حتى الفئران تتعلم من تجاربها بقلم بهاء جميل

مرحبا Guest
اخر زيارك لك: 03-29-2024, 03:08 AM الصفحة الرئيسية

منتديات سودانيزاونلاين    مكتبة الفساد    ابحث    اخبار و بيانات    مواضيع توثيقية    منبر الشعبية    اراء حرة و مقالات    مدخل أرشيف اراء حرة و مقالات   
News and Press Releases    اتصل بنا    Articles and Views    English Forum    ناس الزقازيق   
مدخل أرشيف اراء حرة و مقالات
نسخة قابلة للطباعة من الموضوع   ارسل الموضوع لصديق   اقرا المشاركات فى شكل سلسلة « | »
اقرا احدث مداخلة فى هذا الموضوع »
12-18-2014, 03:48 PM

بهاء جميل
<aبهاء جميل
تاريخ التسجيل: 11-30-2014
مجموع المشاركات: 26

للتواصل معنا

FaceBook
تويتر Twitter
YouTube

20 عاما من العطاء و الصمود
مكتبة سودانيزاونلاين
حتى الفئران تتعلم من تجاربها بقلم بهاء جميل

    عندما كنا صغارا كان لجدي لامي رحمه الله مخزنا ( مستودعا ) يقع خلف الدار الكبيرة التي تضمنا جميعا كان المخزن عبارة عن غرفة معزولة تكاد لا تخلو من المخزون فهي اما فيها محصول الذرة الذي يزرعه جدي في مزرعته في الصيف وإما فيها محصول القمح الذي يزرعه في الشتاء أو فيها مؤونة البيت لباقي شهور السنة لذا كانت الفئران تستوطن تلك ( المخزن )ولا تتركه ابداً .
    كانت الفئران المستوطنة تعيث فسادا داخل ذلك المخزن وكانت تبذل قصارى جهدها لتمزق الجولات وتتلف الحبوب الغالية والمهمة لذا كانت الحرب بينها وبين جدي لا تنتهي أبدا كما أن تلك الحرب كانت لا تهدا ولا تتوقف إلا لأسابيع قليلة هي الاسابيع التي يفرغ فيها المخزن من جميع محتوياته فتكنس ارضيته وتغلق جحوره وينظف سقفه .
    كانت الفئران تستخدم في تلك الحرب الضروس أسنانها الحادة وتستخدم ايضا قدرتها الاستثنائية على الهرب والاختفاء داخل جحورها أو بين الجوالات المتراصة بعضها فوق بعضا من الأرض الترابية الجافة وحتى السقف الخشبي الذي تنتشر فيه خيوط العنكبوت التي تكاد تخفي أخشابه عن الأنظار أما جدي فقد كان يستخدم قطع الجبن الطازج وشرائح البصل البلدي ومصيدة من الحديد الصلب كان قد اشتراها خصيصا لمجابهة اعداؤه حتى يخفف من اثر الهجمات المدمرة التي يقومون بشنها على محاصيله التي يتعب في زراعتها شهورا طويلة ويخسر عليها اموالا كثيرة .
    كنا عندما يقوم جدي بإعداد المصيدة وتجهيزها نتحلق حوله لنراقبه وهو يضع الجبنة او البصل الذي يجذب الاعداء و يشد اللسان المعدني ويثبته ثم نسير خلفه في فرح وهو يتجه صوب المخزن - فقد كنا مجموعة من احفاده الصغار الذين يتبعونه كظله اينما ذهب في نواحي الدار الكبيرة - حتى يصل الى هناك ويفتح الباب الخشبي العتيق ويختار مكانا مناسبا يكون قادراً على مراقبته من على البعد ويضع فيه المصيدة الفتاكة ثم ينسحب في هدوء تاركا الباب مفتوحا من خلفه ويتجه ليجلس في ظل الغرفة المجاورة على معقده القصير المخصص له ثم يطلب منا الجلوس على الارض بعد ان يأمرنا بالتزام الصمت التام وعدم الاتيان بأي حركة فنجلس إلى جواره صامتين طائعين لأمره نتخاطب بالهمس والإشارة إذا بدا لأحدنا أن يُحدّث الآخر بشيء ونحن نتابع ردود افعاله ونراقب المصيدة في فضول من خلال الباب المفتوح على مصراعيه فلا يمر وقت طويل حتى تبدأ الفئران في الخروج من مخابئها وفي التقدم بحذر نحو الشرك المنصوب وهي تشتم الارض مع كل خطوة تخطوها للإمام ، وما أن يصل احدها الى الموقع المنشود ويجد في نفسه الجرأة للقفز داخل المصيدة ليفوز بالغنيمة الدسمة قبل الاخرين حتى ينطبق عليه الفكان القاسيان في سرعة رهيبة ليصبح هو الفريسة بعد ان كان الصياد ، فتفزع بقية المجموعة لسماع الصوت الحاد ولرؤية الفكين المنطبقين على الرفيق تعيس الحظ الذي يضطرب اضطرابة الموت فتفر هاربة إلى جحورها وتختفي عن الانظار فيقوم جدّي ونحن من وراءه ويتجه الى المصيدة لتخليص الفار الميت من بين الفكين القاتلين ويطلب من احدنا حمله وإلقاءه في ابعد مكان لإلقاء القمامة ثم يقوم مرة اخرى بإعداد الشرك من جديد ويضعه في ذات المكان ويطلب منا مراقبته دون ان تقترب منه حتى لا نتعرض لإصابة مؤلمة ثم يتركنا جالسين في الظل وينصرف هو لقضاء اعماله فكنا نجلس بعد ذلك لوقت طويل نراقب الفئران وهي تقترب من الشرك وتحوم حوله دون ان يجرؤ احدها على الاقتراب منه بالرغم من قطعة الجبن الكبيرة التي تكون موضوعة في داخله فيصبنا اليأس ونتفرق تاركين المكان لنعود في اليوم التالي .
    كان عادة يمر يوم او يومين كاملين قبل ان يحاول فار اخر اكل الطعم الموضوع والوقوع في المصيدة ، في البداية لم نكن نعرف السبب وراء ذلك فقد كنا صغارا ولكننا مع مرور الوقت أدركنا ان حتى الفئران تتعلم من تجاربها وأدركنا ايضا ان أي فار يقع في المصيدة بعد التجربة الأولى فهو أما ان يكون وافدا جديدا الى المخزن وأما ان يكون قد تخلف عن المجموعة عند حدوث التجربة السابقة فلم يشاهد ما حدث فيها.
    اما نحن معشر المسلمين في عالم اليوم فأننا لا نتعلم لا من تجاربنا ولا من تجارب غيرنا بل اننا نكاد لا نتعلم من أي شيء لذا نكرر الوقوع في الاخطاء مرة بعد اخرى فعشرات التجارب في الماضي القريب وعشرات التجارب الاخرى في الحاضر والتي تتوالى كحبات عقد مفروط تؤكد ذلك ولكني لا اريد ان اتحدث عنها هنا او اخوض فيها فما يهمني الان هو مطالبة الشعب السوداني وخاصة الفئات الداعمة لقطاع الشمال والحركات المعارضة الاخرى الحاملة للسلاح ان يتفكروا فيما ما حدث وفيما يحدث للسودان في هذه المرحلة وان يعتبروا بنيفاشا و بما يجري من حولنا حتى لا نقع كالعادة في الشرك المنصوب وندفع مزيدا من الاثمان الغالية والباهظة فظني ان الثمن هذه المرة سيكون مكلفا جدا لجميع الاطراف .

    لقد ثبت بما لا يدع مجالا للشك ان أي مجموعة تترك وطنها وترتمي في احضان دولة اخرى تدعمها ماديا وعسكريا وتوفر لها غطاء شرعيا لتحارب او لتقاوم النظام الحاكم في بلدها الام ستنساق في بعض الاحيان دون ان تدري وستجد نفسها مجبرة للانسياق في احيان اخرى – مهما كانت درجة وطنيتها - وراء الخطط غير المعلنة التي ترسمها تلك الدولة الداعمة لتحقيق اهدافها التي تريد تحقيقها في ذلك البلد ، كما ثبت ايضا ان كل مجموعة او فئة احدثت تغييرا سياسيا في بلدها الام اعتمادا على دعم دولة او دول اخرى احدثت دمارا وخرابا هائلا وتفككا في البنية الوطنية وفي النسيج الاجتماعي وأوصلت بلدها للحضيض فربح عدة افراد ربحا مؤقتا وخسر الجميع خسارة طويلة الاجل وما تجربة العراق وليبيا ببعيدتين عن الاذهان فالحذر ثم الحذر .

