا الموضوع »
10-25-2014, 09:44 PM

تاور ميرغني علي
<aتاور ميرغني علي
تاريخ التسجيل: 12-09-2013
مجموع المشاركات: 14

للتواصل معنا

FaceBook
تويتر Twitter
YouTube

20 عاما من العطاء و الصمود
مكتبة سودانيزاونلاين
مفهوم التنمية في السودان ومفهومه العالمي ملخص(مترجم)لمشروع بحث كامل مقدم للجامعة الأمريكية بالقاهرة

    بقلم:تاور ميرغني علي

    مقدمة الملخص
    لا شك أن التنمية من أكبر المشاكل التي تعاني منها البلدان النامية والسودان واحد من تلك البلدان النامية والفقيرة حتي بعد تصديره للذهب الاصفر والاسود، وغالبية شعبه تحت خط الفقر مع انه يزخر بثروات حيوانية ضخمة وبغابات شبه استوائية وسهول تعد موئل لنسبة هائلة من الكائنات الحية الضرورية للحفاظ على التنوع الإحيائي هذا دون الحديث عن موارده الطبيعية التي لم تستغل الاستقلال الأمثل والتي أضحت عرضة لسماسرة النفط والماس والحديد والأراضي من دول العالم الاول والدول العربية البترولية .
    ولكن في مقابل ذلك يعاني شعبه الفقر واستنزاف للثروات مما يرهن الأجيال القادمة ويُفقد الطبيعة توازنها، ومن اجل تجاوز هذا الشرخ الكبير جاءت فكرة هذا البحث عن التنمية المستديمة،التي سنتعرض لها بكثير من التفصيل في هذا الفصل ونستعرض الجانب الهام الذي يفيد دولا مثل السودان ودول حوض البحيرات العظمي والتي مازالت تتخبط اقتصاديا مما أثقل كاهل سكان هذه المناطق بأمراض ومجاعات وحروبا مستعرة ومستمرة نتيجة لتخبط حكوماتها لانشغال ساستها بحروب البقاء في السلطة قسرا وعنوة لسنوات طويلة دون الالتفات لرغبات هذه الشعوب لجرعات الديموقراطية وبلا شك لها الحق في أن تنعم به لأنها احدي الحقوق المرعية في المواثيق الدولية (الحقوق السياسية والمدنية) فليس من حق الرئيس أن يصبح رئيسا حتى الموت ووزيرا حتى الموت في غياب أدوات ومعاول صحيحة للديموقراطية وحق الاستفتاء وحق الانتخاب الصحيحين بدون تدخل السلطة القائمة فيهما بتزويرهما أو تحويرهما لصالحة بالتعديلات الدستورية أو بتمديد فترات البقاء في السلطة حسب هواه حتى إذا نصت عليه دساتير هذه الدول والجازم انها اصلا لا تنص علي فترة بقاء الرئيس في السلطة.
    تعد قضية التنمية من أبرز المواضيع التي تشغل اهتمام المجتمع الدولي في الوقت الراهن، حيث فرضت نفسها على جدول الأعمال العالمي.
    فبعد ما كان يُنظر إلى النمو الاقتصادي بأنه الزيادة في عملية الدخل وكفى، ومهما اختلفت التسميات فإن المفهوم الحالي للتنمية يشمل جوانب عدة: اقتصادية، اجتماعية، وثقافية وبيئية وأخلاقية.
    إذن فالزيادة في الدخل لا يضمن تحقيق مزيد من الماركة السياسية للأفراد أو مزيد من حرية التعبير أو مزيدا من الأمن والعدالة، وكل هذه العوامل تمثل خيوطا في نسيج التنمية.
    كما لا تعني التنمية بمفهومها الحديث والمعبر عنه بالتنمية المستديمة أن تمنح كل الأشياء السابقة الذكر على سبيل الهبة أو الإعانة وإنما أن تتاح لهم الفرصة بأن يتعلموا و يتدربوا على كيفية تحقيقها بأنفسهم والمثل ا لصيني يقول "لا تعطيني سمكة ولكن علّمني كيف أصطادها"
    إذن فالتنمية لا تعني كيف تُغذي الضعفاء بالمساعدات العينية والتغذية التسكينية ، وإنما تعني كيف تجعلُهم أقوياء علي بناء قدراتهم الذهنية والمهارية والحرفية لامتحان مهنة حرفية دائمة يغتات ويطعم أبنائه منه ويصرف علي تعليمهم ودراستهم ويصرف علي علاجهم وشراء مستلزماته ومقوماته الحياتية اليومية الذي اثقل كاهل الاسر السودانية مقارنة باسعار السوق التي باتت تفوق مداخيل الموظفين والعمال وحتي الجيش والشرطة (الجنود).
    إذن ومن خلال هذا البحث سنتطرق إلى مفهوم النمو الاقتصادي (المطلب الأول )، مفهوم التنمية الاقتصادية (المطلب الثاني)، مفهوم التنمية المُستديمة (المطلب الثالث ).
    النمو الاقتصادي
    "يعني النمو الاقتصادي حدوث زيادة مستمرة في متوسط الدخل مع مرور الزمن"
    ومتوسط دخل الفرد الدخل الكلي عدد السكان: أي أنه يُشير لنصيب الفرد من الدخل الكلي للمجتمع أو ما يعرف بالناتج القومي في السودان ، وهذا يعني أن النمو الاقتصادي لا يعني مجرد حدوث زيادة في الدخل الكلي أو الناتج الكلي وإنما يتعدى ذلك إلى حدوث تحسن في مستوى معيشة الفرد ممثلا في زيادة نصيبه من الدخل الكلي، وبالطبع فإن هذا لا يحدث إلا إذا فاق معدل نمو الدخل الكلي ( الناتج الكلي ) معدل نمو ه السكاني، فإذا حدث وكان معدل نمو الدخل الكلي مُساويا لمعدل نمو السكان فإن نصيب الفرد من الدخل الكلي سوف يظ ل ثابتا، أي أن معيشة الفرد تبقى في مُستويات ثابتة، وفي هذه الحالة لا يوجد نمو اقتصادي وتظل الدولة أي الشعب فيها محلك سر وهو ما نقصده حيث تري الأبنية الشاهقة والسيارات الفارهة والشعب يشكو الجوع ويفتك به الأمراض وبائية.
    أما إذا زاد الدخل الكلي (الناتج القومي) بمعدل أقل من معدل النمو السكاني فإن متوسط نصيب الفرد من الدخل الكلي سوف ينخفض وبالتالي يتدهور مُستوى معيشته، وتعني هذه الحالة حدوث نوع من التخلف الاقتصادي.
    ومما سبق يمكن أن نستنتج أن:
    معدل النمو الاقتصادي معدل نمو الدخل الكلي ـ معدل النمو السكاني .
    وبالتالي لن يكون هذا المعدل موجبا إلاّ إذا كان معدل نمو الدخل الكلي أكبر من معدل النمو السكاني وهو ما ذهب إليه السودان في تعداده المزيف والمزور الأخير همه الأول والأخير السلطة لكنه نسي أن هذا الخطأ التكتيكي سيؤثر عليه في نظرة العالم إليه من الناحية التنموية .
    ولكن يلاحظ من ناحية أُخرى أن النمو الاقتصادي يعني حدوث زيادة في الدخل الفردي الحقيقي وليس النقدي، فالدخل النقدي يُشير إلى عدد الوحدات النقدية التي يستلمها الفرد خلال فترة زمنية مُعينة ( عادة ما تكون سنة ) مقابل الخدمات الإنتاجية التي يُقدمها.
    أما الدخل الحقيقي فهو يُساوي الدخل النقدي مقابل المُستوى العام للأسعارأي أنه يُشير لكمية السلع والخدمات التي يحصل عليها الفرد من إنفاق دخلُه الفردي خلال فترة زمنية معينة يقدر بعام ميلادي .
    فإذا زاد الدخل النقدي بنسبة مُعينة، وزاد المستوى العام للأسعار بنفس النسبة، فإن الدخل الحقيقي سوف يظل ثابتا ولا يحدث هناك تحسن في مستوى معيشة الفرد في هذه الحالة يسمي بالركود الاقتصادي .
    أما إذا زاد الدخل النقدي بمعدل أقل من معدل الزيادة في الأسعار ( معدل التضخم ) فإن الدخل الحقيقي للفرد ينخفض وتتدهور معيشته.
    ومن ثم لن يحدث هناك نمو اقتصادي إلاّ إذا كان معدل الزيادة في الدخل النقدي أكبر من معدل التضخم، ففي هذه الحالة يزداد الدخل الحقيقي مُمثلا في كمية السلع والخدمات التي يُمكن للفرد أن يحصل عليها خلال الفترة محل البحث، وعليه نلاحظ مما سبق أن:
    معدل النمو الاقتصادي الحقيقي معدل الزيادة في الدخل الفردي النقدي ـ معدل التضخم.
    ومن ثم لن يكون هناك هذا المعدل موجبا إلا إذا كان معدل الزيادة في الدخل النقدي الفردي أكبر من معدل التضخم.
