|  | 
  |  الاتفاقيات الوهم بقلم عثمان محمد حسن |  | ·      الحق يستميت في إخراج رأسه من ( البقجة).. أصحابه يحاولون الحصول عليه بالحسنى أو بغيرها.. أرجوكم، وفروا دماء أبناء ما تبقى من ألسودان..
 
 ·      فثمة عيون تجول في الأحراش و الدساكر.... و أيادٍ على الزناد.. و العيون تحدق- أحياناً- في كرسيٍّ وثير في القصر.. أو ترنو إلى ( مقاعد) في مجلس الوزراء.. و إلى عمارات مميزة في الأحياء الراقية و ملايين من الجنيهات و الدولارات و الذهب في البنوك.. و إلى فارهات تمخر ( غبار) الدروب الوعرة في القرى المنسية.. و هي في زيارة خاطفة الى الأهل و العشيرة..
 
 ·      القرى الموغلة في التهميش تنام حالمة بأبنائها يقرأون و يكتبون.. و يتوظفون.. و بمراكز صحية مكتملة المعدات.. و بأسواق ( حميمة) تستوعب الألبان و الخضر و غيرها من المنتجات المحلية دون أن يفسدها عامل المسافة و وعورة الطريق و حرارة الشمس.. و السماسرة.. و عند العودة من السوق،  مع الغروب، تصطحب ( الدواب) أكياس التوابل و البن و السكر و الشاي و بعض متاع لسد حاجات الرعاة و المزارعين دون إفراط..  و تتقافز الأكياس على جوانب ( الدواب) فرحى بزيارة مأمولة إلى عوالم الصدق و العفوية و التكاتف في أداء المهام الكبيرة.. بينما التفاصيل اليومية الصغيرة تسيِّر نفسها بتلقائية..  حيث تكون لكل كيس من الأكياس وظيفة ( ثابتة) بجوار ( المشلعيب) في مواجهة السبحة و ( التَبَرُوقَا).. بعيداً جداً عن عوالم عربات النفايات المزعجة في حواري المدن..
 
 ·      المدن لا تحترم الأكياس.. بل و تلقي بها في الشوارع كما اتفق.. أو تجهزها لتلتهمها عربات النفايات في جوفها النتن.. و المدن لا تحترم الرعاة و المزارعين.. لكن للسماسرة فيها وضع مميز.. و للصوص أرباب ( التحلُّل) مقامات.. و كل هؤلاء وظائفهم إن هي إلا الجلوس في المكاتب أو تحت ظلال الأشجار لاستغفال الرعاة و المزارعين القادمين من دنيا الكد و الكمد لعرض منتجاتهم.. و تساعد الحكومة السماسرة في معاركهم ضد المنتجين في عالمٍ حرية التجارة فيه بلا سقف.. و المنتجون لا يربحون و السماسرة لا يخسرون..
 
 ·      قد يدخل قدامى المحاربين القصر و مجلس الوزراء و البرلمان.. يرتاحون تحت المكيفات.. و يعودون إلى ( قصورهم) بعد انتهاء يوم ( عدم العمل).. كي يناموا داخل الغرف المكندشة و ثلاجاتهم تلفظ اللحوم و الخضر البائتة.. لقد أكلوا الكثير من القديد طوال حياتهم في الأدغال.. و آن لهم أن يأكلوا ".... و لحم طير مما يشتهون" طازجةً.. و أن يرتاحوا راحة خططها لهم ( المؤتمر الوطني) في ورشة تصنيع ( مساعدي الياي) طوال ما تبقى من حياتهم.. و تنتفخ أوداجهم كما انتفخت قبلها أوداج رصفائهم من الدستوريين..
 
 ·      لا أحد قال لك أن كل الاتفاقيات التي تم إبرامها من قبل- و ربما التي سوف يتم ابرامها في ما بعد- لإنهاء الصراعات المستدامة قد تم بناؤها على رمال متحركة.. لذلك لم تثبتها الوظائف الدستورية و لا الراحات ( المدنكلة) التي تنهال على المحاربين ل( تدَجينهم) عقب كل اتفاقية..
 
 ·      و مهما قضى المؤتمر الوطني ( وطره) دون حسم التهميش ( العام)، فسوف يخرج من بين المناطق المهمشة و الدساكر المعتمة من سيواصل تعكير السلام العام بدعاوى تبدأ حقيقية لكن  سرعان ما تتحول إلى راحات تشوِّش عليه رؤية ما كان في مخيلته قبل دخول الغابة..
 
 ·      و تستمر الاتفاقيات الوهم:- " دخلت نملة و أخذت حبة و خرجت.. دخلت نملة و أخذت حبة و خرجت... دخلت نملة و...."  إلى أن يأتي جيل ( شهم) من ( الرساليين الحقيقيين) يرسل مشاكل السودان إلى حبل المشنقة بإعلاء قيمة العدل في الحل و الترحال.. و قيمة المشاركة في السراء و الضراء.. بعيداً عن عالم ( الوثبة) في ( الأنا ( السفلى)..
 | 
 
 
 
 
 
 
 
 
 
 
 
 
 
 
 
 
 
 
 
 
 
 
 |  
  |     |  |  |  |