إن المعركة الحاسمة في مناجزة الدولة المركزية قد تجري داخل شوارع العاصمة !! محمد جلال هاشم

مرحبا Guest
اخر زيارك لك: 04-19-2024, 06:27 PM الصفحة الرئيسية

منتديات سودانيزاونلاين    مكتبة الفساد    ابحث    اخبار و بيانات    مواضيع توثيقية    منبر الشعبية    اراء حرة و مقالات    مدخل أرشيف اراء حرة و مقالات   
News and Press Releases    اتصل بنا    Articles and Views    English Forum    ناس الزقازيق   
مدخل أرشيف النصف الأول للعام 2006م
نسخة قابلة للطباعة من الموضوع   ارسل الموضوع لصديق   اقرا المشاركات فى شكل سلسلة « | »
اقرا احدث مداخلة فى هذا الموضوع »
03-09-2006, 06:10 AM

Amjad ibrahim
<aAmjad ibrahim
تاريخ التسجيل: 12-24-2002
مجموع المشاركات: 2933

للتواصل معنا

FaceBook
تويتر Twitter
YouTube

20 عاما من العطاء و الصمود
مكتبة سودانيزاونلاين
إن المعركة الحاسمة في مناجزة الدولة المركزية قد تجري داخل شوارع العاصمة !! محمد جلال هاشم


    سلام جميعا
    لقد تم عرض هذا الموضوع من قبل، في تداعيات قدوم القوات الدولية يقدم الباحث
    الاستاذ محمد جلال محمد هاشم تشخيصا عميقا للازمة، و تصيرا لسبل حلها، كما انه ينبه
    للناهية المتوقعة لمواصلة التهميش الى نقل الحرب الى العاصمة المثلثة نفسها، نتيجة لتواصل الظلم و التهميش، ان ما اطلقه الاستاذ محمد جلال كفرضية قبل عدة شهور، يهدد به اليوم قادة حركة تحرير السودان في دارفور، لتعميق المعرفة و لزيادة الوعي بخطورة هذاالنظام الذي قد يفتح كبري او اثنين او يخرج بترولا، لكنه يعمق اشكالات قد تؤدي الى قتل الدجاجة التي تبيض ذهبا بتفتيت السودان (بلد الناس السود) على حد تعبير الاستاذ محمد جلال في ثنايا هذا المقال القيم... اتمنى ان نصبر جميعا على قراءة هذا المقال المطول، قكاتبه لم يتعمد الاطالة لكن تعقيد المشكل الثقافي السوداني لا يحتمل تلخيصا

    اقراء سخريته اللاذعة في عدم قدرة دعاة الانفصال من تحقيق الرفاهية لشعوبهم المنقسمة
    ".. إن من يعجز عن إصلاح ساعة حائط، سيكون أعجز عن إصلاح ساعة يد."

    اكثر مما ورد، انظر الى تعبيره البليغ

    "....العاصمة التي جذبت إليها أهلنا المهمّشين لامتصاصهم وتذويبهم ومن ثمّ إعادة إنتاجهم ثقافياً كما تجذب الثقوب السوداء إليها كائنات الكون فتحيلها إلى العدم."

    أو انظر الى الحقائق المؤلمة و سخرية القدر في تدقيقه للاحداث في هذا المقطع

    "......ولعلنا لا ننسى أن مذبحة المساليت عام 1995م، والتي بدأت بها فعلياً موجة التطهير الأخيرة في دارفور، قد تمّت والوالي أحد أبناء المساليت. ومع ذلك ما انتفع المساليت من ذلك شيئاً."


    أو اقراء تعبيره التشخيصي هذا:
    ".....وجد النوبيون المهمّشون أنفسهم في موقع الدّفاع عن أنفسهم باعتبار أنهم جزء من المركز الذي احتكر السلطة والثّروة، لا لشيئ إلاّ لأن بعضاً من أبنائهم الذين صرفوا عليهم من عرقهم ودمائهم قد باعوهم في سوق النخاسة السياسية"


    لن اطيل عليكم و اعيد ارسال هذه الدراسة القيمة مرة اخرى



    مفهوم التهميش وتحديّات العمل المشترك
    محمد جلال أحمد هاشم

    خلفية تاريخية
    يُعتبر السّودان بمثابة غابة من الهويّات الثقافيّة. لكن هذا لا يعني انتفاء الوشائج والأواصر التي تشدّ هذا النّسيج ببعضه لتشكّل لوحة إثنية/ثقافيّة رائعة. فمثلاً المجموعة النّيليّة ـ الصّحراويّة تُشكّل نسبة 64% من مجموع الهويّات في السّودان، بينما تُشكّل المجموعة النّيجر ـ كردفانيّة نسبة 32%. إذن 96% من مجموع الهويّات بالسّودان ينقسم إلى مجموعتين أساسيّتين فقط! وتنقسم المجموعة النّيليّة ـ الصّحراويّة إلى ثلاث مجموعات صغرى هي: السّودانيّة الغربية، والسّودانيّة الوسطى، ثمّ السّودانيّة الشرقيّة، وهي تشمل المجموعات الثقافية/اللغوية المنتشرة في حزام بلاد السّودان من المحيط إلى البحر الأحمر. هذا هو إقليم بلاد السودان، وهذا هوالعمق الحقيقي للسودان [لمزيد من التفاصيل، يراجع: يوسف فضل حسن، 1971]. في هذه المجموعات اللغوية الثقافية يكون مستوى القرابة أشبه ببنات أو أبناء الأعمام. فعلى سبيل المثال نجد النوبيين (على النّيل [الكنوز، الفاديجّا، السّكّوت، المحس، والدناقلة] وفي شمال كردفان [الحرازة] وفي جنوب كردفان وجبال النّوبة [الدلنج، الغلفان، الداير، الفنْدا، كاركو، كاتلا] وفي دارفور [الميدوب والبرقد]) ينتمون إلى المجموعة السّودانيّة الشرقيّة مع العديد من الكيانات التي تتوزّع في جميع أنحاء السّودان، شرقأ ، وغرباً، وجنوباً. لهذا لا ينبغي أن نتعجّب إذا علمنا أن علماء المرويات [عبد القادر محمود، 1985] يقولون بأن لغة الباريا بأقصى جنوب السّودان من بين أقوى اللغات السّودانيّة المرّشّحة للعب دور أساسي في حل طلاسم اللغة المرويّة، وكلاهما (الباريا والمرويّة) ينتمي إلى السّودانيّة الشرقيّة، مثل الدينكا، الشلك، النوير، الأنواك، اللاتوكا، التبوزا، إلخ .. إلخ (حتى الأشولي بين السّودان ويوغندا والماساي بكينيا) .. ثم الإنقسنا بشرق النيل الأزرق، والداجو والميما والكانوري بدارفور ، فضلاً عن المجموعات التي تلتقي معهم في النيلية الصحراوية مثل الفور، الزغاوة والبرقو إلخ. هذا دون أن نذكر جبال النوبة والتي نصفها ينتمي إلى ذات المجموعة، مع نصف آخر ينتمي إلى النيجر ـ كردفانية مثل كانقا، كادوقلي، قارمي، توشّو، توليشي، إليري، توقولي، تيما إلخ [في هذا فليراجع www.ethnoglogue.org. هذه هي حقائق العلم فيما يخص هويّة السّودان. في هذه الخريطة الإثنية لا مجال أبداً إلى الزّعم بعروبة هؤلاء وأفريقية أولئك على أساسٍ عرقي. لقد انتهى إلى غير رجعة عهد الأنثربولوجيا العرقية حيث تتمايز السّلالات جينيّاً، سموّاً وانحطاطاً. إن المعيار العلمي والمادي اليوم هو الدّالة الثقافيّة واللغويّة.

    الدولة السودانية والتعدد الثقافي والإثني
    تُعتبر مؤسسة الدّولة في السّودان من بين الأقدم تاريخيّاً، إذ تعود إلى 7000 سنة قبل الميلاد على أقل تقدير [للمزيد ينظر: ديريك ويليسبي،2000]. وعٌرفت هذه الدولة عبر التاريخ بعدّة أسماء، مثل كرمة، كُوش، إثيوبيا، نوبيا، والسّودان، والتي تدور كلها حول معنى "السّواد"، كأنما ظل الاسم يُترجم من لغةٍ إلى أخرى عبر العصور [إنتصار صغيرون، 1999]. كما كانت حدودها أكبر بكثير مما هي عليه الآن، إذ كلما عدنا إلى الوراء، كلما انداحت دائرة حدودها. وتميّزت هذه الدّولة عبر تاريخها الطّويل هذا بالتّنوع والتّعدّد إثنياً، ولغوياً، وثقافياً ودينياً. ومن خلال الاعتراف بهذا التّنوّع تمكّنت الدّولة السودانية من الحفاظ على وحدتها الوطنية. تمثّل هذا الاعتراف في أن كل مجموعة ثقافية كانت تتمتّع في إطار الدّولة الواحدة بإستقلالية إدارية وسياسية داخل حدودها الخاصة بها. ذلك ما يعبّر عنه حالياً بمنظور "الوحدة في التّنوّع"، حيث يحتفظ كل إنسان بثقافته ولغته في تعايش سلمي تحت ظل دولة واحدة. في هذا الوضع تتكامل الثقافات مع بعضها البعض دون إزاحة أو استيعاب (أي تذويب.(

    الدولة السودانية واللامركزية
    ظلّ السّودان يُدار بهذه الطريقة، التي نعرفها الآن بعدة أسماء مثل اللامركزية، الحكم الإقليمي، الحكم الذّاتي، الفدرالية، الكونفيدرالية ... إلخ، منذ أقدم العصور حتى السلطنة الزرقاء (1505م) التي دشّنت ميكانيزم إعادة إنتاج المجموعات الأفريقية (الهامش) ثقافياً داخل الوسط العربي الإسلامي (المركز)، وذلك باعتباره مشروعها للوحدة الوطنية. بعد ذلك جاء الاستعمار التركي ـ المصري (1821م) الذي انتهج أسلوب المركزية الباطشة. ولكن بلا طائل، الأمر الذي حدا به في النهاية إلى النكوص عنها ومن ثَمّ الرّجوع إلى اللامركزية والتي فشل فيها أيضاً لسيطرة الأسلوب المركزي على عقليته. منذ ذلك الحين تكرّست لدى الدّولة العقلية المركزية والمُقارَبة الأحاديّة لمعالجة أوضاع التّعدد والتّنوّع، الأمر الذي تبلور فيما يُعرف بمنظور "بوتقة الانصهار"، حيث ظلّت الدّولة تعمل بكل ما تملك من قوّة على إزاحة ومن ثَمّ تذويب اللغات والثّقافات الأخرى بتهميشها تنموياً وثقافياً.

    الثقافة العربية/الإسلامية: حصان طروادة
    استخدمت الدّولة في آليات التمركز والتهميش التي اتبعتها سلاحاً خطيراً تمثّل في تمرير سياساتها عبر أجندة الثّقافة العربية والإسلامية التي لا ينبغي أن نُحمّلها مسئولية ذلك، فهي منه بريئة. لقد لعبت الثقافة العربية ـ الإسلامية دوراً مجيداً في السودان، إذ دخلت معترك الصراع الحضاري فيه في فترة كانت المجتمعات السودانية تعاني من الانغلاق، فكسرت طوق الانعزال [للمزيد يراجع: يوسف فضل، 1973]. في ظل كل هذه المعطيات نشأت مؤسسة الدولة وفق حرائك الأيديولوجيا العروبية وما تبع ذلك من تمركز وتهميش، وما ذلك إلاّ لأن الأحادية الثقافية كانت هي عملة الوقت آنذاك، إذ لم تكن قد بزغت عندنا بعد شمس الدولة الوطنية القومية، كما لم تكن أزمة الهوية باعتبارها مرتكزاً من مرتكزات حقوق الإنسان قد تبلورت كما يشهد الآن روح العصر وعقله [محمد جلال هاشم، 1999]. إن التأكيد على أن الدين هو مصدر إلهام روحي ومعنوي، فضلاً عن كونه يخدم حاجة الإنسانية جمعاء للتفاعل السلمي والارتقاء الروحي والمعنوي، لا ينبغي أن يضعف المطالبة بفصل المؤسسات الدينية عن المؤسسات السياسية، رفضاً تاماً لمفهوم الدولة الدينية، ومن ثم النظر إلى ذلك على أنه شكل من أشكال تسويغ القهر والاضطهاد السياسي بمسوغات دينية. إن الدولة الدينية لا تقف فقط على الأفكار الدينية، إذ إن من حق أي مجموعة دينية أن تعبر عن أفكارها سياسياً وأن تنشئ لذلك أحزاباً سياسية. فإن كانت هذه الأفكار ديمقراطية، فمرحباً بها مع جواز الاختلاف معها، أما إن كانت غير ذلك فينبغي مناهضتها لديكتاتوريتها ولمتاجرتها بالدين معاً.

    الإسلاموعروبية: أيديولوجيا الدولة السودانية
    في ظل كل هذه المعطيات نشأت مؤسسة الدولة منذ قيام دولة الفونج وفق الحراك الأيديولوجي الإسلاموعروبي وما تبع ذلك من تمركز وتهميش ومن ثمّ استقطاب أيديولوجي للطبقة المثقّفة من أبناء المجموعات المتعرّبة وتلك المستهدفة بالاستعراب وما تبع ذلك من هوس ديني فاشستي عهدناه في تجربة حركة الإخوان المسلمين (الجبهة القومية الإسلامية، المؤتمر الوطني، المؤتمر الشعبي إلخ قائمة التلاعب اللغوي). إن أخطر ما في الأمر أن مؤسسة الدولة ظلت تسوّق لأيديولوجيتها القائمة على التمركز والتهميش عبر أجندة الثقافة العربية الإسلامية، تحييداً لحملتها في صراعها ضد المجموعات المهمّشة بادية الأفرقة. وهذا هو مردّ اللبس في النظر إلى المجموعات العربية أو التي تعرّبت تماماً باعتبارها مسؤولة عن واقع التمركّز والتهميش، في الوقت الذي تعيش هي نفسها في تهميش مريع كما سيتضح أدناه.
    في هذا نمايز تماماً بين مصطلحي "الإسلاموعروبية" و"الثقافة العربية والإسلامية". فالأول ذو دلالة أيديولوجية بحتة تعني مجموعة المحددات السلوكية التي تشكّلت بها الطبيعة الأيديولوجية للدولة السودانية الحديثة التي قامت على الأسلمة والاستعراب بوصفها وعياً اجتماعياً ـ ثقافياً (أي أيديولوجياً)، إذا قسناه بمقياس الإسلام، لن يكون إسلامياً، وإذا قسناه بمقياس العروبة، فلن يكون عربياً. بينما الثاني يعني المجمل التراث العربي والإسلامي في حال تجرّده من أي تشكلات أيديولوجية مرتبطة بالمصالح الحياتي لمجموعة معينة من البشر.



    مفهوم التهميش
    خلفية المصطلح

    نشير إلى أن إدخال مصطلحي "المركز" و"الهامش"، الذي تولّد داخل أروقة الفكر الماركسي المحدث بعيد منتصف القرن العشرين، وذلك في تحليل أوجه الصراع الثقافي والسلطوي في السودان بدأت عام 1968م، عندما استخدم علي مزروعي [1971] المصطلحين في معالجته النقدية للصراع الثقافي بين مستعربي السودان وما شاكله من دول ذات شعوب مستعربة أسماها الهامش (السودان، الصومال، موريتانيا، جيبوتي)، وبين العرب العاربة الذين أسماهم المركز. في عام 1986م قام كاتب هذه السطور في الإصدارة الشعبية الأولى لكتابه منهج التحليل الثقافي بتوطين هذه المصطلحين في تحليله للصراع الثقافي في السودان بالنظر إليه على أنه بين مركز إسلاموعروبي وهامش أفريقي؛ وقد استصحب مع مصطلحي "المركز" و"الهامش" مصطلحي "الوسط" و"الأطراف"، ليركن بعدها في الطبعات الثلاث اللاحقة (1988؛ 1996؛ و1999) إلى مصطلحي "المركز" و"الهامش". بعد ذلك قام عبد الغفار محمد أحمد [1988]، متبنّياً رؤية علي مزروعي بخصوص الحزام الهامشي للدول العربية ، بمعالجة قضايا الصفوة والطبقة المثقفة في هذه الدول الهامشية من حيث تحامل رصيفاتها في باقي الدول العربية العاربة عليها. كما استخدم منصور خالد (1993) مصطلح "المركز" دون "الهامش" بمحمولات جغرافية ديموغرافية ("أهل الحضر والريف"؛ "المركز والتّخوم"). فيما بعد تمّ تكريس هذا المصطلح عبر كتاب أبّكر آدم إسماعيل جدلية المركز والهامش [1997] بأجزائه الثلاثة.

