|
|
|
 Re: مثلث برمودا... وأمراض مزمنة (Re: عليش الريدة)
|
اعتذار واجب في البداية: من النحويين، أصحاب الحركات الثلاث، (ولا أدري حقيقة هل تعدّون السكون حركة أم لا)..الذين يمرون على الخطأ في الحركة،بنفس شعور الأذي الذي يُمضغ به العرديب..أقول هوّنوا عليكم..فإنما الفاعل بيّن والمفعول بيّن وبينهما أمور متشابهات..وماتشابه فإني أمرر الحركات جميعها على لساني،فأيها استمرأ شككتها ولا أبالي..وهكذا في الأصل فعل اللسان صانع اللغة...قبل أن يدسّ العلم أنفه (كما هي عادته في كل شئوننا) ويدوّن الكتب.. لكن بطبيعة الحال شتان بين لسان صانع ولسان محاكي..لذا أذكركم ب(ما أوُتي أحدٌ وعاءً أحوى من الصبر).
| |
 
|
|
|
|
|
|
|
|
Re: مثلث برمودا... وأمراض مزمنة (Re: عليش الريدة)
|
ثم.. ياأيها اللغويون..أهل علم الأنساب..خبروني ،هل ثمة قربى بين (خطر) تلك التي تكتب عند أماكن الضغط الكهربائي العالي،وتقاطعات القضبان الحديدية..وبين (خواطر) تلك التي كلما هممنا بالكتابة ،انهمرت علينا بمناوشاتها الموردة للهلاك..حتى تجعلنا نهشُّ بدلا من أن نكتب..أو في أحسن الأحوال نكتب ونحن نهشُّ.
| |
|
|
|
|
|
|
|
|
|
Re: مثلث برمودا... وأمراض مزمنة (Re: عليش الريدة)
|
أستاذي حرسم..
ألمحت بأنك ستأتي،فلم تفعل..على الأقل حتى الآن..
وبالمقابل و بينما أنا انتظرك ، تنزهت يسيرا في روضك الموسوم ب(أمراض المثقفين وأحراش المثقفاتية) وقبل أن أهدي إليك ما سيأتي بعد في سلسلة هذا البريد،الذي أعتقد أن له بعض العلاقة بمادار في بريدك المذكور..أود أن أوضح لك بأني كنت حتى وقت قريب من ضباط الجيش..(أرجو ألاّ اكتشف لاحقا بأنه كان يجب عليّ أن أطلب منك أن تجهز أقراصا من الأسبرين قبل أن تقرأ هذه الحقيقة ،وأرجو من جهة أخرى ألآّ يُصاب الدكتور سيف ـــــ عرفت مؤخرا من بعض المداخلات بأنه دكتور ،و كنت سابقا أظن بأني معه أتأدب عندما أناديه أستاذ..بينما أنا في الواقع أفعل العكس ـــــ بالإحباط من هذه الحقيقة..
وأوضح لك هذا الأمر صراحة ــ و قد كنّيتُ بذلك للقارئ العام في بريدي الموسوم ب كرتكيلا ــ لأن بعض المعارج لا تُدرك إلاّ بما ضمر من خيل الشفافية،ولأن بعض الجدران لاتًزّين إلاّ بما زهى من لوحات التجريد..وأيضا من اتجاه آخر لكي لايُفهم ــ وهذا أمر أنا جدُّ عليه حريص ــ أني أبصق على تاريخي من خلال هذه المساهمة أو أية واحدة مشابهة تأتي بعد..فأنا أعني بالضلع الثاني هنا، والذي ستتعرف عليه بعد قليل، فقط أولئك الرجال الذين ارتدوا البزّة ثم أقحموا أنفسهم،أو سمحوا لغيرهم بأن يقحموهم في سباق السلطة المخزي الذي أضاع البلاد.
أهدي إليك يا سيدي
مثلث برمودا /أو الصبي المدلل العنيد الذي خذلنا
ومن ثم/ أمراض مزمنة
| |
|
|
|
|
|
|
|
|
|
Re: مثلث برمودا... وأمراض مزمنة (Re: عليش الريدة)
|
قصــــة للأطـــفـــــال
مثلث برمودا خاصتنا / أو الصبي المدلل العنيد الذي خذلنا
يا أيها المثقّف..قف ..توقف..