    ان المبادرات التي تساوي بين عدة اشخاص او بين فصيل لا يتجاوز عدد اشخاصه العشرات وبين احزاب تعتبر قواعدها الشعبية بالملايين وتجلسهم الى طاولة مفاوضات واحدة كندين وتضغط على التكتلات الكبيرة ذات القواعد العريضة والتي تملك الاغلبية الساحقة من اجل تلك الفصائل او المجموعات لا تهدف الى حل مشكلة ولا تسعى الى انهاء نزاع ولكنها تهدف الى خلق فوضى مدروسة تكون نتيجتها عدم الوصول الى أي حل واستمرار النزاع حتى وقت يعرفه واضعوها ورعاتها ودون شك هو الوقت الذي تنضج فيه الثمرة وتصبح فيه جاهزة للقطاف .
    لقد كان معروفا ان المفاوضات بين حكومة السودان وحركة قطاع الشمال ومن ورائها من حركات لن تؤدي الى أي نتيجة لان التجربة اثبتت ذلك ولقد رأينا جميعا كيف بدأت تلك الحركة في وضع العقبات والعراقيل امام المضي قدما وكيف انها قامت بطرح موضوعات لم تكن مطروحة للتفاوض هي موضوع الغاء الشريعة في المنطقتين مع اداركها التام انه لا توجد شريعة اصلا كما طالبت بتفكيك الاجهزة الشرطية والأمنية وطرحت موضوع الحكم الذاتي وهنا بيت القصيد ، هنا تبدو اصابع الايدي الخفية التي تحرك الخيوط من خلف الستار لتقسيم السودان واضحة جلية يراها كل ذو بصر وبصيرة فالخطة باتت مكشوفة وهي محاولة ايجاد نيفاشا اخرى تُخدع فيها الحكومة مثلما خُدعت في الاولى فيتحقق الهدف المراد وتبقى القنابل الموقوتة بين سطور الاتفاقية مثلما بقيت قنابل ابيي والحدود وغيرها في الاتفاقية الاولى لاستخدامها في المستقبل .
    ان الوطن اغلى من أي احقاد واكبر من أي ضغائن والعداء للمؤتمر الوطني الحاكم لا يبرر دعم جهة مستلبة القرار لن ترضى - مهما قُدم لها من تنازلات - إلا بتفتيت السودان وتمزيقه لان ذلك ما يريده داعموها الذين يوفرون لها كل ما تحتاج اليه لمواصلة زعزعة الامن والاستقرار في السودان ففي عالم اليوم لا توجد دولة تفعل شيئا لله او لنصرة العدل والحق كما يظن الغافلون فلكل شيء ثمنه الذي يتم تحصيله في الوقت المناسب .
    وعلى الحكومة ان تعي ذلك جيدا وعليها ان تعرف كيف تتعامل معه فالحكومة السودانية فشلت على الدوام في التعامل مع ازمات السودان المتعاقبة ولم تتمكن من التعامل في أي يوم من الايام مع أي حدث من الاحداث التي تطرأ بالحكمة او بقراءة المستقبل كما يجب لأنه وللأسف يعوذها الخيال الذي يجعلها قادرة على التنبؤ بالغد حتى تعد له العدة وتحسب له حسابه وتفتقر الى الدبلوماسية المطلوبة لإدارة الملفات في الداخل والخارج .
    لقد اثبتت الخارجية السودانية عجزها التام وجهلها بمبادئ العمل السياسي وبعدم مقدرتها على احداث أي تغيير ايجابي في مواقف الدول المؤثرة فلم تجد الخرطوم امامها غير ان تراهن على الدول الاسيوية كالصين ماليزيا وأخيراً روسيا من اجل احداث تنمية اقتصادية تحدث استقرارا امنيا وسياسيا فأصبحت الحكومة كما يقول المثل السوداني ( تترك الفيل وتطعن في ظله ) فمن المعلوم للجميع ان تلك الدول هي دول محدودة التأثير لذا لم يجني السودان من تحالفاته معها إلا القليل وبقى في ذات الحال من التنازع والاقتتال واستمرت الحروب وازدادت العقوبات التي اقعدت اقتصاده عن النمو وأدت الى انهياره وجعلت منه بيئة طاردة لرؤوس الاموال الاجنبية والاستثمارات الطويلة الاجل فالكل يعرف ان الدول القادرة على التأثير على مشاكل السودان السياسية والاقتصادية وإحداث اثارا ايجابية او سلبية هي الدول الغربية التي تدير المؤسسات الدولية وتضع العقوبات وتدعم مفتعلي الحروب وحاملي السلاح .
    ان عالم اليوم هو عالم المصالح بين الدول بامتياز والسبيل الوحيد امام الدبلوماسية السودانية لتحقيق انجاز في مجال وقف الحرب او رفع العقوبات او تنمية الاقتصاد هو عرض ثمن يكون اكثر اغراءً من الثمن التي ستحصل عليه تلك الدول من رعايتها لتلك الجماعات التي ستصبح في خانة النسيان اذا رفع عنها الدعم و الغطاء بل ومن الممكن جدا ان تصنف كعصابات ارهابية ويستنفر العالم لحربها لان تلك الدول عاجلا او اجلا ستحصل على ثمن ما فنحن لسنا كما ندعى حتى يحمينا الله وينصرنا عليها لأننا نرفع شعار الشريعة ولكننا لا ننزلها عدلا وإنصافا ونزاهة في حياتنا ولا نطبقها عبادة وتوكلا ورحمة في واقعنا فلو كنا كذلك او لو اصبحنا كذلك فربما لن نحتاج لان نهادن فذلك وعد الله الحق ولكننا بعيدين كل البعد عن ذلك فالفساد في استشراء والأخلاق في حالة ضياع والظلم في طغيان واذا سرق منا القوي تركناه لذا فمن الخير لنا ان ندفع الثمن بالطريقة السهلة التي تحفظ لنا وطنا ثم نصبر حتى نتبدل ونقوى من ان ندفعه بالطريقة الصعبة فنخسر وطنا كان ذات يوم مليون ميل مربع .