    كما يُشير التعريف السابق إلى أن النمو ظاهرة مستمرة وليست ظاهرة عارضة أو مؤقتة، فقد تُقدم دولة غنية إعانة لدولة فقيرة فتزيد من متوسط الدخل الحقيقي فيها لمدة عام أو عامين ولكن لا تعتبر هذه الزيادة المؤقتة نموا اقتصاديا.
    فالزيادة في الدخل يجب أن تنجم عن تفاعل قوى داخلية مع قوى خارجية بطريقة تضمن لها الاستمرار لفترة طويلة نسبيا حتى تعتبرُ نموا اقتصاديا.
    ويلاحظ في هذا الصدد أن مفهوم النمو الاقتصادي يُركّز عن التغيُر في الكم الذي يحصل عليه الفرد من السلع والخدمات في المتوسط دون أن يهتم بهيكل توزيع الدخل الحقيقي بين الأفراد أو بنوعية السلع والخدمات التي يحصلون عليها، فالزيادة في متوسط الدخل لا تعني أن كل فرد من أفراد المجتمع قد زاد دخلُه من الناحية المطلقة أو من الناحية النسبية، فقد تحصل طبقة قليلة من الأغنياء على كل الزيادة في الدخل لكلي وتحرم منها الطبقة العريضة من الفقراء وبالرغم من ذلك يزداد متوسط الدخل الفردي، بل أكثر من ذلك فقد تنخفض الدخول المطلقة لطبقة الأغلبية من الفقراء أو ينخفض نصيبهم النسبي من الدخل الكلي وبالرغم من ذلك يزداد متوسط الدخل الفردي وهذا ما يحدث في السودان حيث انعدمت الطبقة الوسيطة فأصبحت هناك طبقتان طبقة الأغنياء وطبقة الفقراء حتى الافندية تدنت درجتهم إلي الطبقة الفقيرة واصبحوا تحت حد الفقر.
    إذن مفهوم النمو الاقتصادي لا يهتم بهيكل توزيع الدخل بين طبقات المجتمع، ومن جهة أخرى لا يركز النمو الاقتصادي على نوعية التغيير في الإنتاج، وعليه فإن مفهوم النمو يركز على كمية التغيير وليس على نوعية التغيير. كما يلاحظ أن النمو الاقتصادي مفهوم غير شامل لكل ما يحدث من تغيير في رفاهية الفرد وذلك للأسباب التالية:
    لا يعكس التغيرات السلبية التي تصاحب التقدم الاقتصادي المادي كزيادة درجة التلوث وزيادة معدل الجريمة، معدل العمر، التعليم، الصحة...الخ.اذ يركز على الجانب المادي للرفاهية ويهمل الجوانب الأُخرى كحرية الرأي والمشاركة السياسية والوعي الثقافي وغيره.
    هذا يقودنا إلى البحث في مفهوم آخر ألا وهو مفهوم التنمية الاقتصادية.
    التنمية الاقتصادية
    يلاحظ من خلال هذا البحث على أنه على العكس من النمو الاقتصادي، تنطوي التنمية الاقتصادية: على حدوث تغيير في هيكل توزيع الدخل وتغيير في هيكل الإنتاج وتغير في نوعية السلع والخدمات المقدمة للأفراد بجانب التغير في كمية السلع والخدمات التي يحصل عليها الفرد في المتوسط، ولعلّ هذا يعني أن التنمية الاقتصادية لا تركز فقط على التغيير الكمي وإنما تمتد لتمثل التغير النوعي والهيكلي.
    ويمكن بوجه عام أن نعرف التنمية الاقتصادية "بأنها العملية التي يحدث من خلالها تغير شامل ومتواصل مصحوب بزيادة في متوسط الدخل الحقيقي وتحسن في توزيع الدخل لصالح الطبقة الفقيرة وتحسن في نوعية الحياة وتغير هيكلي في الإنتاج .
    ووفقا لهذا التعريف فإن التنمية تحتوي على عدد من العناصر أهمها:
    - مدخل الفقر المطلق
    - مدخل الفقر النسبي
    - مدخل الدخل النسبي
    1) مدخل الفقر المطلق: يعتبر الشخص ( الأسرة ) فقيرا إذا انخفض دخله الحقيقي عن حد أدنى معين يطلق عليه حد الفقر ( poverty line ) أو ما يطلق عليه اصطلاحا بخط الفقر .
    ويتحدد هذا الحد وفقا لدراسات متخصصة تأخذ في حسبانها الاحتياجات الضرورية للفرد أو الأسرة من المأكل والملبس والمسكن والانتقال والعلاج وغيرها من الضروريات، ويتعين ملاحظة أن حد الفقر يختلف من دولة لأخرى وفقا لمستواها الاقتصادي،ووفقا لمدخل الفقر المطلق تؤدي التنمية الاقتصادية للتخفيف من حدة الفقر في المجتمع إذا صاحبها تحقيق النتائج التالية:
    إذا قل عدد الأفراد أو الأسر الذين يعيشون تحت حد الفقر أو قلّت نسبتهم من إجمالي السكان،او إذا ارتفع مستوى الدخل للأفراد الذين ظلوا يعيشون تحت حد الفقر،مع انخفاض التباين بين دخول الأفراد الذين يعيشون تحت حد الفقر.