واسمع قصتي القصيرة..
إني أعلم أنك مشغولٌ جدا وألاّ وقت لديك..
وأنك تبذل قصارى جهدك..وما بخلت يوما..
وأعلم أنك أفنيت عمرك تدور في العواصم والزحائم..
وأنك قاتلت في الأحراش..وفاوضت في الفنادق..
وحالفت وخاصمت..وضحيت وأبليت..
أعلم أن الإخلاص إزارك ..وأن النكران سوارك..
لكن، لطفا، توقف و اسمع قصتي القصيرة..فهي قصيرة ولن تؤخرك كثيرا..
كان هناك يوما ساحرٌ ماهرا..أراد أن يسكن بلدا جميلا..
ساحرٌ ماكرا.. أراد أن يحكم بلدا جميلا..
ولأنه كان ساحرا ماهرا.. فهم أن لباب البلد مفتاحين..
مفتاح خطفته العباءة..والآخر بيد البّزة..
فنادى العباءة..وضربها بعصاه فقامت عباءة جديدة..
وكما فعل مع العباءة..فعل مع البزّة..
وقبض بيديه على المفتاحين..فدانت له البلد..وخضعت له البرية..
ثم قال بعد حين.. لقد توّسعت البلد وانتشرت الرعية..
فلابد أن أبحث لي عن صبي يساعدني..
فضرب بعصاه مرة ثالثة .. ضربة هذه المرة كانت عجائبية..
فظهر على الفور صبيٌ لماحٌ ذكيا..
عمل مع الساحر دهرا بإخلاص وحيوية..
فتبادلا الإعجاب.. تبادلا الإعجاب ..
| |
|
|
|
|
|
|
|
|
|
Re: مثلث برمودا... وأمراض مزمنة (Re: عليش الريدة)
|
لكن لأن الصبي لم يكن ابنا..وإنما كان صبيا أجيرا..
لذا كان بعد أن يقضي عمله..يتسكع ليلا بين العباءة و البزّة..
كيفما اتفق..وهكذا دائما..هكذا دائما..
في ذات يوم قال الساحر أنا تعبت ومللت فسأرحل..
سأرحل وأترك في هذه البلد التي صنعتها... صبيي هذا..إنه ذكي وسيدبر الأمر من بعدي..
فرحل الساحر إذاً ، وترك ذلك الثالوث الذي من ضربات العصى نشأ ..
ثالوث الرعب والركام ..مثلث برمودا خاصتنا..الذي في جوفه زُهقت الأحلام..
لكن رغم كل ذلك..ومن دون الضلعين الآخرين..
كانت بيد الصبي فرصة كما يقولون تاريخية..فرصة لأن يصبح أبانا المؤسس..
والدنا الشفوق الذي سيجنبنا بحنكته كل تلك الخسارات الجسيمة
لأن يصير الرجل العظيم..الذي كنا سنمجد ذكراه في كل عام ..
ننثر علي قبره باقات الزهور..ونرويه بدموع الفخر الشجية..
لكنه هاب..أو ضعف أو ربما تعّجل..لا أحد يدري ماذا حدث يقينا..
أو ربما يكون قد نظر للقمر العظيم..فقط من ثقب النظارة الضيق..
ذاك الثقب الذي لايرى فيه الشخص غيرانعكاس نفسه..
أو ربما لم يستطع نزع جلباب الصنعة.. هدية الساحر القديمة..
| |
|
|
|
|
|
|
|
|
|
Re: مثلث برمودا... وأمراض مزمنة (Re: عليش الريدة)
|
فمن بين جميع الخيارات الصالحة..خيارات السمو..تلك الخيارات التي خلقت بمقاس الأبطال..
أولئك الشجعان الذين يزرعون.. ويؤمنون حقا بأن أحلى الثمار هي تلك التي
لن تقطف في حياتهم..
أولئك النبلاء الذين يكدحون..ويؤمنون حقا بأن أشرف العطايا..
هي تلك التي تُهدى للذين مازالوا في رحم الغيب...
أولئك الرسل الذين عشقوا التراب كائنا حيا..وصبوا عصارة الكرامة وقودا للقطار..
من بين جميع تلك الخيارات التي تحتاج للصبر والتضحية..