    بهاء جميل























                  


[رد على الموضوع] صفحة 1 „‰ 1:   <<  1  >>

تعليقات قراء سودانيزاونلاين دوت كم على هذا الموضوع:
at FaceBook




احدث عناوين سودانيز اون لاين الان
اراء حرة و مقالات
Latest Posts in English Forum
Articles and Views
اخر المواضيع فى المنبر العام
News and Press Releases
اخبار و بيانات



فيس بوك تويتر انستقرام يوتيوب بنتيريست
الرسائل والمقالات و الآراء المنشورة في المنتدى بأسماء أصحابها أو بأسماء مستعارة لا تمثل بالضرورة الرأي الرسمي لصاحب الموقع أو سودانيز اون لاين بل تمثل وجهة نظر كاتبها
لا يمكنك نقل أو اقتباس اى مواد أعلامية من هذا الموقع الا بعد الحصول على اذن من الادارة
About Us
Contact Us
About Sudanese Online
اخبار و بيانات
اراء حرة و مقالات
صور سودانيزاونلاين
فيديوهات سودانيزاونلاين
ويكيبيديا سودانيز اون لاين
منتديات سودانيزاونلاين
News and Press Releases
Articles and Views
SudaneseOnline Images
Sudanese Online Videos
Sudanese Online Wikipedia
Sudanese Online Forums
If you're looking to submit News,Video,a Press Release or or Article please feel free to send it to [email protected]

© 2014 SudaneseOnline.com

Software Version 1.3.0 © 2N-com.de