نقدٌ وتوضيح لما ورد في كتاب الأستاذ عبد الله الفكي البشير .. فدوى عبد الرحمن

مرحبا Guest
اخر زيارك لك: 05-04-2024, 07:40 AM الصفحة الرئيسية

منتديات سودانيزاونلاين    مكتبة الفساد    ابحث    اخبار و بيانات    مواضيع توثيقية    منبر الشعبية    اراء حرة و مقالات    مدخل أرشيف اراء حرة و مقالات   
News and Press Releases    اتصل بنا    Articles and Views    English Forum    ناس الزقازيق   
مدخل أرشيف للعام 2015م
نسخة قابلة للطباعة من الموضوع   ارسل الموضوع لصديق   اقرا المشاركات فى شكل سلسلة « | »
اقرا احدث مداخلة فى هذا الموضوع »
01-13-2015, 06:15 AM

محمد عبدالرحمن
<aمحمد عبدالرحمن
تاريخ التسجيل: 03-15-2004
مجموع المشاركات: 9059

للتواصل معنا

FaceBook
تويتر Twitter
YouTube

20 عاما من العطاء و الصمود
مكتبة سودانيزاونلاين
نقدٌ وتوضيح لما ورد في كتاب الأستاذ عبد الله الفكي البشير .. فدوى عبد الرحمن

    نقدٌ وتوضيح لما ورد عن بعض الأطروحات الجامعية في كتاب الأستاذ عبد الله الفكي البشير : صاحب الفهم الجديد للإسلام محمود محمد طه والمثقفون قراءة في المواقف وتزوير التاريخ، ، رؤية للنشر والتوزيع القاهرة 2013 .

    فدوى عبد الرحمن علي طه.
    أهدتني ابنتي الباشمهندسة إسراء أحمد علي قنيف نسخة من كتاب الأستاذ عبد الله الفكي البشير : صاحب الفهم الجديد للإسلام محمود محمد طه والمثقفون قراءة في المواقف وتزوير التاريخ، وقد كلفتها بالبحث عنه في مكتبات الخرطوم، ووجدته لكنها رفضت استلام الثمن. فلها مني الشكر والتقدير وأحييها فهي بين قلة من جيلها تسعى للمعرفة والتثقيف. يقع الكتاب في 1278 صفحة ويشكل إضافة مهمة للمكتبة السودانية لما ورد فيه من توثيق للمفكر الراحل الأستاذ محمود محمد طه.
    يتناول هذا المقال بالنقد والتوضيح ما ذكره مؤلف الكتاب عن أطروحات أشرفتُ عليها وأجيزت في كلية الدراسات العليا تطرق لها بين الصفحات 774 - 828 من الباب الرابع الفصل الثالث عشر، الأستاذ محمود والأكاديميا السودانية قراءة في نماذج من الرسائل الجامعية (الدكتوراه والماجستير). يقول المؤلف في هذا الفصل "امتدت الفترة الزمنية التي غطتها الرسائل الجامعية من عام 1994 وحتى العام 2011" اختياري للعينة لم يراع سوى أن تكون الرسالة قد تناولت موضوعاً من الموضوعات التي كان للأستاذ محمود فيها إسهامات منشورة". ص 788. وانتقد المؤلف الباحثين والباحثات الذين أعدوا هذه الأطروحات بتغييب دور الأستاذ محمود محمد طه، وأورد أموراً ذكر أنها "تؤكد بصورة جلية دامغة السعي الحثيث والمنظم لاغفال وتغييب الأستاذ محمود محمد طه من ساحة الباحثين وطلاب الدراسات العليا". وأشار للتهميش والبتر للمعارف والعزل عن ميدان البحث العلمي .
    وبما أنني أشرفتُ على عدد مقدر من أطروحات في التاريخ السياسي فقد وقعتُ ضمن من يسعون سعياً حثيثاً ومنظماً لإغفال وتغييب الأستاذ محمود وتزوير التاريخ. وقد قفز الكاتب إلى هذه النتيجة بالنسبة للأبحاث التي أشرفت عليها لأنه لم يرد في قائمة المصادر والمراجع كتابات وكتيبات الأستاذ محمود أو تلاميذه. هذا صحيح. لكن فلندلف إلى هذه الأطروحات ونستبين عناوينها وما ورد بداخل بعضها عن الحزب الجمهوري والأستاذ محمود محمد طه في معلومات استقت من مصادر أخرى، وهو أمر معروف ومشروع في أبجديات البحث العلمي. واضح أن المؤلف لم يكلف نفسه عناء قراءة ما جاء في متن الأطروحات، واكتفى بنظرة سريعة إلى قائمة المصادر والمراجع دون الغوص في ما بداخلها ربما لأنه كان في عجلة من أمره أو تعمداً – وأرجو أن يكون هذا غير صحيح - لتأكيد وجهة النظر التي رمى إليها. وقد أدى ذلك إلى إصدار أحكام جائرة.
    أبدا برسالة الباحث عبد العظيم محمد حمد أبو الحسن: قضية إسلامية الدستور والقوانين وتأثيرها على الاستقرار السياسي 1955- 1985م، ماجستير غير منشورة، جامعة الخرطوم، 2010م. والتي قال عنها مؤلف الكتاب "وما كنت أعتقد أن هناك رسالة جامعية أنسب من هذه الرسالة للاستشهاد بأقوال ألأستاذ محمود ومواقفه وكتاباته ذلك لأن أمر إسلامية الدستور كان من أكثر الموضوعات التي نقدها الأستاذ محمود نقداً باكراً ........ إلى أن يقول وفي تقديري أن هذا الأمر لا يستقيم علمياً وأخلاقياً فالإطار الزمني للرسالة يبدأ بعام 1955 وينتهي بعام 1985، فقد شهد العام 1985، كما هو معلوم، الحكم بردة الأستاذ محمود عن الإسلام ومن ثم تنفيذ حكم الإعدام عليه". تقفز إلى القارئ لهذه السطور فكرة أن عبد العظيم استبعد تماماً من رسالته أي ذكر للأستاذ محمود محمد طه والحزب الجمهوري وحكم الإعدام وتنفيذه عليه.
    تناول الباحث عبد العظيم بين الصفحات 112 - 113أموراً تتعلق بالحزب الجمهوري وابتدر حديثه عن معارضة لجنة مراجعة القوانين التي كونت عام 1977 بمعارضة الحزب الجمهوري لأن الجمهوريين كانوا أشهر من جاهر بالمعارضة للقوانين الإسلامية التي صدرت في عهد الحكم العسكري الثاني (الحكم المايوي). وأورد عبد العظيم الآتي " انتقد الجمهوريون لجنة مراجعة القوانين السارية وتعديلها لتتماشي مع الشريعة منذ تكوينها إذا قاموا بإصدار كتيب في أغسطس 1977 عنوانه "الشريعة الإسلامية تتعارض مع الدستور الإسلامي" ، وأورد الباحث بعض ما جاء في هذا الكتيب ومنه:- إن تعديل القوانين لتتماشي مع الشريعة الموروثة تهدد المكتسبات التى حققها شعبنا وذلك في المجالات الآتية:- أولاً في مجال الاشتراكية فأن تعديل القوانين لأمر يهدد بالضياع كافة مكتسبات الشعب ويتناقض مع كافة مبادئ مايو المعلنة في مواثيقها وخطة عملها ومن هذه المبادئ انتهاج النظام الاشتراكي كأساس للاقتصاد السوداني وفقاً لما جاء في المادة (30). وذلك أنه ليست في الشريعة الموروثة اشتراكية الشيء الثاني عن المرأة لأن الاتجاه إلى تطبيق أحكام الشريعة من غير نظر إلى تطويرها يعد تناقضاً مزرياً مع واقع المرأة السودانية التى نالت قدراً كبير من الحقوق الأساسية مما يشير إلى أن هناك خطوات كبيرة في اتجاه عرض الدين الأساسي وهو تحقيق كرامة الإنسان رجلاً كان أو امرأة. ومن أكبر مظاهر هذه الكرامة التمتع بالمساواة وبحقوق المواطنة الكاملة في المجتمع وتساءل الجمهوريون "هل ستمنع اللجنة الاختلاط، وترد المرأة إلى الحجاب؟ وكيف يجوز مع تطبيق أحكام الشريعة أن تتولى المنصب الوزاري مثلاً، والشريعة صريحة وواضحة حيث تنص على أنه ما أفلح قوم ولوا أمرهم امرأة. بل وكيف يجوز خروج المرأة وأمر الشريعة واضح "وقرن في بيوتكن". وكان مصدر عبد العظيم الذي أورده في الهامش "الإخوان الجمهوريون، الشريعة الإسلامية تتعارض مع الدستور الإسلامي، ص 37" نقلاً عن عبد اللطيف البوني: تجربة نميري الإسلامية في السودان مايو 1969م- أبريل 1985م، الخرطوم، 1995م. وهذا الكتاب لا يوجد له أثر بين مصادر ومراجع المؤلف.
    كما أورد الباحث عبد العظيم أيضاً "أما في مجال الوحدة الوطنية فيرى الجمهوريون أن إنهاء الحرب الأهلية باتفاقية أديس أبابا وإعطاء الجنوب الحكم الذاتي هذه مكاسب حققها النظام المايوي. لكن في الشريعة سكان الدولة من غير المسلمين لا يتساوون مع المسلمين في الحقوق والواجبات، كما لا يحق لغير المسلم أن ينخرط في صفوف الجندية، لأن مهمة الجيش الأساسية في الشريعة الموروثة هي الجهاد لنشر الإسلام". ويعلق الباحث عبد العظيم بعد ما أورده من إشارات عن الحزب الجمهوري بالقول "من هنا يتضح لنا أن الجمهوريين واجهوا النظام بالمعارضة بالكتب والمنشورات".
    وأورد عبد العظيم أيضاً في ص 125 "كان الجمهوريون أول من عارض تطبيق قوانين سبتمبر 1983 لاعتقادهم بأنها غير شرعية ولا إسلامية وأنها شوهت الإسلام وهددت وحدة البلاد وأهانت الشعب السوداني وأن النظام تنقصه العدالة الاجتماعية جاء ذلك في منشور قاموا بتوزيعه بعنوان (هذا أو الطوفان)". وأورد أيضاً وفي نفس الصفحة وصف صحيفة الأيام لأشهر المحاكمات السياسية في تاريخ السودان المعاصر وأيد وصفْ تنفيذ حكم الإعدام على الأستاذ محمود محمد طه بأنه جريمة. وقبل ذلك أشار عبد العظيم عندما تطرق لحل الحزب الشيوعي وموقف حزب الشعب الديمقراطي بالقول "وقد كان ذلك موافقا لآراء العديد من الكيانات السياسية حيث أكد الحزب الجمهوري علي لسان رئيسه محمود محمد طه أن مجرد المناداة بحل الحزب الشيوعي يعد هزيمة للديمقراطية". (ص 44) لو كان لعبد العظيم نيتة مبيتة في إقصاء الأستاذ محمود أو لمشرفته لما أورد ما ذكرته، ولما أورد ضمن مراجعه كتاب بروفيسور عبد الله أحمد النعيم – نحو تطوير التشريع الإسلامي – سينا للنشر 1994م.
    ذكر المؤلف أطروحات أخرى أشرفتُ عليها غيبت عن قائمة مصادرها ومراجعها كتابات الأستاذ محمود محمد طه أو تلاميذه هي: أطروحة نجلاء عبد الله محمد يوسف "إسهامات الأعضاء الجنوبيين في البرلمانات واللجان والمجالس السودانية 1948 - 1969. رسالة ماجستير جامعة الخرطوم 2004 ". تتحدث الباحثة في بحثها عن مداولات الأعضاء الجنوبيين في برلمانات ولجان ومجالس محددة ولا تتحدث عن دور الزعماء السياسيين ورؤيتهم لمشكلة الجنوب ولم تورد أي رأي لحزب آخر وموضوعها محدد. وقد يكون إغفالا أو تزويراً للتاريخ لو أن نجلاء تحدثت عن أراء أحزاب سياسية أخرى عن مشكلة الجنوب وتجاهلت رأي الأستاذ محمود في مشكلة الجنوب. وقد غاب الحزب الجمهوري عن البرلمان وانتخاباته. وما ذكرته عن بحث نجلاء ينطبق أيضاً على بحث أميرة بكري محمد الماحي: جنوب السودان 1969م-1985م دراسة تاريخية، دكتوراه غير منشورة، جامعة الخرطوم، 2004م.
    أما أطروحة هدى النور دينق: انتخابات وبرلمانات السودان مايو 1965 - مايو 1969 رسالة ماجستير جامعة الخرطوم 2011 لم تذكر الحزب الجمهوري في خلفيتها التاريخية لأن هدى ذكرت فقط الأحزاب التي ستشارك في الانتخابات البرلمانية التي تناولتها في بحثها ولا يوجد دور للحزب الجمهوري في ما تناولته. وبالرغم من ذلك أوردت الباحثة هدى في متن بحثها (ص 45 - ص 46) وعندما كان ذلك مناسباً تعليق الحزب الجمهوري عن الموقف والأزمة داخل حكومة أكتوبر برئاسة سر الختم الخليفة، وذكره إن لا أهداف لقادة الأحزاب إلا كراسي الحكم وهذه الأزمة وصفها بأنها أزمة فكر وثقافة وأزمة خلق وضمير. وهذا الموقف أتاح فرصة نادرة للشعب السوداني ليعرف الأحزاب على حقيقتها، وليست الأزمة أزمة فراغ دستوري إنما هي انعدام لفلسفة الحكم عند الأحزاب وليس لقادتهم سوى السعي وراء الكراسي، ولم تبدأ الأزمة عندما استقال رئيس الوزراء فجأة إنما بدأت حين انسحبت الهيئات المختلفة من الجبهة الوطنية شيئاً فشيئاً بحجة الجبهة أصبحت خاضعة لسيطرة الشيوعيين. وهذا الانسحاب قوض الجبهة وفتح الطريق سهلاً أمام الأحزاب وفي تلك الفترة الحرجة نجحت الأحزاب في تجسيم الخطر الشيوعي في أذهان الناس. وقدم رئيس الحزب الجمهوري محمود محمد طه - والحديث ما يزال لهدى - نيابة عن الحزب حلين لهذه الأزمة أحدهما آجلاً والآخر عاجلاً في كليهما إبعاد للأحزاب عن كراس الحكم، فالحل العاجل يقضي برجوع جميع الهيئات التي انفصلت عن الجبهة الوطنية للهيئات وإعادة تكوينها من جديد والسير بها إلى سياسة قومية تستهدف أمرين إحداهما إقامة حكومة ديمقراطية تصون جميع الحريات وتصون الأمة من كافة نواحي البلاء وتعين تاريخاً مؤجلاً لإجراء الانتخابات. وتواصل الجبهة ثورة أكتوبر وتنقلها للصعيد الفكري فتحدث ثورة فكرية في جماهير الأحزاب حتى تظهر وتقوم جميع الأحزاب على فلسفات لا شعارات ولا طائفية دينية كانت هذه الطائفيات دينية أم سياسية، وأما الحل الآجل هو توجه الفكر الإسلامي على فهم رشيد واع متطور مواكب وموجه لتطور المجتمع البشري. وكان مصدر هدى لذلك صحيفة الأيام، 24 فبراير 1965.
    لم تكتف الباحثة هدى بذلك بل أوردت تعريفاً للأستاذ محمود محمد طه في حاشية - كما عرفت قادة الأحزاب الآخرين في حواشي - عرفت فيها الأستاذ محمود بأنه "من رفاعة تخرج مهندساً في كلية غردون كان مهتماً بقضايا الفلسفة والمنطق اشتغل مهندساً بعطبرة وقرأ القرآن وعلق على المفسرين ، استقال من الحكومة وكون الحزب الجمهوري عام 1945 ، اصدر المنشورات منذ عام 1945م بدأ معارضة الحكم الثنائي وسجن عدة مرات. ، اشتهر بمذهبه في فهم الإسلام والقرآن ويقسم القرآن إلي قرآن أصول في الفترة المكية وقران فروع في الفترة المدنية وأن للإسلام رسالتان رسالة أولي هي الإسلام كما عرفة المسلمون ورسالة ثانية تقوم على قران الأصول يتجدد بها الإسلام وألف في ذلك عشرات الكتب. أعدم عام 1985 لمعارضته قوانين سبتمبر 1983 التي فرضت الحكم بالشريعة على السودان". تبقت أطروحة الباحثة شيرين إبراهيم النور وسأتعرض لها في موضع آخر أدناه.
    أغفل المؤلف في سعيه الحثيث لتأكيد وتأييد الفكرة التي أراد ايصالها للقارئ أطروحات أشرفتُ عليها تعرضت لدور الحزب الجمهوري وأجيزت في الفترة التي غطاها المؤلف. فهل كان ذلك سهواً أم عمداً؟ فأطروحة الباحثة فدوى محمد الحسن، تاريخ التطورات الدستورية في السودان 1956 – 1969، رسالة ماجستير جامعة الخرطوم 2002م كانت ضمن مصادر ومراجع الباحث عبد العظيم. فلماذا لم تستوقف المؤلف للنظر فيها وتاريخ إجازتها والذي يسبق رسالة عبد العظيم بأعوام يدخل ضمن الفترة الزمنية التي ذكرها المؤلف، وإذا ما اتفقنا مع المؤلف بأنه أورد نماذج فقط فعنوان أطروحة فدوى لابد أن يكون ملفتاً له وهو يتصفح مصادر ومراجع الباحث عبد العظيم. وقد أشارت الباحثة فدوى محمد الحسن في أكثر من موضع من أطروحتها إلى الحزب الجمهوري بل أوردت ضمن ملاحق بحثها (ص 272 – 275) نص : مذكرة أسس دستور السودان لقيام حكومة جمهورية فدرالية اشتراكية الذي نشره الحزب الجمهوري عام 1955. والذي جاء في ديباجته "في سنة 1968م أصدر الأستاذ محمود محمد طه كتاباً ضمنه مشروع دستور أسماه " أسس دستور السودان "، وهو دستور تم نشره أول مرة في ديسمبر سنة 1955م وأعاد طبعه في عام 1968م.وأوردته فدوى محمد الحسن نقلاً عن عبد الباسط صالح سبدرات: الدستور هل يستوي على الجودي، الخرطوم 1970م، ص 138- 141. وهذا الكتاب أيضاً لا يوجد له أثر بين مراجع المؤلف.
    كما لم يذكر المؤلف أطروحة الباحث هاشم بابكر محمد أحمد علوب، المصالحات الوطنية في السودان في الفترة مابين 1972-1985م، ماجستير غير منشورة،جامعة الخرطوم، 2010م، إشراف فدوى عبد الرحمن علي طه، أورد فيها الباحث هاشم في الصفحات من 116 – 117 رأي الحزب الجمهوري في المصالحة الوطنية ولم يعزله من رأي الأحزاب الأخرى. وقد نجد له عذراً في أنها لم تكن من بين العينة كما أنها لم تكن بين مصادر ومراجع عبد العظيم. ذكر هاشم أن الجمهوريين كانوا من بين الفئات السياسية التي دعت للمضي قدماً في المصالحة مع النظام، وأشار إلى البيان الذي رفعه عبد اللطيف عمر حسب الله حول موقف الجمهوريين من الوحدة الوطنية في 31/7/1977م، وأكّد فيه أن الأحزاب بصورتها التقليدية هذه والتي يرجع إليها فساد الحُكم لن تعود، لقد فات الأوان للتكتلات الطائفية والعقائدية، كما أنّ حل مشكلات العصر يمكن في وجود تنظيمات فكريّة لا تكتُّلات غرضها الأساسي من التكتُّل هو الوصول إلى السُّلطة بأي سبيل وبكل سبيل، كما دعا البيان إلى ميثاق وطني تتّسع فيه دائرة المصالحة الوطنية لتشمل جميع القوى السياسية والاتجاهات الفكريّة في البلاد دون استثناء، على أن يتم إقرار ذلك الميثاق في مائدة مستديرة. وذكر هاشم أيضاً أن علاقة الجمهوريين بنظام نميري ساءت عندما بدأ نميري توجهه الإسلامي. وأخرج الجمهوريون كتاباً عن الهوس الديني على أثره اعتقل الأستاذ محمود محمد طه، وأشار هاشم إلى المنشور الذي أصدره الجمهوريون في 25 ديسمبر 1984 "هذا أو الطوفان" في مقاومة قوانين سبتمبر. وذكر هاشم أن الأستاذ محمود محمد طه، زعيم الحزب الجمهوري، أنبرأ لانتقاد قوانين سبتمبر 1983 وأنها مخالفه للشريعة وللإسلام أكثر من ذلك فأنها شوهت الشريعة وشوهت الإسلام ونفرت عنه. وذكر أن إعدام الأستاذ محمود كان الشرارة التي أضرمت نار الانتفاضة.
    من الأشياء الأخرى التي لفتت انتباهي أن مؤلف الكتاب أورد كتاب فدوى عبد الرحمن علي طه "كيف نال السودان استقلاله دراسة تاريخية لاتفاقية 12 فبراير 1953 حول الحكم الذاتي وتقرير المصير طبعة أولى، شركة دار الخرطوم للطباعة والنشر، الخرطوم 1997، ضمن المراجع. لكنه لم يورد ما ذكرته فدوى عبد الرحمن بالنص في معرض حديثها عن النقد الذي وجهته الجبهة المتحدة لتحرير السودان لحزب الأمة وحزب الأشقاء. (ص 109 - ص 110 الطبعة الثانية من كتاب فدوى 2008) وتعرضْ الحزبين لنفس النقد من الحزب الجمهوري. ذكرت فدوى أن محمود محمد طه رئيس الحزب الجمهوري أشار في البيان الذي ألقاه في الاجتماع العام للحزب في نوفمبر 1951 إلى الوضع المتردي والذي لا أمل لإصلاحه إلا إذا تغير الوضع تماماً بجلاء الاستعمار البريطاني . ويشير في هذا البيان إلى انقسام الحركة الوطنية بين فريق يريد تحرير البلاد بالتعاون مع الاستعمار البريطاني وفريق يريد تحرير البلاد بالتعاون مع مصر ويقول" "فإما المتعاونون مع الاستعمار البريطاني فإننا لا نقرهم على شيء من عملهم البتة لا في جملته ولا تفصيله وأما المتعاونون مع مصر فإننا نقرهم على عملهم في شيء ونخالفهم في شيء ..نقرهم على الكفاح ضد الانجليز ونخالفهم في الاتحاد مع مصر حتى ولو كان الاتحاد في التاج كرمز فقط". كان مصدر فدوى عبد الرحمن في الهامش البيان الذي ألقاه رئيس الحزب الجمهوري في الاجتماع العام للحزب 30 نوفمبر 1951 دار الوثائق القومية الخرطوم الأحزاب السودانية نمرة 2/1/1. وكان ذكر ذلك مهماً للمؤلف لأن الفقرة أتت بنص الحديث الذي ورد على لسان الأستاذ محمود. هذا علماً بأن الحزب لم يشارك في الجبهة المتحدة لتحرير السودان لأنها تشكلت في وقت كان فيه الأستاذ محمود معتكفاً بمدينة رفاعة. وأشار المؤلف إلى ذلك الاعتكاف في ص 509 بذكره أن الأستاذ محمود خرج في عام 1951 من اعتكافه بمدينة رفاعة والذي دام ثلاثة أعوام وأعلن عن مشروعه الدعوة للفكرة الإسلامية الجديدة - الفهم الجديد للإسلام. كما شهد العام 1951 بداية مرحلة التتلمذ على يد الأستاذ محمود. إن اعتكاف الأستاذ محمود كان في فترة سياسية حرجة ومهمة جدا خرجت فيها الحركة الوطنية السودانية من طورها التقليدي وذلك بمجهود الحركة السودانية للتحرر الوطني، وشهدت المرحلة عملاً تنظيمياً واضحاً بين الطلاب والمزارعين والعمال أقلق مضاجع الاستعمار وغاب عنه الحزب الجمهوري. وقبل لذلك لم يشارك الأستاذ محمود محمد طه في مؤتمر الخريجين الذي تأسس عام 1938 ولم يكن عضواً فيه ولا في لجانه.
    أشار المؤلف في صفحات من كتابه إلى ما أورده الدكتور فيصل عبد الرحمن علي طه عن الحزب الجمهوري في كتابه: الحركة السياسية السودانية والصراع المصري البريطاني (وليس الصراع المصري السوداني كما أورد المؤلف اسم الكتاب في قائمة مراجعه ص 1214) بشأن السودان 1936 - 1953، طبعة ثانية مركز عبد الكريم ميرغني الثقافي، أم درمان 2004) وما أورده بروفيسور محمد سعيد القدال عن الحزب الجمهوري في كتابه: تاريخ السودان الحديث 1820 - 1955"، مركز عبد الكريم ميرغني الثقافي 2002. لم تكن مصادر ومراجع فيصل ولا القدال مباشرة عن الأستاذ محمود محمد طه. فعندما تحدث فيصل عبد الرحمن عن الحزب الجمهوري في كتابه (ص 229 - 232) لم يستند إلى أي كتب أو منشورات للحزب الجمهوري أو الأستاذ محمود محمد طه بل استقى المعلومة من مصادر أخرى هي جريدتي النيل والأهرام، وخلت مصادر ومراجع كتابه تماماً من ذلك. وينطبق ذلك أيضاً على مصادر ومراجع محمد سعيد القدال في كتابه، أي عدم الرجوع إلى مصدر أو مرجع مباشر للأستاذ محمود محمد طه أو تلاميذه. ولم ينتقد المؤلف ذلك بل احتفل بالكتابين. فلماذا يحلل لهما ذلك ويحرمه على طلابي الذين أورد بعضهم معلومات عن الحزب الجمهوري في مواقف معينة مناسبة لأبحاثهم استندوا فيها على مصادر أخرى غير كتابات الأستاذ محمود. كما أن المؤلف وبالنسبة لكتاب القدال أورد النص الذي يناسبه، واستبعد تماماً انتقاد القدال أن الحزب الجمهوري اعتمد أساساً على شخصية الأستاذ محمود محمد طه دون أن يكمل ذلك بعمل تنظيمي واسع وأن الحزب افتقد المرونة في الحركة في وقت كانت مثل تلك المرونة ضرورية لممارسة العمل السياسي. (القدال ص495) .
    ومما أورده القدال أيضاً " إن أزمة الحزب الجمهوري، أنه قائم على نقاء السريرة وصفاء الطوية، دون أن يدرك أن ذلك النقاء وذلك الصفاء لابد لهما من مناورات وعمل تكتيكي، وليس مجرد الانكفاء على مثل وقيم رفيعة. لذلك ظل نفوذه ضعيفاً ومحدودا". وانتقد القدال أيضاً إقحام الحزب للإسلام في العمل السياسي (القدال ص 495). لو أورد المؤلف ذلك الذي ذكره القدال لنسف الهدف الذي رمى إليه وهو تضخيم دور الحزب الجمهوري السياسي. لكنه كان انتقائياً فيما أورده واكتفى فقط بعبارة: وفصل القدال في ذلك (ص 371)، علماً بأن ما كتبه المؤرخ القدال عن الحزب الجمهوري يتجاوز الصفحة الواحدة بقليل وكان في معظمه نقد للحزب الجمهوري. فضمن طائلة ماذا يقع تغييب المؤلف لنقد القدال؟ طائلة تزوير التاريخ أم عدم الالتزام الأكاديمي والأخلاقي.
    في تقديري أن عدم ممارسة الحزب الجمهوري للعمل السياسي نتج عنها ضآلة دور الحزب السياسي وضعف دوره في الحركة السياسية السودانية الذي أشار إليه القدال. فقد امتنع الحزب عن المشاركة في لجان الدستور وقاطع الانتخابات البرلمانية وبالتالي لم يكن له دور في مداولات البرلمان. ويكفي ما ذكره القدال أعلاه ليبرر خلو رسالة الباحثة شيرين إبراهيم النور، تاريخ الحركة السياسية السودانية 1952 - 1958، رسالة ماجستير جامعة الخرطوم 2010 ، من ذكر للحزب الجمهوري في رسالتها إلا في مواضع قليلة جداً. وقد أبانت في دراسة موثقة جداً تلك التكتيكات والمناورات التي أشار إليها القدال، ولا توجد مناسبة للإشارة للأستاذ محمود أو كتبه أو كتب تلاميذه في قائمة المصادر والمراجع. وكان تركيز شيرين على دور من قال ومارس العمل السياسي بالفعل في أروقته المتاحة في ذلك الوقت. صحيح كانت للأستاذ محمود محمد طه آراء متقدمة جداً في المسائل السياسية لكن حقيقة الأمر هي أن دور الحزب الجمهوري السياسي محدود جداً لأن الحزب غيب نفسه كما أسلفت القول من المواقع العملية للسياسة المتمثلة في الانتخابات والبرلمانات والمجالس واللجان . وآخر عهد الأستاذ محمود باللجان كان عضوية اللجنة القومية للدستور عام 1956 فقد طالب بأن تكون لجنة الدستور مستقلة استقلالاً تاماً عن الحكومة تعين رئيسها وأعضاءها. وسقط اقتراح الأستاذ محمود فانسحب من اللجنة ومنذ ذلك التاريخ لم يشارك الأستاذ محمود محمد طه في أي من لجان الدستور التي تكونت بعد ذلك. وانسحب قبل ذلك الحزب الجمهوري في يونيو 1955 من الجبهة الاستقلالية التي تكونت في مطلع عام 1955 مبرراً ذلك بأن الفكرة الاستقلالية قد تأصلت. إلا أن المؤلف أورد في ص 391 "لقد درج الأستاذ محمود في مشاركاته بأن يعلن انسحابه متى ما تحقق الغرض الذي شارك من أجله في الحدث أو النشاط وذلك عندما انسحب من الجبهة الاستقلالية الأولى التي تكونت عام 1946 عقب بروتوكول صدقي - بيفن" . لكن عندما انسحب الأستاذ محمود من لجنة تعديل الدستور عام 1956 كان بسبب سقوط اقتراحه وعدم تحقق غرضه وليس بسبب تحقيق الهدف.
    أضعف عدم المشاركة في الانتخابات وبالتالي البرلمان ولجان الدستور جداً الدور السياسي للحزب الجمهوري. فالحزب الشيوعي رغم ما أبداه من اعتراض على الانتخابات البرلمانية التي أجريت في أبريل 1965 شارك في الانتخابات واكتسح دوائر الخريجين، مما جعل حزب الأمة والحزب الوطني الاتحادي وجبهة الميثاق الإسلامي يتآمرون عليه ويضيقون بنوابه في البرلمان. وقد خاض الحزب جميع الانتخابات علاوة على أن الحزب الشيوعي امتاز بالعمل التنظيمي الواسع. وكذلك حزب الشعب الديمقراطي الذي قاطع الانتخابات وبقي خارج البرلمان لكنه وجد أنه إن تابع ذلك فسيتقلص نفوذه فعاد وشارك في انتخابات أبريل 1968 بعد ائتلافه مع الحزب الوطني الاتحادي في الحزب الاتحادي الديمقراطي وكان ذلك في ديسمبر 1967 وليس عام 1965 كما ذكر مؤلف الكتاب (ص 494). إن تقلص الدور السياسي للحزب الجمهوري مفهوم لأن الغلبة كانت للجانب الديني وطبيعي لأن الأستاذ محمود كان صاحب رسالة جديدة وفكر جديد لفهم الإسلام ولابد من ايصال هذه الفكرة للجمهور والترويج لها وبالتالي التركيز عليها.
    أوكد أن مجموعة الطلاب الذين أشرفت وأشرف عليهم ليس ضعيفي الصلة - كما أورد المؤلف - بفهارس ومصادر الدراسات السودانية في دار الوثائق القومية. ولو أعاد المؤلف النظر في قائمة المصادر والمراجع لتلك الأطروحات لوجد أن دار الوثائق القومية تتصدرها وكانت سكناً بالنسبة لهم إبان إعداد أطروحاتهم. ولم يكن ذلك بسبب ضعف التدريب الأكاديمي حيث ذكر مؤلف الكتاب في ص 1064 "المهم الإشارة إلى أن الإغفال والتجاهل للأستاذ محمود لم يكن كله متعمداً ومقصودا فبعضه يعود لضعف التدريب الأكاديمي وحالة الكسل العقلي إلى جانب الغياب لإعمال الحس النقدي" وإنما بسبب تدريب الطالب على التقيد بالموضوع الذي يبحث فيه فأخرج هؤلاء الطلاب أطروحات موثقة ومتوازنة وجيدة استوفت مستلزمات البحث العلمي الأكاديمي الجاد.
    ختاماً أتمنى أن تسنح لي الفرصة لأشرف على بحث ماجستير أو دكتوراه أكاديمي علمي محايد متكامل يتناول بالتحليل والنقد الأستاذ محمود محمد طه والحزب الجمهوري، وقد أوردتُ بالنص في ص 5 في ورقة قدمتها في المؤتمر السنوي للدراسات العليا والبحث العلمي، جامعة الخرطوم، 25 - 28 فبراير 2013 ونشرت في المجلد الأول، بعنوان: انجازات البحث العلمي وإخفاقاته في تاريخ السودان الحديث والمعاصر 1821 - 1969، ص 1 - 20 ، أوردتُ " ولا تزال شخصيات مثل الصادق المهدي وحسن الترابي وعبد الخالق محجوب ومحمود محمد طه في انتظار من يكتب عنها كتابة علمية تاريخية محايدة".
    بروفيسور/ فدوى عبد الرحمن علي طه
    mailto:mailto:[email protected]@hotmail.commailto:[email protected]@hotmail.com


