لم يجد خيارا يبدأ به..عجز عن أي خيار شريفا..
| |
|
|
|
|
|
|
|
|
|
Re: مثلث برمودا... وأمراض مزمنة (Re: عليش الريدة)
|
فاستسهل الخذلان..ورجع إلي المفتاحين..راود الصنمين..
هكذا ببساطة.. كرر حيلة الساحر الأولى..
لكنه لم يكن ساحرا ماهرا..لديه عصاه الجهنمية..
وإنما كان مجرد صبي لساحر ماكرا..
لذا منذ يومه ذاك ..وحتى يوم البلد هذا..
يسعى صبينا مهرولا بين الصنمين.. سعي ركنه الأوحد في حجه الوثني الأجوف..
فتمزقت البلد الجميلة...وصارت مجرد ذكريات جميلة..
يا أيها المثقف..قف..توقف..واسمع نهاية القصة..
قبل أن تتركني وتواصل كفاحك المضني..أود أن أقول لك ..
إنما على اللبنة الأولى يقوم البناء..لذا مازال الميلُ قائما فينا..
يا أيها المثقف..خبرني ،هل المثلث هو حقا الأضلاع الثلاثة..
أم هي فقط الحواف..ومابينها هو المثلث..
ونحن سكّان مابين الحواف..المستهلكين كالسُلّم الذي فقد أسنانه من تزاحم المتسلقين..
| |
|
|
|
|
|
|
|
|
|
Re: مثلث برمودا... وأمراض مزمنة (Re: عليش الريدة)
|
صدق حدسى
كنت امر بين العناوين وزمنى يتقطرنى مزحوما بكثير
لكنى العنوان نادانى ولم استجب المرة الاولى ولا الثانية
ومررت الى ما اشغلنى
واشغلنى عما اشغلنى هنا فى عنوانك شىء ما
(يدودر) بيك الى ان تاتى الى المكان المراد
ويدودر هذه كلمة كنا نستخدمها عندما نريد ان نجر ارجل الطير الى شراكنا ونحن اطفال
ل نفهم بعض معنى حقوق الحيوان والطفل حتى
دخلت اخيرا
وقلت بدق اواب السماء
وبلحن سواقى القدوم
ادخل بقدمى اليمنى
وعيناى معا
واذناى
وبعض قلبى
لانه معلق بين مهنتى وهوياتى واكل عيش
وكيبورد يتاح لك ومديرك امامك لا يمنعك اياه لانه يدرك انك ملىء يجب ان تحتاط لتمر كل قوافل حروفك عبر بوابة مسموحة
ودخلت
وها انا اهطل
وعدا بالعودة حين اعيد قراءتى عبر حروفك
واكيد
اكيد
ح ارجع وكل الاتجاهات معى
وفطيع من السحب والغيم والرزاز وعينان تدوران تفتشان عنى هنا
| |
|
|
|
|
|
|
|
|
|
Re: مثلث برمودا... وأمراض مزمنة (Re: عليش الريدة)
|
ونحن سكّان مابين الحواف..المستهلكين كالسُلّم الذي فقد أسنانه تحت أحذية المتسلقين..
الذين نزحف على الطرقات بظهور محنية..وعيون لا تفارق التراب..
الذين أدمنا تصديق الأكاذيب..وصارت الأوهام هي وجبتنا المفضلة..
انتظرناك طويلا ياسيدنا لكنك لم تأت..كنا إليك في أمسّ الحاجة..
تذكرناك في كل حين ووقت..وخصصنا جائزتنا الكبرى، أغلى مانملك
فقط لمن يأتي مهرولا..ومن بين أنفاسه المبهورة يبشرنا بمقدمك الميمون..
تذكرناك عندما يحلُّ الظلام..وهو كثيرا ما كان يحلُّ..
وعندما يضرب الجوع على الأكباد..حتي نتذوق طعمه في تلافيف أدمغتنا..
هل تعرف الجوع ياسيدنا..ذاك الذي جعل قضيته الأولى والأخيرة..
هي ألاّ يسعه أبدا مع الشرف قلبٌ واحدا..
لكنك لم تأتي...أبدا لم تنتصر لأجلنا على نفسك ..
لم تدس على مجدك الشخصي كرامة لنا..حتى ولو لمرة واحدة فقط..