    التهميش قديم
    إن فهمنا ينهض على أن أصول التهميش ترجع إلى قرون وليست عدة عقود كما يرى البعض. كما يذهب فهمنا إلى أن عمليات التمركز والتهميش ليست مرتبطة بعرقٍ ما، أو جهةٍ ما، وما تصويرها على أنها كذلك إلا مجرد خدعة. فالمركز مركز صفوي يحتكر السلطة والثروة، وفي سبيل تأمين مصالحه يسخّر الثقافة والعرق والدين والجغرافيا [محمد جلال هاشم، تحت الطبع]. بهذا أصبح هناك طريق واضحة للطامحين بالسلطة إذا ركبوها وصلوا إليها: الأسلمة والاستعراب، أي تبنّي الأيديولوجيا الإسلاموعروبية. وهكذا تكوّن المركز من صفوة متباينة الأعراق والثقافات، متلاقية في الأهداف المتمثّلة في الثروة والسلطة. هنا لا يهمّ من أي مجموعة ثقافية أو عرقية ترجع أصولك، طالما كنت مستعدّاً للتضحية بأهلك تحت شعار الإسلام أو العروبة، وكلاهما بريئ من ذلك. في الواقع فإن أغلب الرموز القيادية التي قام عليها المركز من أبناء المجموعات الموغلة في التهميش إلى حد التعريض بها ثقافياً وعرقياً. هذا هو المركز الذي يسيطر على مؤسسة الدولة في السودان، مهمّشاً في ذلك جميع السودانيين [أبّكر آدم إسماعيل، 1997 [
    تشتكي كل المجموعات المهمّشة من قلة حظّها في السلطة وانعدام نصيبها في الثروة. ولكن في الأمر لبساً لا بدّ من إجلائه. إن إحالة المتنفّذين في أجهزة الدّولة والسلطة الحاكمة إلى خلفياتهم الثقافية والإثنية من حيث قيمتهم العددية وليس الأيديولوجية، لا ينبغي الأخذ به كمؤشّر ودليل على النسبة التي حازتها المجموعة من حيث السّلطة والثروة. فالمركز يجتذب العديد من أبناء المجموعات المهمّشة والتي نالت حظّاً وفيراً أو متوسّطاً من العلم كيما يصبحوا جزءً منه، مقابل أن يمنحوا السلطة والثّروة تعميةً لواقع حرمان أهلهم من كليهما. فعلى سبيل المثال لم تخلُ حكومة منذ الاستقلال وحتى الآن من المثقفين الجنوبيين، في الوقت الذي لا يغالط فيه إثنان أن نصيب الجنوب من السلطة والثّروة لم يتغير البتّة عبر كل هذه السنين. حتّى إنقلاب الإنقاذ في عام 1989م شارك فيه ثلاثةٌ منهم. ومثال آخر يوضّح المسألة ما عليه إقليم النوبيين في الشمال و إقليم أهلنا البجا في الشرق؛ فكلاهما يعاني من التهميش المزدوج. فبينما قبع البجا بأرضهم، اضطُّرّ النوبيون إلى هجرة بلادهم إلى درجة خلوّ الإقليم في بعض قراه من السّكان. وكلا المجموعتين مهددة في تراثهما وهويتهما من حيث احتمال زوال لغتيهما، إضافةً إلى فقر إقليميهما. من جانب آخر، إذا أحصينا عدد النوبيين الذين شاركوا في الحكومات منذ الاستقلال وحتى اليوم، مقارنةً مع ما عليه حال البجا، فإن الصورة ستعكس مفارقة ضخمة في ظاهرها، واحدة في جوهرها. إذ قلّما نجد نظام حكمٍ لم يشارك فيه وبصورة أساسية أشخاص يعودون في جذورهم العرقية و/أو الثقافية إلى النوبيين، فضلاً عن بعض رؤوس الحكومات مثل عبدالله خليل والنميري والصادق المهدي والزبير، ناهيك عن الوزراء الذين ربما لا حصر لهم، الظاهر منهم والخافي. بخصوص البجا، فإن العدد قد لا يتجاوز أصابع اليد الواحدة، والمتّفق عليه بينهم عامةً هو عدد ستّة وزراء منذ الاستقلال وحتّى اليوم. لكن يبقى السؤال: بماذا انتفع النوبيون من كثرة عدد الوزراء والرؤساء ممن يعودون في خلفياتهم العرقية والثقافية إليهم؟ هل قامت تنمية في بلاد النوبة؟ لا! فقد حازت تلك الصفوة النوبية كلا السلطة والثروة، فهل تقاسمتها مع عامة الشعب النوبي؟ الإجابة لا أيضاً! من الملاحظ أن تلك الصفوة فيما تنزّلت من أجيال تنشّأتها وربتها، قد ابتعدت عن أهلها ثقافةً وموطناً، فقد استعربت وتأسلمت تماماً، فلا أبناؤهم يتكلمون النوبية ولا هم يعرفون في غالبيتهم شيئاً عن بلادهم وعن التهميش المزري الذي ترزح تحته. هذه الصفوة كما لو كانت قد باعت أهلها وبلادها من أجل السلطة والثّروة. فليت الأمر وقف عند ذلك، فقد وجد النوبيون المهمّشون أنفسهم في موقع الدّفاع عن أنفسهم باعتبار أنهم جزء من المركز الذي احتكر السلطة والثّروة، لا لشيئ إلاّ لأن بعضاً من أبنائهم الذين صرفوا عليهم من عرقهم ودمائهم قد باعوهم في سوق النخاسة السياسية. إن ما أفاد منه النوبيون من ذلك العدد الضخم من الرؤساء والوزراء يساوي ما أفاد منه البجا من ذلك العدد القليل من الوزراء، وهو لا شيئ. ولو انعكست الآية، لما تغيّر حال كليهما تهميشاً تنمويّاً وثقافياً.
    إن المحتكم في هذه المسألة هو أن من تسلّم السلطة ينبغي محاسبتهم على ضوء البرامج الأيديولوجية التي بمقتضاها فعلوا ذلك، لا بمقتضى خلفياتهم الإثنية التي لا دخل لها فيما جرى. فحتّى الآن لم يتسلّم أيٌّ من أبناء البجا أو المناصير أو جبال النوبة أو النوبيين موقعاً سلطوياً باسم المجموعات التي يصدرون منها باعتبار أن ذلك الموقع يمثل جزءً من قسمة السلطة والثروة الخاصّة بالمجموعة. فمثلاً إذا استلم السلطة شخصٌ من الفور باعتباره عضواً في الجبهة الإسلامية انطلاقاً من أيديولوجية تمكين الدين وإعلاء راية الجهاد، ثمّ أثرى بعد ذلك عن فسادٍ زاخم، فضلاً عن بعض عمليات إبادة وتقتيل هنا وهناك، في الجنوب والأنقسنا إلخ، فكيف بالله نحمّل أهلنا في دارفور مسئولية هذا المارق؟

    التهميش نوعان: تنموي وثقافي
    إن الهامش ليس في جهة جغرافية بعينها (شمالاً كانت أو جنوباً، شرقاً أو غرباً أو وسطاً) دون غيرها، بل هو في كل مكان، ومن يغالط في هذا عليه أن يخرج مما يسمّى بالمناطق الحضرية عدة كيلومترات فقط ليرى التهميش بأم عينه. كما لا يصبح الهامش وقفاً على مجموعات إثنية بعينها دون أخرى. وهذا هو مناط القول بأن الهامش ليس جغرافياً كما ليس عرقياً، بل هو سلطوي [محمد جلال هاشم، تحت الطبع]. إلاّ أن التهميش يجري على نوعين: بسيط ومركّب. التهميش البسيط ذلك الذي ينحصر في الحرمان التنموي والاقتصادي. في هذا يتساوى جميع السودانيين بمختلف ثقافاتهم وأقاليمهم باستثناء صفوةٍ منهم يشكلون المركز وينتمون إليه. أمّا التهميش المركّب، فذلك الذي يجمع بين الحرمان التنموي والحرمان الثقافي ممثّلاً في توجّهات الدولة الأيديولوجية لمحق الهويات غير العربية وقتل لغاتها. في هذا كان التهميش الثقافي مدخلاً للتهميش التنموي، إذ جعلت مؤسسة الدولة الاستعراب مقابلاً للأفرقة، ومن ثمّ قامت بإعلاء الهوية العربية وإزراء الهوية الأفريقية. وقد كان من أثر هذه التكتيكات الأيديولوجية أن وجدت المجموعات الأفريقية (التي تعاني من التهميش المزدوج تنموياً وثقافياً) نفسها في الدرك الأسفل عرقياً، وثقافياً، واجتماعياً وسياسياً، الأمر الذي يستوجب منها عملاً موحداً، ولو تفاوتت درجات تهميشهم وتعرّضهم للاضطهاد.



    التقسيم الخطي: تكتيكات الخداع
    في سبيل تأمين تحكّمه على مؤسسة الدولة وعلى رقاب العباد، اتّبعت الصفوة المهيمنة على المركز العديد من الحيل. من ذلك تقسيم السودانيين إلى مجموعات خطية متقابلة: الأفارقة السود العبيد مقابل العرب الشرفاء؛ ثم العرب نفسهم يتم تقسيمهم إلى عدة مجموعات متقابلة، مثل الأشراف وأبناء القبائل العاربة مقابل الأعراب البدو. هذه التقسيمات الخطية القائمة على العرق تقابلها تقسيمات أخرى قائمة على الجغرافيا بتحميلات عرقية لا تخفى: الشمال (عربي، مسلم) ضد الجنوب (أفريقي، مسيحي)، أولاد الغرب (الغرّابة) ضد أولاد البحر (أولاد البلد، أي أولاد العرب). روّج المركز الذي سيطر على مؤسسة الدولة لهذه التقسيمات حتى أصبحت بمثابة مفاهيم نمطية فشت في ثقافة وسط السودان النيلي وشماله. إن الغرض من هذه التقسيمات هو تحييد أكبر قدر من المجموعات المهمّشة، ريثما يتمكن المركز من احتواء مجموعات بعينها تشكّل تهديداً مباشراً. إن التقسيم الأيديولوجي الحقيقي الذي يعكس هذا الوضع هو تقسيم دائري: مركز يحيط به هامش، وليس التقسيم الخطي [لمزيد من التفاصيل، يراجع: محمد جلال هاشم، 1999].

    الحرب الأهلية: حرب الهامش ضد المركز
    لقد استمرت هذه العملية لزمن طويل حتى وصلت في النهاية حد التمييز العنصري والاضطهاد، ولهذا نهضت المناطق التي وصلت حدّاً لم يمكنها معه تحمّل المزيد من هذا الاضطهاد بوجهيه الثقافي والتنموي، فقاومت بضراوة بلغت الآن مستوى الحرب الأهلية. إن وتيرة اندلاع الحرب الأهلية تتساوق طرديّاً مع درجة التهميش والاضطهاد، فقد بدأت في الجنوب فجبال النّوبة والإنقسنا، فالشرق ثم دارفور و عموم الغرب. ولنلاحظ أن الحرب في الجنوب بدأت عام 1955م، بينما لحقتها جبال النوبة والأنقسنا بعد ذلك بأكثر من ثلاثة عقود. هذا لأن جبال النوبة والإنقسنا كانتا لا تزالان تحت التحييد، فالتقسيم الخطي (شمال ضد جنوب) كان لا يزال تأثيره عليهما سارياً؛ ثم بعد ذلك جاء أهلنا في جبهة الشرق ثم في دارفور ... وهكذا إلخ. والآن هاهم النوبيون، وهاهم أهلنا المناصير قد بدأوا في حراكهم، وحتماً سيلحق بهم آخرون إلى أن يكتمل تفكيك ماكينة التمركز والتهميش.



    الكتاب الأسود والرؤية المقلوبة
    لقد وقع الكثير من المثقفين السودانيين في شرك النظر إلى التهميش من زاويته الرقمية غير المنهجية، فأضاعوا جهدهم وجهد غيرهم فيما لا طائل من ورائه غير تغبيش الرؤية. إلاّ أن هذه الرؤية الرقمية السطحية للتهميش توّجت فيما عُرف بالكتاب الأسود [2003]، وذلك في سبيل نصرة قضية دارفور، وهي رؤية تضرّ بمسيرة نضال القوى المهمّشة، ذلك لأنها تشوّه الواقع أكثر مما تعكسه. وبدءً نشير إلى أن الكتاب قد انبنى على منهجيةٍ فضائحية، متحاملة لونياً وعرقياً، في تناوله للتهميش من حيث مسمّاه. وفي هذا كشف كُتّابُه، في أحسن الاحتمالات، عن تبعيةٍ غير نقدية وغير راشدة لأيديولوجيا المركز التي تحطّ من قدر كل ما هو أسود في بلد السّود الذي اسمه السّودان. إن هذه الأخلاقية الفاشيّة التي تُزري باللون الأسود تكشف عن الخلفيات الأيديولوجية التي قدم منها حاكةُ الكتاب، ألا وهي الأيديولوجيا الإسلاموعروبية، وهي أيديولوجيا تواطأ معها المؤلّفة قلوبهم ممن حاكوا الكتاب الأسود. فمثلاً لتبيان وجهٍ من أوجه الخطل التي انبنى عليها الكتاب يمكن أن نشير، مثلاً، إلى أبناء دارفور الذين انخرطوا في سلك الجبهة الإسلامية المسئولة الأولى عن هذا النظام وعن سياسات التطهير العرقي التي اتّبعها في دارفور وقبلها في جبال النوبة والأنقسنا والجنوب، أكثر عشرات، عشرات المرّات من أبناء المناصير أو البجا أو النوبيين. فهل معنى ذلك أن نحمّل هذه الكوادر مسئولية الإبادة التي لحقت بأهلهم في دارفور؟ إن سياسات التطهير العرقي القائمة على العنصرية من حيث العروبة والأفرقة، متجذّرة في بنية مؤسسة الدولة منذ قيام سلطنة سنار عندما أصبحت تستند في مشروعيتها الفكرية على الأيديولوجيا الإسلاموعروبية. وقد انطوت تلك الأيديولوجيا على منزلق سلوكي خطير، به أصبحت الدولة تتحدّر انزلاقاً يوماً بعد يوم. وفي هذا نشير إلى حقيقة أن التطهير العرقي بدأ في دارفور بمذبحة الضعين عام 1987م في ظل حكم الصادق المهدي، أي في الديموقراطية الثالثة [محمد جلال هاشم، 2005]. واليوم لو كان أبناء دارفور ممن بدّد سني شبابهم وكهولتهم في تبعيةٍ عمياء لدولة الجبهة الإسلامية المارقة، على سُدّة الحكم لما أجدى ذلك أهلهم فتيلا من حيث إمكانية تلافي التطهير العرقي، ذلك لأن هذا المنزلق، دون إعفاء الأفراد القائمين به من المسئولية، متأصّل في بنية مؤسسة الدّولة. ولعلنا لا ننسى أن مذبحة المساليت عام 1995م، والتي بدأت بها فعلياً موجة التطهير الأخيرة في دارفور، قد تمّت والوالي أحد أبناء المساليت. ومع ذلك ما انتفع المساليت من ذلك شيئاً.
    ولعلّ مثل هذا النهج الجائر هو الذي انتهى بقادة المؤتمر الشعبي (أي نفس الجبهة الإسلامية المارقة في ثوب جديد) ومن والاهم من أتباعهم بحركة العدل والمساواة إلى إحالة مسئولية التهميش إلى مجمل مجموعتين ثقافيتين هما الدناقلة والشايقية، أو النوبيين [راجع تصريحات خليل إبراهيم خليل في قناة الجزيرة في "لقاء اليوم" بتاريخ www.aljzeera.net/channel/aspx بتاريخ 22/11/200]، وما ذلك إلاّ لأنهم ارتأوا أن أبناء هاتين المجموعتين ممن انخرط في سلك هذه الحركة المارقة، جرّاء الاستقطابات الناشبة فيها، قد وحّدوا صفوفهم باعتبار أنهم شايقية أو دناقلة. وهكذا أدّى بهم غياب الرؤية الناهجة إلى الاعتقاد بأن المجموعتين الثقافيتين في مجملهما مسئولتان عمّا حاق بهم من تجريدٍ للسلطة ووخيم عاقبةٍ بين عصابة السُّرّاق. ولا يفيدهم في هذا القول بأن عصابة المتآمرين من دناقلة وشايقية قد شرعوا في توسيع أحلافهم من ذوي القربى تسلّطاً وإثراءً. فذلك ما استنّته هذه الحركة بنفسها عندما جعلت من المحسوبية، عن قرابةٍ كانت أم عن أيديولوجية، سياسةً معترفاً بها من الدولة.
    أجدى من ذلك أن ننظر إلى التهميش في بعديه التنموي والثقافي، فإذا وقعنا عليه ما التفتنا إلى كم عدد المثقفين من ذلك الإقليم المهمّش ممن ارتضى أن يبيع أهله طمعاً في السلطة وبدرةٍ من مال السُّحت. بعد هذا يمكننا أن ننظر إلى الواقع المعاش من حيث التمتّع النسبي بالسلطة والثروة الذي فازت به بعض الأقاليم على حساب البعض الآخر، خاصةّ النيلية منها، إمّا لقربها الجغرافي من مركز السّلطة والثّروة، أو لزيادة حصّتها من التعليم الأولي منذ عهد الاستعمار التركي المصري ، أو لمحاباةٍ من المركز في سعيه الدّائم لتحييد بعض قطاعات الشعب ذات السّكون الأيديولوجي الإسلاموعروبي وتحويل ذلك السّكون إلى تواطؤ، ريثما يتمكّن المركز من تدجين القطاعات الأخرى جامحة الأفرقة لغةً وثقافةً. هذه هي الرؤية الناهجة التي كان عليها شهيد الحرب والسلام القائد العظيم جون قرنق [يراجع في: الواثق كمير، بدون تاريخ]، وعلينا أن نقارن بين رشاد هذه وضلالة تلك. في هذا يتضح أن التعليم نفسه قد تمّت قولبته وتشكيله ليخدم أيديولوجيا الهيمنة والقهر التنموية والثقافية. ويشهد واقع النوبيين اليوم ـ على سبيل المثال ـ بهذا؛ فهم من أكثر المجموعات نيلاً للتعليم وفق هذه القولبة الجائرة؛ كما هم الآن، بفضل هذا، من أكثر المجموعات تعرّضاً للاندثار كمجموعة أفريقية لها لغتها وثقافتها وموطنها الجغرافي.
    بهذا يمكن القول بأن المجموعات المهمّشة التي لم تنل حظّاً من التعليم بصورته الشائهة للهوية هذه، كالبجا مثلاً، لم تخسر الكثير. فبينما البجا الآن على بكرة أبيهم يطالبون برفع التهميش عنهم نضالاً مدنياً وعسكرياً، نجد النوبيين منقسمين على أنفسهم، غير مدركين في أكثريتهم الساحقة بما يحيق بهم من خطر داهم. ففضلاً عن أن هذه الأغلبية الساحقة ذاهلة، لا تدري على أي وجه قد وقع عليها التهميش، ها هي السلطة المركزية التي يسعى البعض لتحميل النوبيين إجمالاً مسئوليتها قد وجهت طعنة غادرة للنوبيين من الظهر وذلك عندما باعت الحوض النوبي للمصريين بغية توطين 15 مليون فلاح مصري تحت غطاء ما يعرف بالحريات الأربعة [راجع: مذكرة مجموعة العمل النوبي، 2004؛ جريدة الصحافة، 31/3/2004]. ولعلّ من الطريف أن نشير هنا إلى تصريحات عبد الرحيم محمد حسين، وزير الداخلية السابق، في القاهرة (يناير 2005) عندما حذّر من تنامي الأفرقة كمّاً وكيفاً في السودان جرّاء الهجرات المستمرّة من غرب أفريقيا، بينما توقفت الهجرات من الدول العربية، داعياً المصريين إلى التسريع بالاستيطان في شمال السودان حلاًّ لمشكلة الانفجار السكّاني [راجع ذلك في: www.ahram.org.eg/archive/Index. لعلّنا سننتظر حتى يشرع هؤلاء الفلاحون بعد أن يتمّ توطينهم في قتل النوبيين الآمنين، لنسمع بأن عامة النوبيين قد اكتشفوا بأنهم ضحايا آلية جهنمية تعمل تهميشاً للريف السوداني عامةً، ومحقاً للمجموعات الأفريقية ثقافةً ولغةً وكياناً، ثم إبادةً كنهاية طبيعية لهذا المنزلق.
    لكن، تُرى هل سننتظر كل هذه السنين حتّى تكتشف القوى السياسية أيضاً ما يحيق بالنوبيين وباقي المجموعات المهمّشة كالمناصير وغيرهم، ثم بالسّودان؟ أوليس من المؤسف أن الإقرار بأن مجموعةً ما تقع داخل دائرة التهميش لا يتحقق إلاّ بعد أن تُسفك دماء الأبرياء من المجموعة، والذين غالباً ما يكونون من الأطفال والنساء؟ فحتّى الآن لم تجرؤ أي قوّة سياسية على التّطرّق لموضوع بيع الحوض النوبي ولو من باب المجاملة. هل ذلك خشيةً من مصر التي ـ بعد اعترافها بالانقلاب الإنقاذي حتى قبل أن يعترف به مدبّره الترابي ـ قد احتضنت المعارضة؟ هل كان ذلك تدجيناً للمعارضة، خاصّةً التّجمّع؟ يبقى أن نسمع منهم.