    2) مدخل الفقر النسبي: هذا المدخل يعتبر أن الفقر ظاهرة نسبية حيث يوجد في كل مجتمع فقراء ونسبيا بين مجتمع العالم الأول إلي العالم الثاني ونسبيا بدرجة اكبر بين العالم الثالث ، حتى في أغنى المجتمعات في العالم الأول يوجد به فقراء لكنهم إذا ما قارنتهم مع العالم الثالث تجدهم هم في شريحة اعلي من طبقة محدودي الدخل الافندية (الموظفون) الفقراء هم تحت حد الفقر(السوق يرهق جيوبهم)، ووفقا لهذا المدخل يتم ترتيب أفراد المجتمع تنازليا أو تصاعديا في مجموعات وفقا لمتوسط الدخل، بدءا بالمجموعة الأعلى دخلا ثم الأقل والأقل، إلا أن مدخل الفقر النسبي يعاني من بعض النقائص منها:
    لا يشترط هذا المدخل ضرورة زيادة النصيب النسبي للطبقة الفقيرة من الدخل الكلي حتى تخف ظاهرة الفقر ويكتفي باشتراط زيادة متوسط الدخل المطلق لهذه الطبقة.
    3) مدخل الدخل النسبي: لاشك أن زيادة الدخول النقدية لا تضمن في حد ذاتها تحسن المستوى الاقتصادي والاجتماعي للأفراد على النحو المرغوب مع الملاحظة أن السوق تأكل كل ما في جيوب ذوي الدخل المحدود ليظل في طبقة الفقراء كحد أخير والضرائب العالية تنقص من رواتب العاملين والموظفون العموميون والقطاع الخاص ليقبعوا في خط الفقر .
    ويمكن تقديم بعض المبادئ التي يُنادي بها بعض الكتاب الاقتصادين ومنها:
    تحقيق التكامل بين تنمية القطاع الزراعي والقطاع الصناعي في خطة التنمية الشاملة،نشر الصناعة في المناطق الريفية بدلا من تركيزها في المناطق الحضرية،وتحقيق التكامل بين برنامج التصنيع المحلي وبرنامج التصدير البيني والدولي .
    أما عن الجوانب السلبية للتنمية فهي تتضمن كسر حاجز الرغبات وزيادة درجة النهم للماديات بالإضافة إلى إحداث تفكك أُسري من خلال القضاء على الروابط التي كانت مابين أفراد العائلات المحافظة فاستشري الفساد الأخلاقي بين الطبقة الفقيرة دون احترام للوازع الديني والاخلاقي، يضاف إلى ذلك إحداث تدمير للبيئة بما يصاحب التنمية من تلوث هوائي ومائي وصوتي وكل هذا يحد من إمكانية استمرار التنمية، ولتجاوز كل ذلك ظهر مفهوم التنمية المستديمة كبديل استراتيجي متكامل وهو موضوعنا في المطلب الموالي.
    كانت محصلة العمل الدولي في السبعينات والثمانينات والتسعينيات بشأن العلاقات المتبادلة بين البيئة والتنمية، هي بروز مفهوم التنمية المستديمة بشكل صريح، من خلال تقرير اللجنة العالمية للبيئة والتنمية لسنة 1987 وقرار الجمعية العامة للأمم المتحدة (( المنظور البيئي لسنة 2000 وما بعدها)) في نفس السنة، ليحظى بعد ذلك باعتراف رسمي أثناء مؤتمر الأمم المتحدة للبيئة والتنمية ( ريودو جينيرو ) 1992.
    ويرجع هذا المفهوم أساسا إلى أحد دعاة التوفيق بين البيئة والتنمية (( إغناسي ساكس. ignacysachs )) الذي عمل في سنوات السبعينات على النهوض بالتنمية البيئية بشكل محسوس خاصة في دول الجنوب، حيث أسس سنة 1973 بباريس المركز الدولي للبحث في التنمية والبيئة ومنذ سنة 1977 بدأ بنشر مجلات التنمية البيئية كما قام في سنة 1980 تحت عنوان ((إستراتجية التنمية ا لبيئية )) بتناول السبل الكفيلة للتوفيق بين البيئة والاقتصاد مع اقتراح استراتجيات لإخضاع القرارات الاقتصادية للمتطلبات المستعجلة في الحفاظ على البيئة.