ونحن الآن بعد أن أوشكنا على المحطة الأخيرة..
تلك المحطة التي لايكون فيها النزول اختياريا..
تلك المحطة التي تكون فيها كل الحياة خلف الظهر..ولاشئ سيبدو في الأفق..
لانهتم لكل تلك الكؤوس التي أُرغمنا على احتسائها..
لانهتم لكل تلك السحب التي مرت في سمائنا..ولم تهطل بقطرة من الغيث يوما ما..
لانهتم لإن كان الدور الوحيد الذي أجدناه في حياتنا هو بطولة الإنتظار تلو الانتظار..
صدقا لانهتم لإن كنا عذرناك..أم لم نعذرك..
مانهتم له حقا أكثر من أي شئ آخر..هم أولئك القادمون..الذين سيأتون بعد..
| |
|
|
|
|
|
|
|
|
|
Re: مثلث برمودا... وأمراض مزمنة (Re: عليش الريدة)
|
مانهتم له حقا أكثر من أي شئ آخر..هم أولئك القادمون..الذين سيأتون بعد..
لأن الحياء يقتلنا من سؤالهم البديهي المتوقع : ماذا كان يفعل الأجداد ؟..
ذاك السؤال الذي يرعبنا أكثر من كل الرعب الذي عشناه..
ويوجعنا أشد من كل الآلام التي تجرعناها.. ويجعلنا من أجلهم نناشدك للمرة الأخيرة..
فيا أيها المثقف،على هذا السؤال المخيف،لن تكون هناك إطلاقا..إجابة مقنعة ومنطقية.. لن يكون هناك مجال للتحذلق والتقعّر..لن يلتمس لنا أحدٌ من الأحفاد عذرا..
إلاّ إذا راودتك الشجاعة على أن تحمل بيدك الفأس ..وتحطّم بها هذين الصنمين الكريهين..
وإن لم يكن لك فأسك الخاصة..وهذا أمر نتوقعه..
فعندنا لك فئوسا عزيزة..كنا لهذا الأمر ندّخرها..فخذ منها ماتريد..
وإن كانت لك فأسك الخاصة..لكنها من ماء الهوان قد صدئت..وهذا أمر أيضا نتوقعه..
فاشحذها على جلود رؤوسنا المصلعة..فقد تبقي فيها رغم كل شئ..
نثار من ألق العز القديم..
هذا هو ياسيدنا السبيل الوحيد للخلاص..
فاخرج من جلباب ذلك الساحر ومزّقه..فما زال في الوقت بقية..
مازالت الفرصة تراوح..ومازال الأمل ثمرة لم تذبل بعد.
تمت قصة الأطفال..وستعرض إن شاء الله قصة الكبار (أمراض مزمنة) صباح بعد غد .
شكرا جزيلا لكل الذين مروا،وأيضا للذين اطلعوا.
| |
|
|
|
|
|
|
|
|
|
Re: مثلث برمودا... وأمراض مزمنة (Re: ismeil abbas)
|
هلا بيك (عليش) ود حسن الريدة..
Quote: فيا أيها المثقف،على هذا السؤال المخيف،لن تكون هناك إطلاقا..إجابة مقنعة ومنطقية.. لن يكون هناك مجال للتحذلق والتقعّر..لن يلتمس لنا أحدٌ من الأحفاد عذرا..
إلاّ إذا راودتك الشجاعة على أن تحمل بيدك الفأس ..وتحطّم بها هذين الصنمين الكريهين.. |
هو ذا السؤال .. هو ذا السؤال.......
شكراً على هذا الإبداع...
| |
|
|
|
|
|
|
|
|
|
Re: مثلث برمودا... وأمراض مزمنة (Re: عليش الريدة)
|
| Quote: إلاّ إذا راودتك الشجاعة على أن تحمل بيدك الفأس ..وتحطّم بها هذين الصنمين الكريهين.. |
ليس الفأس هو خيارنا الوحيد
يعمل البعض كدابة الأرض على نخر كل الاصنام بروية و هدوء حتى تخر -في النهاية- للأرض من تلقاء نفسها.