    توحيد قوى الهامش
    جبهات الشرق والغرب: رأس الرمح
    إن جبهة الشرق وحركة تحرير السودان، بوصفهما رأس الرمح حالياً فيما يخص المجموعات المهمّشة في مجالي السلطة والثروة يمكنهما أن تلعبا دوراً حاسماً في توحيد قوى الهامش. لقد نهضت مجموعات الهامش، كلٌّ على حدة، مطالبةً بحقوقها دونما تنسيق، محكومةً في ذلك بعوامل موضوعية وأخرى ذاتية. ولا تزال حتى الآن ينقصها هذا التنسيق. والآن، عندما تنضمّ إلى هذا الرّكب مجموعات أخرى مهمّشة كالنوبيين والمناصير لتُكْمِلَ الطّوق (شمالاً، جنوباً، غرباً، وشرقاً)، ينبغي لها أن تلعب دوراً حاسماً في كسب هذه المعركة. إن على جبهة الشرق وحركة تحرير السودان أن تعملا سويّاً لتوحيد قوى الهامش في الغرب والنيل الأزرق والأنقسنا وجبال النوبة والشرق والشمال. فتوحيد قوى الهامش يمثّل ضرورة للسودان أجمع في صراع القوى المهمّشة لنيل حقوقها، الأمر الذي تبيّن أنه لن يتمّ إلاّ بتفكيك ماكينة التمركز والتهميش. إن هذه الوحدة، فضلاً عن كونها ستشكل الأغلبية الكاسحة إذا ما تحققت، تقلب المائدة على التكوينات السياسية الكلاسيكية، من يمين ويسار ووسط إلخ، والتي تبين أنه لا فرق بينها جوهرياً وذلك عندما تبلغ الاستقطابات السياسية والأيديولوجية ذروتها، وما التجمّع إلاّ أوضح مثال في هذا.

    إستراتيجيات الوحدة
    لقد لفتت العديد من مجموعات الهامش أنظار العالم إلى قضاياها، فمنها من حسم أمره ومنها من لا يزال حتى الآن في طور المفاوضات. لكن هذا لا ينبغي أن يصرف الأنظار عن تلك التي لا تزال في المُربّع الأول، كالنوبيين في أقصى شمال السودان وكالمناصير، ثم كل المجموعات الأخرى والتي لا بدّ أن تكتشف تهميشها عمّا قريب فتلحق بالركب. ولكن خطوة كهذه لا يمكن أن تتم إذا ما زلنا ضحايا الإلتباس الناجم عن التمفصل الخطي الذي ينظر للمسألة باعتبار أن الشمال المتميّز هو الذي جنا علي الهامش، وهي النظرة التي جعل منها المؤتمر الشعبي الآن محوراً لخطابه الجديد في سلسلة تقلّباته السياسية وتلوّناته الأيديولوجية. إن ما يُخشى هو أن تحسم كل مجموعة هامشية قضاياها بمعزل عن المجموعات الأخرى، لأن ذلك يمكن أن يُفضي إلى نصرٍ كاذب بأن تُعزل كلّ مجموعة عن الأخرى كيما يسهُل أكلهم كل واحدة على حدة. ما هو أسوأ من ذلك أن تجد كل مجموعة نفسها في النهاية وحدها في ميدان المعركة تواجه أكثر من عدو خارجي في سياق الخط الأمريكي الرامي لتفتيت وتفصيص الدول ذات المساحات الجغرافية الكبيرة، ما يعني ذات الفاعليات والموارد النهضوية الكبيرة [لمزيد من التفاصيل، يراجع: محمد جلال هاشم، تحت الطبع]. لذا تذهب هذه الورقة إلى أن مدخلنا للنضال من أجل حقوقنا يتمّ عبر توحيد قوى الهامش. هذه الوحدة ينبغي تبدأ بالمجموعات المهددة تنموياً وثقافياً أولاً، ولا يحسّ بالنار إلاّ من يطأها بقدميه. بعد ذلك على هذه الوحدة أن تنهض على أرض صلبة من المبادئ قوامها الديموقراطية القائمة على الاعتراف بحق المجموعات الثقافية في التنمية والحفاظ على هويّاتها، ثم على العلمانية القائمة على فصل الدين عن الدولة ورفض كل أشكال استغلال الدين لتسويغ الأفكار الفاشية مثل تلك التي رفد بها تنظيم الجبهة الإسلامية المارق على الديموقراطية والتي تآمر ضدها ليقيم النظام الفاشي الحالي الذي ارتكب الإبادة ضد أهلنا بالجنوب وجبال النوبة والأنقسنا والشرق، ودارفور.

    تكتيكات الوحدة
    إن توحيد قوى الهامش ينبغي أن يمرّ عبر بوابة المجموعات المهمّشة تنموياً وثقافياً، أي تلك التي تعاني من التهميش التنموي كباقي المجموعات السودانية، ثم تزيد على ذلك بمعاناتها من التهميش الثقافي ممثلاً في ضياع اللغة والهوية. في الجانب الآخر، وبما أن المجموعات المستعربة التي مورس التمركز والتهميش باسمها، لم يكن حظها أفضل تنموياً، فإن هذا الأمر يستوجب منها أن تسارع باكتشاف تهميشها ومن ثم الوقوف في خندق واحد مع باقي القوى الأفريقية المهمشة، وذلك في سبيل تفكيك مركزية الدولة وسياساتها التهميشية. إن المعركة الحاسمة في مناجزة الدولة المركزية قد تجري داخل شوارع العاصمة المثلّثة وأحيائها التي جذبت إليها أهلنا المهمّشين لامتصاصهم وتذويبهم ومن ثمّ إعادة إنتاجهم ثقافياً كما تجذب الثقوب السوداء إليها كائنات الكون فتحيلها إلى العدم.
    في هذا لا يملك المرء إلاّ أن يشير إلى الإمكانات السياسية والفكرية الهائلة التي تنطوي عليها هذه الوحدة. في هذا سأضرب مثالاً واقعياً متّخذاً من مناطق مثل الكلاكلات والحاج يوسف نموذجاً، وذلك لاكتظاظها بأهلنا من جميع أقاليم السودان، مثل مناطق أخرى كثيرة بالعاصمة. إن تحالفاً يجمع أهل الجنوب مع أهلنا بدارفور مع أهلنا من جبال النوبة مع أهلنا من منطقة المناصير، مع أهلنا من منطقة النوبة بشمال السودان، مع أهلنا من منطقة الأنقسنا وصعيد النيل الأزرق، مع أهلنا من جبهة الشرق، فضلاً عن القوى المستنيرة من باقي أقاليم السودان .. إن تحالفاً كهذا، فضلاً عن أنه سيكتسح أيّ انتخاباتٍ تُجرى في بحر أيامنا القادمة، سيقلب الموازين على كل الأصعدة. فهو أولاً سيفرز الكيمان أيديولوجياً، بصرف النظر عن مسمّيات اليمين واليسار والوسط التي لم تجدنا فتيلا. ثانياً سيظهر هذا التحالف من هم الأغلبية ومن هم الأقلية على أرضيةٍ من الواقع صلبة. ثالثاً ستتوفّر ولأوّل مرّة منذ قيام دولة الفونج الفرصة الحقيقية لتفكيك ماكينة التمركز والتهميش إلى غير رجعة، ليقف السودان ولأول مرّة منذ 500 سنة على قدميه الحقيقيتين، مارداً أفريقياً يتكلّم بأكثر من مائة لغةٍ معترفٍ بها من الدولة من بينها العربية والإنكليزية.
    بهذا، وبهذا وحده يمكن لقوى الهامش أن تصنع التاريخ والمجد، وهو تاريخ قد صنعته منذ الأزل وباقي الأمم لمّا تصحُ بعد من سباتها. إن المدخل إلى هذا المجد أن تتّحد قوى الهامش أولاً، وهي وحدة نراها قريبة من حيث إمكانية تحقّقها؛ بعد ذلك على قوى الهامش أن تُلقي بكلّ ثُقْلها خلف الحركة الشعبية، رائدة نضال القوى المهمّشة، لكسب جولة الانتخابات القادمة. في هذا ستحتاج القوى المهمّشة إلى رؤية ناهجة للنهضة بها تَطْرِقُ الدّربَ عن بيّنة لا تحسّساً وتلمّساً تتمثّل في الجمع بين الثقافة والتنمية.

    التنمية والثقافة: المدخل إلى تفكيك آليات التمركز والتهميش
    إن آليات التمركز والتهميش لا يمكن أن يكتمل تفكيكها، حتى إذا تمّ تفكيك عرى هذا النظام الفاشي، إلاّ إذا ما تمّ ربط الجانب التنموي مع الجانب الثقافي في عملية مركبة واحدة دون فصل بينهما. إن هذه الخطوة تستدعي النظر إلى المواطن التاريخية بالنسبة للمجموعات المهمّشة بوصفها أقاليم ذات خصوصية إثنية وثقافية، وبالتالي تنموية وسياسية، الأمر الذي يضعها جميعاً على قدم المساواة مع باقي المناطق المهمشة وما يتبع ذلك من التقسيم العادل للسلطة والثروة والحفاظ على الهوية واللغة. في هذا تذهب الورقة إلى ضرورة الاعتراف بحق كل المجموعات الأفريقية التي تعاني من التهميش المزدوج في تقرير المصير والحكم الذاتي، وأن تكون لكل واحدة منها حكومة إقليمية ببرلمان إقليمي وتتمتع بحق إرساء الاتفاقيات مع الجهات الخارجية بما لا يتعارض والسيادة القومية وذلك بغية توفير التمويل اللازم لمشروعات التنمية.
    إن جعل التخطيط التنموي تخطيطاً ثقافياً معنياً بكل أدوات ومؤسسات الثقافة والوسائط المعرفية الأخرى من وسائل اتصال جماهيري، ومسرح ومهرجانات، يقوم على هذه النظرة والتي بدونها سينهدم الأساس المشروع لرفع الفقر والتهميش تنموياً وثقافياً. إن من حق أي مجموعة ثقافية أن تكون لها محطة إذاعة وتلفزيون تبثّ بلغاتها. كما من حق أي مجموعة ثقافية أن تكون لها صحف ومجلات بلغاتها أيضاً. إن كل هذا لن يتأتّى لهم إلاّ إذا تمكنّوا من دفع فاتورة هذه النهضة. فالثروة والرفاهية لا تهبط على الناس من السماء، بل يصنعها الناس بالرؤية الناهجة وبأيديهم وقوّة عزيمتهم. إن هذا هو ما يستوجب منّا النظر إلى أي المناطق الجغرافية ذات المجموعات الأفريقية التي عانت من التهميش المزدوج بوصف كل واحدٍ منها إقليماً قائماً بذاته وذا خصوصية ثقافية وتنموية وبالتالي سياسية.

    تقرير المصير أم الانفصال
    إنه لمن الخطأ الفادح أن يتعامل المرء مع مصطلحي "تقرير المصير" و"الانفصال" باعتبارهما مترادفين. ذلك لأن مفهوم تقرير المصير يقوم في أساسه على أن مجموعةً بعينها قد تعرضت للظلم التاريخي من قبل المركز، وفي سبيل رد هذه المظالم فقد أُعطيت الحق في أن تقرر مصيرها وكيف يكون أمرها داخل الدولة السودانية بنفسها، فإذا ما تمّ لها ذلك، استمرّت على الوحدة، وإذا لم يتمّ لها ذلك نزعت عندها للانفصال. لقد تعرّض الجنوب للظلم والاضطهاد لقرون وقرون؛ ومما زاد الأمر سوءً ذلك الإزراء بالعرق الأفريقي وباللون الأسود التي اتّسمت به الأيديولوجيا الإسلاموعروبية في السودان، أي بلد السود. ولم يقف هذا الإزراء أن بلغ حد التمييز العنصري، بل فاته ليتّحد مع مفاهيم مؤسسة الرق وارتباطها بأفريقيا السوداء دامغاً بذلك كل إنسان أسود، في بلد اسمه "السودان"، أي بلد السود، على أنهم عبيد [راجع أحمد سيكينجا، 1996].
    لقد كانت هذه هي الأسس الأخلاقية التي قامت عليها نضالات قوى الهامش يقودها أهلنا في جنوب السودان لوحدهم لعقود وعقود، حتى لحق بهم الآخرون من أهلنا بجبال النوبة والأنقسنا، فدارفور والشرق دواليك، والبقية آتية. إزاء تعنّت الدّولة (الحامية الرئيسية للأيديولوجيا الإسلاموعروبية)، وإزاء الخسائر الجسيمة في المال والأرواح التي ظلّت تدفعها مجموعات الهامش، نزع بعضها نحو الإنفصال يأساً من هذه الدّولة السّودانية التي يقوم مشروعها الوطني على بوتقة الانصهار والتمركز والتّهميش. وهذه هو مأتي اللبس في الدمج بين المصطلحين. إننا لا ينبغي أن ننتظر حتى يبلغ الظلم والاضطهاد بباقي مجموعات الهامش ما بلغه بأهلنا في الجنوب. وهذا ما يستدعي المطالبة بحق كل المجموعات المهمّشة بتقرير المصير لتحدد موقعها من الإعراب في خارطة السودان الواحد، حتى إذا لم تُعطَ هذا الحق، حُقّ لها حينها أن تطالب وتواصل نضالها من أجل الانفصال.
    أما أن يشرع بعض المثقفين بالترويج إلى أن على مجموعات الهامش بالمطالبة بالانفصال قبل ذلك، متّخذةً من المطالبة بتقرير المصير بوصفه مقدّمة طبيعية للانفصال، فإنه لا يعالج شيئاً، ذلك لأنه ينطوي على هروبٍ من المشكلة. فالمشكلة هي كيفية إدارة التّعدّد والتّنوّع الثّقافي والإثني من حيث توزيع السلطة والثّروة. فإن عجزنا عن إدارة هذه المشكلة وهي في إطار تشكيلاتها الكبرى (الجنوب، جبال النّوبة والإنقسنا، دارفور، الشّرق، والشّمال، ثم الوسط)، فإنّا سنكون أعجز عن أن ندير المشكلة وهي في إطار تفصيلاتها الدّقيقة. ذلك لأن الجنوب متعدّد ثقافيّاً أيضاً، كما هو الوضع في دارفور، وفي كل إقليم على حدة. فكأنّنا سنهرب من مشكلة التّعدّد، لنقع في ذات المشكلة لاحقاً. إن من يعجز عن إصلاح ساعة حائط، سيكون أعجز عن إصلاح ساعة يد. أهدى من ذلك أن نستعصم بوحدة السّودان كهدف إستراتيجي، ومن ثمّ نوحّد الجهود لتفكيك مركزية الدّولة.
    إن برنامج الأحادية الثقافية هذا لم يعد الآن في صالح السودان، كما إنه لم يعد في صالح الثقافة العربية ـ الإسلامية نفسها. لكل هذا، آن الأوان كيما ننتقل ونتطور من مرحلة "بوتقة الإنصهار" إلى مرحلة "الوحدة في التنوع" حيث تتوازن حقوق الجماعات والثقافات في الرفاهية والنماء. لقد دخل السودان منذ استقلاله وحتى الآن فى متوالية عددية من الفشل. فكل نظام حكم كان أفشل من سابقه ديمقراطيا كان أم عسكرياً. إن القاسم المشترك الأعظم لكل هذه الأنظمة كان ـ ولا يزال ـ هو عملية التمركز والتّهميش. عليه إن هذا الفشل هو فى الواقع فشل مشروع الأحادية فى إدارة أزمات بلد متعدد الثقافات ]لمزيد من التفاصيل، راجع: محمد جلال هاشم: 1999.[



    السودان الجديد: الحرية والعدل والسلام
    إن السودان دولة متعددة الثقافات والأعراق والأديان والألوان والأقاليم، مما يفرض علي مؤسسة الدولة أن تحترم وتدافع عن هذه الحقوق الأساسية. إلا أن مؤسسة الدولة في السودان تشكلت وفقاً لأيديولوجيا ثقافية ودينية أحادية، فكان أن تورطت بشكل مباشر في مجمل عمليات التمركز والتهميش، وما تبع ذلك من قهر واضطهاد ثقافي وعرقي وديني. إن الكثير من الفوارق والتفاوتات الاجتماعية والاقتصادية والسياسية في السودان ساهمت مؤسسة الدولة في صنعها وتكريسها. لا يمكن للإنسان أن يقبل بالقهر والدونية، وإن شروط الحياة الكريمة يجب أن تقوم على مبادئ الحرية والعدل والسلام التي تقوم على أساس أن الناس متساوون في الواجبات والحقوق التي يكسبونها بالمواطنة، دون اعتبار للعرق أو الثقافة أو الدين أو الوضع الاجتماعي، إذ لا سلام بلا عدل، ولا عدل بلا حريّة. إن أي توجه أو قانون يقوم على التمركز والتهميش، أو يؤدي إلى وضعية كهذه، لا يجوز أن يصدر من مؤسسة الدولة، بل ينبغي على الدولة أن تعمل على إلغائه. لذلك عندما تتبنى الدولة موقفا كهذا، يكون من حق المجموعات الأخرى مناهضة ومحاربة هذا الوضع الظالم لإزالته. إن التعايش السلمي لا يمكن تحقيقه وحراسته إلا من خلال دستور يراعي الحقوق الأساسية لجميع المواطنين دون تمييز عرقي أو ديني، ويؤسس للديموقراطية التعددية وحكم القانون وحقوق الإنسان وذلك بعد أن يتم تفكيك آليات التمركز والتهميش.