    .

    (عدل بواسطة محمد عبدالرحمن on 01-13-2015, 01:19 PM)

                  

01-13-2015, 01:12 PM

محمد عبدالرحمن
<aمحمد عبدالرحمن
تاريخ التسجيل: 03-15-2004
مجموع المشاركات: 9059

للتواصل معنا

FaceBook
تويتر Twitter
YouTube

20 عاما من العطاء و الصمود
مكتبة سودانيزاونلاين
Re: نقدٌ وتوضيح لما ورد في كتاب الأستاذ عبد الله الفكي البشير .. بقلم: فدوى عبد (Re: محمد عبدالرحمن)

                  

01-13-2015, 01:54 PM

عاطف عمر
<aعاطف عمر
تاريخ التسجيل: 11-26-2004
مجموع المشاركات: 11152

للتواصل معنا

FaceBook
تويتر Twitter
YouTube

20 عاما من العطاء و الصمود
مكتبة سودانيزاونلاين
Re: نقدٌ وتوضيح لما ورد في كتاب الأستاذ عبد الله الفكي البشير .. فدوى عبد الرحمن (Re: محمد عبدالرحمن)

    تسلم عزيزنا الأخ محمد عبدالرحمن
    وعبرك التحايا الإحترام للبروف فدوى عبدالرحمن علي طه

    من أمتع وأرقى ما قرأت في منبر سودانيزأونلاين .......

    متابعة


    أرجو أن يتمكن أحد الأخوان الجمهوريين - وفي ذهني الأخ د. ياسر الشريف - أن يتمكن من الحصول على رد من الأستاذ عبد الله الفكي البشير
    وإنزاله في هذا البوست
                  

01-13-2015, 02:13 PM

Yasir Elsharif
<aYasir Elsharif
تاريخ التسجيل: 12-09-2002
مجموع المشاركات: 48782

للتواصل معنا

FaceBook
تويتر Twitter
YouTube

20 عاما من العطاء و الصمود
مكتبة سودانيزاونلاين
نقدٌ وتوضيح لما ورد في كتاب الأستاذ عبد الله الفكي البشير .. فدوى عبد الرحمن (Re: عاطف عمر)

    سلام يا أعزائي محمد عبد الرحمن وعاطف عمر

    لقد كان مقال البروفيسورة فدوى عبد الرحمن علي طه متميزا جدا، وقد علمت أن الأخ عبد الله الفكي البشير بصدد التعقيب..

    سأقوم بنقله حالما يحصل ذلك.

    ياسر
                  

01-13-2015, 11:36 PM

abdalla elshaikh
<aabdalla elshaikh
تاريخ التسجيل: 03-29-2006
مجموع المشاركات: 4001

للتواصل معنا

FaceBook
تويتر Twitter
YouTube

20 عاما من العطاء و الصمود
مكتبة سودانيزاونلاين
Re: نقدٌ وتوضيح لما ورد في كتاب الأستاذ عبد الله الفكي البشير .. فدوى عبد الرح (Re: Yasir Elsharif)

    We are waiting! Dr Yasseir
                  

01-14-2015, 11:29 AM

احمد الامين احمد
<aاحمد الامين احمد
تاريخ التسجيل: 08-06-2006
مجموع المشاركات: 4782

للتواصل معنا

FaceBook
تويتر Twitter
YouTube

20 عاما من العطاء و الصمود
مكتبة سودانيزاونلاين
Re: نقدٌ وتوضيح لما ورد في كتاب الأستاذ عبد الله الفكي البشير .. فدوى عبد الرح (Re: abdalla elshaikh)

    تحية وتقدير محمد عبدالرحمن ومن محاسن مقال بروف فدوى إعادتك للمنبر بعد غياب واضح
    قرأت المقال فى ذات يوم تنزيله بسودانايل
    وقيمة مقال د.فدوى تكمن فى :
    1- بروف فدوى متخصصة بدرجة رفيعة جدا فى التأريخ ولها خبرة علمية فى اكثر من جامعة
    2- بروف فدوى نفسها لها مؤلفات فى تأريخ السودان عبر الكتابة عن شخصيات وطنية وهو ذات المجال الذى يدور حوله مؤلف د.عبدالله البشير .
    3- بروف فدوى سياسيا لايتم إدراجها ضمن التسميات التى يكون لنقدها للكتاب من جانب دينى تحديدا (السلفيين ) و(الكيزان )
    عليه على ضوء المقال يعتبر تعقيب د. فدوى حتى الراهن اول محاولة جادة جدا فى الرد على الكتاب بمنهج علمى مؤسس وليس عبرالعاطفة والتقريظ خاصة ان الكتاب قد لقى رواجا عبر الأسافير و تقديم عروض له بحضور صاحبه باكثر من دولة .
    المدهش جدا جدا فى مقال د.فدوى خاصة فى الجملة الإفتتاحية له هى العثور على الكتاب فى مكتبة بالخرطوم وهنا يقفز للذهن أخبار سابقة فى الأسافير تؤكد منع عرض الكتاب ودخوله إلى السودان ؟؟؟
    فهل فعلا تم منع دخول الكتاب إلى السودان ؟؟
    وإن كان صحيحا كيف تسنى الحصول عليه بمكتبة بالخرطوم (الجديدة ) خاصة ان دخول كتب غير مصرح بها إلى السودان امرا صعبا جدا حيث يتم حجز الكتب بالمطار .تحية محمد عبدالرحمن .

    (عدل بواسطة احمد الامين احمد on 01-14-2015, 11:32 AM)

                  

01-14-2015, 01:10 PM

محمد عبدالرحمن
<aمحمد عبدالرحمن
تاريخ التسجيل: 03-15-2004
مجموع المشاركات: 9059

للتواصل معنا

FaceBook
تويتر Twitter
YouTube

20 عاما من العطاء و الصمود
مكتبة سودانيزاونلاين
Re: نقدٌ وتوضيح لما ورد في كتاب الأستاذ عبد الله الفكي البشير .. فدوى عبد الرح (Re: احمد الامين احمد)



    الاعزاء

    عاطف عمر ..
    ياسر الشريف
    عبدالله الشيخ
    احمد الامين ...

    تحياتى ...

    وفعلا كما ذكر الاستاذ احمدالامين فقد غبت عن هذا المكان فترة ليست بالقصيرة
    كنت (اباصر) فى هذا الفترة شهادة من شهادات الفرنج (CMA)..والحمد لله
    يسر الله لى الامر وقد انجزتها على مايرام ...
    الدلالة حول قيمة هذا المقال العلمى الرصين تحلقكم حوله انتم الاربعة ...
    فقد خبرت هذا المكان اعواما ليست بالقليلة واعرف مقدرتكم الاربعة
    فى تخير المفيد من الكتابة ...هذا بيان علمى رصين وهو بلاشك سيكون
    فاتحة لحوار علمى مثمر بين البروفسير فدوى عبدالرحمن على طه
    والاستاذ عبدالله البشير ...قلت حوارا وليس صراعا ...فلا حشائش تموت
    هنا ..بل زهور تتفتح و(نفاجات) للعلم والمعرفة ...

    اذا نحن فى براحات (ام النخيل) وبين ردهات الاداب ...المستفيد الاول
    نحن القراء من هذا الحوار العلمى الجاد فقد اختارت البروف ادواته
    العلمية بدقة ورصانة ..وتبقى ان يكمل الاستاذ عبدالله البشير على نفس
    الدرب واجزم انه سيفعل ...تحياتى لكم جميعا ...
                  

01-14-2015, 02:19 PM

دينا خالد
<aدينا خالد
تاريخ التسجيل: 06-26-2006
مجموع المشاركات: 8736

للتواصل معنا

FaceBook
تويتر Twitter
YouTube

20 عاما من العطاء و الصمود
مكتبة سودانيزاونلاين
Re: نقدٌ وتوضيح لما ورد في كتاب الأستاذ عبد الله الفكي البشير .. فدوى عبد الرح (Re: احمد الامين احمد)

    كلام دكتورة فدوى دهب ودرر








    ــــــــــــــــــــــــــــــــــــ
    بس لو بعدت شوووووية من شخصنة المسالة ...
                  

01-15-2015, 06:27 AM

معتصم الطاهر
<aمعتصم الطاهر
تاريخ التسجيل: 11-26-2004
مجموع المشاركات: 3995

للتواصل معنا

FaceBook
تويتر Twitter
YouTube

20 عاما من العطاء و الصمود
مكتبة سودانيزاونلاين
Re: نقدٌ وتوضيح لما ورد في كتاب الأستاذ عبد الله الفكي البشير .. فدوى عبد الرح (Re: دينا خالد)

    محمد عبد الرحمن

    سلام

    و عودا حميدا ..

    و مبارك لك الشهادة .. و الباقى من الافراح ..

    شهادة د. فدوى او نقدها انصب على نقطة واحدة فقط هي دفاعها عن الدراسات التى أشرفت عليها و ما جاورها

    ليتها أخذت كل الكتاب بعين النقد حتى نستفيد

    هذا الموضوع يعيد سودانيز لمصاف المواقع المفيدة و ليت بكرى يرفعه فى البانر فهو أحق .

    للدكتورة فدوى و لأسرتها الاحترام ..
                  

01-17-2015, 08:43 AM

محمد عبدالرحمن
<aمحمد عبدالرحمن
تاريخ التسجيل: 03-15-2004
مجموع المشاركات: 9059

للتواصل معنا

FaceBook
تويتر Twitter
YouTube

20 عاما من العطاء و الصمود
مكتبة سودانيزاونلاين
Re: نقدٌ وتوضيح لما ورد في كتاب الأستاذ عبد الله الفكي البشير .. فدوى عبد الرح (Re: معتصم الطاهر)



    شكرا يامعتصم الطاهر ومرحب بيك ...

    اعتقد ان البروفسير فدوى تكتب من خارج السودان ولااظن
    انه يتيسر لها الكتابة عن الدراسات التى اشرف عليها
    اخرون ..فالامر فى ظنى يحتاج للرجوع للدراسات التى كتبت
    حتى يتم تناولها بنفس الدقة ..اما الدراسات التى اشرفت
    عليها فهى معروفة لديها ويتيسر لها تناولها بعلمية
    ..وربما ارادت ان تؤدى مايليها من عمل وتترك للاخرين
    مايخصهم ...عموما هى اقدر على توضيح ذلك منى ..تحياتى ...
                  

01-26-2015, 10:17 PM

Yasir Elsharif
<aYasir Elsharif
تاريخ التسجيل: 12-09-2002
مجموع المشاركات: 48782

للتواصل معنا

FaceBook
تويتر Twitter
YouTube

20 عاما من العطاء و الصمود
مكتبة سودانيزاونلاين
Re: نقدٌ وتوضيح لما ورد في كتاب الأستاذ عبد الله الفكي البشير .. فدوى عبد الرح (Re: محمد عبدالرحمن)

    عفوا

    حذفت الرد لأنني علمت أن الأخ عبد الله البشير طلب الانتظار حتى يتم نشر الموضوع في جريدة الرأي العام أولا.

    (عدل بواسطة Yasir Elsharif on 01-27-2015, 09:12 AM)

                  

01-26-2015, 10:21 PM

Yasir Elsharif
<aYasir Elsharif
تاريخ التسجيل: 12-09-2002
مجموع المشاركات: 48782

للتواصل معنا

FaceBook
تويتر Twitter
YouTube

20 عاما من العطاء و الصمود
مكتبة سودانيزاونلاين
Re: نقدٌ وتوضيح لما ورد في كتاب الأستاذ عبد الله الفكي البشير .. فدوى عبد الرح (Re: Yasir Elsharif)

    عفوا

    حذفت الرد لأنني علمت أن الأخ عبد الله البشير طلب الانتظار حتى يتم نشر الموضوع في جريدة الرأي العام أولا.

    (عدل بواسطة Yasir Elsharif on 01-27-2015, 09:13 AM)

                  

01-26-2015, 10:23 PM

Yasir Elsharif
<aYasir Elsharif
تاريخ التسجيل: 12-09-2002
مجموع المشاركات: 48782

للتواصل معنا

FaceBook
تويتر Twitter
YouTube

20 عاما من العطاء و الصمود
مكتبة سودانيزاونلاين
Re: نقدٌ وتوضيح لما ورد في كتاب الأستاذ عبد الله الفكي البشير .. فدوى عبد الرح (Re: Yasir Elsharif)

    عفوا

    حذفت الرد لأنني علمت أن الأخ عبد الله البشير طلب الانتظار حتى يتم نشر الموضوع في جريدة الرأي العام أولا.
    تم إرسال مقال في حدود عدد الكلمات التي تسمح بها الصحيفة..

    بعد أن يتم النشر هناك سأقوم بإعادة وضع الرد المطول.

    ياسر

    (عدل بواسطة Yasir Elsharif on 01-27-2015, 09:14 AM)

                  

01-27-2015, 00:17 AM

abdalla elshaikh
<aabdalla elshaikh
تاريخ التسجيل: 03-29-2006
مجموع المشاركات: 4001

للتواصل معنا

FaceBook
تويتر Twitter
YouTube

20 عاما من العطاء و الصمود
مكتبة سودانيزاونلاين
Re: نقدٌ وتوضيح لما ورد في كتاب الأستاذ عبد الله الفكي البشير .. فدوى عبد الرح (Re: Yasir Elsharif)

    Thanks! Dr. Yasseir, and Mohamed Abdelrahman, I will keep in touch
                  

01-28-2015, 01:37 AM

abdalla elshaikh
<aabdalla elshaikh
تاريخ التسجيل: 03-29-2006
مجموع المشاركات: 4001

للتواصل معنا

FaceBook
تويتر Twitter
YouTube

20 عاما من العطاء و الصمود
مكتبة سودانيزاونلاين
Re: نقدٌ وتوضيح لما ورد في كتاب الأستاذ عبد الله الفكي البشير .. فدوى عبد الرح (Re: abdalla elshaikh)

    أتفق مع الأستاذ الفكي البشير فيما أورد من نقاط تختص بالبحث الأكاديمي الصارم لجهة الإعتماد أولا علي مصادر البحث الأوليه من كتب و منشورات ولقاءات إن كانت متاحه في متناول يد الباحث .. وهي متوفرة بحسب ما أورد الأستاذ عبدالله و عليه ينطرح السؤال أمام دكتوره فدوي عن لماذا لم توجه طلبتها للأخذ من المتون ? فالأخذ من المتن قد يؤهل الباحث لأن يتخذ موقفا نقديا(Take a position) من المادة التي يعالجها.. إضافة لأن الأخذ من المتون أو المصادر الأولية مطلوب لجهة فحص قدرة الباحث وصبره علي موضوعة البحث..فمثلا في بحوث ألأكاديميا التي تتوسل للمعرفة عن طريق الـ(NET) تستبعد بل و لا يقام له وزن أكاديمي تلكم الإقتباسات{Citiations} المأخوذه من http://http://www.comwww.com أو من http://http://www.netwww.net أو من موقع ويكيبديا.. بينما تعتمد تلكم المأخوذه من http://http://www.orgwww.org أو من http://http://www.govwww.gov أو من http://http://www.eduwww.edu ..بل و حتي الكتب والدوريات الأفضلية فيها لتلكم التي صدرت حديثا.
    موضوع آخر لفت نظري و هو موضوع إسلامية دستور بلاد السودان و هو موضوع خاض فيه الأستاذ محمود حرب إنتهت به لحبل المشنقه, فكيف لموضوع هكذا أن يقرأه طالب ماجستير أو دكتوراه من خلال أبحاث الآخرين(البوني) مثالا.. علما بأنه مشروع فكري سأل النص القرآني في متنه و خرج بإفادات جريئة لو أخذنا بها لما وصل معتركنا السياسي لهذه الهرجلة والمرجلة التي نعيش
    منحي آخر لفت نظري و هو ركون جماعة البحث العلمي للسائد و المجرب في مضمار السياسة السودانيه من حزبان طائفيان وأحزاب عقائدية و إنقلابات عسكريه دونما الوقوف عند موقف الحزب الجمهوري من الإنضمام الأيديولوجي لجامعة الدول العربية لشعار نشيد المؤتمر {أمة أصلها للعرب و دينها خير دين) أما كان الأجدر ان يناقش الطلاب هذا الموضوع والذي ركبناه عشية الإستقلال و إتجهنا به تجاه المخرج الخطأ{The wrong exit} فأوصلنا بعد ستين عاما للنقطة الخطأ.. فإستسهال الأسئلة ينطبق حتي علي أولئك النفر من المثقفين الذين يلتاكون علف سؤال الهوية الجاف بإستثناء حسن موسي و عبدالله بولا.. أذ و قف أولئك النفر عند أطروحات خضر حمد والمحجوب من جانب ودعاة أفريقانية الثقافة السودانيه فدخلنا في مغالطة هووانية زائفة ليست لها نهايه..فلو أن هؤلاء النفر وقف عند مقولة الثلاثينات للشاعر إبراهيم العبادي وهو يقارب و يرفض هذا التقسيم الهويوي قائلا:- جعلي و دنقلاوي و شايقي أيه فايداني غير خلقت خلاف خلت أخوي عاداني .. خلوا نبانا يسري في البعيد و الداني... يكفي النيل أبونا والجنس سوداني}..فلو وقف أولئك النفر عند مقولة{يكفي النيل أبونا والجنس سوداني } و فككوها بنيويا لما دخلنا في سوق الهويه و جدلها العقيم!! فالنيل هو مفتاح التنميه و لا جدال حول التنمية!!
    لنا عوده بشأن الكسل البحثي والذي أعتقد أن التعليم العام هو أس بلاويه
                  

01-28-2015, 07:20 AM

محمد عبدالرحمن
<aمحمد عبدالرحمن
تاريخ التسجيل: 03-15-2004
مجموع المشاركات: 9059

للتواصل معنا

FaceBook
تويتر Twitter
YouTube

20 عاما من العطاء و الصمود
مكتبة سودانيزاونلاين
Re: نقدٌ وتوضيح لما ورد في كتاب الأستاذ عبد الله الفكي البشير .. فدوى عبد الرح (Re: abdalla elshaikh)

    شكرا الاعزاء

    دكتور ياسر
    الاستاذ عبدالله الشيخ ...

    لاثراء البوست ...وفى انتظار رد الاستاذ عبدالله كاملا ...
    نحترم رايه فى اعطاء الاولوية لوسائل النشر الورقى ..

    تحياتى ...
                  

01-28-2015, 09:48 AM

Yasir Elsharif
<aYasir Elsharif
تاريخ التسجيل: 12-09-2002
مجموع المشاركات: 48782

للتواصل معنا

FaceBook
تويتر Twitter
YouTube

20 عاما من العطاء و الصمود
مكتبة سودانيزاونلاين
Re: نقدٌ وتوضيح لما ورد في كتاب الأستاذ عبد الله الفكي البشير .. فدوى عبد الرح (Re: محمد عبدالرحمن)

    تعقيب على البروفيسور فدوى عبدالرحمن على طه (1-3)
    التنقيب عن: "ما بعد التاريخ المعلن" في صحائف المؤرخين وإرث الأكاديميا السودانية


    عبدالله الفكي البشير

    وقفت، بسرور كبير، على مقال البروفيسور فدوى عبدالرحمن على طه، الموسوم بـ: "نقدٌ وتوضيح لما ورد عن بعض الأطروحات الجامعية في كتاب الأستاذ عبد الله الفكي البشير: صاحب الفهم الجديد للإسلام محمود محمد طه والمثقفون قراءة في المواقف وتزوير التاريخ، رؤية للنشر والتوزيع القاهرة، 2013"، والذي نشرته، بموقع سودانايل على الإنترنت. في 7 يناير 2015، ونشر المقال كذلك في صحيفة الرأي العام، بعنوان: الفهم الجديد للإسلام.. قراءة في المواقف وتزوير التاريخ، في يوم 11 يناير 2015. إن أهمية المقال وقيمته، لا تكمن في كونه قدم نقداً لكتاب: الأستاذ محمود والمثقفون، فحسب، وإنما تكمن، كذلك، في أن كاتبته، أكاديمية متخصصة في التاريخ الحديث والمعاصر، ولها منشورات: كتب وأوراق...إلخ، وإسهامات مقدرة في الإشراف على طلاب الدراسات العليا في تاريخ السودان السياسي.

    نحو حوار جديد عن الأستاذ محمود محمد طه ومشروعه

    أشكر البروفيسور فدوى، على اهتمامها بالكتاب، وحرصها على اقتنائه، وانفاقها الوقت في قراءته وتأمله ونقده، ووصفها له، بأنه "يشكل إضافة مهمة للمكتبة السودانية لما ورد فيه من توثيق للمفكر الراحل الأستاذ محمود محمد طه". إن كتابة البروفيسور فدوى لهذا المقال، تؤكد أن دخول الأكاديميين، في الساحة بالنقد والتوضيح، لما ورد في كتاب: الأستاذ محمود والمثقفون، والكتابات على شاكلته، أننا أمام حوار جديد عن الأستاذ محمود ومشروعه. وقوام هذا الحوار الجديد: الانفتاح على الإرشيف، وبعث الوثيقة واستنطاقها، واعمال الحس النقدي، والخيال التاريخي. وأشكرها أيضاً، كونها بهذا المقال النقدي،اتاحت الفرصة لفتح مواجهات علمية بشأن الكتاب، وهي مواجهات مطلوبة، ومستحقة، وندعوا لتوسيعها، في سبيل خدمة التنوير وتنمية الوعي والتحرير والتغيير. بالطبع ليس الغرض من المواجهات العلمية، شخوص الأساتيذ والأستاذات والطلاب والطالبات، وإنما بناء شراكات لإجراء المراجعات النقدية والنظر وإعادة النظر في تاريخ السودان، خاصة تاريخ الحركة الوطنية السودانية، وإنتاج وإرث الأكاديميا السودانية.

