جبال النوبة ابعاد الحرب ومستقبل السلام(2 )

مرحبا Guest
اخر زيارك لك: 03-19-2024, 08:47 AM الصفحة الرئيسية

منتديات سودانيزاونلاين    مكتبة الفساد    ابحث    اخبار و بيانات    مواضيع توثيقية    منبر الشعبية    اراء حرة و مقالات    مدخل أرشيف اراء حرة و مقالات   
News and Press Releases    اتصل بنا    Articles and Views    English Forum    ناس الزقازيق   
مدخل أرشيف اراء حرة و مقالات
نسخة قابلة للطباعة من الموضوع   ارسل الموضوع لصديق   اقرا المشاركات فى شكل سلسلة « | »
اقرا احدث مداخلة فى هذا الموضوع »
05-10-2004, 11:24 PM

Abdelmuniem Althahir -Can


للتواصل معنا

FaceBook
تويتر Twitter
YouTube

20 عاما من العطاء و الصمود
مكتبة سودانيزاونلاين
جبال النوبة ابعاد الحرب ومستقبل السلام(2 )

    جبال النوبة ابعاد الحرب ومستقبل السلام(2 )


    تلخيصا لما سبق ايرادة فى الجزء الاول من مقالنا السابق بذات العنوان، ذكرنا ان التعقيدات التى تطغى على المفاوضات خاصة فىالجوانب المتعلقة بجبال النوبة، تعود اسبابها الى الكيفية التى تم بها التحاق النوبة بالحركة الشعبية والذوبان فيها بدلا من التمسك بصيغة التحالف والتى لواخذ بها لكفى اهالى المنطقة تفويض غيرهم للتفاوض نيابة عنهم بشان مستقبلهم لخطورة وسلبيات ذلك الاجراء.

    واشرنا كذلك الى ان فقدان الثقة فى ابناء النوبة من قبل قيادة الحركة، ادى لاحتجاز الالاف منهم بعيدا عن المنطقة واستخدامهم بصورة مكثفة فى كل عملياتها العسكرية فى جهات السودان الثلاث جنوبة، شرقة، واقصى غربة، ليكونوا بذلك اكثر المجموعات اسهاما و فعالية. هذا الاجراء اضافة الى قلة الامداد العسكرى ونوعيتة شل من قدرة المنطقة فى التحول من حرب العصابات الى الحرب التقليدية، مما كان سيؤدى الى تحرير مساحات اكبر تشمل كل اوبعض المدن لتعزيز موقفها التفاوضى متى ماوصل النزاع الى تلك المرحلة.



    والمحنا كذلك ان صعوبات عدة لاتزال تهدد تجارب المنطقة السياسية بالفشل وعزينا ذلك لغياب المرجعية وما يمكن ان تساهم بة فى تعزيز الوحدة، وضبط وترشيد العمل السياسى فى المنطقة لمنع توالد الكيانات السياسية من دون ضابط واسباب منطقية فى رقعة صغيرة مثل جبال النوبة.

    لكل ذلك سيظل مستقبل السلام فى جبال النوبة، رهينا بالقدرة فى السيطرة على تلك العوامل وافرازاتها لان هذة العوامل ستظل تعمل فى بنود ونصوص الاتفاق متفاوتة فى حدة تاثيرها قوة اوضعفا بضعف اوقوة مشاركة مواطنى المنطقة وموقفهم من طرفى الاتفاق.

    ثلاث قضايا ستكون فى صلب اتفاق السلام القادم الخاص بجبال النوبة وهى القوانين الدينية، التعليم، الوضع السياسى، وقضية رابعة ليس كذلك ولكن ستكون القاعدة التى سيرتكز عليها وحدها الاراء، الحلول، وضمان الاجماع حولها الا وهى الوحدة.


    القوانين الدينية:-

    بعد سقوط قناع العروبة لم يبق لمؤسسة الجلابة الا سيف الدين لاجل الاحتفاظ بالسلطة والثروة. وقد نسال كما تسائل الكثيرين عن ماالذى استفاد منة المواطن السودانى من ادخال قوانين سبتمبر( قوانين الشريعة الاسلامية) كبعد اخرفى تراكمات ماسية؟ فى الوقت الذى كان الاوجب تنقية تلك القوانين من كل شوائب الدين انسجاما مع الواقع السودانى بتركيبتة المتعددة والتى لاتحتمل الا العلمانية الشديدة السفور. لان ما احدثتة هذة القوانين من اذهاق للارواح ودمار وفتن فى السودان يفوق التصور، وان مداها كان اعمق بكثير فى جبال النوبة.


    فاقحام النميرى لتلك القوانين كان طابعة الغباء وبلادة الحس، واحتفاظ سوار الذهب بها تم من واقع الخيانة فى استيلائة على ثورة الجماهيرفى 1985 والتى لم تكن فى حوجة لمساعدة العسكر لانها اصلا ثارت ضدهم، كما ان التفاف الصادق المهدى حولها بالمناورة (بعد وصفها بانها لاتساوى قيمة الحبر الذى كتبت بة) كان دافعة النفاق والمصلحة الخاصة. والاخيرين كانا على ادراك تام بان الاستفتاء بقذف تلك القوانين بعيداقد تبدى فى ثورة الجماهير وطردها للشخص الذى قام باقحامها. لادراكها بان النميرى لم يقحم تلك القوانين الاكذريعة للتمسك بالسلطة ومكافئة نائبة العام باتاحة الفرصة لارهاب وتصفية خصوم الراى.

    وبعد ان تسلمت الجبهة الاسلامية امر السلطة اليتيمة فى السودان( وفق تسلسل منطقى وباتفاق مسبق بانها ليست بالاكثر حرصا على الاسلام من غيرها ولكن اكثرهم تنظيما ودموية) قامت بالباس القداسة لتلك القوانين باكثر مما يحتمل. وبرغم كل خيباتها وفشلها فى تحقيق اقل القليل للشعب السودانى، نجد لاول مرة وليس فى تاريخ السودان وحسب بل فى تاريخ كل الشعوب، ان يقوم الحاكم بانشاء جيش مواز للجيش الوطنى وغزو اجزاء من بلادة(جبال النوبة الانقسنا وجنوب السودان) بعد اعلانة الجهاد ضد مواطنى تلك المناطق بقصد اخضاعها وضمها للدولة الاسلامية اللغز، التى انشاءها الدستور والذى ساهم فى وضعة المسلمين وغير المسلمين على السواء!

    هذ الامر الغريب اشبة باعادة لانتاج ماسى تاريخ الغزوات الاسلامية لبلاد النوبة بقيادة عمر بن العاص، وكيف تحطمت على ايدى اسلافهم كما تحطمت على يدى خلفهم ايضا غزوات العميد عمر بن البشير. فابن العاص يسهل فهم دوافعة والتى هى دائما دوافع تبرير الاجنبى لغزو بلاد الاخرين، حيث يكون الجشع واستغلال الموارد والبشر، اهم تلك الدوافع مهما تمت تغطية ذلك بدعاوى نشر الدين او الحضارة.و لكن لم نستطع فهم دوافع عمر البشير ابن البلد المستعرب فى فعل ذلك، ولكن ومن الواضح ان ذلك الامر تم بتواتر غير منقطع النزعة العنصرية. فعمر بن الخطاب احتج بشدة لعاملة بمصر عندما سمع بحادثة تعرض المصرى القبطى للاهانة، مطلقا بذلك قولتة الشهيرة"متى استعبد تم الناس وقد ولدتهم امهاتهم احرارا" نفس عمر لم تحركة ذات النوازع الانسانية التى حركتة لانصاف المصرى القبطى عندما تعلق الامر بالنوبة، ووصل الى حد الفرض بارسال 360 نفسا(عبدا) بدلا عن360 رطلا من الذهب اوراسا من الماشية(اتفاق البقط) الى دولة الحق التى تفرق فى المعاملة بين البشر على اساس اللون.كذلك ماالفرق بين سلوك عمر البشير وجبهتة الاسلامية فى اقسار وترحيل آلاف النوبة من مواطنهم الاصلية ورميهم فى الصحارى وبين اتفاق البقط.