| |
|
|
|
|
|
|
|
|
Re: مثلث برمودا... وأمراض مزمنة (Re: عليش الريدة)
|
أمراض مزمنة
بعد أن أدّي أمين صلاة الفجر بمسجد الحي ، توجه مباشرة للشارع القريب, ووقف منتظرا لحافلة ما، كي تقله إلى مكان عمله في المكتبة التي يملكها في وسط المدينة ,حيث من المعتاد أن يمكث في تلك المكتبة إلى ما قبل الغروب بقليل ثم يقفل عائدا إلى منزله .. كان هذا هو البرنامج اليومي لحياته المنقسمة بين المنزل ومكتبة (التقدم), طيلة العشر سنوات الأخيرة من عمره ، لكن في هذا اليوم قُدر لهذا البرنامج أن يتغير ، وربما ستتخطى آثار هذا التغيّر حدود اليوم, وتستمر في حياة أمين لفترة طويلة قادمة ..
وعندما وصل إلى المكتبة, بدأ مباشرة فى عمله,ممنّيا نفسه بيوم وافر الربح.. ولم يدر بخلده على الإطلاق,أنه مثلا بعد ساعات قلائل سيجد نفسه طريح المستشفى مصابا بمرضين مزمنين ، أو بالأحرى سيكونان مزمنين ، وهلاويس قد تظل مترسبة في عقله إلى مدى بعيد ..
وبعد وصوله إلى المكتبة بحوالي الساعة ، كانت العربة الحكومية المظللة تقف أمام ذاك البيت في ضاحية المدينة, منتظرة خروج الرفيق عباس لتقله إلى مكان عمله ,كان حول العربة يتواجد قطبا المغنطيس ، وهو لقب مشترك للشخصين الذين ظلا يرافقان الرفيق عباس لفترة طويلة أثناء خدمته للدولة ، وهما جلال السائق وخالد الحارس الشخصي ، وكان هذا اللقب الذي ليس له سابقة في تاريخ الألقاب, نتج من بنات أفكار الرفيق عباس, وسببه المباشر هو قدرة هذا الثنائي العالية علي جذب المشاكل الخفيفة والثقيلة, وطرحها فى حجره..ورغم معاناته الكبيرة منهما, إلا أنه كان يتمسك بهما جدا, ولم تراوده أي رغبة في التخلص منهما في أي وقت من الأوقات,
| |
|
|
|
|
|
|
|
|
|
Re: مثلث برمودا... وأمراض مزمنة (Re: عليش الريدة)
|
وعندما خرج عباس من المنزل وركب في مقعده, وهم جلال بالتحرك ، جاء الابن الأكبر لعباس مهرولا وقال لأبيه : قالت لك أمي لا تنسى أن تحضر معك مجلة (فينوس).
قال عباس : حاضر ، تحرك يا جلال .
وما هي إلا دقائق حتى كان عباس يدلف إلى مكتبه ،وبدأ فورا بمراجعة الملفات التي وجدها على سطح الطاولة ، وقبل أن ينتهي منها ، أرسل إليه المدير, طالبا حضوره لاجتماع طارئ ومهم, وعند خروجه إلى مكتب المدير ، تذكر أمر المجلة التي طلبتها زوجته, فنادى على قطبي المغنطيس باستعجال و أمرهما بالذهاب لأقرب مكتبة لإحضار مجلة فينوس النسائية ، وعندما تحركت العربة بهما ، كان قطبا المغنطيس يراقبان الطريق من نوافذ العربة المظللة للبحث عن أقرب مكتبة ، لكنهما مع مراقبتهما تلك, كانا يثرثران بأمور كثيرة, كانا يثرثران لدرجة أنهما فوّتا أكثر من مكتبة ,وهكذا ساهمت هذه الثرثرة فيما بعد, بجزء كبير من تغيّر الروتين المعتاد لبرنامج أمين اليومي.. وعندما انتبها أخيرا, وأخذا يراقبان بجد, ظهرت لهما من مسافة قريبة ,لافتة كتب عليها: مكتبة (التقدم) ، فصاحا سويا : هذه مكتبة..
وبعد أن أوقف جلال العربة, نزل خالد وتوجه إلى المكتبة, لكنه عاد أدراجه إلى جلال وصاح : يا جلال..ياجلال
: نعم
: لقد نسيت اسم المجلة.