    مراجع عربية
    • أبكّر آدم إسماعيل (1997)، جدلية المركز والهامش (3 أجزاء)، الخرطوم.
    • إنتصار الزين صغيرون (1999)، "معاني أسماء الالسودان القديمة ودلالاتها الجغرافية والثقافية"، ورقة مقدمة لمؤتمر الأسماء الجغرافية، اللجنة القومية للأسماء الجغرافية بالتعاون مع جامعة السودان للعلوم والتكنولوجيا، قاعة الشارقة، الخرطوم، 6 ـ 8 أبريل.
    • حركة العدل والمساواة (2003)، الكتاب الأسود، الجزء الثاني.
    • عبد الغفّار محمد أحمد (198، قضايا للنقاش: في إطار إفريقية السودان وعروبته، دار جامعة الخرطوم للنشر، الخرطوم.
    • منصور خالد [1993]؛ النخبة السودانية وإدمان الفشل، جزءان، دار الأمين للنشر والتوزيع، القاهرة
    • محمد جلال هاشم (1999)، منهج التحليل الثقافي: القومية السودانية وظاهرة الثورة والديموقراطية في الثقافة السودانية، الخرطوم.
    • الواثق كمير (إعداد وتحرير) [بدون تاريخ]، جون قرنق: رؤبته للسودان الجديد: قضايا الوحدة والهوية، المجموعة الاستشارية لتحليل السياسات والاستراتيجيات، القاهرة.
    مصادر أولية: مذكّرات وصحف
    • جريدة الصحافة، عدد 3892، 31/3/2004 (الصفحة الأولة)، عنوان: "طرح 6.1 مليون فدان في وادي حلفا أمام الشركات المصرية وفق عقود انتفاع طويلة الأجل".
    • مجموعة العمل النوبي (2004)، "المذكّرة المرفوعة إلى كوفي عنان بشأن بيع الحوض النوبي لتوطين ملايين الفلاحين المصريين)، الخرطوم، 18 أبريل 2004.
    مراجع إنكليزية
    • Hasan, Y.F. “ed.” (1971), Sudan in Africa, Khartoum University press.
    • (1973), The Arabs and the Sudan: from the Seventh to the Early Sixteenth Century, Khartoum University press, Khartoum.
    • Hāshim, M. Jalāl (2005), "Sudan Civil Wars in the National Context", a Paper presented in the 5th Conerence of Pan Africanism, 26-29 May, Windhoek, Namibia.
    • ………………….. (Forthcoming), To be or not to be: Sudan at Cross Roads, Khartoum.
    • Mazrui, Ali (1971), “The Multiple Marginality of the Sudan”, in Yusuf Fadl Hasan “ed”, Sudan in Africa, Khartoum University Press, Khartoum.
    • Sikainga, Ahmed [1996]; Slaves into Workers: Emancipation and Labour in Colonial Sudan, Modern Middle-Eastern Studies No. 18, Austin, Texas.
    • Welsby, D. “ed.” (2000), Life on the Desert Edge: Seven Thousands Years of Settlement in the Northern Dongola Reach of the Nile, Sudan Archaeological Research society, London.
    مواقع شبكية
    www.ahram.org.eg/archive/Index.asp
    www.aljzeera.net/channel/aspx
    www.ethnologue.org
                  

03-10-2006, 01:07 AM

Amjad ibrahim
<aAmjad ibrahim
تاريخ التسجيل: 12-24-2002
مجموع المشاركات: 2933

للتواصل معنا

FaceBook
تويتر Twitter
YouTube

20 عاما من العطاء و الصمود
مكتبة سودانيزاونلاين
Re: إن المعركة الحاسمة في مناجزة الدولة المركزية قد تجري داخل شوارع العاصمة !! محمد جلال هاشم (Re: Amjad ibrahim)


    المتحدث الرئاسي للحركة الأستاذ محجوب حسين : الحركة تقبل التحدي و سوف تحول القصر الجمهوري إلى مقبرة لمجرمي الحرب و على الشعب السوداني أن يحول التعبئة المزيفة و الرخصية إلى إنتفاضة شعبية عارمة تدك حصون الإجرام في السودان إلى الأبد ، و الحركة على أتم الإستعداد لخوض التغيير من داخل الخرطوم
    سودانيزاونلاين.كوم
    sudaneseonline.com
    9/3/2006 5:33 م
    بالنظر إلى جملة تطورات الراهن السياسي السوداني و أزمة الحكومة السودانية الداخلية ، تعلن حركة / جيش السودان رسميا الأتي :
    1/ الحركة ترحب ترحيبا كاملا بدخول قوات دولية إضافة إلى قوات الإتحاد الأفريقي المتواجدة في دارفور أصلا لحفظ الأمن و السلم المدنيين. و تدعو إلى التعجيل بنشر هذه القوات. وهي ليست طرفا في ذلك ، بل هي مسؤولية دولية وفق القانون الدولي ما دام أمن المدنيين في خطر مستمر و يزداد يوما بعد يوم.
    2/ الحركة تؤيد المساعي و المجهودات الدولية الرامية إلى دخول القوة الدولية و تدعو إلى تحويل كل القوات إلى قوات لحفظ الأمن في الإقليم عوض مراقبة وقف إطلاق النار ، و تدعو في ذات الوقت مجلس السلم و الأمن الأفريقي إلى إتخاذ قراره فورا ، و تعلن الحركة إستعدادها التام للتعاون مع كل القوات المتواجدة في الإقليم بما يحفظ الأمن و السلم المدنيين.
    3/ الحركة تحمل المسؤولية كاملة للحكومة السودانية ، وعن الظروف التي أدت إلى هذا التحول و منها على الخصوص تدهور الوضع الأمني في دارفور بسبب خروقات الحكومة المتكررة و إطلاق عنان ميليشياتها "الجنجويد" دون رحمة أو هوادة تجاه المدنيين العزل ، و كذا العراقيل الموضوعة في وجه قوات الإتحاد الأفريقي و التي أدت إلى فشلها تماما ، و الأهم من ذلك تقاعسها بل رفضها التام على تنفيذ كل القرارات الدولية الصادرة من مجلس السلم و الأمن الأفريقي و مجلس الأمن الدولي ، القرار 1556، 1564 ، 1574 ، 12990 ،1592، 1593 بالإضافة إلى مجموع الإلتزامات و الإتفاقات التي قطعتها على نفسها مع الأمين العام للأمم المتحدة و رئيس الوزراء البريطاني. إلى ذلك عدم تنفيذها نصوص البرتوكول الأمني و الإنساني الموقعان في أبوجا و إتفاقية وقف إطلاق النار في العاصمة التشادية أنجمينا....... إلخ.
    4/ الحركة تحمل الحكومة تعثر مفاوضات أبوجا و التي دخلت شهرها الثالث في تسويف و مماطلة و إستهلاك حكومي فج مع إنعدام أية رؤية سياسية واضحة من طرف الوفد الحكومي الذي لا يمتلك حتى قرار نفسه ناهيك عن حل أزمة دارفور . و كأن الوفد في رحلة إستجمام طويلة الأمد.
    5/ الحركة تطالب المحكمة الدولية بالتعجيل بإعلان مجرمي الحرب و جرائم ضد الإنسانية في دارفور و تقديمهم للعدالة الدولية لأن ذلك هو تعجيل بإبعاد المجرمين من السودان و ضمان أمن البلاد ، و الحركة إذ تطالب بذلك تعلن مجددا تمسكها بهذا المطلب و تعاونها التام مع كل فرق التحقيق مع تقديم كل الوثائق الدالة و الدامغة لمحاكمة البشير و ذمرته من مجرمي الحرب .
    6/ الحركة ترفض كل أساليب التعبئة السياسية المزيفة من طرف نظام مجرمي الحرب ، و تؤكد بالمقابل إنها تعبئة لحماية الإجرام و ليس علي أمن السودان أو الإسلام و الذي منه براء، و إنها تعبئة حرب ضد شعب دارفور و علي الشعب السوداني أن لا يقع ضحية للتضليل الحكومي و السلطة التي تحضر اليوم في كل ارجائها حيث لا تسيطر جغرافيا إلا على الخرطوم ، و تدعوه أيضا إلى تحويل التعبئة المزيفة إلى إنتفاضة شعبية عارمة تدك حصون الإجرام و أن لا تدع الوطن ملاذا للمجرمين و الإرهابين .
    7/ الحركة تكشف إن التعبئة المزيفة التي فبركتها أجهزة النظام قوامها رجال الشرطة و الأمن و الدفاع الشعبي فقط . و ليس هناك مدنيا سودانيا وراء هذه الصورة الديكورية.


    8/ الحركة تؤكد إنها تقبل التحدي و سوف تدع القصر الجمهوري مقبرة لمجرمي الحرب و لن تدع دارفور أو أي جزءا من السودان مرة أخرى محلا للإبادة الجماعية، و تأكد لديها إن التغيير يجب أن يبدأ من الخرطوم ، و على الشعب السوداني في الخرطوم و شعب دارفور الإستعداد للحسم الأخير . و على جميع خلايا الحركة في الخرطوم الإستعداد لمرحلة الفصل النهائي لمصلحة الشعب السوداني. و سوف نوافيكم ببيان آخر هام.


    المتحدث الرسمي لرئاسة الحركة
    المستشار الإعلامي للحركة
    حررفي لندن ، الموافق 09/03/2006
                  

03-10-2006, 02:52 AM

Nazar Yousif
<aNazar Yousif
تاريخ التسجيل: 05-07-2005
مجموع المشاركات: 12465

للتواصل معنا

FaceBook
تويتر Twitter
YouTube

20 عاما من العطاء و الصمود
مكتبة سودانيزاونلاين
Re: إن المعركة الحاسمة في مناجزة الدولة المركزية قد تجري داخل شوارع العاصمة !! محمد جلال هاشم (Re: Amjad ibrahim)

    up
                  

03-10-2006, 06:41 PM

Amjad ibrahim
<aAmjad ibrahim
تاريخ التسجيل: 12-24-2002
مجموع المشاركات: 2933

للتواصل معنا

FaceBook
تويتر Twitter
YouTube

20 عاما من العطاء و الصمود
مكتبة سودانيزاونلاين
Re: إن المعركة الحاسمة في مناجزة الدولة المركزية قد تجري داخل شوارع العاصمة !! محمد جلال هاشم (Re: Amjad ibrahim)


    سلام جميعا
    في وقت سابق 15 اكتوبر 2005 كنت قد كتبت موضوع في هذا الاطار، و فيه توقع ان تؤدي سياسات الانقاذ بالحركات المسلحة لنقل حروبها الى الخرطوم.....

    أعيد نشر الموضوع لان الامور و لسوء الحظ سارت في نفس الطريق الذي ذكرته حينها و إن كنت اتمنى ان لا يتحقق هذا السيناريو الى الموضوع
    ================================================

    هل تؤدي سياسات الإنقاذ الخرقاء بمعارضيها إلى نقل حروبهم إلى الخرطوم!!!

    مرت علينا نيفاشا و تداعياتها المؤلمة بفقدان الزعيم جون قرنق دي مابيور احد صمامات أمان تنفيذها الأشداء!! و بعيد رحيله المفاجئ حل إحساس عميق بالإحباط وسط الشعب السوداني و لسان حاله يقول لماذا تسخر الأقدار من بلدنا إلى هذا الحد، و ما أن توشك شمس سلام و عدالة على البزوغ حتى يعاجلها القدر بسهامه فتتراجع عميقا ليمتد ليلنا ويلقي بكلكله على أجسادنا المنهكة بعد 16 عاما عجافا من حكم الإنقاذ الظالم.
    لم توارى جثة رجل الحركة الشعبية القوي الثرى و لم يعرف ما حدث بصندوق طائرته الأسود بعد، حتى بدأت الإنقاذ في مسيرة النكوص و التنكر من اتفاقاتها معه و كأنها قد لاحت لها فرصة ذهبية بزوال الرجل القوي فمارست لولوة سياسية فظيعة أدت إلى إحباط مفاوضيها الذين كانوا في حالة من الذهول بعيد فقدهم لقائدهم و الأحداث المصاحبة لرحيله، استغلت الإنقاذ تلك الظروف أيما استغلال كي تمرر مشروعها بالسيطرة على مفاصل الدولة و جعل الوزراء الجنوبيين ضيوفا غير مدعوين في أقصى مائدة السلطة تقذف لهم من على البعد بالفتات بعد أن تغولت على وزارات الطاقة و المال و الداخلية والدفاع.. و ما هكذا تبنى الأوطان.
    بعد ذلك استمرت الإنقاذ في أجندتها و عدم جديتها في إنجاح أية مفاوضات سلام قادمة مع ثوار غرب دارفور بافتعال الحروب قبيل المفاوضات خاصة بعد أن ضمنت رضاء الجانب الأمريكي المهموم هذه الأيام بتوفير البترول مهما بلغت التنازلات للديكتاتوريات و كعهدنا بالأمريكان فان نفسهم قصير في معالجة الأمور المستعصية مما أدى بهم إلى نقض تصريحاتهم بعدم دعم الحكومات العسكرية في أول امتحان حقيقي لهذه التصريحات حيث ثبتوا حكومة الجنرال برويز مشرف الانقلابية في الباكستان نتيجة لتعاونه معهم إبان أزمة أفغانستان و القاعدة، ولأن دهاقنة الجبهة الإسلامية متمرسون في الاصطياد في الماء العكر، فان رضا العم سام بناء على التنازلات الأمنية العديدة و آخرها مؤتمر مكافحة الإرهاب في الخرطوم في أكتوبر الجاري و الذي حضره ممثلو الـ سي آي إيه الأمريكية و الإم آي 6 البريطانية أعطاهم الإحساس بالمنعة و القوة.
    و لعمري فهو إحساس كاذب. فكيف يمكنك السيطرة على بلاد تعج بالمحبطين و المهمشين و الفقراء و المعدمين، كيف يمكن تثبيت الحكم بسياسات الطعن من الخلف و خلق العداوات و تقسيم الأحزاب السياسية و إذلالها و الضرب بعرض الحائط بكل القيم، و خلق دولة يسيطر عدم الرضا على أفئدة السواد الأعظم من شعبها.
    الإنقاذ في زهوها بتحقيق سلام نيفاشا و رفع فاتورة حرب الجنوب عنها تتناسى شعبا تدوسه المعاناة كل يوم و يموت أبنائه لأتفه الأمراض و الأسباب، كما تتمادى في سياساتها بتشريد الفقراء يوميا من أماكن سكن قانونية و عشوائية لهم في العاصمة و أطرافها كمآسي تدمير قشلاقات البوليس و مآسي مناطق شمال أمدرمان العشوائية المسماة "القرية" التي هشمتها الجرافات الحكومية على رؤوس ساكنيها حيث قتل العشرات لبيعها للأغنياء و المترفين من حاشية النظام كمشاريع استثمارية.
    و أخيرا دارفور الإقليم النازف في خاصرة الوطن، و الذي استعاضت الإنقاذ في حربها ضده بتكتيك أكثر بشاعة و اقل تكلفة، فاستفادت من حرب الجنوب لا لنبذ الحرب بعد رؤية ويلاتها، بل لابتكار وسائل أخرى لإدارتها و تقليل نفقاتها مع مضاعفة ويلاتها، و حشرت معارضيها هناك في زاوية الدفاع عن أهاليهم، و استخدمت مليشيات الجنجويد في حرب عصابات داخل الوطن، و هي بذلك تستخدم تكتيكات حرب العصابات ضد الذين كان يفترض عليهم استخدامها في الأساس فوجد ثوار دارفور أنفسهم في دور الجيش النظامي الذي يقاوم عصبجية و ضيوف ليل لا يمكن تحديد أماكنهم لمحاربتهم لذلك فهي حرب خاسرة سلفا، ذلك لان الإنقاذ لا تستهدف تحقيق نصر في هذه الحرب فميدانها بعيد عن التأثير عليها كسلطة بقدر ما تستهدف إجلاء السكان و تقليص عددهم و تدمير قراهم و طمر آبارهم و اغتصاب نسائهم لأذلالهم معنويا و دفعهم دفعا إلى دول الجوار حتى تفتك بهم الأمراض و سوء التغذية، و يستحيل عليهم العودة لاحقا لعمق الجراح النفسية و الجسدية التي تعرضوا لها في مراتع صباهم تلك.
    في كل ذلك تجهل الإنقاذ ما توصل إليه عرابها الترابي في وقت سابق و توصل إليه ميكافيلي في كتابه الشهير الأمير قبل مئات السنين، أن الدول يمكن أن تقام بالقوة و العنف لكن لا يمكن أن يستمر الحكم فيها بالقوة و العنف إلى ما لا نهاية.
    نقلت الإنقاذ طيلة الــ 16 عاما السابقة حروبها إلى أعدائها بينما ترفل هي و محسوبيها في القصور الخرطومية الشامخة، و بينما تستنزف سكان عاصمتها و أبنائهم و أبناء قبائل الشمال كلهم في الدفاع عن مستنفذيها بدعاوى الدفاع عن الدين تارة والعروبة و القبلية تارة أخرى، تنظر الإنقاذ إلى كل هؤلاء من علٍ في خيلاء و لسان حالها يقول ".. ربي اشغل أعدائي عني بأنفسهم".. لقد أبانت أحداث الاثنين الدامي كيف استهانت الإنقاذ بأرواح حتى أبناء الشمال أنفسهم الذين تدعي التماهي معهم و الدفاع عنهم باستخدامهم كدروع بشرية لتمرير مشروع الانفصال و لتسهيل مفاوضاتها مع الحركة الشعبية، وقد ذكر ذلك السيد ياسر عرمان في مقابلة تلفزيونية مع وزير الخارجية السابق مصطفى عثمان إسماعيل حيث قال " .. لقد أعطينا الحكومة وقتا كافيا لحماية المواطنين بتأخير الإعلان عن موت الدكتور جون قرنق لكنها لم تفعل شيئا".. ما لم يخطر ببال الكوماندر ياسر سعيد عرمان في ساعة حزنه تلك إن الإنقاذ فعلت شيئا حقا، وهو أنها أمّنت منازل محسوبيها و متنفذيها جيدا بينما تركت المواطنين ليأكلوا نارهم (على حد التعبير الشعبي) لاستغلال ذلك في تأجيج دعوات الانفصال البغيضة، ما لفت نظري مؤخرا تفاخر رموز الإنقاذ علنا بشيء من ذلك عبر تصريحات وزير المالية الأسبق عبد الرحيم حمدي و هو يدعو إلى عمل تنمية في محور الشمال حتى يصوت مواطنيه للإنقاذ مستقبلا، المحور الذي اسماه محور دنقلا الخرطوم سنار و ترك الأقاليم بحروبها و معاناتها حتى تفنى بسكانها و الترويج للاستعلاء العروبي الإسلاموي على بقية السلالات السودانية في بجاحة تفوق الوصف و أتساءل من أية قرية من قرى هذا المحور ينحدر هذا الوزير الهمام الذي أقام في أرقى فنادق العاصمة لسنوات مبذرا أموال الدولة التي يطالب الآن باستثمارها في محوره الغريب هذا، و قد قدم السيد حمدي بورقته تلك دليلا ماديا على ما تختزنه الإنقاذ من أحاييل للتضليل في المستقبل القريب.
    أقول للإنقاذ مثلما تدين تدان، و اتفاقيات السلام ليست بصحائف مقدسة و يمكن التراجع عنها إذا ما تنكر احد أطرافها لبنودها، و حالما سينتبه الجنوبيون لذلك الخداع فغابتهم ليست ببعيدة و قد استعدوا لذلك فلم يحضروا جيوشهم معهم، أما أهل شرق و غرب و شمال السودان فلن يسكتوا طويلا على الحروب و الإخلاءات و الاغتيالات التي تقوم بها الإنقاذ في ظهرانيهم عند أول مظاهرة أو إضراب مطلبي، و يرقّى من يقوم بهذه التصفيات و الاغتيالات إلى مناصب أعلى في الدولة، و حسب ظني فإنهم سينقلون حروبهم إلى الإنقاذ في عقر دارها، بل إلى عقر دور متنفذيها و قصورهم و أبنائهم و ذويهم، كما نقلت الإنقاذ حربها إلى خيم و قطاطي هؤلاء في أقاصي السودان. و شواهد هذا الأمر كثيرة فقد قتل ابن احد الوزراء و هو يحاول إنقاذ امرأة صدمها خطاءً بسيارته الفارهة لأنه مثل للعامة تجسيدا لطبقة السلطة المستهترة بحيواتهم، و دمرت سيارة احد الأغنياء و حرقت أمام عينيه بعد مشادة مع احد الباعة قبل أكثر من عام، إنها مراحل من العنف المضاد تتصاعد حدتها كلما تزايدت ممارسات الظلم من قبل النظام، فمن كان منا يتخيل أن يتمرد الشرق أو تتمرد دارفور أو أن يتمرد المناصير. و الجايي أعتى من اللي فات. و ذلك يذكرني بالمثل الانجليزي القائل.
    "قد تستطيع خداع بعض الناس بعض الوقت لكنك لا تستطيع خداع كل الناس كل الوقت."