    الدين فى جبال النوبة وبحكم التركيبة الثقافية والاجتماعية لة ملامح قلما يوجد لها نظير فى اجزاء السودان الاخرى، فالاسرة الواحدة قد يسود بداخلها اكثر من معتقد واحد، كما ان علاقات الزواج لايحكمها ذلك الغلو وتلك الاشتراطات فى الدين الاسلامى بالنسبة لكل من طرفى الزواج، ومع ذلك فان هذة الاسر تبدو منسجمة ويسودها التسامح، الا ان قوانين سبتمبر قد عكرت صفو ذلك التسامح. وبمجىء نظام الانقاذ المتخلف وانتهاجة القتل والتعذيب باسم الدين، لم يقد الى كراهية الناس لة كنظام بغيض، بل تعداة الى كراهية الاسلام نفسة وبتحول الكثيرين لاعتناق المسيحية.


    للنوبة نظرة مبسطة للدين لاتقل عن بساطة نظرتهم للحياة من كل الجوانب. وبقدر ماوفرتة الاديان المحلية من طاقة روحية عالية. فانها ايضا عملت كوسيلة من وسائل الضبط الاجتماعى لتحفظ لهذة المجتمعات توازنها الاجتماعى، والاخلاقى،وحيويتها الثقافية مجنبة اياها كل هذة البلبلة والظلم وغموض المستقبل قبل التقاءها بالعرب المسلمين. فالفن بمثابة الرئة التى يتنفس عبرها النوبة، ولذا تميزوا بالابداع فى كافة جوانبة من الرسم والنحت الى الغناء والرقص.هذا الابداع حتمة تضافر جهود كلا الجنسين كنتيجة لعدم وجود حواجز منعت من التقاءهم، كما ان ضمان استمرار هذا الابداع يتطلب عدم وجود تلك الحواجز. فالحضارة النوبية خلفت الكثير من شواهد عظمتها فى التماثيل والرسوم كابداع تميزت بة الحضارات الافريقية والنوبية على وجة الخصوص. ولكن وبكل اسف فقد بداء هذا النوع من الفنون يموت تدريجيا الى ان توقف تماما نتيجة لانتشار الاسلام وسيطرة الفكر الاسلامى والذى يعد معاديا لها. ومن الغرابة ان نجد ان فى الوقت الذى كان الفقهاء المسلمين السودانيين يحاربون تلك الفنون بضراوة مبالغ فيها، كانوا لايعارضون بناء القبب والاضرحة وحج الناس اليها بقصد التبرك. هذا الفهم المتخلف والذى كان فى اعتقاد الكثيرين قد انتهى بنهاية اولئك الفقهاء وعصر الخرافة ومن ثم عودة السودان مرة اخرى الى طريق الحضارة، الا انة ظل يطل براسة ويظهر فى سلوك وتصرفات بعض الاداريين والسياسين. ففى عام 84-1983 قام القاضى عبدالرحمن ادريس(من الاخوان المسلمين) بعد تنصيبة محافظا لمديرية جنوب كردفان باصدار الاوامر بازالة وتحطيم التماثيل التى كانت تزين مداخل بعض المؤسسسات الحكومية ولفترة لاتقل عن النصف قرن من دون ان تؤذى احد فى عقيدتة.


    تاريخ الاسلام فى جبال النوبة ارتبط بمؤسسة الجلابة وبدورها فى ماسى تجارة الرق وكذلك بحاضرها المرتبط با ستغلال انسان المنطقة ومواردها الاقتصادية. هذة المؤسسة ولوقت طويل لم تكن تنظر الى الاسلام كعقيدة منفصلة عنها، والا لفقد افراد هذة المؤسسة خاصية استعمالة كاداة من ادوات التسلط والاستغلال. ولذا فقد قاموا بالسيطرة على كل مظاهر النشاط الدينى من الامامة فى مساجد المدن الكبيرة وحتى الصغيرة فى القرى، لان الامامة وفوق كونها وظيفة يتقاطى عنها الامام اجرا فهى وجة اخر من وجوة السلطة، مضافا اليها سيطرتهم على الموارد الاقتصادية لم يبق للنوبة الا الركوع خلفهم ومن ثم الخضوع لهم بدلا من الخضوع للة.

    اما وعلى الجانب الاخر فالمسيحين النوبة صاروا ومنذ وقت طويل وحدهم القائمين على شؤن كنائسهم، كما ان الوعظ والارشاد فيها يرتبط بمشاكل العباد ومايعيشونة حقا متستندا الى واقع الثقافى والاجتماعى وكل ما يحيط بهم. وعكس ذلك تماما لما يدور فى تلك المساجد من خطب، اذ تضج بدغدغة العواطف وبالتاليب ضد اصحاب المعتقدات الاخرى، وشد الناس الى قضايا لاتمت لهم بصلة وبصفة خاصة انسان جبال النوبة، لمحتواة الثقافى والاجتماعى الذى يقف فى الضد للمكون الثقافى للعرب والذى يشكل القاعدة الاساسية للاسلام.

    رغم البطش الذى مارستة الجبهة الاسلامية لمعارضة المواطن السودانى لهذة القوانين البربرية، فانها طوال هذة السنين لم تستطع ان تقدم مايخالف الاعتقاد بصحة ببربريتها، اوالاقتراب من اطراف الدولة الرومانسية اوالافلاطونية والتى ليس لها وجود الا فى خرافات الجبهة الاسلامية وبدعهها كجلسات الاخوة والاخوات الايمانية، وفى مطاردة شبابهم لاشباح بنات الحور العين.هذة القوانين صارت عبئا على اهل الانقاذ انفسهم وصارت تحرجهم شديدا كلما جاء ذكرها، واصبحوا يمسكون بها كامساك المهرج بشظايا الجمر. فقد قبلت باستثناء الجنوب منها ولم تستطع الاستناد عليها لاعلان الجهاد ضد مواطنى دارفور فى انتفاتضتهم ضدها، لانهم وقبل غيرهم يعلمون الى اية مدى اهتزت صورتهم خاصة بعد اخراج عراب تلك القوانين نفسة من بهرج السلطة وتاكيد ماظنة الناس كذبا فى فساد اهل الانقاذ وان ما يفرضونة على الناس لايطبقونة حقيقة على انفسهم.هذة القضايا وغيرها استدعت التساؤل حول اهلية كل من النميرى، سوار الذهب، والبشير كاناس اسوياء ناهيك عن صلاحية كل واحد منهم لاصدار اوالاحتفاظ بمثل هذة القوانين وتولى السلطة. فثلاثتهم جاؤا من مؤسسة يفترض ان تكون بعيدة كل البعد عن قضايا السياسة دعك من الشريعة اولاشريعة. ولكونهم جاؤا عن طريق القوة (الانقلاب العسكرى) فقد تميزوا بكراهية الديمقراطية، وكراهية الجماهيرايضا كما اتصفوا ايضا بالكذب،و ضعف الروح الوطنية، وحب الخرافة والوقوع تحت سطوة المشعوذين والدجالين. ووقوفهم بقوة وراء هذة القوانين البربرية يبرر نزعتهم الديكتاتورية لحماية انظمة فاقدة القدرة والعطاء

    الاتفاق الاطارى بمشاكوس اشار وفى اكثر من بند وفقرة بتاسيس الحقوق والواجبات على المواطنة (فقرة311 و63) واذا كان الامر كذلك فلماذا ابقاء هذة القوانين بدلا من استثناء الجنوب منها فقط؟ فجبال النوبة وبوقوعها داخل حدود الشمال ستكون معرضة لخطر سريان هذة القوانين حتى ولم تم تفاديها بطريقة اواخرى خلال الفترة الانتقالية والسبب فى ان هذة القوانين:-

    (1)معادية لثقافات النوبة وثقافات المجموعات الاخرى المشابهة لها فى اجزاء اخرى من السودان.