فغر جلال فمه لفترة ، ثم تمالك نفسه وقال :
: وأنا أيضا نسيته
: وكيف نتصرف ؟
: نتصل بالرفيق عباس لنعرف اسمها
: إنه في اجتماع ولن يرد علينا
:إذن نعود وننتظر انتهاء الاجتماع.
:لا ..سيسخر منا كالعادة
: إذن كيف نتصرف ؟
: جيد أنك سألتني, لأن لدي خطة جريئة, و تحتاج إلى بعض التعاون منك لأنفذها, اسمعني جيدا .. ورغم أنهما كانا وحدهما تماما, إلا أن خالد تقيّد تماما بالقواعد الأمنية المنظمة لشرح وتنفيذ الخطط..فشرح خطته همسا , ولا بد أنها كانت خطة جريئة فعلا, فقد امتقع وجه جلال, وحاول إقناع خالد دون جدوى بخطورة تلك الخطة, لكنه استسلم في النهاية للأمر الواقع.. وهكذا تقدم قطبا المغنطيس تجاه المكتبة وهما يشمران عن سواعد الجد، ثم على بعد مسافة معينة, أشهرا سلاحيهما بصورة مفاجئة, وصاحا صيحة مألوفة : ثابت مكانك,لا أحد يتحرك..
وفي الواقع لم يكن قطبا المغنطيس في حاجة لتلك الصيحة, لأن الجمهور الذي كان حول المكتبة, تملكه الرعب بمجرد أن رأى السلاح المشهر, فظل الجميع تلقائيا ثابتون في أمكنتهم ، أما أمين فقد تصاعدت دقات قلبه بوتيرة شديدة, وتبخرت من رأسه أماني الربح الوفير, وأخذ يفكرفقط في هذه المصيبة التي وقعت على رأسه..
قال خالد بحزم: اخرج وأغلق المكتبة حالا.
ولم يستطع أمين حتى أن يفتح فمه, ليسأل الأسئلة المعتادة التي يفترض أن تحفظ الحقوق في مثل هذه المواقف وبأصابع مرتجفة نفذ الأمر..
| |
|
|
|
|
|
|
|
|
|
Re: مثلث برمودا... وأمراض مزمنة (Re: عليش الريدة)
|
وبعد فترة من ذلك الاعتقال المبهم، انتهى الاجتماع ودخل الرفيق عباس إلى مكتبه ، وبمجرد أن وقعت عيناه على قطبي المغنطيس, وبرفقتهما ذلك الرجل الشاحب ،أيقن تماما بأن هناك مشكلة جديدة ستطرح على حجره بعد قليل ، لكنه لم يتوقع أن تكون تلك المشكلة بالخطورة التي يمكن أن تهدد مستقبله العملي كله .. وفي الواقع لم يكن هناك شئ لينقذ عباس من هذا المأزق الأكيد, لولا حدسه الجبار وخبرته المتينة, الذين أصر على استخدامهما منذ البداية.. وبعد أن استقر علي كرسيه, وقبل أن يتكلم أحد من قطبي المغنطيس نادى عباس على جلال, وتهامسا قليلا, وسرعان ما بدت عليه علامات الانزعاج , لكنه تمالك نفسه بسرعة, وأخذ يتفرس في ملامح أمين, كانت الغضون التي غزت الوجه المنهزم, والعيون ذات النظرات الزائغة, التي تكسرت من خلف النظارة السميكة ، والأصابع المرتجفة التي ترشح بالعرق ، كل تلك المعطيات, هي التي أوحت لعباس بتفاصيل الخطة التي قرر اتباعها بحزم وقسوة..إذ لاشئ سيخرجه من هذا المأزق الأكيد خلاف القسوة المفرطة..لاشئ خلاف حدسه الجبار وخبرته المتينة..
فغير من جلسته ثم قال :
ما اسمك ؟
: أمين خيرالله الطيب
: ماذا تعمل ؟
: لدي مكتبة أعمل فيها
: هل تحمل معك جوالا الآن ؟
: نعم
: أحضره إلى هنا.
وتصفح عباس الجوال قليلا, ثم أغلقه ووضعه على سطح الطاولة, ولدهشة قطبي المغنطيس الشديدة, استمر سيل الأسئلة في التقدم, ثم فجأة رعد السؤال الحاسم :
ما علاقتك بالإرهابي حانون كانون, المولود في جزيرة ماعون ساعون ؟
قال أمين بفزع : من؟
كرر عباس في هدوء : حانون كانون من جزيرة ماعون ساعون
قال أمين وقد ظهر بياض الملح على شفتيه : لا أعرفه.
