التني.. مناطحة الأوشاب وصلوات الوجدان بقلم عماد البليك

مرحبا Guest
اخر زيارك لك: 04-26-2024, 08:45 PM الصفحة الرئيسية

منتديات سودانيزاونلاين    مكتبة الفساد    ابحث    اخبار و بيانات    مواضيع توثيقية    منبر الشعبية    اراء حرة و مقالات    مدخل أرشيف اراء حرة و مقالات   
News and Press Releases    اتصل بنا    Articles and Views    English Forum    ناس الزقازيق   
مدخل أرشيف اراء حرة و مقالات
نسخة قابلة للطباعة من الموضوع   ارسل الموضوع لصديق   اقرا المشاركات فى شكل سلسلة « | »
اقرا احدث مداخلة فى هذا الموضوع »
06-17-2015, 08:34 PM

عماد البليك
<aعماد البليك
تاريخ التسجيل: 12-09-2013
مجموع المشاركات: 118

للتواصل معنا

FaceBook
تويتر Twitter
YouTube

20 عاما من العطاء و الصمود
مكتبة سودانيزاونلاين
التني.. مناطحة الأوشاب وصلوات الوجدان بقلم عماد البليك

    07:34 PM Jun, 17 2015
    سودانيز اون لاين
    عماد البليك -مسقط-عمان
    مكتبتى فى سودانيزاونلاين