    والواقع أن مفهوم التنمية البيئية لم يجد صدى واسع خصوصا في الدول الأنجلو سكسونية بخلاف مفهوم التنمية المستديمة الذي لاقى رواجا أكبر.
    *بدايات الاهتمام الدولي بالتنمية المستديمة:
    من أجل تجاوز المشكلات الإنمائية والبيئية على الإقليمي والدولي انعقد أول مؤتمر وهو:
    مؤتمر ستوكهولم ( 1972) بشان التنمية البشرية ،ومن أبرز ما تضمنه إعلان ستوكهولم بأن البيئة البشرية في مجال البيئة والتنمية حيث جاء التأكيد على أن حماية البيئة تمس رفاه الشعوب والتنمية الاقتصادية في جميع أنحاء العالم، ورغم أن مفهوم التنمية البشرية لم ترد صراحة في وثائق المؤتمر إلا أننا نستنتج ذلك ضمنيا من خلال المبادئ مثل: المبدأ (1) (( للإنسان حق أساسي في الحرية والمساواة في ظروف عيش مناسبة وفي بيئة تسمح نوعيتها بالحياة في ظل الكرامة وبتحقيق الرف اهية ))، المبدأ (5) (( استغلال الموارد غير المتجددة للأرض على نحو يصونها من النفاذ في المستقبل ويكفل إشراك البشرية قاطبة في الاستفادة من هذا الاستغلال ))، أما المبدأ (8) (( للتنمية الاقتصادية والمتطلبات الاجتماعية أهمية أساسية لضمان بيئة مواتية لعيش الإنسان وعمله...)).
    وبالرجوع إلى ميثاق الحقوق والواجبات الاقتصادية للدول المُتبنى في12 ديسمبر 1974 الذي يُعد من الخطوات الهامة للأمم المتحدة في إقامة نظام اقتصادي دولي جديد، أوصى بتهيئة الظروف المناسبة لإقامة هذا النظام إنما يتطلب التعجيل في التنمية الاقتصادية للدول النامية وحماية البيئة والحفاظ عليها وزيادة قدرة الانتفاع بها،ومما تضمنه هذا المؤتمر ما يؤكد على أن البيئة والتنمية يُكملان معا واجبا ومسؤولية حماية دولية، وواحدة من المقومات الأساسية التي يقوم عليها العمل الدولي.
    إذن وكما رأينا أن مفهوم التنمية المستديمة ليس حديث العهد وليس محصور في جهة معينة أو إيديولوجية معينة وإنما هو إستراتجية تنموية ذات أبعاد اقتصادية واجتماعية وثقافية وإنسانية، متبناة دوليا خاصة بعد مؤتمر الأمم المتحدة بـ (( ريو دوجنيرو)) بالبرازيل سنة 1992.
    وللتعمق في فكرة التنمية المستديمة أكثر يتعين معالجتها في مبحث بالكامل وهو المبحث الموالي.
    التنمية المستدامة ( sustainable development )
    المقصود بالتنمية المستديمة :-
    نظرا لحداثة وعمومية مفهوم التنمية المستديمة فقد تنوعت معانيه في مختلف المجالات العلمية والعملية، فالبعض يتعامل مع هذا المفهوم كرؤية أخلاقية( Mural vision ) والبعض الآخر كنموذج تنموي جديد ( New Developmental Sample ) وهناك من يرى بأن المفهوم عبارة عن فكرة عصرية للبلدان الغنية، مما أضفى على مفهوم التنمية المستديمة نوع من الغموض، ولإزالة ذلك يتعين التعمق فيه أكثر ببيان مختلف التعاريف ووجهات النظر السابقة والحديثة
    فقد أصبح مفهوم التنمية المستديمة واسع التداول ومتعدد المعاني فالمشكل ة ليس ت في غياب التعاريف وإنما في تعددها واختلاف معانيها ( التنمية المستديمة: sustainable development) أو ( المستدامة: soutenableouviable ) هو ترجمة لا تستجيب للمصطلح الإنجليزي ( sustainable development ) الذي يمكن ترجمته أيضا بالتنمية (( القابلة للإدامة ))، (الموصولة)، أو ( القابلة للاستمرار )، ولقد تم اختيار ( المستديمة ) لأنه المصطلح الذي يوفق بين المعنى والقواعد النحويةالخالية من التعقيدات اللفظية .