صمت عباس قليلا ثم فجأة ضرب بعنف على الطاولة بكفه الضخم وزمجر:
هل تظن أننا نيام؟ نحن نراقب مكتبتك منذ فترة طويلة, وأفضل لك أن تتعاون معي وتعترف .
تهدج صوت أمين وهو يردد : أقسم لك يا سيدي أنى لا أعرفه .
حسنا أنت اضطررتني لهذا ، ولكن تأكد إن أنا أمرت بإخراجك الآن, فستتعرض لعواقب وخيمة.
: أقسم لك يا سيدي بالله العظيم أني لا أكذب.
صاح عباس: خذوه.
ونزلت هذه الصيحة كالسيف الحاد, على حبل الدهشة الملتف حول قطبي المغنطيس ، فهبا بعنف ليأخذا أمين ، وعندما رآهما أمين مندفعان نحوه, كثورين فرّا من السكين , صاح قائلا
:انتظر ياسيدي, أعتقد أنه قد مر عليّ بالمكتبة رجل بهذا الاسم لكني لم أكن أعلم أنه إرهابي
وتنفس عباس قليلا من الصعداء : جيد..جيد.. ما اسمه ؟
: اسمه..اسمه ماعون ساعون
: هذا اسم الجزيرة التي ولد فيها ياجاهل, ولو كنت تطّلع على الكتب التي تبيعها, لكنت حسنت من مستوى ثقافتك, والآن أخبرني بكل ماتعرف عن هذا الإرهابي,وتذكّر أن التفاصيل الصغيرة قد تكون ذات أهمية قصوى لنا..فلا تهمل شيئا.
ولرغبته الشديدة في التعاون,وحتى لايهمل تلك التفاصيل الصغيرة, نسج أمين قصة شيقة, عن ذلك الرجل ذي العينين الزرقاوين, الذي يرتدي قبعة الكاوبوي, ويدخن المارلبورو.
قال أمين : لقد شككت فيه منذ البداية ياسيدي ,لأنه كان يأتي إلى المكتبة, ليشتري المواد التي يستخدمها الإرهابيون, مثل الغراء والشرائط اللاصقة, والمقصات, وما شاكل ذلك, لم يحدث اطلاقا أن اشترى مني شيئا ليقرأه, فقط كان يأخذ كل تلك المواد التي يستخدمها الإرهابيون.
قال عباس بلكنة من قطع نصف المسافة : يا أستاذ أمين, خذ وقتا لتتذكر جيدا, ألم يشتر منك ذلك الرجل مجلة ما أوصحيفة على الإطلاق ؟
: آآه, لقد تذكرت ياسيدي, لقد أخذ مجلة نيوزويك ذات مرة
زمجر عباس: ماذا؟
رد أمين بفزع :بالطبعة العربية
: حسنا ياأستاذ أمين أنا أصدقك ،ويبدو أنك رجل وطني غيور, فإليك التعليمات : استمر في عملك كالعادة, وإذا ظهر عليك هذا الإرهابي مرة أخرى, فتعامل معه بصورة عادية للغاية, ولا تحاول إطلاقا أن تتصل بنا, نحن سنتصل بك, وتذكر أن رجالي يراقبونك جيدا, وإياك أن تخبر أحدا بما دار بيننا, حتى أقرب الناس إليك ,هل فهمت هذه التعليمات؟
قال أمين بلهفة: نعم
:جيد, الآن يمكنك الانصراف
| |
|
|
|
|
|
|
|
|
|
Re: مثلث برمودا... وأمراض مزمنة (Re: عليش الريدة)
|
وكانت هذه أعذب عبارة يسمعها أمين منذ أن ولدته أمه , فهب من مقعده واندفع خارجا, لكنه ما قطع بضع خطوات, حتى صاح فيه خالد: ثابت مكانك .
وكاد قلبه أن يقفز من صدره ,وأوشكت أن تنحلّ آآآخر العقد الواهية التي تلتف من حول حزمة الدموع..كان يتمتم :هل غيروا رأيهم..هل غيروا رأيهم..