    أمجد إبراهيم سلمان
    15 أكتوبر 2005
    [email protected]
                  

03-10-2006, 09:27 PM

Shao Dorsheed

تاريخ التسجيل: 06-12-2003
مجموع المشاركات: 1083

للتواصل معنا

FaceBook
تويتر Twitter
YouTube

20 عاما من العطاء و الصمود
مكتبة سودانيزاونلاين
Re: إن المعركة الحاسمة في مناجزة الدولة المركزية قد تجري داخل شوارع العاصمة !! محمد جلال هاشم (Re: Amjad ibrahim)

    up
                  

03-11-2006, 02:59 AM

mohammed elsaim

تاريخ التسجيل: 08-20-2003
مجموع المشاركات: 200

للتواصل معنا

FaceBook
تويتر Twitter
YouTube

20 عاما من العطاء و الصمود
مكتبة سودانيزاونلاين
Re: إن المعركة الحاسمة في مناجزة الدولة المركزية قد تجري داخل شوارع العاصمة !! محمد جلال هاشم (Re: Shao Dorsheed)

    كلام جميل مرصوص ومرتب ومنسق ويبدو تنظيرا جيدا..
    تحفظاتي، وتتعلق بجانب عملي أكثر منه تنظيري، سأحاول أن أصيغها في الآتي دفعا لمزيد من السجال:

    - يبدو أننا بصدد مقولة جديدة تضارع "الاسلام هو الحل" تتمثل في "ازالة التهميش هي الحل".. في مثل هذا التفكير يكفي القول بأن وعي الهامش بظلاماتهم وانطلاقتهم الثورية لحلها سيعري المركز ويجعله يجثو على ركبتيه ثم يلقي بأوساخه في الخور..
    - مشاكل تطبيق القانون وحماية حقوق الانسان وتوزيع الثروة (ان وجدت) والسلطة بين من يملكون ومن لا يملكون ونشر التعليم وعلاج الأمراض وتشجيع التعدد الثقافي.. كل هذه تجتاج مؤسسات وهذه المؤسسات يديرها أفراد مؤهلون وفق خطط موضوعة قد تصيب وقد تخيب وهؤلاء الأفراد ليسو ملائكة كما هم ليسو روبوتات... ليس مهما كل تلك المقدمات.. ثورة الهامش كفيلة بابتداع الحلول وولادة العباقرة وتفجير الثروات بعد اعادة المسروق وملء الارض عدالة بعد ما ملئت جورا..
    - في مقولة الاسلام هو الحل يفترض أن الاسلام يعني العدل والأفراد أتقياء أنقياء وأنى وجدت الحكمة فنحن أحق بها والعمل وخدمة الناس عبادة كما أن لله عبادا اختصهم بقضاء حوائج الناس.. عند أول مشاكل الحكم (الاسلامي) يكون الرد أن العيب فى الأفراد والدولة الدينية بطبعها ليست ديمقراطية، وو...
    - وكأن الظلم والدكتاتورية من خصائص الدولة الاسلامية؟ لماذا يحدث ذلك التطور السحري من الاسلامية للاسلاموية؟ هل نتوقع أن نسمع بالهاموشوية بعد فشل حكام الهامش؟

    - منهج عفرتة الخصوم (وبعضهم يفضل الترجمة لكلمة أبلسة) يفترض ان المركز العربواسلاموي فشل بسبب جيناته التي يحملها.. ان توزيع السلطة والثروة مرفوض لأنه يعني بالنسبة للمركز(كما يتمثله أنصار نظرية الهامش) زوال تلك السلطة وتلك الثروة.. لكن نتائج احتكارها والذي جلب كل هذه البلاوي و المشاكل الوجودية الساحقة الماحقة تعجز عين المركز الطماع، وهي كليلة، عن رؤيتها..

    - هذا المركز لا بد أن يكون غبيا ليتعامى عن كل المشاكل الناسفة لوجوده، لكنه مع ذلك يملك من الذكاء الكثير والآليات الجهنمية أكثر للكنكشة على السلطة منذ السلطنة الزرقاء.. المركز أناني.. المركز يقطع الغصن الذي يجلس عليه، المركز لا يبالي بالهامش، المركز هو الغول الذي يبتلع مواهب أهل الهامش ويلقي بها عظاما.. ذكاء الهامش لم يجلب له السلطة ولم يمنع المركز من غشه وسرقة ثروته..
    - هل لنا أن نفترض فرضا حسن النية في المركز والهامش؟ ليس بنفي أن هناك قلة من الناس يتآمرون، فهم ماانفكوا يفعلون، هل لنا أن نفترض ان حسن النية يعني أن هناك عقولا تضارع عقول قوى السودان الجديد تضع الخطط وتعمل على تنفيذها بكل مايستجيب لحقوق أهل الهامش، بل بمشاركة من أهل الهامش أنفسهم كما أثبتت تجربة مشاركة مثقفي الهامش منذ عهد الاستقلال.. هل لنا أن نفترض أن عناصر الفشل مركبة؟ فيها الذاتي وفيها الموضوعي؟
    - هل بكون نقص الموارد سببا كافيا لتركيز تنمية المركز دون الهامش؟ مع الاحتفاظ بنسبة من الفساد وسوء التوزيع تزيد أوتنقص عن العالم المتقدم أو المشابه تخلفا؟
    - هل يكون انعدام المؤسسات والتنمية البشرية والتخلف الفكري سببا لغياب الديمقراطية فى الحكومة والأحزاب؟
    - هل يكون التآمر الخارجي أكبر من مقدرة أمة دائمة طور التكوين والبناء؟ مصر تلعب بنا وداعمو التمرد لا يقصرون؟
    - هل الفشل شئ بشري أم هو صناعة سودانية اسلاموعروبية؟

    تطبيق الاسئلة عاليه سهل وسنأخذ أمثلة لكل واحد
    = ماالذي يجمع بين السودان وأثيوبيا وتشاد وبورما؟ هل هو الفقر والتخلف أم سيطرة المركز العربواسلاموي؟ هل صحيح أن ذلك المركز وجد موارد الثروة الكافية فقرر حرمان أهل الهامش؟ ودول الخليج لم تظهر فيها حركات أهل الهامش لكرم المركز العربواسلاموي؟ بل الويل للخليج لأن الهامش لابد أن يثور يوما..
    = كوريا كانت تحكم عسكريا ثم انتقلت للديمقراطية.. كيف تم التحول الديمقراطي؟ لابد انهم استوردوا بعضا من جينات هامشناوولدوها بالانابيب ليتحصلوا على العدالة وحكم القانون وتوزيع السلطة والثروة.. نفس الشئ طبق في شرق أوروبا التي بدأت تحبو ديمقراطيا بعد ماحبلت نساؤها بثقافة الهامش جلاب العدالة والديمقراطية.. وسيصلون للرخاء الاقتصادي حال تخلصهم من ثقافة جلابة الاسلاموعروبيين الأحادية..
    = هل كان في مقدور مارتن لوثر كنج أن يمد يده لروسيا ليجمع السود المهمشين عرقيا ويحارب بالسلاح أمريكا حتى يصلا لتوازن الضعف؟ وماذا عن هوراشيو التيموري؟ ومانديلا؟

    مآخذي الأساسية على تنظير محمد جلال هاشم وكل نظرية المركز والهامش هي من السهل ايجاد العيوب والتنظير حول لماذا وصلنا لما وصلنا اليه.. دائما من السهل تفسير الماضي كما نود.. الأصعب هو توليد المستقبل كما نود.. التنظير لتفسير ما وقع يحتاج ذكاء عاديا، التخطيط للمستقبل وتنفيذ تلك الخطة يحتاج ذكاء اصعب.. مثل الأمراض النفسية، من السهل وضع مائة تفسير لمن مرض، لكن من الصعب بل المستحيل تحديد من سيمرض قبل وقوع المرض.. او تسبيب المرض باي من تلك التفاسير..

    ومأخذي الثاني: هل السودان بدع بين المنظومات البشرية؟ أي المعايير صدقت في نجاح أو فشل من كان في مثل ظروفه من الدول الآسيوية والافريقية ناهيك عن الأوروبية؟

    أزعم أننا موعودون بجولة جديدة يستلم فيها أهل الهامش ادارة أمورهم ونصيبا مقدرا من ثرواتهم وربما كل البلد، وهم سيفشلون كما فشلت نيجيريا في تحقيق السلم والرقي في سلم الحضارة مقارنة بالسويد والنرويج، بل ليس مثال جنوب أفريقيا ببعيد.. ليس الأمر بسبب جيني ولا لسيطرة الثقافة الأحادية العربواسلاموية.. هي مشاكل بناء الأمة من وهدة التخلف..
    هناك دول وأمم مرت بنفس التجارب من المركزية والثقافة الأحادية ونالت نجاحا ووحدة ولو الى حين مثل انتشار اللغة الاسبانية في أمريكا اللاتينية والانجليزية وسط الأوروبيين والأقليات الأفريقية واللاتينية في الولايات المتحدة.. رغما عن التاريخ فائق القسوة والظلم لم يؤد ذلك لحمل السلاح رفضا لتلك المركزية.. ايطاليا وفرنسا وألمانيا خسرت كثيرا من اللغات المحلية والأمارات لتتوحد.. الاسواق توحد اللغات أكثر من سلطة المركز القابضة.. كيف سيتاجر أهل السودان الجديد في الدلنج مع أرقو أو مصر بعد احياء اللغات المحلية؟ لماذا يتعلم الناس الانجليزية؟ كل انسان حر اذا قرر أن يتعلم ثلاث لغات لكن العباقرة قليل..
    هل تغيب حقيقة وجود اسرائيل في المنطقة ومايتطلبه ذلك الوجود من التمزق والتشطى ثم فتح الأسواق عن كل من ينظر لأمور الوحدة والانفصال؟ وهل هناك قوى عظمى معنية بصياغة حدود وثقافة ومناهج السودان والمنطقة العربواسلاموية؟ وهل يملك السودان الكحيان مايرد به غائلة تلك الخطط والمؤامرات؟
    منذ الفتح التركي ثم الانجليزي وحتى الحرب الباردة وناصر وحرب الارهاب يبدو قدر السودان الدولة معلقا بالخارج أكبر منه بكيف نسمي السود أو متى وأين نزرع القمح أو القطن كما نريد نحن... أو كيف نوزع المواهي والمرتبات وألقاب الأشراف واللوردات..
    ليس عيبا أن نعترف أننا فشلنا في إدارة دولة بحجم السودان.. ولا يعني ذلك ألا نحاول مرة تلو أخرى.. ولا يعني ذلك عدم وجود من تآمر لغرض شخصي.. لكن من الفهلوة ان يقول أحدهم أنا برئ من ذلك الفشل.. هم الاسلاموعروبيين قاتلهم الله... لو كنت مكانهم لنجحت فيما فشلوا فيه.. اذا كانت القوى الأخرى تفشل فى الحفاظ على الديمقراطية او استردادها أو هزيمة حزب فاشي فهي أفشل من أن تدير دولة.. لا تتقدم الشعوب بالفهلوة وادعاء القدرات المفتقدة.. ولا بالرضى بالقليل!
                  

03-11-2006, 04:56 AM

mohammed elsaim

تاريخ التسجيل: 08-20-2003
مجموع المشاركات: 200

للتواصل معنا

FaceBook
تويتر Twitter
YouTube

20 عاما من العطاء و الصمود
مكتبة سودانيزاونلاين
Re: إن المعركة الحاسمة في مناجزة الدولة المركزية قد تجري داخل شوارع العاصمة !! محمد جلال هاشم (Re: mohammed elsaim)

    نسيت نقطة البوست الأساسية عن المعركة الحاسمة داخل شوارع العاصمة
    مرة ثانية، أمرها رهن بيد القوى النافذة خارجيا ولن تنقصنا أسباب التشاحن والتطاحن..
    السيناريو المطبوخ هو على الطاولة.. وعلى اللاعبين فقط مد الملاعق والأشواك.. يكفي أن تتحرك القوات الدولية للقبض على مطلوبي المحكمة الدولية.. او يضيق الحبل على الرقاب حصارا وجوعا..

    واقع الأحداث يقول شيئين متناقضين.. ضرورات نيفاشا للسلام تستلزم بقاء الجبهة حتى الانتخابات وذلك مقرؤ مع الحلف القديم قدم الفلاشا... ثم مخطط نقل السلطة لمركزية أفريقية بتوقيع أعلى بني سفيان بعد الاستفتاء والانتخابات...
    النقيض الآخر هو الفوضى الخلاقة ممزوجة بالرغبة في تأديب الأصولية وجر كل من يريد أن تثكله أمه لخور المعركة.. وبعد تأديب القومية ممثلة في البعث، يجئ دور تقليم أظافر الاسلاميين والسلخ قبل الذبح.. لكن الشاهد ان الطبخة لم تنضج.. فهناك دور مرغوب في مصر والسعودية وحوارات الأديان مع الحاخامات في قطر..

    داخليا هناك ماذكره الخاتم عن امتداد نيران الهامش للعاصمة بفعل فاعل ليس بالضرورة أن يكون من قوى الهامش، ولقطع الطريق على القوات الدولية..
    أما تحريك الحزام الأسود، فهو وارد لكنه الحلقة الأضعف والأخسر في هذا المسلسل..

    ربما تكفي زخات من المطر، فالخريف اللين من رشاته بين.. وبين فينة وأخرى ذكر فإن الذكرى تنفع..
                  

03-11-2006, 08:37 AM

Amjad ibrahim
<aAmjad ibrahim
تاريخ التسجيل: 12-24-2002
مجموع المشاركات: 2933

للتواصل معنا

FaceBook
تويتر Twitter
YouTube

20 عاما من العطاء و الصمود
مكتبة سودانيزاونلاين
Re: إن المعركة الحاسمة في مناجزة الدولة المركزية قد تجري داخل شوارع العاصمة !! محمد جلال هاشم (Re: Amjad ibrahim)


    سلام جميعا
    الاخ محمد الصايم تحية طيبة و مرحبا بك في هذا الحوار
    اتفق معك تماما ان هناك قوى دولية لها مصالح كبيرة في الشيء الحاصل في السودان
    ايضا هناك اشارات قوية يتلقاها المعارضون لحكومة السودان من القوى الدولية تدفعهم حتى الى التعنت في مواقفهم اثناء المفاوضات..

    لكنك اغفلت العامل الداخلي للموضوع و الذي تحدث عنه الاستاذ محمد هاشم بوضوح، و هو بالمناسبة في تحليله للازمة لم يضع الثقافة العروبو اسلامية فقط كمسئولة عن الذي حدث، بل انه اشاد باهميتها كعامل و ثقافة،
    لكنه وضع الحصان أمام العربة بتشخيصه للازمة بأنها ازمة مثقف و ازمة نخبة، تعمل على حشو جيوبها بالمال طالما تصل الى السلطة.. لذا كان مثاله عن المساليت الذي جرت مذبحتهم و في السلطة التفيذية آنذاك احد المساليت، و بالمناسبة لو حصلت دربكة في قرى الشوايقة لقتلوا عن بكرة ابيهم و لن يشفع لهم حتى وجود على عثمان محمد طه على هرم الجهاز التنفيذي...

    الامر ان كل من يصل الى السلطة يتنكر لمواطنيه، النخبة وجدت في الثقافة العربية الاسلامية حصان رابحا للبقاء في السلطة،و ذلك لاقامة الدولة الدينية التي تكون معارضتها كفرا صراحا، " اقراء كتيب القرّاي انه يجب طاعة أولي الامر حتى لو كانو على خطاء خوفا من الفتنة" و من يستغلون الدين للوصول الى السلطة يدركون ذلك جيدا، لذلك تجدهم يلجأون الى الفتوات الدينية في اي زنقة من مثل ما نسمعه هذه الايام عن جهاد معتوه للدفاع عن العقيدة و هو في الواقع استنفار الشارع السوداني للدفاع عن جلاديه.

    قد لا يكون هناك عروبيون اسلاميون في بورما او تشاد و اثيوبيا، لكن الفكرة واحدة ايجاد مسوغ في ثقافة الشعب لتقنين الاستبداد، الثقافة العربية الاسلامية من الناحية السياسية نشأت معظمها في العصور الاموية و العباسية و هي عصور ديكتاتورية اتخذت من الدين حصنا خارجيا لتثبيت نفسها، لذا فهي ثقافة استبدادية شئنا ام ابينا، لذا فقد قام دعاة الدولة الدينية بالاخذ منها لتثبيت نفسهم، لكنهم لم يكلفوا نفسهم العناء الفكري للتوفيق بينها و بين احتياجات الواقع المعاصر كما فعل الاستاذ محمود محمد طه مثلا، لذا وجب قتله لانه يمثل العثرة الدينية امام هؤلاء للتمكن من السلطة و قد نجحوا في ذلك ايما نجاح و تحقق لهم ما ارادوه تماما.. في دول اخرى يلعب العامل العرقي مثلا دورا اكبر، شخصيا ليس لي معرفة حقيقية بالاوضاع في بورما مثلا لكن توجد ثقافة شعبية مختلفة في تلك الاصقاع يتخذها الحكام لتسويغ ديكتاتوريتهم مثل تقديس الملك في تايلند حيث انه حيثما حل الملك يركع الشعب، حتى رئيس الوزراء عندما يقدم اوراق اعتماده للملك فانه ياتي (حابيا) على اربع فتخيل..