    وقد عرفت التنمية المستديمة بأنها: (( التنمية المتجددة والقابلة للاستمرار ))، (( التنمية التي لا تتعارض مع البيئة )) و ((التنمية التي تضع نهاية لعقلية لا نهائية الموارد الطّبيعية ))، غير أن هذه التعاريف تفتقد للعمق النظري والتحليلين وفي المقابل، هناك تعاريف معقدة منها أن التنمية المستديمة هي: (( التنمية التي لا تؤدي مع مرور الزمن إلى تناقص الرأسمال البشري والطبيعي والبيئي على الصعيد المحلي والعالمي ))، (( التنمية التي تقوم أساسا على وضع حوافز تقلل من التلوث وحجم النفايات والمخلفات والاستهلاك الراهن للطاقة وتضع ضرائب تحد من الإسراف في استهلاك الماء والهواء والموارد الحيوية الأخرى ))، وهي بدورها تعاريف تعاني من التعميم المفرط، وفي كل الأحوال تخلط بين التنمية المستديمة من ناحية ومتطلباتها من ناحية أخرى، وهذا ما أوضحه تقرير الموارد العالمية لسنة 1992 الذي تناول موضوع التنمية المستديمة واستطاع حصر عشرون تعريفا لها
    كما نالت التنمية المستديمة اهتماما كبيرا من طرف الاقتصاديين منهم ( هيرمان دالي: Daly Herman ) الذي يعرفها بأنها (( العملية التي يتم بمقتضاها الحفاظ على التنمية النوعية في الفترة الطويلة والتي يصبح فيها النمو الاقتصادي مقيد بدرجة متزايدة بطاقة النظام البيئي الاقتصادي والاجتماعي لأداء وظيفتين رئيسيتين في الأجل الطويل وهما إعادة توفير الموارد الاقتصادية والبيئية واستيعاب فضلات النشاط البشري )) إن هذا التنوع الشديد في التعريف يتجلى بوضوح في تقرير برانتلاند، فالتنمية المستديمة هي:
    (( التنمية القائمة على تشجيع أنماط استهلاكية ضمن حدود وإمكانيات البيئة وبما يحقق التوازن بين الأهداف البيئية والاقتصادية في العملية التنموية ))
    وبالتالي من خلال هذا التعريف فإن التنمية المستديمة تسعى إلى تحقيق توازن بين }التنمية{ خصوصا النمو الاقتصادي الذي يُعد وليد احتياجات أجيال الحاضر لاسيما الذين نوعية حياتهم متدهورة بسبب الفقر، الأمر الذي يفرض تحسين نوعية حياتهم و } الاستدامة {التي تسعى إلى تحقيق مكاسب اليوم دون التضحية بالمستقبل على حساب الأجيال القادمة، كما أنها تنمية تحترم الطبيعة وتحافظ على مواردها بشكل يضمن دوامها حتى تتمكن الأجيال المقبلة من ممارسة حقها في التنمية، دون أن يمنع ذلك من استمرارية التنمية الاقتصادية، وعليه فإن مفهوم التنمية المستديمة يُلبّي احتياجات الدول النامية والدول المصنعة على حد سواء.
    إلا أن التعريف الذي يمكن أن يُتبنى في هذا البحث وهذا نظرا لشموليته ودقته، هو تعريف برنامج الأمم المتحدة للتنمية ( U.N.D.P ) في تقريره العالمي بشأن التنمية البشرية لعام 1992 بأنها:
    } عملية يتم من خلالها صياغة السياسات الاقتصادية، الضريبية، التجارية، الطاقوية، الزراعية والصناعية كلها بقصد إقامة تنمية تكون اقتصاديا، اجتماعيا و بيئيا مستديمة {بناء على هذا التعريف يتضح بان مفهوم التنمية المستديمة يعني أمور مختلفة، فهو يعتبر أن جوهر التنمية المستديمة هو التفكير في المستقبل وفي مصير الأجيال القادمة، إذن عنصر الزمن والمستقبل هو أهم ما يميز التنمية المستديمة، بعكس المفاهيم التنموية الأخرى التي تتجاهل البعد المستقبلي وتتغاضى عن احتياجات الأجيال المقبلة.
    وأخيرا وكاستنتاج نقول أن جوهر التنمية المستديمة هو مشاركة جميع فعاليات المجتمع في عملية التنمية انطلاقا من خصوصية كل منطقة ،لأن البعد السكاني مرتبط أساسا بعنصر الفقر وهدف التنمية المستديمة هو القضاء على الفقر.
    السوابق التاريخية لمفهوم التنمية المستديمة
    ليس من الإنصاف القول بأن الاهتمامات الدولية المتعلقة بحماية البيئة وتحقيق التنمية المستديمة هي اهتمامات حديثة العهد، إذ قد حظيت هذه المسائل باهتمام دولي، إقليمي محلي، منذ فترة طويلة وعميقة الجذور في التاريخ وإن لم يكن بشكل ملموس ونظامين ولذلك ستظل تكرار للماضي واجترارا للتجارب السابقة للدول التي أفلحت فيها مثل النمور السبعة.