    كما أشكر كذلك الأخت إسراء أحمد علي قنيف، التي لم أتشرف بمعرفتها، على تكبدها مشاق البحث عن الكتاب، والحصول عليه، وتحملها لنفقته، كما أشارت البروفيسور فدوى، فقد ساهمت إسراء، بذلك في إثراء هذا الحوار.

    ملاحظة أولية

    أستميح القراء الكرام عذراً، في أن هذا التعقيب سيكون مطولاً نسبياً، لهذا فسيأتي في ثلاث حلقات. ويعود ذلك إلى أن البروفيسور فدوى، في نقدها وتبريرها، أطلقت أحكاماً، لا تتماسك أمام الوقائع والأحداث الموثقة. كما أطلقتها بدون احتراز منها، على شاكلة (حسب علمي as far as I know)، فكان لابد من تفنيد تلك الأحكام وفقاً للأسس العلمية، للتصحيح، ولتنقية المناخ العام منها. وهذا ما تطلب منا الإتيان بالوقائع والأحداث الموثقة، بشيء من التفصيل.

    حجج البروفيسور فدوى ودفوعاتها

    هل كانت حجج، البروفيسور فدوى، ودفوعاتها، دقيقة وواضحة وشافية ووافية وعلمية، كما يتبدى، من الوهلة الأولى، للقارئ غير المختص أو للقارئ المختص الذي لا يعلم، أو للقارئ المختص المُسلِّم بما هو معلن من التاريخ، أم أن المقال نفسه، ما هو إلا تأكيد لما ذهب إليه كتاب: "الأستاذ محمود والمثقفون"، إلى أن التهميش والتغييب وبتر المعارف، واقع ماثل في إرث الأكاديميا السودانية؟ والحق أن المقال، بدفوعاته وأطروحاته، ما هو إلا تأكيد، لما خلص إليه الكتاب. بل أنه وبما تضمنه من دفوعات واطلاق أحكام، شهد بنفسه على نفسه، بدون قصد أو عمد، بأنه حلقة من حلقات التغييب، وسنرى تفصيل ذلك لاحقاً.

    التغييب والتجاهل والتهميش عمليات تراكمية ومتداخلة

    لامس مقال البروفيسور فدوى، موضوعات ناقشها كتاب: "الأستاذ محمود والمثقفون"، في ستة فصول، من جملة ثمانية عشر فصلاً، والفصول الستة هي: الفصل الثاني "قراءة في الدراسات السابقة: مرحلة الفقهاء (تعطيل الطاقات الحيوية وتجميد حركة التغيير والتحرير)"، والفصل الثالث عشر: "الأستاذ محمود والأكاديميا السودانية: قراءة في نماذج من الرسائل الجامعية- الدكتوراة والماجستير (التهميش والبتر للمعارف والعزل عن ميدان البحث العلمي)"، والفصل الرابع عشر: "قراءة في كتب تاريخ الحركة الوطنية وكتب أخرى- دراسة في 18 نموذجاً من الكتب- (الطريق نحو ما بعد التاريخ المعلن)"، والفصل الخامس عشر "الأستاذ محمود في التراجم والمعاجم وموسوعات الأعلام السودانية"، والفصل السادس عشر: "الأستاذ محمود في مذكرات معاصريه"، والفصل السابع عشر : "الأستاذ محمود والمفكرون الإسلاميون: محمد أبو القاسم حاج حمد نموذجاً".وخلص الكتاب في دراسته من خلال هذه الفصول الستة، بأن الأصل في الموقف من الأستاذ محمود ومشروعه، هو التغييب والتجاهل، مع التفاوت في أسباب التغييب وفي طبيعته وتجلياته، إلى جانب التغييب مع الانتحال والنهب لأفكاره في حالة الفصل السابع عشر. ويمكن مراجعة تفاصيل ذلك في الكتاب.

    الطلاب ضحية ونتيجة
    علينا البحث في جذور الأسباب لا النتائج


    لقد تسرب التغييب والتهميش والبتر للمعارف إلى إنتاج وإرث الأكاديميا السودانية، من روافد عديدة، منها: المذكرات والسير الذاتية للقادة والساسة، ومن كتب مؤرخي الحركة الوطنية، وتاريخ السودان السياسي، فكان الطلاب ضحية لعملية تراكمية في اطار ما هو معلن من التاريخ، وهم أيضاً آخر حلقة من حلقات تلك العمليات. إن أمر تغييب الأستاذ محمود وكتبه وبياناته وندواته ومحاضراته... إلخ، وكتب (الإخوان الجمهوريين)، وتغييب نضاله ومواقفه وتهميش القضايا المركزية التي واجهها، في مصادر ومراجع أطروحات الدراسات العليا، واقع ماثل ومتوارث. فكتب السير الذاتية ومذكرات القادة والساسة، وهي من أهم مصادر دراسة التاريخ السوداني، ويعتمد عليها الأساتذة والطلاب بشكل أساسي، غيبت الأستاذ محمود وغيبت دوره الكبير في الحركة الوطنية ونضالاته وسجونه في سبيل طرد الاستعمار، كما غيبت المحاكمات التي واجهها، لا سيما محكمة الردة نوفمبر 1968، وهي من أخطر القضايا في تاريخ السودان. إن تغييب محكمة الردة ليس أمراً ثابتاً، في السير الذاتية ومذكرات القادة والساسة بصورة عامة، فحسب، وإنما غابت محكمة الردة في السير الذاتية لطاقم الحكومة الديمقراطية خلال الفترة ما بين 1965- 1969، والتي في عهدها تمت محكمة الردة نوفمبر 1968، إذ لم يرد ذكرٌ لها في مذكرات رئيس الوزراء، محمد أحمد المحجوب وهو القاضي والمحامي السابق، أو في مذكرات نائب رئيس الوزراء وزير الخارجية، الشيخ علي عبدالرحمن الأمين، أو في مذكرات وزير العدل عبدالماجد أبو حسبو، الذي كان وزيراً للإعلام والشؤون الاجتماعية أيضا، ولم يرد لها ذكرٌ في مذكرات عضو مجلس السيادة السيد خضر حمد، وغيرهم. تسرب التغييب إلى جل كتب تاريخ الحركة الوطنية وتاريخ السودان السياسي، وتسرب كذلك إلى كتب التراجم والمعاجم وموسوعات الأعلام السودانية.

    أكثر نماذج التغييب والبتر للمعارف نصاعة في سجل الأكاديميا السودانية

    وجد التغييب والتهميش وبتر المعارف والتنميط للصورة، طريقه، مع غياب الانفتاح على الأرشيف، وعدم اعمال الحس النقدي، والتسليم لما هو معلن من التاريخ، إلى عقول الأساتذة والطلاب. فغاب اسم الأستاذ محمود وكتبه وبياناته ومحاضراته ومقالاته... إلخ، وكتب الإخوان الجمهوريين، في معظم كتب الأساتذة وأطروحات الطلاب. أكثر من ذلك فإن التغييب والتهميش وبتر المعارف في جامعة الخرطوم، أعرق الجامعات في السودان، بلغ مرحلة أن اشترطت إحدى لجان الامتحان، المكونة من كبار أساتذة الجامعة، على أحد طلاب الماجستير (1998)، بكلية الدراسات الاقتصادية والاجتماعية، تغيير الإهداء الذي كتبه الطالب للأستاذ محمود، والغاء ما جاء عن الأستاذ محمود في متن أطروحته، كشرط أساس لقبولها. ولم يكن أمام الطالب، وهو تحت رحمة سلطة أكاديمية - لجنة الامتحان- جائرة ومفارقة للقيم الأخلاقية والالتزام الأكاديمي، إلا أن يستجيب لتلك الشروط، حتى تجاز الأطروحة ويمنح الدرجة العلمية، فاضطر الطالب مجبراً غير راضٍ، إلى تغيير الإهداء والغاء ما جاء عن الأستاذ محمود في متن أطروحته، فقبلت أطروحته، ومنح الدرجة العلمية. هذه القصة بكل تفاصيلها الموثقة، يمكن الاطلاع عليها، في الفصل الثالث عشر المشار إليه أعلاه.

    الأستاذ محمود وموقف الأكاديميا السودانية والأسئلة المركزية

    كنت قد درست في الفصل الثالث عشر موقف الأكاديميا السودانية من الأستاذ محمود ومشروعه، من خلال نماذج من الرسائل الجامعية - الدكتوراة والماجستير، وبينت الخطوات المنهجية التي اتبعتها في الدراسة: التعريفات، واختيار العينات... إلخ. واخترت جامعة الخرطوم نموذجاً للأكاديميا السودانية لأسباب عددتها. كما حددت وفصلت المجالات التي سأدرسها، وهي المجالات التي قدم فيها الأستاذ محمود محمد طه إسهامات عملية وعلمية ومواقف وعطاءات وطنية موثقة في كتبه وبياناته ومقالاته ومحاضراته.. إلخ، وكتب الإخوان الجمهوريين وبياناتهم، وفي إرشيف السودان. وأوضحت بأن معالجتي لموقف الأكاديميا السودانية وأساتيذها من الأستاذ محمود ومشروعه،تنطلق من عدة أسئلة، منها: هل كان الإنتاج الفكري للأستاذ محمود وإسهاماته في الحركة الوطنية، والفكر الإسلامي، المرأة...إلخ، ميداناً للدراسات الأكاديمية؟ ما هو موقف الأكاديميا السودانية من محاكمة الأستاذ محمود بالردة عن الإسلام في عام 1968م وفي عام 1985م؟ هل كانت أي من المحاكمتين موضعاً للدراسة من قبل الأكاديميين أو موضعاً للدراسات الأكاديمية أو الدراسات العليا؟ وما هو موقف الأكاديميا السودانية من تنفيذ حكم الإعدام على الأستاذ محمود عام 1985م، هل كان الحكم موضعاً لدراسة الأكاديميين أو موضعاً لتوجيه طلابهم لدراسة المحاكمة أو تنفيذ حكم الإعدام؟ هل كانت الدراسات الأكاديمية تشير أو تستشهد بآراء الأستاذ محمود في المجالات التي كانت له فيها إسهامات منشورة؟ هل تضمنت قوائم مصادر ومراجع الدراسات الأكاديمية إشارة للأستاذ محمود في المجالات التي كانت له فيها إسهامات منشورة، أم أنها خلت من الإشارة إليه؟... إلخ، كما هو مفصل في الفصل الثالث عشر.

    الأطروحات الأربع وخلط الأوراق وتداخل المعلومات

    على ضوء ما تقدم درست (32) أطروحة جامعية، وقد تضمنت بالطبع، أطروحات في مجال تاريخ السودان السياسي،كان من بينها أربع أطروحات أشرفت عليها البروفيسور فدوى، الأمر الذي دفعها لنشر مقالها، وبيَّنت، قائلة: "يتناول هذا المقال بالنقد والتوضيح ما ذكره مؤلف الكتاب عن أطروحات أشرفتُ عليها وأجيزت في كلية الدراسات العليا تطرق لها بين الصفحات 774 – 828 من الباب الرابع الفصل الثالث عشر، الأستاذ محمود والأكاديميا السودانية قراءة في نماذج من الرسائل الجامعية (الدكتوراه والماجستير)".
    كانت الأطروحات التي أشرفت عليها البروفيسور فدوى، والمشار إليها، أربع أطروحات في مجال تاريخ السودان السياسي، بيد أن البروفيسور فدوى، داخلت بين المعلومات وخلطت بين الأمور، بما يخدم موضوعها، خلطاً عقد الأمر على نفسها وعلى القراء وعليَّ، لهذا لابد من التبيين والتوضيح والفرز لما ورد في المقال.

    وهي تناقش في أمر الأطروحات الأربع التي أشرفت عليها، استدعت البروفيسور فدوى، وفي اطار نقدها وتوضيحها، الدكتور محمد سعيد القدال، والدكتور فيصل عبدالرحمن علي طه، وما ورد لدى كل منهما في كتاب من كتبه عن الحزب الجمهوري والأستاذ محمود، واستدعت كل ما يمكن أن يسعف، مما جاء في الأطروحات الأربع، على ندرته، عن الحزب الجمهوري والأستاذ محمود، بما في ذلك إضافتها لأطروحتين أخريين في تاريخ السودان السياسي، كانت قد أشرفت عليهما، ولم يكونا ضمن العينات التي درستها. واستدعت كذلك ما قالته في المؤتمر السنوي للدراسات العليا والبحث العلمي، جامعة الخرطوم، 25 - 28 فبراير 2013، فهل ساعد الاستدعاء لكل هذه الأطراف، في دحض ما خلص إليه كتاب: الأستاذ محمود والمثقفون، بشأن التغييب؟ الإجابة لا، لم يساعد إلا على تأكيد التغييب. فقد دفعت البروفيسور فدوى، بما قالته تلك الأطراف عن الحزب الجمهوري والأستاذ محمود، وداخلت بين هذه الأقوال مع معلوماتها، على قلتها، عن الحزب الجمهوري والأستاذ محمود، فدفعت بها ضمن دفوعاتها وتبريرها، فأوحي كل ذلك في ساحة المقال بأن هناك حضوراً كبيراً للأستاذ محمود والحزب الجمهوري في أطروحات الطلاب، والأمر غير ذلك،وسنرى.

    الأطروحات الأربع والحاجة لعمليات فرز الحقائق والمعلومات

    لن ألجأ إلى الخلط وإنما سأسعى لتبيين الأمور حتى ننجح في بناء شراكة بين المختصين والقراء من أجل النظر وإعادة النظر فيما هو مطروح في ميدان النقد. تهيكلت مجادلتي بشأن الأطروحات الأربع،بناء على ما جاء في مقال البروفيسور فدوى، في أربعة محاور،هي:

    أولاً: الأطروحات الأربع والإشارات للأستاذ محمود والحزب الجمهوري.
    ثانياً: الأطروحات الأربع وغياب المصادر الأولية Primary Sources
    ثالثاً: استدعاء البروفيسور فدوى للدكتور القدَّال والدكتور فيصل.
    رابعاً: الأطروحات الأربع وتجليات التغييب.

    أولاً: الأطروحات الأربع والإشارات للأستاذ محمود والحزب الجمهوري


    نحن أمام أربع أطروحات جاءت ضمن العينات التي درسها كتاب: الأستاذ محمود والمثقفون. والأطروحات الأربع، كما جاء في مقال البروفيسور فدوى:
    1. أطروحة أشارت للأستاذ محمود والجمهوريين، نقلاً عن آخرين، وليس استناداً على المصادر الأولية.
    2. وأخرى خلت من ذكر الحزب الجمهوري لعدم ممارسة الحزب للعمل السياسي وضآلة وضعف دوره في الحركة السياسية السودانية، حسب رأي المشرفة.
    3. وأطروحة ثالثة لم يرد فيها ذكر للحزب الجمهوري، لأن الأطروحة، حسب المشرفة، تناولت مداولات الأعضاء الجنوبيين في برلمانات ولجان ومجالس محددة ولا تتحدث عن دور الزعماء السياسيين ورؤيتهم لمشكلة الجنوب ولم تورد أي رأي لحزب آخر وموضوعها محدد.
    4. والأطروحة الرابعة لم تذكر الحزب الجمهوري - حسب المشرفة - لأن الأطروحة ذكرت فقط الأحزاب التي ستشارك في الانتخابات البرلمانية التي تناولتها في بحثها ولا يوجد دور للحزب الجمهوري في ما تناولته.

    الأطروحات الأربع وغياب المصادر الأولية Primary Sources

    هنا لابد من الإشارة لبعض الأمور:

    الأمر الأول: الحقيقة التي لا جدال فيها، كما جاءت في كتاب: الأستاذ محمود والمثقفون، أن قائمة مصادر ومراجع الأطروحات الأربع، قد خلت تماماً من أي ذكر لأي كتاب أو بيان أو محاضرة أو ندوة... إلخ باسم الأستاذ محمود محمد طه، أو باسم الإخوان الجمهوريين. والحقيقة التي لا جدال فيها أيضاً، أنه ليس هناك أطروحة واحدة من تلك الأطروحات اعتمدت على مصدر من المصادر الأولية.

    الأمر الثاني: دفعت البروفيسور فدوى في المقال، بأطروحة خامسة لم تكن من ضمن العينات التي درسها كتاب: "الأستاذ محمود والمثقفون"، وكتبت البروفيسور فدوى، قائلة: "كما لم يذكر المؤلف أطروحة الباحث هاشم بابكر محمد أحمد علوب، المصالحات الوطنية في السودان في الفترة مابين 1972-1985م، ماجستير غير منشورة، جامعة الخرطوم، 2010م، إشراف فدوى عبد الرحمن علي طه، أورد فيها الباحث هاشم في الصفحات من 116 – 117 رأي الحزب الجمهوري في المصالحة الوطنية ولم يعزله من رأي الأحزاب الأخرى. وقد نجد له عذراً في أنها لم تكن من بين العينة كما أنها لم تكن بين مصادر ومراجع عبد العظيم". (انتهى) الحقيقة التي لا جدال فيها، فإنه حتى هذه الأطروحة، والتي لم تكن من ضمن العينات التي درستها، خلت أيضاً، قائمة مصادرها ومراجعها من أي ذكر لأي كتاب أو بيان أو محاضرة أو ندوة... إلخ باسم الأستاذ محمود، أو باسم الإخوان الجمهوريين.

    الأمر الثالث: كتبت البروفيسور فدوى، في اطار تبريرها لغياب المصادر الأولية Primary Sources، بأن الأطروحات: "استقت من مصادر أخرى، وهو أمر معروف ومشروع في أبجديات البحث العلمي".هذا التبرير في تقديري، لا يتماسك، في ميدان الدراسات الأكاديمية، أمام توفر المصادر الأولية. خاصة وأننا أمام حركة نشر مرشدها الأستاذ محمود محمد طه، خلال الفترة ما بين 1945- 1985، (34) كتاباً، وأشرف على نحو (300) كتاب أعدتها الأخوات الجمهوريات والإخوان الجمهوريون، وأذاع المئات من البيانات والمناشير والمقالات، وأقام المئات من المحاضرات والندوات... إلخ. ففي تقديري، أننا أمام حركة فكرية وسياسية، حرصت على التوثيق وحفظ النسب للأحداث والوقائع بصورة مدهشة، وفي غاية الاتقان والعلمية. لكن السؤال المهم، حتى لا نظلم الباحثين والطلاب، هل هذه المصادر متوفرة؟ وهل مصادر بهذا الحجم والكم، كما ورد أعلاه، متاحة للباحثين والطلاب ويمكن الوصول إليها بسهولة؟ والإجابة على هذا السؤال المركزي تقودنا للأمر الرابع.

    الأمر الرابع: الإجابة: نعم هذه المصادر، ومن واقع تجربتي، متوفرة ومتاحة ويمكن الوصول إليها والرجوع إليها بكل سهولة. فجل كتب الأستاذ محمود، وجل كتب الإخوان الجمهوريين،وقفت عليها في مكتبة السودان، بجامعة الخرطوم، وبدار الوثائق السودانية بالخرطوم. ففي مكتبة السودان، جمعت تلك الكتب في مجلدات متينة ونظمت بطريقة لا ينقصها سوى تنقيب الباحثين والطلاب. وكانت آخر نظرة القيتها على تلك المجلدات في نهار الخميس 25 ديسمبر 2014م. كما أن دار الوثائق السودانية. تحتوي على عدد كبير من كتب الأستاذ محمود والإخوان الجمهوريين، وتضم عدداً ضخماً من البيانات والمناشير والمقالات، سواء في المكتبة، كما هو الحال بالنسبة لبعض الكتب، أو ضمن الوثائق، المحفوظة في صناديق تحوي بعض الكتب إلى جانب البيانات والمناشير، وبعض الحوارات مع الأستاذ محمود، وبعض الوثائق عن الحزب الجمهوري. يضاف إلى ذلك أن جل بيانات الحزب الجمهوري، وبيانات الأستاذ محمود منذ عام 1945 وحتى 1985 (هنا أتحدث عن مئات البيانات)،وبيانات الإخوان الجمهوريين، وجل مقالات الأستاذ محمود، والحوارات معه، يجدها الباحث، كما وقفت على عدد كبير منها،منشورة في صحف: الرأي العام، وصحيفة النيل، وصحيفة السودان الجديد، وصحيفة الأمة، وصحيفة الشعب، وصحيفة الاستقلال، وصحيفة صوت السودان، وصحيفة أنباء السودان، وصحيفة الزمان، وصحيفة الأضواء، وصحيفة الصحافة، وصحيفة الأيام، ومجلة الحياة، ...إلخ. ونسبة لظروف الطلاب، لن أتحدث عن موقع الفكرة الجمهورية على الإنترنت http://http://www.alfikra.org،www.alfikra.org، والذي يتضمن: كتب الأستاذ محمود والكثير من محاضراته وندواته واللقاءات الصحفية والإذاعية معه... إلخ إلى جانب بعض كتب الإخوان الجمهوريين. وبرغم أن الموقع طرح خدماته للزوار قبل ستة أعوام من تاريخ أقدم أطروحة من بين الأطروحات الأربع، وقبل ثلاثة عشر عاماً من تاريخ أحدث أطروحة من الأطروحات الأربع، إلا أنني لن أتحدث عنه، تقديراً للظروف أو للصعوبات التي، ربما، تواجه بعض الطلاب في التعاطي مع الإنترنت في السودان، ولذلك سأركز فقط على المصادر الأولية المتوفرة في دار الوثائق السودانية ومكتبة السودان بجامعة الخرطوم.
    الشاهد أن هذه المصادر الأولية وقفت عليها بنفسي في دار الوثائق القومية، ومكتبة السودان بجامعة الخرطوم. ولا حاجة، أيضاً، للحديث عن ما هو متوفر خارج السودان، من المصادر الأولية، ربما وجد الطلاب بعض الصعوبات في الوصول إليها.

    ثانياً: استدعاء البروفيسور فدوى للدكتور القدَّال والدكتور فيصل

    استدعت البروفيسور فدوى الدكتور فيصل عبدالرحمن على طه، والدكتور محمد سعيد القدال، وكتبت قائلة: "أشار المؤلف في صفحات من كتابه إلى ما أورده الدكتور فيصل عبد الرحمن علي طه عن الحزب الجمهوري في كتابه: الحركة السياسية السودانية والصراع المصري البريطاني... وما أورده بروفيسور محمد سعيد القدال عن الحزب الجمهوري في كتابه: تاريخ السودان الحديث 1820 – 1955"، وأضافت معلقة: " لم تكن مصادر ومراجع فيصل ولا القدال مباشرة عن الأستاذ محمود محمد طه. فعندما تحدث فيصل عبد الرحمن عن الحزب الجمهوري في كتابه (ص 229 - 232) لم يستند إلى أي كتب أو منشورات للحزب الجمهوري أو الأستاذ محمود محمد طه بل استقى المعلومة من مصادر أخرى هي جريدتا النيل والأهرام، وخلت مصادر ومراجع كتابه تماماً من ذلك. وينطبق ذلك أيضاً على مصادر ومراجع محمد سعيد القدال في كتابه، أي عدم الرجوع إلى مصدر أو مرجع مباشر للأستاذ محمود محمد طه أو تلاميذه. ولم ينتقد المؤلف ذلك بل احتفل بالكتابين فلماذا يحلل لهما ذلك ويحرمه على طلابي الذين أورد بعضهم معلومات عن الحزب الجمهوري في مواقف معينة مناسبة لأبحاثهم استندوا فيها على مصادر أخرى غير كتابات الأستاذ محمود".

    هنا أدعو البروفيسور فدوى، إلى مراجعة ما كتبته أعلاه، بشأن الدكتور فيصل، والدكتور القدال. فهو رأي غير دقيق، وقد استعجلت في ابدائه.

    كنت قد كتبت في كتاب: "الأستاذ محمود والمثقفون"، بشأن الدكتور القدال والدكتور فيصل، قائلاً: "سار معظم المؤرخين وأساتذة العلوم السياسية والكُتاب على نهج معاصري الأستاذ محمود من طلائع المتعلمين فأغفلوا الحديث عن الأستاذ محمود وتجاهلوا دوره في جلاء الاستعمار. ولم ينفرد من بين هؤلاء إلا عدد قليل، منهم محمد سعيد القدَّال الذي تضمنت معظم كتبه الإشارة للأستاذ محمود وإلى نضاله والحديث عن حزبه. بل يرى القدَّال أن الحزب الجمهوري، كما وردت الإشارة آنفاً: "...أخرج دعوة الاستقلال من محيط المناورات وطموح السيد عبد الرحمن، إلى نقاء العمل السياسي الحقيقي من أجل الاستقلال فألبسها دثاراً ناصعاً جعل منها دعوة يمكن أن تلهم جيلاً بأكمله. كما أخرج العمل السياسي من دائرة المناورات والتكتيك، إلى رحاب العمل الفكري القائم على البرنامج الملزم المحدد الجنبات والآفاق" (ص 494-495). ومنهم كذلك التجاني عامر، ومنصور خالد، وفرانسيس دينق، وفيصل عبدالرحمن علي طه، وآخرون غيرهم".
    فبرغم أن حديثي عن الدكتور فيصل والدكتور القدال كان في اطار مقارنتهم بالمؤرخين وأساتذة تاريخ السودان السياسي، وبرغم أنني لم احتف بالكتابين، كما أشارت البروفيسور فدوى، وإنما جاء تخصيصي للدكتور فيصل والدكتور القدال، مع آخرين، وليس هما فقط، في اطار المقارنة مع المؤرخين، وبرغم أن الاطار الزمني لكتاب الدكتور فيصل هو الفترة ما بين 1936 – 1953 والاطار الزمني لكتاب الدكتور القدال هو 1820 – 1955، وبرغم أنني كنت أتحدث عن "معظم كتبهم" وليس كتاباً واحداً لكل منهما، إلا أنه لا مانع لدي من مناقشة الأمر على ضوء ما جاءت به البروفيسور فدوى.

    الدكتور فيصل عبدالرحمن علي طه

    أولاً أشكر البروفيسور فدوى على أنها لفتت نظري للخطأ المطبعي في مفردة (البريطاني) في عنوان كتاب الدكتور فيصل، فقد رسمتها (السوداني)، وللخطأ في تاريخ ائتلاف حزب الشعب الديمقراطي مع الحزب الوطني الاتحادي عام 1967 فقد ورد عندي 1965، وقد سجلت الملاحظتين لتعديلهما في الطبعة الثانية القادمة.