    لا يحكى




    يشير تيار تأسيس الحساسية الشعرية المبكرة في السودان إلى محصلة من الإشارات التي لم يقف عنها التفكير الجمعي الثقافي بوجه خاص، بمراجعات عميقة تربط بين هذا الحصاد الثرّ وحركة النضال الوطني ومشروع الثقافة في علاقتها بالوطن المستقبلي وصراع الإنسان في الوجود، وجدليات العالم والحياة بشكل عام. وفي هذا فإن تجربة شعراء الريادة أمثال التيجاني يوسف بشير ومحمد أحمد محجوب ويوسف مصطفى التني وآخرون، تمثل حركة ثورية هادئة ما زالت جذوتها مشتعلة باتجاه قضايا الوطن وأزماته إلى اليوم، بل أنها تحمل من الأبعاد الفلسفية العميقة التي لم يقف عندها الباحثون بجدية تامة في إطار قراءة واعية تدرك أن عمق الأمس يشكل ملهاة اليوم.
    تعتبر تجربة الشاعر يوسف مصطفى التني (1907 - 1969)، ضمن تيار التأسيس الواعي لحقيقة الانتماء والوطن، وسؤال الذات بشكل عميق في زمانه، وهو يمثل جسر الانتقال من مرحلة المجتمع إلى الدولة الحديثة ومحاولة استنطاق ذلك في مشروعه الشعري، الذي مازج بين أسئلة الذات المباشرة والأسئلة المفتوحة باتجاه الشأن العام، وهو يمزج ذلك بالوظيفة العامة التي تنقّل فيها ما بين عدة أعمال كالجيش والصحافة والدبلوماسية، وهذا في جملته يعطي تجربة زاخرة وتنوعا في الرؤية لخصائص العالم الخارجي في فترة تتسم بالحراك والاستفهامات الغامضة باتجاه تشكيل وطن جديد يولد للتو.
    لقد تمثلت في شخصية التني صورة ذلك الشاب الذي يعيش المزاوجة بين عصرين، عصر الإنسان التقليدي الذي تربى على قيم المجتمع الكلاسيكية وعصر الانفتاح والحضارة، باعتباره من خريجي كلية غردون التذكارية ومن أوائل المهندسين ورواد العمل السياسي الذين نظروا كذلك إلى الثقافة بوصفها مدخلا للتحرر والتنمية كعدد من أبناء جيله وهو اتجاه كان سائدا في مطلع الثلاثينات من محاولة مساءلة للمستقبل والذات وفهم الشخصية السودانية وإن لم تكن الأسئلة قد تعمقت بل وتشظت، كما هي عليه اليوم.
    وقد صدر ديوانه الأول "الصدى الأول" مبكرا في سنة 1938م وبهذا يمكن اعتباره من الملامح المهمة في قراءة الشعرية السودانية في ريادتها، بجانب التيجاني وطمبل والآخرين، كذلك صدر له ديوان "السرائر" وديوان "التني" في سنة 1955م بالقاهرة. ويلفت مجايلوه إلى أنه اهتم بعذابات الوطن وقضايا التحرر لكنه لم يهمل في هذه المشروعات الإبداعية بعدا جماليا وإنسانيا يكاد يلامس الوجدان رغم أنه كتب شعره في النسق الكلاسيكي للقصيدة، لكن يظل الموضوع هو مركز الثقل في القراءة والوقوف على عمق تجربة التني التي هي كذلك بها مسحة الحزن الشفيف، وفيها محاولة التفكير من خلال صوت القصيدة وهذا يقود من صعيد آخر إلى تجربته مع المقالات والكتابة ومشروعه في الكتابة الأدبية ودراساته حول الشعر والجمال وعمله بالصحافة حيث وصل منصب رئيس التحرير في صحيفة الأمة، لكن ذلك لم يمنع من أن يتم تعريفه بوصفه شاعر في الصفة الغالبة.
    لقد عمل هذا الجيل المبكر على نقل الشعر السوداني من التقليدية والتركيز على موضوعات محددة كالرثاء والمديح إلى الهم الوطني العام والطابع الوجداني الإنساني الممتزج بالنفس الصوفي الذي يشكل أحد ملامح الشعر السوداني كما يرى الناقد عبد الهادي الصديق في كتابه المهم "أصول الشعر السوداني"، وكان للتجربة الميدانية والاحتكاك بالعمل العام ومفهوم الوظيفة الحديثة كل ذلك دوره في تشكيل رؤى جديدة للحياة وأسئلة أكثر إلحاحا عن أجيال سابقة – قبل الدولة المدنية - لم تعرف كيف تصوغ موقفها الجدلي الواضح من العالم حيث كان الطابع التداخلي ما بين الميثولوجيات العميقة للأرض والمكان والموقف الديني والموروث الشعبي.
    إن مراجعة لقصيدة "وطني" للتني، سوف تكشف لنا الكثير من مركبات الوعي بقضية الوطن والإحساس المبكر بالأزمة الذي كأنه لم يغادر موقفه القديم، يكتب:
    وطنـي شَقـيـتَ بشِيبـه وشبـــــــــــــابِهِ
    زمـنـاً سقـاكَ السُمَّ مـن أكـــــــــــوابِهِ
    قـد أسلـمـوكَ إلى الخراب ضحـــــــــــيّةً
    والـيـومَ هل طربـوا لصـوت غُرابــــــــه؟
    وطنـي تَنـازعَه الـتحـزُّبُ والهــــــــــوى
    هـذا يكـيـدُ له وذاك طغى بـــــــــــــه