    نحن نهرب الى العوامل الخارجية كثيرا لاننا مشحونون بنظرية المؤامرة و هي نتاج الثقافة العربية المعاصرة، اذ ان الحكام يكيلون كل اسباب فشل سياسياتهم بوجود اسرائيل، و لكي تستقر الحكومات في هذه الدول البائسة فلا بد من عدو خارجي لمحاربته، و حينها "... لا صوت يعلوا على صوت المعركة.." في كتيب قرأته قبل زمن بعيد لمستشرق اوروبي نسيت اسمه الان، قال "... هناك قوة دينية في المجتمعات العربية و الاسلامية تجبر الحكام على مغازلتها و التصالح معها على الرغم من وصولهم الى السلطة على متن الدبابات و الانقلابات العسكرية.." هذا يفسر مواقف مصر المتشددة ضد الاسلاميين من جهة حينما يهددون حكم الرئيس مبارك تهديدا مباشرا، و يفسر كذلك نفي الدكتور نصر حامد ابوزيد و تكفيره من قبل الدولة نفسها و محاكمها في مغازلة لنفس الاسلاميين.. و هنا يكمن التناقض و اللعب بالبيضة و الحجر لتثبيت الديكتاتورية باخس الوسائل...

    هناك فعلا عوامل خارجية لكن حكوماتنا تقوم بدور افظع من المؤامرات الخارجية بأعلانها الحرب على مواطنيها، بالله عليك تذكر مرة واحدة استخدام الجيش السوداني لمحاربة عدوان خارجي..
    ان القوات الحكومية السودانية ما فتئت منذ الاستقلال عن قتال مواطنيها و سحلهم و تعذيبهم، و ابلغ دليل على ذلك عدم وجود اسير واحد في جانب الحكومة لدي الفراغ من الحرب مع الجنوب التي استمرت قرابة العشرين عاما، مع وجود الالاف من الاسرى الشماليين في معسكر الحركة الشعبية لتحرير السودان، ما دخل هذا العنف الداخلي بالمؤامرات الخارجية، ان العقلية السائدة في السودان هي من اكبر اسباب الخراب و يجب علينا محاربتها، و بالطبع لا يعني ذلك محاربة الثقافة العروبية الاسلامية المتطرفة فحسب، بل محاربة ثقافة العنف في المجتمع و نفيها، و احلال ثقافة السلام و المحبة لتأتي اكلها في الاجيال القادمية فنحن موضوعنا باظ خلاص،. فبدلا من ان يكون لدينا شارع الزبير باشا (تاجر الرقيق) فليكون عندنا شارع الطيب صالح، و مصطفى سيد احمد، و جامعة محمود محمد طه، و مؤسسة مهيرة للثقافةالوطنية...

    شخصيا ارى حلول الازمة الحالية حتى مع دارفور بمنظور مختلف و سارفق لك بعد هذا الرد تصورا لحل الازمة كنت قد ارسلته قبل مدة الى هذا المنبر

    مرة اخرى شكرا على مرورك و عذرا على التخريمات في الموضوع جاي جاي
    اخوك امجد
                  

03-12-2006, 06:16 AM

mohammed elsaim

تاريخ التسجيل: 08-20-2003
مجموع المشاركات: 200

للتواصل معنا

FaceBook
تويتر Twitter
YouTube

20 عاما من العطاء و الصمود
مكتبة سودانيزاونلاين
Re: إن المعركة الحاسمة في مناجزة الدولة المركزية قد تجري داخل شوارع العاصمة !! محمد جلال هاشم (Re: Amjad ibrahim)

    شكرا أخي أمجد على تفضلك بالرد..
    فهمت مقالة ودالجلال حول ضيعة المساليت وقابلية التضحية بالشايقية عند أول بادرة لمعارضة المركز.. في نظري هذا تلفيق فكري للتهرب من نقد أن المركز نفسه لا يخلو من مهمشين وأن الهامش المظلوم لا يخلو من ظالمين يشاركون في الجرم ولو بصمتهم أو ببصمتهم..


    أرجو الا أكون مكررا لما قلناه..
    عجيب أمر الدين ودعمه للدكتاتوريات بل رعايته وتربيته لها منذ الأمويين والعباسيين..
    ياأخي جاء عبدالناصر وكان حربا على رافعي شعار الدولة الدينية ولم نتقدم قيد أنملة..
    جاء البعث وكان الاعدام عقوبة من ينتمي للأحزاب الدينية في العراق، وفي سوريا قتلت الدبابات من قتلت.. ضد الدين ولم نتقدم.. وفعلت الجزائر مافعلت.. أين كانت تلك القوى الدينية التي ذكرها صديقك الأوروبي والتي تتملقها الحكومات مدعية العلمانية.. وهل أفلحت في الدفاع عن ممثليها؟

    مابالنا نذهب بعيدا... جاءت الشيوعية في الاتحاد السوفيتي وتوابعه ضد الدين ومؤسساته، ولم تأت الديمقراطية ضربة لازب..
    نعم جاءت الجبهة باسم الدين ولم تجئ الديمقراطية..
    أغرب ماقرأته من سخف التبرير، قال عبدالرحمن الراشد إن حكوماتنا العلمانية، وهي في سدة الحكم، فشلت في تحقيق برامجها بسبب المعارضة الدينية التي فرضت أجندتها.. اذن ما على ممثلي الاستنارة في تلك الحكومات الرشيدة الا ان يقاتلوا للفوز بمقعد المعارضة.. وربما الحكم في آن أو التنازل عنه للدينيين.. نفس التبرير يصدق بسخفه لدى الدولة الدينية في السودان (وايران).. لقد فشلت كل البرامج لتحقيق العدالة الدينية بسبب شراسة المعارضة العلمانية!

    الواقع يقول ان الثقافة الدينية وجودا أو عدما لا تمثل كثير شئ في تعزيز الديمقراطية.. اتهام الثقافة الدينية أو الاسلامية بتكريس الدكتاتورية مثله مثل القول بأن خطوط الطول والعرض والجغرافيا تكرس مدى ديمقراطية نظام ما..

    وحتى هذه الديمقراطية المرتجاة لن تجلب الحل السحري لمشاكل من نوع معين.. مثلا الهند ديمقراطية منذ استقلالها.. هاهم أهل الهند يفضلون دكتاتورية الثقافة العربية في الخليج على النعيم الديمقراطي.. ما بالنا نذهب بعيدا.. هؤلاء نحن أهل الهامش أو بكاة الديمقراطية من المركز يقضون ونقضي عشرات السنين في المنافي والمهاجر ولا يبكون ولا نبكي يوما واحدا على حرمان من التصويت واختيار حكامنا في تلك المنافي وإن جاءتنا الفرصة فلا ترى حماسة للممارسة..

    لماذا الهند والصين أكثر تخلفا من الغرب؟ ليس بسبب الثقافة العربية الاسلامية، وبالتأكيد ليس بسبب استبداد ديني في الصين.. ولا لنقص علمانية الدولة في الهند..

    صدقني يا أخي نحن نسكب مدادا كثيرا في قضايا فرغ منها العالم...
    مشكلتنا لنقص الموارد أكبر من سوء توزيعها لكننا نتلهى بالعرض دون الجوهر...
    مشكلتنا لغياب المنهج العلمي لتحقيق التقدم أكبر من التنظير لتفسير التخلف
    مشكلتنا في تثبيت سلطة الدولة وهيبتها وحفظ كيانها بوسائل تحفظ حق الانسان في الحياة أكبر من حاجتنا للتمرد..
    مشكلتنا في الاعتراف بأننا نخسر بسبب الحرب أكثر مما نكسب..
    الأولى لقوى الهامش وممثلي القوى المتعلمة (ولن أقول الحديثة قصدا!) الالتفات لخلق التحالفات مع المركز بدل محاربته.. لكننا نفضل التحالف مع الأقوى خارجيا.. حتى الجبهة فضلت تحالفاتها الخارجية على الصبر على مكاره الديمقراطية
    مشكلة مثقفينا عدم اعترافهم بفشلهم في العمل الجماعي.. نفضل الهروب و خلق أحزاب جديدة هلامية بدل التخندق داخل الأحزاب القائمة والدفاع عن آرائنا حتى ينتصر الصواب... هو قصر النفس و التحصن داخل الأنا والشلة المضخمة.. هذا بلاء أكبر من محاربة طواحين هواء ثقافتنا العربية الاسلامية.. وعلينا أن انعلم النشء ذلك لغرس الديمقراطية..ما سمعنا أن شرق أوروبا اهتدت للديمقراطية بعد لعنتها لثقافتها السلافية وغرس تربية جديدة في ناشئتها..
    بالله عليك كيف لمن لم يرتض بهزيمة آرائه داخل حزبه ويفضل الهرب لخلق حزب جديد، كيف له أن يرتضي بخسارته في الديمقراطية؟

    موضوع صغير لا يستحق الجدل لكنه يوحي بوهم تفرد عيوبنا وتفرد جرائم الثقافة العربية الاسلامية...
    الزبير باشا لا يستحق أي شارع بل اللعنات اذا كان دوره فقط تجارة العبيد.. لكنه كان قوة عسكرية أنشأت دولتها بمحاربيه من الرقيق وغيرهم والذين خرج منهم أشجع القادة وحكموا حتى تشاد... لكن هل الجدل يقبل الاتجاه لبحث هذه الدعوى التاريخية بدل المحاكمة الأخلاقية؟

    الرئيس الأمريكي الثالث جاكسون والثاني جون آدامز وابنه الرئيس كوينسي بل الرئيس الأول واشنطن نفسه كانوا أكبر الملاك للرقيق والتجارة فيه... أظننا نتابع قصة توماس جيفرسون كاتب الدستور ووثيقة الحقوق عن ولادة الناس أحرارا بحقوق لاتنفصل في الحرية والحياة والسعي للسعادة.. جيفرسون ضاجع واحدة من رقيقه ولم يعترف بنسب ولدها.. وبقي ورثته ينكرون ذلك رغم كشف الحمض النووي بل نسبوا الذرية لأخيه غير الرئيس..
    كل هؤلاء الرؤساء معظمون وتسمى باسمهم الشوارع في كبريات المدن وتطبع صورهم على العملة..
    أخيرا اعترف آل ماسيلو (حفدة جيفرسون) بنتائج الحمض النووي وسمحوا لأحفاد الخادمة بحضور جمع الأسرة..
    حتى تشارلز ديكنز كان ضد حملة تحرير الرقيق، ومازال الناس يحترمون قصصه وأظن صورته مازالت مطبوعة على عملة بلاده لاجادته أدبه وليس لآرائه..
    هذا ليس دفاعا عن الرقيق.. لكنه توضيح لوهم تفرد جرائم الثقافة العربية الاسلامية..
                  

03-12-2006, 04:15 PM

Amjad ibrahim
<aAmjad ibrahim
تاريخ التسجيل: 12-24-2002
مجموع المشاركات: 2933

للتواصل معنا

FaceBook
تويتر Twitter
YouTube

20 عاما من العطاء و الصمود
مكتبة سودانيزاونلاين
Re: إن المعركة الحاسمة في مناجزة الدولة المركزية قد تجري داخل شوارع العاصمة !! محمد جلال هاشم (Re: Amjad ibrahim)


    سلام جميعا

    عزيزي محمد الصايم، شكرا على هذا الحوار الراقي و الممتع في آن واحد معا
    اتفق معك تماما أن الاشكال الحقيقي يكمن في الصفوة و تعاملها مع المركز كأداة للكسب، و حتى قادة بعض الحركات المناوئة للمركز قد ينطلق من فرضيةاجبار المركز على اتاحة فرصة له شخصيا كممثل للهامش في الحكم، بعد ان يكون سكان الهامش قد دفعوا فاتورة العمل المسلح كاملة.. شخصيا اعتقد ان النضال ضد الهامش في السودان و في دول كثيرة كانت له نتائج عكسية، فطالما كان مفاصل النظام المدني ضعيفة فما هي الضمانات ان تأتي قوى الهامش بالديمقراطية بعد ان تنتصر على الحكومة المركزية، و ما المانع ان تكون قوى الهامش ذاتها مركزا استبداديا جديدا.... و قد كتبت موضوع في هذا القبيل سانزله بعد تعقيبي هذا مباشرة لدراسة للبروفسر جين شارب، عن سبل الانتقال السلمي الى الديمقراطية كنت قد اختصرتها بتصرف في موضوع ارسلته قبل اسبوعين، و سترى انني اوافقك في الكثير من آرائك الواردة اعلاه..

    هناك نقطة اود تثبيتها اولا اتفق معك كليا في مسألة الموارد و شحها، لكن اعتقد ان فصل الدين عن الدولة ضمان اساسي لتطور اي ديمقراطية او أي نظام يفترض فيه تحقيق تآخي و عدالة لاهل السودان ذوو التنوع الديني و العرقي المميز...

    لكن كل ذلك لن يضمن عدم تعدي الهامش السوداني على المركز اذا لم يبادر هذا المركز و قادته باظهار حسن النية تجاه الهامش الذي بداء يتململ و بداء بعصيان كامل على قياداته الطائفية على سبيل المثال، و هامش كهذا وصل الى وعي بحقوقه، لا يمكن خداعه بالفتاوي الدينية او بالوعود الطائفية و بركاتها، الضامن الوحيد لعدم انتشار النار في هشيم الهامش القابل للاشتعال، هو تقديم خدمات حقيقية لهذا الهامش تتمثل في رفع المعاناة و تخفيض الضرائب، و تخفيف نقاط الجباية مما يخفض الاسعار في هذا الهامش، ايضا المبادرة و فورا بقامة مشاريع اسعافية من مستشفيات و مدارس و الاسراع بمحاكمة من ارتكبوا جرائم في حق هذا الهامش كمرتكبي مجزرة بورتسودان، هكذا اجراءات يمكن ان تنزع فتيل قنابل الهامش، ويجب ان يعي ممسكوا زمام السلطة أن هامش زمان قد ولي و لن يعود، و اننا بصدد هامش ينتج قياداته بمفرده، و له ابنائه الذين يدافعون عنه و عن مصالحه ممن تعرفوا على الدنيا و العدالة الاجتماعية فيها... هامش كهذا لن تسكته قدلات و رقصات البشير، و لا وعود الترابي بالحور العين، بل اعمال حقيقية ملموسة على أرض الواقع...

    بالنسبة لازمة دارفور اورد ردي ادناه في تعقيب منفصل
    لك مودتي و شكري علي هذا السجال
    اخوك امجد
                  

03-12-2006, 04:18 PM

Amjad ibrahim
<aAmjad ibrahim
تاريخ التسجيل: 12-24-2002
مجموع المشاركات: 2933

للتواصل معنا

FaceBook
تويتر Twitter
YouTube

20 عاما من العطاء و الصمود
مكتبة سودانيزاونلاين
Re: إن المعركة الحاسمة في مناجزة الدولة المركزية قد تجري داخل شوارع العاصمة !! محمد جلال هاشم (Re: Amjad ibrahim)



    أزمة دارفور بعيون جين شارب



    البروفسير جين شارب باحث ذو انتاج غزير فيما يخص التحول الديقراطي بالطرق السلمية، و قد قدم في كتيبه الذائع الصيت من الديكتاتورية الى الديمقراطية عدة تصورات و مقارنات بين انظمة قمعية سامت شعوبها العذاب لكنها في النهاية سلمت مقاليد الحكم الى شعوبها و ممثليهم رغما عن انفها و طالت جلاديها ايادي العدالة سواء في بلدانهم تلك أو ايادي العدالة العالمية على ما اقترفوه في حق شعوبهم و مواطنيهم من آثام.

    تبرز اهمية الكتاب في انه يعقد مقارنات و دراسات حقيقية عن انظمة سادت ثم بادت و انهارت تحت معاول الرفض الشعبي بمختلف آليات تعبيره، و الاهم من ذلك فإن البروفسير شارب يعدد ايضا مثالب الحركات المعارضة المسلحة و السلمية في التعامل مع السلطات القائمة دون خطط و استراتيجيات مدروسة و بعيدة الامد، مما يعود بنتائج قد تكون في نهايتها ضد ما نادت به هذه الحركات المعارضة في الاساس.

    ساتناول في استعراضي المقتضب هذا عن كثب ازمة دارفور الماثلة و امكانيات الحلول العملية لها انطلاقا من فرضياته.. الاشكال الحقيقي يكمن ان الحركات المسلحة و المعارضة في افريقيا و العالم الثالث بصورة عامة تفتقر الى المنظرين و الاستراتيجيين الذين يرسمون لها الخطط و يحددون لها الاهداف القصيرة و البعيدة المدى، لذا فهم يفتقدون الى تقييم علمي و مدروس و دراسة عميقة لما يحدث على ارض الواقع من مستجدات قد تغير معطيات الكفاح المسلح او المدني في اللحظة المعينة، فالظروف الدولية التي تكون معك اليوم قد لا تستمر بنفس القدر غدا و هذا ما خبره العميد عبد العزيز خالد ابان وجوده في اريتريا و ما خبره التجمع الوطني الديمقراطي الى ان اجبر على التوقيع على بياض في اتفاقية استسلام قام بتوقيعها نيابة عن النظام و لسخرية القدر الدكتور نافع على نافع الذي قام شخصياً بتعذيب الكثيرين من المنضوين تحت راية التجمع الوطني الديمقراطي نفسه.

    الاخطر من ذلك هو ان الحركات المسلحة حتى في حالة انتصارها العسكري على النظام الحاكم لا ينبغي بالضرورة ان تؤدي الى تكوين نظام ديمقراطي بعد ان تكون قد تربعت على سلطة مطلقة انتزعتها بقوة السلاح، وقد ضرب البروفسير شارب عدة امثلة على ذلك و اضيف عليها مثل الجارة اريتريا و جمهورية الكنغو الديمقراطية الذين لم يؤدي تغيير الحكم فيهما الى تغييرات حقيقية و ديمقراطية في حيوات شعوبها.. الاشكال يكمن حسب تحليله الى ان مؤسسات المجتمع المدني التي تدافع عن الديمقراطية وتحافظ عليها تكون في اضعف اوقاتها تحت الحكم الديكتاتوري لذا فإنه عندما تنتصر الحركات المسلحة فانها لا تجد مجتمعا مدنيا قويا يقوم اعوجاجاتها و نزعاتها الى التفرد بالحكم.