    بشأن الدكتور فيصل عبدالرحمن علي طه، ليس صحيحاً البتة، ما ذهبت إليه البروفيسور فدوى، من أن الدكتور فيصل لم يعتمد على مصدر أولي. لقد اعتمد الدكتور فيصل في كتابه، على مصادر أولية، وليس مصدراً واحداً، بل لم يعتمد الدكتور فيصل في هذا الكتاب أو في كتابه الآخر الموسوم بـ: السودان على مشارف الاستقلال الثاني (1954م-1956م)، مركز عبد الكريم ميرغني الثقافي، أم درمان، ط1، 2010م، فيما أورده عن الحزب الجمهوري والأستاذ محمود، إلا على مصادر أولية. وهذه حقيقة. لقد خصص الدكتور فيصل الفصل الثامن من القسم الثاني من كتابه: الحركة السياسية السودانية والصراع المصري البريطاني، للحزب الجمهوري، وجاء الفصل بعنوان: "الإعلان في 4 نوفمبر 1945 عن قيام حزب استقلالي آخر: الحزب الجمهوري".وتناول الفصل قيام الحزب الجمهوري، ومبدأ الحزب وغرضه، وعلاقة الحزب بمؤتمر الخريجين، وعلاقة الحزب بالأحزاب الأخرى، ورؤية الحزب للعلاقة بمصر... إلخ. اعتمد الدكتور فيصل في كتابه هذا على العديد من المصادر الأولية، وليس مصدر اً أولياً واحداً، منها على سبيل المثال لا الحصر: بيان الحزب الجمهوري عن "دستور الحزب الجمهوري" وتضمن البيان "مذكرة تفسيرية"، صدر البيان في يوم 26 أكتوبر 1945، ونشر في صحيفة النيل يوم 4 نوفمبر 1945. واعتمد الدكتور فيصل كذلك على بيان الحزب الجمهوري الذي أصدره في 9 نوفمبر 1945 ونشر موسوماً بـ: "موقف الحزب الجمهوري من المؤتمر ومن وثيقة الاحزاب المؤتلفة"، بتاريخ 22 نوفمبر 1945 بصحيفة النيل. واعتمد الدكتور فيصل على منشور الحزب الجمهوري رقم (20)، بعنوان: "نداء من الحزب الجمهوري" وهو نداء موجه للمصريين.. تكررت فيه عبارة: "أيها المصريون"، ونشر البيان بصحيفة الأهرام، في يوم 5 فبراير 1947. كذلك اعتمد الدكتور فيصل في إشارة أخرى عن الأستاذ محمود، ضمن كتابه، في غير ذلك الفصل، على مصدر مباشر فقد أورد تصريح الأستاذ محمود عن رحلة وفد الجبهة الاستقلالية إلى مصر، ونشر التصريح في يوم 8 يونيو 1952، بصحيفة السودان الجديد... إلخ.مع التذكير بأن الاطار الزمني لكتاب الدكتور فيصل الذي أشارت له البروفيسور فدوى هو الفترة ما بين 1936- 1953.

    الدكتور محمد سعيد القدال
    كتبت البروفيسور فدوى، وهي تتحدث عن مؤلف كتاب الأستاذ محمود والمثقفون، قائلة: "لكنه كان انتقائياً فيما أورده واكتفى فقط بعبارة: وفصل القدَّال في ذلك (ص 371)، علماً بأن ما كتبه المؤرخ القدَّال عن الحزب الجمهوري يتجاوز الصفحة الواحدة بقليل وكان في معظمه نقد للحزب الجمهوري. فضمن طائلة ماذا يقع تغييب المؤلف لنقد القدَّال؟ طائلة تزوير التاريخ أم عدم الالتزام الأكاديمي والأخلاقي". من المهم الإشارة إلى أنني لم أطالب بأن لا ينقد الناس الحزب الجمهوري، وليس عندي القدَّال فوق النقد، مع احترامي له، بل النقد مطلوب، والنقد هو احضار وحضور للمغيب، كما أنني أرى أن لا تطور بدون نقد. إن الذي طالبت به ليس عدم النقد، وإنما عدم التغييب والتهميش وبتر المعارف. فذكر الحزب الجمهوري حتى لو كان بالنقد، ذكر مطلوب ومحمود. أما حديثي عن الدكتور القدال، لم يكن عن كتاب واحد وإنما قلت "معظم كتب القدَّال"، وهذا ما يفسر أن القدال حينما خصص عنواناً للحزب الجمهوري في كتابه: تاريخ السودان الحديث 1820 – 1955، اعتمد على كتابه: الإسلام والسياسة في السودان 1651- 1985، وقد كان ضمن قائمة مصادره، وقد تحدث فيه عن الحزب الجمهوري والأستاذ محمود، حديثاً مطولاً اعتمد فيه على مصادر أولية منها كتب وبيانات وتصريحات، ومنها على سبيل المثال، لا الحصر كتاب الأستاذ محمود: زعيم جبهة الميثاق الإسلامي في ميزان: 1. الثقافة الغربية2. الإسلام من كتابه: أضواء على المشكلة الدستورية، و كتاب: "الإخوان الجمهوريون، حيثيات المحكمة العليا في قضية الأستاذ محمود محمد طه: انتصار للحق، ودحض للحكم المهزلة"، إلى جانب أنه أورد كلمة الأستاذ محمود في محكمة المهلاوي يوم 7 يناير 1985، واعتمد على بيانات وحوارات وتصريحات للأستاذ محمود بشأن محكمة الردة الأولى، ونشر بعضها في صحيفة الأيام خلال الفترة: 17- 18- 19- 20 -21 نوفمبر 1968. وغطى حديث القدال في كتابه صفحات كثيرة منها على سبيل المثال لا الحصر، صفحة: 157، 158، 159، 160، 226، 227، 228، 229... إلخ. الشاهد أن القدال، ليس فوق النقد، ولم أقل أنه فوق النقد، فقط قلت أن معظم كتبه، تضمنت الإشارة إلى الأستاذ محمود، وهذا ما قصدته بقولي عن المؤرخين: "ولم ينفرد من بين هؤلاء إلا عدد قليل، منهم محمد سعيد القدَّال الذي تضمنت معظم كتبه الإشارة للأستاذ محمود وإلى نضاله والحديث عن حزبه".وقد أشرت إلى آخرين غيره، كان منهم فيصل عبدالرحمن علي طه، ومنصور خالد، وفرانسيس دينق، والتجاني عامر، وقلت وهناك آخرون غيرهم.
    الشاهد أن تخصيص الدكتور فيصل، فصلاً في كتابه عن الحزب الجمهوري، وتخصيص الدكتور القدَّال، عنواناً باسم الحزب الجمهوري في كتابه، أمر، حسب علمي، لم يأتِ به أحد غيرهما إلى جانب الذين أشرت لهم معهم، ممن كتب عن تاريخ الحركة الوطنية، أو تاريخ السودان السياسي، ولم يسبقهما فيه أحد، سوى أحمد خير المحامي في كتابه كفاح جيل. مع التأكيد على أن كليهما استخدم مصادر أولية.

    نواصل في الحلقة القادمة، ونتناول محور: "الأطروحات الأربع وتجليات التغييب".

                  

01-28-2015, 01:11 PM

Abureesh
<aAbureesh
تاريخ التسجيل: 09-22-2003
مجموع المشاركات: 30182

للتواصل معنا

FaceBook
تويتر Twitter
YouTube

20 عاما من العطاء و الصمود
مكتبة سودانيزاونلاين
Re: نقدٌ وتوضيح لما ورد في كتاب الأستاذ عبد الله الفكي البشير .. فدوى عبد الرح (Re: Yasir Elsharif)

    Quote: وآخر عهد الأستاذ محمود باللجان كان عضوية اللجنة القومية للدستور عام 1956 فقد طالب بأن تكون لجنة الدستور مستقلة استقلالاً تاماً عن الحكومة تعين رئيسها وأعضاءها. وسقط اقتراح الأستاذ محمود فانسحب من اللجنة ومنذ ذلك التاريخ لم يشارك الأستاذ محمود محمد طه في أي من لجان الدستور التي تكونت بعد ذلك. وانسحب قبل ذلك الحزب الجمهوري في يونيو 1955 من الجبهة الاستقلالية التي تكونت في مطلع عام 1955 مبرراً ذلك بأن الفكرة الاستقلالية قد تأصلت. إلا أن المؤلف أورد في ص 391 "لقد درج الأستاذ محمود في مشاركاته بأن يعلن انسحابه متى ما تحقق الغرض الذي شارك من أجله في الحدث أو النشاط وذلك عندما انسحب من الجبهة الاستقلالية الأولى التي تكونت عام 1946 عقب بروتوكول صدقي - بيفن" . لكن عندما انسحب الأستاذ محمود من لجنة تعديل الدستور عام 1956 كان بسبب سقوط اقتراحه وعدم تحقق غرضه وليس بسبب تحقيق الهدف.


    التحية للبروف فدوى عبد الحمن على طه.. وكثير الإحترام،
    كيف يتحقق هدف الأستاذ وهو لا يسلك الطريق الصحيح لتحقيقه وهو إستقلاليـة اللجنـة الدستوريـة؟!!
    تعلم الدكتورة فدى ان في الدميقراطيات الحقيقية، فإن المسؤول التنفيذى، دع عنك الزعيم السياسى، إن لم يقدر على إقناع الجهة التي يعمل من خلالها ببرنامجه الذى هو مقتنع به لمصلحـة الأمة (وليس لمصلحته الشخصية) فإنه
    يستقيل فوراً.. هـذه الثقافة لا توجد في السياسة السودانية، ببساطة لأننا ليست لنا أحزاب سياسية ومن ثم ليس لنا سياسيون مهنيون (إن شئت) وإنما زعماء طوائف وثقافة الأجاويد دون الاستناد الى مبدأ أو
    استراتيجية.. والأستاذ محمود طالب بأن تكون لجنة الدستور مستقلة عن الحكومة، فرفض طلبه، فاستقال لأنه رجل مسؤول، ولم تطب نفسه ان يعمل في لجنة حكومية وتشرف عليها الحكومة.. فهل هـذا موقف يحتفى
    به ويكرم صاحبه ام يتهكم عليه الكاتب بقوله "لكن عندما انسحب الأستاذ محمود من لجنة تعديل الدستور عام 1956 كان بسبب سقوط اقتراحه وعدم تحقق غرضه وليس بسبب تحقيق الهدف. " مما يوحى ان غرض الأستاذ
    الذى لم يتحقق كان غرضا شخصيا وليس هما عاما.. ثم ياتى الكتاب ليعظموا موقف الحزب الشيوعى البراجماتى في التنصل لرأيهم المبدئى ودخول الإنتخابات، والنجاح الشكلى فيها.. أول الشكلى لأن الحياة
    السياسية كلها كانت شكلية، والحقيقة كانت القوة الطائفية التي تلهى أمثال الحزب الشيوعى ثم حين يكسبون المقاعد تظهر على حقيقتها وتلفظهم.. الأستاذ كان اذكى من الشيوعيين وغيرهم من ان يدخل
    هذه الممارسات الفجـة التي تفتقر الى الذكاء والإسنقراء.. ثم كيف بربك تطلب من محمود أن يتبنى منهج الشيوعيين؟ إلا إن كنت تؤيدهم فيه.
                  

01-28-2015, 11:41 PM

Yasir Elsharif
<aYasir Elsharif
تاريخ التسجيل: 12-09-2002
مجموع المشاركات: 48782

للتواصل معنا

FaceBook
تويتر Twitter
YouTube

20 عاما من العطاء و الصمود
مكتبة سودانيزاونلاين
Re: نقدٌ وتوضيح لما ورد في كتاب الأستاذ عبد الله الفكي البشير .. فدوى عبد الرح (Re: Abureesh)

    تعقيب على البروفيسور فدوى عبدالرحمن على طه (2-3)
    التنقيب عن: "ما بعد التاريخ المعلن" في صحائف المؤرخين وإرث الأكاديميا السودانية


    عبدالله الفكي البشير

    الأطروحات الأربع وتجليات التغييب
    الأطروحة الأولى: قضية إسلامية الدستور والقوانين وتأثيرها على الاستقرار السياسي


    بدأت البروفيسور فدوى نقدها وتوضيحها برسالة الباحث عبد العظيم محمد حمد أبو الحسن: قضية إسلامية الدستور والقوانين وتأثيرها على الاستقرار السياسي 1955- 1985م، ماجستير غير منشورة، جامعة الخرطوم، 2010م.

    جاء في كتاب: الأستاذ محمود والمثقفون: "فما كنت أعتقد أن هذه الرسالة ستكون قائمة مصادرها ومراجعها خالية من كتب الأستاذ محمود وبياناته ومناشيره". السؤال: هل خلت قائمة مصادر ومراجع هذه الأطروحة من كتب الأستاذ محمود وبياناته ومناشيره... إلخ؟ وهل ورد في قائمة مصادرها ومراجعها كتاباً واحداً من الكتب التي تصدر باسم الإخوان الجمهوريين؟
    الإجابة: لقد خلت قائمة مصادر ومراجع هذه الأطروحة من أي كتاب باسم الأستاذ محمود أو بيان أو منشور... إلخ، كما لم يرد ذكر في قائمتها لأي كتاب من كتب الإخوان الجمهوريين. هذه حقيقة لا جدال فيها.

    كتبت البروفيسور فدوى، أن المعلومات في الأطروحات "استقت من مصادر أخرى، وهو أمر معروف ومشروع في أبجديات البحث العلمي". هذا صحيح ولكنه ليس صحيحاً كل الصحة. فمن المعلوم كذلك في أبجديات البحث العلمي، ولعل البروفيسور فدوى تتفق معي، أن الاستقاء من المصادر الأخرى في ظل توفر المصادر الأولية Primary Sources يمثل نقطة ضعف أساسية في البحث العلمي، كما ورد آنفاً. الشاهد أن النقد هنا نقد مستحق، وأعتقد أن هذه الجزئية كان يمكن للبروفسيورة فدوي، أن تقدم لنا فيها، نقداً ذاتياً مستحقاً ومطلوباً في الدوائر العلمية. فاعتماد الباحث، على كتاب: عبداللطيف البوني، في ظل وجود وتوفر المصادر الأولية أمر يمثل نقطة ضعف جوهرية، تحتاج منا لإعمال الحس النقدي.

    كتبت البروفيسور فدوى، قائلة: "تناول الباحث عبد العظيم بين الصفحات 112 – 113 أموراً تتعلق بالحزب الجمهوري وابتدر حديثه عن معارضة لجنة مراجعة القوانين التي كونت عام 1977 بمعارضة الحزب الجمهوري..." إلى أن تقول مشيرة للمرجع الذي اعتمد عليه الباحث، قائلة: "... نقلاً عن عبد اللطيف البوني: تجربة نميري الإسلامية في السودان مايو 1969م- أبريل 1985م، الخرطوم، 1995م. وهذا الكتاب لا يوجد له أثر بين مصادر ومراجع المؤلف". هنا مصدر الباحث هو الدكتور عبداللطيف البوني نفسه، مع كامل احترامي للبوني، ويغطي كتابه الفترة ما بين 1969- 1985، والاطار الزمني لأطروحة الباحث 1955- 1985.

    كتبت البروفيسور فدوى، قائلة: "وأورد عبد العظيم الآتي: "انتقد الجمهوريون لجنة مراجعة القوانين السارية وتعديلها لتتماشي مع الشريعة منذ تكوينها إذ قاموا بإصدار كتيب في أغسطس 1977 عنوانه "الشريعة الإسلامية تتعارض مع الدستور الإسلامي"، وأورد الباحث بعض ما جاء في هذا الكتيب...". وأضافت البروفيسور فدوى قائلة: "وكان مصدر عبد العظيم الذي أورده في الهامش "الإخوان الجمهوريون، الشريعة الإسلامية تتعارض مع الدستور الإسلامي، ص 37" نقلاً عن عبد اللطيف البوني: تجربة نميري الإسلامية في السودان مايو 1969م- أبريل 1985م، الخرطوم، 1995م. وهذا الكتاب لا يوجد له أثر بين مصادر ومراجع المؤلف". (انتهى). الإشارة لكتاب الإخوان الجمهوريين: الشريعة الإسلامية تتعارض مع الدستور الإسلامي ، بما يشبه أن الباحث قد اعتمد على مصدر أولي،إشارة غير دقيقة، فالأمر وبرغم استخدام البروفيسور فدوى، لجملة: "وكان مصدر عبد العظيم الذي أورده في الهامش "الإخوان الجمهوريون، الشريعة الإسلامية تتعارض مع الدستور الإسلامي، ص 37 نقلاً ..."، فهذه الجملة لا تغير شيئاً بشأن غياب المصدر الأولي، ذلك لأن ما جاء كان نقلاً عن عبداللطيف البوني.

    الاعتماد على المصادر الأخرى في ظل توفر الأولية منها يكلس الأدوار ويقزم المواقف ويتحكم في الاطار الزمني: أطروحة قضية إسلامية الدستور نموذجاً

    تناولت الأطروحة: قضية إسلامية الدستور والقوانين وتأثيرها على الاستقرار السياسي 1955- 1985م، لهذا كتبت في كتاب: "الأستاذ محمود والمثقفون"، قائلاً: "وما كنت أعتقد أن هناك رسالة جامعية أنسب من هذه الرسالة للاستشهاد بأقوال الأستاذ محمود ومواقفه وكتاباته، ذلك لأن أمر إسلامية الدستور كان من أكثر الموضوعات التي انتقدها الأستاذ محمود نقداً باكراً ونشر نقده، كما لم يبلغ أذى تأذاه أحد في السودان من قضية إسلامية الدستور مثل ما تأذى الأستاذ محمود وتلاميذه وتلميذاته، بيد أن الرسالة كانت لا تختلف عن الرسائل الجامعية التي تجاهلت الأستاذ محمود وأهملته، فلم يرد كتاب واحد من كتب الأستاذ محمود أو منشور أو بيان في قائمة مصادرها ومراجعها، في تقديري أن هذا الأمر لا يستقيم علمياً وأخلاقياً فالاطار الزمني للرسالة يبدأ بعام 1955م وينتهي بعام 1985م...".

    فالأطروحة موضوعها: قضية إسلامية الدستور والقوانين وتأثيرها على الاستقرار السياسي، ففي تقديري، هي الأنسب لتناول القضايا المركزية الكبرى، التي كان يقود مواجهتها الأستاذ محمود، وهي قضايا عديدة. لكن استناد الباحث على الدكتور عبداللطيف البوني، مع غياب المصادر الأولية: كتب الأستاذ محمود وبياناته ومحاضراته وكتب الإخوان الجمهوريين، تحكم في الاطار الزمني لما قدمه في الأطروحة. فالاطار الزمني لكتاب البوني هو 1969- 1985، بينما كانت هناك مواقف وقضايا عديدة خلال الفترة ما بين 1955- 1985 وهي الفترة التي تمثل الاطار الزمني لأطروحة الباحث. كان هناك نشاط كبير قام به الأستاذ محمود، منذ عام 1955، وقد أوردت البروفيسور فدوى، بعضه ضمن حديثها كمعلومات منها، ولم يكن ضمن ما جاء في الأطروحات موضوع الدراسة، منها كتاب: محمود محمد طه رئيس الحزب الجمهوري يقدم أسس دستور السودان لقيام حكومة جمهورية فدرالية ديمقراطية اشتراكية، وعضوية الأستاذ محمود في اللجنة القومية للدستور وسبب انسحابه منها، وعضويته في اللجنة الاستقلالية الثانية 1955، ودوره في مؤتمر الدفاع عن الديمقراطية نوفمبر 1965م، ...إلخ وغيره مما سنكشف عنه في تناولنا للأطروحة التالية.

    إلى جانب أن هناك قضايا كبرى ومركزية، لا يستقيم فيها الأمر إلا بالاستناد على المصادر الأولية، ويجب ألا يتم تهميش القضايا المركزية بالاستناد على غير المصادر الأولية، خاصة وأن صاحب القضايا المركزية، كتب وتحدث ونشر ووزع المناشير... إلخ، من تلك القضايا المركزية: محكمة الردة نوفمبر 1968، وقضية الردة يناير 1985، وقضية الاستتابة، التي وسمها الدكتور القدال بمحكمة الاستتابة، وقد تحدث عنها بتوسع في كتابه: الإسلام والسياسة في السودان (1651م-1985م)، ط1، دار الجيل، بيروت، 1992م، ص227-228، وكتب القدال قائلاً:"وكونوا محكمة الاستتابة... وكانت جلسة مفتوحة بثتها أجهزة الإعلام، انحدر فيها القضاة إلى درك العصور الوسطى".إلى جانب قضية الردة الثانية 7 يناير 1985، وكلمة الأستاذ محمود في المحكمة، وتنفيذ حكم الاعدام، ... إلخ. وكل ذلك موثق بالكتاب والبيان والمقال والندوة والمحاضرة. فقد كتب الأستاذ محمود سلسلة من الكتب وأقام العديد من الندوات بعنوان: بيننا وبين محكمة الردة، ونشر مع تلاميذه وتلميذاته، 27 بياناً، وفقاً لمقتنياتي، جاءت متسلسلة (الحزب الجمهوري- بيان رقم: "1"... وهكذا) وبعناوين عديدة: مهزلة القضاة الشرعيين، وتصفية المحاكم الشرعية، وتصفية المحاكم المليّة، وأكثر من 20 بياناً، وفقاً لمقتنياتي، وعشرات الندوات وأسابيع كثيرة عن مناهضة الدستور الإسلامي خلال الفترة ما بين 1968 وحتى مارس 1969، وجاءت البيانات متسلسلة (الحزب الجمهوري- بيان رقم: "1"... وهكذا) وبعناوين مختلفة منها: الحزب الجمهوري- بيان رقم: (14) "بمناسبة اسبوع مناهضة الدستور الإسلامي المزيف"، الحزب الجمهوري- بيان رقم (16): "لا دستور ولا ديمقراطية إلا بكفالة الحقوق الأساسية"، الحزب الجمهوري- بيان رقم (17) "تدخل علماء الفقه المصريين في السياسة السودانية"... إلخ. كما نشر الأستاذ محمود كثيراً عن الدستور الإسلامي، ففي عام 1968م نشر كتاباً بعنوان: الدستور الإسلامي؟ نعم.. ولا!!، ونشر في عام 1969م كتاباً بعنوان: أسس حماية الحقوق الأساسية، هذا إلى جانب كم هائل من المناشير والمحاضرات التي تحدث فيها الأستاذ محمود عن الدستور الإسلامي وآثاره السياسية وظلاله على بناء الأمة. وقد فصلت ذلك في كتاب: "الأستاذ محمود والمثقفون". وجل هذه المصادر متوفرة في دار الوثائق السودانية، بما في ذلك أقوى بيان في مواجهة القضاة الشرعيين، والذي أصدره الأستاذ محمود بعد أن أصدرت المحكمة المهزلة حكمها بالردة في 18 نوفمبر 1968، وهو البيان نمرة (1): مهزلة القضاة الشرعيين"، ووزعه يوم 19 نوفمبر 1968م، ونشر في صدر الصفحة الأولى من صحيفة السودان الجديد بتاريخ 20 نوفمبر. الشاهد إن تهميش القضايا الكبرى والمركزية في دراساتنا وبحوثنا، يضخ مناخات هزيمة الوعي والانكسار في التاريخ ولدى الأجيال.

    الخلاصة إن الأطروحة نقلاً عن الدكتور عبداللطيف البوني أشارت لطرف من مواقف الأستاذ محمود والجمهوريين من حل الحزب الشيوعي واتفاقية أديس أبابا 1972، والمصالحة 1977 والموقف من قوانين سبتمبر 1983، بينما كان الاطار الزمني للأطروحة ما بين 1955- 1985. فهل انعدم نشاط الأستاذ محمود والحزب الجمهوري خلال الفترة ما بين 1955 وحتى تاريخ إشارات الباحث القليلة المنقولة من مصدر غير أولي؟ أم أن الأكاديميا السودانية بما فيها مشرفة الباحث نفسها، على قناعة تامة بما ورثته من صورة منمطة قوامها أن الأستاذ محمود والحزب الجمهوري لم يكن لهما نشاط في تلك الفترة؟ يمكننا الكشف عن ذلك، والإجابة عن تلك الأسئلة من خلال ما أطلقته البروفيسور فدوى من حكم على الأستاذ محمود والحزب الجمهوري في تبريرها لخلو الأطروحة التالية من ذكر الحزب الجمهوري والأستاذ محمود.

    الأطروحة الثانية
    تاريخ الحركة السياسية السودانية 1952- 1958


    كتبت البروفيسور فدوى قائلة: "أوكد أن مجموعة الطلاب الذين أشرفت وأشرف عليهم ليس ضعيفي الصلة -كما أورد المؤلف- بفهارس ومصادر الدراسات السودانية في دار الوثائق القومية. ولو أعاد المؤلف النظر في قائمة المصادر والمراجع لتلك الأطروحات لوجد أن دار الوثائق القومية تتصدرها وكانت سكناً بالنسبة لهم إبان إعداد أطروحاتهم. ولم يكن ذلك بسبب ضعف التدريب الأكاديمي حيث ذكر مؤلف الكتاب في ص 1064 "المهم الإشارة إلى أن الإغفال والتجاهل للأستاذ محمود لم يكن كله متعمداً ومقصودا فبعضه يعود لضعف التدريب الأكاديمي وحالة الكسل العقلي إلى جانب الغياب لإعمال الحس النقدي" وإنما بسبب تدريب الطالب على التقيد بالموضوع الذي يبحث فيه فأخرج هؤلاء الطلاب أطروحات موثقة ومتوازنة وجيدة استوفت مستلزمات البحث العلمي الأكاديمي الجاد".

    والآن نناقش الأمر على ضوء ما تريده البروفيسور فدوى، وهو أن دار الوثائق القومية كانت سكناً لطلابها ابان اعدادهم لأطروحاتهم، وأن الطالب تدرب: "على التقيد بالموضوع الذي يبحث فيه". ونناقش الأمر متقيدين بالموضوع وبالاطار الزمني للأطروحة.

    كتبت البروفيسور فدوى، في تبريرها لعدم ذكر الحزب الجمهوري والأستاذ محمود في أطروحة عنوانها وموضوعها: تاريخ الحركة السياسية السودانية 1952- 1958، قائلة: "في تقديري أن عدم ممارسة الحزب الجمهوري للعمل السياسي نتج عنها ضآلة دور الحزب السياسي وضعف دوره في الحركة السياسية السودانية الذي أشار إليه القدَّال. فقد امتنع الحزب عن المشاركة في لجان الدستور وقاطع الانتخابات البرلمانية وبالتالي لم يكن له دور في مداولات البرلمان. ويكفي ما ذكره القدَّال أعلاه ليبرر خلو رسالة الباحثة شيرين إبراهيم النور، تاريخ الحركة السياسية السودانية 1952 - 1958، رسالة ماجستير جامعة الخرطوم 2010 ، من ذكر للحزب الجمهوري في رسالتها إلا في مواضع قليلة جداً".

    ما كنت أود لمثل مقام البروفيسورة فدوى، أن يقبل بإرث تنميط الصورة.