    (2) لم يجن السودان من وراء اقحامها اية فائدة تذكر بخلاف الدمار وازهاق النفوس ووضع وحدة
    السودان كلة فى خطر حقيقى.


    (3)الدولة الدينية، اى دين، كانت ترفعة كشعار ليست باقل اواكثر من دولة طاغوت وقمع، ولافرصة لاذدهار الديمقراطية اواحترام الحقوق فيها. لان هذة المعايير والقيم لم تات من فراغ وانما نتيجة للصراع بين الشعوب وبين الملوك المؤسسين طغيانهم على وهم حقهم الالهى فى الحكم. ولذا فاختلاف الترابى مع العشرة الكرام( اصحاب مذكرة العشرة)لم يكن اختلافا حول الديمقراطية اوالحرية والمساوة كما ظل يبشر بذلك بعد اخراجة من السلطة، وانما لفشل كل ادوات هذة الدولة الدينية(الشورى الحدود والوالى) كمناهج سياسية يمكن ان يؤسسس عليها الحكم فى العصر الذى نحن جزاء منة.

    (4)هذة القوانين وباستهدافها الصارخ للمواطنين على اسس عرقية وثقافية و.. الخ اسهمت فى ظهور التنظيمات العنصرية كالمراحيل وقريش فى جنوب السودان وجبال النوبة، والجنجويد فى دارفور وفوق كل ذلك الجبهة الاسلامية القومية فى عموم السودان كمحرك وداعم وملهم لهذة التنظيمات.

    (5)هذة القوانين جعلت من السودان مرتعا للارهابين والقتلة المنبوذين من كل بقاع الدنيا، وبالتضامن مع
    مهووسى الانقاذ احالوا ومعهم تنظيماتهم الدينية المتخلفة ارض السودان الى جهيم لم ينعم فية المواطن السودانى بادنى احساس بالطمانينة فى كم الجرائم الهائلة التى ارتكبت من قبل هذة المجموعات باسم الدين، سواء فى اماكن العبادة اوالعمل، وقيامها ايضا بمساعدة نظام الانقاذ فىتعذيب المواطنين وتجريد الحملات العسكرية ضدهم فى جبال النوبة.

    لذا فالحديث عن الدولة الاسلامية او بعض من ملامح هذة الدولة يعنى استمرار المعارضة ضدها وبالتالى عدم الاستقرار لكونها تكون موقفا معاكسا للصورة التى ينظر بها النوبة الى بعض القضايا مثل الموقف من المراة ودورها فى المجتمع، الجريمة وكيفية العقاب، و شرب الخمر فى مجتمعات النوبة
    فمثلا عندما يكثر الاسلاميون الحديث عن دور الاسلام فى تحرير المراة يثور التساؤل عن اية امراة واية تحرير
    استهدفها هذا الدور؟ بلاشك ففى هذا الادعاء الكثير من الصدق اذا كان المقصود بة المراة العربية ولكن لايصدق اذا اريد سحبة على المراة فى جبال النوبة. فالمراة فى السودان تاريخيا لم تتعرض لذلك الكم من المعاناة بمثلما صارت تتعرض لة بعد غزو المسلمين للمنطقة. فبينما كانت المراة فى سودان ماقبل الاسلام تعتلى قمةالسلطة وتعبد كالة كن المواليد الاناث يدفن احياء(الؤاد) فى جزيرة العرب( على الرغم من انتهاء الؤاد الجسدى الا ان االؤاد النفسى لازال تتعرض لة المراة العربية بشتى الطرق) اما وفى جبال النوبة فقد ظل وضع المراة وبالتالى دورها ليس محل نقاش داخل مجتمعات النوبة، حيث لم يقف عند حد المشاركة فى انتاج الغذاء بل تعداة الى المشاركة فى العمل العسكري وتولى السلطة والادارة. و منهن البطلة مندى بنت السلطان عجبنا اركان حرب والدها ابان قيادتة لثورة الاما(النجمانق) والمك زارا(زهرة)مك الوالى، وكذلك الحكيمة كوشى ام حجل بكادقلى هولاء ماكن ليكونن اعلاما فى مجتمع النوبة لوان ذلك المجتمع كان يمنع المراة حقها الطبيعى ان تعيش متحررة من كل مايكون خصما على انسانيتها.فالتحرير اصبحت المراة فى حوجة لة بعد دخول الاسلام ونشاط العرب المسلمين فى تجارة الرقيق وارتزاق حتى شيوخ الطرق الدينية من عائد تجارة الدعارة التى جردت المراة من انسانيتها كما جردت الرجل من كرامتة.

    شرب الخمر(المريسة) فى مجتمعات النوبة يرتبط بالطقوس الدينية، والمناسبات الاجتماعية، وبالانتاج الزراعى. لذا فشرب المريسة ظل دائما محكوما بالتقليد المتعلق بوقت ومكان والوضع الاجتماعى للشخص او الاشخاص الذين يجوز لهم التواجد باماكن تناولها. فالخمر بالفهم التجارى الذى يفصلة الدين حاملها بائعها صانعها....الخ لم يكن لة وجود الابعد دخول الاديان الوافدة نفسها. وللمريسة علاقة لاتنفصم عن النشاط الزراعى لانها تمد المزارع بالطاقة اللازمة للقيام بكل متطلبات ذلك النشاط. ولم تكن ابدا بدافع السكر اوالاسترخاء والا لرزحت مجتمعات النوبة تحت رحمة المجاعات وهذا مالم يحدث على الاطلاق.
    لايخلو اية مجتمع من الجريمة وكذلك العقاب المناسب لمعالجتها بهدف صيانة ذلك المجتمع، بالنظر لواقعة من حيث نوع الجرائم والظروف التى تدفع الفرد اوافراد ذلك المجتمع الى ارتكابها. وفلسفة النوبة تجاة الجريمة يقوم على مبداء الوقاية منها، من خلال اعلام الناس بهذة الجرائم عن طريق الغناء فى المناسبات العامة(الاسبار) والتشهير بالجناة وانواع الجرائم التى اقترفوها لاخافة وردع الاخريين منها. ولايعنى هذا تركها من دون عقاب ولكن ليس بالقسوة التى تصلها الحدود كقطع اليد والصلب، لعدم تناسبها مع طبيعة مجتمع النوبة كمجتمع زراعى تقليدى تكون اليد اوباقى اعضاء الجسم اهم ادوات الانتاج الزراعى فية. والاهم من ذلك كلة ان مجتمع النوبة مجتمع متعدد دينيا ليس بالاستناد على اماكن العبادة فقط ولكن داخل الاسر ايضا مما يصعب تصور خضوع كل فرد من افراد الاسرة الواحدة لقانون مختلف
    هذة القوانين( قوانين سبتمبر) ماكانت لتبقى طوال هذة المدة لولا حمايتها بالقوة الغاشمة من الديكتاتوريات العسكرية، فلذا يجب قوميا واقليميا ان تكون هذة القوانين اولى المواضيع الواجب التداول حولها فى برلمان ما بعد اتفاق السلام والغاءها يعنى طى واحدة من اكثر صفحات السودان قبحا وسواء ومن دون ذلك قد يقصر عمر الفترة الانتقالية من ست سنوات الى اقل من ذلك بكثير

    التعليم:-

    السودان من الدول القليلة ان لم يكن الوحيد لايفرق بين مايدخل فى صميم واجب الدولة في توفير التعليم وبين واجب الاسرة تجاة تربية ا طفالها. وعلى الرغم من فشل الحكومات فى تصميم مناهج تعليمية تحترم التعدد الثقافى، الاجتماعى، اللغوى... الخ فى السودان فانها مع ذلك تصر على الخلط بين الاثنين مع الفارق الكبير فى طبيعة كل واحد منهم.ا ولهذا الامر مقاصد واهداف، فكلمة التربية لم يعن بها رفع العب عن كاهل الاسرة فى مسؤليتها تجاة تربية الاطفال، بقدر ماهو مصادرة لحقها فىالاعتراض على خطط الدولة فى تشكيل هولاء الصغار مبكرا وفقا لايديولوجيتها واستراتيجيتها القائمة على الاسلمة والتعريب.