    الحركات المعارضة المسلحة يجب ان تسأل نفسها باستمرار ما سبب قيامها و ما هي الاهداف التي ترغب في الوصول اليها، و ما هو الثمن الذي ينبغي عليها ان تدفعه للوصول الى تلك الاهداف، في الغالب و كما هو الحال في دارفور فإن التهميش و الاقصاء من مواقع السلطة و الثروة هما الدافع الاساسي للثورة على المركز، لكن هل من الحكمة ان نضحي بكل سكان الاقليم لنحصل على حقوق على الورق بعد ان نكون قد قضينا على نصف او ثلاثة ارباع السكان في ذلك الاقليم، اليس انسان دارفور هو الخاسر الاوحد في هذه المعادلة، و ايضا اذا قارنا عدد القتلى من المدنيين في هذه الحرب إلى اليوم لوجدناهم اضعاف مضاعفة من العسكريين و المسلحين، ألا يكون ثوار دارفور انفسهم قد اسدوا لعدوهم (نخبة المركز) خدمة جليلة بايجاد ذريعة لابادة القوة البشرية في الاقليم و لتغيير التركيبة السكانية في تلك المناطق و لاجيال قادمة.. إن من يقوم بمعارضة سلطة فاشية كسلطة الجبهة الاسلامية بشقيها ( الشعبي و الوطني) في الخرطوم لا تتوانى عن استخدام اعمق المقدسات الانسانية لاغراض دنيوية رخيصة مثل بيع الحور العين في حرب سلطوية بحتة يجب ان يضع نصب عينيه دائما حسابات الربح و الخسارة في الكادر البشري في مثل هذه الظروف. و في نظري فإن ثوار دارفور قد ثبتوا قضيتهم بالنسبة للعالم و يجب عليهم ان يجنحوا للتفاوض للحصول على بقية حقوقهم و ليثبتوا جزءا من الحقوق و لينتزعوا البقية الباقية عبر طرائق اخرى من النضال بعد اعادة اللاجئين إلى مواطنهم..

    شخصيا عندي بعض التصورات التي قد تبدو للكثيرين متهورة لحد بعيد لكنها بقليل من التأمل اعتقد انها قد تساهم في ايجاد حلول عملية للأزمة:
    1- اظهار مرونة كبيرة في التفاوض في ابوجا تحت مظلة الامم المتحدة لضمان السلام الذي سيعيد اللاجئين الى مواطنهم تحت حماية دولة.
    2- عودة قادة الحركات المسلحة السياسيين و ليس الميدانيين بعد تطبيق اي اتفاق فورا إلى الخرطوم و المساهمة في حصار السلطة سياسيا مع الحركات و الاحزاب السياسية المعارضة الاخرى.
    3- عودة هؤلاء السياسيين و ممارستهم لنشاط سياسي علني سيحرج الحكومة ايما احراج و سيظهرها بمظهر العاجز اما شعبها مما سيدفعه الى المزيد من المعارضة لفسادها و ربما الى الاطاحة بها و اجبارها على تشكيل حكومة وحدة وطنية.
    4- عودة سياسيين محترفين من دارفور الى الساحة السياسية سيكسبهم وزنا كبيرا خاصة اذا ما كثفوا صلاتهم مع الحركة الشعبية الذين تجمعهم معها مصالح مشتركة في اعادة الاعتبار الى الهامش و اعادة توزيع الثروة.
    5- إذا تأخرت عودة هؤلاء السياسيين الى ما بعد تقرير المصير فسيكون ذلك تحصيل حاصل، حينها تكون نخبة المركز الطفيلية قد تغدت بالجنوبيين و حملتهم قسرا إلى التصويت لصالح الانفصال مما سيفقد الدارفوريون حليفا استراتيجيا صادقا في نضاله ضد نخبة المركز الفاشية، مما سيجعلهم اقلية في دولة الشمال الجديدة لتتعشى بهم هذه النخبة لاحقا ًو ليبدأو معافرتهم لنيل الحقوق من جديد.

    لن تستطيع حكومة الخرطوم ان رجع اي عدد من السياسيين الدارفوريين اليوم و بدأوا في تنظيم عمل سياسي محترف ضد التهميش داخل الخرطوم تحت سمع و بصر العالم من عمل اي اعتقالات او تعذيب ضد هؤلاء و العالم لهم بالمرصاد، حتى و لو حدث ذلك فإن عدد الخسائر البشرية فلن تكون باي حال من الاحوال بنفس الخسائر المهولة في الارواح الماثلة اليوم..أيضا من الاهمية بمكان نقل النزاع السياسي الى الخرطوم نفسها بدلا من حرب في تخوم السودان لا يسمع بها السودانيون الا لماما، و ينفعلون لرسومات كاريكاتيرية في شمال الكرة الارضية في جريدة مغمورة اكثر من انفعالهم لجرائم ضد اخوة لهم في الدين و الوطن تحدث في ظهرانيهم.

    يجب أن نضع انسان دارفور البسيط نصب اعيننا في كل خطوة نخطوها لارجاع الحقوق، و يجب ان نقلل الخسائر البشرية قدر المستطاع في هذه الحرب الاستنزافية، و يجب ان لا نثق مطلقا فيمن تلوثت اياديه بدماء ملايين السودانيين من جنوب الوطن لقيادة اية معارضة حقيقية ضد الانقاذ فلمثل هؤلاء اجندات خفية، ومن تعود ان يدفع بحياة الاخرين ثمنا لتقدمه السياسي تحت مختلف الذرائع حتى الدينية منها فهو مستعد للتضحية بحيوات بضع مئات الالاف من أبناء دارفور كي يتقدم مراتبا اخرى، و كما قال الشاعر الألماني المرهف بريشت:


    الحرب القادمة ليست بالحرب الأولى
    لقد سبقتها في التاريخ حروب و حروب
    انتهت الحرب السابقة بمنتصرين و مهزومين
    عند المهزومين جاع عوام الناس
    و جاع عوام الناس أيضاً عند المنتصرين

    أمجد إبراهيم سلمان
    11 فبراير 2006
    [email protected]
                  

03-13-2006, 02:12 PM

Amjad ibrahim
<aAmjad ibrahim
تاريخ التسجيل: 12-24-2002
مجموع المشاركات: 2933

للتواصل معنا

FaceBook
تويتر Twitter
YouTube

20 عاما من العطاء و الصمود
مكتبة سودانيزاونلاين
Re: إن المعركة الحاسمة في مناجزة الدولة المركزية قد تجري داخل شوارع العاصمة !! محمد جلال هاشم (Re: Amjad ibrahim)


    سلام جميعا
    هذا الموضوع ارسل لي العام الماضي من الصديق و عضو البورد د. الصاوي يوسف
    و هو يشرح لماذا تتمرد الاقاليم، و هو من سكان تلك الاقاليم عاد اليها بعد
    أن جاب الدنيا جيئة وذهابا، و هو هنا يكتب من منطق العارف المقارن و الذي اختار
    العودة الى اقليمه و منطقته على الرغم من قدرته على البقاء في اوروبا و مستوى معيشتها
    و في خياره ذاك لم يعد فقط الى الخرطوم كعادة الكثيرين بل الى مدينته، و عما قريب الى
    قريته في شمال كردفان له التحية من هذا البوست على مجهوده و وفائه لمنطقته ضاربا نموذجا يحتذى به للمثقف الملتزم... و للغرابة فان هذا الموضوع تم سنة تماما منذ ان ارسله لي الاخ الصاوي في ايميلي يوم 12 مارس 2005 و هذا سبب آخر لاعادة نشره...
    تحياتي


    لهذه الأسباب تتمرد الأقاليم؟

    كنت أود أن اكتب لكم عن ضرورة زيارة السودان، إن لم يكن العودة النهائية له، للالتصاق بقضايا الناس و بالناس الحقيقيين في تنوعهم و تنوع ثقافاتهم و جغرافيتهم الواسعة في السودان الممتد، لان الكثير منكم لي ير سوى الخرطوم و ربما بعض المدن المعرفة إضافة إلى مسقط رأسه. و لكني أريد أن اطرق موضوعا آخر من مواضيع حياتنا اليومية في الأقاليم البعيدة، يتحدث مثقفو الخرطوم عن الحريات و الديمقراطية و التعددية و الانتخابات ، و عن الوحدة و نبذ الحروب و مطالبات الانفصال. و هم لا يدرون عم يتحدثون. فمواطنو الأقاليم يعانون سواء كانت الحكومة منتخبة أو انقلابية، قومية أو حزبية، وحدوية أو غير ذلك. هذه ليست همومنا . فهمنا هو العيش اليومي و الممارسات المعاشة لا القيم النظرية التي تتحدث عنها صحف الخرطوم. و لا تغرنكم نيفاشا و غيرها.

    في أوروبا، يمكنك أن تركب سيارتك من أسبانيا و تسير بها عابرا البلاد ثم عابرا فرنسا كلها، ثم بلجيكا و هولندا و ألمانيا و الدنمارك، ثم تعبر بها البحر إلى السويد، و طوال هذه الطريق لن يقابلك حتى شرطي الجوازات، رغم انك تعبر بلادا مستقلة ذات سيادة و ذات نظم و لغات و ثقافات مختلفة، و من حقها التأكد من هوية الداخلين إليها و صحة فيزاتهم، و لكنهم لا يفعلون طلبا لراحة المواطن، وهي أمر مهم هناك، بل هو الشيء الوحيد الذي يشغل بال السياسي هناك. و لكن الأهم من ذلك انك لن تقابل في رحلتك تلك حتى مجرد نقطة شرطة مرور أو نقطة تحصيل أو نقطة امن أو نقطة عبور ولايات أو نقطة رسوم الطرق أو نقطة العوائد المحلية أو حتى نقطة مكافحة التهريب، ليس لأنه لا تهريب هناك، و لكن لان الدولة تحاول مكافحة التهريب دون الإضرار بالمواطنين الأبرياء، و هم الأغلبية، و تعطيلهم و إهانتهم. لأن الإنسان، المواطن و غيره، هناك هو الأولوية القصوى، و له قيمة.

    ثم نعود بكم إلى هنا، و ما أدراك ما هنا، هنا بلاد المطففين و الطقابيع، و هيبة الدولة و ذلة المواطن، هيبة السلطة لأنها سلطة لا لأنها تخدم المواطنين. هنا إذا سافرت بسيارتك أو بالباص من الخرطوم إلى الأبيض عابرا ولاية واحدة هي النيل الأبيض، فانك سوف توقف في أكثر من 12 نقطة تفتيش و تحصيل و جباية و رقابة و فحص و مرور و غرها مما لا يعلمه إلا الله. هنا سوف يطلبون منك النزول من الباص، و معك كل العفش، و بعد الفرفرة و التفتيش و كأنهم يبحثون عن غبرة نووية أخفاها المؤتمر الشعبي داخل ملابسك، سوف يطلبون منك إبراز الفاتورة التي تثبت ملكيتك لكل ما تحتويه شنطتك من حبر الطابعة و حتى النقود!!... و قد كان سلفهم النظام العام يفعل ذلك في شوارع الخرطوم حيث يطلب رؤية فاتورة المرأة التي ترافقك، و لكن ناس الخرطوم غير ناس الأقاليم.. و قد اختفت الظاهرة عندهم.

    مواطن الأقاليم يدفع الجمارك ليس مرة واحدة في بورتسودان أو سوبا، على البضاعة المستوردة، و إنما يدفع 14 مرة حتى على البضاعة المحلية. بينما هو أفقر و اقل قدرة من مواطن الخرطوم، و منتجاته تشترى منه بتراب الفلوس لصالح سماسرة و مصدري الخرطوم، و الدولة لا تقدم له شيء، سوى الحديث في الصحف عن الثورة التنموية الهائلة التي تنظم الطرق و الكباري و الإضاءة و كل شيء، في شوارع....... الخرطوم طبعا. يتكرر هذا الأمر أي التحصيل بعد التفتيش، أكثر من 12 مرة، حتى عند عبور الكبري، فانك سوف تخضع لهذه الإجراءات قبل الكبري و بعده، و كأنك استخدمت سنابك تهريب نهرية- جوية ناولتك البضاعة أثناء عبور الكبري، مما يستوجب التفتيش مرة أخرى.

    كلنا وحدويون. و كلنا نحب السلم و الوفاق و الاستقرار. و لكن صدقوني إن الذين يحملون السلاح و يتمردون ويشعلون النار التي تحرق أول ما تحرق أهلهم أنفسهم، غنما يدفعهم لذلك أمر جلل، يدفعهم إلى هذا المر ما هو أمر منه: الظلم المستمر و المستفز و اللا معقول، و الإذلال و الإهانة و القهر المرير، و هم يرون في فقدان الاستقرار و العمل و الأسرة، و التعرض للموت و الأذى الجسيم، و تشريد الأهل في المعسكرات و النزوح،يرون فيها ثمنا مقبولا لنضالهم ضد التهميش و الظلم و الإذلال. فهل أدركتم يا أهل السلطة في الخرطوم أسباب التمرد و المطالبة بالانفصال؟

    إن المواطن في كردفان، و في دارفور كما يعلم الجميع- يدعو الله ليل نهار، أن ينتقم له من الظالمين الذي نكدوا عيشه و سرقوا ماله و أرهفوه بالجبايات الظالمة و الضرائب و الجمارك المتعددة، و نقاط الحدود التي هي أفظع كثيرا من نقاط الحدود بين الدول. و يدعو الله ليل نهار أن يعود جون قرنق، عسى و لعل استيراد الأشياء مباشرة من كل دول العالم، بما فيها السكر الرخيص من اريتريا، بجمارك مدفوعة مرة واحدة في مطار الأبيض. و ليتحقق له كل شيء من قريب: يسافر للعالم من مطار الأبيض و يستخرج شهاداته الدراسية من وزارة التعليم في الأبيض و يخلي طرفه من الإلزامية في مكاتب الجيش في الأبيض...الخ، و لن تتصوروا كم ينفق المرء في العام من زمن و مال، لكي يحصل على وريقة صغيرة من إحدى المصالح الحكومية..... في الخرطوم، مارا بالنقاط إياها.

    نصيحة لأهل السلطة أدركوا الانفجاريات القادمة، و نصيحة لأهل الأقاليم خارجوا أنفسكم من نقاط التفتيش إما بالسفر عبر طرق خلوية غير مسفلتة و لم تسمع به االسلطات بعد و إما بـ ((التفاهم) مع ناس النقاط إياها.. أما أهل الجنوب و دارفور و الشرق فقد اختاروا طريق التمرد المسلح و هم الآن على أبواب الوصول إلى مطالبهم.

    د. الصاوي يوسف الأبيض
    [email protected]

    Sat, 12 Mar 2005
                  

03-14-2006, 03:23 AM

mohammed elsaim

تاريخ التسجيل: 08-20-2003
مجموع المشاركات: 200

للتواصل معنا

FaceBook
تويتر Twitter
YouTube

20 عاما من العطاء و الصمود
مكتبة سودانيزاونلاين
Re: إن المعركة الحاسمة في مناجزة الدولة المركزية قد تجري داخل شوارع العاصمة !! محمد جلال هاشم (Re: Amjad ibrahim)

    أمجد سلام
    أشاركك الاستمتاع بهذا السجال، وأعجبتني جدا خواطر د. الصاوي بأسلوبه السلس المشوق..

    أفكار كثيرة أضافتها مداخلاتك الأسبق.. سأحاول طاقتي لكن بعفوية أرجو ألا تخل..

    وبالمناسبة نحن اقتربنا كثيرا من بوست د. هشام النور ومحمد عثمان مكي.. وجدت نفسي فى توارد خواطر مذهل مع مداخلة عادل عثمان وإن كان بدأها بإيراد الخطوط العامة ولم يفصل..

    نعم هناك نقاط اتفاق كثيرة... هذه قناعتي على الأقل.. وليس الأمر فقط بيني وبينك.. بل هو بين كل بني وطني، رغما عن الآيديولوجيات والجهويات.. صدقني اذا صدقت النوايا فكل من يتقدم للهم العام يحمل من النوايا الطيبة أطنانا.. بعض تقصر به معارفه وبعض يحسب كل صيحة عليه وبعض يمسي ويصبح أسير السلطة وبعض تسكره السلطة، وبعض يأخذه فقد السلطة فيغدو موتورا وبعض يأخذه تحاسد الأنداد، وقليل خرج بائعا نفسه للشيطان والسلطان فباع واشترى.. والنوايا الحسنة قد تقود للجحيم..

    قلت انك لا ترى ديمقراطية بدون فصل الدين عن الدولة.. لا أعير الموضوع كثير أهمية.. اذا كان الاتصال يعني قطع خمسين أو خمسمائة يدا أو غيرهامن الحدود والجلد والصلب (باستثناء الردة) فذلك بسيط لنضيع مزيدا من الأجيال قتالا فيه.. أما مايدعيه خصومها من أن الدولة الدينية ضد الديمقراطية فهذا حمال أوجه.. هل جرؤ أحد على الدعوة لسلطة كهنوتية؟ حتى أنصار المهدي لا يزعمون لامامتهم حقا الهيا.. هل يمكن ان نصل لصيغة تجمع بين انتخابات ملالي إيران بمشاركة مجاهدي خلق وليس في السودان ولاية فقيه؟ مالم يعمد أحدهم لاستعمال الكرت الأحمر، ففي تاريخ ديمقراطية السودان متسع لقبول الآخر.. وقد وعي الناس درس حل الحزب الشيوعي.. هل يمكن أن نتخيل جمعية الثمانينيات وقد أجازت القانون الجنائي (بدون الردة) ونيفاشا وأبوجا ثم ينصرف الناس للبناء والمعارضة الراشدة؟ أريد أن أتحسس من العلمانيين، اذا جاءت الديمقراطية بكل قصورها كما عرفناها في الثمانينيات، ماهية البعبع المخيف؟ وأين القرون وأين الأنياب البارزة؟

    يبقى ما أوردته عن القيادات المهمشة الخارجة من أتون الجحيم ودور قيادات السودان القديم والصراع المحتمل.. وقد قرأت من د. هشام في بوست رؤية قرنق للسودان الجديد كلاما مشابها عن مستقبل شنيع لهذه القوى التقليدية والتي سيتجاوزها الزمن.. وألا تعود هي هي..
    في ظني أن هناك تضخيم لود امبعلو الطائفية واتخاذها تكأة من القوى (الحديثة!).. كثيرا ما أكرر لسنا بدعا في التطور والاجتماع البشري.. لم نعرف فيمن سبقنا من قلاع الديمقراطية عن ظهور مجتمع حداثي تختفي فيه القيادات التقليدية ضربة لازب وتنمحي فيه الفوارق الجهوية والنعرات العنصرية والتمايزات الطبقية. وحسب علمنا وحياتنا في هذا الكوكب لم نسمع بظهور مجتمع حداثي طوباوي انتهى فيه الاستغلال والظلم والتمايز والتميير... لا أدري ان كان من اليسار من يتطاول ويبشرنا بأن ذلك الفجر الصادق قد وصل بوصول دولة المهمشين أو بدخول سلفاكير القصر الجمهوري فاتحا غانما..
    غافل من يزعم أن الطائفية في الثمانينيات والتسعينيات هي نفسها فى الخمسينيات والستينيات.. حتى آل بوربون يطورون أنفسهم.. ولن ننسى أنها - الطائفية - كانت وستظل مطية للمتعلمين وسوطا.. أما العامة والدهماء فسيظلون على ولاءاتهم.. لا أدري ان كان ذلك سيكون كافيا لتحطيم معبد الديمقراطية بيد قوى الهامش او القوى الحديثة.. بقدر وعي أميينا بقدرتهم على ابتزاز الساسة ثم تطورهم وتعلمهم، سيعمد أرزقية السياسة الى رشوتهم بمنجزاتهم والتقرب اليهم بأحسن الخطط والتنفيذ والا سيكون سيف التجديد مسلطا على رقابهم.. الديمقراطية لا تعني جولة واحدة الخاسر فيها يخسر الى الأبد.. وهنا عظمتها.. ولو حسنت النخبة فسيحسن أداء الطائفة التي ستبقى حصنا مهما أرجف المرجفون..