    التأريخ للحركة السياسية السودانية والأسئلة المشروعة

    من واقع ما أوردته البروفيسور فدوى، عن أطروحة: تاريخ الحركة السياسية السودانية 1952- 1958، تقفز الأسئلة التالية: هل صحيح، كما ذهبت البروفيسور فدوى قائلة، "في تقديري أن عدم ممارسة الحزب الجمهوري للعمل السياسي نتج عنها ضآلة دور الحزب السياسي وضعف دوره في الحركة السياسية السودانية الذي أشار إليه القدَّال"؟ وهل نقاء السريرة وصفاء الطوية، الذي ركنت إليه البروفيسور فدوى في قول القدَّال: "إن أزمة الحزب الجمهوري، أنه قائم على نقاء السريرة وصفاء الطوية"، هل يمنع النشاط السياسي؟ وهل بالفعل، كما ذهبت البروفيسور فدوى، قائلة: "ولا توجد مناسبة للإشارة للأستاذ محمود أو كتبه أو كتب تلاميذه في قائمة المصادر والمراجع"؟ في أطروحة عنوانها وموضوعها تاريخ الحركة السياسية. وهل، كما ذهبت البروفيسور فدوى، قائلة: "حقيقة الأمر هي أن دور الحزب الجمهوري السياسي محدود جداً لأن الحزب غيب نفسه كما أسلفت القول من المواقع العملية للسياسة المتمثلة في الانتخابات والبرلمانات والمجالس واللجان"؟ وهل المواقع العملية للسياسة لا تتمثل إلا في الانتخابات والبرلمانات والمجالس واللجان؟ وهل بالفعل غيب الحزب نفسه خلال الفترة، التي مثلت الاطار الزمني للأطروحة، وهي ما بين 1952 وحتى 1958؟

    والحق الذي لا مراء فيه، أن الأمر غير ما ذهبت إليه البروفيسور فدوى البتة، وغير ما ورثه الناس في كتب الحركة الوطنية وتاريخ السودان السياسي، وغير ما درجت عليه الدراسات في إرث الأكاديميا السودانية. فالوقائع والأحداث الموثقة تؤكد أن الفترة ما بين 1952- 1958، وهي تمثل الاطار الزمني للأطروحة المعنية، كانت من أكثر الفترات نشاطاً وأوسعها حراكاً للحزب الجمهوري. فقد شهدت هذه الفترة بالذات انتاج كم هائل (وليس كثيراً فحسب)، من آراء الحزب السياسية وتعبيره واعلانه عن مواقفه السياسية من القضايا في الساحات المحلية والإقليمية والعالمية، وكل هذا النشاط، وهو نشاط نوعي ومغاير عن السائد والمألوف، موثق ومحفوظ نسبه العلمي. وقبل التفصيل الموثق لذلك النشاط، أقدم جرداً مجملاً لما قام به الحزب الجمهوري خلال الفترة ما بين 1952- 1958، وقد حكمت البروفيسور فدوى أن الحزب في هذه الفترة "غيب نفسه"، وحكمت، قائلة: "ان عدم ممارسة الحزب الجمهوري للعمل السياسي نتج عنها ضآلة دور الحزب السياسي وضعف دوره في الحركة السياسية السودانية"، واكتفت في أطروحة موضوعها تاريخ الحركة السياسية السودانية، بما ذكره القدَّال، لتقول: "يكفي ما ذكره القدَّال أعلاه ليبرر خلو رسالة الباحثة شيرين إبراهيم النور، تاريخ الحركة السياسية السودانية 1952- 1958، رسالة ماجستير جامعة الخرطوم 2010، من ذكر للحزب الجمهوري". ولنرى المفارقة بين الوقائع وبين الحكم الذي أطلقته البروفيسور فدوى، من خلال جرد مجمل لنشاط الحزب وحراكه خلال الفترة 1952- 1958، ثم يتبعه التفصيل، وكل ما أقوله من جرد مجمل وتفصيل لنشاط الحزب موثق، ومشار لمصادر توثيقه.

    جرد مجمل لنشاط الحزب الجمهوري وحضوره في الساحة السياسية خلال الفترة ما بين 1952- 1958

    1. في هذه الفترة (1952- 1958) اصدر الحزب الجمهوري، صحيفة ناطقة بلسان حاله، وهي: صحيفة الجمهورية، صاحب الامتياز الحزب الجمهوري، ورئيس تحريرها الأستاذ محمود، رئيس الحزب. صدر أول أعداد الصحيفة في يوم 15 يناير 1954، وهو اليوم الذي شهد اعلان شعار الحزب: (الحرية لنا ولسوانا)، وظل الشعار بارزاً على صدر الصحيفة، وأنشطة الحزب.
    2. في هذه الفترة افتتح الحزب الجمهوري مكتباً له في الخرطوم، وبالتحديد في يوم 12 يناير 1952، وافتتح في هذه الفترة دار اً إقليمية كانت في مدينة مدني، وشهد الداران حراكا واسعاً من ندوات ومحاضرات، كما سيرد تفصيل ذلك.
    3. في هذه الفترة بالتحديد، نشر الحزب الجمهوري أربعة كتب، هي: (قل هذه سبيلي: الاقتصاد، الاجتماع، التعليم، المرأة) وكتاب: (Islam the Way Out)، وكتاب بعنوان: (محمود محمد طه رئيس الحزب الجمهوري يقدم أسس دستور السودان لقيام حكومة جمهورية فدرالية ديمقراطية اشتراكية)، وكتاب بعنوان: (الحزب الجمهوري على حوادث الساعة: حقيقة النزاع في الشرق الأوسط، حوادث العراق، التدخل المصري). وهي مفصلة أدناه.
    4. شهدت هذه الفترة تنظيم أول مؤتمر للحزب الجمهوري بداره بمدينة مدني، ونشرت صحيفة الزمان، بتاريخ 9 يونيو 1958م، العدد (97)، كما وقفت عليها بدار الوثائق، تفاصيل برنامج المؤتمر ، منها ما هو داخلي للأعضاء، ومنها ما هو جماهيري مفتوح. وبينت الصحيفة أن مدة المؤتمر (7) أيام بمشاركة مندوبي الحزب من الخرطوم ومدني وبورتسودان والروصيرص. كما فصلت الصحيفة الليالي السياسية المصاحبة للمؤتمر، وذكرت أن منها ليالي سياسية يتحدث فيها زعماء الحزب عن: فلسفة الحكم ومستقبل الديمقراطية، ومستقبل الاقتصاد، وندوة بعنوان: "اقتصاديات السودان"... إلخ.
    5. في هذه الفترة أرسل الحزب الجمهوري ثلاثة خطابات لرؤساء مصر. أرسلت الخطابات بالبريد، ونشرت كذلك في الصحف المحلية في الخرطوم. الخطاب الأول عام 1952 إلى اللواء محمد نجيب قائدة ثورة 23 يوليو 1952. والخطابان الأخيران إلى الرئيس جمال عبدالناصر. الخطاب الأول في عام 1955، نشرته صحيفة الاستقلال، والخطاب الثاني عام 1958 ونشرته صحيفة أنباء السودان، ويتكون هذا الخطاب من أكثر من ثلاثة آلاف كلمة. أُرسلت هذه الخطابات إلى رؤساء دولة هي مستعمرة للسودان، وظلت باقية بعد الاستقلال 1956، بأجهزتها ومؤسساتها، وذات تأثير قوي في مسار السودان السياسي، بل في أفريقيا والعالم العربي. فما بالك برسائل إلى رؤسائها بتوقيع رئيس حزب سوداني وتضمنت مواجهة قوية، ونشرت تلك الرسائل في الصحف في ظروف حرجة.
    6. في هذه الفترة دعا الحزب الجمهوري، إلى انسحاب السودان فوراً من جامعة الدول العربية، وطرح دعوته، ونُشرت في صدر الصفحة الأولى من صحيفة أنباء السودان، 1958، ضمن بيان بعنوان: "الحزب الجمهوري يقدم دعائم الميثاق القومي"، وبيان آخر بعنوان: "عضويتنا في جامعة الدول العربية". أدناه تاريخ نشر البيانات في الصحف.
    7. في هذه الفترة تحديداً فجر الأستاذ محمود سجالاً واسعاً عن القومية العربية، بسبب ما جاء في محاضراته وكتاباته عنها. خاصة المحاضرة العامة التي قدمها الأستاذ محمود بعنوان: "القومية العربية والتكتل الإسلامي في الميزان" في مساء يوم 31 يناير 1958 بدار الحزب الجمهوري بمدينة مدني. وصف الأستاذ محمود في محاضرته، القومية العربية بأنها عصبية و"دعوة باطلة" و"تكتل عنصري"، ونشرت صحيفة السودان الجديد ملخص المحاضرة في 6 فبراير 1958. فبدأت مساجلات عظيمة، ومناخ حواري كبير، كتبت على إثره ردود إلى جانب مقالات أخرى لم تكن ردوداً ولكنها رفدت المناخ العام. شارك في المساجلات، وكتابة المقالات عدد كبير من المثقفين كان منهم من أعضاء الحزب الجمهوري بالإضافة للأستاذ محمود، الأستاذ عبداللطيف عمر، والأستاذ جلال الدين الهادي، والأستاذ خوجلي محمد خوجلي، والأستاذ إبراهيم أحمد، وفي الجانب الآخر: الدكتور أحمد بدران (جامعة القاهرة)، والأستاذ سعيد ميرغني حمور، والأستاذ فضل بشير عبدالله، كما كتبت مقالات في ذلك المناخ، ومن كتابها: الشاعر محمد محمد علي، والأستاذ بابكر كرار، والأستاذ على عبد القيوم، والأستاذ محمد مصطفى الفكي، والأستاذ عثمان خالد مضوي، وغيرهم.
    8. كانت هذه الفترة بالتحديد، أكثر الفترات التي تناول فيها الأستاذ محمود رئيس الحزب الجمهوري، مشكلة مياه النيل والحدود مع مصر ومشكلة القضايا العالقة مع مصر، عبر المحاضرات في دار الحزب الجمهوري بمدينة مدني وعبر المقالات الصحفية. كما سيأتي تفصيله لاحقاً.
    9. شهدت هذه الفترة تحديداً بداية المواجهة بين الأستاذ محمود ومشايخ المعهد العلمي بأم درمان، ومشايخ الأزهر بالقاهرة المبتعثين للمعهد. بدأت المواجهة بسبب ندوتين.الأولى نظمها المعهد عن "مستقبل الثقافة العربية في السودان"وتحدث فيها شيخٌ مبتعثٌ من الأزهر. حضر الأستاذ محمود المحاضرة، وكتب نقداًقوياً لما جاء فيها ونشر بصحيفة أنباء السودان بتاريخ 18 أكتوبر 1958م. والمحاضرة الثانية قدمها الأستاذ محمود وكانت بعنوان: اشتراكية القرآن، ولم يعجب مشايخ المعهد، ما جاء فيها.
    10. كانت هذه الفترة تحديداً أكثر الفترات على الإطلاق، التي نشر فيها الأستاذ محمود المقالات السياسية، وهي مقالات طويلة تناولت الشؤون السياسية وقدمت نقداً قوياً للحركة الوطنية والأحزاب السياسية والعلاقات مع مصر... إلخ، وتجد أحياناً له مقالين في يوم واحد، أو مقالاً وبياناً، كما هو مبين في التفاصيل اللاحقة.
    11. في هذه الفترة كان للأستاذ محمود، رئيس الحزب الجمهوري، ولأول وآخر مرة، بالإضافة للمقالات الصحفية، عمودان صحفيان، متتاليان، وليسا في وقت واحد، بصحيفة أنباء السودان. العمود الأول كان بعنوان: "كلمة حق"، والعمود الثاني بعنوان: "مشكلة اليوم". وكلا العمودين كانا في صدر الصفحة الأولى من الصحيفة. وكان في عمود: "مشكلة اليوم" يتناول مشاكل محلية وإقليمية وعالمية.
    12. هذه الفترة تحديداً شهدت تقديم الطلبات من بعض الأحزاب السودانية للتحالف مع الحزب الجمهوري وتوحيد النضال والعمل المشترك. فاصدر الحزب الجمهوري البيانات، لتوضيح ذلك للرأي العام، كما سيأتي مفصلاً . أيضاً، كتب يحيى محمد عبدالقادر، في كتابه: شخصيات من السودان: أسرار وراء الرجال، ج3، ص 144-146، قائلاً: "وقد حاول الحزب الاشتراكي وحزب الشعب (الكتلة) وكلاهما جمهوري أن يتعاونا معه بحجة وحدة الأهداف الرئيسية بين ثلاثتهما ولكن الحزب الجمهوري (فقط) رفض هذا التعاون لاتهامه كلا من الحزبين بممالأة المستعمر".
    13. في هذه الفترة حظي الحزب الجمهوري بإعجاب كبير في الساحة السياسية. كتب بشير محمد سعيد (1921م-1995م)، مقالاً بعنوان: "الجمهوريون يرسمون الطريق"، ونشره في صحيفة السودان الجديد، العدد 1630، الأحد 8 يونيو 1952م، قائلاً: "إن في السودان الآن (8/7/1952م) نحواً من خمسة عشر حزباً كل منها ينادي بأعلى صوته أنه مبعوث العناية الإلهية لإنقاذ هذا الشعب من براثن الاستعمار، وهي تقوم في معظم الأحوال لا على برامج سياسية واضحة ولكن على استغلال عواطف وعصبيات لا تمت إلى السياسة بصلة... وإني لأنتهز هذه الفرصة فأدعو جميع الأحزاب أن تحذو حذو الحزب الجمهوري فتخرج على الناس أهدافها ومراميها وتتعاون على تربية الشعب تربية سياسية لابد منها إن أردنا للشعب أن يكون له صوت وكلمة في حكومته".
    14. في هذه الفترة تم حوار كبير بين الأستاذ محمود والشاعر محمد محمد علي عن الدين والأدب، ونشرت مقالاته في الصحف خلال عام 1954، وقد نشرت بعض المقالات والردود عليها في صحيفة الجمهورية، الناطقة بلسان حال الحزب الجمهوري. لقد وصف الدكتور حيدر إبراهيم، الحوار بين الأستاذ محمود والشاعر محمد محمد علي، بأنه "من أرقى الحوارات السودانية".

    لابد من الإشارة - وقبل تقديم التفاصيل الموثقة لما ورد أعلاه - إلى أنني استبعدت الكثير من الأنشطة التي قام بها الأستاذ محمود في هذه الفترة تحديداً، واستبعدت كذلك حوارات كبيرة ومراسلات كثيرة، من أجل الاختصار من جهة، ولصلتها - تلك الحوارات والمراسلات - بالأدب من جهة أخرى، ومن نماذج ما استبعدته من الحوارات: حوار تم بين الأستاذ محمود والدكتور محمد النويهي، وحوار تم بين الأستاذ محمود والعلامة عبدالله الطيب، وحوارات ومراسلات أخرى كانت على هامش ندوة عبدالله حامد الأمين، وكل هذه الحوارات وغيرها نشرت على صفحات الصحف السودانية. ولكني استبعدتها.

    تفاصيل نشاط الحزب الجمهوري في الساحة السياسية خلال الفترة (1952- 1958)
    (بيانات، ندوات، محاضرات، مؤتمرات، مساجلات، رسائل إلى رؤساء دول ومفكرين، مقالات، تصريحات، ...إلخ)

    ملاحظات وتوضيحات:

    كل ما ورد أدناه من الأنشطة مصدره الصحف السودانية ودار الوثائق السودانية، ومكتبة السودان.
    استبعدت كل الأنشطة، التي بحوزتي وهي كثيرة جداً، والتي ربما، لا تتيسر للطلاب والباحثين في دار الوثائق السودانية، أو مكتبة السودان، أو الصحف السودانية. كما أن بعضها غير مكتمل بياناته عندي (التاريخ، الصحيفة.. الخ وكان بعضها مقتنيات لأعضاء الحزب الجمهوري. كما إني اكتفيت بنماذج من المقالات التي نشرت في صحيفة الجمهورية ونماذج من العمودين "كلمة حق" و "مشكلة اليوم" التي كان يكتبهما الأستاذ محمود.
    إذا كان هناك نشاط ورد في المصدر باسم أحد أعضاء الحزب الجمهوري غير الأستاذ محمود أوردت اسم الشخص كما جاء في المصدر.
    أوردت تفاصيل الأنشطة أدناه وفقاً للتسلسل التاريخي، ونظمت معلوماتها مرتبة على النحو التالي: تاريخ النشاط، (نوع النشاط)، عنوان النشاط، المصدر.
    بحوزتي نسخة من كل هذه الأنشطة الواردة أدناه، كما جاءت في مصادرها.

    تفاصيل أنشطة الحزب الجمهوري خلال الفترة ما بين (1952- 1958)