    لقد ظل منهج ولغة التعليم مشكلة حقيقة فى جبال النوبة منذ وقت طويل دون حل مرضى يوازن بين حق النوبة ودور الدولة فى التخطيط للعملية التعلبمية. وقد سعت الادارة البريطانية الى تطوير واستخدام بعض اللغات المحلية فى مجال التعليم، ولكنها تخلت عن ذلك المشروع الطموح لتتولاة مراكز التبشير المسيحى فى نطاق ضيق ورقعة جغرافية محدودة. اما انظمة مابعد الاستقلال فقد عمدت الى تصنيف تلك اللغات بالرطانات وبانها من دون اية مضمون ثقافى رفيع بجانب المبالغة فى تضخيم عدد هذة اللغات. وبالتالى تم وضع الخطط للقضاء عليها عبر الحملات الاعلامية المكثفة التى استهدفت زعزعة نفوس الناطقين واحلال اللغة العربية كلغة امر واقع، مع ان اللغات فى جبال النوبة لاتزيد عن الثلاثة عشرة لغة فقط. وبوجود تداخل لغوى مكثف فى المنطقة فان بعض من هذة اللغات ينتشر فى مساحات واسعة وبالتالى يمكن تقليص عددها الى اقل من ذلك بكثير كدحض للحجج والمزاعم المنادية بعدم استخدامها فى التدريس.
    بلاشك ان فوائد استعمال لغة الام يفوق بكثير استعمال اية لغة اخرى من عدة وجوة ومنها:-

    (1)استعمال اللغة المحلية يتماشى وينسجم تماما مع وسائل التدريس نسبة لتوفرها فى بيئة التلميذ وبالتالى ستسهم فى سرعة ورفع نسبة الاستيعاب والثقة فى النفس.
    (2)ترديد مقولة الحفاظ على الثقافة تكون بلا معنى ان لم تتم عبر استخدام اللغة نفسها.

    3) الحفاظ على الثقافات المحلية اثراء للثقافة العامة وضمان تجدد حيويتها على الدوام.

    مناهج التعليم فى السودان لاتعكس ولاتلبى حقيقة التنوع البائن فى المجتمع السودانى بقدر ماتلبى اهداف ضيقة هذة المناهج قادت الى خلق شخصية مضطربة وغير متوازنة. واخرى اميل الى استخدام العنف ضد الدولة تعبيرا عن رفضها لتلك السياسات التعليمية الاحادية النظرة. فاذا نظرنا الى نوعية المادة فى كتب المطالعة الاولية اوالابتدائية نجدها تنحو وبشكل سافر الى تمجيد الشخصية العربية وتزيينها بكل ماهو جميل وايجابى بينما وعلى العكس من ذلك تقوم باحتقار الشخصية الافريقية وتحشوها بكل ماهو سلبى وقبيح الصفات. ولناخذ مثالا على ذلك قصة حسن البطل فى كتاب المطالعة الاولية، حيث تذهب القصة على منوال حسن البطل ولد من اولاد العرب ورجب سرق البقر... الخ فالبطولة هنا كصفة ايجابية ربطت بحسن العربى بينما الحقت السرقة كصفة ذميمة وسلبية برجب المسكوت عن اصلة الافريقى. وكذلك فى قصة الدجاجة الصغيرة الحمراء، ولهذة القصة ايحاءتها فى ابراز اشكالية ورمزية اللون فى المجتمع السودانى المضطرب الهوية، فاللون الاحمر ويشار بة الى الجلابة قد اتصف هنا بالنشاط والمسؤلية وحسن التدبير، بينما تلقائيا عنى اللون الاسود اوغيرة من الالوان الاخرى بغير ذلك والا فلماذا لم تكن هذة الدجاجة الصغيرة سوداء اللون؟ وكذلك قصة فرعون وقلة عقلة، فالواضح ان القصد من هذة القصة هى غسل عقول الاطفال ودفعهم للخجل من الاعتداد بحضارات وثقافات السودان القديمة، وبعدم الحماسة لها برغم عظمتها وشموخها. لان العرب المسلمين وبجهل شديد يصفون الحضارات السابقة على الاسلام بالكفر،وكذلك محاولة وضعها من دون فى مصاف مساوى للفترة التى يسمونها هم بالجاهلية. الواضح ان هذة القصص وغيرها لم يقصد منها امتاع عقول الاطفال ذوى الاصول الافريقية ولابغرض تعليمهم مجردا من اية دوافع واغراض ايديولوجية.

    الاطفال تستهويهم الماثر البطولية ويتشكلون وفقا لذلك، لذا فالطفل ينشاء متحدا اومتقمصا لشخصية حقيقة اوخيالية ذات مواقف بطولية، ويسعى لاحلال نفسة مكان ذلك البطل. كما يقاوم وبشدة الشخصية الجبانة وبل قد يتاثر شديدا لمجرد وصفة بالجبن اوباوصاف اخرى مثل الكسل والغباء. وهو الاثر اوالانطباع الذى قصدت ان تحدثة مواد تلك المناهج فى نفوس وعقول الاطفال كخطوة اولى، ثم تتلوها خطوات اخرى وبها تكتمل الحلقة الشريرة( المؤامرة) وتبداء اولا بكراهية وخجل الطفل من لغتة وثقافتة والسعى بجدية لاجادة لغة البطل وهى هنا اللغة العربية. وبقدر مايزداد الحماس لتعلم اللغة العربية تزداد ايضا حدة الميل الى الهوية العربية والابتعاد تدريجيا عن تلك الافريقية. لذا فالكثير من السودانين اكتسبوا اومالوا الى تصنيف انفسهم كعرب منذ الصغر لوقوعهم فى شراك تلك المناهج، وليقوم الكثيرين من بعد ذلك بتصحيح هذا الوضع المختل بعدما وجدوا انفسهم فى صراع حاد من جهة الانتماء الحقيقى مع الاخر الخيالى، بينما ظل اخرون متمسكين بهذة الهوية التى صاغتها لهم تلك المناهج ولغتها بتلك الطريقة الشريرة.

    لكل ذلك صار النوبة ومن وقت ليس بالقصير ينظرون الى اللغة العربية بكثير من الشك والريبة لكونها تجاوزت دور ومفهوم اللغة مجرد،ا واصبحت تستعمل من قبل مؤسسة الجلابة بغرض صياغتهم وفقا لايديولوجيتها العنصرية. كما يشعرون ايضا بانها تحد من طموحاتهم لاستعمالها بطريقة ماكرة فى التصنيف، وباشتراط النجاح فيها كشرط اساسى لاعتراف الدولة و تلك المؤسسة للشخص لكى توفر لة مقومات النجاح. كما ان الربط غير المبرر بين اللغة العربية والاسلام ومفهوم الهوية الناتج عن ذلك الارتباط، قاد للشعور بالاضطهاد فى وسط تلاميذ المدارس لان لذلك الارتباط استراتيجيتة القائمة على:-

    (1)محاربة اللغات المحلية من خلال اعلان الحرب على التلاميذ واتخاذ الدولة من المدرسة ساحة لتلك المعركة غير المتكافئة الجانب.

    (2)اقسار التلاميذ على تغير اسماءهم الاصلية واستبدالها باخرى عربية قد تطال حتى الاسم الرابع.

    (3)اجبار التلاميذ على اتباع نظام دينى اسلامى جاف دونما اية اعتبار للخلفية الدينية لهولاء التلاميذ.

    لذا فقيام قيادة الحركة الشعبية باد خال اللغات النوبية فى العملية التعليمية بجبال النوبة امر جانبة الصواب، لان الحديث المكرور عن الحفاظ على الموروث الثقافى للمنطقة يكون بلامعنى ان لم يتم المحافظة على ادوات الثقافة نفسها واهمها بالطبع لغة تلك الثقافة نفسها. ولكن الدعوة الى احلال اللغة
    الانقليزية محل اللغة العربية موضوع يجب النظر الية بحكمة كى لاتكون هذة النقلة على حساب التلاميذ انفسهم خاصة اذا كانت الدعوة دافعها الحمية الثورية فقط.