لكن خالد لما وصله مد يده وقال : لقد نسيت جوالك.
عندها..تحول أمين بكامل كيانه إلي زفرة كبيرة من الراحة.. وفي المكتب كان الرفيق عباس أيضا ـــــ لغرابة الصدف ــــ يخرج من صدره كل تلك الزفرات من الراحة،بينما هو ينظر بكل غيظه المهني نحو قطبي المغنطيس..ثم زجرهما قائلا
: والآن تفرغت لكما ياجوز القرع..
فصاح خالد بفزع : كنا نود فقط أن تخبره ياسيدي باسم المجلة, ثم نعيده إلى المكتبة ونحضر تلك المجلة, ولم نكن نعلم شئ عن اتصاله بذلك الإرهابي الكاوبوي.
وبمجرد أن خرج أمين من البوابة الكبيرة لتلك البناية الحكومية المظللة, شعر بدوار فظيع ,وبالكاد استطاع التحمّل حتى وجد عربة أجرة, فقال للسائق:
خذني إلى المستشفى الحكومي .. وبعد ساعات تلقت زوجته اتصالا منه : أهلا كيف حالك..
: أنا في المستشفى الحكومي ..
التاعت الزوجة وتبينت أن صوت زوجها بالغ الضعف
: وماذا تفعل في المستشفى؟
: لقد أصبت بداء الضغط والسكري .
ولم تستوعب الزوجة المسكينة, كيف أن زوجها يخرج من البيت سالما, ثم بعد ساعات قلائل يخبرها بأنه أصيب بمرضين مزمنين دفعة واحدة, ولكنها تجلدت وردت عليه
: ما الذي حدث ؟
واستمر هو قائلا: ليس هذا فحسب..
:هل أصبت بمرض آخر؟
تلفت أمين جيدا هذه المرة،ثم قال بحذر شديد
:نعم..أعتقد أني قد أصبحت مخبرا سريا ,لكن لا تخبري أحدا بهذا الأمر.
ودون أن تشعر أقفلت الهاتف ، وأخذت باضطراب تتجهز للذهاب إلى المستشفى الحكومي ، كانت تفكر في كثير من الاحتمالات, لكن لم يخطر على بالها إطلاقا.. أن بعضا من أمراض الرفيق عباس المزمنة,تسببت بواسطة مجلة نسائية ترفية, تصدربلغة أجنبية في قارة بعيدة, وتعاد طباعتها في الجوار بلغتنا الأم ،ثم تنشر في بلادنا..لم يخطر ببالها أن كل تلك الفوضى الركيكة، تسببت في إصابة زوجها بمرضين مزمنين, أو بالأحرى سيكونان مزمنين, وهلاويس قد تظل مترسبة في عقله إلى مدى بعيد .
تمت
| |
|
|
|
|
|
|
|
|
|
Re: مثلث برمودا... وأمراض مزمنة (Re: عليش الريدة)
|
Quote: الكتابة لسان السُكْر.. تقود صاحبها نحو المآزق..
لكن قد تكون تلك المآزق هي بعينها..
حنظل الحقيقة الذي لفظه لسان الوعي.. |
الكتابة يا صاحب اصبحت شهوة تستبيح فيها كل العورات والمناورات
اصبحت الكتابة ليس ترفا ذهنيا خالصا ولا علما
هنا
فى زمن اسرع منا
يجرى قبلنا ومعنا وبعدنا
ونحن لا ندرى
هل نحن امامه
ام خلفه ام معه
حقيقة لا ندرى
انما نحاول ان نقول بان افقه الكلمات تلك التى تجرى على السنة امزجتنا التى تدهن بلون المعرفة لتبدو وكانها لافتة تقودك الى الجنة بينما هى عورات لا تقودك الا الى
تلك الامكنة التى تظنها (قمة) من خلال حروف الاخرين التى تساعدك على مد تخيلك
وبجيك تانى
| |
|
|
|
|
|
|
| |
عليش الريدة
محمد هاشم ابوزيد
هاشم عبدالله بشير
عبدالكريم الاحمر
محمد عبد الله حرسم
ismeil abbas
نصر الدين عثمان
سيف النصر محي الدين
فيس بوك
تويتر
انستقرام
يوتيوب
بنتيريست