    1. في يوم 2 يناير 1952، (بيان)، "موقف الحزب الجمهوري من الائتلاف"، صحيفة الرأي العام.
    2. في يوم 12 يناير 1952 (تصريح)، "افتتاح مكتب الحزب الجمهوري"، صحيفة الرأي العام.
    3. في يوم 3 مارس 1952 (بيان)، "رأي الحزب الجمهوري عن الموقف الراهن"، صحيفة الشعب.
    4. في يوم 10 مارس 1952 (بيان)، "الحزب الجمهوري يرفض دستور الحكم الذاتي"، صحيفة السودان الجديد.
    5. في يوم 19 مارس 1952 (اجتماع)، "اجتماع في دار الحزب الجمهوري لبحث إمكانية التحالف بين الحزب الجمهوري والحزب الجمهوري الاشتراكي"، صحيفة السودان الجديد.
    6. في يوم 22 مارس 1952 (بيان)، "الحزب الجمهوري يدرس الخطط العملية لمقاطعة الدستور"، صحيفة السودان الجديد.
    7. في عام 1952 (كتاب)، قل هذه سبيلي: الاقتصاد، الاجتماع، التعليم، المرأة [بعض محاور الكتاب: الديمقراطية، التعليم، المرأة... إلخ].
    8. في عام 1952 (كتاب)، Islam The way out، ط 1.
    9. في يوم 5 يونيو 1952 (استعراض لمنشورات الحزب الجمهوري)، "المدنية الإسلامية: تنقذ الإنسانية التي أزرت بها ضراوة الوحشية-1"، صحيفة السودان الجديد.
    10. في يوم 7 يونيو 1952 (استعراض لمنشورات الحزب الجمهوري)، "المدنية الإسلامية: تنقذ الإنسانية التي أزرت بها ضراوة الوحشية-2"، صحيفة السودان الجديد.
    11. في يوم 8 يونيو 1952 (تصريح)، عن رحلة وفد الجبهة الاستقلالية إلى مصر، صحيفة السودان الجديد.
    12. في يوم 8 يونيو 1952 (لقاء صحفي)، "رئيس الحزب الجمهوري يصف الموقف السياسي الراهن بأن لا جديد فيه [لقاء مندوب صحيفة السودان الجديد برئيس الحزب الجمهوري]"، صحيفة السودان الجديد.
    13. في يوم 19 يونيو 1952 (بيان)، "نشاط الحزب الجمهوري السياسي خلال أيام العيد"، صحيفة السودان الجديد.
    14. في يوم 18 أغسطس 1952 (خطاب)، "خطاب إلى اللواء محمد نجيب، قائد ثورة 23 يوليو 1952م بمصر"، ضمن: الكتاب الأول من سلسلة رسائل ومقالات، ط1، أم درمان، ابريل 1973م.
    15. في يوم 25 أغسطس 1952 (مقال)، "القوانين الوضعية والقوانين السماوية: تعقيب على اللواء محمد نجيب"، ضمن: الكتاب الأول من سلسلة رسائل ومقالات، ط1، أم درمان، ابريل 1973م.
    16. في يوم 18 ديسمبر 1952 (مقال)، "الحركة الوطنية كما أريدها"، [ثلاث فئات من المواطنين يجب أن تشترك في الحركة الوطنية اشتراك العمل المنتج. النساء وسكان القرى والاغنياء ولاشتراك هؤلاء اشتراك العمل المنتج يجب أن تكون الحركة الوطنية نفسها حركة عمل منتج لا حركة تهريج وهتاف بسقوط الاستعمار وليس إلا...]- محاور: الحركة الوطينة والعمل- عقيدة العمل الوطني- النساء وتشييع الحب والجمال والسلام... إلخ، صحيفة السودان الجديد
    17. في يوم 21 فبراير 1953 (بيان)، "الاتفاقية الانجليزية المصرية"، صحيفة السودان الجديد.
    18. في عام 1953 (خطاب)، "خطاب إلى المحامي العام في الباكستان بشأن دستور الباكستان والقرآن"، ضمن: الكتاب الثاني من سلسلة رسائل ومقالات، ط1، أم درمان، ابريل 1973م.
    19. في يوم الجمعة 15 يناير 1954 (اصدار صحيفة)، صدور أول عدد من صحيفة الجمهورية، الناطقة بلسان الحزب الجمهوري. جاء في الكلمة الافتتاحية للعدد الأول: "أيها القارئ الكريم: تحية، أما بعد: فهذه صحيفة الجمهوريين يقدمها لك فتية آمنوا بربهم، فهيمن عليهم الإيمان على صريح القصد، فهم يقولون مايريدون بأوجز أداء، ويعنون ما يقولون من الألف إلى الياء .. و(الجمهورية) تطمح في أن تخلق تقليدا في الصحافة في معنى ما يخلق الجمهوريون من تقليد جديد في السياسة .. والجمهوريون حزب سياسي ولكنهم لا يفهمون السياسة على أنها اللف والدوران .. وإنما يفهمونها على أنها تدبير أمر الناس بالحق وبميزان .. وللجمهورية في الصحافة رأي، وهو أنها يجب أن تعين على العلم، لا أن تمالي على الجهل .. يجب أن تسير أمام الشعب لا أن تسير فى زمرته تتسقط رضاه، وتجاري هواه، وتقدم له من ألوان القول ما يلذه ولا يؤذيه .. وقد تعرض الجمهوريون في نهجهم السياسي للكثير من العنت، والأذى من جراء مضائهم فيما يرونه الحق، والعدل .. فهل تتعرض الجمهورية لشيء من الكساد، من جراء ما ستجافي من التقليد التجاري بتقديم ما يقدم في سوق النفاق؟إن هذا لا يعنينا بقدر ما يعنينا أن نستقيم على الحق.. فقد أنفقنا عمرنا نبحث عنه، ولا نزال، فإن وجدناه، فإنا سنلقاك به صريحا غير مشوب بتلطيف، وسيكون عليك أنت أن تختار لنفسك بين وجه الحق ووجه الباطل".
    20. في يوم 15يناير 1954 (خطاب)، إعداد الإنسان الحر: الدكتور توريزبوديت مدير عام منظمة اليونسكو، صحيفة الجمهورية؛ (صدر المقال من قبل في صحيفة صوت السودان 1953).
    21. في يوم 15 يناير 1954 (مقال)، "نحو عالم جديد"، صحيفة الجمهورية.
    22. في يوم 15 يناير 1954 (مقال)، المرأة، صحيفة الجمهورية.
    23. في يوم 15 يناير 1954 (مقال)، "قل هذه سبيلي"، صحيفة الجمهورية.
    24. في يوم 22 يناير 1954 (مقال)، افتاحية العدد الثاني من صحيفة الجمهورية: "واجب الحكومة واجب المعارضة"، جاء فيها: "واجب الحكومة وواجب المعارضة واحد في هذه الفترة وهو واجب بسيط إذا ترفعت النفوس عن غائر الأحقاد. واجبهما أن يعرفا أن الاستعمار لا يزال باقياً وأن حظه من الاستمرار في البقاء في هذه البلاد اليوم ليس أقل منه بالأمس وأن مدة الثلاث السنوات المشروطة للجلاء في الاتفاقية الإنجليزية المصرية مدة طويلة حقاً وهي تقيِّض للاستعمار الفرصة الكافية جداً ليكيد كيده لهذه البلاد إذا لم تكن الحكومة والمعارضة على السواء كالذئب ذلك الذي زعموا أنه لا ينام حين ينام إلا بعين واحدة ولا بأس أن تكون تلك العين هي المعارضة... إلخ".
    25. في يوم 22 يناير 1954 (مقال)، "رأينا في المرأة"، صحيفة الجمهورية.
    26. في يوم 22 يناير 1954 (مقال)، "نحو عالم جديد"، صحيفة الجمهورية.
    27. في يوم 5 فبراير 1954 (مقال)، "ساووا السودانيين في الفقر إلى أن يتساووا في الغنى"، صحيفة الجمهورية.
    28. في يوم 5 فبراير 1954 (مقال)، "في الشرق دعوات وفي السودان دعوة"، صحيفة الجمهورية.
    29. في يوم 5 فبراير 1954 (مقال)، "نحو عالم جديد: الاشتراكية"، صحيفة الجمهورية.
    30. في يوم 5 فبراير 1954 (مقال)، "اشتراكية القرآن"، صحيفة الجمهورية.
    31. في يوم 19 فبراير 1954 (مقال)، "تعليقاً على تصريح السيد إسماعيل الأزهري بمناسبة الذكرى الأولى لاتفاقية الخرطوم القاهرة"، صحيفة الجمهورية.
    32. في يوم 10 ابريل 1954 (مقال)، "سوءتان، فتنة في مصر وغفلة في السودان"، صحيفة الجمهورية.
    33. في عام 1954 (مقال)، "دقائق التمييز"، ضمن كتاب: أسئلة وأجوبة: الكتاب الثاني،ط1، أم درمان، 1971م.
    34. في أيام 6- 12 يونيو 1954 (مقال)، الثقافة (3 حلقات)، صحيفة الجمهورية.
    35. في يوم 12 يونيو 1954، (مقال)، "حرية الثقافة"، صحيفة الجمهورية.
    36. في يوم 12 يونيو 1954 (مقال)، "اسمعوني وعوني! والله لا تتحررون بغير الإسلام"، صحيفة الجمهورية.
    37. في يوم 2 أغسطس 1954 (محاضرة)، "كيف يخدم العمال قضاياهم"، (نادي العمال)، صحيفة صوت السودان.
    38. في يوم 29 ديسمبر 1954 (بيان)، "الحزب الجمهوري يصدر بياناً عن رأيه" [الأحداث- الجمهورية كنظام للحكم- مستقبل الديمقراطية- دعوة الحزب للجمهورية واتهام المستنيرين له بالجنوح إلى الخيال- أخطر المسائل: مستقبل البلاد- السياسة المرتجلة- ...إلخ، صحيفة صوت السودان.
    39. في يوم 5 مارس 1955 (ندوة)، "العاصمة تشهد أضخم ليلة سياسية تقيمها الجبهة الاستقلالية بدار المركز العام لحزب الأمة" [رئيس الحزب الجمهوري يلهب المشاعر بخطابه الرصين وكلماته النارية وتوجهاته الوطنية]، صحيفة النيل.
    40. في يوم 7 مارس 1955 (ندوة)، "استمعت أمس الخرطوم 3 إلى قادة الاستقلاليين يتحدثون عن مواضيع الساعة"- [بمشاركة أعضاء من الحزب الجمهوري]، صحيفة النيل.
    41. في يوم 27 مارس 1955(بيان)، "مشاركة الحزب الجمهوري في وفد الجبهة الاستقلالية إلى الهند وجاكرتا"، صحيفة النيل.
    42. في يوم 27 مارس 1955 (ندوات: كوستي والدويم)، "نشاط الجبهة الاستقلالية في الأقاليم- سفر وفد الجبهة: حسن محجوب وقاسم أمين ومحمود محمد طه ومحمد سعيد معروف"، صحيفة النيل.
    43. في يوم 28 مارس 1955 (وفد)، "وفد الجبهة الاستقلالية لمؤتمر دلهي- بمشاركة عضو الحزب الجمهوري عبدالحميد صالح"، صحيفة النيل.
    44. في يوم 2 مايو 1955 (مقال)، "مستقبل السودان وموقف المصريين"، ذا النون جبارة ، عضو الحزب الجمهوري، صحيفة النيل.
    45. في يوم 23 يونيو 1955 (بيان)، "الحزب الجمهوري يوضح وجهة نظره بشأن تقرير المصير"، صحيفة الاستقلال.
    46. في يوم 21 يوليو 1955 (ندوة)، "تقرير المصير- نادي حي البوستة الثقافي بأمدرمان"، حي البوستة- أمدرمان، السودان الجديد.
    47. في يوم 3 سبتمبر 1955 (خطاب، "من محمود محمد طه الى جمال عبد الناصر "، صحيفة الاستقلال.
    48. في يوم 10 سبتمبر 1955 (بيان)، "بيان من الحزب الجمهوري عن حوادث الجنوب"، صحيفة الاستقلال.
    49. في يوم 17 نوفمبر 1955 (بيان)، "بيان الحزب الجمهوري حول السياسة الاقتصادية الرسمية"، صحيفة الاستقلال.
    50. في ديسمبر 1955 (كتاب)، محمود محمد طه رئيس الحزب الجمهوري يقدم أسس دستور السودان لقيام حكومة جمهورية فدرالية ديمقراطية اشتراكية، ط1.
    51. في ديسمبر 1955 (محاضرة)، "حول الاستقلال"، ضمن كتاب: الاستقلال جسد روحه الحرية، دار الوثائق 1/76/ 92
    52. في يوم 19 يناير 1957 (بيان)، "ماذا دار في لجنة الدستور القومية أمس؟ استقلال اللجنة عن الحكومة"، صحيفة الرأي العام.
    53. في يوم 26 يناير 1957 (بيان)، "انسحاب الحزب الجمهوري من لجنة الدستور القومية"، صحيفة الرأي العام.
    54. في يوم 29 يناير 1957 (بيان)، "الحزب الجمهوري يوضح الأسباب التي أبقتهم في لجنة الدستور حتى تاريخ انسحابهم"، صحيفة الرأي العام.
    55. في يوم 1 سبتمبر 1957 (بيان)، "برنامج الحزب الجمهوري" [لو كان الحزب الجمهوري سيخوض الانتخابات المقبلة لكان برنامجه كالاتي: ...]، صحيفة الأمة.
    56. في يوم 12 سبتمبر 1957 (تعقيب)، "مشاكل التربية الأساسية في الشرق الأوسط"، تعقيب على جاك بيرل أستاذ علم الاجتماع بجامعة السوربون"، صحيفة السودان الجديد.
    57. في يوم 31 يناير 1958 (ندوة)، "القومية العربية والتكتل الإسلامي في الميزان"، دار الحزب الجمهوري- مدني، صحيفة السودان الجديد.
    58. في يوم 6 فبراير 1958 (ملخص ندوة)، "السيد محمود محمد طه يقول في واد مدني إن القومية العربية تكتل عنصري"، صحيفة السودان الجديد.
    59. في يوم 20 فبراير 1958 (مقال)، "حول محمود محمد طه والقومية العربية"، بقلم عبداللطيف عمر ، عضو الحزب الجمهوري، صحيفة السودان الجديد.
    60. في يوم 22 فبراير 1958 (خبر ندوة)، "قدم الأستاذ محمود محمد طه، رئيس الحزب الجمهوري نقاشاً عن الموقف السياسي الحاضر بدار الحزب الجمهوري بمدني"، صحيفة السودان الجديد.
    61. في يوم 22 فبراير 1958 (محاضرة)، "الموقف السياسي الراهن" [مشكلة الحدود مع مصر- مشكلة القضايا العالقة مع مصر، ومشكلة مياه النيل]، دار الحزب الجمهوري- مدني، صحيفة أنباء السودان.
    62. في يوم 26 فبراير 1958 (مقال)، "محمود محمد طه يتحدث عن الأزمة المصرية السودانية"، صحيفة السودان الجديد.
    63. في يوم 26 فبراير 1958 (ملخص محاضرة)، "الموقف السياسي الراهن"، بقلم خوجلي محمد خوجلي، صحيفة أنباء السودان.
    64. في يوم 1 مارس 1958 (بيان)، "بيان من الحزب الجمهوري عن الموقف الحاضر" [الشوائب التي لحقت بالعلاقات المصرية السودانية- أمران وراء أول الشر في العلاقات المصرية السودانية- غرور الحكومة المصرية- سكان المناطق السودانية- حكومة مصر حكومة عسكرية جامحة... إلخ]، صحيفة السودان الجديد.
    65. في يوم 2 مارس 1958 (رد على مقال)، "حول القومية العربية ليست عنصرية أو تعصبية"، صحيفة السودان الجديد.
    66. في يوم 31 مارس 1958 (مقال)، "نظرات في السياسة الخارجية والداخلية [نهرو والمثالية- الجزائر- خطاب الدورة]"، صحيفة أنباء السودان.
    67. في يوم 13 أبريل 1958 (مقال)، "تطورات خطيرة في الميدان السياسي"،محاور: زيارة جمال لروسيا- مشكلة الجنوب الفدريشن- تقسيم السودان إلى خمس ولايات- الحكم الذاتي- قاعدة مجالس القرى... إلخ، صحيفة أنباء السودان.
    68. في يوم 3 مايو 1958م (مقال)، "نظرات في السياسة الداخلية والخارجية [بيننا وبين مصر- مشكلة الحدود- الجيش]"، صحيفة أنباء السودان.
    69. في يوم 11 مايو 1958 (خبر) "بيان الحزب الجمهوري عن المعونة الأمريكية"، صحيفة أنباء السودان.
    70. في يوم 11 مايو 1958 (بيان)، "بيانات.... بيان من الحزب الجمهوري عن المعونة الأمريكية"، صحيفة الأمة.
    71. في يوم 11 مايو 1958 (مقال)، "نظرات في السياسة الداخلية والخارجية، متى يتمتع الناس بخيرات الاستقلال- مشكلة الجنوب مرة أخرى]"، صحيفة أنباء السودان.
    72. في يوم 12 مايو 1958 (بيان)، "الحزب الجمهوري يبدي رأيه في المعونات الاقتصادية وجريدة الأمة تناقشه"، صحيفة الأمة.
    73. في يوم 17 مايو 1958 (بيان)، "بيانات.... بيان من الحزب الجمهوري عن المعونة الأمريكية"، صحيفة أنباء السودان.
    74. في يوم 21 مايو 1958 (ندوة)، "الموقف السياسي الراهن: المعونة الأمريكية"، دار الحزب الجمهوري- مدني، صحيفة السودان الجديد.
    75. في يوم 9 يونيو 1958 (مؤتمر)، "المؤتمر الدراسي الأول للحزب الجمهوري لتدارس فكرة الحزب وماضيه ومستقبله"، صحيفة الزمان.
    76. في يوليو 1958 (كتيب)، الحزب الجمهوري على حوادث الساعة: حقيقة النزاع في الشرق الأوسط، حوادث العراق، التدخل المصري، ط 1.
    77. في يوم 23 يوليو 1958 (محاضرة)، "الموقف الدولي الراهن"، دار الحزب الجمهوري- مدني، صحيفة السودان الجديد.
    78. في يوم 6 أغسطس 1958 (مقال)، "الحزب الجمهوري يبصر حيث لا تبصرون ويعلم ما لا تعلمون- ثقتنا بالسودانيين شديدة وولاؤنا للسودان أكيد"، بقلم عبداللطيف عمر، عضو الحزب الجمهوري رداً على أبو المعالي عبدالرحمن الأمين، صحيفة السودان الجديد.
    79. في يوم 7 أغسطس 1958 (ملخص محاضرة)، "الحكومة القومية خطرة وستضيع على السودان مياه النيل والحدود"، بقلم خوجلي محمد خوجلي، عضو الحزب الجمهوري، صحيفة السودان الجديد.
    80. في يوم 16 أغسطس 1958 (مقال)، "نظرات في السياسة الداخلية والخارجية: المعارضة لاتجاه القطيع- أكثر محرري الصحف جهلاً- ماذا حمل وزير خارجية السودان؟ السياسة الداخلية- الوزارة القومية، صحيفة أنباء السودان.
    81. في يوم 23 أغسطس 1958 (بيان)، "الحزب الجمهوري يقدم دعائم الميثاق القومي" [بيان المطالبة بانسحاب السودان فوراً من جامعة الدول العربية]، صحيفة أنباء السودان.
    82. في يوم 23 أغسطس 1958 (مقال)، "في الميدان السياسي الخارجي: أخطاء خطيرة هاوية تتردى فيها بعض الصحف- الحكومة القومية"، صحيفة أنباء السودان.
    83. في يوم 23 أغسطس 1958 (مقال)، "حقائق وأباطيل: القومية العربية باطلة"، صحيفة أنباء السودان.
    84. في يوم 30 أغسطس 1958 (مقال)، "نظرات في السياسة الخارجية والداخلية [هيئة الأمم- مياه النيل- نقض السودان لاتفاقية توزيع مياه النيل]"، صحيفة أنباء السودان.
    85. في يوم 6 سبتمبر 1958م (عمود صحفي)، "مشكلة اليوم [عن الصين- الشيوعية- الأمريكان- الروس]"، صحيفة أنباء السودان.
    86. في يوم 6 سبتمبر 1958م (مقال)، "ماذا فعل الصحفيون بحريتهم؟"، صحيفة أنباء السودان.
    87. في يوم 14 سبتمبر 1958 (مقال)، "نظرات في السياسة الداخلية والخارجية [تهديدات الزعيم الشيوعي الروسي خرستشيف لأمريكا- دخول أمريكا في مفاوضات عامي 1955م و1957م- قصة الصراع على أرض الصين وآخر فصولها- مضايق فرموزا- الصراع بين الشيوعية الدولية والرأسمالية الغربية- الرأي العام الأمريكي- جزيرة كيموى]"، صحيفة أنباء السودان.
    88. في يوم 14 سبتمبر 1958 (مقال)، "مشكلة مياه النيل"، صحيفة أنباء السودان.
    89. في يوم 26 سبتمبر 1958 (مقال)، "نظرات في السياسة الداخلية والخارجية: هيئة الأمم- الشرق الأقصى- صندوق النقد الدولي والبنك العالمي"، صحيفة أنباء السودان.
    90. في يوم 1 أكتوبر 1958 (بيان)، "المنهاج الديني للحزب الجمهوري- لماذا الإسلام؟"، صحيفة أنباء السودان.
    91. في يوم 1 أكتوبر 1958 (مقال)ـ "دعوة جديدة تناهض الشيوعية"، بقلم جلال الدين الهادي الطيب، عضو الحزب الجمهوري، صحيفة أنباء السودان.
    92. في يوم 4 أكتوبر 1958 (مقال)، "نظرات في السياسة الداخلية والخارجية: هيئة الأمم- ومسألة المجر أيضاً- الجزائر- نحن شعب بلا سياسة"، صحيفة أنباء السودان.
    93. في يوم 18 أكتوبر 1958 (بيان)، "عضويتنا في الجامعة العربية"، صحيفة أنباء السودان.
    94. في يوم 18 أكتوبر 1958 (مقال)، "مستقبل الثقافة العربية في السودان، المدلول الحديث للثقافة والوسائل إليها- مهداة إلى طلبة وأساتذة المعهد العلمي بامدرمان"، صحيفة أنباء السودان.
    95. في يوم 18 أكتوبر 1958 (مقال)، "نظرات في السياسة الداخلية والخارجية: الشرق الأقصى- الجزائر- مؤتمر البجة- رأس الدولة"، صحيفة أنباء السودان.
    96. في يوم 18 أكتوبر 1958 (مقال)، "في الميدان السياسي: انكار مصر لعرضها يشكل سابقة خطيرة في تاريخ العلاقات الدولية"، أحمد إبراهيم، عضو الحزب الجمهوري، صحيفة أنباء السودان.
    97. في يوم 18 أكتوبر 1958 (مقال)، "حول الخطوة التالية لعبد الناصر هي السودان"، بقلم عبداللطيف عمر، صحيفة أنباء السودان.
    98. في يوم 18 أغسطس 1958 (خطاب)، "الحزب الجمهوري يرسل خطاباً لجمال عبدالناصر" (ثلاثة آلاف كلمة)، صحيفة أنباء السودان.
    99. في يوم 25 أكتوبر 1958 (خبر)، "محمود محمد طه يعتقل في القاهرة"، صحيفة أنباء السودان.
    100. في يوم 25 أكتوبر 1958 (مقال)، "الأزمة بين السودان ومصر: اتفاقية مياه النيل سنة 1929"، صحيفة أنباء السودان.
    101. في يوم 25 أكتوبر 1958 (عمود صحفي)، "مشكلة اليوم [حديث مندوب تونس في الجامعة العربية عن تدخل مصر في شؤون الدول العربية وسيطرة مصر على الجامعة العربية- اعتراف الجامعة العربية بالعراق قبل السودان]"، صحيفة أنباء السودان.
    102. في يوم 1 نوفمبر 1958 (بيان)، "ماذا يريد الحزب الجمهوري بالتطوير في التشريع الاسلامي؟"، صحيفة أنباء السودان.
    103. في يوم 1 نوفمبر 1958 (بيان)، "بيانات الحزب الجمهوري على الموقف الداخلي[استقراء لطابع الحركة الوطنية]"، صحيفة أنباء السودان.
    104. في يوم 1 نوفمبر 1958 (عمود صحفي)، "مشكلة اليوم: فضيحة عالمية"، محاور: قضية الكاتب الروسي بوريس باسترناكو إعلانه عن الاضطهاد الذي يلقاه المفكرون الذين يشذون عن القطيع- الحرية الفردية- الشيوعية- ومنح الأكاديمية السويدية جائزة نوبل لباسترناك عام 1958م، صحيفة أنباء السودان.
    105. في يوم 29 نوفمبر 1958 (عمود صحفي)، "كلمة حق [حركة الجيش- المؤامرات الأجنبية- الكرامة القومية- كلمات الإطراء التي يتبرع بها المنافقون- الصحافة والصحفيون- الرأي العام]"، صحيفة أنباء السودان.
    106. في يوم 6 ديسمبر 1958 (مقال)، "تعالوا إلى كلمة سواء: الحرية الفردية في [أعلى] مستوياتها"، صحيفة أنباء السودان.
    107. في يوم 13 ديسمبر 1958 (مقال)، "السودان أولاً"، بقلم أحمد إبراهيم، عضو الحزب الجمهوري، صحيفة أنباء السودان.
    108. في يوم 18 ديسمبر 1958 (مقال)، "تعالوا إلى كلمة سواء: الحرية والقيود"، صحيفة أنباء السودان.
    109. في يوم 20 ديسمبر 1958 (مقال)، "تعالوا إلى كلمة سواء: خلافة الأرض"، صحيفة أنباء السودان.
    110. في يوم 24 ديسمبر 1958 (خطاب)، "التعليم: خطاب إلى عميد معهد بخت الرضا الأستاذ عثمان محجوب"، ضمن: الكتاب الثاني من سلسلة رسائل ومقالات، ط1، أم درمان، ابريل 1973.

    هذا جردٌ مجمل لنشاط الحزب الجمهوري خلال الفترة ما بين 1952- 1958، مع الاختصار الشديد، واستبعادي للكثير من الأنشطة.

    حاجتنا للمروءة الأكاديمية والتواضع الذهني

    تضمنت القائمة أعلاه، جرداً مجملاً مختصراً لنشاط الحزب الجمهوري خلال 1952- 1958 من حيث الكم، فما بالك بالكيف والمحتوى؟

    في تقديري أن كل نشاط: بيان...إلخ، مما ورد أعلاه، يستحق أن يدرس لحاله، ذلك لأن الحزب الجمهوري كانت لديه رؤية مغايرة ومختلفة عن ما هو مطروح وسائد في الساحة السياسية، والمغاير دوماً أحق بالدراسة لأنه يسعف في الفهم أكثر من المتشابه، وعبر دراسة المغاير، يمكننا كذلك، أن نكتشف التباينات والمداخل لتفسير الوقائع والأحداث.

    فهل بعد كل هذا، يمكننا أن نقبل من مشرفة على أطروحة جامعية عنوانها: الحركة السياسية السودانية (1952- 1958)، دعك من الطالب/ الطالبة، أن تطلق حكماً، بأن الحزب الجمهوري لم يكن له دور في الحركة السياسية خلال الفترة الزمنية التي مثلت الاطار الزمني للأطروحة؟.. وهل نقبل بأن يكون ذلك الحكم، حتى ولو أتى من الدكتور القدَّال، أو أي أكاديمي آخر، هو المبرر لخلو الأطروحة المعنية من ذكر الحزب الجمهوري أو الأستاذ محمود؟ ل وهل نقبل من البروفيسور فدوى قولها: "ويكفي ما ذكره القدَّال أعلاه ليبرر خلو رسالة الباحثة شيرين إبراهيم النور تاريخ الحركة السياسية السودانية 1952 - 1958، رسالة ماجستير جامعة الخرطوم 2010، من ذكر للحزب الجمهوري في رسالتها"؟ وهل بعد كل هذه المعلومات والوقائع، يمكننا قبول ما كتبته المشرفة، قائلة: "ولا توجد مناسبة للإشارة للأستاذ محمود أو كتبه أو كتب تلاميذه في قائمة المصادر والمراجع"، عن أطروحة موضوعها وعنوانها: الحركة السياسية السودانية (1952- 1958)؟ لا ولا كرامة.. وهل من المقبول علمياً، أن نبرر عدم ذكر الحزب الجمهوري في الأطروحة، استناداً على قول أكاديمي آخر، حتى ولو كان مخالفاً للوقائع والأحداث الموثقة؟ وهل رأي أي أكاديمي كان، بأن الحزب الجمهوري لم يكن له نشاط في تلك الفترة، يمنعنا من التنقيب والبحث في الأرشيف؟ هل نجمد البحث عند رأي القدَّال؟ وإذا كانت القائمة أعلاه، تتضمن نشاط الحزب الجمهوري خلال الفترة 1952- 1958، المغيب في الأكاديميا السودانية والمعلن إنكاره، في أحدث مقال نقدي، بحكم أكاديمي، من غير علم، بعدم وجود النشاط أصلاً، ليبرر، الجهل بالنشاط، عدم ذكر الحزب في أطروحة موضوعها: تاريخ الحركة السياسية السودانية خلال الفترة 1952- 1958، فما بالك بحجم نشاط الحزب في الفترات الأخرى كماً وكيفاً؟ وبعد كل هذا، هل يمكننا قبول ما كتبته البروفيسور فدوى، قائلة: "لو أورد المؤلف ذلك الذي ذكره القدَّال لنسف الهدف الذي رمى إليه وهو تضخيم دور الحزب الجمهوري السياسي"؟ فهل ضخم مؤلف كتاب: الأستاذ محمود والمثقفون، دور الحزب الجمهوري، أم قزمت الأكاديميا السودانية، ضخماً، ظل يقدم العلمي والنوعي؟ بيد أنه تقزيم إلى حين.. وهل إيرادي لما ذكره القدَّال ينسف الهدف الذي رميت إليه، كما أدعت البروفيسور فدوى، وهو تضخيم الحزب الجمهوري، أم أن ما أوردته الآن عن نشاط الحزب الجمهوري خلال الفترة 1952- 1958 ينسف ما ذكره القدَّال، وينسف ما ركنت إليه البروفيسور فدوى، وينسف ادعاءها، وينسف كذلك الصورة الذهنية للحزب الجمهوري التي رسخت في وعي ودوائر الأكاديميا السودانية، بتنميط موروث، ثم تسرب ذلك التنميط، بوعي أو بدون وعي، إلى الأجيال وإلى إنتاج الأكاديميا السودانية؟

    الشاهد أن عدم وجود مناسبة لذكر الحزب الجمهوري في الأطروحة المشار إليها أعلاه، لم يكن بسبب غياب نشاط الحزب الجمهوري، وإنما بسبب عدم المامنا بذلك النشاط، نسبة لعدم انفتاحنا، بما يكفي، على الإرشيف السوداني في دار الوثائق القومية. ولو انفتحنا على الإرشيف، دون الحاجة للسكن في دار الوثائق القومية، لوقفنا على نشاط ضخم ونوعي وعلمي قام به الحزب الجمهوري خلال الفترة ما بين 1952- 1958. إنني أدعو البروفيسور فدوى، خاصة وأنها تمثل سلطة أكاديمية، في مجال تاريخ السودان السياسي، أن تراجع موقفها، وتراجع الحكم الذي أطلقته، بأن الحزب الجمهوري لم يكن له نشاط خلال الفترة ما بين 1952- 1958، وقد اتضح الآن أن الأمر غير ما ذهبت إليه وغير ما حكمت به.

    لهذا فإن المعطيات وشواهد الواقع تلزمنا بضرورة ممارسة النقد الذاتي، وبضرورة التحلي بالتواضع الذهني. فإرث تنميط الصور والتهميش والتغييب وبتر المعارف، المتمكن في وعي وإنتاج الأكاديميا السودانية، تسرب إلى عقول الطلاب فانطلى عليهم، وعلى غمار الناس، حتى صدقه، للأسف الشديد، بعض أذكى الأذكياء من المثقفين والأكاديميين السودانيين. لهذا فإننا في حاجة ماسة لاستنهاض المروءة الأكاديمية لمزيد من البحث المتعمق والتنقيب والتمحيص والتقصي في إرشيف السودان، فهناك الكثير مما لم يكشف عنه، وما لدينا لا يكفي لإطلاق الأحكام. ويجب علينا كذلك الانتباه إلى ضرورة أن نستدعي المهمش والمكبوت والمقموع والمغيب حتى نفهم لننقذ أنفسنا والسودان والإنسان.

    نواصل في الحلقة القادمة والأخيرة، ونتناول: "القدَّال والحزب الجمهوري ونقاء السريرة وصفاء الطوية"، و"دراسة المغاير والخارج عن السائد والمألوف أحق من دراسة المتشابه"، و"الأطروحات الأربع وتجليات التغييب: الأطروحة الثالثة والرابعة"، و"مقترح بحث ماجستير أو دكتوراة أكاديمي علمي محايد متكامل"... إلخ.
                  

01-30-2015, 12:55 PM

محمد عبدالرحمن
<aمحمد عبدالرحمن
تاريخ التسجيل: 03-15-2004
مجموع المشاركات: 9059

للتواصل معنا

FaceBook
تويتر Twitter
YouTube

20 عاما من العطاء و الصمود
مكتبة سودانيزاونلاين
Re: نقدٌ وتوضيح لما ورد في كتاب الأستاذ عبد الله الفكي البشير .. فدوى عبد الرح (Re: Yasir Elsharif)