    فاللغة اية لغة كانت ليس كل المشكلة ولكن من يقفون وراء تلك اللغة واستغلالهم لها هم اصل المشكلة، فان تم تحييد هولاء يمكن بالتالى السيطرة على تلك اللغة وتطويعها لخدمة الاهداف الحقيقية. بلاشك ان اتفاق السلام القادم سيعطى لادارة اولجنة التعليم بجبال النوبة قدرا كبيرا من الحرية، فى التخطيط ووضع مناهج جديدة بطريقة متوازنة وبضوابط صارمة تستوعب وتراعى حقائق التعدد السائد فى المنطقة، من دون الالغاء التام للغة العربية على الاقل طوال عمر الفترة الانتقالية. لان التحول من استخدام لغة بلغة اخرى ليس بالامر السهل، لكونة مشروع متكامل يتتطلب توفر مقومات عدة ذات كلفة باهظة قد لاتتساوى مع النتيجة المرجوة فى نهاية المطاف. تعميم استخدام اللغة الانقليزية ومع صعوبتة قد يتم حتى المرحلة الثانوية، لتقوم الصعوبة بعد ذلك فى وجود معاهد عليا مكتملة قادرة على استيعاب هولاء الطلاب، ثم تصميم اوايجاد اسواق عمل قادرة على تشغيلهم، مما يعنى التوسع فى استخدام اللغة الانقليزية ليس فى مجال التعليم وحسب بل فى الاماكن العامة ايضا، وهذا الوضع لايسهل تصورة الافى وضع كونفدرالى اواستقلال تام. هذا القرار ان لم تتم تسويتة اومعالجتة فسوف يؤدى الى:-
    (1)اختلال لغوى يؤدى الى تباين فى المناهج ومن ثم تباين فى النتائج والمواقف داخل المنطقة الواحدة.
    (2) تعطيل اوتاخير السنة الدراسية لحين الوصول الى حل وسط.

    (3) اللغط و الجدل فى كيفية تقنين اوضاع المدرسين الاجانب العاملين الان فى المناطق التى تسيطر عليها الحركة الشعبية بالمنطقة وقد تم استقدامهم بواسطة المنظمات غير الحكومية.

    (4) وجود اكثر من ادارة واحدة للتعليم وبالتالى ضرورة البحث عن مصادر تمويل اخرى
    وبما ان جبال النوبة ستتمتع بوضع جديد لة خصوصيتة داخل اطار السودان الموحد(حكم ذاتى) لكن سيظل خاضعا لبعض سياسات المركز فى الجوانب المتعلقة بالسياسة الخارجية والدفاع واللغة الرسمية ولكن سيكون للحكومة الاقليمية قدرا معتبرا فى توجية التعليم ولكن ليس للحد الذى يلغى تماما دور الحكومة المركزية خاصة فيما يتعلق بلغة التعليم

    اللغة الانقليزية منتشرة فى مساحة واسعة فى هذا وتستخدم فى كثير من دول العالم كلغة ثانية ويعود ذلك الى الحقبة الاستعمارية والى دورها الرائد كلغة للعلوم والتكنولوجيا وعبرها ايضا يتم نقل المعلومات والتى صارت تتضاعف بسرعة جنونية معجزة بذلك لغات اخرى واسعة الانتشار عن مسايرتها دعك من اللغة العربية. لذا فالحوجة لتعلم واجادة اللغة الانقليزية، صار اكثر من ضرورة لمواجهة هذا الواقع السريع الايقاع. وكمحاولة لمعالجة ماقد يطراء من تعدد للمواقف حول اى من اللغتين (الانقليزية ا والعربية) الواجب استخدامها فى التدريس بجبال النوبة نرى الاتى:-


    ( 1 ) طالما سيتيح اتفاق السلام القادم لادارة التعليم فى الاقليم قدرا كبيرا من الحرية فى التخطيط للسياسة التعليمية، وبالاخص وضع المناهج بالصورة التى تحقق مايهدف منها، لانرى قيام اية مخاوف من الابقاء على استخدام اللغة العربية ولو الى حين وحصرها فى مراحل معينة مقابل التوسع فى استخدام اللغة الانقليزية.

    (2)هذا الوضع يعد استثنائيا فى جبال النوبة مقارنة بجنوب السودان بالنظر الى التواصل فى استخدام اللغة الانقليزية، والتى ينظر اليها الجنوبيين كلغة اولى على الاقل من الناحية النفسية مقارنة باللغة العربية بخلو الاتفاق الاطارى بمشاكوس من النص صراحة اوالاشارة لموضوع اللغة فقد يفهم منة حق الجنوبيين فى حرية اختيار اللغة التى يرونها مناسبة لهم كلغة اسياسية حتى ولوتعارضت مع مايسمى باللغة القومية. اما وبالنسبة لجبال النوبة وكما حدد ذات الاطار المشار الية وضعيتها ضمن حدود الشمال فلن يكون للمنطقة ذات المرونة فى اختيار استخدام اللغة الانقليزية كلغة اساسية للتعليم.

    (3) بالنظر الى المناطق التى تسيطر عليها الحركة الشعبية بجبال النوبة والتى تنشط فيها المنظمات غير الحكومية خاصة فى مجال التعليم، تعتبر مناطق محددة مقارنة بتلك التى تسيطر عليها حكومة الانقاذ لذا يكون السؤال هو هل تستطيع هذة المنظمات القيام بتوسيع مدى نشاطها ليشمل المدارس الواقعة تحت سيطرة النظام؟ وايضا اذا كانت الميزانية التى ستخصص للتعليم ستكون موجهة للمدارس العامة فقط فهل يمكن مع ذلك حرمان الحكومة المركزية من المشاركة باية قدر فى ادارة التعليم؟ من جانبنا ان الاجابة على كلا السؤالين تكون بالنفى وللخروج من هذا الموقف يجب الوضع فى الاعتبار دائما السعى للتوفيق باستخدام كلا اللغتين الانقليزية والعربية بطريقة مقبولة ومعقولة.
    الوضع اوالشان السياسى:-

    لاشك ان الشعارات التى رفعتها الحركة الشعبية والجيش الشعبى لتحرير السودان من اجل سودان جديد، هى التى حفزت مواطنى المنطقة للانضمام اليها بغرض المساهمة فى حل مشاكل السودان المزمنة وليس لايجاد حلول لمشاكل منطقتهم. وقد تبلورت رؤية الحركة الشعبية فى مشروع السودان الجديد، فى تدمير كل مؤسسات التخلف باعتبارها دعامات اساسية للسودان القديم والذى اثبت فشلة فى تحقيق احلام السودانين فى العيش وفقا لمعاير العدالة المساوة والحرية. والمؤسسات المعنية بذلك هى المؤسسة العسكرية والا حزاب الطائفية لفقدانها الحس الوطنى وان دورها اصبح محصورا فى حماية الاقلية المستعربة، ووجودها فى السلطة بهذا الشكل يعنى عدم تمثيلها لكل اهل السودان.

    لم يشك احد فى صحة ومنطقية هذا التحليل، كما لم يشك احد بان الجيش الشعبى لتحرير السودان المنوط بة اجاز هذة المهمة، ان يكون هو الاخر معافى من كل الامراض التى تمكنة من احلال نفسة مكان تلك المؤسسة بعد القضاء عليه.كما ان يقوم جناحها السياسى ايضا با نزال تلك الشعارات الى ارض الواقع السودانى من منطلق انها كانت مطبقة وبطريقة جيدة فى المناطق الواقعة تحت سيطرتها وبواسطة كوادرها المدربة والمعدة لذلك بعد تحريرها لعموم السودان من خلال الزحف على الخرطوم كما يصور ذلك منفستو الحركة. ولكن يجوز القول وبكل سهولة بان الجيش السعبى لتحرير السودان وبصورتة تلك، يعد اكثر تخلفا من الجيش الذى يسعى لاحلال نفسة مكانة، لانة وبمضى الوقت وجد ان اقدس مهامة تنحصر فى قمع القبائل الجنوبية المناوئة لتركيبتة القبلية، والتى تنظر الى الجيش الشعبى كجيش احتلال مهموما بتغير الخارطة السكانية لجنوب السودان لصالح الدينكا، بالاضافة لحماية مصالح قادتة القبليين فى مواجهة قادة الملشيات الجنوبية الاخرى. اما سياسيا فقد فشلت الحركة الشعبية فى الاقتراب ولوقليلا من باقة الشعارات التى رفعتها، فقد فشلت فى احترام الحقوق، ومحاربة الفساد المتوطن، وفى اعلاء الروح الرفاقية وسط مقاتليها وجماهيرها على حد سواء.