    ولقـد يُعـانـي مِن جَفـا أبنـــــــــــائهِ
    فـوق الـذي عـانـاه مـن أَغْرابــــــــــه
    بـالأمس كـانـــــــــــــوا وحدةً فتفرّقتْ
    فَسَطـا الـمُغـيرُ بظُفره وبنـابـــــــــــه
    والـيـومَ هـم شِيَعٌ تُنـافس بعضَهــــــــــا
    فـي رِقّهـا لـمسـوَّدٍ أو نـابـــــــــــــه
    حتى الـذي نزف الـدمــــــــــــاءَ مُسخَّراً
    كـالطـير حَفُّوا خُشَّعـاً بركـابــــــــــــه
    كـم أُوهـمَ الـدهـمـاءُ فـيـه فأمّلــــــوا
    فـي العـالـم الثـانـي جزيلَ ثـوابــــــه
    ومشـتْ زرافـاتُ الـحجـيجِ لـبـابـــــــــهِ
    فكأنمـا الـبـيـتُ الـحـرامُ ببـابـــــــه
    وطنـي يعـيثُ بـه العـدوُّ ولا تـــــــــرى
    مِنْ دافعٍ عـن حَوْضه ورِحـابـــــــــــــــه
    وإذا انـبرى لـيذودَ عـــــــــــن سُودانهِ
    ألـبـارعُ الـمِقْدام مـن كُتّابــــــــــــه
    لـم يعـدمِ الشـرُّ الـدخـيلُ جـمــــــــاعةً
    لـتُرتّلَ الأمداحَ فـي محـرابـــــــــــــه
    وطنـي أُصـيبَ بـمعـشـرٍ آواهـــــــــــــمُ
    وأظلَّهـم فسعَوْا لـيـوم خرابـــــــــــــه
    لـو طُهِّر السـودانُ مـــــــــــــن دخلائهِ
    لـتَطهّرَ السـودانُ مـن أوشـابــــــــــــه (أي الأوباش)
    لهفـي عـلى السـودان مــــــــــن دخلائه
    لهفـي عـلى السـودان مـن أحـزابــــــــه
    وهي مرثية من البكاء، تعالج فترة تاريخية لكنها تعكس بمرآة اليوم ما نحن عليه من البلايا والعبر التي يجب أن نقف عندها والدروس التي يكون علينا أن نتأملها. الإحساس العميق بالأزمة والمستتر الذي يسكن بيت الشاعر المجرب والذي جمع بين تجربة المكان وتجربة الوجدان، فالوظيفة والميدان قدما الخبرة بالوطن ومشكلته وجراحه والوجدان أعطى البعد الثاني في تقديم هذا الصورة الهالكة على شكل القصيدة في شعر بسيط ومعبر وفي بكائية تقدم الحل المبكر، فما اسماه الشاعر بـ "التطهير" الذي هو تطهير سياسي واجتماعي، ما بين الدسائس والمكائد والأنا المتعجرفة التي لم تعرف الخروج عن القوقعة لتترك الغراب يحكم المشهد بنعيقه الذي لا يطرب. إنها الماسأة تتجدد صورها والشعر يختزن أشكال الوقائع وسرديات العذابات المستمرة.
    قصاد هذا المشهد الذي يكاد يشوبه الخوف من المصائر، تجلس الروح الثانية للشاعر، في بعده الوجداني كما يتمثل في قصيدة "صلاة الفيلسوف" التي منها:
    كـيف أشفـي بـاللهِ مـنكَ غلـيلــــــــــي
    فـاضَ حُبِّي وحـارَ فـيكَ دلـيلـــــــــــــي
    حكـمةٌ أنـت مـا تـرشَّفْتُ مـنهــــــــــــا
    رشفةً لـم تزدْ جُمـوحَ مُيـولــــــــــــــي
    أو تـمـلَّيْتُ مـن سنـاكِ جـديــــــــــــدًا
    لـم يُحـبَّبْ فـي الـمبـهَم الـمـجهـــــــول
    فتـرانـــــــــــــــــي وإن غنمتُ جزيلاً
    مـنك لا أكتفـي ولـــــــــــــــو بجزيل
    وتـرانـي أرى خطـيرَ وُلـوعــــــــــــــي
    بكَ يـا آسـري أقـلُّ قـلــــــــــــــــيل
    أو تعـمَّقتُ فـي هـواكَ بعـيـــــــــــــدًا
    خِلـتُ مـثـوايَ فـي الهـوى بضَحــــــــــيل
    إنمـا أنـتَ مُنـتهى تفكـــــــــــــــيري
    ومدارُ السُّهـوم والـتَّخـيـــــــــــــــيل
    وعزائـــــــــــــــــــي إذا نشدْتُ عزاءً
    وهـنـائـي وفرحتـي وشمـولــــــــــــــي
    وحـبـيبـي الـذي يـهـذِّبُ نفســــــــــــي
    وإلى الله والسمـاء دلـيلــــــــــــــي
    أنـا أهـــــــــــــــواك لأجلِ ذاتك عَفّاً
    عـن مـرامٍ وراءَ ذاك ذلــــــــــــــــيل
    وأُضحِّي لأجل ذاتِك روحـــــــــــــــــــي
    وأنـا غـيرُ طـامعٍ ببـــــــــــــــــديل
    إن مـوتًا لأجل ذاتِك خُلـــــــــــــــــدٌ
    أوَراءَ الخلـودِ مـن مأمــــــــــــــول؟
    إنها وجدانية عميقة التصوف، تشابه مناجاة رابعة العدوية وصلوات ابن عربي وغيرهما الذين يتخذون من صورة المحبوب طريقا إلى الذات المتعالية إلى المطلق الإلهي، وهي فلسفة أخرى في الحب الكبير الذي يسكب الخلود ويتعالى عن الذلة والذليل وهذا لعمري مجال رحب لا يسعه المكان.
    mailto:[email protected]@gmail.com