    التحية للجميع
    ورد عن د. فدوى:
    (وانتقد المؤلف الباحثين والباحثات الذين أعدوا هذه الأطروحات بتغييب دور
    الأستاذ محمود محمد طه، وأورد أموراً ذكر أنها "تؤكد بصورة جلية دامغة
    السعي الحثيث والمنظم لاغفال وتغييب الأستاذ محمود محمد طه من ساحة
    الباحثين وطلاب الدراسات العليا". وأشار للتهميش والبتر للمعارف والعزل
    عن ميدان البحث العلمي) .
    وقد عقب الأخ عبد الله أن رد د. فدوى يؤكد ما قرره في حق الباحثين من
    دمغهم بتعمد، وتغييب الأستاذ محمود بعمل منظم بقصد التهميش والبتر
    والعزل، فكأنه غلظ العبارات وضغط عليها في حق فدوى!!
    وهذه هي مقدمة رده:
    (هل كانت حجج، البروفيسور فدوى، ودفوعاتها، دقيقة وواضحة وشافية ووافية
    وعلمية، كما يتبدى، من الوهلة الأولى، للقارئ غير المختص أو للقارئ
    المختص الذي لا يعلم، أو للقارئ المختص المُسلِّم بما هو معلن من
    التاريخ، أم أن المقال نفسه، ما هو إلا تأكيد لما ذهب إليه كتاب:
    "الأستاذ محمود والمثقفون"، إلى أن التهميش والتغييب وبتر المعارف، واقع
    ماثل في إرث الأكاديميا السودانية؟ والحق أن المقال، بدفوعاته وأطروحاته،
    ما هو إلا تأكيد، لما خلص إليه الكتاب. بل أنه وبما تضمنه من دفوعات
    واطلاق أحكام، شهد بنفسه على نفسه، بدون قصد أو عمد، بأنه حلقة من حلقات
    التغييب، وسنرى تفصيل ذلك لاحقاً.) انتهى
    أرى أن الأخ عبد الله لم يكن موفقا في استعمال هذه العبارات القاسية
    والعنيفة، خاصة في حق د. فدوى، فهي صديقة للفكرة كشأن أسرتها كما أن
    والدها كان محترما عند الأستاذ محمود في حياته وبعد مماته زاره معبرا عن
    تقديره له..
    وإذا أخذنا المثال الذي ركز عليه الأخ عبد الله ليكون الدليل على دعواه،
    أيضا أرى أنه لم يكن موفقا في إصراره على الطعن في نيتها من أنها تعمدت
    تهميش الأستاذ أو قصدت عزله!!
    إذن فلنقرأ ما أوردته فدوى في مقالها:
    (أبدا برسالة الباحث عبد العظيم محمد حمد أبو الحسن: قضية إسلامية
    الدستور والقوانين وتأثيرها على الاستقرار السياسي 1955- 1985م، ماجستير
    غير منشورة، جامعة الخرطوم، 2010م. والتي قال عنها مؤلف الكتاب "وما كنت
    أعتقد أن هناك رسالة جامعية أنسب من هذه الرسالة للاستشهاد بأقوال
    ألأستاذ محمود ومواقفه وكتاباته ذلك لأن أمر إسلامية الدستور كان من أكثر
    الموضوعات التي نقدها الأستاذ محمود نقداً باكراً ........ إلى أن يقول
    وفي تقديري أن هذا الأمر لا يستقيم علمياً وأخلاقياً فالإطار الزمني
    للرسالة يبدأ بعام 1955 وينتهي بعام 1985، فقد شهد العام 1985، كما هو
    معلوم، الحكم بردة الأستاذ محمود عن الإسلام ومن ثم تنفيذ حكم الإعدام
    عليه". تقفز إلى القارئ لهذه السطور فكرة أن عبد العظيم استبعد تماماً من
    رسالته أي ذكر للأستاذ محمود محمد طه والحزب الجمهوري وحكم الإعدام
    وتنفيذه عليه.
    تناول الباحث عبد العظيم بين الصفحات 112 - 113أموراً تتعلق بالحزب
    الجمهوري وابتدر حديثه عن معارضة لجنة مراجعة القوانين التي كونت عام
    1977 بمعارضة الحزب الجمهوري لأن الجمهوريين كانوا أشهر من جاهر
    بالمعارضة للقوانين الإسلامية التي صدرت في عهد الحكم العسكري الثاني
    (الحكم المايوي). وأورد عبد العظيم الآتي " انتقد الجمهوريون لجنة مراجعة
    القوانين السارية وتعديلها لتتماشي مع الشريعة منذ تكوينها إذا قاموا
    بإصدار كتيب في أغسطس 1977 عنوانه "الشريعة الإسلامية تتعارض مع الدستور
    الإسلامي" ، وأورد الباحث بعض ما جاء في هذا الكتيب ومنه:- إن تعديل
    القوانين لتتماشي مع الشريعة الموروثة تهدد المكتسبات التى حققها شعبنا
    وذلك في المجالات الآتية:- أولاً في مجال الاشتراكية فأن تعديل القوانين
    لأمر يهدد بالضياع كافة مكتسبات الشعب ويتناقض مع كافة مبادئ مايو
    المعلنة في مواثيقها وخطة عملها ومن هذه المبادئ انتهاج النظام الاشتراكي
    كأساس للاقتصاد السوداني وفقاً لما جاء في المادة (30). وذلك أنه ليست في
    الشريعة الموروثة اشتراكية الشيء الثاني عن المرأة لأن الاتجاه إلى تطبيق
    أحكام الشريعة من غير نظر إلى تطويرها يعد تناقضاً مزرياً مع واقع المرأة
    السودانية التى نالت قدراً كبير من الحقوق الأساسية مما يشير إلى أن هناك
    خطوات كبيرة في اتجاه عرض الدين الأساسي وهو تحقيق كرامة الإنسان رجلاً
    كان أو امرأة. ومن أكبر مظاهر هذه الكرامة التمتع بالمساواة وبحقوق
    المواطنة الكاملة في المجتمع وتساءل الجمهوريون "هل ستمنع اللجنة
    الاختلاط، وترد المرأة إلى الحجاب؟ وكيف يجوز مع تطبيق أحكام الشريعة أن
    تتولى المنصب الوزاري مثلاً، والشريعة صريحة وواضحة حيث تنص على أنه ما
    أفلح قوم ولوا أمرهم امرأة. بل وكيف يجوز خروج المرأة وأمر الشريعة واضح
    "وقرن في بيوتكن". وكان مصدر عبد العظيم الذي أورده في الهامش "الإخوان
    الجمهوريون، الشريعة الإسلامية تتعارض مع الدستور الإسلامي، ص 37" نقلاً
    عن عبد اللطيف البوني: تجربة نميري الإسلامية في السودان مايو 1969م-
    أبريل 1985م، الخرطوم، 1995م. وهذا الكتاب لا يوجد له أثر بين مصادر
    ومراجع المؤلف.
    كما أورد الباحث عبد العظيم أيضاً "أما في مجال الوحدة الوطنية فيرى
    الجمهوريون أن إنهاء الحرب الأهلية باتفاقية أديس أبابا وإعطاء الجنوب
    الحكم الذاتي هذه مكاسب حققها النظام المايوي. لكن في الشريعة سكان
    الدولة من غير المسلمين لا يتساوون مع المسلمين في الحقوق والواجبات، كما
    لا يحق لغير المسلم أن ينخرط في صفوف الجندية، لأن مهمة الجيش الأساسية
    في الشريعة الموروثة هي الجهاد لنشر الإسلام". ويعلق الباحث عبد العظيم
    بعد ما أورده من إشارات عن الحزب الجمهوري بالقول "من هنا يتضح لنا أن
    الجمهوريين واجهوا النظام بالمعارضة بالكتب والمنشورات".
    وأورد عبد العظيم أيضاً في ص 125 "كان الجمهوريون أول من عارض تطبيق
    قوانين سبتمبر 1983 لاعتقادهم بأنها غير شرعية ولا إسلامية وأنها شوهت
    الإسلام وهددت وحدة البلاد وأهانت الشعب السوداني وأن النظام تنقصه
    العدالة الاجتماعية جاء ذلك في منشور قاموا بتوزيعه بعنوان (هذا أو
    الطوفان)". وأورد أيضاً وفي نفس الصفحة وصف صحيفة الأيام لأشهر المحاكمات
    السياسية في تاريخ السودان المعاصر وأيد وصفْ تنفيذ حكم الإعدام على
    الأستاذ محمود محمد طه بأنه جريمة. وقبل ذلك أشار عبد العظيم عندما تطرق
    لحل الحزب الشيوعي وموقف حزب الشعب الديمقراطي بالقول "وقد كان ذلك
    موافقا لآراء العديد من الكيانات السياسية حيث أكد الحزب الجمهوري علي
    لسان رئيسه محمود محمد طه أن مجرد المناداة بحل الحزب الشيوعي يعد هزيمة
    للديمقراطية". (ص 44) لو كان لعبد العظيم نيتة مبيتة في إقصاء الأستاذ
    محمود أو لمشرفته لما أورد ما ذكرته، ولما أورد ضمن مراجعه كتاب بروفيسور
    عبد الله أحمد النعيم – نحو تطوير التشريع الإسلامي – سينا للنشر 1994م.)
    انتهى
    احتجت فدوى بأن من يقرأ تقييم عبد الله (". تقفز إلى القارئ لهذه السطور
    فكرة أن عبد العظيم استبعد تماماً من رسالته أي ذكر للأستاذ محمود محمد
    طه والحزب الجمهوري وحكم الإعدام وتنفيذه عليه.)
    وحقيقة هذا ما يحدث لكل من يقرأ، فاحتجاج فدوى في مكانه تماما..
    وكما هو واضح هذا التقييم مخالف للحقيقة، فقد وردت إشارات إلى أفكار
    الأستاذ هنا وهناك كما وردت إشارات إلى المحاكمة الأخيرة من كتاب د. عبد
    اللطيف البوني..
    شوف خلاصته في تقييم هذه الرسالة:
    (بيد أن الرسالة كانت لا تختلف عن الرسائل الجامعية التي تجاهلت الأستاذ
    محمود وأهملته، فلم يرد كتاب واحد من كتب الأستاذ محمود أو منشور أو بيان
    في قائمة مصادرها ومراجعها، في تقديري أن هذا الأمر لا يستقيم علمياً
    وأخلاقياً فالاطار الزمني للرسالة يبدأ بعام 1955م وينتهي بعام
    1985م...".) انتهى
    كيف لا تختلف!!؟؟
    هل هذه الرسالة مساوية للرسائل التي لم تذكر أي فكرة أو إشارة للأستاذ
    محمود مطلقا!!؟؟
    الأمر الوحيد الذي أشار إليه الأخ عبد الله بحق هو عدم الاعتماد على
    المصادر الأساسية، لكن هذا لا يفرغ ما ورد في البحث من إشارات ويبخسه حقه
    بالقياس إلى الناحية الروحية التي يركز عليها الأستاذ محمود!!
    فالأستاذ محمود كان يقبل ان لا يذكر اسمه في الدراسات، ما دامت الأفكار
    المنشورة صحيحة وغير مشوهة، ولم يقل أنه صاحب ملكية فكرية كما في الأبحاث
    الأكاديمية، فالمعنى عنده هو الأساس في التعامل مع الدراسات.. وفي محاضرة
    عامة قال بالواضح ما معناه: إذا الأفكار التي طرحناها مقبولة عندكم خذوها
    فهي ملككم حتى ولا تشكرونا عليها!! فكأن النقص في الشكل مجبور بحضور
    المحتوى كاملا غير مبتور..
    هذا الكلام لا يتعارض مع ضرورة الالتزام بأسس الأبحاث الأكاديمية، لدى
    الباحثين لكنه يضيف البعد الروحي عند الأستاذ محمود، ولذلك فمن هذه
    الناحية فمجرد وجود الأفكار صحيحة كاف وليس هناك عيبا في عدم إيراد
    المصادر الأساسية..
    ختاما: أرى أن الأخ عبد الله ظلم د. فدوى بل تعدى عليها بغير حق، فدمغ
    الآخرين بتعمد التغييب والبتر والعزل للمفكرين غير لائق.. فهذه تهم غليظة
    تطعن في نوايا الناس وفي أمانتهم..
    وهناك أمر مهم وهو أن غرابة الفكرة، والتشويه الذي أحدثه المعارضون
    لشخصية الأستاذ محمود ولأفكاره، قد ترك بصماته في كل ميادين التنوير،
    فبعض الأندية الثقافية كانت ترفض قيام المحاضرات، والمساجد تعنف
    بالجمهوريين والشرة تمنع المحاضرات بغير سبب...الخ فالأكاديمية واحدة من
    تلك الميادين، وقد رفضت العديد من الأبحاث بغير حق بوحي من الإرهاب
    الديني، لكنها لا ترفض الأبحاث المعارضة!!
    فإذا كان د. فدوى رغم هذه الضغوط، قدمت هذا القدر في أبحاثها، فهل نشكرها
    ونقول بارك الله فيها أم نحسبها في عداد الذين غيبوا الأستاذ محمود
    متعمدين ونضرب عليها بأقسى التهم وأعنفها!!؟؟
    وشكرا
    د. محمد محمد الأمين عبد الرازق
    mailto:mailto:[email protected]@gmail.commailto:[email protected]@gmail.com....
    02:45 مساءًتوسيع
    عرض الصور

    (عدل بواسطة محمد عبدالرحمن on 01-30-2015, 07:55 PM)

                  

01-30-2015, 01:06 PM

محمد عبدالرحمن
<aمحمد عبدالرحمن
تاريخ التسجيل: 03-15-2004
مجموع المشاركات: 9059

للتواصل معنا

FaceBook
تويتر Twitter
YouTube

20 عاما من العطاء و الصمود
مكتبة سودانيزاونلاين
Re: نقدٌ وتوضيح لما ورد في كتاب الأستاذ عبد الله الفكي البشير .. فدوى عبد الرح (Re: محمد عبدالرحمن)



    اعلاه مشاركة من دكتور محمد محمد الامين ..يشكر على اثرائه الحوار ...وهى
    اضافة قيمة بلاشك ...

    شخصيا اتوقع مشاركة دكتور النور حمد ...دكتور ياسر شريف مشكورا لو اتصلت
    لنا بدكتور النور حمد ليشارك فى هذا الحوار ...رجل حصيف وذكى وكاتب مجود...
    سيسهم بالمفيد فى هذا الحوار ...

    تحياتى للجميع ....
                  

01-30-2015, 04:35 PM

Yasir Elsharif
<aYasir Elsharif
تاريخ التسجيل: 12-09-2002
مجموع المشاركات: 48782

للتواصل معنا

FaceBook
تويتر Twitter
YouTube

20 عاما من العطاء و الصمود
مكتبة سودانيزاونلاين
Re: نقدٌ وتوضيح لما ورد في كتاب الأستاذ عبد الله الفكي البشير .. فدوى عبد الرح (Re: محمد عبدالرحمن)

    تعقيب على البروفيسور فدوى عبدالرحمن على طه (3-3)
    التنقيب عن: "ما بعد التاريخ المعلن" في صحائف المؤرخين وإرث الأكاديميا السودانية


    عبدالله الفكي البشير


    القدَّال والحزب الجمهوري ونقاء السريرة وصفاء الطوية

    احقاقاً للحق، فإن الدكتور القدَّال حينما كتب ما كتب عن نقاء السريرة وصفاء الطوية، كما ورد آنفاً، لم يكن يتحدث عن الفترة ما بين 1952- 1958، في تاريخ وسجل الحزب الجمهوري. وقد ركنت البروفيسور فدوى، إلى قول القدال، وخاطبت به هذه الفترة 1952- 1958، وهي تبرر خلو الأطروحة وعدم ذكرها للحزب الجمهوري في حين أن موضوع الأطروحة وعنوانها هو: تاريخ الحركة السياسية السودانية. الشاهد أن القدال لم يحدد فترة تاريخية بعينها حينما كتب عن نقاء السريرة وصفاء الطوية عند الحزب الجمهوري، ولم يعب ذلك، وما كان له أن يعيب ذلك، فقد كتب مشيراً للنقاء، قائلاً: "أول الأحزاب الداعية للاستقلال هو الحزب الجمهوري الذي أسسه الأستاذ محمود محمد طه عام 1945م. ونشر الحزب برنامجاً انتقد فيه التيارين الكبيرين لارتباطهما ببريطانيا ومصر ولانعدام المذهبية في عملهما، ودعا إلى.... قيام جمهورية سودانية.... فقد أخرج الحزب دعوة الاستقلال من محيط المناورات وطموح السيد عبدالرحمن، إلى نقاء العمل السياسي الحقيقي من أجل الاستقلال فألبسها دثاراً ناصعاً جعل منها دعوة يمكن أن تلهم جيلاً بأكمله. كما أخرج العمل السياسي من دائرة المناورات والتكتيك، إلى رحاب العمل الفكري القائم على البرنامج الملزم المحدد الجنبات والآفاق". وهذا غير ما ذهبت إليه البروفيسور فدوى، وهي تستند على قول القدال وتبرر به غياب الحزب وضآلة نشاطه السياسي خلال الفترة ما بين 1952- 1958 وهو الاطار الزمني للأطروحة المشار إليها.

    كذلك كتبت البروفيسور فدوى، قائلة: "إن أزمة الحزب الجمهوري، أنه قائم على نقاء السريرة وصفاء الطوية، دون أن يدرك أن ذلك النقاء وذلك الصفاء لابد لهما من مناورات وعمل تكتيكي". ثم بناءً على ذلك، كتبت البروفيسور فدوى، وهي تتحدث عن طالبتها، قائلة: "وقد أبانت في دراسة موثقة جداً تلك التكتيكات والمناورات التي أشار إليها القدال، ولا توجد مناسبة للإشارة للأستاذ محمود أو كتبه أو كتب تلاميذه في قائمة المصادر والمراجع" (انتهى). هنا أيضاً الأمر يحتاج من البروفيسور فدوى للمراجعة، والممارسة لبعض النقد الذاتي، فنقاء السريرة وصفاء الطوية لم يمنع الحزب الجمهوري من النشاط، كما اتضح لنا آنفاً، كما أن التكتيكات والمناورات التي أبانتها الطالبة في أطروحتها، لم تبنها بالمقارنة مع منشورات الحزب الجمهوري عن نقاء السريرة وصفاء الطوية.

    وبعد كل هذا، أين عدم الالتزام الأكاديمي والأخلاقي، الذي أشارت إليه البروفيسور فدوى، هل هو في كتاب: "الأستاذ محمود والمثقفون"، أم أنه تجلى بوضوح في إنتاج الأكاديميا السودانية وفي إرث مؤرخي الحركة الوطنية السودانية، ودارسي تاريخ السودان السياسي، وطرق تبريرهم للآراء؟

    دراسة المغاير والخارج عن السائد والمألوف أحق من دراسة المتشابه

    كتبت البروفيسور فدوى، قائلة: "وقبل ذلك لم يشارك الأستاذ محمود محمد طه في مؤتمر الخريجين الذي تأسس عام 1938 ولم يكن عضواً فيه ولا في لجانه". والحق أن عدم المشاركة في مؤتمر الخريجين، موقف ومشاركة. وفي تقديري، هذا الموقف أحق بالدراسة من مواقف أولئك الذي كانوا جزءاً من مؤتمر الخريجين. خاصة وأن صاحب هذا الموقف، بيَّن لنا الأسباب وشرحها بتفصيل في بيانات عديدة. في يوم 9 نوفمبر 1945 أصدر الحزب الجمهوري كما ورد آنفاً، بياناً بعنوان: "موقف الحزب الجمهوري من المؤتمر ومن وثيقة الاحزاب المؤتلفة"، ونشر البيان في صحيفة النيل بتاريخ 22 نوفمبر 1945. (برغم أن الأستاذ محمود في مرحلة تأسيس مؤتمر الخريجين 1938، وهو في عطبرة غير اسم النادي من نادي السكة الحديد بعطبرة إلى نادي الخريجين، للتفاصيل أنظر محور: موقف الأستاذ محمود من مؤتمر الخريجين ضمن كتاب: الأستاذ محمود والمثقفون). أوضح الحزب أسباب اختلافه مع مؤتمر الخريجين، وما معنى تسمية المؤتمر بمؤتمر الخريجين العام. وتناول البيان حق العضوية في المؤتمر، ولماذا لا يعمل الحزب الجمهوري سياسياً تحت لواء المؤتمر؟ وما هو الشرط الذي يتعاون بموجبه الحزب الجمهوري مع أي هيئة؟ ...إلخ. وفي 17 مارس 1947 أصدر الحزب الجمهوري بياناً بعنوان: "إلى المؤتمر والأحزاب" تناول البيان قرار المؤتمر أو وثيقة الأحزاب قياساً بالفهم السياسي المستنير، وقال هما أسوأ دعاية للسياسي السوداني في فهمه لقضية بلاده. وأضاف البيان قائلاً: "قضيتنا قضية حرية ولا سبيل إلى كسبها إلا بإثارة الشعب حولها بالدعوة الجريئة السافرة وأول الخطوات لتوحيد البلاد بفتح الجنوب على مصراعيه - واستكراه الحكومة على احترام الحريات العامة – حرية الكتابة - وحرية الكلام وحرية التنقل (فعلا لا قولاً)... إلخ". وأضاف: "نحن موقنون أنكم تطلبون الخير ولكنكم تجهلون أصل القضية ولهذا رأينا أن نتصدى لنصيحتكم إذ لو كنا نتهمكم بسوء القصد (الخيانة) لكان لنا معكم شأن آخر. وختم البيان قائلاً: "وليس الخائن لدينا من يفهم قصد السبيل ثم يحيد فقط وإنما الخائن أيضاً الجاهل الذي تأخذه العزة بالإثم وقد أعذر من أنذر". وغير ذلك من البيانات والمقالات الكثيرة.

    هذا في تقديري ما يجب أن يتناوله ويدرسه الطلاب بشأن مؤتمر الخريجين. المواقف المغايرة والخارجة عن السائد والمألوف التي تستحق الدراسة، لأنها تمكننا من أن نفهم ونفسر الوقائع والأحداث.

    أيضاً في ردها على قولي في كتاب الأستاذ محمود والمثقفون: "لقد درج الأستاذ محمود في مشاركاته بأن يعلن انسحابه متى ما تحقق الغرض الذي شارك من أجله في الحدث أو النشاط وذلك عندما انسحب من الجبهة الاستقلالية الأولى التي تكونت عام 1946 عقب بروتوكول صدقي - بيفن"، كتبت البروفيسور فدوى في الرد على هذه النقطة قائلة: "لكن عندما انسحب الأستاذ محمود من لجنة تعديل الدستور عام 1956 كان بسبب سقوط اقتراحه وعدم تحقق غرضه وليس بسبب تحقيق الهدف". ففي تقديري أن الأستاذ محمود بإعلان انسحابه من لجنة تعديل الدستور عام 1956 احتجاجاً على سقوط اقتراحه، استطاع أن يحقق غرضاً وهدفاً عابراً للمكان والزمان، لنأتي نحن لندرسه وننقب فيه. فقد ملكنا عبر ذلك الاعلان المسبب والموثق موقفاً يسعفنا في الفهم عندما ندرسه. فقد أعلن الأستاذ محمود عن انسحابه من اللجنة بخطاب، وكعادته في تمليك الرأي العام للحقائق، نشر خطابه في صحيفة الرأي العام بتاريخ 26 يناير 1957، وجاء فيه:

    "حضرة السيد رئيس لجنة الدستور القومية، والسادة أعضاء اللجنة المحترمين.. تحية طيبة، وبعد: يؤسفنا أن نبلغكم انسحابنا من اللجنة القومية للدستور، وذلك لانهيار الأساس الذي قبلنا به الإشتراك فيها.. فقد جاءت فكرة تكوين هذه اللجنة عقب رغبة حقيقية أعلنها الرأي العام السوداني، كيما تساعد على إبراز الرأي المعبر عن مُثُل الشعب الإنسانية، ليصاغ منها دستوره، وقامت الحكومة بتنفيذ فكرة تكوين اللجنة باعتبار أنها أصلح من يقوم بمثل هذا العمل .. وما كنا لنبخس الحكومة حقها في شكرها على أدائها هذا العمل لو سارت فيه السير الصحيح.. ولكن مع الأسف كونت اللجنة بصورة يصدق عليها أن تعتبر لجنة حكومية، وليست قومية، فاستحلّت الحكومة لنفسها أن تعيّن رئيسها، وتعيّن أعضاءهاالمستقلين، حسبما يروقها، وهذه من أخص حقوق اللجنة التي ما كان للحكومة أن تتغوّل عليها.. وكان أملنا أن تسترد اللجنة حقوقها المسلوبة، ولكن اللجنة نفسها، خذلتنا عندما أسقطت الاقتراح الذي تقدمنا به في هذا الصدد فارتضت لنفسها بذلك وضعاً مهيناً، لا نشعر بالكرامة في قبوله، والاستمرار فيه.. وقد قال بعض أعضاء اللجنة، أن اللجنة عينتها الحكومة، وعينت لها اختصاصاتها، وليس من حق أعضائها أن يعيدوا النظر فيما حددته الحكومة، بل لايتورّع بعض الأعضاء من أن يعلن أن الدستور منحة تمنحها الحكومة للشعب هي ولية أمره فيفصح بذلك عن كفرانه بالشعب أصل الدساتير، كل هذا يقال داخل اللجنة، واللجنة تقبله. وبذلك وضح أن الحكومة تريد أن تجعل هذه اللجنة مخلب قط في يدها وتتخذ منها أداة لعمل تلبسه ثوب القومية.. وإزاء كل هذا لا يسعنا إلا أن نعلن إنفصالنا من هذه اللجنة.. وختاماً تفضلوا بقبول فائق الاحترام، الحزب الجمهوري".

    والحق هذه المواقف هي التي تستحق الدراسة والبحث، عندما نتحدث عن مؤتمر الخريجين أو لجنة الدستور القومية 1956. ولكن دراساتنا الأكاديمية لا تنشغل بالمغاير والمختلف والخارج عن السائد والمألوف، وإنما تركن للمتشابه والمتسق والساير ضمن القطيع. وهذا ما يتطلب منا وقفة قوية ونقدا شجاعا.

    الأطروحةالثالثة
    (إسهامات الأعضاء الجنوبيين في البرلمانات واللجان والمجالس السودانية "1948- 1969") رسالة ماجستير، جامعة الخرطوم، 2004.

    عن هذه الأطروحة كتبت البروفيسور فدوى، قائلة: "تتحدث الباحثة في بحثها عن مداولات الأعضاء الجنوبيين في برلمانات ولجان ومجالس محددة ولا تتحدث عن دور الزعماء السياسيين ورؤيتهم لمشكلة الجنوب ولم تورد أي رأي لحزب آخر وموضوعها محدد".

    مع قبولنا للموضوع المحدد للأطروحة، بدراسة الأمر بمعزل عن دور الزعماء الشماليين، فإن مجادلتي لا تنصب على دور الزعماء الشماليين ورؤيتهم لمشكلة الجنوب، برغم أن الأستاذ محمود والحزب الجمهوري نشر خلال الفترة ما بين 1945- 1969، أكثر من 21 (بيان، مقال.. كتيب... إلخ) متحدثاً أو مشيراً فيها لمشكلة الجنوب، أو مشكلة الجنوب ومشكلة الشمال، أو مشكلة الجنوب والساسة الجنوبيين (احتفظ بنسخة من كل هذه المنشورات)، وإنما أقول أن الأطروحة تناولت في متنها قضايا عديدة، لا يمكن أن تدرس في اطار مداولات الأعضاء الجنوبيين، فقط، فهي أحداث ووقائع، ومنها: المجلس الاستشاري لشمال السودان، وقد خصصت له الأطروحة عنواناً جانبياً، كما درست الأطروحة في الفصل الرابع: "جنوب السودان خلال الحكم العسكري"، وتناولت ضمن الفصل الخامس: مؤتمر المائدة المستديرة، واللجنة القومية للدستور 1956م، واللجنة القومية للدستور عام 1966م-1968م، ومسودة الدستور، ....إلخ. الشاهد أن هناك تقاطعات كثيرة في الأطروحة. ولكن اطلاق الأحكام التي تجرد الحزب الجمهوري من النشاط خلال الفترة 1952- 1958 كما هو الحال في الأطروحة السابقة، يفسر لنا عدم الالمام بأنشطة الحزب الجمهوري في المراحل السابقة واللاحقة.

    ففي اطار تناول هذه الأطروحة، ليس عن دور الزعماء السياسيين ورؤيتهم لمشكلة الجنوب، إذ قالت البروفيسور فدوى أن الأطروحة لا تتحدث عن ذلك، كما ورد آنفاً، وإنما في اطار ما تناولته الأطروحة، في حالة المجلس الاستشاري لشمال السودان، مثلاً. فإن الذي لا يعرفه الكثير من أساتذة تاريخ السودان السياسي، أن زعيم الحزب الجمهوري وكذلك قادته سجنوا بسبب نضالهم ضد قيام المجلس الاستشاري لشمال السودان. بل أن الحزب اعتبر قيام هذا المجلس تقسيماً للسودان، وظل رافضاً بالمقاومة والصدام لأي قانون يصدر عنه. وفي هذا، كان الحزب الجمهوري، حسب علمي، هو الحزب الوحيد في الساحة السياسية الذي دخل قادته السجن بسبب المقاومة للمجلس الاستشاري لشمال السودان. هنا ينبغي أن ألفت الانتباه، إلى أنني أتحدث عن السجن الأول للأستاذ محمود، 50 يوماً، (الأحد 2 يونيو- الاثنين 22 يوليو 1946)، وليس السجن الثاني، عامان، (الأحد 22 سبتمبر 1946- الثلاثاء 21 سبتمبر 1948) الذي كان بسبب قيادة الأستاذ محمود لثورة رفاعة/ الخفاض الفرعوني، (راجع الفصل الخامس من كتاب الأستاذ محمود والمثقفون، عن ثورة رفاعة). فقد كان السجن الأول للأستاذ محمود بسبب منشورات ضد المجلس الاستشاري لشمال السودان وضد القوانين التي أصدرها المجلس. ففي يوم 3 يونيو 1946 نشرت صحيفة الرأي العام خبراً بعنوان: "رئيس الحزب الجمهوري في السجن"، وأوردت في نص الخبر قائلة: "مثل الأستاذ محمود محمد طه المهندس أمس أمام قاضي الجنايات المستر مكدوال متهماً من بوليس الخرطوم تحت قانون التحقيق الجنائي لتوزيعه منشورات سياسية من شأنها الاخلال بالأمن العام. وقد أمره القاضي أن يوقع على صك بكفالة شخصية بمبلغ خمسين جنيهاً لمدة عام لا يشتغل بالسياسة ولا يوزع منشورات أو أن يودع السجن لمدة سنة إذا رفض ذلك. ولكن الأستاذ محمود رفض التوقيع مفضلاً السجن. وقد اقتيد لتوه إلى سجن كوبر ولم تستغرق هذه الإجراءات كلها غير وقت يقل عن الساعة". ويقول الأستاذ محمود: ""أنو الإنجليز نواياهم مبيتة لفصل الجنوب ولذلك جعلوا المجلس الاستشاري لشمال السودان ونواياهم كلها في أنهم يفصلوه .. فدا كنا بنحمس بيهو الجماهير"(لقاء الأستاذ محمود بمندوبي معهد الدراسات الأفريقية والآسيوية، مصدر سابق).

    وفي يوم الاربعاء 26 يونيو سنة 1946م نشرت صحيفة الرأي العام، بياناً بعنوان: "بيان رسمي من مكتب السكرتير الإداري عن رئيس الحزب الجمهوري"، جاء فيه: "ظهرت بيانات في الصحف المحلية حديثاً بخصوص محمود محمد طه الذى هو الآن تحت الحراسة بالخرطوم بحرى نتيجة لرفضه أن يمضى كفالة المحافظة على الأمن – وهذه البيانات قد احتوت على معلومات غير دقيقة والحقائق كالآتي: لمدة يومين رفض محمود محمد طه أن يشتغل وهذا يخالف قوانين السجن فلم يعمل له أي شئ في اليوم الاول أما في المرة الثانية فقد حكم عليه بالبقاء ثلاثة أيام (بالزنزانة ) (والأكل الناشف) – ولو أنه رفض أيضا أن يقف عند الكلام مع ضابط السجن فإن العقوبة التي نالها الآن لم تعط له لهذه المخالفة لنظام السجن – وبهذه المناسبة يجب أن يعلم أن كل المساجين مهما كانت جنسياتهم أو طبقاتهم يجب أن يقفوا الى ضابط السجن إنجليزياً كان أو سودانياً. وبالطبع لم تتخذ أي وسيلة لمنع هذا المسجون أو أي مسجون آخر من أداء واجباته الدينية".