    للحركة حكومات قامت فى مراكز اللا جئين باثيوبيا، ولكن وبكل اسف فقد انحصرت مهمة كوادر تلك الادارات فى توزيع واستغلال مواد لاغاثة، بالاضافة لابتداع الحيل والطرق الملتوية وفرضها على اللا جئين بهدف خداع منظمات الاغاثة بغية المحافظة على استمرار وتدفق المعونات بنسب تفوق بكثير اعداد اللا جئين. و تنامى نفوذ تلك الكوادر متخذا شكل العصابات المنظمة على اسس قبلية مستمدة حمايتها فى ذلك من كبار ظباط الحركة. وقد تحكمت هذة المجموعات فى سرقة وبيع المواد الغذائية وغير الغذائية فى الاسواق الاثيوبية لصالح هولاء القادة. هذا الوضع المختل كان ايضا النموذج السائد فى المناطق الواقعة تحت سيطرة الحركة الشعبية بداخل السودان.فقد انعدمت تماما اية برامج لتدريب المواطنين اوالجنود فى الاعتماد على الذات لانتاج الغذاء، كما انعدمت ايضا الخدمات الضرورية فى مجالات التعليم والصحة. ربما يعود السبب فى ذ لك الى ان معظم اسر كبار قادة الحركة يقيمون بعواصم بعض الدول الافريقية والاوربية اوالاميريكية.


    كل هذة الممارسات مضافا اليها الانتهاكات والتصفيات الجسدية ادت الى زيادة حدة الخلاف بين اللا جئين فى المعسكرات الاثيوبية وبين المواطنين فى مناطق الحركة بداخل السودان على اسس قبلية. ولذا لم يكن مستغربا ان تصل الامور الى تلك الدرجة من القبح بين المواطنين بعد خروجهم من اثيوبيا ولجوئهم مرة اخرى الى كينيا. فبعد شعور اللا جئين بالحماية والعدالة والحرية التى افتقدوها طويلا فى اثيوبيا لتواطوء نظام منقستو مع الحركة الشعبية، اظهرت السلوكيات انعدام الحد الادنى للوحدة داخل وبين هذة القبائل، كما قاد المناخ الجديد الى خروج الكثيرين عن صمتهم والتحدث علانية عن مرارات وتجارب الماضى.هذة الامور تطورت من بعد ذلك الى نزاعات قبلية دامية واذدادت حدتها خاصة بعدما اطلت الحركة الشعبية براسها فى محاولة ياسة لاستعادة ماافتقدتة طوال سنين السيطرة والاستغلال.
    اما وفى جبال النوبة فقد كانت الاوضاع مقارنة بتلك فى جنوب السودان اوجنوب النيل الازرق فيمايختص بتنمية القدرة فى الاعتماد على الذات وتاصيل العمل المؤسسى تعد افضل حالا، اذ ظل المواطنون وجنود الحركة يتولون مهمة انتاج الغذاء، والقيام بتدريب الكوادر الضرورية فى مجالات الصحة والادارة والقانون وغيرها. ولكن اكثر تلك المنجزات اهمية انشاء مايعرف بالمجلس الاستشارى لجبال النوبة، فى محاولة جادة من القيادة هناك لايجاد قناة يتم عبرها اشراك واخذ راى المواطنين فى القضايا الاسياسية. بلاشك فهى خطوة رائدة فى اتجاة التحرير الحقيقى القائم على اسس الديمقراطية والاعتماد على الذات، ولكن ولظروف العزلة الطويلة التى تعرضت لها المنطقة، بجانب تمحور نشاط الحركة السياسى وتركزة فى شخص زعيمها، لم يساعد على نقل هذة التجربة خارج حدود المنطقة ولذا بقيت غير قابلة للتطور ومن ثم محدود الاثر. لقد ظلت تلك المحاولة الوحيدة الجادة تجاة بناء المؤسسات واشاعة اصول العمل اليمقراطى داخل الحركة الشعبية والتى كانت فى امس الحاجة الية لتنمية قدراتها كحركة لها تطلعات بتلك الضخامة.

    فى نهايات عام 1991 قامت الحركة بمحاولة ياسة منها لتصحيح تلك الاوضاع الخاطئة باصدارها مايسمى بمقررات توريت، وقد اشتملت على تفصيلات كثيرة حول نية الحركة الشعبية فى الشروع لبناء المؤسسات، والاستعداد لتقديم الخدمات الضرورية، و اشراك الجماهير فى القرار. ولكن تلك المقرارات لم تحظ بوضعها تحت التجربة لانها جاءت فى وقت كان فية نظام الانقاذ يشن حملتة المشهورة بصيف العبور دافعا بذلك الجماهير للفرار والعبور الى دول الجوار.

    ايضا وفى عام1994 وكمحاولة من الحركة لامتصاص اثار فصيل الناصر، قامت بالدعوة لعقد مؤتمر شقدوم والذى اوكلت مهمة اعدادة ورئاستة للقائد يوسف كوة، الا ان مقراراتة ذهبت فى اتجاة مغاير لماكان متوفعا وبالتالى فشلة فى تحقيق الغاية المرجوة منة للاسباب الاتية:-

    (1) فشل المؤتمر فى التوجة بصدق لارساء قواعد العمل المؤسسى لفشلة فى اقامة خط فاصل بين الحركة الشعبية وبين الجيش الشعبى كخطوة اسياسية يتم وفقا عليها معالجة القضايا الاسياسية كتركز السلطات، والانتهاكات، والفساد الخ لان الخلط بين الاثنين ظل عائقا امام الوصول لمعالجة تلك المشاكل.
    (2) قيام المؤتمر بتكوين حكومة مع ادراكة التام بعدم جدواها وفعاليتها، تماما كعدم جدوى وفعالية مجلس القيادة السياسية والعسكرية العلبا السابق، كعاامل اساسى فى انشقاق مجموعة الناصر لاسباب تتعلق برفض جون قرنق فى العمل انطلاقا من ذلك المجلس.

    (3) لم تركن قيادة الحركة لا لشعاراتها ولالابسط معايير العدالة عند توزيعها المناصب الوزارية لتلك الحكومة الصورية، حيث ذهبت معظم الحقائب الى الاشخاص من قبيلة الدينكا بما فيها رئاسة الحكومة ووزارة الدفاع وكانتا من نصيب جون قرنق، بينما وزارة واحدة هى السياحة كانت من نصيب جبال النوبة وتقلدها القائد دانيال كودى.
    (4) اتساقا مع النقطة السابقة فهذا المؤتمر الغريب قد ارسى لمفهوم التهميش داخل التهميش، وهى النقطة التى رفضها و اثارها زعيم الحركة الشعبية ساخرا من رئيس وزراء حكومة انتفاضة1985 الجزولى دفع اللة، عندما استفسرة جون قرنق عن سبب وجود ثمانية وزراء داخل حكومتة الانتقالية من اقليم واحد هو اقليم الجزيرة، حيث كان رد الاخير بان الصدفة وحدها كانت وراء ذلك. اما وماحدث فى شقدوم فلانعلم ما اذا كان جون قرنق قد نسى ذلك الاستفسار عندما جاء معظم وزرا ء حكومتة غير الانتقالية من قبيلة واحدة ام ان الصدفة ايضا كانت وراء ذلك !