    أبعاد التنمية المستديمة
    يكشف النقاش حول التنمية المستديمة نقصا في الحكم الرشيد لعملية تطوير العولمة. و هنا تكمن العبرة الأساسية المستقاة من تقرير بروندتلاند، الذي يفتتح بهذه الكلمات: "الأرض هي واحدة، لكن العالم ليس كذلك" .
    يضايق مفهوم التنمية المستديمة الحدود الجامعية الكلاسيكية لأنه يدعو إلى تعدد الاختصاصات و كذا التقارب بين وجهات النظر العلمية التي تعتبر إلى حد الآن متباعدة، لأجل توحيد التخصصات البيئية و الاقتصادية. و يمنح لهذين الحقلين العلميين إمكانيات المصالحة. و تعبر الأبعاد الثلاثة للتنمية المستديمة عن طبيعته المتعددة الاختصاصات بشكل واضح وهي من وجهته النظرية مقبولة لكن التطبيق الفعلي له مفقود لضعف التكوين والتكون الهيكلي لإيجاد الأرضية والمساحة التي يمكن ان تفسح لتطبيقه.
    البعد البيئي. تطرح التنمية المستديمة بتأكيدها على مبدأ الحاجات البشرية، مسألة السلم الصناعي، أي الحاجات التي يتكفل النظام الاقتصادي بتلبيتها. لكن الطبيعة تضع حدودا يجب تحديدها واحترامها في مجال التصنيع و الهدف من وراء كل ذلك هو التسيير و التوظيف الأحسن للرأسمال الطبيعي بدلا من تبذيره.
    وبعبارة أخرى يتمثل البعد البيئي للتنمية المستديمة في الحفاظ على الموارد الطبيعية والاستخدام الأمثل لها على أساس مستديم والتنبؤ لما قد يحدث للنظم البيئية من جراء التنمية للاحتياط والوقاية، لكن تجدر الإشارة إلى أن الاهتمامات البيئية تختلف بين دول الشمال ودول الجنوب، فالدول المتقدمة مهتمة أكثر بتدهور نوعية الحياة على المدى الطويل، وعلى سبيل المثال: تعطي عناية خاصة لظاهرة ارتفاع درجة حرارة المناخ، واختلال طبقة الأوزون، والعديد من المشاكل المتعلقة بتلوث الهواء والاستغلال المفرط للموارد الطبيعية، بعكس الانشغالات الآنية للدول النامية، التي تتعلق بالحياة ذاتها وليس بنوعيتها كمشكل تلوث المياه، وانجراف الأٍراضي والتصحر...الخ.
    البعد الاقتصادي. يعين البعد الاقتصادي للتنمية المستديمة الانعكاسات الراهنة و المقبلة للاقتصاد على البيئة. إنه يطرح مسألة اختيار و تمويل و تحسين التقنيات الصناعية في مجال توظيف الموارد الطبيعية وتوفيق التنمية المستديمة بين هذين البعدين، ليس في أخذها بعين الاعتبار المحافظة على الطبيعة فحسب، بل بتقديرها لمجموع العلاقات المقامة بين الطبيعة و بين الأفعال البشرية كذلك تمنح التنمية المستديمة، باعتبارها مؤسسة على التآزر بين الإنسان و البيئة، الأفضلية للتكنولوجيات، و المعارف والقيم التي تضع في الأولية الديمومة الكبيرة.و تدافع التنمية المستديمة عن عملية تطوير التنمية الاقتصادية التي تأخذ في حسابها على المدى البعيد، التوازنات البيئية الأساسية باعتبارها قواعد للحياة البشرية، الطبيعية والنباتية.
    البعد الاجتماعي و السياسي. تتميز التنمية المستديمة خاصة، بهذا البعد الثالث. إنه البعد الإنساني بالمعنى الضيق: إنه يجعل من النمو وسيلة للالتحام الاجتماعي ولعملية التطوير في الاختيار السياسي و لابد لهذا الاختيار أن يكون قبل كل شيء اختيار إنصاف بين الأجيال بمقدار ما هو بين الدول.
    ستحافظ الأجيال الراهنة، باعتبارها مدفوعة بهمّ الإنصاف، على اختيارات النمو التي ترغب فيها الأجيال القادمة والدول المختلفة من الشمال إلى الجنوب. تمر المصالحة بين البيئة و الاقتصاد عن طريق هذه الضرورة المزدوجة للإنصاف.
    مشروع سلمي: تمثل التنمية المستديمة مشروعا للسلام، باعتبارها قاعدة للحوار بين الشمال و الجنوب، ومصالحة بين نماذج التنمية المختلفة علي المستوي الدولي حيث لا يستثني دوله بعينها من التنمية المستدامة.