    كذلك قام أعضاء الحزب الجمهوري بإصدار المناشير ضد المجلس الاستشاري لشمال السودان، وضد القوانين التي أصدرها المجلس: قانون الخفاض ولوائح تعاطي الخمور. وخطب أعضاء الحزب الجمهوري في الشوارع ضد المجلس الاستشاري لشمال السودان. فقد أوردت صحيفة الرأي العام في يوم الخميس 27 سبتمبر 1946م، العدد 453، خبراً جاء في نصه: "اعتقل بوليس الخرطوم بحري مساء أمس ذا النون جبارة وعبدالمنعم عبدالماجد أعضاء الحزب الجمهوري عندما ألقيا خطابين أمام السينما الوطنية بالخرطوم بحري ونددا فيهما بالمجلس الاستشاري وقانون الخفاض وكبت حرية الرأي والخطابة، وباعتقال هذين بلغ عدد المعتقلين من الحزب الجمهوري خمسة مازالوا في السجن". وفي يوم الجمعة 4 أكتوبر 1946م نشرت صحيفة الرأي العام خبراً تحت عنوان: "عضوان من الحزب الجمهوري يطلق سراحهما"، يقول نص الخبر: "النص "أطلق سراح منير أفندي صالح عبدالقادر وعبدالمنعم أفندي عبدالوهاب اللذان قبض عليهما قبل أيام بتهمة إلقاء خطب تندد بالمجلس الاستشاري وقانون الخفاض في مكان عام في الخرطوم. كان اطلاقهما بلا ضمان". وفي يوم 25 سبتمبر 1946، نشرت صحيفة الرأي العام خبراً بعنوان: "الحزب الجمهوري ينظم موكباً"، وجاء في نص الخبر: "اجتمع أعضاء الحزب الجمهوري مساء أمس وساروا في موكب اخترق شارع الملك بالخرطوم وقد خطب منصور عبد الحميد في إحدى المقاهي التي صادفتهم في الطريق فاعتقله البوليس للتحقيق وقد سمح لخمسة من زملائه أن يحضروا معه التحقيق ومنع البوليس الباقين من الدخول. واستمر التحقيق إلى ما بعد منتصف الليل حيث أطلق سراح المقبوض عليه بضمانة وكان الغرض من الموكب والخطبة الاحتجاج على اعتقال رئيسه والتنديد بقانون الخفاض". وفي يوم الخميس 10 أكتوبر 1946م، نشرت صحيفة الرأي العام تحت عنوان: "المعتقلون من الحزب الجمهوري"، قائلة: "اطلق أمس سراح سعد صالح وذا النون جبارة وعثمان عمر العتباني ومنصور عبدالحميد بضمانة على أن يحضروا لمحكمة الجنايات في يوم 13 و14 الجاري لنظر قضيتهم بتهمة إثارة الشغب. أما منير صالح وعبدالمنعم عبدالوهاب فقد اطلقا بلا ضمان لعدم توفر الأدلة ضدهما".

    الشاهد نحن هنا أمام مواقف سياسية ومقاومة عملية وقوية للمجلس الاستشاري لشمال السودان، وهي متفردة ونادرة المثال، فهي الأحق بالذكر والتناول، فبدلاً من ذكر تواريخ قيام المجلس ....إلخ ينبغي أن نضخ مواقف المقاومة والمصادمة للاستعمار، التي تمت بالفعل، لتكون حاضرة في تاريخ السودان، وفي مناخات الدراسات الأكاديمية.

    الأطروحة الرابعة
    (انتخابات وبرلمانات السودان مايو 1965 - مايو 1969 رسالة ماجستير جامعة الخرطوم 2011). عن هذه الأطروحة، كتبت البروفيسور فدوى، قائلة: "لم تذكر الحزب الجمهوري في خلفيتها التاريخية لأن هدى ذكرت فقط الأحزاب التي ستشارك في الانتخابات البرلمانية التي تناولتها في بحثها ولا يوجد دور للحزب الجمهوري في ما تناولته".

    تناولت الأطروحة ضمن الفصل الأول، وفي عناوين جانبية: مؤتمر الخريجين، الأحزاب السودانية 1945- 1954، والمجلس الاستشاري، والأحزاب الاستقلالية، وغيرها من الموضوعات. وتناولت ضمن الفصل الثاني، وفي عناوين جانبية كذلك: ميثاق أكتوبر، والخلافات بين حكومة أكتوبر والأحزاب السياسية، انتخابات أبريل 1965 بين المعارضين والمؤيدين لإجرائها، وغيرها من الموضوعات. وتناولت ضمن الفصل الثالث: مشكلة الجنوب بعد اندلاع ثورة أكتوبر 1964 وقبل إجراء الانتخابات التكميلية، وغيره من المحاور. وتناولت ضمن الفصل الرابع: التعديلات التي ادخلتها الجمعية التأسيسية على الدستور، والمشكلة الدستورية وحل الحزب الشيوعي، اللجنة القومية للدستور... وغيرها من المحاور... إلخ.

    الشاهد أن في كل هذه المحاور كان للأستاذ محمود والحزب الجمهوري حضور ودور كبير. ويكاد الباحث يجد للأستاذ محمود والجمهوريين مواقف مقاومة موثقة، أو نشر كتاب أو كتب أو توزيع مناشير ... إلخ، في أي محور من المحاور آنفة الذكر، وقد وردت إشارات كثيرة آنفاً. إلى جانب المواقف المغايرة عن الأحزاب في مؤتمر الخريجين، كما وردت الإشارة آنفاً، أو في المجلس الاستشاري لشمال السودان، كما ورد آنفاً. كما أن قضية محكمة الردة نوفمبر 1968 من أكثر الموضوعات التي كان يجب أن يتم تناولها في هذه الأطروحة. خاصة وأن الأطروحة في الفصل الخامس وقفت عند الجمعية والدستور، حتى مايو 1969. وقد ورد الحديث عن دور الحزب الجمهوري في مقاومة المجلس الاستشاري لشمال السودان. كما أن الحديث عن الأحزاب السودانية والمجلس الاستشاري ومشكلة الجنوب وقضية الدستور... إلخ لا يشترط أن يكون الحزب مشاركاً في الانتخابات البرلمانية. وفي كل تلك المحاور كان للأستاذ محمود بيانات ومناشير وكتابات منشورة ومتوفرة في دار الوثائق القومية. من المهم الإشارة إلى أن الحزب الجمهوري عبر عن رأيه بشأن عدم المشاركة في الانتخابات والبرلمانات، ولكنه لم يغيب نفسه وإنما أعلن عن منهجه في سعيه لنشر وتسييل مبادئه، و"التزام جانب الحق والعمل على الإسهام في تنوير الشعب". فالسياسة عنده ليست تهريج وكراسي حكم... إلخ، وإنما هي "تدبير أمر الناس بالحق وبميزان"، من خلال البرامج والخطط والمذاهب والمواقف، وتنوير للشعب وتنمية وعيه بحقوقه وحريته... إلخ. فقد جاء في خاتمة البيان الذي أصدره الحزب الجمهوري في يوم 21 فبراير 1953م بعنوان: "بيان من الحزب الجمهوري - الاتفاقية الانجليزية المصرية"، "إن الجمهوريين لن يشتركوا في انتخابات ولا برلمان ولكنهم سيوسعون مبادئهم إذاعة وشرحاً وتبييناً حتى يعتنقها السودانيون قاطبه فيبلغوا بها أسباب الحرية". وقد كتب الأستاذ محمود بصحيفة أنباء السودان، في يوم 4 أكتوبر 1958، ضمن حديثه عن: "نحن شعب بلا سياسة"، قائلاً: "أما أنت فما شئت وأما أنا فما أرضى لهذا الشعب أن يظل غنيمة باردة لتضليل هذه الأحزاب الفاسدة الجاهلة وإني للخلاص لعامل وعلى الله قصد السبيل". وعن فهم الجمهوريين للسياسة جاء في افتتاحية العدد الأول من صحيفة الجمهورية بتاريخ 15 ينار 1954م، كما ورد آنفاً: "الجمهوريون حزب سياسي ولكنهم لا يفهمون السياسة على أنها اللف والدوران .. وإنما يفهمونها على أنها تدبير أمر الناس بالحق وبميزان".

    أسباب التغييب والاقصاء

    مما تقدم يتضح لنا أن أمر التغييب والاقصاء للأستاذ محمود ومشروعه، في تاريخ السودان السياسي، لا يتصل كله بالنية كما ذهبت إلى ذلك البروفيسور فدوى، قائلة: "لو كان لعبد العظيم نية مبيتة في إقصاء الأستاذ محمود أو لمشرفته لما أورد ما ذكرته". فالأمر لا يرجع كله للنية المبيتة وإنما هناك أسباب عديدة، أوجزتها في كتاب: الأستاذ محمود والمثقفون، وقلت: "تكاد تخلو جل قوائم مصادر ومراجع دراسات الأكاديميا السودانية، من اسم الأستاذ محمود ومن كتبه وكتب تلاميذه. فالأمر هنا أبعد من أن يكون مرتبطاً بالحرية الأكاديمية،... أيضاً من المهم الإشارة إلى أن الإغفال والتجاهل لم يكن كله متعمداً ومقصوداً، فبعضه يعود لضعف التدريب الأكاديمي، والغياب لإعمال الحس النقدي. وهو أمر موروث في الأكاديميا السودانية، يعود إلى طبيعة الجرعة التعليمية في نظام التعليم الذي أسسه المستعمر في بواكير القرن العشرين. فهو تعليم كان يهدف، كما ورد آنفاً، إلى تخريج الكتبة والفنيين، وليس صناعة قادة المستقبل. نتج عن ضعف التدريب الأكاديمي الاستمرار في حالة اللا إعمال للحس النقدي، وضعف الاتصال بالمصادر ومظانها، وبالوثائق واستنطاقها".

    يتضح مما تقدم في هذا المقال، أن التغييب كان نتاجاً لعدم الالمام والمعرفة بنشاط الحزب الجمهوري والأستاذ محمود، إلى جانب ضعف الاتصال بالمصادر ومظانها، وبالوثائق واستنطاقها. وفي هذا تتفق معظم الدراسات الأكاديمية وكتب مؤرخي الحركة الوطنية وكتب أساتذة تاريخ السودان السياسي. أما الطلاب فلم يكونوا سوى الضحية، كما ورد آنفاً. فأسباب التغييب والإقصاء عديدة، فما ينطبق على دراسات الفقهاء، مثلاً ربما لا ينطبق على كل دراسات التاريخ السودان السياسي، فدراسات الفقهاء كان العمد فيها واضحاً، بينما دراسات التاريخ السياسي كان الأوضح فيها عدم الالمام، وليس النية المبيتة، على الأقل في حالة البروفيسور فدوى وطلابها. الشاهد أنني خصصت للتغييب والتهميش والتجاهل وبأسبابه العديدة ستة فصول من كتاب: الأستاذ محمود والمثقفون، كما وردت الإشارة آنفاً.

    أيضاً كتبت البروفيسور فدوى، قائلة: "أوكد أن مجموعة الطلاب الذين أشرفت وأشرف عليهم ليس ضعيفي الصلة - كما أورد المؤلف - بفهارس ومصادر الدراسات السودانية في دار الوثائق القومية. ولو أعاد المؤلف النظر في قائمة المصادر والمراجع لتلك الأطروحات لوجد أن دار الوثائق القومية تتصدرها وكانت سكناً بالنسبة لهم إبان إعداد أطروحاتهم. ولم يكن ذلك بسبب ضعف التدريب الأكاديمي حيث ذكر مؤلف الكتاب في ص 1064 ... وإنما بسبب تدريب الطالب على التقيد بالموضوع الذي يبحث فيه فأخرج هؤلاء الطلاب أطروحات موثقة ومتوازنة وجيدة استوفت مستلزمات البحث العلمي الأكاديمي الجاد".

    نحن في حاجة لممارسة بعض النقد الذاتي، فمن واقع هذا المقال، ومن واقع بعض ما ورد في كتاب: الأستاذ محمود والمثقفون، يتضح أن ضعف الصلة بمصادر الدراسات السودانية في دار الوثائق القومية، أمرٌ موروثٌ وماثلٌ ومتوسعٌ في الأكاديميا السودانية، وليس فقط لدى طلاب البروفيسور فدوى. يضاف إلى ذلك أن هذا المقال، والذي اتاحت فرصته البروفيسور فدوى وهي مشغولة بطلابها، وهذا شيء جيد، كشف في بعض تجلياته وآفاقه الكثير مما هو غير معلوم لدى الكثير من أساتذة تاريخ السودان السياسي بشأن الأستاذ محمود والحزب الجمهوري، على أقل تقدير حجم النشاط خلال الفترة ما بين 1952- 1958. أكثر من ذلك فإن المصادر التي تعتمد عليها الأطروحات في تاريخ السودان السياسي، لا سيما المذكرات والسير الذاتية وكتب الحركة الوطنية... إلخ، مصادر تحتاج منا لما انطوت عليه، لاعمال الحس النقدي، فبعضها كمصدر للتاريخ قليل الفائدة، ومنها ما هو ضعيف، وبعضها الآخر لا قيمة له، وقد فصلت ذلك في الفصل السادس عشر. فقد هُمش وغيب الكثير مما هو مركزي في تلك المصادر.

    الشاهد إن المسؤولية جماعية، نحن شركاء في هذا الأمر، أمر التغييب والتهميش، سواء بنقد إرث تاريخنا أو نقد إنتاج وإرث الأكاديميا السودانية، ومن ثم السعي الجماعي لتصحيحه. فليس طلاب البروفيسور فدوى، هم المقصودون، وليس البروفيسور فدوى هي المقصودة، وإنما جاء ذلك في اطار نقد لمناخ وإنتاج وإرث للأكاديميا السودانية في ما يتعلق بالأستاذ محمود محمد طه ومشروعه.

    إن القضية،في تقديري، أكبر وأعمق وأشمل من طلاب البروفيسور فدوى، فالتغييب والتهميش والبتر للمعارف، يعود أيضاً إلى إشكاليات تتصل بالفشل في إدارة مجتمعات التعدد الثقافي، فهي مجتمعات تحمل في داخلها القابلية لتزوير التاريخ. كما أن المسؤولية عن التزوير لا تقع على جهة بعينها، ولا تتحملها جماعة بعينها، أو ثقافة بعينها، فالكل عندي ضحايا، وإنما هي مسؤولية جماعية، والتصحيح لهذه الأوضاع هو أيضاً مسؤولية جماعية، وهو عمل جماعي. فأداء الأكاديميا السودانية عمل تراكمي، وإرث مؤرخي السودان، قد تحكمت فيه عوامل عديدة ومتداخلة، لهذا فمن الواجب أن نبدأ بالتصحيح عبر الحوار والنقد واستنهاض المروءة الأكاديمية. فالتغييب والتهميش وبتر المعارف في عقول الطلاب، في تقديري، هو أحد أسباب بتر الأراضي، ولا يمكن قراءة ما حدث لجنوب السودان، وما يعيشه السودان اليوم من حروب ومن مناخ تشظي، بمعزل عن بتر المعارف في عقول الطلاب، وسجل وأداء الأكاديميا السودانية.

    مقترح بحث ماجستير أو دكتوراة أكاديمي علمي محايد متكامل

    كتبت البروفيسور فدوى، قائلة: "ختاماً أتمنى أن تسنح لي الفرصة لأشرف على بحث ماجستير أو دكتوراه أكاديمي علمي محايد متكامل يتناول بالتحليل والنقد الأستاذ محمود محمد طه والحزب الجمهوري". في تقديري، أننا قبل التأمل في الدعوة للإشراف على بحث ماجستير أو دكتوراة أكاديمي علمي محايد متكامل، علينا في الأكاديميا السودانية، أن نمارس النقد الذاتي بشأن اطلاقنا للأحكام، عن أنشطة الحزب الجمهوري ودوره في الساحة السياسية. وعلينا العمل على تحرير العقول من الصورة النمطية التي ورثتها الأكاديميا السودانية من المؤرخين، وسارت عليها، بشأن دور الأستاذ محمود والحزب الجمهوري في تاريخ السودان السياسي. وعلينا كذلك الانفتاح على الإرشيف، وبعث الوثائق واستنطاقها، وأن لا نستكين لما لدينا من معارف، أو ما هو معلن من التاريخ. لأن الإِشراف لا قيمة له إذا لم نكن منفتحين بما يكفي على الإرشيف، ومتحررين من التسليم بالصورة المنمطة.

    من المهم الإِشارة إلى أن الدراسات الأكاديمية في العالم قد قطعت شوطاً كبيراً في دراسة مشروع الأستاذ محمود، من السودانيين وغير السودانيين. لقد سبق وأن رصدت أكثر من 25 أطروحة، أنجزت في مختلف أنحاء العالم. يضاف إلى ذلك، أنه في هذه الأيام تحديداً، وبناءً على اتصالات مباشرة معي، هناك أطروحة دكتوراة في أربيل، كردستان العراق، وأخرى (لا أتذكر إن كانت دكتوراة أو ماجستير) في بوسطن بأمريكا، وثالثة أطروحة ماجستير في نيويورك بأمريكا، ورابعة أطروحة دكتوراة في تونس (أعتقد أنه تم انجازها).

    وحسب مراقبتي وتقديري، فإن النشر والاصدارات في السودان خارج دوائر الأكاديميا السودانية، أصبح أكثر كماً وكيفاً، ولم تعد دور النشر الملحقة بالجامعات السودانية، منبعاً للإنتاج الفكري ومغذية بما يكفي للسوح الثقافية والفكرية. فالأمر قد تجاوز الأكاديميا السودانية بأطروحاتها وبدور نشرها. ففي هذه الأيام، وحسب متابعتي، هناك أكثر من (15) كتاباً عن الأستاذ محمود محمد طه ومشروعه بصدد النشر، أعدها أكاديميون وباحثون، وبعضها دخل المطابع، وقد شرفني بعض مؤلفيها بكتابة مقدمات لكتبهم. من هذه الكتب: ثلاثة كتب عن دور الأستاذ محمود في الحركة الوطنية السودانية، وكتاب بعنوان: بعض أوراق جمهوري: (السودان: بلدٌ وشعبٌ وفكرة)، وكتاب عن ثورة رفاعة/ الخفاض الفرعوني، وكتابين عن أدوات التبليغ عند الأستاذ محمود محمد طه، وكتاب عن: النظرية الروحية للبيئة والتنمية مأخوذة عن فهم مؤلفات الأستاذ محمود محمد طه (حالة البيئات الجافة بالسودان)، ...إلخ.

    تجديد الدعوة للحوار

    أرجو أن تسمح لي البروفيسور فدوى، فأكرر شكري لها، على اهتمامها ونقدها وتوضيحها. فقد أعجبني نقدها، إذ كان نقداً علمياً وبناءً، سيساهم قطعاً في ترفيع مستوى الحراك والسجال، وفي استرجاع منابر الحوار بشأن الأستاذ محمود ومشروعه. وفي الختام أجدد ما جاء في مقدمة كتاب: الأستاذ محمود والمثقفون، من دعوة للمثقفين من أجل الحوار والنقد، عن الكتاب. جاء في الدعوة: "ختاماً أستميح القارئ الكريم عذراً، بأن أقدم هذه الدعوة والنداء من أجل انطلاق حوار جديد... فقد اختطف الفقهاء والوعاظ منابر الحوار وسوح السجال، وسيطروا عليها في السودان وكذلك العالم الإسلامي، وقد تجلى ذلك بوضوح، كما يبينه هذا الكتاب، في الحوار الذي تم مع الأستاذ محمود محمد طه... ان الحوار والسجال في حاجة إلى التطوير والضبط والتقنين بالعلم والأخلاق. لهذا فإنني أذكِّر نفسي أولاً، والآخرين ثانياً فأقول: أرجو من النقاد والمختلفين في الرأي والرؤية معي، في السودان وفي غيره، وبالمثل أطالب نفسي، ومن أجل إثراء الحوار الفكري أن يكونوا في هذه الجولة (وفي تقديري أن هذا الكتاب يدشن الجولة الثانية من الحوار بشأن مشروع الأستاذ محمود) علميين في نقدهم وفي التعبير عن اختلافهم وفي دحضهم الحجج وتفنيدهم لما أتيت به. كما أرجو منهم، ومثلما سعيت في كتابي هذا، وأرجو أن أكون قد وفقت، إلى أن ألتزم التزاماً صارماً بالمنهج التوثيقي، أن يكونوا هم كذلك. أن يتحدثوا بالوثائق والأدلة والبراهين العلمية، وبلغة العقل لا لغة الخطابة والعاطفة. لنستهل جولة جديدة من الحوار الجديد".



    عبدالله الفكي البشير
    الدوحــــــــة، قطـــــــــر
    الأحد 25 يناير 2015م

                  

01-30-2015, 08:02 PM

محمد عبدالرحمن
<aمحمد عبدالرحمن
تاريخ التسجيل: 03-15-2004
مجموع المشاركات: 9059

للتواصل معنا

FaceBook
تويتر Twitter
YouTube

20 عاما من العطاء و الصمود
مكتبة سودانيزاونلاين
Re: نقدٌ وتوضيح لما ورد في كتاب الأستاذ عبد الله الفكي البشير .. فدوى عبد الرح (Re: Yasir Elsharif)

    بالنص مما ورد في كتاب محمد سعيد القدال، تاريخ السودان الحديث 1821 - 1956 ، ص 494 - 495 عن الحزب الجمهوري:
    "وانطوى الحزب منذ نشأته على جوانب ايجابية وسلبية. فقد أخرج دعوة الاستقلال
    من محيط المناورات وطموح السيد عبد الرحمن، إلى نقاء العمل السياسي
    الحقيقي من أجل الاستقلال، فألبسها دثاراً ناصعاً جعل منها دعوة يمكن أن تلهم
    جيلاً بأكمله. كما أخرج العمل السياسي من دائرة المناورات والتكتيك،
    إلى رحاب العمل الفكري القائم على البرنامج الملزم المحدد الجنبات والآفاق.
    ولكن الحزب اعتمد أساساً على شخصية الأستاذ محمود محمد طه، دون أن يكمل
    ذلك بعمل تنظيمي واسع. صحيح أن الأستاذ محمود يمتلك قدرات فكرية إذا ما قيس
    بالسياسيين المعاصرين له، ولكن الاعتماد على شخص لا يمتلك القدرات الشعبية وإنما
    القدرات الصفوية الثقافية، يجعل تلك الزعامة أسيرة حدود ضيقة، ويجعل مواقفه
    عرضة للجنوح والتطويح ولانعدام القيادة الجماعية.
    وكان لموقف الحزب الصارم ضد القوى ذات النفوذ في المجتمع، أن فقد المرونة
    في الحركة، في وقت كانت مثل تلك المرونة ضرورية لممارسة العمل السياسي.
    كما أن الحزب كان استمراراً للمنهج الصوفي في نقائه الرفيع المصادم الذي
    ما عاد له تجاوب في واقع تحلق الناس فيه حول صوفية ذات ممارسات لا تمت
    إلى تلك الصوفية، وإنما صوفية تتأرجح بين النوازع الذاتية وطموحاتها
    واستغلال غيبة الوعي. إن أزمة الحزب الجمهوري، أنه قائم على نقاء
    السريرة وصفاء الطوية، دون أن يدرك أن ذلك النقاء وذلك الصفاء، لابد
    لهما من مناورات وعمل تكتيكي، يجعلهما قادرين على الحركة السياسية
    في واقع يصطرع بالمناورات والتكتيك، وليس مجرد الانكفاء على مثل وقيم
    رفيعة. لذلك ظل نفوذه ضعيفاً وأثره محدوداً.

    ***
                  

01-30-2015, 08:06 PM

محمد عبدالرحمن
<aمحمد عبدالرحمن
تاريخ التسجيل: 03-15-2004
مجموع المشاركات: 9059

للتواصل معنا

FaceBook
تويتر Twitter
YouTube

20 عاما من العطاء و الصمود
مكتبة سودانيزاونلاين
Re: نقدٌ وتوضيح لما ورد في كتاب الأستاذ عبد الله الفكي البشير .. فدوى عبد الرح (Re: محمد عبدالرحمن)

    بطبيعة الحال شخصيا لا اتفق مع حديث الدكتور القدال عن
    طموح الامام عبدالرحمن ، فالامام عبدالرحمن لم يكن له
    طموح شخصى ..بل كانت اماله وطموحه هى طموح كل الناس
    فى اجلاء الاستعمار واقامة دولة سودانية حرة ...
    ...والامام كان عبقرى سودانى وزعيم ذو عزيمة وشكيمة
    وبصيرة ...وهذا شأن آخر ..فقط وددت تسجيل راى حول ماذكره
    الدكتور القدال ...

    تحياتى ...

    (عدل بواسطة محمد عبدالرحمن on 02-01-2015, 06:36 AM)

                  

01-31-2015, 10:48 PM

معتصم الطاهر
<aمعتصم الطاهر
تاريخ التسجيل: 11-26-2004
مجموع المشاركات: 3995

للتواصل معنا

FaceBook
تويتر Twitter
YouTube

20 عاما من العطاء و الصمود
مكتبة سودانيزاونلاين
Re: نقدٌ وتوضيح لما ورد في كتاب الأستاذ عبد الله الفكي البشير .. فدوى عبد الرح (Re: محمد عبدالرحمن)

    ليبقى الحوار مفيدا و دافئا .. قراءة واحدة لا تفيد .

    النقاش من اجل الحقيقة افضل و اجدى لنا من ان يكون من اجل الدفاع عن النفس

    ان تكتب د. فدوى و ان ينتقد قولها لن يغير من قربها او بعدها من الفكرة يا محمد عبد الرحمن اذا كانت التى نقرأ لها بهذا الوعى.



    خرجت من هذا النقاش بكثير من المعارف سأذكرها لاحقا
                  


[رد على الموضوع] صفحة 1 „‰ 1:   <<  1  >>




احدث عناوين سودانيز اون لاين الان
اراء حرة و مقالات
Latest Posts in English Forum
Articles and Views
اخر المواضيع فى المنبر العام
News and Press Releases
اخبار و بيانات



فيس بوك تويتر انستقرام يوتيوب بنتيريست
الرسائل والمقالات و الآراء المنشورة في المنتدى بأسماء أصحابها أو بأسماء مستعارة لا تمثل بالضرورة الرأي الرسمي لصاحب الموقع أو سودانيز اون لاين بل تمثل وجهة نظر كاتبها
لا يمكنك نقل أو اقتباس اى مواد أعلامية من هذا الموقع الا بعد الحصول على اذن من الادارة
About Us
Contact Us
About Sudanese Online
اخبار و بيانات
اراء حرة و مقالات
صور سودانيزاونلاين
فيديوهات سودانيزاونلاين
ويكيبيديا سودانيز اون لاين
منتديات سودانيزاونلاين
News and Press Releases
Articles and Views
SudaneseOnline Images
Sudanese Online Videos
Sudanese Online Wikipedia
Sudanese Online Forums
If you're looking to submit News,Video,a Press Release or or Article please feel free to send it to [email protected]

© 2014 SudaneseOnline.com

Software Version 1.3.0 © 2N-com.de