    تلك كانت احداث وخلفيات الماضى التى شلت من قدرة الحركة فى تقديم نفسها كبديل مقبول للجنوب ناهيك عن السودان كلة، لانها لم تسع بصدق لمعالجة قضاياها الاسياسية، وبل عمدت بتركها جانبا لتغرق نفسها فى وهم الوصول الى السلطة عبر القوة المسلحة، لتفيق من بعد وتجد بان عليها اتباع طريق اخر لن يوصلها الى كل السلطة فى السودان بل ليس فى الجنوب نفسة.
    بقبول الحركة التفاوض قامت استراتيجية وسطاء الايقاد على تجزئة التفاوض من خلال تجزئة الحركة نفسها كخطوة اولى، ولكنها سرعان مااكتشفت مايمكن ان تسببة هذة الاستراتيجية من ثقوب
    فى جدارها الامنى، فلذا وقفت وبشدة للحيلولة ودون قيام اولئك خارج حدود الجنوب(جبال النوبة والانقسنا) بعقد اتفاقات سلام منفردة وبضرورة ارجاء ذلك لحين الوصول الى اتفاق حول القضايا الامنية على ان تترك بقية القضايا لتعالج فى اطار مايسمى بالمناطق المهمشة. لذلك فان زيارة زعيم الحركة الشعبية الى جبال النوبة وباصطحابة لكل من ادوارد لينو ومالك عقار قصد ان يكون لها مغزيين امنى واخر سياسى، كما ان قبول زعيمم الحركة الشعبية شخصيا بالتفويض للتفاوض عن اهالى المنطقة لم يخرج عن ذلك الاطار.

    زيارة زعيم الحركة الشعبية الى المنطقة يجب ان ينظر اليها باعتبار ماسيكون وليس ماكان، لانة يعلم بان استقرار الحركة سياسيا على الاقل خلال الفترة الانتقالية يعتمد ايضا فى حفاظة على ولاء سكان المنطقتين(جبال النوبة والانقسنا) كما اعتمد عليهم عسكريا ليبق فى وجة كل المصائب التى واجهها، ولادراكة بان الوصول الى السلطة سيكون عبر صناديق الانتخابات المقترح قيامها خلال اوبعد النصف الاول من الفترة الانتقالية. امنيا فالحركة تدرك بان استقرار حكمها لجنوب السودان يعتمد فى عدم قيام نظام الانقاذ بزعزتة مستخدمة فى ذلك المليشيات الجنوبية، ولمقابلة ذلك فان الحركة ستتضع كل من جبال النوبة والانقسنا فى استراتيجيتها كقنابل موقوتة لمواجهة ذلك الاحتمال. لان هاتين المنطقتين ستظلا وبطبيعة الحال متاثرتين ومتجاوبتين مع الاحداث فى جنوب السودان، وليس شمالة والذى قد يكون طابع العلاقة مع انظمتة السياسية العداء والتوتر.
    الحركة وبعداءها الشديد للديمقراطية والعمل المؤسسى فى السابق بجانب الصعوبات التى ستواجهها فى حكمها الجنوب ومشاركتها حكم السودان، قد لاتتمكن من بلورة نفسها الى حزب فاعل خلال هذة ا لفترة الوجيزة السابقة لقيام الانتخابات، وبالتالى فليست هناك خيارات كثيرة امامها سوى السعى لا قامة تحالفات سياسية وبصفة خاصة فى جبال النوبة والانقسنا بالنظر الى تعاطف جماهير تلك المناطق معها. لذا فان قيام تحالف سياسى بعيدا عن العاطفة والاوامر والتعليمات سيكون ذا فعالية اكبر، كما سيكون بديلا مريحا للحركة اذا ما كانت غير قانعة بمقترح الشراكة بينها وبين حزب الانقاذ. فالتحالف كخطوة اولى ومن ثم توليف امكانيات اطراف هذا التحالف سيزيد من فرص
    وصولة الى السلطة، وبخلاف ذلك فلن يصب الا فى مصلحة حزب الانقاذ والاحزاب التقليدية
    الاخرى. ولكن وقبل ان نطلق العنان لعواطفنا والغوص بعيدا عن الموضوعية، يجب ان ننظر الى حالة الواقع السياسى بجبال النوبة وتمزقة بين كيانات سياسية عدة، وفى امكانية قيامها منفردة على مواجهة الواقع المقبل علية السودان والمنطقة معا ونجملة فى النقاط التالية:-

    (1) هذة الكيانات ليس لها نشاط وبرامج فعلية وبعضها لاهى احزاب كاملة النشاءة ولابخطوط سياسية داخل الحزب الواحد وانما اجنحة فقط لايعلم احد لماذا بقيت هكذا والى متى سيظل هولاء محلقين بها؟ و ايضا ماتم فى كاودا بعد تكوين الحزب القومى السودانى المتحد من انقاض الاحزاب الاربعة، عادت الامور لتعطى انطباعا مغايرا وكانما تلك الوحدة كانت طارئة اواضطرارية، وقصد منها فقط احداث فعل مؤقت( وجود حزب واحد فى ذلك المكان) ليتم عبرة تفويض زعيم الحركة الشعبية تفويضا رسميا وشعبيا. لان وبانتهاء فعاليات ذلك المؤتمر نفضت ثلاث من زعامات تلك الاحزاب يدها عن تلك الوحدة التاريخية، ليسهم ذلك الموقف فى قيام واضافة حزب آخر خامس.


    (2)لاشك ان الحركة الشعبية ستتطور الى حزب سياسى بموارد ضخمة وسيسعى للاسترخاء فى المعاقل التاريخية للحركة خارج حدود الجنوب فى جبال النوبة والانقسنا، خاصة بعد احساسها بخيبة امل التجمع فيها كرد فعل على مواقفها التفاوضية والذى يراة قد ابتعد كثيرا عن مقررات اسمرا.هذا التمدد بلاشك سيضع كيانات المنطقة امام خيارين اما التلاشى بالذوبان فية واما البقاء على حالها ككيانات عد يمة الجدوى. كما يجب الوضع فى الاعتبار ان اتفاق السلا م الخاص بجبال النوبة سيعطى الحركة الشعبية وحزب الانقاذ تمثيلا معتبرا فى المناصب السياسية وفى عضوية المجالس على المستويين الاقليمى والقومى ونسبة ضئيلة من ذلك ستذهب لبقية الاحزاب الاخرى من دون اية مقدرة فى الاعتراض عليها.

    (3) هذة الكيانات لم تستطع نقل نشاطها السياسى بفعالية خارج حدود المنطقة بالنظر الى التركيبة السياسية التقليدية فى السودان سابقا، كما انها لن تستطيع فعل ذلك فى المرحلة القادمة، ولذا فستظل تزاحم اتحاد عام جبال النوبة فى منطقة نفوذة الطبيعى وتشل من قدرتة الحقيقة للاضطلاع بدورة فى المنطقة ككيان مطلبى يناضل فقط من اجل مصالح المنطقة ولايغلف نشاطة السياسى باية برامج ذات طبيعة قومية.


    (4) المكتسبات التى سيعود بها اتفاق السلام القادم للمنطقة تحتاج الى كتلة سياسية واحدة منظمة تستطيع الحفاظ عليها وحمايتها وتطويرها من خلال قاعدة جماهيرية متماسكة لايوفرها الا كيان سياسى واحد متماسك. موضوعيا هناك شواهد لاتترك مجالا للشك فى ان خيار الجنوبين الحقيقى سيكون لجانب الانفصال، وان تم اختيارهم للوحدة فستكون الكونفدرالية هى الشكل الغالب للوضع السياسى فى السودان، وكلا الخياريين ستكون لة تاثيراتة على المنطقة وفى استقرارهاايضا. ولذا فهناك اكثر من ضرورة فى وجود كيان سياسى واحد قوى يستطيع ان يتفاعل مع تلك المستجدات فى وقتها بحيوية ومرونة لكى يضمن للمنطقة استقرارها وحماية مصالحها الخاصة.