    أحدث المقالات

  • لم تعد ضابطا عظيما..!! بقلم عبدالباقي الظافر 06-17-15, 01:47 PM, عبدالباقي الظافر
  • معتمد.. شوارع.. أم معتمد افتراضي!! بقلم عثمان ميرغني 06-17-15, 01:39 PM, عثمان ميرغني
  • (حقنا) يا غندور!! بقلم صلاح الدين عووضة 06-17-15, 01:33 PM, صلاح الدين عووضة
  • عد إلى وطنك أيها الإمام ولا تتنكر لتاريخك بقلم الطيب مصطفى 06-17-15, 01:31 PM, الطيب مصطفى
  • إعمار الشوارع ..!! بقلم الطاهر ساتي 06-17-15, 01:28 PM, الطاهر ساتي
  • رمضان وصحن النسيج السوداني بقلم نورالدين مدني 06-17-15, 04:07 AM, نور الدين مدني
  • تكريم فوق العاده لنجوم فوق العاده (1/3 ) بقلم عادل قطيه 06-17-15, 04:04 AM, عادل قطيه
  • تعلمت من هؤلاء بقلم عثمان الطاهر المجمر طه 06-17-15, 04:01 AM, عثمان الطاهر المجمر طه
  • رمضان كريم والله أكرم بقلم عمر الشريف 06-17-15, 03:59 AM, عمر الشريف
  • هروب رئيس هو سقوط تلقائى لنظامه بقلم جعفر بقارى ابوه هاشم 06-17-15, 03:57 AM, مقالات سودانيزاونلاين
  • الإمام يقطف ثمرة.. بقلم عبدالباقي الظافر 06-17-15, 03:27 AM, عبدالباقي الظافر
  • تصحيح البصر.. الوطني!! بقلم عثمان ميرغني 06-17-15, 03:25 AM, عثمان ميرغني
  • وأين كنتم ؟!! بقلم صلاح الدين عووضة 06-17-15, 03:23 AM, صلاح الدين عووضة
  • عبد الرحيم محمد حسين وولاية الخرطوم بقلم الطيب مصطفى 06-17-15, 03:21 AM, الطيب مصطفى
  • الغافل و الأشياء ..!! بقلم الطاهر ساتي 06-17-15, 03:20 AM, الطاهر ساتي























                  


[رد على الموضوع] صفحة 1 „‰ 1:   <<  1  >>

تعليقات قراء سودانيزاونلاين دوت كم على هذا الموضوع:
at FaceBook




احدث عناوين سودانيز اون لاين الان
اراء حرة و مقالات
Latest Posts in English Forum
Articles and Views
اخر المواضيع فى المنبر العام
News and Press Releases
اخبار و بيانات



فيس بوك تويتر انستقرام يوتيوب بنتيريست
الرسائل والمقالات و الآراء المنشورة في المنتدى بأسماء أصحابها أو بأسماء مستعارة لا تمثل بالضرورة الرأي الرسمي لصاحب الموقع أو سودانيز اون لاين بل تمثل وجهة نظر كاتبها
لا يمكنك نقل أو اقتباس اى مواد أعلامية من هذا الموقع الا بعد الحصول على اذن من الادارة
About Us
Contact Us
About Sudanese Online
اخبار و بيانات
اراء حرة و مقالات
صور سودانيزاونلاين
فيديوهات سودانيزاونلاين
ويكيبيديا سودانيز اون لاين
منتديات سودانيزاونلاين
News and Press Releases
Articles and Views
SudaneseOnline Images
Sudanese Online Videos
Sudanese Online Wikipedia
Sudanese Online Forums
If you're looking to submit News,Video,a Press Release or or Article please feel free to send it to [email protected]

© 2014 SudaneseOnline.com

Software Version 1.3.0 © 2N-com.de