    الديمقراطية عند أربابها مازالت تعني سيطرة رأس المال وقليلا من الفتات للدهماء... بعض المكتسبات، التى عمقها شبح الاشتراكية عندما طارد أوروبا والغرب، الآن هي أدراج الرياح والقادم أصعب.. الديمقراطية عندنا كانت وينتظر منها أن تكون قرينة الفوضى واختلال حقوق وواجبات واستقطابا، وهنا مقتلها او صيرورتها لعجل مقدس جامد ينتظر من يذبحه قربان يوتوبيا كاذبة..

    بخصوص قوى وقيادات الهامش ودورها في النعيم الموعود.. تعودت ألا أدفق ماء أملي على رهاب الدعاوى الطوباوية.. من أى المخارج تأتي مكارم الديمقراطية ونبل الحداثة؟ تماما مثلما ظهرت الاشتراكية في المكان الخطأ وظل اليسار مهللا مكبرا، فثورة الهامش يعطيها اليسار هالة من النبل والطهارة لاتسمح بها الظروف الموضوعية وظروف الزمان والمكان. ولست ممن يركن لتفسيرات عنصرية للتخلف وقلة الأفهام..
    الهامش جاء مستثيرا عامته بالأحقاد التاريخية، والهامش قصير تجربة ونفس في الاحتكاك بالآخر الا بعنف ناهيك عن احترامه.. الهامش ملئ بالجهل، ويمكنك أن تضيف غرور النخبة وهو فاش فيهم وفي المركز.. والهامش لن يرد مكر بيوتات الاستثمار العالمية ولا خطط مخابراتها.. والهامش فوق هذا وذاك لا يملك مايقدمه لجوعاه ومرضاه حتى حين آخر... علمتنا التجارب أن الانسان يفر الى حيث العمل والتعليم فرارك من الأجذم..

    لو صدق عنوانك في هذا البوست، فأخشى ان تصدق فينا ولو بعد حين تجارب الغابرين من بعث وطالبان.. ظلت أفغانستان حربا بضعا وعشرين عاما، وظلت العراق مأزومة عشرين عاما أو يزيد..وحتى الآن ظل السودان في زاية حادة منذ 1983. كل النهايات السابقة لا تبشر.. وعظائم الأحداث يقصد منها تهجير مااستقر من العمران ثم التيه ثم ظهور أجيال جديدة وقيادات جديدة..

    على أن في المستقبل دائما فرجة للتفاؤل.. أفريقيا طال ليلها.. آسيا وصلت دركا سحيقا مثلنا ثم مدت لها الأيدي الصديقة.. الهجرة في العالم تتزايد والغرب أصبح يخشى على كيكته فاضطر لمشاركة تعساء العالم بعضا منها.. قرأت أن نادي الأغنياء كان 15 دولة فى مطلع الستينيات ثم أصبح 25 بعد انضمام النمور الآسيوية في التسعينيات.. صحب ذلك ازدياد المبيعات للشركات عابرة القارات حيث الحكام الحقيقيون للعالم.. 25 فى المائة من السيارات المصنعة سنويا ترجع الى مصانعها بأمل استخدامها قطع غيار.. يمكننا تخيل المبيعات الموعودة لو قام مصنع جياد بمد تشاد وغرب أفريقيا.. لا بد من ظهور كوريا جديدة وأخواتها في أفريقيا.. المعطل الوحيد الممكن هو أن الأولوية الآن للدول المتوسطية حتى تخف الهجرة لأوروبا وتزداد هجرة سود الأفارقة لشمالها ويتلاشى نفوذ مايسمى بالقومية العربية... ربما هذه مجرد هلوسات..
    تجارب من سبقونا تقول إن الكوكب أمره في صعود وهبوط.. كثير من فقراء عصرنا اذا طعموا ولبسوا وسكنوا وركبوا نالوا مالو رآهم عليه ملوك الزمن الغابر لجالدوهم عليه بالسيوف.. تخيل أباطرة روما ينظرون بحسد من عربات الجياد المطهمة لقطار نيالا وهو يتجاوزهم مابين هيع وتوووت.. لكن الهبوط يكون في مقارنة قطار 1960 مع قطار حلفا 1999.. وسكان تايلند النمر الآسيوي مازالوا مكدسين وتفشو فيهم الدعارة والتي وصفها قاموس وبستر يوما أنها المهنة الأولى للنساء هناك...

    بعد أن ظننتني فرغت أردت اضافة هذه الفكرة.. هل يقنع بعض الأحزاب بأنهم مهما أوتوا من مواهب فحظهم من رضى الجماهير قليل؟ وهل نحن مستعدون لتقبل أن هالة قيادات الهامش ستتحطم مع أول احباط؟ أم يصدق فينا كلما غضب زعيم عضبت له عشرة ألف سيف لا يسألونه لم غضب؟ على كل، رهاني أن أعلم أبنائي في المدارس يعضون على علمهم بالنواجذ وكثيرا من التفاؤل.. وكما نقل البشرى الفاضل عن الروس قليل من التشاؤم حكمة..
                  

03-14-2006, 03:40 PM

mohammed elsaim

تاريخ التسجيل: 08-20-2003
مجموع المشاركات: 200

للتواصل معنا

FaceBook
تويتر Twitter
YouTube

20 عاما من العطاء و الصمود
مكتبة سودانيزاونلاين
Re: إن المعركة الحاسمة في مناجزة الدولة المركزية قد تجري داخل شوارع العاصمة !! محمد جلال هاشم (Re: mohammed elsaim)

    Quote: أي مستقبل للعلمانيين العرب إذن..؟

    دأبنا جميعاً على تفسير إخفاق الأحزاب الليبرالية واليسارية في الانتخابات العربية الأخيرة، إما بالإشارة إلى عملية الأسلمة التي مرت بها معظم مجتمعاتنا منذ سبعينيات القرن الماضي، ورتبت تبلور قواعد شعبية واسعة للتيارات الدينية وتهميش القوى العلمانية، أو بالرجوع إلى ضعف الرسالة السياسية المقدمة من جانب العلمانيين وهشاشة تنظيماتهم الحزبية، في ظل الممارسات القمعية للنظم الحاكمة وغياب التعددية. وهذه التفسيرات، وعلى الرغم مما لها من وجاهة، إنما تختزل على نحو مخلٍّ واقعاً مجتمعياً مركباً لا بد من تفصيل شرحه للوقوف على حدود الدور المستقبلي المحتمل للعلمانيين في صيرورة السياسة العربية.
    بدايةً، ومع الاعتراف بعمومية ظاهرة النزوع الديني في عالمنا، لا تصف مقولة الأسلمة سوى أحد جوانب تحولات المجتمعات العربية في اللحظة الراهنة، في حين ترتبط الجوانب الأخرى بظواهر من شاكلة هيمنة أنماط الحياة الغربية في المناطق الحضرية، وشيوع الثقافة الاستهلاكية وانتشار أوبئة الفقر والفساد والتهميش الاجتماعي بصورة غير مسبوقة. نظرياً تحمل مثل هذه الظواهر فرصاً لتطور حركات سياسية ليبرالية ويسارية، لها مساحة من التأييد الشعبي، استناداً إما إلى الدفاع الليبرالي عن الحريات الشخصية والمدنية في مقابل منطق المنع الديني، أو تشديد اليسار على العدالة الاجتماعية وحماية المهمشين. الغريب أن شيئاً من هذا لم يحدث في المجتمعات العربية، بل على العكس أعادت التيارات الإسلامية صياغة مسألة العدالة لتصبح شأناً دينياً في المقام الأول وطورت تدريجياً من خطابها لتنفتح على قضايا الحريات ساحبةً بذلك البساط من تحت أقدام العلمانيين. الأمر إذن يتعلق بعجز تلك القوى عن استغلال الفرص الاستراتيجية السانحة وبفشلها في صياغة خطاب سياسي يجتذب قطاعات شعبية واسعة.

    هنا فإن إلقاء كامل مسؤولية العجز هذا على القمع الرسمي يُجانب الصواب. فالممارسات القمعية لنظم سلطوية حكمت في بعض الأحيان باسم آيديولوجيات علمانية، أفقدت الأحزاب الليبرالية واليسارية توازنها وانتقصت من بريق الفكرة العلمانية الشيء الكثير، فيما حرم انكسار الطبقات الوسطى في المجتمعات العربية الليبراليين من التجذر في الخريطة الاجتماعية، تماماً مثلما حالت سيطرة النظم الحاكمة على النقابات العمالية والمهنية بدون تواصل اليسار مع عمقه الاستراتيجي. إلا أن الصحيح كذلك أن التيارات الإسلامية، وعلى خلاف دفع العديد من العلمانيين العرب باحتضان النظم المتواصلة للإسلاميين، قد تحايلت على قمع رسمي أشد من خلال اللجوء إلى المجتمع واستغلال المساحات المتاحة للفعل المستقل، إن في المجال الدعوي أو مجال العمل الخيري، لتحشيد قواعد شعبية مؤيدة لها وحاملة لرسالتها السياسية في الريف والحضر، وفق ما أظهرته الخبرات المعاصرة للانتخابات التشريعية والبلدية في العديد من المجتمعات العربية.

    أما العلمانيون فتقوقعوا على ذواتهم واختاروا إما تحالف الحد الأدنى مع النظم الحاكمة للحفاظ على وجودهم في الحياة السياسية، أو انسحبوا، خاصة الأجيال الجديدة من الليبراليين واليساريين العرب منذ ثمانينيات القرن الماضي، إلى المساحة المدنية الفاصلة بين الدولة ومؤسساتها وبين المواطنين، مشكلين منظمات حقوقية ومنتديات فكرية، اتسمت على الرغم من تبنيها لقضايا قطاعية، على درجة عالية من الأهمية مثل حقوق الإنسان ونشر ثقافة الديمقراطية والمشاركة بطابع نخبوي جلي حرمها من التأييد الشعبي، وفرض عليها هوية الجماعات المغلقة ذات الخطاب المتخصص غير المفهوم خارج حدودها. الأمر إذن أن التكالب على رضاء الحاكم والخوف من معارضته من جهة، وهجر السياسة والتركيز على المجتمع المدني من جهة أخرى، وهما الخياران الاستراتيجيان للقوى العلمانية العربية في العقود الماضية، سبّبا الإخراج الفعلي لهذه القوى من حسابات اللعبة السياسية التي صارت حكراً على النظم الحاكمة والتيارات الإسلامية.

    يتأسس على ما سبق أن الشق الأكبر من مسؤولية إخفاق الأحزاب الليبرالية واليسارية تتحمله هي ذاتها، لتكمن مداخل تغيير وضعية وهنها الراهنة في إعادة النظر المبدئي والنقدي في الخيارات التي يطرحها المشهد السياسي العربي عليها. وقناعتي أن هناك ثلاث فرص رئيسية قد تمكن حين التعاطي معها بجدية، ومع افتراض عدم حدوث تغيرات راديكالية في نظم الحكم السلطوية القائمة، من تعافي العلمانيين في السنوات القليلة المقبلة.

    تتمثل الفرصة الأولى في الخروج من شرنقة المجتمع المدني بتكوين أحزاب وحركات سياسية جديدة تتبنى قضايا الحرية (الليبراليون) والعدالة (اليسار) ويؤطر لها في سياق خطاب إصلاحي علني يرتكز على قيم المواطنة وحقوق الإنسان.

    رمزية الصراع لا تعني في هذا السياق رفض الآخر الحكومي أو الإسلامي، إنما منازعتهم والضغط عليهم لدفعهم نحو سياسات أكثر انفتاحاً على مضامين الحرية والعدالة. فلن تمكن حسابات القوة الواقعية الليبراليين واليساريين في السنوات المقبلة منافسة قطبي السياسة العربية، وضعفهم البادي يجعلهم عرضة لقمع النظم ولاستعلاء الإسلاميين. غاية المراد إذن هي إضفاء المزيد من التنوع والحيوية على الخريطة السياسية والشروع العلماني في مخاطبة القواعد الشعبية بهدف اجتذابها تدريجياً. تقدم خبرة حركة كفاية المصرية وغيرها من الحركات الاحتجاجية الجديدة في المجتمعات العربية نموذجاً دالاً ينبئ، رغم كل معضلات العمل في بيئة سياسية سلطوية وإطار مجتمعي ذي نزوع ديني عام، بتزايد نسبي في إمكانية العلمانيين في تنظيم قدر من التأييد الشعبي من خلال الخروج إلى الشارع واستعادة ذاكرة العمل السياسي الكفاحي.

    ترتبط الفرصة الثانية بالتداعيات الإيجابية للمشاركة في الانتخابات، تشريعية وبلدية، حتى في تلك الحالات التي تغيب عنها التنافسية والشفافية. فالانتخابات في النظم السلطوية تمنح الأحزاب والحركات المعارضة التي تخوض غمارها دينامية تحيي وجودها ودورها لدى المواطنين وتدفعها إلى إعادة النظر في رسالتها السياسية وبرامجها ورموزها في ضوء درجة قبولها العام وما أحوج القوى العلمانية العربية إلى ذلك.

    أخيراً، تشكل الدينامية السياسية الراهنة في عدد من المجتمعات العربية فرصةً ذهبيةً للعلمانيين لصياغة أنماط جديدة من التحالفات مع إصلاحيي النظم الحاكمة ووسطيي التيارات الإسلامية لبلورة توافق وطني حول الفكرة الديمقراطية. وعلى الرغم من أن زاد العلمانية العربية هنا شحيح إذا ما قورن بهيمنة النظم وشعبية الإسلاميين، إلا أن له إن التزم بمفردات الحرية والعدالة من دون أن يحيد عنها قيد أنملة مصداقية أخلاقية عالية يفتقدها الطرفان الآخران.

    * كاتب مصري وأكاديمي بمؤسسة كارنيجي للسلام العالمي ـ واشنطن


    Quote: التعليــقــــات
    dr.bassam al-khoury، DE، 14/03/2006
    لا تتجنوا على العلمانيين فهم لا يمتلكون ما يؤسسون به مشافي وجمعيات خيرية ولا يمتلكون منابر إعلامية واسعة الانتشار كصحف وفضائيات الا بعض مواقع الانترنيت ولا يمتلكون منابر للتواصل مع الجمهور كالاسلاميين عبر المساجد...العلمانيون العرب كعلمانيي ايران 1975 الى 1980 كانو وقود الانقلاب على الشاه وعندما نضجت ثمرة الثورة قطفها الخميني دون أي تضحيات أو خسائر.

    عصام عبار، MA، 14/03/2006
    أجهزت السلطة الحاكمة على النخب المثقفة العلمانية إما بأن همشتها وإما بأن رمت بها في السجون أو أشركت بعضا منها في السلطة اختارت البقية الانسحاب من الحياة العامة إلى حياة الإبداع أو الفعل المدني ، وحين فشلت الدولة القهرية في مشروعها وتبين لها ضرورة العمل مع قوى المجتمع الحية كان الوقت قد فات فقد ساهمت الأمية والجهل وكذا الفقر والنكوص نحو التشدد إلى ميلاد قوى اجتاحت الساحة ، فلم يجد العلمانيون من يخاطبون.
    السلطة في أيدي الشركات الرأسمالية والنظام العالمي الجديد و الاستهلاكي، الواقع المتأزم يحتاج قطيعة لامفر من دفع ثمنها غاليا لأن الجميع تسبب فيها، أما منطق التحالفات فحتى لو سلمنا به رؤية حل لكن ماذا نقترح كحل لملايين الجياع والعاطلين ؟ هو تورط إذن ليس إلا .هل تستطيع النخب المتحالفة علمانية كانت أو إسلامية معتدلة فعل شيء أمام حالة الركود الاقتصادي والتفكك الاجتماعي واستفحال الأمية والجهل والتوزيع غير المتوازن للثروة ؟ هل سيسمح أصحاب المصالح داخليا وخارجيا بذلك؟ماليزيا أو كوريا ليست هي مصر أو الجزائر أو المغرب ، نحن ماذا إذن ؟


    http://www.aawsat.com/leader.asp?section=3&article=352961&issue=9968
                  


[رد على الموضوع] صفحة 1 „‰ 1:   <<  1  >>




احدث عناوين سودانيز اون لاين الان
اراء حرة و مقالات
Latest Posts in English Forum
Articles and Views
اخر المواضيع فى المنبر العام
News and Press Releases
اخبار و بيانات



فيس بوك تويتر انستقرام يوتيوب بنتيريست
الرسائل والمقالات و الآراء المنشورة في المنتدى بأسماء أصحابها أو بأسماء مستعارة لا تمثل بالضرورة الرأي الرسمي لصاحب الموقع أو سودانيز اون لاين بل تمثل وجهة نظر كاتبها
لا يمكنك نقل أو اقتباس اى مواد أعلامية من هذا الموقع الا بعد الحصول على اذن من الادارة
About Us
Contact Us
About Sudanese Online
اخبار و بيانات
اراء حرة و مقالات
صور سودانيزاونلاين
فيديوهات سودانيزاونلاين
ويكيبيديا سودانيز اون لاين
منتديات سودانيزاونلاين
News and Press Releases
Articles and Views
SudaneseOnline Images
Sudanese Online Videos
Sudanese Online Wikipedia
Sudanese Online Forums
If you're looking to submit News,Video,a Press Release or or Article please feel free to send it to [email protected]

© 2014 SudaneseOnline.com

Software Version 1.3.0 © 2N-com.de