    (5) الديكتاتوريتين السابقتين(عبود ونميرى) كانتا خصما على انسياب الممارسة الديمقراطية والعمل الحزبى الناضج فى السودان عامة، اما فى جبال النوبة واضافة لذلك فقد ادى الى توالى الانشطار من دون انتاج حقيقى لعمل سياسى راسخ عقب نهاية كل مرحلة من تلك المرحلتين. اما الديكتاتورية الثالثة(الانقاذ) وبرغم كونها الاكثر اعتداء وانتهاكا للحقوق والحريات، ستظل باقية فى الساحة السياسية وكشريك اساسى فى السلطة من دون حل بعض من اجهزة حزبها(المؤتمر الوطنى) القمعية، ولذا فالمنطقة ليست بحاجة الى كيان سياسى جديد بقدر ماهى محتاجة فعلا الى روح وطاقة سياسية جديدة تقابل بها المرحلة القادمة وهى مرحلة الحزب المدعوم اقتصاديا وعسكريا(المليشيات).
    ويعود ضعف هذة الكيانات الى ضعف اسباب نشاءتها وتوالى انشطارها( من نواة واحدة
    هى اتحاد عام جبال النوبة) من دون منطق اوحوجة وبطريقة اشبة بالنسخ والمسخ من الاحزاب الحقيقية ذات برامج قومية وانشطة سياسية حقيقية، مما يسهل وصفها بالروابط وزعماءها بدعاة حقوق.
    اهمية الاصلاح السياسى بالمنطقة، تنبع من ان علاقة المنطقة النضالية بجنوب السودان ستستمر بشكل اواخر خاصة فى الجانب السياسى، وقد لاتكون هذة العلاقة متساوية الكفة ايضا كما كانت فى السابق اذا لم تقابل بتنظيم سياسى قوى.لذا ومن دون الاشارة الى هذا الحزب اوذاك، تكون الدعوة الى عقد مؤتمر سياسى جامع لكل تنظيمات ومنظمات المنطقة السياسية وغير السياسية اهميتة لاستصدار ميثاق وعقد سياسى جديد.
    الوحدة:-
    قلما وجدت قرية بجبال النوبة من ان لايكون لها مجلس يؤمة كبار السن(راكوبة) وكذلك الشباب بغرض الانس وللتشاور حول القضايا التى تهم القرية. هذة الرواكيب لعبت ولاتزال تلعب دورا مهما فى حفظ امن ووحدة راى سكان القرية حول اية قضية قد تعرض مصلحتهم اووحدتهم للخطر، بحكمة وروية من جانب كبار السن فيها. وهى ظاهرة انسانية وسمة من سمات الثقافة الافريقية البارزة ومنها جاء مصطلح الحكمة الافريقية اومجلس حكماء افريقيا. ووجودها ذلك (الرواكيب) كان بمثابة تعويض عن غياب السلطة المركزية والادارة المدنية ولغياب الدولة نفسها. ففى جبال النوبة كان الكجور ممثلا للسلطتين الدينية والادارية ويقف ايضا كرمز ومرجعا لذلك المجتمع، يعاونة فى ذلك مجلس تحدد فية مهمة كل عضو. وبعد قيام الادارة البريطانية بفصل السلطتين وتوزيعها لسلطة الكجور الادارية بين العمد والمكوك والنظار(الادارة الاهلية) تم اضعاف مكانتة الرمزية ودورة المرجعى داخل تلك المجتمعات، لتقوم الرواكيب من بعد بلعب هذا الدور. وحتى هذة اللحظة وبعد ان صارت صناديق الانتخابات وسيلة لاختيار المرشحين للمجالس النيابية فى السودان. صارت لهذة الرواكيب قوة سياسية ذات بعد ديمقراطى ودور هام تلعبة على المستويين المحلى والقومى بالنظر الى نوعية الانتخابات. منها يمكن التكهن اى المرشحين تبدو فرصتة فى الفوز اكبر من غيرة، متى ماكان هناك حماس لهذا المرشح، حتى ولوكانت قدراتة السياسية محل شك. لان الجموع تكون قد كونت رايها القاطع استنادا على وحدتهم وليس بالضرورى ان يكون مبعثعها وحدة الراى السياسى. ولذا فنجاح المرشح يعتمد فى نجاحة على كسب اكبر عدد من هذة الرواكيب لجانبة، وقد فطنت الاحزاب التقليدية لهذة الميزة فى السابق واكتفت فقط بارسال المرشحين الى المنطقة لالكى ينتخبهم الناس وانما لتزكيتهم.كما استخدمتها حكومة الانقاذ ايضا ولكن بطريقة مغايرة من خلال مايسمى بالامن الشامل(الامن القبلى) بهدف متابعة ورصد حركة الافراد والجماعات لمنع قيام الاحتجاج ضد الانتهاكات اللا انسانية التى مارستها ضد المواطنين النوبة، وكذلك لمنع تنامى الشعور بالتعاطف تجاة الحركة الشعبية. هذة الرواكيب بما لها من بعد ثقافى، واجتماعى، وسياسى ذو تاثير يمكن الاستفادة منها بتطويرها فى شكل اكبر لتعزيزالوحدة بين اعراق المنطقة، لان الوحدة كشى معنوى لايمكن التحقق منها الابوجود مايرمز اليها باية شكل من الاشكال.

    الشعوب التى يشابهة وضعها ذلك الوضع المعقد فى جبال النوبة، قد لايلعب الحزب السياسى لوحدة دور الجسم الموحد، بل على العكس من ذلك قد يكون عبئا وعاملا فى تشتيت الجهود وسرعة انقسام الراى. ولكن وجود مايرمز للوحدة فى شكلها المرجعى يساعد فى الحفاظ على تماسك المجموعة وصيانتها من الانقسامات الحادة. وبما ان المنطقة مقبلة على تغيرات جذرية فان مقابلة ذلك من دون وحدة صلبة سيكون صعبا، لان الوحدة ستمكن الجميع من تجاوز العوائق الناجمة عن حقائق التعدد اللغوى، الثقافى، الدينى، والسياسى. لان جهات عدة مدفوع كل بحسب مصلحتة سيسعى لعرقلة اية جهود لتعزيز الوحدة بين وداخل اقليم جبال النوبة، ولذا فانشاء او تطوير المجلس الاستشارى لجبال النوبة( الان مجلس التحرير) لكى تكون لة قوة المرجعية ووقوفة ايضا كرمز لوحدة سكان المنطقة امر يجب ان يولى الاهتمام.
    Abdelmuniem Althahir Bashir /kitchener/Ontario/Canada























                  


[رد على الموضوع] صفحة 1 „‰ 1:   <<  1  >>

تعليقات قراء سودانيزاونلاين دوت كم على هذا الموضوع:
at FaceBook




احدث عناوين سودانيز اون لاين الان
اراء حرة و مقالات
Latest Posts in English Forum
Articles and Views
اخر المواضيع فى المنبر العام
News and Press Releases
اخبار و بيانات



فيس بوك تويتر انستقرام يوتيوب بنتيريست
الرسائل والمقالات و الآراء المنشورة في المنتدى بأسماء أصحابها أو بأسماء مستعارة لا تمثل بالضرورة الرأي الرسمي لصاحب الموقع أو سودانيز اون لاين بل تمثل وجهة نظر كاتبها
لا يمكنك نقل أو اقتباس اى مواد أعلامية من هذا الموقع الا بعد الحصول على اذن من الادارة
About Us
Contact Us
About Sudanese Online
اخبار و بيانات
اراء حرة و مقالات
صور سودانيزاونلاين
فيديوهات سودانيزاونلاين
ويكيبيديا سودانيز اون لاين
منتديات سودانيزاونلاين
News and Press Releases
Articles and Views
SudaneseOnline Images
Sudanese Online Videos
Sudanese Online Wikipedia
Sudanese Online Forums
If you're looking to submit News,Video,a Press Release or or Article please feel free to send it to [email protected]

© 2014 SudaneseOnline.com

Software Version 1.3.0 © 2N-com.de