    تنقل المبادئ المؤسسة للتنمية المستديمة بطبيعة الحال، مبادئ الشورى والمشاركة الشعبية بشكل واسع، و التي تدعو إلى مشاركة السكان في مختلف مراحل الاختيارات السياسية و على جميع المستويات الإقليمية. وفي هذا الصدد لابد أن تجري عمليات التحكيم بمقدار ممكن على مستوى الإقليم الأكثر صغرا و غيره. ونظرا لطرح التنمية المستديمة بمفاهيم مختلفة و متكاملة، فإن على هذا النموذج للحكم الرشيد أن يسمح بترقية الديمومة الاجتماعية للمشاريع. و يتعلق الأمر من جهة بالمحافظة على القيم الاجتماعية والتقاليد و المؤسسات و الثقافات و كل ميزة اجتماعية، و من جهة أخر ى بإدماج المجموعات المهمشة في الفضاء السياسي وان لا تهمش مجتمعات علي حساب حقها في الدخل القومي من الناتج القومي للدخل من مصادرها الهائلة في السودان ( النفط ومشتقاته والذهب والنحاس والصمغ العربي والسمسم والقطن) وكل سلع الصادر.
    توسع و تدعم التنمية السوسيو-سياسية المستديمة في نهاية المطاف، مسؤوليات كل فاعل في الحقل التنموي و كل جماعة في عملية تطوير الإنتاج و توسيع الخبرات وتوزيع الخيرات والثروات علي المجتمع بتوازن وعدالة مطلوبين لتضيق الفوارق لردم الفجوة والهوة لإبعاد شبح الفقر والإفقار.
    و يتوقف ميدانيا، نجاح المفهوم و بشكل كبير على احترام حقوق الإنسان كما هو منصوص عليه في التصريح الدولي لمنظمة الأمم المتحدة لسنة 1948 : الحق في بيئة سليمة، الحق في تغذية سليمة و كافية، الحق في التربية، احترام الثقافات المحلية، الخ. و تجد كل هذه العناصر وغيرها مكانتها في بؤرة التنمية المستديمة.
    خاتمة الفصل
    لم يعد ينظر لحماية البيئة كقيد يعوق التنمية، بل عكس ذلك، فالبيئة هي منطلق التنمية الاقتصادية، ولذا يجب التأكيد على العلاقة بين البيئة والتنمية كأحد المقومات الأساسية لنظام اقتصادي دولي جديد.
    إذن فحماية البيئة والحفاظ عليها وزيادة قدر الانتفاع بها للأجيال ا لحاضر ة والمقبلة هي مسؤولية عامة على عاتق جميع الدول، وعلى كافة الدول أن تعمل على وضع أنظمتها المتعلقة بالبيئة والتنمية في إطار هذه المسؤولية ويجب أن تتجه الأنظمة البيئية لكافة الدّول نحو ترقية إمكانيات التنمية الحالية والمستقبلية للدول النامية وليس الإضرار بها.
    نتابع في العرض الثاني لملخص البحث (المبحث الرابع، الخامس ، السادس والاخير).























                  


[رد على الموضوع] صفحة 1 „‰ 1:   <<  1  >>

تعليقات قراء سودانيزاونلاين دوت كم على هذا الموضوع:
at FaceBook




احدث عناوين سودانيز اون لاين الان
اراء حرة و مقالات
Latest Posts in English Forum
Articles and Views
اخر المواضيع فى المنبر العام
News and Press Releases
اخبار و بيانات



فيس بوك تويتر انستقرام يوتيوب بنتيريست
الرسائل والمقالات و الآراء المنشورة في المنتدى بأسماء أصحابها أو بأسماء مستعارة لا تمثل بالضرورة الرأي الرسمي لصاحب الموقع أو سودانيز اون لاين بل تمثل وجهة نظر كاتبها
لا يمكنك نقل أو اقتباس اى مواد أعلامية من هذا الموقع الا بعد الحصول على اذن من الادارة
About Us
Contact Us
About Sudanese Online
اخبار و بيانات
اراء حرة و مقالات
صور سودانيزاونلاين
فيديوهات سودانيزاونلاين
ويكيبيديا سودانيز اون لاين
منتديات سودانيزاونلاين
News and Press Releases
Articles and Views
SudaneseOnline Images
Sudanese Online Videos
Sudanese Online Wikipedia
Sudanese Online Forums
If you're looking to submit News,Video,a Press Release or or Article please feel free to send it to [email protected]

© 2014 SudaneseOnline.com

Software Version 1.3.0 © 2N-com.de